المجمع اللاتيراني الرابع (1215 م)
دعا إلى عقده البابا إنوشينسيوس الثالث، وكان على جدول أعماله محاربة الهرطقة، والجهاد الصليبي، واتحاد الروم (اليونان) فالإصلاح.
قد أعلن هذا المجمع مجدداً الحكم على الهرطقة الألبيجية؛ وقد حدد آباءه وشرحوا بكل دقة مبادئ التعليم في الأسرار (كإلزامية الإعتراف والتناول أقله مرة في السنة)، مانحين بذلك المسيحية أطر حياة واضحة المعالم هي بحاجة إليها في تلك الفترة التي كانت تحدث فيها تجديدات وتغيّرات.
المجمع اللاتراني الرّابع (المسكوني الثاني عشر):
11 – 30 تشرين الثاني 1215
800- 802– الفصل الأول: الإيمان الكاثوليكيّ
تحديدات إيمانية في وجه الألبيجييّن والكاتارّ
800– نؤمن إيماناً ثابتاً ونعترف ببساطة أنّ الله الحقيقي واحدٌ ووحيد. أزليّ واسع، وغير قابل التحوّل، لا يبلغه إدراكٌ، كليّ القدرة، ولا يصفه قولٌ، آبٌ وابن وروح قدس، ثلاثة أقانيم، ولكن ذات واحدة، جوهرٌ أو طبيعة بسيطة كلياً. الآب لا يصدر عن أحد، والابن يصدر عن الآب وحده، والروح القدس يصدر عن هذا وذاك، في غير بدءٍ ولا انتهاء. الآب يلد، والابن يولد، والروح القدس ينبثق، وهو واحد في الجوهر، والمساواة، والقدرة الكليّة، والأزليّة. هو المبدأ الواحد لجميع الأشياء، خالق الأشياء المنظورة وغير المنظورة، الروحانية والجسدانية، الذي، بقدرته الكلية، خلق من العدم ومنذ بدء الزمن، هذه الخليقة وتلك، الروحانية والجسدانية، أي الملائكة والعالم، ثمّ الخليقة البشرية المكونّة من نفس وجسد. أمّا إبليس وسائر الشياطين فقد خلقهم الله بطبيعة صالحة؛ ولكنّهم تحوّلوا إلى أشرارٍ بإرادتهم. وأمّا الإنسان فقد خطئ بتحريضٍ من الشيطان. هذا الثالوث الأقدس، غير المنقسم في طبيعته، والمتميّز في خصائص أقانيمه، أعطى الجنس البشريّ تعليم الخلاص بموسى، والأنبياء القديسين، وخدّامه الآخرين، وفق ترتيبٍ زمنيّ منظّم بكلّ دقة.
801– وأخيراً ابن الله الوحيد، يسوع المسيح، الذي تجسّد بتدبيرٍ مشترك من الثالوث كلّه، وحبل به في مريم الدائمة البتولية بمؤازرة الروح القدس، وصار إنساناً حقيقياً مركباً من نفس عاقلة وجسدٍ بشريّ، شخصاً واحداً في طبيعتين، بيّن طريق الحياة بوضوح أشدّ. وإذ كان في ألوهته غير قابل الموت وغير قابل الألم، جعل نفسه في الجسد قابلاً الألم والموت، وإلى ذلك فلأجل خلاص الجنس البشريّ، تألمّ وصعد إلى السماء، ولكنّه نزل بنفسه وقام بجسده وصعد بهما جميعاً، وسيأتي في آخر الأزمان ليدين الأحياء والأموات، ويُجازي كلاً على حسب أعماله، سواء كان من الهالكين أو من المختارين. وسيُبعثون جميعهم بجسدهم الخاص الذي لهم الآن، لينالوا جزاء ما فعلوه من الخير أو من الشرّ، هؤلاء عقاباً مع إبليس لا نهاية له، وأولئك مجداً أبدّياً مع المسيح.
