مجمع العقيدة والإيمان
CONGRÉGATION POUR LA
DOCTRINE DE LA FOI
مذكّـرة عقيديّـة بشأن
NOTE DOCTRINALE CONCERNANT CERTAINES QUESTIONS SUR
L’ENGAGEMENT ET LE COMPORTEMENT DES CATHOLIQUES DANS LA VIE POLITIQUE
حاضرة الفاتيكان 2002
منشورات : اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام
جل الديب – لبنان
نشرت بعناية المجمع المقدس للكنائس الشرقية
الفاتيكان
مذكّـرة عقيديّـة بشأن قضايا تتعلّق بالتزام الكاثوليك وتصرّفهم في الحياة السياسيّة
إنَّ مجمع االعقيدة والإيمان، بعد أن اطّلع، في ما اطّلع عليه، على رأي المجلس الحبريّ للعلمانيّين، رأى من المناسب أن يذيع «المذكَّرة العقيديّة هذه، بشأن قضايا تتعلّق بالتزام الكاثوليك وتصرّفهم في الحياة السياسيّة».
تتوجّه هذه المذكّرة إلى مطارنة الكنيسة الكاثوليكيّة، وبنوع أخصّ إلى رجال السياسة الكاثوليك، وإلى جميع المؤمنين العلمانيّين المدعوّين إلى المشاركة في الحياة العامة والسياسيّة في المجتمعات الديمقراطيّة.
1- تعليم مستمرّ
1- على مدى ألفي سنة من التاريخ، تمَّ التزام المسيحيّين قضايا العالم بطرق مختلفة، منها الاشتراك في العمل السياسيّ: فالمسيحيّون، على حدِّ تأكيد كاتب مسيحيٍّ من القرون الأولى، «يشاركون في الحياة العامّة كمواطنين»[1]. والكنيسة تكرّم، من بين قدّيسيها، العديدَ من الرجال والنساء الذين خدموا الله بالتزامهم السخيّ في النشاطات السياسيّة والحكوميّة. ومنهم القديس توماس مور- وقد أُعلن شفيعاً للمسؤولين الحكوميّين ورجال السياسة – الذي عرف أن يشهد حتى الموت «لكرامة الضمير الراسخة»[2]. لقد رفض كلَّ مساومة، على الرغم من إخضاعه لشتّى أنواع الضغط النفسانيّ. وإذ لم ينكر البتّة ما تميّز به من «أمانةٍ ثابتة نحو السلطة والمؤسَّسات الشرعيّة»، أكّد بحياته وموته أنه «لا يمكن فصل الإنسان عن الله، ولا السياسة عن الأخلاق»[3].
تطالب المجتمعاتُ الديمقراطيّة الحاليّة، حيث لا يزال، بحقٍّ، يُدعى الجميع إلى الاشتراك في إدارة «الشأن العام» في جوٍّ من الحريّة الحقّة[4]، بأشكالٍ جديدة من المشاركة في الحياة العامة وأكثر اتّساعاً، من قبل المواطنين، أمسيحيّين كانوا أم لا. فالجميع، في الواقع، يمكنهم أن يُسهموا، باقتراعهم، في انتخاب السلطة التشريعيّة والمسؤولين الحكوميّين، ويمكنهم أيضاً، بوسائلَ أخرى، أن يشاركوا في إعداد توجيهات سياسيّة وفي اختبار شرائع تؤدّي، في نظرهم، إلى تحسين خدمة الخير العام[5]. وفي نظامٍ سياسيّ ديمقراطيّ، ليس بإمكان الحياة أن تجري وتأتي بالمنفعة بدون التزامٍ من الجميع فاعلٍ، مسؤولٍ وسخيّ. علماً أن ذلك يفترض «تنوعاً وتكاملاً في الأشكال والمستويات والواجبات والمسؤوليّات»[6].
«إن المؤمنين العلمانيّين الذين، بقيادة ضميرهم المسيحي»[7]، يتمّمون الواجبات المدنيّة العامّة، وفقاً للقيَم التي تتناسب وذاك الضمير، يتمّمون أيضاً المهمّة الموكولة إليهم في إنعاش النظام الزمنيإنعاشاً مسيحيّاً، محترمين فيه طبيعته واستقلاليّته الشرعيّة[8]، ومساهمين مع سائر المواطنين وفقاً لكفاءتهم المميّزة ومسؤوليّتهم الخاصّة[9]. ينجم عن تعليم المجمع الفاتيكانيّ الثاني الأساسيّ هذا «أنه لا يمكن المؤمنين العلمانيّين التخلّي إطلاقاً عن المشاركة في “السياسة”، أي في العمل المتعدّد الوجوه، الاقتصاديّ والاجتماعيّ والتشريعيّ والإداريّ والثقافيّ الذي يهدف إلى تعزيز الخير العام نظاميّاً وبواسطة المؤسّسات»[10]. يتضمّن هذا الخيرُ العام الدفاعَ عن الحقائق وتعزيزَها، من مثل النظام العام والسلام، والحريّة والمساواة، واحترام الحياة البشريّة والبيئة، والعدالة والتضامن، إلخ…
لا تدّعي المذكّرة الحاضرة أن تطرح مجدّداً بأكمله تعليم الكنيسة في هذا الشأن؛ فلقد اختُصر في جوهره في كتاب التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة. إنما تريد أن تذكّر ببعض المبادىء الخاصّة بالضمير المسيحيّ، التي تلهم التزام الكاثوليك الاجتماعيّ والسياسيّ في المجتمعات الديمقراطيّة[11]، لأنه في الأزمنة الأخيرة، غالباً ما تسبّب تسارعُ الأحداث في ظهور توجّهات ملتبسة ومواقفَ قابلةٍ للجدال جعلت من النافع إيضاح هذه المسألة في أبعادها وملامحها المهمّة.
