مجمع القسطنطينية الثالث (680 – 681 م)
دعا إليه الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الرابع (668 – 685 م). قام هذا المجمع بإدانة الهرطقة المونوتيلية التي اعتبرت أن ليسوع إرادة واحدة فقط، بالرغم من طبيعتيه الإلهية والإنسانية. وقد ثبّت البابا لاون الثاني في عدّة رسائل قرارات هذا المجمع.
مجمع القسطنطينية الثالث (المسكوني السادس):
7 تشرين الثاني 680 – 16 أيلول 681
550- 552– الجلسة الثالثة عشرة، في 28 آذار 681
الحكم على أصحاب المشيئة الواحدة والبابا هونوريوس الأول
550– بعد تفحّص الرسائل العقائدية التي كتبها سرجيوس، الذي كان بطريركاً على هذه المدينة الامبراطورية القائمة في حرز الله، إلى كيروس الذي كان أسقفاً على فاسيس، وإلى هونوريوس الذي كان بابا رومة القديمة، والرسالة التي كتبها هونوريوس هذا جواباً لسرجيوس هذا نفسه (ر 487) وبعد أن وجدت مخالفةً تماما للتعاليم الرسولية وما أوصت به المجامع المقدسة وكلّ الآباء القديسين الممتازين، وتابعةً بالحريّ عقائد الهراطقة الفاسدة، فنحن ننبذها تماما، ونعدّها رجسا ومبعثاًَ للإضرار بالنفوس.
551– أمّا أولئك، أي الذين ننبذ عقائدهم ونفاقهم، فقد حكمنا بأن تقصى أسماؤهم من الكنيسة المقدّسة، أي أسماء سرجيوس… الذي بدأ بالكتابة عن هذه العقيدة المنافقة، وكيروس الإسكندري، وبيرّوس، وبولس وبطرس، والذين كانوا رؤساء على كرسيّ هذه المدينة القائمة في حرز الله ورأوا رأي هؤلاء، ثم أيضاً اسم ثيودوروس الذي كان أسقفاً على فرّان، وجميع هؤلاء الأشخاص ذكرهم أغاثون، البابا الجزيل القداسة والمثّلث الغبطة لروما القديمة، في كتابه إلى … الإمبراطور (542 – 545). ونبذهم لكونهم مخالفين لإيماننا القويم. ونرسم أن هؤلاء أيضاً يقعون تحت الإرسال.
552– ولكن نرتئي أن يُقصى معهم أيضاً من كنيسة الله المقدسة هونوريوس الذي كان بابا رومة القديمة، ويُبسل لأننا وجدنا في الرسالة التي كتبها إلى سرجيوس أنه جاراه في رأيه في كل شيء وثبّت تعاليمه ونفاقه.
553- 559– الجلسة الثامنة عشرة، في 16 أيلول 681
الحكم على أصحاب المشيئة الواحدة والبابا هونوريوس الأول
553– لقد تسلّم المجمع المسكوني الحالي الجزيل القداسة بأمانة، واستقبل بالترحاب ما كتبه أغاثون بابا رومة القديمة، الجزيل القداسة والغبطة، إلى إمبراطورنا قسطنطين الجزيل التقوى والأمانة، نابذاً بالاسم من علّموا قائلين بمشيئة واحدة وفعل واحد في تدبير المسيح إلهنا الحقيقي الذي صار جسداً (542 – 545). كذلك تسلّم الرسالة المجمعية الأخرى، التي أرسلها، في عهد البابا نفسه الجزيل القداسة، مجمع الأساقفة المئة والخمسة والعشرين، المشمولين بمحبة الله، إلى جلالته ذات الحكمة الإلهية (546 – 548) لأن هذه الكتابات كانت منسجمة مع المجمع الخلقيدوني (300 – 306) ومع رقيم لاون، بابا رومة القديمة نفسها الجزيل القداسة والغبطة، المرسل إلى فلافيانوس (290 – 295)، الذي دعاه هذا المجمع عموداً للإيمان.
554– كانت تلك منسجمة أيضاً مع الرسائل المجمعية التي كتبها كيرلّس المغبوط ضدّ نسطوريوس، وأرسلها إلى الأساقفة الشرقيين. فعلى آثار المجامع المسكونية الخمسة المقدسة إذن، والآباء القديسين المؤيّدين، يحدّد هذا (المجمع) ويعلن بالإجماع ربّنا يسوع المسيح، إلهنا الحقيقي، والواحد من الثالوث المقدّس الواحد في الجوهر والمحيي، كاملاً في اللاهوت، وكاملاً هو ذاته بالناسوت، إلهاً حقاً وإنساناً حقاً، وهو ذاته من نفس عاقلة ومن جسد، واحداً في الجوهر مع الآب في اللاهوت، وواحداً معنا هو ذاته بالناسوت، شبيهاً بنا في كل شيء ما خلا الخطيئة (عب 4 : 5).