802– توجد كنيسة للمؤمنين واحدةٌ جامعة، لا خلاص لأحدٍ خارجاً عنها، فيها المسيح نفسه كاهنٌ وذبيحة، هو الذي يحضر حضوراً حقيقياً بجسده ودمه، في سرّ الهيكل، تحت أعراض الخبز والخمر، على أنّ الخبز يتحوّل جوهريّاً إلى جسد، والخمر إلى دم، بالقدرة الإلهية، حتى إذا أُتمّ سرّ الوحدة، ننال نحن منه ما نال هو منّا. ولا شكّ في أنّ هذا السرّ لا يستطيع أن يحقّقه إلاّ الكاهن الذي رسم شرعياً بحسب سلطة مفاتيح الكنيسة التي منحها المسيح نفسه للرسل وخلفائهم.
إنّ سرّ العماد الذي يتمّ في الماء باستدعاء الثالوث غير المنقسم، أي الآب والابن والروح القدس، عندما يقوم بمنحه شرعياً أيّ إنسان بحسب صيغة الكنيسة، يفيد للخلاص سواءٌ منح للأطفال أو للرّاشدين.
وإذا سقط أحدٌ في الخطيئة، بعد نيله المعمودية، يستطيع دائماً أن يستعيد برارته بتوبة حقيقية. ليس العذارى والأعفاء وحدهم، بل المتزوّجون أيضاً يستحّقون بلوغ الحياة الأبدبة، إذا أرضوا الله بإيمان مستقيمٍ وأعمال صالحة.
803- 808– الفصل 2: ضلال يواكيم الغيوري (توفّي 1202)
الثالوث
803– فنحن نشجُبُ ونستنكرالكتيّب أو البحث الذي نشره الأب يواكيم وهاجم فيه الأستاذ بطرس لومبارد في موضوع وحدة الثالوث أو جوهره، ناعتاً إياه بالهرطوقيّ والأحمق بسبب قوله في حكمه: “توجد حقيقة سامية واحدة هي الآب والابن والروح القدس، وهي لا تلد، وليست مولودة، ولا تنبثق”.
ومن ثمّ يثبت أنّ هذا الأستاذ جعل في الله لا ثالوثاً بل رُباعياً، أي ثلاثة أقانيم، ونوعاً من أقنوم رابع هو الجوهر المشترك، فيما يعلن أن ليس هنالك أيّ حقيقة، ولا ذات، ولا جوهر، ولا طبيعة تكون آباً وابناً وروحاً قدساً، مع أنه يسلّم بأنّ الآب والابن والروح القدس ذات واحدة، وجوهرٌ واحد، وطبيعةٌ واحدة. ولكنّه يعترف بأنّ وحدةً كهذه لا هي حقيقية ولا هي شخصية، بل هي، على وجهٍ ما، جماعية وتشبيهية، على نحو ما يقال عن أناسٍ كثيرين إنّهم شعبٌ واحد، وعن مؤمنين كثيرين إنّهم كنيسة واحدة، وفاقاً للقول: “كان لجمهور المؤمنين قلبٌ واحدٌ ونفسٌ واحدة” (أع 4 : 32)، والقول: “أمّا الذي يقترن بالربّ فيكون معه روحاً واحداً” (ا كو 6 : 17)، والقول: “الغارس والسّاقي كلاهما واحد” (1 كو 3 : 8)، والقول: “نحن الكثيرين جسدٌ واحدٌ في المسيح” (روم 12 : 5)؛ وما ورد في كتاب الملوك أيضاً: “شعبك وشعبي واحد” (1 ملو 22 : 5 فولغاتا؛ راجع را 1 : 16). ولكي يجعل أساساً لكلامه كثيراً ما يلجأ إلى ما قال المسيح في إنجيله عن المؤمنين: “أريد، أيّها الآب، أن يكونوا واحداً كما نحن واحد، لكي يكونوا مكمَّلين في الوحدة” (يو 17 : 22…). فهو يقول إنّ مؤمني المسيح ليسوا واحداً، أي حقيقة واحدة مشتركة فيما بينهم، إنّهم واحد فقط، أي كنيسةٌ واحدة، بسبب وحدة الإيمان الكاثوليكيّ، وملكوتٌ واحد بسبب الاتّحاد في محبّةٍ لا تنقصم عراها. وهكذا يقرأ في رسالة يوحنا القانونية: “ومن ثم فالشهود ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس، وهؤلاء الثلاثة هم واحد” (1 يو 5 : 7)، ويوحنا يضيف حالاً: “والشهود في الأرض ثلاثة الرّوح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة هم في واحد” (يو 5 : 8)، على ما ورد في بعض المخطوطات.
