مجمع “بازيليا – فيرارا – فلورنس – روما” (1431 – 1442 م)
عقدَ هذا المجمع بدعوة من البابا مرتينوس الخامس، وذلك اتباعاً لما كان قد فرضه مجمع كوستانس: أي انعقاد مجمع دوري في الكنيسة.
كان آباء المجمع، المتخوفون من شبح الإنشقاق الذي حصل في الكنيسة الغربية، يميلون إلى النظرية المجمعية القائلة بتفوق سلطة المجمع على سلطة البابا، لكن هذه النظرية لم تكن متوافقة مع تقليلد الكنيسة، فقام خَلَف مرتينوس الخامس، البابا أوجينيوس الرابع بنقل المجمع من مدينة بازيليا إلى مدينة فيرارا في إيطاليا. أما آباء المجمع فرفضوا هذا التدبير وأعلنوا بطلان سلطة البابا وانتخبوا بديلاً عنه فيليكس الخامس (بابا مزيف) فعانت الكنيسة الغربية مجدداً من الإنشقاق المُسمى بالصغير والذي دام عشرة سنوات فقط.
في مدينة فيرارا وصلت هيئة تمثل الكنيسة الشرقية وذلك لمناقشة الخلافات بين الكنيستين بهدف الوحدة. فيما بعد انتقل المجمع – بسبب صعوبات لوجستية – إلى مدينة فلورنس حيث تابع النقاش مع الشرقيين.
أوجانيوس الرابع: 3 آذار 1431 – 23 شباط 1447
مجمع فلورنسا (المسكوني السابع عشر): 26 شباط 1439 – آب 1445
1300- 1308– براءة في الاتحاد مع اليونانيّين “Lactentur coeli” ، 6 تموز 1439
قرار في شأن اليونانيّين
1300– [إنبثاق الروح القدس] إذن باسم الثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس، مع موافقة مجمع فلورنسا المقدس العام هذا، نحدّد هذه الحقيقة الإيمانية لكي يؤمن بها ويتقبّلها جميع المسيحيين، ولكي يعترفوا بها هكذا: أن الروح القدس هو أزليّاً من الآب والابن، يتّخذ جوهره من الآب والابن معاً، وأنه ينبثق أزلياً من هذا وذاك كما من مبدأ واحد وانبثاقٍ وحيد [رَ مجمع ليون الثاني: 850].
1301– معلنين أن ما يقوله الملافنة والآباء، أي أن الروح القدس ينبثق من الآب بالابن، يرمي إلى هذا التصور الذي يعني أن الابن هو في نظر اليونانيين السبب، وفي نظر اللاتين مبدأ قوام الروح القدس وكذلك الآب.
وبما أنّ كل ما هو من الآب أعطاه الآب نفسه لابنه الوحيد بالولادة، ما عدا كونه أباً، فكون الروح القدس ينبثق من الابن قد اتّخذه الابن نفسه أزلياً من الآب الذي ولد منه أزلياً.
1302– نحدّد إلى ذلك أن الشرح الذي تتضمنه الكلمة “والابن” أضيف إلى القانون إضافةً جائزة ومعقولة وذلك لإيضاح الحقيقة وتلبيةً للضرورة الملحّة.
1303– وكذلك في خبز الحنطة، سواء كان متخمراً أو فطيراً، يتحقّق جسد المسيح، وعلى الكهنة أن يحقّقوا وجود جسد الرّب نفسه في أيّ من هذين الخبزين، أي تبعاً لعادة كنيستهم الغربية أو الشرقية.
1304– [مصير الموتى] كذلك إذا كان الذين يتوبون توبةً صحيحة، يموتون في محبّة الله، قبل التكفير عن خطاياهم التي اقترفوها بالفعل أو بالإهمال، بثمارٍ جديرة بتوبتهم، فإن نفوسهم تتطهّر بعد موتهم بآلام تطهيرية، ولكي يتخلّصوا من مثل هذه الآلام تفيدهم معونات المؤمنين الأحياء، من قدّاساتٍ وصلوات، وصدقات، وأعمال تقوى أخرى يقوم بها عادةً المؤمنون من أجل مؤمنين آخرين، بحسب قرارات الكنيسة.
