البابا يوحنا بولس الأول
البينو لوتشياني 1978
ولد البينو لوتشياني في قرية جبلية كانت تدعى فورنو دي كانالي، وهي تعلو حوالي ألف متر عن سطح البحر وتبعد مئة وعشرين كيلومتراً إلى شمال البندقية، وذلك بتاريخ 17 تشرين الأول سنة 1912، وحين ولادته خيف عليه من الموت، فنال سر العماد المقدس حالً باسم البينو.
أما عائلته فتشكل خليطاً عجيباً، فأمه وتدعى برتولا، كانت تقضي أكثر أوقاتها في الكنيسة، إذ أنها كانت تود الانخراط في الحياة الرهبانية، تصلي إلى الله لحفظ عائلتها، حتى أنها لشدة قلقها على أولادها كانت تسرع إلى الطبيب لأقل فتور تراه في أحد أولادها ولا سيما في البينو. أما أبوه، ويدعى جيوفاني، أو يوحنا، فكان يطوف أوروبا مكافحاً لأجل لقمة العيش، فيعمل بأية مهنة: بنّاء، كهربائي، ميكانيكي، حسب ما تدعو الحاجة، وكان الكاثوليك الممارسون لمسيحيتهم يعتبرون جيوفاني الاشتراكي المناضل شيطاناً يريد استئصال شأفة الكهنة ويحرق الصلبان. بيد أن البينو كان وبقي يتأثر بأمه التي كانت تشمئز من رؤية اسم زوجها يترشح عن الحزب الاشتراكي.
وقد رزقت العائلة أيضاً ولداً آخر هو إدواردو، وابنة هي أنطونيا، بالإضافة إلى ابنتين للأب من زواج سابق وقد ماتت أمهما. والأب لا عمل متواصل له. فكانت عائلة جيوفاني لوتشياني تعيش حياة وضيعة، طعامها حساء الذرة، والمعكرونة، وما تستطيع أن تحصل عليه من الخضار، بما تكسبه الأم من كتابة الرسائل للأميين.
أما دعوة البينو إلى الكهنوت فقد ظهرت عليه في سن مبكرة تشجعه على ذلك أمه الفاضلة، وكاهن القرية الأب فيليبو كارلي. أما الذي قاد أول خطوات البينو إلى الكهنوت فهو أبوه جيوفاني الاشتراكي الملحد لأنه كان على البينو لوتشياني أن يأخذ موافقة أبيه أولاً، لأنه لم يزل بعمر إحدى عشر سنة ويعتبر قاصراً، فجلست أمه قربه وقالت له: اكتب رسالة إلى أبيك تخبره عن عزمك هذا. وكانت هذه الرسالة إحدى أهم رسائله.
استلم والده الرسالة وتأمل ملياً بالمسألة وفكّر في السؤال هنيهة قبل أن يجاوب، ثم وافق بكل طيبة خاطر وتقبل ذلك فضلاً عن العبء الذي سيحمله وأجابه بهذه الكلمات: “بالواقع علينا أن نضحي”. لأن المدرسة ستكلفه مبلغاً محترماً.
كان البينو لوتشياني سنة 1923 بعمر إحدى عشر سنة يوم ذهب إلى الاكليريكية، في فلتر المدينة القريبة من قريته… وكان في الصيف يعود إلى قريته، حيث يعمل في الحقل، أو يرتب مكتبة الأب فيليبو. أما أبوه فكان يزور الاكليريكية في أشهر الخريف عندما يعود من سفرته، ويقضي الشتاء في إقامة الاجتماعات للحزب الاشتراكي…
بعد اكليريكية فلتر دخل البينو الاكليريكية الكبرى في بلّونو، حيث انكب على الدرس والتحصيل حتى بلغ شأواً بعيداً من العلم، فأراد أن يدخل الرهبانية اليسوعية، حيث دخل اثنان من رفاقه فيها، فتقدم بطلبه إلى المطران جيوسو كاتاروسّي، فتفحّص المطران الطلب ثم قال له: “لا، هذا يكفي، عليك أن تبقى هنا فهذا أفضل لك”. فأطاع بكل طيبة خاطر.
سيم كاهناً في 7 تموز سنة 1935، وهو بعمر 23 سنة، على مذبح كنيسة القديس بطرس في بلّونو، وأقام قداسه الأول، في اليوم التالي، في قريته، وقد لاحظ جميع الناس، من الأقارب والأصدقاء، أن جيوفاني لوتشياني فرح جداً وفخور، وقد وجد عملاً دائماً بالقرب من عائلته في جزيرة مورانو قرب البندقية.
