مجمع القسطنطينية الثاني 553 م
دعا إلى عقده الإمبراطور البيزنطي يوستينيانوس الأول (527 – 565 م)، بهدف النظر في كتابات بعض اللاهوتيين اليونان، وهم ثيودورس الموبسوسطي وثيودوريطوس أسقف قورش وإيباس أسقف الرها. عُرفَت هذه الكتابات بالـ “الفصول الثلاثة”، والتي كانت قد قَبلها مجمع خلقيدونية. فحُكِمَ على هذه الكتابات بالهرطقة. لم يحضر بابا روما هذا المجمع لكنه صادق على قراراته فيما بعد، وفيها يتم التقرب من لاهوت القديس كيرلس الإسكندري.
لم يسنّ هذا المجمع أية قوانين تشريعية.
المجمع القسطنطيني الثاني (المسكوني الخامس): 5 أيّار – 2 حزيران 553
421- 438- الجلسة الثامنة، في 2 حزيران 553: قوانين
الحكم بالحرم على “الفصول الثلاثة”
421– (1) من لا يعترف بطبيعة أو جوهر واحد للآب والابن والروح القدس، وقدرة واحدة، وسلطان واحد، وبثالوث له الجوهر ذاته، وبلاهوت واحد معبود في ثلاثة أقانيم أو أشخاص، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
فواحد هو الله الآب، الذي منه كل شيء، وواحد الربّ يسوع المسيح الذي به كل شيء، وواحد الروح القدس الذي فيه كل شيء.
422– (2) من لا يعترف بوجود ولادتين لله الكلمة، الواحدة قبل الدهور من الآب، بلا زمن ولا جسد، والأخرى في آخر الأيام، للكلمة ذاته، الذي نزل من السماوات وتجسّد من أمّ الله القديسة والدائمة البتولية، وولد منها، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
423– (3) من يقول أن كلمة الله الذي صنع المعجزات هو غير المسيح المولود من امرأة (ر غلا 4:4)، أو إنه فيه كآخر في آخر. ولكنه ليس هو واحداً بذاته ربّنا يسوع المسيح، كلمة الله المتجسّد والمتأنس، وهو ذاته من صنع المعجزات واحتمل الآلام طوعاً بالجسد، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
424– (4) من يقول أن اتحاد الله الكلمة بالإنسان تمّ بحسب النعمة، أو بحسب الفعل، أو بحسب التساوي في الشرف، أو بحسب السلطة، أو النّقل أو الصّلة أو القدرة، أو المجاملة، كما لو أن الله الكلمة قد سرّ بالإنسان الذي حصل منه على تقدير جميل وجيّد، كما يقول تيودورس بحماقة.
أو بحسب تجانس الأسماء الذي به يتظاهر النساطرة بأنهم، إذ يدعون الله الكلمة يسوع المسيح، ويُسمّون الإنسان بمفرده مسيحاً وابناً، وهم يتكلّمون بوضوح على شخصين، إنما يتكلّمون على شخص واحد وعلى مسيح واحد فقط بالاسم، وبالشرف، وبالكرامة، وبالعبادة.
ولكن إن لم يعترف بأن اتحاد الله الكلمة بالجسد الذي تحييه نفسٌ عاقلة ومفكّرة قد حصل بالتركيب، أي بحسب الأقنوم كما علّم الآباء القديسون، وإن لم يعترف لهذا السبب بأقنومة الوحيد، الذي هو الرب يسوع المسيح، أحد الثالوث المقدس، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
425– فهذا الاتحاد قد فُهم بأوجه كثيرة: فالبعض من أتباع أبوليناريوس وأوطيخا القائلين باضمحلال العناصر التي اتّحدت، ينادون باتحاد بالاختلاط، والآخرون الذين يماثلون ثيودورس ونسطوريوس بالتفكير، ويؤيدون الانقسام، يدخلون اتحاداً بالصّلة. ولكن كنيسة الله المقدسة، تنبذ نفاق الهرطقتين وتعترف باتحاد الله الكلمة بالجسد بحسب التركيب، أي بحسب الأقنوم. فالاتحاد بالتركيب في سرّ المسيح لا يحفظ فقط العناصر المتحدة بلا اختلاط، بل يرفض الانقسام.