1305– وتقوى الذين بعد تقبّلهم المعمودية لم يتلطّخوا قطّ بالخطيئة، وكذلك نفوس الذين بعد تلطّخهم بالخطيئة، سواء كانوا بعد في أجسادهم أو تعرّوا منها، تطهّروا على ما سبق القول، هذه النفوس تقبل حالاً في السّماء وتشاهد الله الثالوث والواحد في ذاته كما هو، مشاهدةً واضحة، ولكن على درحاتٍ، وفق استحقاق كلّ منها.
1306– أما نفوس الذين يموتون في حال الخطيئة المميتة أو الخطيئة الأصلية فقط، فإنها تنحدر حالاً إلى الجحيم، ولكنها تعاقب بعقوباتٍ غير متساوية (رَ 856 – 858).
1307– [رتبة الكراسي البطريركيّة – أولية الكرسي الروماني] كذلك نحدّد أن للكرسي للروماني الرسولي وللحبر الروماني الأولية على المسكونة كلها، وأن الحبر الروماني هو خليفة الطوباوي بطرس أمير الرسل والنائب الحقيقي للمسيح، رأس الكنيسة كلها جمعاء، أبو جميع المسيحيين ومعلّمهم، وإليه انتقلت من الربّ يسوع المسيح، عن طريق الطوباويّ بطرس، السلطة الكاملة لرعاية الكنيسة الجامعة، وإدارتها، وسياستها، وذلك على ما ورد في أعمال المجامع المسكونية وفي القوانين المقدسة.
1308– وإلى ذلك تُجدّد الرتبة التي تُثبتها القوانين لسائر البطاركة الأجلاء، بحيث يكون بطريرك القسطنطينية الثاني بعد الحبر الروماني الكلي القداسة، وبطريرك الاسكندرية الثالث، وبطريرك إنطاكية الرابع، وبطريرك أورشليم الخامس، هذا مع الحفاظ على كل ما لهم من امتيازات وحقوق.
1309– براءة “Moyses vir Dei” ضد مجمع بال، 4 أيلول 1439
المجمع العام والبابا
1309– [أعضاء مجمع بال]… نشروا ثلاث مقولات وصفوها بأنّها حقائق إيمانية، معلينين أننا وجميع الأمراء، والأحبار، والمؤمنين الآخرين المتمسّكين بالكرسيّ الرسولي، هراطقة. وهوذا نصّهم بحرفه:
“الحقيقة التي أعلنها مجمع كونستانس العام ومجمع بال الحالي في موضوع سلطة المجمع العام ممثّلاً الكنيسة الجامعة، وفي أنّ سلطته هذه تعلو سلطة البابا وأيّ سلطةٍ أخرى، هي حقيقة إيمان كاثوليكي.
هذه الحقيقة بأن البابا لا يستطيع مطلقاً، بسلطته الخاصة، إلغاء مجمعٍ عامّ ممثّلٍ للكنيسة الجامعة، ومنعقدٍ شرعياً لمعالجة إحدى القضايا الواردة في الحقيقة السابقة، أو أي قضية أخرى، ولا إرجاءه إلى موعدٍ آخر، ولا نقله إلى مكان آخر، إلاّ برضى هذا المجمع، هي حقيقة إيمانٍ كاثوليكي.
“من قاوم بعناد الحقائق السابقة عدّ هرطوقيّاً”.
[شجب المقولات]… المقولات نفسها المنقولة بحرفها آنفاً وفق التأويل الفاسد الذي قام به جماعة بال، وظهروا به فعلاً مخالفاً لمنطوق الكتاب المقدّس، والآباء القديسين، ومجمع كونستانس نفسه، في غير إغفال لما سبق من قرار الإعلان أو الحرمان مع كل ما تبعه وما يمكن أن يتبعه في المستقبل من كفرٍ وعثرات، هذا كله من شأنه أن يُحدث شرخاً في كنيسة الله، وفوضى في النظام الكنسيّ والأمارة المسيحية، ونحن نكفّر ونشجب ما وافق عليه أعضاء هذا المجمع.