سنة 1937 عين البينو معاوناً لرئيس الاكليريكية في بلّونو، حيث بقي هناك أربع سنوات كان خلالها المثل الأعلى للجميع، ولكنه كان يطمح للحصول على شهادة الملفنة “دكتوراه” في اللاهوت، مما يعني أن عليه القيام في روما ليدرس في الجامعة الغريغورية، فطلب أن يبقى في مكانه ويدرس، لكن الجامعة الغريغورية، أصرّت عليه بالذهاب إلى روما لحضور المحاضرات في روما أقله لمدة سنة. وافق البابا بيوس الثاني عشر على بقاء البينو في مركزه، بعد أن تدخّل في هذا الأمر أنجلو سانتان مدير اكليريكية بلّونو، والأب فيليس كابيلّو، العالم الشهير في الحق القانوني، الذي كان معلما في الجامعة الغريغورية، فلقّن هذا البينو، في رسالة وقعها عن البابا وباسمه الكردينال ماغليوني مؤرخه في 27 آذار سنة 1941.
ما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى قدم البينو أطروحته ونال عليها علامة جيدة وأصبح “ملفاناً” دكتوراً وذلك في 23 تشرين الثاني سنة 1946. وسنة 1947 عيّنه، مطران بلونو جيرولامو بورتينيون، معاوناً عاماً للأبرشية…كان أبواه قد توفيا سنة 1958، وكان يزور البينو أخاه ادواردو الذي تزوج وراح يهتم بالبيت العائلي، ويزور أخته أنطونيا التي تزوجت كذلك وتقيم في ترانت، من وقت لآخر، وكان كثير الاهتمام بالرعايا وبالأبرشية، كثيراً ما كان يطوف أرجاء الأبرشية، التي هو نائبها العام، على دراجته.
ارتقى في الفاتيكان بابا جديد هو يوحنا الثالث والعشرون المولود في برغام، والتي ليست بعيدة عن مكان مولد البينو، والذي أعطى اسمه لألبينو، كان يوحنا شديد الاهتمام بسيامة أساقفةللأبرشيات المترملة، فسام: أورباني على البندقية ليخلفه عليها، – يوحنا كان أسقفاً وبطريركاً على البندقية – وكارّارو على فيرونا وبقي واحداً ليقيمه أسقفاً على فيتدريو فينيتو، فسأل البابا المطران بورتينيون ليذكّره باسم أسقف، فكان الجواب: البينو، الذي ابتسم له الحبر الأعظم وقال: “أعرفه أعرفه، فهو يناسبني تماماً”.
سيم البينو أسقفاً بعمر 46 سنة على يد البابا يوحنا الثالث والعشرين وذلك بعد عيد الميلاد بيومين سنة 1958، وقد مدحه البابا مديحاً عظيماً…
كتب البينو رسالته، قبل سيامته الأسقفية، إلى المونسنيور كابوميلا أمين سر البابا الخاص، وفيها هذه الجملة، التي تدل على أن البينو يريد أن يعيش كما عاش توما الكمبيسي: “إن الله يكتب أحياناً أعماله على التراب”. وهكذا كانت حياته، فقد كانت أثوابه أثواب كاهن عادي، يحمل الانجيل إلى شعبه، كان يزور الرعايا في أبرشيته، وكان يناقش كهنة في مشاكلهم بكل هدوء… وكان لديه أفكار وحساسية ضد الغنى وخاصة غنى الكنيسة، كان يؤمن بكنيسة واحدة كاثوليكية رومانية للفقراء.
عين في 15 كانون الأول سنة 1969 كردينالاً وبطريركاً على البندقية، ولما عزم على الانتقال إلى مركزه الجديد قدم له بعضهم هدية مقدارها مليون لير إيطالي، فرفضها، وذكرهم بما كان يقوله لكهنته: إني أتيت وليس معي 5 لير إيطالي وأريد أن أخرج وليس معي 5 لير”.
رفض الاستقبال التقليدي الذي كان يستقبل به أهل البندقية البطريرك الجديد، حين دخل البندقية في 8 شباط سنة 1970 واكتفى بخطاب ألقاه هو ذكّر به أهل البندقية بسنة 850 بعد المسيح عندما ضربت البندقية نقودها مكتوب عليها “أيها المسيح احفظ البندقية”، وقال سيكون هذا أيضاً شعاري وأقول أكثر: ” أيها المسيح بارك البندقية”…
بعد وفاة بولس السادس، تكاثر عدد المرشحين لخلافة بطرس، وكثر اللغط، فانقسم الكرادلة إلى أقسام، والاذاعة الايطالية كانت تبث في الأيام الأولى لوفاة بولس السادس موسيقى بيتهوفن وموزار، والتلفزيون يعرض أشرطة عن الراهبات وأعمالهن الخيرية وعن الباباوات. وراح الناس يقولون: قد يطول هذا المجمع كثيراً ولم يعرفوا إرادة الله كيف تكون. وإذ بوصية البابا بولس السادس تمنع عن الكرادلة الذين بلغوا الثمانين من العمر الانتخاب.