426– (5) من يقبل الأقنوم الواحد في ربنا يسوع المسيح كأنه يتضمنّ معنى أقانيم متعدّدة، ويحاول بهذه الطريقة أن يُدخل في سرّ المسيح أقنومين أو شخصين، ويتكلّم، بعد إدخال شخصين، على شخص واحد بحسب الجلالة والشرف والعبادة، كما كتب ذلك ثيودورس ونسطوريوس بحماقة، ويفتر على المجمع الخلقيدوني المقدّس، كأنه استعمل التعبير “أقنوم واحد” بهذا المعنى النفاقيّ، ومن لا يعترف بأن كلمة الله قد اتّحد بالجسد بحسب الأقنوم وبالتالي أنه ليس سوى أقنوم أو شخص واحد، وأنه بهذا المعنى اعترف المجمع الخلقيدوني المقدس بأقنوم واحد في ربنا يسوع المسيح، ليكن مثل هذا مُبسلاً. لأن الثالوث المقدس لم يتقبّل إضافة شخص أو أقنوم، حتى بعد تجسد أحد الثالوث المقدّس، كلمة الله.
427– (6) من يقول أن القديسة المجيدة الدائمة البتولية مريم هي أم الله بمعنى غير صحيح وغير حقيقي، وإنها كذلك بالمجاز، كأنما ولد منها مجرّد إنسان، وليس كلمة الله المتجسّد والمولود، ولكن ولادة الإنسان من مريم تكون منسوبة بحسب رأيهم مجازاً إلى الله الكلمة بكونه متّحداً بالإنسان الذي ولد، وهو يفتري على المجمع الخلقيدوني المقدس قائلاً إنه أعلن مريم أمّاً لله بالمعنى النفاقي الذي يتصورّه ثيودورس.
أو من يدعها أم الإنسان أو أمّ المسيح، كأنّ المسيح ليس إلهاً، ولكنه لا يعترف أنها بمعنى صحيح وحقيقي أمّ الله، لأن الله الكلمة، المولود من الآب قبل الدهور، قد تجسّد منها في الأيام الأخيرة، وأن المجمع الخلقيدوني المقدس قد اعترف بها، بمثل هذا الشعور الديني، أمّا لله، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
428– (7) من يقول أنه “في طبيعتين” ولم يعترف بأن لا إقرار في اللاهوت والناسوت إلا بربنا الواحد يسوع المسيح، ليعني بذلك تمايز الطبيعتين اللتين منهما تحقّق الاتحاد المعجز البيان بلا اختلاط، بدون أن يتحول الكلمة إلى طبيعة الجسد، ولا أن ينتقل الجسد إلى طبيعة الكلمة، إذ يبقى كلّ منهما ما كان بطبيعته حتى بعد حصول الاتحاد بحسب الأقنوم، أما إذا كان يعني بهذا التعبير، في شأن سرّ المسيح، انقساماً إلى أجزاء؛
أو من يعترف بعدد الطبيعتين في ربنا الواحد يسوع المسيح، الله الكلمة المتجسد، ولم يأخذ بالاتحاد (لأن الواحد هو من اثنين والاثنين بواحد)، ولكن أن استعمل العدد لإيجاد طبيعتين منفصلتين، لكل واحدة أقنومها، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
429– (8) من يعترف بأن اتحاد اللاهوت والناسوت حصل بطبيعتين، أو يتكلم على طبيعة واحدة متجسّدة لله الكلمة، ولم يتخذ هذه الصيغ بالمعنى الذي علّمه الآباء، أي أن الاتحاد بحسب الأقنوم الذي حصل بين الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية، قد نتج منه مسيح واحد؛ ولكن إذا أراد بهذه التعابير إدخال طبيعة أو جوهر واحد للاهوت المسيح وجسده، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
430– فنحن عندما نقول إن الكلمة الابن الوحيد قد اتّحد بحسب الأقنوم، لا نقول بحصول نوع من التماذج بين الطبيعتين بل نعتقد أن الكلمة اتّحد بالجسد وبقيت بالحريّ كل طبيعة على ما كانت. لذلك واحد هو المسيح الإله والإنسان، هو عينه من ذات جوهر الآب. بحسب اللاهوت، ومن ذات جوهرنا بحسب الناسوت. لأن كنيسة الله تنبذ وتُبسل سوية من يقسّمون ويقطّعون سرّ تدبير المسيح الإلهيّ ومن يُدخلون فيه الاختلاط.