1310– 1328- براءة في الاتّحاد مع الأرمن “Exsultate Deo” ، 22 تشرين الثاني 1439
تحتوي هذه البراءة على وثائق إيمانية تعيد ما جاء في شهادة الإيمان القسطنطينية (راجع ما فوق رقم 150)، وتحديدات مجمع خلقيدونية في طبيعتي المسيح (301 – 303)، وتحديدات المجمع القسطنطيني الثالث، حول الإرادتين في المسيح (557 – 558)، والمرسوم حول سلطة مجمع خلقيدونية. ثم جاءت في البراءة تعليمات حول الأسرار اتقتبست في معظمها من توما الأكويني (De articulis fidei et Ecclesiae sacramentis) . ولقد مرّ زمن طويل كانت فيه صحة هذه التعليمات موضع الشكّ، نظراً إلى أنه يقال فيها أنّ مادة سرّ الرسامة الكهنوتية تقوم بتقديم الأواني للمرتسم، فيما أن التقليد في الكنيستين الغربية والشرقية يؤكّد هنا أهمية وضع الأيدي. وقد قرّر البابا بيوس الثاني عشر في الدستور “Sacramentum ordinis” (30 تشرين الثاني 1947: راجع رقم 3857 – 3861) أن صحّة الرسامة تقوم بوضع الأيدي.
قرار في شأن الأرمن
1310– خامساً لخّصنا حقيقة أسرار الكنيسة لكي تصل بطريقةٍ أسهل إلى أذهان الأرمن الحاليّين والآتين، في الصيغة الموجزة التالية: أسرار الناموس الجديد سبعة هي المعمودية، والتثبيت، والإفخارستيا، والتّوبة، ومسحة المرضى، والكهنوت، والزّواج، وهي تختلف اختلافاً شديداً عن أسرار الناموس القديم. فهذه لم تكن مصدراً للنعمة، بل كانت صورة لتلك التي كانت ستصدر عن آلام المسيح. أسرارنا تتضمّن النعمة وتمنحها لمن يتقبّلها كما ينبغي.
1311– الأسرار الخمسة الأولى وضعت للكمال الروحيّ عند كلّ إنسانٍ في ذاته، والاثنان الأخيران لأجل السّلوك والتكاثر في الكنيسة كلها. فبالمعمودية نولد روحياً، وبالتثبيت ننمو في النعمة ونتقوى بالإيمان. وإذ نولد من جديد ونتقوى نتغذّى بغذاء الإفخارستيا الإلهية. وإذا سقطنا بالخطيئة في مرضٍ نفسيّ نشفى روحياً بالتوبة، وبمسحة المرضى روحياً وجسدياً على ما تقتضيه حالة النفس. أما بالكهنوت فالكنيسة تساس وتتكاثر روحياً، وبالزواج تنمو جسدياً.
1312– جميع هذه الأسرار تُجرى بثلاثة أمورٍ تتكوّن منها: أشياء تعدّ مادّتها، وأقوال تعدّ صورتها، وخادم السرّ الذي يمنح السرّ وهو ينوي أن يفعل ما تفعله الكنيسة. إذا نقص أحد هذه المقوّمات لم يتمّ السرّ.
1313– ثلاثةٌ من هذه الأسرار، أعني المعمودية والتثبيت والكهنوت، تطبع النفس بطابع خاصّ، أي بعلامة روحيةٍ لا تمّحي، وتميزّها من سائر الأسرار. ولهذا فهي لا تكرّر في الشخص الواحد. أما الأربعة الباقية فليس لها طابعٌ خاصّ وهي قابلةٌ التكرار.
1314– المركز الأول بين الأسرار للمعمودية، باب الحياة الروحية، فبها تصبح أعضاء المسيح وجسد الكنيسة. وبما أنه بالإنسان الأول دخل الموت في الجميع [رَ رو 5 : 12] فلا نستطيع على حدّ ما قال الحقّ، دخول ملكوت السماوات [رَ يو 3 : 5] إذا لم نولد بالماء والروح.
مادّة هذا السرّ الماء الحقيقيّ والطبيعيّ، سواءٌ كان بارداً أو حاراً.
صورته هي: “أنا أعمّدك باسم الآب والابن والروح القدس”. إلاّ أنّنا لا ننكر أن المعمودية تحصل حقيقة بالكلمات: “ليُعمّد عبد المسيح فلان باسم الآب والابن والروح القدس”، أو “بيديّ يعمّد فلان باسم الآب والابن والروح القدس”. فيما أن السببّ الرئيسيّ الذي تستمدّ منه المعمودية قوّتها هو الثالوث، والسّبب الآليّ هو الخادم الذي يمنح السرّ خارجياً، فإذا كان العمل الذي يقوم به هذا الخادم يقترن تعبيراً بدعوة الثالوث الأقدس، فالسرّ يتحقّق.