2- بعض النقاط الأساسيّة في النقاش الثقافيّ والسياسيّ الراهن
2- دخل المجتمع المدنيّ، في الوقت الحاضر، مساراً ثقافيّاً معقّداً يشير إلى نهاية مرحلة وإلى الحَيرة تجاه مرحلة أخرى أخذت تبزغ في الأفق. إن الانتصارات العظمى التي نشهد تدعو إلى التحقّق من المسيرة الإيجابيّة التي خطتها البشريّة في التقدّم وفي اكتساب أسباب حياةٍ أكثر إنسانيّة. إن تنامي المسؤوليّة إزاء بلدان ما زالت في طريق التطوّر هو بالتأكيد علامة بالغة الأهميّة تظهر تحسساً متزايداً في سبيل الخير العام. إلاّ أنه لا يمكن إغفال مخاطر جسيمة تقود إليها ميولٌ ثقافيّة، تريد توجيه التشريعات، وبالنتيجة توجيه تصرّفاتِ الأجيالِ الصاعدة.
نلاحظ اليوم نوعاً من النسبيّة الثقافيّة التي تَظهرُ بجلاء في إطلاق نظريّة التعدّديّة الخلقيّة والدفاع عنها، علماً أن التعدّديّة تبرهن عن انحطاط العقل ومبادىءِ الشريعة الأدبيّة الطبيعيّة وانحلالها. في خط هذه النزعة، ليس من النادر، ويا للأسف!، أن نجد، في التصريحات العامة، أدّعاءاتٍ تؤكد أن مثل هذه التعدّديّة الخلقيّة هي شرط من شروط الديمقراطية[12]. فينجم عن ذلك، من جهة، أن المواطنين يطالبون، في ما يخصّ خياراتهم الأدبيّة الشخصيّة، الاستقلاليّة الكاملة، بينما، من جهة ثانية، يظنّ المشرّعون أنهم يضطرّون إلى احترام حريّة الاختيار هذه، فيصوغون قوانين تزدري مبادىءَ الأخلاق الطبيعيّة، كي يُظهروا حلمهم فقط إزاءَ توجّهاتٍ ثقافيّة أو أدبيّة عابرة[13]، كأن جميعَ مفاهيم الحياة الممكنة تتساوى في قيمتها. وفي الوقت عينه، يُتذَرَّع خداعاً بالاهتمام بالمساواة، فيُطلب من قسمٍ كبير من المواطنين – وبالأَخصّ من الكاثوليك – أن يتخلَّوا عن المشاركة في الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة في وطنهم بالذات، وفقاً لمفهوم الإنسان والخير العام الذي يعتبرونه إنسانيّاً حقيقياً وعادلاً. وهذا المفهوم من الواجب تحقيقه بالوسائل المشروعة التي يضعها النظامُ القانونيُّ الديمقراطيُّ بالتساوي في تصرّف كلّ أعضاء الجماعة السياسيّة. يكفي ما حدث في تاريخ القرن العشرين كي يُثبت أنهم على حقٍّ المواطنون الذين يعتبرون خاطئاً تماماً المبدأ النسبيَّ الذي يُنكر وجود نظام أدبيّ متأصّلٍ في طبيعة الكائن البشريّ نفسها، وأنّ كلَّ مفهومٍ للإنسان والخير العام والدولة، يجب أن يخضع لحكم هذا النِظام الأدبيّ.
3- هذا المفهوم النسبيّ للتعدّديّة لا علاقة له مع الحريّة الشرعيّة التي يتمتّع بها المؤمنون الكاثوليك كي يختاروا، ما بين الآراء السياسيّة الملائمة للإيمان وللشريعة الأدبيّة الطبيعيّة، الرأيَ الذي، وفقاً لمعيارهم الخاصّ، يتناسب بالأفضل ومتطلَّباتِ الخير العام. لا ترتكز الحريّة السياسيّة، ولا يمكن أن ترتكز، على الفكرة النسبيّة التي، وَفقاً لها، تمتلك جميعُ مفاهيم خير الإنسان الحقيقة ذاتها والقيمة ذاتها، بل هي ترتكز بالأحرى على أن النشاطات السياسيّة تهدف، في كلّ حالة بمفردها، إلى منجزاتٍ بالغة الواقعيّة للخير الإنسانيّ والاجتماعيّ الحقّ، في إطارٍ تاريخيّ جغرافيّ، اقتصاديّ، تقنيّ وثقافيّ واضح المعالم.
في الغالب يولّد التحقيقُ العمليُّ وتنوّع الظروف العديدَ من التوجّهات والحلول، التي من الواجب أن تتوافق والمبادىءَ الأدبيّة. لا يعود إلى الكنيسة أن تصوغ حلولاً عمليّة – ولا بالأخصّ حلولاً وحيدة – بشأن قضايا زمنيّة أوكل اللهُ حلّها إلى حكمِ كلّ فردٍ الحرّ المسؤول، مع أنه يحقّ للكنيسة بل يجب عليها، أن تصدر أحكاماً أدبيّة بشأن وقائع زمنيّة عندما الإيمان والشريعة الأدبيّة يقتضيان ذلك[14]. وإذا كان على المسيحيّين «أن يرضوا بالتعدّديّة الشرعيّة وبتنوّع الخيارات الزمنيّة»[15]، فهم يُدعَون أيضاً إلى مناهضة مفهومٍ للتعدّديّة يتّسمُ بالنسبيّة الأدبيّة التي تلحق الضرر بالحياة الديمقراطيّة نفسها، فيما هي بحاجةٍ إلى أسسٍ حقيقيّة راسخة، أي إلى مبادىءَ خلقيّة، «غيرِ قابلةٍ للتداول»، تجعل من طبيعتها ودورها أساساً للحياة الاجتماعيّة.