431– (9) من يقول أن المسيح يُعبد بطبيعتين، وانطلاقاً من ذلك يُدخل عبادتين، الواحدة خاصة بالله، والأخرى بالإنسان، أو من يلفّق الكلام في سبيل إلغاء الجسد أو خلط اللاهوت بالناسوت قائلاً إنه من الائتلاف تحصل طبيعة أو جوهر واحد ويعبد هكذا المسيح، ولكنه لا يعبد عبادة واحدة الله الكلمة المتجسّد مع جسده، كما تقبّلت الكنيسة منذ البدء، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
432– (10) من لا يعترف بأن الذي صلب في الجسد، ربنا يسوع المسيح، هو إلهٌ حق، وربّ المجد، وأحد الثالوث المقدّس، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
433– (11) من لا يُبسل آريوس وإفنوميوس ومكيدونيوس وأبوليناريوس ونسطوريوس وأوطيخا وأوريجانس وكتاباتهم المنافقة، وجميع الهراطقة الآخرين الذين حكمت عليهم وأبسلتهم الكنيسة الكاثوليكية الرسولية المقدسة، والمجامع الأربعة المقدسة التي ذُكرت سابقاً، وكذلك جميع من رأوا أو يرون مثل آراء الهراطقة المذكورين سابقاً، واستمرّوا حتى الممات في نفاقهم، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
434– (12) من يدافع عن ثيودورس المصّيصي المنافق، الذي يقول إن الله الكلمة هو غير المسيح الذي كان مُبتلى بأهواء النفس ورغائب الجسد، وتحرّر رويداً رويداً من الإغراءات السّفلى وصار أفض بنُجح أعماله، وذا سلوك لا لوم عليه، فعُمّد كمجرّد إنسان باسم الآب والابن والروح القدس، وبالمعمودية حُسب أهلاً لتقبّل نعمة الروح القدس ونيل التبّني. وهو يُعبد في أقنوم الله الكلمة، على مثال صورة ملكية. وأصبح بعد قيامته لا يتغيّر في أفكاره ومعصوماً تماماً من الخطيئة.
وقال أيضاً ثيودورس المنافق نفسه إن اتحاد الكلمة بالمسيح كانت على نسق ما تكلم عليه الرسول عن الرجل والمرأة: “يصير كلاهما جسداً واحداً” (أف 5 : 31).
وقد تجرأ على القول، بالإضافة إلى تجاديفه التي لا تُحصى، إن الرب، بعد القيامة، عندما نفخ في الرسل قائلاً: “خذوا الروح القدس” (يو 20 : 22)، لم يعطهم الروح القدس، ولكنه نفخ فيهم ظاهرياً، ويقول هذا الإنسان أيضاً أن اعتراف توما، عندما لمس يدي الرب وجنبه بعد القيامة، قائلاً: “ربي وإلهي” (يو 20 : 28)، لم يكلم به المسيح، ولكنه ذهل من عجيبة القيامة فسبّح الله الذي أقام المسيح.