1315– خادم هذا السرّ هو الكاهن الذي تفرض عليه وظيفته أن يُعمّد، ولكن في حال الضرورة يستطيع منح هذا السرّ ليس الكاهن أو الشماس الإنجيلي وحدهما، بل العلمانيّ أو المرأة أيضاً، بل الوثنيّ والهرطوقيّ، بشرط التقيّد بصيغة الكنيسة وعقد النيّة على عمل ما تعمله الكنيسة.
1316– هذا السرّ يمحو كلّ خطيئة أصلية وفعليّة، وكل عقوبة تكفيريّة تفرضها هذه الخطيئة؛ ومن ثمّ لا يفرض على المعدين أيّ تعويض عن خطاياهم السالفة؛ وإن ماتوا قبل اقتراف أيّ خطيئة يبلغون حالاً ملكوت السماوات ومشاهدة الله.
1317– السرّ الثاني هو التثبيت، ومادّته الميرون المصنوع من زيت يعني نور الضمير، ومن طيبٍ يعني رائحة الصيت الطيّب، يباركه الأسقف. أمّا صورته فهي: “أسِمُك بسمة الصّليب، وأثبّتك بميرون الخلاص، باسم الآب والابن والروح القدس”.
1318– خادمه العاديّ هو الأسقف. وفيما يقوم الكاهن البسيط بجميع أنواع الدّهن، لا يقوم بدهن التّثبيت إلاّ الأسقف وحده، لأنّنا نقرأ أن الرّسل وحدهم، الذين يقوم الأساقفة مقامهم، كانوا يعطون الروح القدس بوضع اليد، كما نرى ذلك عندما نقرأ أعمال الرسل: “ولمّا سمع الرّسل الذين في أورشليم أنّ السامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا، فانحدرا وصليا لأجلهم لكي ينالوا الروح القدس، إذ لم يكن بعد قد حلّ على أحدٍ منهم، بل كانوا قد اعتمدوا فقط باسم الربّ يسوع؛ عندئذٍ وضعا أيديهما عليهم فنالوا الروح القدس”. [أع 8 : 14 – 17] فالتثبيت في الكنيسة يقوم مقام وضع اليد. ومع ذلك نقرأ أنه، بتفسيحٍ من الكرسي الرسولي، لضرورةٍ معقولة ملحّة قام كاهنٌ بسيط بمنح سرّ التثبيت بميرون من صنع الأسقف.
1319– بهذا السرّ يعطى الروح القدس روح القوّة كما أُعطي للرّسل نهار العنصرة، فيتقوّى به المسيحيّ فيعترف بجرأةٍ باسم المسيح. ولهذا فالمثّبت يدهن على الجبهة مركز الحشمة، لكي لا يحمرّ عندما يعترف باسم المسيح، ولا سيّما صليبه “عثرة اليهود وجهالة الأمم” [ر 1 كو 1 : 23] على حدّ قول الرسول: ولهذا نلمس الجبهة عندما نرسم إشارة الصليب.
1320– السرّ الثابت هو سرّ الإفخارسيتا، ومادّته خبز الحنطة وخمر الكرمة يضاف إليهما قبل التقديس قليلٌ من الماء. ويضاف الماء لشهادة الآباء القديسين ومعلّمي الكنيسة التي أثيرت أخيراً في النقاش وتبيّن منها أن الربّ قد يكون قد مزج الماء بالخمر عندما وضع هذا السرّ.