على صعيد النضال السياسيّ العمليّ، تجدر الإشارة إلى أن الطابعَ الطارىءَ الذي تتّسم به بعضُ الخيارات الاجتماعيّة، وواقعَ تعدّد الخطط الممكن في الغالب اعتمادُها لتحقيق القيمة الأساسيّة ذاتها أو لضمانها، وإمكانيّةَ التفسير، بطريقة مختلفة، لبعض المبادىء التي ترتكز عليها النظريّة السياسيّة، وأيضاً التعقيدَ التقنيَّ الذي يطال جزءًا كبيراً من القضايا السياسيّة، كلّ ذلك يشرح إجمالاً وجود العديد من الأحزاب التي يختار الكاثوليك أن يناضلوا داخلها وأن يمارسوا – بالأخص بواسطة التمثيل البرلماني – حقوقهم وواجباتهم في الإسهام في بناء الحياة المدنيّة الوطنيّة[16]. لا يمكن هذا التحليل الواضح أن يخالط تعدّديّةً لامحدودةً في اختيار المبادىء الأدبيّة والقيمَ الأساسيّة التي نحن في صددها. فالتعدّديّة الشرعيّة للخيارات الزمنيّة تحفظ سالماً المبدأ الذي ينبع منه التزام الكاثوليك في الحياة السياسيّة، وذلك المبدأُ يُرشد رأساً إلى العقيدة المسيحيّة الأدبيّة والاجتماعيّة. هذا هو التعليم الذي يجب على العلمانيّين الكاثوليك أن يتقيّدوا به على الدوام كي يتأكدوا من أن مشاركتهم في الحياة السياسيّة تتّسم بمسؤوليّةٍ متماسكةٍ في مواجهة الحقائق الزمنيّة.
تعي الكنيسة أن سبيل الديمقراطيّة، من جهة، يعبّر أحسن تعبير عن مشاركة المواطنين المباشرة في الخيارات السياسيّة؛ وأنه، من جهة أخرى، يتعذّر ذلك إلاّ بمقدار ما يرتكز على مفهوم للشخص[17] صحيح. استناداً إلى هذا المبدإ لا يمكن التزامُ الكاثوليك أن يتحمّل أيّ مساومة، وإلاّ انعدمت شهادةُ الإيمان المسيحيّ في العالم، ووحدةُ المؤمنين أنفسِهم وتماسكهم الداخليّ. الهيكليّة الديمقراطيّة التي تبغي دولةٌ حديثة أن تُشاد عليها تُصاب بالهشاشة إن هي لم ترتكز على محور طابع الشخص. على كلِّ حال، باحترام الشخص تصبح ممكنةً المشاركةُ الديمقراطيّة. «حمايةُ حقوق الشخص شرطٌ ضروريٌّ كي يستطيعَ المواطنون، أفراداً وجماعات، أن يشتركوا اشتراكاً فعليّاً في حياة الدولة وإدارة شؤونها»، على حدّ ما جاء في تعليم المجمع الفاتيكاني الثاني[18].
4- انطلاقاً من ذلك تمتدّ الشبكة المعقَّدة للإشكاليّات الحاضرة التي لم تواجهها تساؤلات القرون السالفة. فالانتصارات العلميّة سمحت بالبلوغ إلى أهداف تهزّ الضمائر وتضطرّ إلى إيجاد حلول قادرة على احترام المبادىء الخلقيّة بطريقة متماسكة راسخة. فعلى العكس من ذلك نشهد محاولاتِ تشريع تهدف إلى تحطيم طابع الحياة البشريّة الذي لا يجوز مسُّه، دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي تترتّب من جرّاء ذلك بشأن وجود الشعوب ومستقبلهم في مضمار التنشئة الثقافيّة والتصرّفات الاجتماعيّة. في مثل هذا الوضع، يحقّ للكاثوليك ويجب عليهم أن يتدخّلوا كي يذكّروا بمعنى الحياة في أعمق ما فيها، وبالمسؤوليّات المنوطة بالجميع، بشأن هذا الموضوع. وفي خطّ تعليم الكنيسة القويم والدائم، كرّر يوحنا بولس الثاني مراراً أن الملتزمين مباشرةً السلطاتِ التشريعيّة «يُفرض عليهم بالتحديد أن يناهضوا» كلَّ قانون يتبيّن أنه محاولة اعتداءٍ على الحياة البشريّة. إنه يستحيل عليهم، كما على كلّ كاثوليكيّ، أن يشاركوا في حملات تأليب الرأي لصالح مثل تلك القوانين، ولا يُسمح لأحد أن يساندها بالاقتراع[19]. وكما علّم ذلك يوحنا بولس الثاني في الرسالة العامة «إنجيل الحياة» بشأن الوضع الذي فيه يتعذّر كليّاً تحاشي أو إبطال قانونٍ يسمح بالإجهاض قد دخل حيّز التنفيذ أو طُرح للاقتراع، فإنه يسوغ «لعضوٍ في البرلمان، في حال اعتلان معارضته الشخصيّة المطلقة على الإجهاض وشيوعها عند الجميع، أن يُدلي بدعمه لمقترحات تهدف إلى الحدّ من أضرار مثل هذا القانون، والتخفيف من مفاعيله السلبيّة على صعيد الثقافة والأخلاق العامّة»[20].
في هذا الإطار، يجب التذكير بأن الضمير المسيحيّ الكامل التنشئة لا يسمح لأحد بأن يشجّع باقتراعه تنفيذ مشروع سياسيّ أو قانون يُقصى منهما محتوى الإيمان والآداب الأساسيّ، بعرض مقترحات تختلف عن ذاك المحتوى أو تضادّه. بما أن الإيمان وحدةٌ لا تتجزأ، ليس من المنطق أن يُعزل أحد عناصره على حساب مجمل العقيدة الكاثوليكيّة. الالتزام السياسيُّ لصالح ظاهرة منعزلة من عقيدة الكنيسة الاجتماعيّة لا يكفي كي يؤمّن كلّياً ما يترتّب من مسؤوليّة لأجل الخير العام. ولا يمكن الكاثوليك أيضاً التفكير بأن يفوّضوا لآخرين الالتزام الذي أناطه بهم إنجيل يسوع المسيح، كي تستطيع الحقيقة حول الإنسان وحول العالم أن تعلن وتتحقّق.
عندما يواجه العملُ السياسيّ مبادىءَ أدبيّة لا تقبل أيّ مخالفة، أو استثناء، أو أدنى مساومة، يصبح التزام الكاثوليك أكثرَ وضوحاً ومثقّلاً بالمسؤوليات. إزاء تلك المتطلّبات الخلُقيّة الأساسيّة التي لا يمكن التنكّر لها، على المسيحيّين أن يدركوا أن جوهر النظام الأدبيّ معرّض للخطر، النظام الذي يعني خير الشخص برمّته. هذه هي حال القوانين المدنيّة الخاصّة بالإجهاض والموت الرحيم (يجب هنا التمييز بينه وبين التخلّي عن الإلحاح العلاجيّ، الشرعيّ حتى من الوجهة الأدبيّة)، تلك القوانين الواجب عليها أن تذود عن الحقّ الأوليّ بالحياة منذ الحبل حتى النهاية الطبيعيّة.