435– والأسوأ من ذلك أن ثيودورس نفسه، في شرحه لأعمال الرسل، يقارن المسيح بأفلاطون وماني وإبيقورس ومركيون. فيقول: كما فعل كلّ واحد منهم، بعد أن ابتدع عقيدته الخاصة، وعمل على أن يُعطي تلاميذه اسم الأفلاطونيين والمانيين والإبيقوريين والمركيانيين، كذلك بعد أن ابتدع المسيح عقيدة اتخذ منه اسم المسيحيين.
فمن يدافع إذن عن ثيودورس المنافق المذكور سابقاً، وعن كتاباته المنافقة، التي نشر فيها تجاديفه المذكورة وغيرها مما لا يُحصى، على إلهنا ومخلصنا العظيم يسوع المسيح، ولا يُبسله هو وكتاباته المنافقة ومن يتقبّله، هو ومن يدافعون عنه أو يقولون إن كلامه صحيح العقيدة، ومن كتبوا لنصرته، ونصرة كتاباته المنافقة، ومن لهم أو كانت لهم آراء مشابهة، واستمروا حتى النهاية في مثل هذه الهرطقة، فليكن مُبسلاً.
436– (13) من يدافع عن كتب ثيودوريتس المنافقة المناهضة للإيمان الحقيقي، ولمجمع أفسس الأول المقدس، وللقديس كيرلّس وفصوله الاثني عشر (252 – 263)، وعن كل ما كتبه لنصرة المنافقين ثيودورس ونسطوريوس والآخرين الذين لهم نفس آراء ثيودورس ونسطوريوس المذكورين سابقاً، ومن يتقبّلهم هم ونفاقهم، ومن ينسب النفاق إلى أساقفة الكنيسة الذين يرون أن اتحاد الله والكلمة قد تمّ بحسب الأقنوم.
ومُن لا يُبسل الكتابات المنافقة المذكورة، والذين شايعوهم أو يشايعونهم في آرائهم، وجميع من كتبوا ما يخالف الإيمان القويم، أو القديس كيرلّس وفصوله الاثني عشر، وانتهوا وهم على النفاق نفسه، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
437– (14) من يدافع عن الرسالة التي قبل إن إيبا كتبها إلى ماري الفارسي، وفيها إنكار لتأنس الله الكلمة المتجسّد من مريم، أم الله القديسة والدائمة البتولية، وكلام على أن من ولد منها مجرد إنسان، إنسان يدعى هيكلاً، كما لو أن الواحد كان الله الكلمة والآخر الإنسان. وفيها اتهام للقديس كيرلّس، الناطق بالإيمان الحق للمسيحيين القويمي العقيدة، بأنه هرطوقي وبأنه كتب أضاليل أبوليناريوس المنافق نفسها. وفيها لوم لمجمع أفسس الأول المقدس على حطّه نسطوريوس بدون محاكمة وبدون استقصاء. وهذه الرسالة المنافقة نفسها تصف فصول القديس كيرلّس الاثني عشر (252 – 263) بأنها منافقة ومخالفة للإيمان القويم، وتبرّر ثيودورس ونسطوريوس وعقائدهم وكتباتهم المنافقة. فمن يدافع إذن عن الرسالة المذكورة ولا يُبسلها هي ومن يدافعون عنها ويقولون أنها قديمة العقيدة، في جزء منها على الأقل، ومن كتبوا ويكتبون لتأييدها أو لتأييد النفاق الذي تتضمنّه باسم الآباء القديسين والمجمع الخلقيدوني المقدس، ويستمرون حتى النهاية في ضلالاتهم، فليكن مثل هذا مبسلاً.
438– بعد أن اعترفنا إذن بكل هذه الأمور التي تقبلناها من الكتاب المقدس، ومن تعاليم الآباء القديسين، ومن التحديدات الإيمانية الواحدة ذاتها التي وردت عن المجامع المقدسة الأربعة المذكورة سابقاً، وبعد أن حكمنا على الهراطقة ونفاقهم وعلى نفاق من برّروا ويبّررون الفصول الثلاثة المذكورة، والذين استمرّوا ويستمرّون في ضلالهم، فمن يسعى إلى نقل ما يخالف ما صُغناه بتقوى، أو إلى تعليمه أو كتابته، إن كان أسقفاً أو من الإكليروس، يُحرم من الأسقفية ومن الأكليروسية لأنه يكون قد عمل ما يجافي الحالة الكهنوتية والكنسية. وإذا كان راهباً أو علمانياً فليُبسل.
