شهود يهوه
1- مؤسسها:
إن مؤسسها هو “تشارلز راسل” (1852 – 1916)، وهو أميركي. إلا أن هناك جماعات كثيرة – منها جماعة “دُعاة الفجر” و”الحركة الرسولية الداخلية العلمانية” و”دارسو التوراة الأحرار” – تزعم أنها هي التي تتبع تعاليم المؤسس، وليس من يحملون اليوم أسم “شهود يهوى”. وإن لفي دراسة معتقدات هذه الجماعات ما يثبت هذا الزعم.
إلا أن الأصل المباشر لهذه الحركة، هو في حركة أخرى اسمها “المجيئية” أو”السبتية” التي أسسها أميركي آخر يدعى “وليم ميلر” عام 1830.
وكان من “راسل” أن دمج أهم معتقدات “المجيئية” في حركة جديدة أسماها “دارسي التوراة”، وذلك عام 1873. وبعد وفاة “راسل” عام 1916، قاد الحركة محام أسمه “راذرفورد”، وكان هو من أطلق عليها عام 1931، أسم “شهود يهوه”.
2- المعتقد الأساسي:
إن جوهر معتقدات هذه الجماعات الثلاث يدور حول تأكيدها القاطع بأن المسيح آتٍ في زمن محدد، وأنه سيحكم الأرض ألف سنة، تكون بعدها نهاية العالم. وكان من هذه الجماعات الثلاث أنها حدّدت مراراً تاريخ مجيء المسيح بالسنة والشهر واليوم. وقد أعلنت ذلك مراراً، فعرّضت ذاتها لتناقضات لاحصر لها…
وذلك يتناقض تناقضاً صارخاً مع قول يسوع في الإنجيل المقدس. فلقد حظّر على التلاميذ أنفسهم كل تفكير في هذا المضمار. بل ذهب إلى الإعلان لهم بأن نهاية العالم “سر مغلق” لا يعرفه إلا الله الآب وحده.
3- تربة الحركة الجديدة:
بدعة “المجيئية” أو ” السبتية” (ADVENTISME).
– قامت حركة “المجيئية” عام 1830، في ولاية نيويورك. وهي تقول بأمور ثلاثة:
الأول: قرب مجيء المسيح.
الثاني: قيامة الصديقين لحياة أبدية، ولكن على أرض جديدة.
الثالث: قيام ملك المسيح على الأرض مدة ألف سنة.
– كان مؤسسها مزارعاً يدعى “وليم ميلر”. وقد تأثر بالجو الذي ساد منذ مطلع القرن التاسع عشر، الحقبة الانتقالية من الحضارة الزراعية إلى الحضارة الصناعية. ونشأ لدى الناس إحساس عام بأن عالماً ما ينتهي. وخطا بعضهم خطوة أخرى، فقالوا بأن العالم ينتهي. وذهبوا إلى محاولة تحديد تاريخ نهاية العالم واستيضاح أشاراتها.
بحث في الأسفار المقدسة عن معالم هذا التاريخ وإشاراته، فوقع في فخ أرقام غريبة جاءت في سفر دانيال النبي وسفر الرؤيا، كما وقع فيها، من قبله، ومن بعده، أناس كثيرون. وقد أغفلوا كلهم أو تجاهلوا الحظر القاطع الذي فرضه يسوع على التلاميذ أنفسهم.
وانتهى ميلر إلى أن مجيء المسيح وشيك، بل حدّده لعام 1843. وأكد أنه سيتم وسط انسكاب النار من السماء، وحدوث كوارث طبيعية تطهّر الأرض من الرجس. ثم ينهض الصديقون المختارون من قبورهم، فيحكمون مع “المسيح – الملك” ويعيشون إلى الأبد فوق أرض جديدة.
واثر انتهاء حكم الألف سنة، يعيش الخطأة من جديد، أي إنهم سيبعثون من قبورهم، ليواجهوا المحاكمة بدورهم.