بالطريقة عينها، علينا التذكير بواجب احترام وحماية حقوق الجنين البشريّ، وكذلك الاهتمام بالذَّود عن الأسرة وتعزيزها، الأسرة المبنيّة على الزواج الوحيد الزوج بين شخصين من جنس مختلف، تؤمَّن لها الحماية في وحدتها واستقرارها، بإزاء القوانين الحديثة حول الطلاق: لا واحدَ من أشكال الحياة المشتركة يمكن أن يشابهها قانونيّاً بأيّ طريقة كانت، ولا يمكنه أن يضفى عليه، بصفته تلك، أيُّ اعتراف شرعيّ.
كذلك يُعتبر ضمانُ حريّة تربية الأولاد حقّاً من حقوق الوالدين راسخاً، وقد اعترفت به، من بين من اعترف، الإعلانات الدوليّة لحقوق الإنسان. وفي هذا الاتجاه، يجدر التفكير بحماية القاصرين الاجتماعية وبتحرير ضحايا أشكال العبوديّة الحديثة (وهنا نفكّر مثلاً بالمخدّرات واستغلال البغاء). ولا يمكن أن نقصي من هذه اللائحة الحقَّ في الحريّة الدينيّة، والتنشيط في اتجاه اقتصاد يكرَّس لخدمة الشخص والخير العام، ويتحلّى باحترام العدالة الاجتماعيّة، ومبدإ التضامن البشريّ والمساعدة، اقتصادٍ يريد «أن يُعترف بحقوق جميع الأشخاص وجميع الأُسر وجميع الفئات، وبممارسة تلك الحقوق»[21].
أخيراً، كيف لنا ألاّ نرى في تلك الأمثال موضوع السلام العظيم. هناك رؤية سلاميّة إيديولوجيّة تنزع أحياناً إلى إضفاء معنىً دنيويّ على أهميّة السلام القيّمة، بينما في ظروف أخرى يُقتصر على إبداءِ حكمٍ خلقيّ وجيز، متناسين تعقيد الأسباب مدارِ البحث. السلام هو على الدوام «عمل العدالة ونتيجة المحبّة»[22]؛ إنه يقتضي الرفضَ الجذريَّ والمطلق للعنف والإرهاب، ويتطلّب الالتزامَ الدائم واليقظ من قبل الذين أنيطت بهم مسؤوليّة سياسيّة.
3- مبادىءُ العقيدة الكاثوليكيّة حول العلمنة والتعدّديّة.
5- إزاء تلك القضايا، إذا كان من المسموح به قبولُ تعدّديّةِ منهجيّاتٍ تعكس حساسيّات وثقافاتٍ مختلفة، إلاّ أنه لا يمكن أيَّ مؤمنٍ مسيحيّ أن يتذرّع بمبدإ التعدّديّة واستقلاليّة العلمانيّين بشأن السياسة كي يسهّل حلولاً تعرّض للخطر المتطلّبات الخلقيّة الأساسيّة لخير المجتمع العام، أو تخفّف من المحافظة عليها. لا نعني «قيماً مذهبيّة» بحدّ ذاتها، لأن مثل تلك المتطلّبات الخلقيّة متأصّلة في الكائن البشريّ وتندرج في الشريعة الأدبيّة الطبيعيّة. إنها لا تتطلّب من الذين يدافعون عنها إعلانهم للإيمان المسيحيّ، حتى إذا كانت عقيدة الكنيسة تؤكّد تلك المتطلّبات الخلقيّة وتحميها على الدوام وفي كلّ مكان خدمةً منها مجرَّدة للحقيقة الخاصّة بالإنسان وبخير المجتمع المدنيّ العام. من جهة أخرى، لا يمكننا أن ننكر أن السياسة مضطرَّةٌ هي أيضاً إلى أن تعود إلى مبادىءَ تتحلّى بقيمة مطلقة، لأنها بالتأكيد وُضعت لخدمة الكرامة الإنسانيّة والتقدّم البشريّ الحقيقيّ.
6- إن التذكير المتكرِّر بما يخصّ «العلمنة» والذي يجب أن يقود التزام الكاثوليك يتطلّب توضيحاً، ليس فقط من الوجهة التعبيريّة ومن باب المصطلحات. إن التعزيز، ضميريّاً، لخير المجتمع المدنيّ العام، لا علاقة له البتّة «بالمذهبيّة» أو التعصّب الدينيّ. بالنسبة إلى العقيدة الأدبيّة الكاثوليكيّة، تُعتبر العلمنة قيمةً اقتنتها الكنيسة واعترفت بها، بصفتها استقلالاً تتمتّع به الدائرة المدنيّة والسياسيّة بالنسبة إلى الدائرة الدينيّة والكنسيّة – ولكن لا بالنسبة إلى الدائرة الأدبيّة –، علماً أن العلمنة تخصّ تراث الحضارة التي بُلِّغناها[23]. ولقد حذّر البابا يوحنا بولس الثاني مراراً من الأخطار التي يتسبّب بها كلُّ اختلاط بين الدائرة الدينيّة والدائرة السياسيّة. «إنّا نبلغ أوضاعاً دقيقةً للغاية عندما مبدأٌ دينيٌّ بالكليّة يصبح، أو يكاد، قانونَ دولة دون الأخذ بعين الاعتبار، كما يجب، التمييزَ بين صلاحيّات الديانة وصلاحيّات المجتمع السياسيّ. التماهي بين القانون الدينيّ والقانون المدنيّ، يمكنه في الواقع أن يخنق الحريّة الدينيّة ويتوصّل إلى الحدّ من سائر حقوق الإنسان الثابتة أو إلى نكرانها»[24].