أمّا نحن، فمع موافقة المجمع المقدس العام، نؤمن ونعترف مع بطرس لومبارد بأنّها توجد حقيقة سامية واحدة، لا يبلغها الإدراك ولا يحتويها القول، هي في الحقيقة آبٌ وابنٌ وروح قدس، الأقانيم الثلاثة معاً، وكلّ أقنوم على حدة. ولهذا فالله ثالوثٌ فقط لا رباعيّ، لأنّ كلاً من الأقانيم هو هذه الحقيقة، أي الجوهر والذات والطبيعة الإلهية. والثالوث وحده هو مبدأ كل شيء، وما من مبدأ آخر خارجاً عنه. وهذه الحقيقة لا تلد، ولا تولد، ولا تنبثق، ولكن الآب هو الذي يلد، والابن هو الذي يولد، والروح القدس هو الذي ينبثق، بحيث إنّ هناك تمييزاً في الأقانيم، ووحدةً في الطبيعة.
805– “وإن كان الآب والابن والروح القدس، كلّ واحدٍ غير الآخر، فالحقيقة واحدة”، ولكن ما هو الآب، هو ما هو الابن، وما هو الروح القدس، في غير اختلافٍ البتّة، بحيث إنّنا، وفاقاً للإيمان والكاثوليكيّ، نؤمن بأنّهم واحدٌ في الجوهر. وهكذا، فالآب الذي ولد الابن منذ الأزل، أعطاه جوهره، وهذا الابن نفسه يشهد على ذلك بقوله: “إنّ ما أعطاني أبي هو أثمن من كلّ شيء” (يو 10 : 29).
ولا يمكن القول بأنه أعطاه قسماً من جوهره واستبقى لنفسه القسم الآخر، لأنّ الجوهر، وهو كليّ البساطة، غير قابلٍ الانقسام. ولكن لا يمكن القول بأنّ الآب نقل جوهره إلى الابن وهو يلده، كما لو أنّه خرج عنه لابنه، فيكون والحالة هذه قد توقّف عن أن يكون جوهراً. فمن الواضح إذن أنّ الابن، بولادته، نال جوهر الآب في غير نقص البتّة، وهكذا فللآب والابن جوهر واحدٌ، وهما من ثمّ حقيقةٌ واحدة، وكذلك الروح القدس الذي ينبثق من هذا وذاك.
806– فعندما يٌصلي الحقّ إلى الآب من أجل أتباعه يقول: “أريد أن يكونوا واحداً كما نحن واحدٌ” (يو 17 : 22)، واللفظة “واحد” تعني، بالنسبة إلى التلاميذ، وحدة المحبّة في النعمة، وبالنسبة إلى الأقانيم الإلهية، وحدة الطبيعة، على حدّ ما يقول الحقّ في مكانٍ آخر: “كونوا كاملين كما أنّ أباكم السماويّ كامل” (متى 5 : 48)، كما لو قيل بطريقة أوضح: “كونوا كاملين” بكمال النعمة، “كما أنّ أباكم السماويّ كامل” بكمال الطبيعة، كلّ على طريقته. فمهما بلغت المشابهة بين الخالق والخليقة، يبقى أنّ الفرق بينهما شاسع. فإن تجرّأ أحدٌ على الدفاع عن مذهب يواكيم المذكور، أو موافقته عليه، فلينبذه الجميع على أنّه هرطوقيّ.