وفضلاً عن ذلك فإن هذا المزج أقرب إلى تمثيل آلام الربّ. والطوباوي البابا اسكندر، الخامس بعد الطوباوي بطرس، يقول: “في قرابين الأسرار التي تقدّم للربّ في حفلات القدّاسات، فليُقدّم للذبيحة الخبز والخمر ممزوجاً بالماء، فقط؛ إذ أنّه لا يقدّم في كأس الربّ خمرٌ فقط أو ماء فقط، بل مزيج من الاثنين، لأنهما كليهما، على حدّ ما نقرأ، أي الدم والماء خرجا من جنب المسيح [ر يو 19 : 34]. ثمّ إن هذا الأمر موافق لكونه يؤدي إلى التعبير عن مفعول هذا السرّ أي اتّحاد الشعب المسيحي بالمسيح. فالماء يعني الشعب على حدّ ما ورد في المقطع الثاني من الرؤيا: “مياهٌ كثيرة، شعوب كثيرة” [رؤ 17 : 15]. والبابا يوليوس، الثاني بعد الطوباوي سلفستروس، يقول: “إن كأس الربّ، بحسب تعليمات القوانين، يجب أن تُقدّم مزيجاً من خمرٍ وماء، إذ إننا نرى أنه يراد بالماء الشعب، وبالخمر دم الربّ، فعندما يمتزج في الكأس الخمر والماء، يكون الشعب متّحداً بالمسيح، وجمهور المؤمنين مرتبطاً بالذي يؤمن به”.
فيما أنّ الكنيسة الرومانية المقدسة مسترشدةٌ الطوباويين الرسولين بطرس وبولس، وجميع الكنائس الأخرى اللاتينية واليونانية التي تلألأت فيها أنوار كل قداسةٍ ومعرفة، والتي سلكت هذا السلوك منذ فجر الكنيسة الناشئة ولا تزال تتقيد به الآن، فيبدو من غير اللائق أن تصدف منطقة من المناطق عن هذا المجرى العام والمعقول. فنقرّر إذن أن يجري الأرمن أيضاً مجرى جميع العالم المسيحي، وأن يعمل كهنتهم، عند تقدمة الكأس، على مزج الخمر بقليل من الماء كما سلف القول.
1321– صورة هذا السرّ هي أقوال المخلّص التي أقام بها هذا السرّ؛ إذ أن الكاهن يقوم بهذا السرّ وهو يتكلّم باسم المسيح وشخصه. وهكذا بقوّة هذه الكلمات يتحوّل جوهر الخبز إلى جسد المسيح، وجوهر الخمر إلى دمه، ومع ذلك فالمسيح موجودٌ كاملاً تحت شكل الخبز، وكاملاً تحت شكل الخمر، ففي كل قسمٍ من القربان مقدّساً، ومن الخمر مقدّساً، عند انفصال هذا عن ذاك، يبقى المسيح كاملاً.
1322– مفعول هذا السرّ أنه يحقّق في نفس من يتقبّله باستحقاق، اتّحاد الإنسان بالمسيح. وبما أن الإنسان بالنّعمة يمتزج بالمسيح، ويتحدّ بأعضائه، فالنعمة في هذا السرّ تزداد عند من يتقبّلونه باستحقاق، وما يفعله الطّعام والشراب المادّيان في الحياة الجسدّية، من تقويةٍ وتنميةٍ، وإصلاح، وإمتاع، يفعله هذا السرّ في الحياة الروحية، إذ به، على حدّ ما يقول البابا أوربانوس (4 : 846) نسترجع في الفكر ذكرى مخلصنا الملأى بالنعمة، ونتخلّص من الشرّ، ونتقوّى بالصلاح، وننمو إلى مزيد من الفضائل والنّعم.
1323– السرّ الرابع هو سرّ التوبة ومادّته قائمة نوعاً ما على أفعال التوبة التي تقسم ثلاثة أقسام: الأول هو ندامة القلب والتوجّع من الخطيئة المقترفة، والتصميم على تجنبّها في المستقبل. والثاني هو الاعتراف الشفهيّ الذي يقتضي من الخاطئ أن يُقرّ لكاهنه؛ وهو يكون عادةً بالصلاة، والصوم، والصّدقة. صورة هذا السرّ هي كلمات الحلّ التي يفوه بها الكاهن عندما يقول: “أنا أحلّك”. وخادم هذا السرّ هو الكاهن الذي يملك سلطة الحلّ عادياً أو بتفويضٍ من أحد الرؤساء. ومفعول هذا السرّ يقوم بالحلّ من الخطايا.