يعي جميعُ المؤمنين كلَّ الوعي أن الأعمال المميِّزة دينيّاً (إعلان الإيمان، ممارسة أعمال العبادة أو الأسرر، العقائد اللاهوتيّة، التواصل المتبادل بين السلطات الدينيّة والمؤمنين، إلخ) تبقى خارج صلاحيّة الدولة التي عليها ألاّ تتدخّل في هذه الأمور، ولا أن تجبر عليها، بأيّ طريقة كان، أو تمنعها، ما عدا في حال ضرورةٍ ترتكز إلى النظام العام. الاعترافُ بالحقوق المدنيّة والسياسيّة، والتصرّف بالخدمات العامّة لا يمكن أن تكون رهينة قناعات أو أداءات ذاتِ طبيعةٍ دينيّة تصدر عن مواطنين.
وعلى العكس من ذلك، لا يمكن إغفالُ حقِّ وواجبِ المواطنين الكاثوليك، وكذلك سائر المواطنين، في أن يبحثوا بصدقٍ عن الحقيقة، وأن ينشّطوا ويحموا، بوسائل مشروعة، الحقائقَ الأدبيّة الخاصّةَ بالحياة الاجتماعيّة والعدالة والحريّة واحترام الحياة، وبسائر حقوق الإنسان. ولما كانت بعضٌ من تلك الحقائق تعلّمها الكنيسة فذلك لا يقلّل البتّة من الشرعيّة المدنيّة ولا من «العلمنة» اللتين يعترف بهما البعضُ في التزامهم، خارجاً عن الدور الذي لعبه، في اكتشاف كلِّ مواطن، البحثُ العقلانيُّ واليقينُ الناجمُ عن الإيمان. «فالعلمنة» تعني أولاً موقف الذي يكنّ احتراماً للحقائق النابعة من المعرفة الطبيعيّة للإنسان العائش في مجتمع، حتى ولو علّمت تلك الحقائق ديانةٌ خاصّة، لأن الحقيقة واحدة. وإنه لخطأٌ الخلطُ بين الاستقلاليّة الحقّة التي يتحلّى بها الكاثوليك في السياسة، والمطالبة بمبدإٍ يزدري تعليم الكنيسة الأدبيّ والاجتماعيّ.
إن السلطة التعليميّة في الكنيسة، بتدخّلها في هذا الميدان، لا تبغي ممارسةَ سلطةٍ سياسيّة ولا أن تلغي حريّة الرأي عند الكاثوليك بشأن أمور طارئة. بل على العكس من ذلك، – ووفقاً لرسالتها – إنها تريد أن تربّي وتنير ضمير المؤمنين، وبخاصةٍ منهم أولئك الذين يتكرّسون للحياة السياسيّة، كي يعود عملهم دائماً بالخير في خدمة التعزيز الكامل للإنسان وللخير العام. تعليم الكنيسة الاجتماعيّ ليس تطفّلاً على سياسة البلاد. إنه يخلق حقّاً واجباً أدبيّاً متماسكاً، داخل ضمير المؤمنين العلمانيّين، ذاك الضمير الواحد الأحد.
«في حياتهم [المؤمنين]، لا يمكن أن تكون هناك حياتان متوازيتان، من جهة الحياة المدعوّة “روحيّة” مع كلِّ قيَمها ومتطلّباتها؛ ومن جهة أخرى، الحياة المدعوّة “عالمية”، أي حياة الأسرة والعمل والعلاقات الاجتماعيّة والالتزام السياسيّ والنشاطات الثقافيّة. الغصن المطعَّم في الكرمة التي هي المسيح يؤتي ثماره في كلّ قطاع من النشاط والوجود. في الواقع، كلُّ قطاعات الحياة العلمانيّة تدخل في التدبير الإلهيّ، ويريدها “مكاناً تاريخيّاً” للوحي ولتحقيق محبة يسوع المسيح لمجد الله الآب ولخدمة الإخوة. كلُّ نشاط، كلُّ وضع، كلُّ التزامٍ عمليّ – من مثل الخبرةِ والتضامن في العمل، والحبِّ والتفاني في الأسرة وفي تربية الأولاد، والخدمةِ الاجتماعيّة والسياسيّة، وعرضِ الحقيقة في عالم الثقافة – هذه كلّها فرصٌ توفّرها العناية الإلهيّة في سبيل ممارسة متواصلة للإيمان والرجاء والمحبّة»[25].
العيش والعمل في السياسة، وَفقاً للضمير، لا يعنيان الانقياد لمواقف غريبة عن الالتزام السياسيّ أو لشكل من أشكال الطائفيّة؛ بل إنهما تعبير يُسهم بهما المسيحيّون مساهمة متماسكة حتى يسودَ، من خلال السياسة، نظامٌ اجتماعيٌّ أكثر عدلاً، يتوافق وكرامةَ الشخص البشريّ.
في المجتمعات الديمقراطيّة تُطرح جميعُ الاقتراحات للمناقشة وتقوَّم بحريّة. فالأشخاص الذين، باسم احترام الضمير الفرديّ، يريدون أن يروا في واجب تناغم المسيحيّين الأدبيّ مع ضميرهم، ذريعةً كي يقصوهم سياسيًّا، حارمين إيّاهم من حقّ العمل السياسيّ، وفقاً لقناعاتهم بشأن الخير العام، هؤلاء الأشخاص يسقطون في شكل من أشكال العلمنة لا يُطاق. من هذا المنظور، يُراد في الواقع أن يُحرم الإيمانُ المسيحيُّ ليس فقط كلَّ أهمية سياسيّة وثقافيّة بل حتى إمكانيّة التحلّي بخلُقيّة طبيعيّة. وإذا كان الأمر كذلك، فلسوف يمهَّد السبيل لفوضى أدبيّة لا يمكن البتّة أن تقارن بأيّ شكل من أشكال التعدّديّة الشرعيّة. إن تسلّط الأقوى على الضعيف سوف يُفضي صراحةً إلى مثل هذا الموقف. من جهة أخرى، تهميش المسيحيّة لن يعمل على خدمة ما تتوق إليه الجماعة من مستقبل، ولا إلى الوفاق بين الشعوب. وعلاوةً على ذلك، سوف يدكُّ التهميش أسس الحضارة الثقافيّة والروحيّة[26]
4 – خواطر بشأن مظاهر خاصّة
7- في ظروفٍ حديثة العهد، حصل أنه، حتى داخل جمعيّات أو منظمات ذات ميل كاثوليكيّ، ظهرت توجّهات لصالح قوى أو حركات سياسيّة عبّرت عن مواقف تناهض تعليم الكنيسة الأدبيّ والاجتماعيّ، بشأن قضايا خلقيّة أساسيّة. إن مثل تلك الخيارات والتواطوءات لا تتوافق والانتماءَ إلى جمعيّات أو منظمات تطلق على نفسها صفة الكاثوليكيّة، لأنها تناقض مبادىءَ أساسيّة للضمير المسيحيّ. وبالمِثل، تجدر الإشارة إلى أنَّ مجلاّتٍ ودوريّاتٍ كاثوليكيّة تصدر في بعض البلدان، قد أعطت لقرائها، بمناسبة خيارات سياسيّة، توجيهاً ملتبساً متفككاً، يفسّر بطريقة مشبوهة معنى استقلاليّة الكاثوليك في السياسة، دون الأخذ بعين الاعتبار المبادىءَ الواجبَ الاستناد إليها.
