قصة : الحبل بلا دنس والعمل بمشيئة الله.
مريم هي الأم الأولى البريئة من الخطيئة الأصلية، السيدة الأولى الطاهرة في البشرية جمعاء، حواء الجديدة، التي حبل بها بلا دنس، كانت محبة إلى أقصى الحدود، لم تعرف يوما ما هي الأنانية أو الانكماش على الذات أو الفتور بل العطاء، عطاء الذات باستمرار، لا، ولم تعرف يوماً الخطيئة، لا العرضية ولا المميتة ولا محبة الذات بأي شكل من الأشكال.
إنها بريئة وعظيمة وذات إرادة قوية…
كانت تقول دائما لله: “مشيئتك يا رب لا مشيئتي“.
هذه قصة رمزية للعمل بمشيئة الله وليس بمشيئتنا الشخصية نحن البشر خاصة في زمن المجيء المبارك:
يوما ًما تقدمت فتاة من الكاهن وقالت: “أبت أريد أن أدخل الرهبنة”، قال “تريدين”؟ ولكن هل الله يريد يا ابنتي؟ فانتبهي! اذهبي واسجدي للقربان وقولي: “يا رب، أنا تحت تصرفك ورهن مشيئتك”. ماذا تريد مني…؟
في اليوم الثاني استلمت الفتاة رسالة من احد الشبان يقول فيها: “لن أمنعك من دخول الرهبنة” لكني أحب أن تعرفي، إني كنت دائماً أفكر بك لبناء عائلة مسيحية!”.
فكانت هذه الرسالة إشارة من الله” قاومت الفتاة وعاندت مدة ثلاثة أشهر… ولكن دون جدوى.
وفي النتيجة تزوجت وكانت عائلتها، عائلة مثالية كما يريد الرب منها أن تكون، وكانت هذه الفتاة إحدى سيدات الأخوية وبالأخص أخوية الحبل بلا دنس، ملتزمة بها، لا تخل يدها من السبحة الوردية، مواظبة على تلاوتها مع أبنائها وجيرانها، تعيش زمن المجيء بكل تواضع وعطاء ووداعة كما يريد الرب منها وليس كما تريد هي.
كانت مثال الأم المسيحية المنتظرة مجيء الرب بالصلاة والعطاء والأمل والشوق.
شاب آخر كان يريد أن يصبح كاهناً. مانع أبوه ممانعة كلية. تزوج، وبعد أن أنجب أربعة أولاد ثلاثة صبيان وبنت… مات…
من هؤلاء الصبيان الثلاثة، اثنان دخلا سلك الكهنوت، أي أصبحا مسيحاً آخر لمن يلتقي بهما، عاشا مثال الطهر والتقوى والعطاء، وسمات الفرح والتواضع والوداعة والسلام على محياهم، ترجما الإنجيل بحياتهم اليومية العملية دون تكلف. عاشا المجيء مع مريم العذراء، سيدة الحبل بلا دنس، بكل فرح، مما جعل الناس يتمثلون بهم ويشتاقون للصلاة وللقاء بهم.
والبنت ترهبت أي أصبحت راهبة مثالية، رمز التقوى لمن تتعامل معه ورمز الإنسانية المتجسدة في الراهبة الملاك، رمز العطاء اللامحدود، يشتم منها، كل من يلتقي بها رائحة القداسة. كان الله يعرف ماذا يريد… مشيئته لا مشيئتنا نحن البشر الضعفاء…
ليس المهم أن يصنع المرء مشيئته الشخصية حتى ولو باعتناق الحياة الرهبانية أو الكهنوتية المهم أن يصنع مشيئة الله حتى لو كانت مؤلمة، فإنها مشيئة آب محب وليس إلا المحب من يتقبل مشيئة مؤلمة. لذا فلنقل دائما مع مريم المنتظرة الطاهرة البريئة.
“لتكن مشيئتك يا رب لا مشيئتي“.
العذراء أمنا وشفيعتنا تقبلت الروح القدس كليا منذ الحبل بها في أحشاء أمها حنة. ونحن أيضا نتقبله في المعمودية ولكن في نفوس طوتها الخطيئة أي الخطيئة الأصلية وهذه الخطيئة تقاوم فينا عمل الروح القدس.
أما العذراء فهي دائما متأهبة للعمل بمشيئة الرب ولو قاسية ومؤلمة
“أنا امة الرب فليكن لي بحسب قولك“.
هذا الشعار عملت به مريم كل أيام حياتها وفي أحلك الساعات، ساعة صلب ابنها على الجلجلة. ونحن ماذا؟ في بداية الأسبوع الثاني من المجيء؟
هذه هي أمنا سيدة الحبل بلا دنس شفيعتنا. هذه هي التي ظهرت للقديسة برنديت في لورد في فرنسا، عندما سألتها ما اسمك: قالت العذراء: “أنا سيدة الحبل بلا دنس“، “وأعلنت الكنيسة هذه العقيدة في 8-11-1854“.
مريم تقبلت مشيئة الاب السماوي، لأنها كانت محبة له، أمينة إلى أقصى الحدود، هكذا يجب علينا أن نكون على مثالها، أمينات في إكرامها وإكرام ابنها إلى ابعد الحدود.
فيا بريئة من الخطيئة الأصلية، أيتها المنفتحة كليا على الله، أيتها الأم العاملة أبدا بمشيئة الاب السماوي بصمت، صلي لأجلنا، ولأجل أمهاتنا، عائلاتنا شاباتنا وشبابنا ورعايانا، ولأجل الراهبات والكهنة، ولتزداد الدعوات الكهنوتية والرهبانية، خاصة في هذه السنة، سنة القديس بولس، ومعه نقول: “الويل لي إن لم ابشر”.
أيتها العذراء مريم ما أسمى دعوتك يا شريكة المسيح في بناء ملكوت الفداء،
ساعدي الأمهات ليقمنّ هنّ ًأيضاً بدورهن كشريكات بالبناء.
يا أما طاهرة يا حواء الجديدة الحقيقية، صليّ لأجلنا، صلي لراهباتنا ولبنات العالم أجمع! أسبغي عليهنّ النعمة يا أم النعمة الإلهية! صلي لأجلنا جميعاً.
كوني لنا مثالاً في الطهر والصفاء والنقاء. كوني لنا ملجأً حصيناً وحضناً دافئاً.
وانتنّ أيتها الأمهات بنات مريم، فيكنّ على الأرض ظل العذراء مريم في النقاء والبراءة والأمومة والأمانة والانفتاح على الله، كنّ دائماً مستعدات للعمل بمشيئة الله الاب،
عشنّ طاعة مريم في بيوتكم، ومع مريم، قولوا “نعم للرب“،
لكي تكون لكم النعم والخير والبركات.. آميـن..
Discussion about this post