دخل الكرادلة المئة والاحد عشر كردينالاً قاعة المجمع وأغلقت الأبواب. فلم يقف آل كولونا مكتوفي الأيدي بل كانوا، مع ذلك، في روما يستعدون للقيام بضربة قاضية (نهب قصر الفاتيكان، ونهب كنيسة مار بطرس) فالمحاولة حبطت، وكردينال آل كولونا حطّ عن مرتبته، ولم يحرك الحلف المقدس ساكناً.
قام المرتزقة الامبراطوريون الخارجون على القانون، والذين تركهم شارلكان بلا معاش، بقيادة أحد آل بوربون، بهجوم على روما، سقطت المدينة بأيديهم (6 أيار 1527) ونهبت بمدة أسابيع معدودة، فالتجأ البابا أولاً إلى قصر الملاك القديس فقبض عليه أخذ أسيراً لمدة عدة أشهر وبقي هكذا حتى 6 كانون الأول 1527، فالتزم أن يدفع فدية ثمناً لتحرره وتخليص الرهائن.
لم تؤثر الكارثة اللوثرية، بالمعنى الحصري، في الكوريا الرومانية، ولم تثر أيّة حركة غضب أو حنق، كما كان ينتظر، بالرغم من تعاسة الباباوية، آنذاك، وبالرغم من فظائع مجزرة روما. فلم يسع البروتستانت حيال هذا، إلا أن يرددوا ويلوكوا الآيات النبوية التي قيلت قديما بحق بابل وما فيها من فساد، ويتلذذون بتلاوتها على مرأى من روما، التي نهبها الجنود الامبراطوريون المرتزقة. أما في ولايات شارلكان فلم يحرك أحد ساكناً، بل كان السكوت إلزامياً، وقد جعل شارلكان البابا مسؤولاً عن الحادثة.
قد حاولت فرنس، وحدها، أن تقوم بعمل ما، فأرسلت حملة باتجاه نابولي وباتجاه الزمر التي نهبت روما، لكن الأميرال الجنيّ، اندريا دوريا، تخلى عن واجبه وانصرف مع أسطوله عن خدمة فرنسوا الأول إلى خدمة شاركان، ومما زاد في الطين بلّة الطاعون الذي حدث فألزم الجيش الفرنسي على التقهقر الذريع.
تقرّب اكليمنضوس السابع، عند ذاك، من شارلكان، فعاد إلى روما، بناءً لطلب الامبراطور (1528) ولكن تحت الرقابة الامبراطورية.
بعد تغييرات مفاجئة جديدة، ومحاولة عقد محالفة مع الامبراطور لترميم سلطة آل ميدتشي، أدّت، في 29 حزيران 1529، إلى صلح برشلونة بين اكليمنضوس السابع وبين شارلكان. وكذلك تمّ هذا الصلح، بعد عدة أسابيع (5 آب 1529)، بين الامبراطور وبين ملك فرنسا (صلح كمبيري أو صلح السيدات): تم في 23 كانون الأول معاهدة صلح جديدة، للأعمال الإيطالية، بين البابا والامبراطور فردينان امبراطور النمسا والبندقية وميلانو وبلاد السافوا وبين صغار الإيطاليين، أصبحت بموجبها نابولي من أملاك شارلكان.
توّج شارلكان بتاريخ 24 شباط سنة 1530، بعد صلح بولونيا، امبراطوراً، وبتاريخ 12 آب استسلمت فلورنسا، وأصبح آل ميدتشي سادة فيها. وأصبح اسكندر ابن شقيق البابا، وابن لورنت الغير شرعي، سيد اوربان دوقاً وريثاً (تحت الحماية البابوية).
هل لا نستطيع الآن أن نحكم بالأعمال الدينية؟ فالامبراطور كان يلح بتأليف جمعية، والبابا كان يعد بذلك، فتألف آنذاك مجلي (دييت) شهير في اوكسبورغ حيث قدّم اللاهتيون البروتستانت صورة إيمانهم، فرفض القاصد الرسولي رفض البحث قبل خضوع البروتستانت، فأجاب البابا الامبراطور، بعد أن استشار الكرادلة، بهذا المعنى في 31 تموز سنة 1530، إذ نيّه الامبراطور، بعقد مجمع جديد، فالبابا كان يجيب بالتسويف، ثم أظهر فرنسوا الأول سنة 1531 رغبته بذلك، ولكن هذه الرغبة توقفت بعد وضعه الامر المشروع وضع في زاوية الإهمال.
عاد البابا إلى اللعبة السياسية وأن يكون على اتفاق مخلص مع فرنسا. وقد وطد هذا الاتفاق زواج ابنة شقيق البابا كاترين دي ميدتشي من هنري ( الذي سوف يكون هنري الثاني) ابن فرنسوا الأول. وقد بارك البابا هذا الزواج السياسي في 12 تشرين الأول سنة (1533) في مرسيليا.