الإيمان بيسوع المسيح الذي أعلن عن نفسه أنه «الطريق والحقّ والحياة» (يو 14: 6)، يتطلّب من المسيحيّين جهداً للإسهام، بأسمى ما يكون الالتزام، في بناء ثقافة تعرضُ مجدّداً، وقد استلهمت الإنجيل، تراث قيَم التقليد الكاثوليكيّ ومحتواه. إن ضرورة عرض ثمرة تراث الكثلكة الروحيّ والفكري والأدبيّ بتعابير ثقافيّة عصريّة تبدو اليوم ملحّةً ولا قِبل لإرجائها، منعاً بالأخصّ لتشرذم الكاثوليك الثقافيّ. وعلاوةً على ذلك، إن الثقلَ الثقافيَّ المقتنى ونضوجَ الاختبار في الالتزام السياسيّ اللذين عرف الكاثوليك أن يطوّروهما، في عدّة بلدان، بالأخصّ في العقود التي تلت الحرب العالميّة الثانية، لا يمكنهما أن يولّدا فيهم أيّ مركّبِ نقصٍ إزاء اقتراحات أخرى كشفَ التاريخُ الحديثُ ضَعفها أو فشلَها الذريع. لا يكفي أن نفكّر، وفي هذا انتقاصٌ، أن التزام الكاثوليك الاجتماعيّ يمكن أن يقتصر على تبديل بسيط في البنى، لأن التبديلات سوف تُبنى دائماً على أسسٍ واهية، إذا هي لم ترتكز على ثقافة قادرة على أن تتقبّل وتبرّر وتواجه المتطلّبات الناجمة عن الإيمان والآداب.
لم يدّعِ الإيمانُ يوماً حصرَ العناصر الاجتماعيّة – السياسيّة في إطارٍ جامد، لوعيه أن البعد التاريخيّ الذي يعيش فيه الإنسان يتطلّب الأخذ بعين الاعتبار مواقف ناقصة وغالباً ما تخضع لتبدّل سريع. من هذا القبيل يجب الإقلاعُ عن مواقف سياسيّة وتصرّفات تستوحي رؤية خياليّة تتلاعب بالرسالة الدينيّة، بتحويرها الإيمان البيبليّ إلى نوعٍ من النبويّة تُعرض عن الله، وتوجّه الضمير نحو رجاءٍ محض أرضيّ يلغي التوقَ المسيحيَّ نحو الحياة الأبديّة أو ينقصه.
في الوقت عينه، تعلّم الكنيسة أن لا حريّة صحيحة بدون حقيقة. فلقد كتب يوحنا بولس الثاني «أن الحقيقة والحريّة تسيران على قدمِ المساواة، وإلاّ هلكتا معاً ببؤسٍ»[27]. في مجتمع لا يكترث للحقيقة، أو لا يعمل للبلوغ إليها، يضعف أيضاً كل شكل ممارسة صحيحة للحريّة، فينفسح المجال أمام موقف تحرّريّ وانفراديّة تلحقان الضرر بحماية خير الإنسان والمجتمع بأكمله.
في هذا الصدد، يحسن بنا أن نذكّر بحقيقة قلّما يُكترث لها اليوم، أو لا يعبَّر عنها بدقّة في الرأي العام المتداول، ألا وهي أنّ الحقَّ بحريّة الضمير، وبالأخصّ بالحريّة الدينيّة، الذي أعلنه بيانُ المجمع الفاتيكانيّ الثاني، «الحريّة الدينيّة»، يرتكز على كرامة الشخص البشريّ الكيانيّة، ولا، في أيّ حال، على تساوي لا وجودَ له بين الأديان وبين أنماط ثقافيّة بشريّة [28]. وفي هذا المعنى، أكدّ البابا بولس السادس أن «المجمع لا يركّز، بأيّ حال، هذا الحقّ على واقع أن جميع الأديان وجميع العقائد، حتى المغلوطة، المتعلّقة بهذا الميدان، تتمتّع بقيمة متساوية تعلو أو تقلُّ. هذا الحق يُرسيه المجمع على كرامة الشخص البشريّ، التي تفرض عدم الخضوع لأيّ ضغوطات خارجيّة تهدف إلى الطغيان على ضميره في البحث عن الديانة الحقيقيّة وفي الانتماء إليها»[29]. تأكيد حريّة الضمير والحريّة الدينيّة لا يناقض إذاً في شيء حكم العقيدة الكاثوليكيّة على اللامبالاة والنسبيّة الدينيّة[30]، بل بالأحرى إنها على تمام التوافق معها.