807– إلاّ أنّنا لا نريد، بسبب ذلك، أن نُلحق أي أذىً بدير فلور الذي أنشأه يواكيم نفسه، لأنّ إنشاءه قانونيّ، ونظامه ذو جدوى؛ فضلاً عن ذلك فإنّ يواكيم هذا نفسه قد أرسل إلينا كتاباته كلّها حتى يوافق عليها أو يُصحّحها حكم الكرسيّ الرسوليّ، وقد أملى رسالةً وقعّها بيده، واعترف فيها بأنّه ثابتٌ على إيمان الكنيسة الرومانية، أمّ ومعلّمة جميع المؤمنين بتدبيرٍ من الربّ.
808– إنّنا نستنكر ونشجب الرّأي السَّخيف الذي يراه ألمريك الكافر الذي أعمى أبو الكذب بصيرته إلى حدّ أنّه من الأولى أن يردّ رأيه إلى السَّفه لا إلى الهرطقة.
808- الفصل 3: ضدّ الهراطقة (الفالديّين)
ضرورة الرسالة القانونيّة
809– بما أنّ بعض الناس، على حدّ قول الرسول، “عليهم ظواهر التّقوى وقد أنكروا قوّتها” (ر 2 تيم 3 : 5)، ينتحلون حقّ الكرازة، فيما يقول الرسول نفسه: “كيف يبشرون إن لم يُرسلوا” (روم 10 : 15)، فجميع الذين حُظر عليهم ذلك أو الذين لم يرسلوا، وتجرّأوا على انتحال وظيفة الكرازة العامّة أو الخاصة، بغير إذن الكرسيّ الرسوليّ أو الأسقف المحلّيّ الكاثوليكي (761)، يرمون بالحرم، وإن لم يرعووا بسرعة يعاقبوا بالعقاب الملائم.
810- الفصل 4: تكبّر اليونانييّن على اللاّتين
تحقير طقوس أسرار الكنيسة اللاتينية
810– وإن كنّا نريد تشجيع وتكريم اليونانيين الذين، في هذه الأيّام، يعودون إلى طاعة الكرسيّ الرسوليّ، قابلين بقدر ما نستطيع ذلك في الربّ، تقاليدهم وطقوسهم، فنحن لا نريد ولا نستطيع أن نتغاضى عمّا عندهم ممّا يعرّض النفوس للخطر، ويخالف الاستقامة الكنسية. فبعدما انسحبت الكنيسة اليونانية مع بعض شركائها وأعوانها من الخضوع للكرسيّ الرسوليّ، أخذ اليونانيين يتنكرون للاّتين إلى حدّ أنّهم، في ما بين الأعمال القبيحة التي تحمل التحقير، كانوا، إذا احتفل كهنةٌ لاتين بالذبيحة على مذابحهم، يرفضون أن يقدّموا هو الذبيحة على هذه المذابح قبل أن يغسلوها، كما لو كانت قد نُجسّت بذلك العمل. وقد قادت الجرأة المتهوّرة هؤلاء اليونانيين إلى إعادة تعميد من كان اللاتين قد عمّدوهم. وقد بلغنا أنّ بعضهم لا يخشون أن يفعلوا ذلك حتى الآن.
فرغبةً منّا في إبعاد مثل هذه العثرة الجسيمة عن الكنيسة، وعملاً بمشورة المجمع المقدس، نأمر أمراً مطلقاً بأن لا يجرؤوا على القيام بمثل هذا العمل بعد الآن، وأن يسلكوا سلوك الأبناء المطيعين في موافقة أمّهم الكنيسة الرومانية المقدسة، لكي يكون “قطيع واحد وراعٍ واحد” (يو 10 : 16). إذا قام أحد بمثل هذا العمل يُضرب بسيف الحرم، ويسقط من كلّ وظيفة ومن كلّ نفع كنسيّ.
