اسطيفانوس الثاني (الثالث)*
752 – 757
إنّ أكبر حدث جرى في عهد اسطفانوس الثاني كان تدخل الفرنك في إيطاليا. أما قصة هذا التدخل فتتلخص؛ بأنه عندما وقعت غزوات لومباردية جديدة، لم يكن باستطاعة بيزنطة تقديم أيّة مساعدة، وملك اللومبارديين لم يوقف هجومه، فذهب البابا حينذاك إلى فرنسا ليطلب النجدة شخصياً من الملك بيبان. إن هذه الأحداث يرويها لنا مصدران: الأول: تواريخ الفرنك، الثاني: كتاب الحبريات، يختلف سرد هذين النصّين التاريخيين للأحداث ولكنهما يكملان بعضهما.
عبر البابا جبال الألب سنة 753، فالتقى بالملك بيبان في بونتيون بموجب مخطط (بروتوكول) مدروس بدقّة، فأمسك الملك بلجام حصان البابا دليل احترام. أما البابا فقد ارتدى في اليوم التالي ثوب التائب وانطرح أمام الملك طالباً إليه أن يأتي ويدافع عن القديس بطرس ضد اللومبارديين. مكث البابا عدة أشهر في فرنسا وتوّج ببيان مرة أخرى كما توّج ولديه شارل وكارلومان، وقد جرى الاحتفال في دير القديس دونيس. لم يحظ بيبان بسهولة على موافقة الفرنك لشنّ حملة عسكرية ضد اللومبارديين، لمتانة الصداقة التقليدية بين اللومبارديين والفرنك.
كان لابد من شنّ عدة حملات فرنكية (سنة 755 , 756) لإخضاع اللومبارديين. ثم وهب بيبان الأراضي التي احتلها، أو بالأحرى حررها، للبابا.
لم يعد هناك من أثر للسيطرة البيزنطية: فقد اختفت نهائياً حاكمية رافينا على كل حال…
لم لدينا أو بحوزتنا نصّ هبة بيبان للبابا؛ وإنه لمن المستحيل إعادة تحديد حجمها الحقيقي بالرجوع إلى الاتفاقات السابقة، بيد أنه لمن المؤكد أنها تثبت – بناء على الفتح الافرنكي – الحقوق السياسية للكرسي المقدس والتي عليها ستنشأ الدولة الباباوية في المستقبل…
أما في ما يخصّ التدخل الافرنكي – الذي يسمح للمملكة اللومباردية باستمرار البقاء – فتطرح مسألة هبة قسطنطين الشهيرة. إنه سند مزوّر وباطل (راجع حديث القديس سلفستروس الأول) وهب الإمبراطور قسطنطين بموجب هذا السند إيطاليا وكل الغرب الروماني للبابا؛ فقد ورد في هذا السند كل تفاصيل الاتفاق (البروتوكول) الذي عقد خلال اللقاء الذي جرى بين البابا والإمبراطور بدقة (البروتوكول الذي بموجبه سوّيت قضية مقابلة بونتيون). ربما كتب هذا السند وصيغ بهذا الشكل حتى يكون وثيقة أساسية في يد الباباوية تتحول على أساسها “الهبات” الافرنكية لمصلحة الكرسي المقدس. هذا السند المزوّر سوف يستعمل فيما بعد في المراسيم المزوّرة.
إن التدخل الافرنكي في إيطاليا كان فاتحة للتدخل الفرنسي لمصلحة الكرسي المقدس الذي استمر أكثر من ألف سنة.
عندما شاهد الفرنك خدام كنائس البابا الخاصة وهم يؤدّون مراسيم الاحتفالات الدينية حسب الطقس الروماني ففضلوا هذا الطقس الأكثر تفوقاً واستعملوه بدلاً من الطقس “الغاليكاني”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملاحظة:
ان اسطيفانوس الثاني، كان كاهناً عندما انتُخبَ اسقفاً لروما عام 752، لكن بسبب موتهِ قبل السيامة الأسقفية لم يدخل في لائحة الباباوات. التوجه الحديث للحق القانوني الكنسي يميل إلى اعتبار بابا أي شخص مُنتَخَب بشكل قانوني، لذلك فإن اللائحة السنوية للباباوات الصادرة عام 1961، تَذكر استيفانوس الثاني، وبذلك يتغير ترقيم الباباوات التاليين بزيادة رقم واحد بين قوسين.
Discussion about this post