5 – الخاتمة
9- التوجيهات التي أعطيت في هذه المذكّرة تريد أن تسلّط الضوءَ على أحد أهمّ مظاهر وحدة الحياة المسيحيّة: التماسك بين الإيمان والحياة، بين الإنجيل والثقافة، التي ذكّر بها المجمع الفاتيكاني الثاني. يحرّض المجمع المؤمنين «على القيام بمهامّهم الأرضيّة في غيرةٍ وأمانة، يقودهم روح الإنجيل. وإنه ليحيدُ عن الحقيقة أولئك الذين عرفوا أن ليس لنا ههنا مدينة باقية بل إنما نطلب الآتية، فظنوا بسبب ذلك أنهم يستطيعون إهمال واجباتهم الأرضيّة، ولم يفطنوا إلى أن الإيمان نفسه يشدّد على القيام بها، وفاقاً للدعوة التي دُعي إليها كلُّ إنسان». عسى المؤمنين يرغبون في أن يُتاح لهم «أن يقوموا بجميع نشاطاتهم الأرضيّة، جامعين في هيكليّة حياتيّة، الجهود الإنسانيّة والعيليّة والمهنيّة والعلميّة أو التقنيّة، إلى القيمَ الدينيّة التي ينتظم كلُّ شيءٍ فيها نهجاً سامياً يقود إلى مجد الله»[31].
إن الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني صادق على هذه المذكّرة وأمر بنشرها، في أثناء مقابلة 21 من تشرين الثاني 2002، بعد أن قرّرتها الجمعيّة العاديّة لمجمع العقيدة والإيمان.
روما، في مقرّ مجمع العقيدة والإيمان، في 24 من تشرين الثاني2002، في يوم الاحتفال بعيد المسيح ملك الكون.
+ الكردينال جوزف راتسينغر- الرئيس
+ تريسيو برتوني رئيس أساقفة فرتشلّي الفخري – أمين السرّ
فهرس الصفحة:
1- تعليم مستمر
2- بعض النقاط الأساسية في النقاش الثقافي والسياسي الراهن
3- مبادىء العقيدة الثالوثية حول العلمنة والتعددية
4- خواطر بشأن مظاهر خاصّة
5- الخاتمة
[1] رسالة إلى ديوغنيت، 5، 5؛ را أيضاً التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، الرقم 2240.
[2] يوحنا بولس الثاني، الإرادة الرسوليّة التلقائيّة لإعلان القديس توماس مور شفيعاً للمسؤولين الحكوميّين (31 تشرين الأول 2000)، الرقم 1: أ ك ر(AAS) 93 (2001)، 76؛ «مجلة التوثيق الكاثوليكي» 97 (2000)، ص 1001.
[3] المرجع نفسه، الرقم 4: أ ك ر، ص 78 – 79؛ «مجلة التوثيق الكاثوليكي»، ص 1002-1003.
[4] را المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور الراعوي «فرح ورجاء»، الرقم 31؛ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكية، الرقم 1915.
[5] را المجمع الفاتيكاني الثاني، «فرح ورجاء»، الرقم 75.
[6] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسوليّ «العلمانيون المؤمنون بالمسيح» (30 كانون الأول 1988)، الرقم 42، أ ك ر 81 (1989)، 393 – 521؛«التوثيق الكاثوليكي» 86 (1989)، ص 177. المذكرة العقيديّة الحاضرة تتعلّق طبعاً بالتزام المؤمنين العلمانيين السياسيّ. يحق للرعاة، بل من واجبهم، أن يعرضوا المبادىء الأخلاقيّة في ما يخصّ أيضاً النظام الاجتماعيّ؛ «إلاّ أن المشاركة الفعّالة في الأحزاب السياسيّة منوطة فقط بالعلمانيّين» (المرجع نفسه، الرقـم 60): أ ك ر، المرجع المذكور، ص 511؛ «التوثيق الكاثوليكي» المرجع المذكور، ص 189. را أيضاً: مجمع الإكليروس، دليل حول خدمة الكهنة وحياتهم (31 آذار 1994)، الرقم 33؛ «التوثيق الكاثوليكي» 91 (1994)، ص 367.
[7] المجمع الفاتيكاني الثاني، «فرحٌ ورجاء»، الرقم 76.
[8] المرجع نفسه، الرقم 36.
[9] را المجمع الفاتيكاني الثاني، القرار «رسالة العلمانيّين»، الرقم 7؛ الدستور العقائدي الكنيسة «نور الأمم»، الرقم 36؛ «فرحٌ ورجاء»، الرقمين 31 و43.
[10] يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي «العلمانيون المؤمنون بالمسيح» (30 كانون الأول 1988)، الرقم 42: أ ك ر 81 (1989)، ص 472؛«التوثيق الكاثوليكي» 86 (1989)، ص 177.
[11] في القرون الأخيرة، اهتمّت السلطة التعليميّة في الكنيسة، عدّة مرّات، بقضايا هامة تخصّ النظام الاجتماعيّ والسياسيّ. راجع في ذلك:
LÉON XIII, encycl, Diuturnum illud (29 juin 1881): ASS 14 (1881/82), pp. 4ss; encycl. Immortale Dei(1er novembre 1885): ASS 18 (1885/86), pp. 162 ss; encycl. Libertas prœstantissimum (20 juin 1888):ASS 20, (1887/88), pp. 593 ss; encycl. Rerum novarum (15 mai 1891): ASS 23 (1890/91), pp. 643 ss.; La Documentation Catholique 25 (1931), col. 1449-1467; BENOÎT XV, encycl. Pacem Dei munus pulcherrimum (23 mai 1920): AAS 12 (1920), pp. 209 ss; DC 3 (1920/1), col. 209-218; PIE XI, encycl.Quadragesimo anno (15 mai 1931) AAS 23 (1931), pp. 190 ss; DC 25 (1931/1), col. 1403-1450; encycl.Mit brennender Sorge (14 mars 1937): AAS 29 (1937) 145-167; DC 37 (1937/1), col. 901-936; encycl.Divini Redemptoris (19 mars 1937): AAS 29 (1937), pp. 78 ss.; DC 37 (1937/1), col. 937-984; PIE XII, encycl. Summi Pontificatus (20 octobre 1939): AAS 31 (1939), pp. 423ss.; DC 40 (1939), col 1251-1275;Radio-messages de Noël 1941-1944; JEAN XXIII, encycl. Mater et Magistra (15 mai 1961): AAS 53 (1961), pp. 401-464; DC 58 (1961), col. 945-990; encycl. Pacem in terris (11 avril 1963): AAS 55 (1963), pp. 257-304; DC 60 (1963), col. 513-546; PAUL VI, encycl. Populorum progressio (26 mars 1967): AAS 59 (1967), pp 257-299; DC 64 (1967), col. 673-704; Lett. apost. Octogesima adveniens (14 mai 1971): AAS63 (1971), pp. 401-441; DC 68 (1971), pp. 502-513.
