اينوشنسيوس الثامن (زخيا الثامن)
جان باتيست سيبو 1484 – 1492
سعى، رودريك بورجيا، الفاقد الأهلية، في المجمع الذي انعقد بعد وفاة سيكستوس الرابع، بكل جهده ليصبح بابا، وجوليان ديلاّ روفي لم يقل عنه شأناً بنصب المكائد وحبك المؤامرات ليحصل هو على التاج المثلث، ثمّ وقع الاتفاق بين الكردينال سيبو وجوليان ديلا روفر، على أن يكون سيبو بابا وديلا روفر معاونه، وبالطبع كان هذا الانتخاب انتخاباً سيمونياً.
سيبو جنوي الأصل، يتصل نسبه بعائلة دوريا، ولد سنة 1432، وتلقى دروسه في بدوا وروما، رقّاه بولس الثاني سنة 1467 إلى الدرجة الأسقفية، مطراناً على السافون، ثم في سنة 1473 أصبح كردينالاً. يقول معاصروه بأن له سبعة أولاد غير شرعيين، اثنان منهم أكيدان هما: تيودورينا وفرنسيسيتيو رزقهما قبل أن يصبح كاهناً، ولكنه بعد سيامته لم يظهر عليه أنه سلك حياة غير لائقة. أما ما هو، على كل حال، مشين فمسلك أولاده هؤلاء الذين كانوا كأنهم أولاد ملك. ففرنسيسيتيو تزوج ابنة لورنت العظيم، واحتفال العرس كان عظيماً في الفاتيكان، وفيه صارت محالفة الدولة الباباوية مع فلورنسا: جان دي ميديتشي ابن لورانت، والذي سيكون لاون العاشر، أصبح كردينالاً بعمر أربع عشرة سنة: وابنة تيودورينا تزوجت لويس الآراغوني، لقد سجّل دي فيترب، في تاريخه الذي وضعه تحت اسم: “عشرون قرناً”، ما يلي: “هو أول الباباوات، فاخر بأولاده وبناته، الأول من احتفل رسمياً بأعراسهم، الأول الذي جعل من زفافهم حفلة عائلية. ومن المأمول أن هذا المثل، الذي هو الأول من نوعه، أن لا يكون له فيما بعد من يقتدي به”. هناك نوع آخر من توظيف الأقارب، وهو أنه جعل أحد أبناء أخوته الغير شرعي كردينالاً. ليس من وسيلة، في هذا الجو، يجعل الحلم بالإصلاح ممكناً.
راح اينوشنسيوس الثامن يتحدث عن الصليبية، ودعا، لهذا الخصوص، إلى مؤتمر سنة 1490، لكنه رأى أنه من الأكثر ربحاً هو الاحتفاظ بالأمير آل دجم وليّ العهد شقيق السلطان بايزيد، في الفاتيكان، في قصر يحيط به الحرس، وكتبت بهذا الشأن كلمة كلها تدليس ومراوغة. أما سياسته الإيطالية فهي مماطلة وتسويف وإنصاف حلول: فالحرب بقيت مستمرة بين البابا وملك نابولي، الذي رفض أن يكون تابعاً للكرسي الرسولي.
كان البابا، لكي يجمع المال، يبيع بقدر ما يستطيع وظائف الإدارة الباباوية (الكوريا)، مما زاد في انتشار الرشوة التي كانت تقليدية بين الموظفين، وقد وجد ما هو أدهى من ذلك، فقد اكتشفت، في مستودع، البلاط الباباوي براءات مزوّرة.
لقد وضع اينوشنسيوس الثامن قانوناً، ببراءته التي مطلعها: “”Summis desiderantes(سنة 1484)، لقمع السحرة، هذه هي واحدة من أكثر الأعمال التي لاموه عليها. كانت نهاية دولة المرابطين في أسبانيا وسقطت غرناطة بأيدي الإفرنج في 2 تموز سنة 1492، ونهاية مملكة العرب في أسبانيا. توفي اينوشنسيوس كما ينبغي وهو واع ومدرك عدم جدارته. ضريحه قائم في ساحة مار بطرس كضريح سلفه وهو أحد روائع بوليولو. بعد تسعة أيام من وفاته قام مواطنه كريستوف كولومب برحلة بحرية للاكتشاف وهذا ما دلّ عليه التلميح الذي أضيف بعد ذلك إلى النصب التذكاري.
شيّد البابا في الفاتيكان قصر بلفيدير حسب التصميم بوليولو، حيث، اليوم يوجد أكبر قسم من المجموعات الأثرية القديمة والتي لم يبق منها سوى بقية من اللوحات التي رسمها بونتورتشيو وفي سنة 1486 منع البابا مؤتمر الفلاسفة العالمي، الممزوج بوجهة النظر الدينية، الذي كان يريد أن يستدعي على نفقته المفكر الشاب والإنساني الكبير بيك دي لاميراندول. هذا الشاب الذي لم يبلغ الثالثة والعشرين من عمره كان يفكر أن يفتح المؤتمر بمحاضرته المشهورة حول الكرامة الإنسانية. قبيل وفاة اينوشنسيوس جاء إلى روما الواعظ الدومينيكاني الكبير، سافونارول ليلقي عظات الصوم، ولكن عظاته ذهبت أدراج الرياح تجاه باباوية عالمية أكثر مما هي دينية.
Discussion about this post