المجمع القسطنطيني الثاني (المسكوني الخامس): 5 أيّار – 2 حزيران 553
421- 438- الجلسة الثامنة، في 2 حزيران 553: قوانين
الحكم بالحرم على “الفصول الثلاثة”
421- (1) من لا يعترف بطبيعة أو جوهر واحد للآب والابن والروح القدس، وقدرة واحدة، وسلطان واحد، وبثالوث له الجوهر ذاته، وبلاهوت واحد معبود في ثلاثة أقانيم أو أشخاص، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
فواحد هو الله الآب، الذي منه كل شيء، وواحد الربّ يسوع المسيح الذي به كل شيء، وواحد الروح القدس الذي فيه كل شيء.
422- (2) من لا يعترف بوجود ولادتين لله الكلمة، الواحدة قبل الدهور من الآب، بلا زمن ولا جسد، والأخرى في آخر الأيام، للكلمة ذاته، الذي نزل من السماوات وتجسّد من أمّ الله القديسة والدائمة البتولية، وولد منها، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
423- (3) من يقول أن كلمة الله الذي صنع المعجزات هو غير المسيح المولود من امرأة (ر غلا 4:4)، أو إنه فيه كآخر في آخر. ولكنه ليس هو واحداً بذاته ربّنا يسوع المسيح، كلمة الله المتجسّد والمتأنس، وهو ذاته من صنع المعجزات واحتمل الآلام طوعاً بالجسد، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
424- (4) من يقول أن اتحاد الله الكلمة بالإنسان تمّ بحسب النعمة، أو بحسب الفعل، أو بحسب التساوي في الشرف، أو بحسب السلطة، أو النّقل أو الصّلة أو القدرة، أو المجاملة، كما لو أن الله الكلمة قد سرّ بالإنسان الذي حصل منه على تقدير جميل وجيّد، كما يقول تيودورس بحماقة.
أو بحسب تجانس الأسماء الذي به يتظاهر النساطرة بأنهم، إذ يدعون الله الكلمة يسوع المسيح، ويُسمّون الإنسان بمفرده مسيحاً وابناً، وهم يتكلّمون بوضوح على شخصين، إنما يتكلّمون على شخص واحد وعلى مسيح واحد فقط بالاسم، وبالشرف، وبالكرامة، وبالعبادة.
ولكن إن لم يعترف بأن اتحاد الله الكلمة بالجسد الذي تحييه نفسٌ عاقلة ومفكّرة قد حصل بالتركيب، أي بحسب الأقنوم كما علّم الآباء القديسون، وإن لم يعترف لهذا السبب بأقنومة الوحيد، الذي هو الرب يسوع المسيح، أحد الثالوث المقدس، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
425- فهذا الاتحاد قد فُهم بأوجه كثيرة: فالبعض من أتباع أبوليناريوس وأوطيخا القائلين باضمحلال العناصر التي اتّحدت، ينادون باتحاد بالاختلاط، والآخرون الذين يماثلون ثيودورس ونسطوريوس بالتفكير، ويؤيدون الانقسام، يدخلون اتحاداً بالصّلة. ولكن كنيسة الله المقدسة، تنبذ نفاق الهرطقتين وتعترف باتحاد الله الكلمة بالجسد بحسب التركيب، أي بحسب الأقنوم. فالاتحاد بالتركيب في سرّ المسيح لا يحفظ فقط العناصر المتحدة بلا اختلاط، بل يرفض الانقسام.
