اسكندر الثالث
اورنالدو باندينللي 1159 – 1181
كان اورلاندو بندينللي، قبل اعتلائه السدة الرسولية، معروفاً بإلمامه بعلم الاقتصاد. تفاوض، عندما كان كردينالاً، مع الصقليين؛ وكاد تدخله في أعمال مجمع بيزانسون (سنة 1154) أن يؤدّي إلى مأساة: إن فريديريك بربروس ـ أو بالأحرى مستشاره رينالد دي داسيل ـ قد أراد تفسير الرسالة الباباوية، عن رضى أو عن كراهية، التي حملها الكردينال بندينللي، بهذا المعنى إن البابا قد جعل من الإمبراطورية إقطاعية.
انطلقت، في عهد اسكندر الثالث، الشرارة الأولى للنزاع الكبير الذي نشب بين الكهنوت والإمبراطورية. دافع اسكندر بحزم واعتدال عن الحق الإلهي (الثيوقراطية) الباباوية. وراح يعلن، بموجب التعليم الذي أصبح تقليداً، بأن الإمبراطورية هي وظيفة وزارية يوكلها الحبر الروماني.
إن خصم اسكندر الثالث هو فريدريك بربروس، ومع أنه مسيحيٌ مؤمن ولا ريب في مسيحيته، كان يجزم بأن الله فوضه السيطرة على العالم، وأن حقوقه تتسع بمقدار ما قد أعطى العلماء الأقدمون للإمبراطور من حقوق. السلطة القيصرية الباباوية ضد التيوقراطية (الحق الإلهي).
أوجد بربروس باباوات زور بغية محاربة البابا الشرعي:
الأول هو “فيكتور الرابع” الذي سيطر على إيطاليا بالسلاح الإمبراطوري؛ فيما اسكندر التجأ إلى سانس. وبعد موت “فيكتور الرابع” سنة 1164 خلفه “باسكال الثالث”. فقد أضفى الصفة القانونية على نظريات بربروس الإمبراطورية، في شخص شارلمان، ثم توّج بربروس في روما سنة 1167، بينما عاد اسكندر إلى هذه المدينة لبعض الوقت واضطر لمغادرتها. كان “باسكال الثالث” قد اختفى فعينّ الإمبراطور بابا زوراً آخر: “كاليكتوس الثالث” (سنة 1168). قد أدّى القرار الإمبراطوري، الذي يهدف فقط إلى إلغاء الرسوم على السلع في المدن الإيطالية، إلى تشكيل التحاف اللمباردي، وبنى هذا التحالف مدينة وأطلق عليها اسم البابا: اسكندر. دعم البابا التحالف اللمباردي: إذ ليس في الامكان عمل الأفضل، فاتخذ إذ ذاك النزاع طابعاً سياسياً. اضطر الإمبراطور، بعد هزيمة لينيانو (سنة 1176) للتفاوض.
توطدت دعائم السلام بين البابا والإمبراطور في لقاء البندقية الشهير (سنة 1177) حيث أمسك الإمبراطور لجام الحصان الباباوي بموجب نظام (بروتوكول) هبة قسطنطين وحيث تبادل “نصفا الله” أخيراًً قبلة السلام.
دعا اسكندر سنة 1179 إلى عقد المجمع المسكوني الحادي عشر في اللاتران. صادق هذا المجمع على معاهدة السلام وعدّل قانون الانتخاب الباباوي بتحديد الأكثرية المطلوبة إلى ثلثي الأصوات، واتخذ تدابير ضد هرطقات: الفودويين الكاتاريين والألبيجيين والمانوية الجديدة؛ وحفظ حق إعلان القداسة للكرسي الرسولي المقدس. ثم سنة 1179 انتخب طبقة الأشراف الرومانية بابا زوراً بشخص “اينوشنسيوس الثالث” وهو الرابع في عهد اسكندر الثالث. ووقعت اضطرابات جديدة أدّت إلى طرد اسكندر مرة أخرى من روما. توفي في سيفيتا كاستيلانا.
اغتيل في عهد اسكندر الثالث هذا، سنة 1170 رئيس أساقفة انكلترة، توماس بيكيت بتحريض هنري الثاني، فأعلن اسكندر قداسة هذا الشهيد سنة 1174 كما أعلن كذلك قداسة برنارد دي كليرفو بعد سنة من الإعلان الأول، وكان قد أعلن قداسة ادوارد المعترف.
Discussion about this post