1324– السرّ الخامس هو مسحة المرمضى ومادّته زيت الزيتون الذي باركه الأسقف. هذا السرّ لا يمنح إلاّ لمريضٍ تُخشى وفاته، ويجب أن يدهن على الأمكنة التالية: على العينين بسبب النّظر، وعلى الأذنين بسبب السمع، وعلى المنخرين بسبب الشمّ، وعلى الفم بسبب الذوق والكلام، وعلى اليدين بسبب اللمس، وعلى الرّجلين بسبب المشي، وعلى الحقوين بسبب المتعة التي تستمدّ منهما قوّتها. صورة هذا السرّ هي هذه: “بهذه المسحة وبرحمة الربّ المليئة بالشفقة، ليغفر لك الربّ جميع الخطايا التي ارتكبتها بالنظر…” وهكذا على سائر الأعضاء.
1325– خادم هذا السرّ هو الكاهن. أما مفعوله فهو شفاء النفس، وقد يكون أيضاً شفاء الجسد بقدر ما يكون ذلك مفيداً للنفس. وعن هذا السرّ قال الطوباويّ يعقوب الرسول: “هل فيكم مريض، فليدع كهنة الكنيسة وليصلّوا عليه، ويمسحوه بالزيت باسم الربّ، فإنّ صلاة الإيمان تخلّص المريض، والربّ ينهضه، وإن كان قد اقترف خطايا تغفر له (يع 5 : 14…).
1326– السرّ السادس هو سرّ الكهنوت، ومادّته هي ما تمنح الدرجة بتقديمه (إلى المرتسم). فالكهنوت يمنح بتقديم الكأس مع الخمر، والصينية مع الخبز، وتمنح الشمّاسيّة الإنجيلية، بتقديم كتاب الأناجيل، والشماسيّة الرسائلية بتقديم الكأس فارغةً مع الصينية فوقها فارغة. وكذلك تمنح الدرجات الباقية بتسليم الأشياء التي تتعلّق بوظيفتها.
صورة الكهنوت هي ما يلي: “تقبّل سلطة تقديم الذبيحة في الكنيسة من أجل الأحياء والأموات، باسم الآب والابن والروح القدس”. وهكذا بالنسبة إلى صورة سائر الدّرجات الواردة بإسهاب في كتاب الرّسامات الروماني. والخادم العاديّ لهذا السرّ هو الأسقف. ومفعوله هو إنماء النعمة، لكي يكون أحد الناس أهلاً لخدمة المسيح.
1327– السرّ السابع هو سرّ الزواج، رمز اتحاد المسيح والكنيسة، على حدّ قول الرسول: “إنّ هذا السرّ لعظيم، أقول هذا بالنسبة إلى المسيح والكنيسة” (أف 5 : 32). والعلّة الفاعلة في الزواج هي الرّضى المتبادل معبّراً عنه بالصوت الحيّ في كلمات ملفوظ بها.
يُعزى إلى الزواج ثلاث ميزات: الأولى إنجاب الأولاد وتنشئتهم لخدمة الله؛ والثانية الأمانة والوفاء بين الأزواج؛ والثالثة عدم انفصام الزواج، إذ أنه يمثّل اتحاد المسيح والكنيسة الذي لا ينفصل. وإذا كان من المباح، بسبب الزنى، الانفصال، فلا يجوز عقد زواج آخر، لأن رباط الزواج المعقود بحسب الشرع لا حلّ له أبداً.
[أدرجت هنا وثائق أخرى: شهادة إيمان أثناسيوس (75 – 76)، وقرار الاتحاد مع اليونانيين (1300 – 1398)، ومرسوم في إقامة بعض الأعياد مع الكنيسة الرومانية. ثم ختم الكل بالنص التالي:]
1328– بعد شرح هذه الأمور، لا بدّ لخطباء الأرمن من أن يقبلوا باسمهم الخاص، وباسم بطريركهم واسم جميع الأرمن، ويعتنقوا، بتقوى وخضوع، هذا القرار السينودسيّ المقدس جداً، بكل فصوله، وإعلاناته، وتحديداته، وتعاليمه، وأوامره ونظمه، وكلّ ما سُجّل فيه، مع كل ما يعتقده ويعلّمه كرسيّ الكنيسة الرومانية الرسوليّ المقدس. وليعترفوا في احترام بالمعلّمين الآباء القديسين الذين تؤيّدهم الكنيسة الرومانية. وكل ما تشجبه الكنيسة الرومانية من أشخاص وتعاليم، عليهم أن يشجبوه هم أيضاً.
Discussion about this post