426- (5) من يقبل الأقنوم الواحد في ربنا يسوع المسيح كأنه يتضمنّ معنى أقانيم متعدّدة، ويحاول بهذه الطريقة أن يُدخل في سرّ المسيح أقنومين أو شخصين، ويتكلّم، بعد إدخال شخصين، على شخص واحد بحسب الجلالة والشرف والعبادة، كما كتب ذلك ثيودورس ونسطوريوس بحماقة، ويفتر على المجمع الخلقيدوني المقدّس، كأنه استعمل التعبير “أقنوم واحد” بهذا المعنى النفاقيّ، ومن لا يعترف بأن كلمة الله قد اتّحد بالجسد بحسب الأقنوم وبالتالي أنه ليس سوى أقنوم أو شخص واحد، وأنه بهذا المعنى اعترف المجمع الخلقيدوني المقدس بأقنوم واحد في ربنا يسوع المسيح، ليكن مثل هذا مُبسلاً. لأن الثالوث المقدس لم يتقبّل إضافة شخص أو أقنوم، حتى بعد تجسد أحد الثالوث المقدّس، كلمة الله.
427- (6) من يقول أن القديسة المجيدة الدائمة البتولية مريم هي أم الله بمعنى غير صحيح وغير حقيقي، وإنها كذلك بالمجاز، كأنما ولد منها مجرّد إنسان، وليس كلمة الله المتجسّد والمولود، ولكن ولادة الإنسان من مريم تكون منسوبة بحسب رأيهم مجازاً إلى الله الكلمة بكونه متّحداً بالإنسان الذي ولد، وهو يفتري على المجمع الخلقيدوني المقدس قائلاً إنه أعلن مريم أمّاً لله بالمعنى النفاقي الذي يتصورّه ثيودورس.
أو من يدعها أم الإنسان أو أمّ المسيح، كأنّ المسيح ليس إلهاً، ولكنه لا يعترف أنها بمعنى صحيح وحقيقي أمّ الله، لأن الله الكلمة، المولود من الآب قبل الدهور، قد تجسّد منها في الأيام الأخيرة، وأن المجمع الخلقيدوني المقدس قد اعترف بها، بمثل هذا الشعور الديني، أمّا لله، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
428- (7) من يقول أنه “في طبيعتين” ولم يعترف بأن لا إقرار في اللاهوت والناسوت إلا بربنا الواحد يسوع المسيح، ليعني بذلك تمايز الطبيعتين اللتين منهما تحقّق الاتحاد المعجز البيان بلا اختلاط، بدون أن يتحول الكلمة إلى طبيعة الجسد، ولا أن ينتقل الجسد إلى طبيعة الكلمة، إذ يبقى كلّ منهما ما كان بطبيعته حتى بعد حصول الاتحاد بحسب الأقنوم، أما إذا كان يعني بهذا التعبير، في شأن سرّ المسيح، انقساماً إلى أجزاء؛
أو من يعترف بعدد الطبيعتين في ربنا الواحد يسوع المسيح، الله الكلمة المتجسد، ولم يأخذ بالاتحاد (لأن الواحد هو من اثنين والاثنين بواحد)، ولكن أن استعمل العدد لإيجاد طبيعتين منفصلتين، لكل واحدة أقنومها، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
429- (8) من يعترف بأن اتحاد اللاهوت والناسوت حصل بطبيعتين، أو يتكلم على طبيعة واحدة متجسّدة لله الكلمة، ولم يتخذ هذه الصيغ بالمعنى الذي علّمه الآباء، أي أن الاتحاد بحسب الأقنوم الذي حصل بين الطبيعة البشرية والطبيعة الإلهية، قد نتج منه مسيح واحد؛ ولكن إذا أراد بهذه التعابير إدخال طبيعة أو جوهر واحد للاهوت المسيح وجسده، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
430- فنحن عندما نقول إن الكلمة الابن الوحيد قد اتّحد بحسب الأقنوم، لا نقول بحصول نوع من التماذج بين الطبيعتين بل نعتقد أن الكلمة اتّحد بالجسد وبقيت بالحريّ كل طبيعة على ما كانت. لذلك واحد هو المسيح الإله والإنسان، هو عينه من ذات جوهر الآب. بحسب اللاهوت، ومن ذات جوهرنا بحسب الناسوت. لأن كنيسة الله تنبذ وتُبسل سوية من يقسّمون ويقطّعون سرّ تدبير المسيح الإلهيّ ومن يُدخلون فيه الاختلاط.