811- الفصل 5: كرامة البطريرك
أولية الكرسيّ الرومانيّ
811– فيما نجدّد الامتيازات القديمة للكراسي البطريركية، وبموافقة المجمع العام المقدس، نأمر بما يلي: بعد الكنيسة الرومانية التي، بتدبير من الربّ، تملك أولية السلطة العادية على جميع الكنائس الأخرى، على أنها أمّ جميع المسيحيين ومعلّمتهم، يكون لكنيسة القسطنطينية المركز الأوّل، ولكنيسة الاسكندرية المركز الثاني، ولكنيسة أنطاكية المركز الثالث، ولكنيسة أورشليم المركز الرابع.
812- 814– الفصل 21: الاعتراف وحفظ السرّ من قبل الكاهن وتقبّل المناولة في عيد الفصح
812– كلّ مؤمن من كلا الجنسين، بعد بلوغه سنّ الرشد، عليه أن يعترف لخوريّه، شخصياً وبأمانةٍ، بجميع خطاياه، مرّةً في السنة على الأقل، ويعمل، بكلّ ما لديه من قوى، على إتمام ما يفرض عليه من كفّارة، ويتقبّل بإحترام سرّ الإفخارستيا في يوم الفصح على الأقلّ، ما لم يُشر عليه كاهنه ويقض سببٌ معقول بأن يمتنع عن ذلك فترةً من الزّمن، وإلاّ منع من دخول الكنيسة ما دام حياً، وحُرم من الجنازة المسيحية عند موته، وبهذا لن يجد ما يعذره عن جهله.
وإذا أراد أحدٌ، لسببٍ صوابيّ، أن يعترف بخطاياه لدى كاهنٍ آخر، وجب عليه أولاً أن يطلب الإذن ويحصل عليه من خوريّه، وإلاّ امتنع على هذا الكاهن الآخر أن يحلّه أو يربطه.
واجب المعرّف
813– فليكن هذا الكاهن رجل تبصّر وفطنة فيسكب، كطبيب خبيرٍ، الخمر والزيت على جروح الجريح (ر لو 10 : 14)، جاداً في معرفة أحوال الخاطئ وظروف الخطيئة، فيدرك هكذا بفطنةٍ ما الإرشادات التي يجب أن يُسديها للخاطئ، وما الدواء والوسائل المختلفة التي من شأنها أن تشفيه.
814– وليحذر كلّ الحذر من أن يخون الخاطئ بكلمةٍ أو إشارة أو أيّ شيءٍ آخر؛ ولكن إذا اضطر إلى استشارةٍ استيضاحية، فليستشر بفطنة متجنباً أيّ إشارة إلى الشخص، وإذا تجرّأ أحدٌ وباح كشف له عنها في محكمة التّوبة، نقرّ، لا أن يجرّد من الخدمة الكهنوتية وحسب، بل أن يُعزل أبداً للتكفير في ديرٍ شديد النظام.
815- الفصل 22: على المرضى أن يُعنوا بشؤون النفس أولى من اعتنائهم بالجسد، أي بممارسة الجنس كوسيلة للشفاء
وسائل للشفاء ممنوعة
815– … وإلى ذلك فيما أنّ للنفس قيمةً أعظم جداً من قيمة الجسد، نحظر تحت طائلة الحرم، أن يُشير طبيبٌ على مريض، لإنقاذ جسده، أمراً من شأنه أن يتحوّل إلى خطرٍ على النّفس.
الاعتقاد ضروريّ لصحة التملّك
816– إذ كان “كلّ ما ليس عن إيمان خطيئة” (روم 14 : 23) فنحن نحدّد ذلك بقرار مجمعيّ: لا يصحّ، بدون نيّة حسنة، أيّ تشريع تمليكيّ سواء كان قانونياً أو مدنياً، إذ إنه، على وجهٍ عامّ، تجب مخالفة كل شرع أو كلّ تقليد لا يمكن السير بموجبه بدون خطيئةٍ مميتة. فلا بدّ لمن يشرّع أن لا يكون، في أيّ لحظةٍ، واعياً أنّ في حوزته شيئاً من ممتلكات الغير.