[12] را يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة «السنة المئة» (الأول من أيار 991)، الرقم 46: أ ك ر 83 (1991)، ص 850 –851؛ «التوثيق…» 88 (1991)، ص 541-542؛ الرسالة العامة «تألق الحقيقة» (6 آب 1993)، الرقم 101: أ ك ر 85 (1993)، ص 1112-1113؛ «التوثيق…» 90 (1993)، ص 935؛ خطاب أمام البرلمان الإيطاليّ، الرقم 5: «الأوسرّفاتوري رومانو» (14 تشرين الثاني 2002)؛ «التوثيق…» 99 (2002)، ص 1004 – 1005.
[13] را يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة «انجيل الحياة» (25 آذار 1995)، الرقم 22: أ ك ر 87 )1995)، ص 425 – 426؛ «التوثيق…» 92 (1995)، ص 361.
[14] را المجمع الفاتيكاني الثاني، «فرحٌ ورجاء»، الرقم 76.
[15] المرجع نفسه، الرقم 75.
[16] را المرجع نفسه، الرقمين 43 و75.
[17] را المرجع نفسه، الرقم 25.
[18] المرجع نفسه، الرقم 73.
[19] را يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة، «انجيل الحياة» (25 آذار 1995)، الرقم 73: أ ك ر 87 (1995)، ص 486 – 487؛ «التوثيق…» 92 (1995)، ص 388 – 389.
[20] المرجع السابق نفسه.
[21] المجمع الفاتيكاني الثاني، «فرحٌ ورجاء»، الرقم 75.
[22] التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، الرقم 2304.
[23] را «فرحٌ ورجاء»، الرقم 76.
[24] يوحنا بولس الثاني، رسالة بمناسبة الاحتفال باليوم العالميّ للسلام 1991: «إذا أردت السلام فاحترم ضمير كلّ إنسان» (8 كانون الأول 1990)، الرقم 17: أ ك ر 83 (1991)، ص 414 – 415؛ «التوثيق…» 88 (1991)، ص 55.
[25] يوحنا بولس الثاني،«العلمانيون المؤمنون بالمسيح»، المرجع المذكور، الرقم 59: أ ك ر، المرجع المذكور، ص 509؛ «التوثيق…»، المرجع المذكور، ص 189. أخذ هذا المقطع من: المجمع الفاتيكاني الثاني، القرار «رسالة العلمانيين»، الرقم 4.
[26] را يوحنا بولس الثاني، الخطاب أمام السلك الدبلوماسيّ المعتمد لدى الكرسيّ الرسوليّ (10 كانون الثاني 2002): أ ك ر 94 (2002)، ص 327 – 332؛ «التوثيق…» 99 (2002)، ص 104 – 106.
[27] يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة «الإيمان والعقل» (14 أيلول 1998)، الرقم 90: أ لك ر 91 (1991)، ص 75؛ «التوثيق…» 95 (1998)، ص 934.
[28] را المجمع الفاتيكاني الثاني، البيان «الحريّة الدينيّة»، الرقم 1: «يعلن المجمع أن الله نفسه بيّن للجنس البشريّ الطريق التي، إذا سلكها الناسُ في خدمته تعالى، يتمكنون من الخلاص والسعادة في المسيح يسوع. ونحن نؤمن أن الديانة الحقيقيّة الوحيدة قائمة في الكنيسة الكاثوليكيّة والرسوليّة».
هذا لا يمنع الكنيسة من أن تعتبر باحترام صادق مختلف التقاليد الدينيّة، وحتى أن تعترف بأن فيها «عناصر حقيقة وصلاح». را المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور العقائديّ الكنيسة «نور الأمم»، الرقم 16؛ القرار «نشاط الكنيسة الإرساليّ»، الرقم 11؛ البيان «علاقات الكنيسة بالأديان غير المسيحيّة»، الرقم 2؛ يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة «رسالة الفادي» (7 كانون الأول 1990)، الرقم 55: أ ك ر 83 (1991)، ص 302 – 304؛«التوثيق…» 88 (1991)، ص 173؛ مجمع عقيدة الإيمان، البيان «الربّ يسوع» (6 آب 2000)، الأرقام 2، 8، 21: أ ك ر 92 (2000)، ص 743 – 744، 748 – 749، 762 –763؛ «التوثيق…» 97 (2000)، ص 812 – 813، 814 – 815، 820.
[29] Cf. PAUL VI, Discours au Sacré Collège et à la Prélature romaine (20 décembre 1976): Insegnamenti di Paolo VI, 14 (1976), pp. 1088 – 1089 ; La Documentation catholique 74 (1977), pp. 54 – 55.
[30] Cf. PIE IX, Encycl. Quanta cura (8 décembre 1864) : ASS 3 (1867), p. 162 ; LÉON XIII, encycl.Immortale Dei (1er novembre 1885) : ASS 18 (1885), pp. 170 – 171 ; PIE XI, encycl.. Quas primas (11 décembre 1925) : AAS 17 (1925), pp. 604 – 605 ؛ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة، الرقم 2108: مجمع عقيدة الإيمان، البيان «الربُّ يسوع» (6 آب 2000): أ ك ر 92 (2000)، ص 763 – 764؛ «التوثيق…»97 (2000)، ص 820.
[31] المجمع الفاتيكاني الثاني، «فرحُ ورجاء»، الرقم 43؛ را أيضاً: يوحنا بولس الثاني، «العلمانيون المؤمنون بالمسيح»، الرقم 59، المرجع المذكور، ص 509 – 510؛ «التوثيق…»، المرجع المذكور، ص 189.
Discussion about this post