431– (9) من يقول أن المسيح يُعبد بطبيعتين، وانطلاقاً من ذلك يُدخل عبادتين، الواحدة خاصة بالله، والأخرى بالإنسان، أو من يلفّق الكلام في سبيل إلغاء الجسد أو خلط اللاهوت بالناسوت قائلاً إنه من الائتلاف تحصل طبيعة أو جوهر واحد ويعبد هكذا المسيح، ولكنه لا يعبد عبادة واحدة الله الكلمة المتجسّد مع جسده، كما تقبّلت الكنيسة منذ البدء، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
432- (10) من لا يعترف بأن الذي صلب في الجسد، ربنا يسوع المسيح، هو إلهٌ حق، وربّ المجد، وأحد الثالوث المقدّس، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
433- (11) من لا يُبسل آريوس وإفنوميوس ومكيدونيوس وأبوليناريوس ونسطوريوس وأوطيخا وأوريجانس وكتاباتهم المنافقة، وجميع الهراطقة الآخرين الذين حكمت عليهم وأبسلتهم الكنيسة الكاثوليكية الرسولية المقدسة، والمجامع الأربعة المقدسة التي ذُكرت سابقاً، وكذلك جميع من رأوا أو يرون مثل آراء الهراطقة المذكورين سابقاً، واستمرّوا حتى الممات في نفاقهم، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
434- (12) من يدافع عن ثيودورس المصّيصي المنافق، الذي يقول إن الله الكلمة هو غير المسيح الذي كان مُبتلى بأهواء النفس ورغائب الجسد، وتحرّر رويداً رويداً من الإغراءات السّفلى وصار أفض بنُجح أعماله، وذا سلوك لا لوم عليه، فعُمّد كمجرّد إنسان باسم الآب والابن والروح القدس، وبالمعمودية حُسب أهلاً لتقبّل نعمة الروح القدس ونيل التبّني. وهو يُعبد في أقنوم الله الكلمة، على مثال صورة ملكية. وأصبح بعد قيامته لا يتغيّر في أفكاره ومعصوماً تماماً من الخطيئة.
وقال أيضاً ثيودورس المنافق نفسه إن اتحاد الكلمة بالمسيح كانت على نسق ما تكلم عليه الرسول عن الرجل والمرأة: “يصير كلاهما جسداً واحداً” (أف 5 : 31).
وقد تجرأ على القول، بالإضافة إلى تجاديفه التي لا تُحصى، إن الرب، بعد القيامة، عندما نفخ في الرسل قائلاً: “خذوا الروح القدس” (يو 20 : 22)، لم يعطهم الروح القدس، ولكنه نفخ فيهم ظاهرياً، ويقول هذا الإنسان أيضاً أن اعتراف توما، عندما لمس يدي الرب وجنبه بعد القيامة، قائلاً: “ربي وإلهي” (يو 20 : 28)، لم يكلم به المسيح، ولكنه ذهل من عجيبة القيامة فسبّح الله الذي أقام المسيح.
435- والأسوأ من ذلك أن ثيودورس نفسه، في شرحه لأعمال الرسل، يقارن المسيح بأفلاطون وماني وإبيقورس ومركيون. فيقول: كما فعل كلّ واحد منهم، بعد أن ابتدع عقيدته الخاصة، وعمل على أن يُعطي تلاميذه اسم الأفلاطونيين والمانيين والإبيقوريين والمركيانيين، كذلك بعد أن ابتدع المسيح عقيدة اتخذ منه اسم المسيحيين.