817- الفصل 51: منع الزواجات السرّية
817– في اقتفاءٍ لآثار أسلافنا نمنع قاطعاً الزّواجات السرّية، كما نمنع أيّ كاهن من حضور مثل هذه الزواجات. ولهذا فإنّنا نمدّ عادةً اختصت بها بعض الأمكنة، إلى الأمكنة الأخرى جميعاً، ونقرّ أن يعلن الكهنة في الكنائس الزواجات المنويّ عقدها في مهلةٍ موافقة ومحدّدة، يمكن فيها الرّاغب والقادر أن يكشف عن عائقٍ شرعيّ، وعلى الكهنة أنفسهم أن يتحرّوا أيّ مانعٍ من شأنه أن يقف في وجه الزواج…
818- 819– الفصل 62: ذخائر القدّيسين
استعمال الذخائر على وجه غير لائق
818– كثيراً ما تُحقّر الديانة المسيحية لأنّ البعض يعرضون ذخائر القديسين للبيع أو للتبّاهي حيثما شاؤوا. فلكي لا يتجدّد هذا الأمر في المستقبل، نأمر بهذا القرار بأن لا تُعرض الذّخائر القديمة خارج صندوقها، وأن لا تُنشر للبيع. أمّا الذخائر التي اكتشفت حديثاًن فلا يعمد أحد إلى تكريمها علناً قبل موافقة السلطة الحبريّة الرومانية عليها. وعلى المسؤولين أن لا يسمحوا مستقبلاً، لمن يزورون كنائسهم، بأن يؤخذون بأوهامٍ باطلة ووثائق كاذبة، كما جرت العادة في عدّة أمكنة طمعاً في الربح.
تجاوزات في شأن الغفرانات
819– … بما أنّ بعض الأساقفة لا تورّعون عن منح غفرانات طائشة ونافلة، ممّا يحمل على الازراء بسلطة مفاتيح الكنيسة، ويفرغ التعويض التكفيريّ من قوته، نقرّ أن الغفران لا يتجاوز السنة عند تكريس كنيسة؛… وأنّه لا يتجاوز الأربعين يوماً عند الاحتفال السنويّ بذكرى التكريس. ونأمر بأن تخضع لعدد الأيام هذا رسائل الغفران التي تُعطى لأسباب مختلفة، إذ أنّ الحبر الرومانيّ، الذي له ملء السلطة، تعوَّد أن يجري على هذا النظام في هذا الموضوع.
820- الفصل 63: السّيمونية
820– … كثيرون وفي أماكن كثيرة، يشبهون باعة الحمام في الهيكل، فيقومون بجبايات وابتزازات مخزية وشنيعة من أجل رسامة الأساقفة، ومباركة رؤساء الأديار، ورسامة الكهنة. إنّهم يحدّدون التعرفة التي يجب دفعها لهذا أو ذاك. وغاية الفساد أنّ البعض يحاولون تبرير هذا الخزي وهذا الانهيار الأخلاقيّ بأنّهما عادة متّبعة منذ زمن بعيد.
فرغبةً منّا في القضاء على هذا التجاوز نشجب بشدّةٍ عادةً كهذه لا يصحّ عليها إلاّ الاسم “فساد”؛ ونقرّ قراراً جازماً أن لا يجرؤ أحدٌ، لأجل منح أو قبول الدرجات المقدسة، على فرض أيّ شيءٍ وابتزازه بأيّ من الحجج، وإلاّ فيصيب من قبض ومن دفع هذا المال الحرام كلياً نصيب جيحزي (2 مل 5 : 29 – 27) وسيمون (أع 8 : 9 – 24).
Discussion about this post