تابعت، في ذلك الوقت، المانيا تمزقها، وهنري الثامن، ملك انكلترة، تزوج، سفاحاً، آن بولين فرشق بالحرم وتحولت اسكندينافيا إلى البروتستانتية، وكذلك تحول قسم هام من الكانتونات السويسرية إلى البروتستانتية. قد ارتد ثلث العالم المسيحي عن الكثلكة.
توفي اكليمنضوس السابع بعد أشهر من الآلام، ودفن قرب ابن عمه لاون العاشر في كنيسة سانت ماري دي لا مينيرف. كانت حبريته شؤماً وشقاءً على الكنيسة، لم يكن يلام في حياته إلا على مواربته في الأعمال، لم تكن له نظرة بعيدة، وليس له سلطة واقعية ليضعها في خدمة الكنيسة، حتى في مجزرة روما لم تجعله هذه المجزرة يشعر بأن عليه كبابا واجبات أخرى.
إنه في الساعات الحازمة غالباً ما يفكر الإنسان بالفائدة التي نالتها أسرة تفتح هذه الأبواب إلا بانتخاب بابا. وبعد أخذ ورد وانتخاب وإعادة الاقتراع حصل البينو لوتشياني على 68 صوتاً، فقال بمرارة: “لا، إذا أردتم، لا” فسمعه الكردينال ويلبراند والكردينال ريبيرو فمدا أيديهم إليه وقال له ويلبراند بكل هدوء: “تشجع إذا أعطى الله الحمل فيعطي معه القوة” ثم بعد ذلك جرى الاقتراع الرابع فنال البينو لوتشياني 99 صوتاً والكردينال سيري 11 صوتاً والكردينال لورشيدو صوتاً واحداً (هو صوت البينو لوتشياني).
تقدم إليه الكردينال فييو وسأله: هل ترضى بانتخابك القانوني هذا حبراً أعظم؟ صمت البينو لوتشياني في برهة وكأنها سنة، قال بعدها: “يسامحكم الله بما فعلتموه معي، ثم قال: أرضى”.
فسأله فييو: ما الاسم الذي تختاره؟
فقال: يوحنا بولس الأول.
ثم فتحت الأبواب وباب الشرفة وأطل الكردينال عميد المجمع وأعلن قائلاً: “أبشركم بفرح قد صار لنا بابا هو الكردينال البينو لوتشياني”. ثم في قداس الشكر بعد الانتخاب فاه بخطاب، خلاصته بأن حلمه هو أن يقوم بثورة ضد الفوضى، وكان معظم انتباهه متابعة رعاية الكنيسة كلها، ويجعل كل ذلك في العالم أجمع.
ثم انصرف إلىوضع منهج إصلاحي شامل، فعم الفرح الكثيرين في العالم أجمع، ولكنه أغضب القلة بل قلة القلة، فالبابا الذي لم يحكم سوى ثلاثة وثلاثين يوماً، كان قد اتخذ عدة قرارات جزمة،ىإذ حالما يباشر بتنفيذها، سيضع كل منا في موضعه المناسب له، الكثيرون صفقوا له ولقراراته. ولكن هناك قلة ضئيلة لم يعجبها هذا، لإن الرجل الذي دعِي: “البابا الذي يبتسم” كان في نيته أن يمحو البسمة عن وجه البعض… فقد وجّه اهتمامه إلى محفل ماسوني غير شرعي، كان قد أقام له خلية مخالفاً لقانون إيطاليا، وقد فاقها في أبحاثه عن الغنى والسلطة. وقد اتخذ هذا المحفل اسم ب2، وقد تغلغل داخل أسوار الفاتيكان وعقد روابط مع بعض من الاكليريكيين الواقعين تحت الحرم، فكان كشوكة في خاصرة البابا الجديد الذي كان كل همه في تدمير هذا المحفل وزعزعته واقصائه…
قد اجتمع ستة رجال في روما وراحوا يتآمرون في كيفية اغتيال البابا… وإزاحته عن طريقهم، فقد تخوفوا من البابا يوحنا بولس الأول، وأنه لواضح، بأنهم كانوا يكسبون كثيراً، وعند انتخابه سيخسرون كل ما جنوه، فتآمروا ليجعلوا موت البابا موتاً طبيعياً وفجائياً دون أن يمسهم شيء وكان ذلك في مساء اليوم المسفر صباحه عن 28 أيلول 1978 كان البابا في عداد الأموات… فساعة موته غير معروفة، وأسباب موته غير معروفة كذلك.
ثلاثة وثلاثون يوماً بعد انتخابه انتقل “منتخب الله” إلى جوار الله. وهكذا انقضى حلم كان تفسيره مفرحاً…
Discussion about this post