اينوشنسيوس العاشر (زخيا العاشر)
جيوفاني باتيستا بامفيلي 1644 – 1655
ولد اينوشنسيوس في روما 7 شباط 1574 ومعه ارتفعت عائلة بامفيلي، كغيرها من العائلات، إلى مصاف الأمراء باتخاذها اسم: دوريا بامفيلي، وقد أتمّ البابا الجديد، كمعظم سلفائه، درس الحقوق. يتحدر نسبه من جدته لأبيه من جان بورجيا، المولود في البرفير (الابن الروماني)، وهو ابن دعيّ لاسكندر السابع. عيّنه البابا اكليمنضوس الثامن محامياً ومستشاراً للمجمع. أثبت جدارته، في عهد اوربانوس الثامن، أثناء إرسالياته في فرنسا واسبانيا. أصبح كردينالاً سنة 1629 لكنيسة القديس اوزيب (حوشيب). قد انتقد علناً حرب كاسترو التاعسة التي حذّر من مغبتها، قد دعي لصرامته الحكيمة: “يا سيدي هذا لا يجوز”.
لم يتعظ اينوشنسيوس من ردود الفعل السيئة، في توظيف الأقارب، من اوربانوس، حتى ولا من عدم جودة تعيين ابن أخيه كاميليو كردينالاً، الذي سرعان ما عاد إلى الحالة العلمانية، ولا من عدم كفاءة فرنسيسكو ميدالشيني، ولا من إمكانية كاميليو استالي بامفيلي الذين لم يقوموا بأي دور، بل بالعكس نرى اليمبيا ميدلشيني، امرأة أخي البابا، هذه المرأة القديرة، قد سيطرت تماماً على اينوشنسيوس العاشر، وقادت بكل نشاط السياسة الباباوية لمصلحة العائلة.
مال البابا، على الأرجح، من تلقاء نفسه نحو اسبانيا، أما انتخابه فيعني اندحاراً لمازاران، الذي تصالح مع الكرادلة أبناء الأخ من آل بربيريني، الذين انتخبوا اينوشنسيوس العاشر. أقام هذا دعوى ضد آل بربيريني، فيها أن حرب كاسترو عادت إلى الواجهة، عندها التجأ الاخوة الثلاثة من آل بربيريني إلى فرنسا خوفاً من أن يصيبهم ما أصاب أولاد شقيق بولس الرابع، فصودرت أموالهم وحجزت أملاكهم، لكن ضغوط ديبلوماسية بلاط فرنسا أجبرت البابا أن يسامح ويرجع أموال وأرزاق آل بربيريني.
في 24 تشرين الأول 1648 صار توقيع معاهدة وستفالي في ميونستر، فكانت انتصاراً سياسياً لمازاران، ولكنها كرّست، مع انحطاط السلطة الامبراطورية، الربح الذي جناه الأمراء البروتستانت، إذ تمّ لهم الرجوع إلى الحكومة المدنية، على مبدأ أن للأمراء الحق في وضع قانون ايمان لأتباعهم (الشعوب على دين ملوكهم)، فاحتج البابا على ذلك، لكن ذهب احتجاجه أدراج الرياح، فأعلن أن كل بنود المعاهدات التي تخالف المبادئ الكاثوليكية هي ملغاة.
لم يكن مازاران ذلك الرجل المرغوب في البلاط الروماني، والبابا قد حمى منافسه اللدود، الكردينال ريتز الشهير الملتجئ إلى روما بعد تخلصه. رأى اينوشنسيوس ذاته في وضع حرج بسبب الخلاف بين الأحزاب الاسبانية والفرنسية.
قبيل إتمام عقد الصلح ببضعة أشهر، خمدت في نابولي ثورة ماسيانيلي الشهيرة، التي قامت ضد الظلم الاسباني. أمّا اينوشنسيوس، سيّد نابولي اسمياً، فقد كان مرتاحاً لانتصار اسبانيا التي قلبت مفاهيم مازاران على المملكة إلى لا شئ. ومع ذلك احتج بقوة ضد المظالم الاسبانية اللاإنسانية.
وفي آخر سنة 1649، بعد تنفيذ حكم الاعدام بشارل الأول، ملك انكلترة، عاد الاضطهاد، في عهد كرومويل، ضد الكاثوليك، وخاصة بعد استسلام ايرلندة.
إن الحكم الذي أصدره اينوشنسيوس العاشر (1653) ضد الخمس قضايا، التي استخلصها نيقولا كورنه من كتاب الأوغسطينس سجّل منعطفاً تاريخياً هاماً في تاريخ الجنسانية، إذ أفسح هذا الحكم المجال لولادة نظرية في الفصل بين الحق والعمل، وغذت الجدل الكلامي مدة نصف قرن، وقد درست هذه القضية، لمدة سنتين في روما، قبل إعلان الحكم.
حصد اينوشنسيوس انتصاراً مريباً في معركته ضد كاسترو تلك الإمارة الصغيرة التي لآل فارنيز، والتي اندحر أمامها سلفه، وهو نفسه قد دان العدوان الغاشم عليها، والتي استئصلت شأفتها مع كل كنائسها، فقد سقطت بعد حصار دام ثلاثة أشهر. أما إمارة اوربانوس فكانت قد عادت إلى الولاية البابوية، في عهد اوربانوس الثامن، والان كاسترو وبعض الولايات الاقطاعية الصغيرة قد انضمت إلى الولاية الباباوية أيضاً
لقد انصرمت مملكة اينوشنسيوس بدون مجد، وشخصه بدا كذلك بدون عظمة. هو مزيج من اللطف والتجهم، دائم الشكوك، حذر جداً حتى أقصى حدود الحذر، وفيه أيضاً البخل والميول المتنوعة، وفيه كآبة الروح ومن الغضب والهيجان.
توفي اينوشنسيوس العاشر في 7 كانون الثاني 1655 فوضعت الدونا اوليمبيا يدها على كل ما وجدته ذا قيمة، بينما بقيت جثة البابا مهملة في مستودع للعدّة مدة ثلاثة أيام.
أما القبر الحقير الذي أقيم في كنيسة القديسة انياس في بيازا نافون ويضم البابا المسكين بامفيلي، الذي لا يزال ذكره حياً في الصورة المجمّلة، والتي تظهر من خلالها البشاعة البارزة في الرسم الذي رسمه له فلاسكز سنة 1650، الموجودة في معرض دوريا بامفيلي. ولوبرنان قد صنع له التمثال النصفي الرخامي في معرض دوريا، وصنع له اليسندرو الغاردي تمثالاً كبيراً من الشبهان (البرونز) ووضعه في قصر المتاحف. وقد ابتكر لوبنان، بناء لطلب البابا، البناء الفخم لمنهل الأربعة أنهر، في ساحة بيازا نافون، ولوتريتون أقام المنهل المقابل لقصر بمفيلي الذي كان قد سكنه اينوشنسيوس يوم كان لم يزل كردينالاً، والذي سكنه، مؤخراً، لاميدالشيني. أما بوروميني فقد عمل في ترميم كنيسة اللاتران.
أما إحدى أهم المنشآت في ذلك القرن فهي دارة (فيلا) بمفيلي التي شادها الكردينال ابن الأخ كاميليو بمفيلي.
Discussion about this post