عقيدة الحبل بلا دنس الخطيئة الأصليّة
في الثامن من كانون الأول سنة ١٨٥٤, أعلن البابا بيوس التاسع في براءة بابويّة مريميّة أنّ مريم لم تخضع لسيطرة الخطيئة في أية لحظة من حياتها, منذ الحبل بها: فبفعلٍ مسبق للفداء, حفظها إنعام إلهيّ خاص من دنس الخطيئة الأصليّة. وهذا نصّها: “نعلن ونحكم ونحدد أن الطوباوية مريم العذراء قد حُفِظت من الخطيئة الاصلية منذ أول يوم حبل بها، بنعمة وانعام خاص من الله القادر على كل شئ، بالنظر الى استحقاقات السيد المسيح مخلص الجنس البشري، وهي عقيدة أوحى بها الله. فيجب على المؤمنين أن يؤمنوا بها ايمانا راسخا”. وقد أكّدت العذراء نفسها هذه العقيدة في ظهورات “لورد” سنة ١٨٥٨, عندما أعلنت لبرناديت وللعالم “أنا الحبل بلا دنس”.
إن العذراء مريم إستثـنيت من حالة الجنس البشري الخاطئة، إذ انها لم تشارك في أي لحظة كانت في سر الخطيئة. ونرجع الى رسالة القديس بولس الى أهل رومة ( ٥/١٢ ) ” إذا كانت الخطيئة دخلت الى العالم عن يد انسان وبالخطيئة دخل الموت وكان لكل الناس نصيب في ذلك لانهم جميعا أخطأوا “. فلم يكن للعذراء نصيب في هذه الحالة الشاملة. ونحن لا نسطيع أن نفصل بين الحبل بلا دنس وقداسة مريم لان الحبل بلا دنس هو التأكيد الشامل لهذه القداسة. وهنا نستذكر سلام الملاك جبرائيل لمريم عندما قال لها: “السلام عليك يا ممتلئة نعمة”. فسلام الملاك بحدّ ذاته يُثبت خلوها من أية خطيئة, لأن نعمة الله لا تحل وتملء الإنسان إلا إذا خاليا من وصمة الخطيئة والرذيلة.
مريم هي الإبنة الإلهيّة التي هيّأها الله من خلال جوابها وحريّتها ومشاركتها, كي تكون عرشِ الحمل والإناء النقيّ الذي سيحمل المسيح للبشرية. نالت مريم هذه النعمة المجانيّة لتصير أم الله البريئة من دنس الخطيئة الأصليّة. إذ لا يجوز للمسيح أن يسكن تسعة أشهر في حشاها دون أن تكون طاهرة وغير موصومة بخطيئة آدم وحواء. لكنها في ذات الوقت, سهرت وجاهدت على حياتها الروحيّة واتّحادها بالرّب وحفظ شريعته كي تحيا بدون خطيئة. فهي على نقيض حواء الأولى التي خالفت رغبة وإرادة الرّب. “طوبى للذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها”. أصلحت مريم بطاعتها لكلمة الله ما أفسدته أمها حواء بالجسد. جعلت مريم نصيبها الرّب, ووضعت كلمته نُصْبَ عينيها. كان لديها الخصوبة الروحيّة لتقبل كلمته وتعمل بهديها.
ندى الور
Discussion about this post