فمن يدافع إذن عن ثيودورس المنافق المذكور سابقاً، وعن كتاباته المنافقة، التي نشر فيها تجاديفه المذكورة وغيرها مما لا يُحصى، على إلهنا ومخلصنا العظيم يسوع المسيح، ولا يُبسله هو وكتاباته المنافقة ومن يتقبّله، هو ومن يدافعون عنه أو يقولون إن كلامه صحيح العقيدة، ومن كتبوا لنصرته، ونصرة كتاباته المنافقة، ومن لهم أو كانت لهم آراء مشابهة، واستمروا حتى النهاية في مثل هذه الهرطقة، فليكن مُبسلاً.
436- (13) من يدافع عن كتب ثيودوريتس المنافقة المناهضة للإيمان الحقيقي، ولمجمع أفسس الأول المقدس، وللقديس كيرلّس وفصوله الاثني عشر (252 – 263)، وعن كل ما كتبه لنصرة المنافقين ثيودورس ونسطوريوس والآخرين الذين لهم نفس آراء ثيودورس ونسطوريوس المذكورين سابقاً، ومن يتقبّلهم هم ونفاقهم، ومن ينسب النفاق إلى أساقفة الكنيسة الذين يرون أن اتحاد الله والكلمة قد تمّ بحسب الأقنوم.
ومُن لا يُبسل الكتابات المنافقة المذكورة، والذين شايعوهم أو يشايعونهم في آرائهم، وجميع من كتبوا ما يخالف الإيمان القويم، أو القديس كيرلّس وفصوله الاثني عشر، وانتهوا وهم على النفاق نفسه، فليكن مثل هذا مُبسلاً.
437- (14) من يدافع عن الرسالة التي قبل إن إيبا كتبها إلى ماري الفارسي، وفيها إنكار لتأنس الله الكلمة المتجسّد من مريم، أم الله القديسة والدائمة البتولية، وكلام على أن من ولد منها مجرد إنسان، إنسان يدعى هيكلاً، كما لو أن الواحد كان الله الكلمة والآخر الإنسان. وفيها اتهام للقديس كيرلّس، الناطق بالإيمان الحق للمسيحيين القويمي العقيدة، بأنه هرطوقي وبأنه كتب أضاليل أبوليناريوس المنافق نفسها. وفيها لوم لمجمع أفسس الأول المقدس على حطّه نسطوريوس بدون محاكمة وبدون استقصاء. وهذه الرسالة المنافقة نفسها تصف فصول القديس كيرلّس الاثني عشر (252 – 263) بأنها منافقة ومخالفة للإيمان القويم، وتبرّر ثيودورس ونسطوريوس وعقائدهم وكتباتهم المنافقة. فمن يدافع إذن عن الرسالة المذكورة ولا يُبسلها هي ومن يدافعون عنها ويقولون أنها قديمة العقيدة، في جزء منها على الأقل، ومن كتبوا ويكتبون لتأييدها أو لتأييد النفاق الذي تتضمنّه باسم الآباء القديسين والمجمع الخلقيدوني المقدس، ويستمرون حتى النهاية في ضلالاتهم، فليكن مثل هذا مبسلاً.
438- بعد أن اعترفنا إذن بكل هذه الأمور التي تقبلناها من الكتاب المقدس، ومن تعاليم الآباء القديسين، ومن التحديدات الإيمانية الواحدة ذاتها التي وردت عن المجامع المقدسة الأربعة المذكورة سابقاً، وبعد أن حكمنا على الهراطقة ونفاقهم وعلى نفاق من برّروا ويبّررون الفصول الثلاثة المذكورة، والذين استمرّوا ويستمرّون في ضلالهم، فمن يسعى إلى نقل ما يخالف ما صُغناه بتقوى، أو إلى تعليمه أو كتابته، إن كان أسقفاً أو من الإكليروس، يُحرم من الأسقفية ومن الأكليروسية لأنه يكون قد عمل ما يجافي الحالة الكهنوتية والكنسية. وإذا كان راهباً أو علمانياً فليُبسل.
Discussion about this post