555– ولد من الآب قبل الدهور باللاهوت، وفي الأزمنة الأخيرة، هو ذاته، لأجلنا ولأجل خلاصنا، من الروح القدس ومن مريم العذراء. وهذه هي بكل حقّ وفي الحقيقة والدة الله بالناسوت. وهو مسيح واحد بذاته، ابن، ورب، وحيد، في طبيعتين بلا اختلاط، ولا تحوّل، ولا انفصال، ولا انقسام، وبما أن اختلاف الطبيعتين لا يُلغيه الاتحاد أبداًَ، تبقى بالحري كل طبيعة مصونة ومتساوقة إلى شخص واحد وأقنوم واحد. فليس هو مجزَّءاً ولا مقسمّاً إلى شخصين، ولكنّه بذاته الابن الوحيد، كلمة الله، الربّ يسوع المسيح، كما قال عنه الأنبياء منذ القديم، وما علّمنا إيّاه يسوع المسيح نفسه، ونقله إلينا قانون الآباء القديسين.
556– ونعلن كذلك أن فيه، بحسب تعليم الآباء القديسين، مشيئتين أو إرادتين طبيعتين، وفعلين طبيعيين، بلا انقسام ولا تحوّل، ولا تجزئة ولا اختلاط. والإرادتان الطبيعيتّان ليستا، كما يقول الهراطقة المنافقون، متعارضتين، حاشا. ولكن إرادته البشرية تتبع إرادته الإلهية والقديرة، ولا تقاومها وتتصدّى لها، بل بالحريّ تخضع لها. كان من الواجب أن تُحرّك الإرادة الإلهية وتُخضع الإرادة البشرية، كما يقول أثناسيوس الجزيل الحكمة. فكما يقال عن جسده، وكما هو حقا، إنه جسد الله الكلمة، كذلك يقال عن إرادة جسده الطبيعية، وهي حقاً كذلك، إنها إرادة الله الكلمة الخاصة، كما يُعلن هو نفسه ذلك: “إني نزلت من السماء لا لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني” (يو 6 : 38). فهو يعلن أن إرادة جسده تخصّه، لأن الجسد صار خاصّته. فكما أن جسده الحيّ والجزيل القداسة والطاهر، لم يُلغ بالتأله، بل بالحري قد صينت، بحسب قول غريغوريوس اللاهوتيّ: “ففعل إرادة من يعدّ مخلّصاً ليس مناوئاً لله إذ هو قد تألّه تماماً”.
557– نمجّد عملين طبيعيين، بلا انقسام ولا تحوّل، ولا تجزئة، ولا اختلاط، في ربّنا يسوع المسيح، إلهنا الحقيقي، أي عملاً إلهاً وعملاً بشرياً، بحسب لاون الملهم الإلهيّ، الذي يُثبت بوضوح قائلاً: “كلّ طبيعة تعمل بالاشتراك مع الأخرى ما هو خاصّ بها، فيفعل الكلمة ما هو خاصٌّ به، ويتمّم الجسد ما هو من الجسد” (294). فنحن لن نوافق على أن يكون عملٌ واحد طبيعي لله وللخليقة، خشية رفع المخلوق إلى الجوهر الإلهيّ، وخفض سموّ الطبيعة الإلهية إلى المستوى المناسب للكائنات المولودة. إننا نعترف بأن المعجزات والآلام تعود إلى واحد بذاته، بحسب الواحدة أو الأخرى من الطبيعتين اللتين هما له، واللتين يقوم فيهما كيانه، كما يقول كيرلّس العجيب.
558– مع المحافظة على ما هو بغير اختلاط ولا انقسام، نعلن كل شيء في صيغة مختصرة: نؤمن بأن أحد الثالوث هو أيضاً، بعد التجسّد، ربّنا يسوع المسيح، إلهنا الحقيقي، فنقول بأن له طبيعتين ساطعتين في أقنومه الوحيد. وبه قد أظهر، طوال وجوده بحسب تدبيره، معجزاته وآلامه، لا بالمظهر بل بالحقيقة… والاختلاف الطبيعي في هذا الأقنوم الوحيد بذاته يُعرف بأن كلّ واحدة من الطبيعتين تريد وتعمل ما هو خاصّتها بالاشتراط مع الأخرى. لذلك نمجّد إرادتين وعملين طبيعيّين متساوقين معاً في سبيل خلاص الجنس البشريّ.
559– إننا نحظر على الجميع، بعد أن أبدينا هذه الأمور في صيغة كاملة الدقّة والإحكام، أن يعرضوا شهادة إيمان أخرى، أي أن يكتبوها، أو يؤلّفوها، أو يفكّروا فيها، أو يعلّموها للآخرين. أمّا الذين يتجاسرون على تأليف شهادة إيمان أخرى أو نشرها أو تعليمها أو نقل قانون آخر إلى الذين يريدون الارتداد عن الوثنية، أو اليهودية أو أي هرطقة أخرى، إلى معرفة الحق، أو إدخال كلام جديد أو تعبير مبتدع لردّ الأمور التي حدّدناها الآن، فإذا كانوا أساقفة أو من الإكليروس فليُقصوا: الأساقفة من الأسقفية، والإكليريكيّون من الإكليروس، وإذا كانوا رهباناً أو علمانيين، فليُبسلوا.
Discussion about this post