مبادئ للحياة
كان أحد المدرسين المسؤولين جديّاً جداً في عمله التعليمي، وسريع الانفعال بسبب غيرته ومحبته للمجال التربوي، وظل كذلك حتى جاء صباح أحد الأيام، وكان يقف في شرفة المدرسة المطلة على الفناء، يستعرض صفوف التلاميذ في اليوم الأول من العام الدراسي. وفي لهجة حازمة طلب من التلاميذ أن يرفعوا بطاقاتهم إلى أعلى باليد اليمنى. وارتفعت الأيدي في اتساق وجمال، غير أن طفلاً صغيراً أخطأ. فرفع البطاقة باليد اليسرى. فقرر المدرس أن يكون حازماً معه. فقال له من خلال مكبر الصوت:
– ارفع يدك اليمنى أيها الغبي.
واضطرب الصغير وأرتجف واهتزت ذراعه لكنه لم يستجب لقول المدرس، فاندفع المدرس كالسهم نحو الصغير، كي يلقنه الدرس الأول في الطاعة والأدب ولكي يجعله عبرة لكل التلاميذ. وعندما اقترب من الطفل تفاجأ مما شاهده على وجهه البريء من اضطراب وخوف ساحق، فقد كانت ذراعه اليمنى مقطوعة تماماً.
فملأت الدموع عيني المدرس وأحس بمرارة في حلقه لم تذهبها الأيام. وأدرك لأول مرة أنه وهو المعلم والأب يحتاج إلى أن يعرف أشياء كثيرة في مبادئ الحياة الإنسانية. فأخذ يراقب كلماته وأحاديثه وعلاقاته وأفكاره، فتعلم الكثير، وكان معلمه الأول الطفل الصغير الذي جرح مشاعره الرقيقة بكلماته الخشنة. وأصبح هذا المدرس يتصف بالرقة والمجاملة، فضلاً عن عباراته المشجِّعة لكل من حوله. كما أصبح ذو طبع مملوء رحمة وحنان.
قارئي العزيز: احترس في كلماتك وراقب ألفاظك جيدا، لانه بكلمة واحدة يمكنك أن تفّرح إنسان وبكلمة واحدة ايضا يمكنك أن تحزنه أو تغضبه أو تحوله إلى عدو.
“لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ” (أفس٤: ٢٩).
Discussion about this post