– نشر ميلر تعاليمه، وعقد مؤتمرات، ونظمّ اتباعه في حلقات بلغ نشاطها حد التصادم المرير والمتلاحق مع الكنائس القائمة. وقد فُصل بعض أتباعه من هذه الكنائس. وبانقضاء عام 1843، دون حدوث المجيء المنتظر، عاد “ميلر” فحدّد هذا المجيء في 21 آذار 1844، ثم في 18 نيسان 1844.. وتلاحقت خيبات الأمل…
– قام أحد اتباع ميلر، وهو “تشارلز فيتش”، يدعو الناس إلى مغادرة “الزانية الكبرى، بابل”، وهو يعني بها ال كنائس المسيحية (راجع سفر الرؤيا الفصلان 17 – 18) فيما كان القديس يوحنان مؤلف هذا السفر، يعني بها بكل وضوح روما بوصفها عاصمة الأمبراطورية التي كانت غارقة في الفساد والوثنية، والتي أعلنت الاضطهاد على الكنيسة الأولى.
– وكان أن أكد أحد المجيئيين، واسمه “صموئيل سنو” أن المسيح آت لا محالة في 22 تشرين الأول عام 1844. فتبنّى “ميلر” هذا التأكيد ونشره خلال حملة تبشيرية واسعة وصاخبة، سببت للكثيرين توتراً نفسياً بالغاً، فأحدث ذلك خيبة أمل مريرة، نشأت عنها انقسامات كثيرة في صفوف “المجيئيين”، فتتّتهم إلى بضع عشرات من الزمر.
– ثم ظهر داعية مجيئي آخر، هو “جورج ستورز” يدعو إلى جديد اسماه “الخلود الشرطي” وأوضحه في النقاط التالية:
أ- لا يَخْلد في الحياة إلا المؤمن بالإنجيل.
ب- من يرفضون الإيمان، لن يتعرضوا لعذاب أبدي، بل يتعرضون لفناء تام.
ج- قبل ذلك، لابد أن يعود الشعب اليهودي المختار إلى فلسطين.
د- أما المجيء المرتقب، فقد تنقلت توقعاته مجددا إلى عام 1854، ثم عام 1873، فربيع 1874، فإلى 22 تشرين الأول 1874، ثم إلى 14 شباط 1875، ثم إلى 16 نيسان 1875.
– في هذه الأثناء، اكتشف أحد المجيئيين، واسمه “كيث” أن الكلمة اليونانية “باروسيا” لا تعني “المجيء” حصراً، كما ظنوا قبله، بل الحضور. وأعلن، تبعاً لذلك، أن المسيح “حضر” بالفعل في 22 تشرين الأول عام 1874، ولكن بصورة سرية.
– في خضم هذه التوترات والخيبات المتلاحقة، برز اسم جديد، هو “تشارلز راسل” وذلك عام 1876. فكان الشخصية القيادية الأولى في الحركة الجديدة التي سيطلق عليها ذاته يوم، قيادي آخر، اسم “شهود يهوه”.
4- موقف شهود يهوه من الكنيسة:
الكنيسة مؤسسة شيطانية يرون من واجبهم التشهير بها وتدميرها. لهم في ذلك تصريحات لا حصر لها. نقتصر منها على ثلاثة:
1- الكنيسة المسيحية قد بدأت بأناس خرجوا من العالم وانفصلوا وتميزوا بأنفسهم عن العالم. وهكا زرع الشيطان بالمكر والخداع في وسط أولئك المسيحيين الطامحين، رجالاً سيطروا على الكنيسة. (الفتى ص 248).
2- لقد زعم الكاثوليك والبروتستانت أنهم مندمجون في العهد، لفعل إرادة الله، وأنهم مندمجون في عهد الملكوت، فالذين تتألف منهم المسيحية المنظمة.. قد نقضوا العهد بعبادة الأصنام أو عبادة إبليس، جاعلين أنفسهم قسماً من هيئة الشيطان. (الاستعداد – ص 205)
3- إن الكنائس اليوم، وتلقب بالمسيحية، قد تركت الرب واتحدت مع إبليس، وطفقت تَنشدُ الراحة والسلوان من الشيطان، (الخلاص – ص 110).
5- موقف شهود يهوه من يسوع المسيح:
– يؤكدون أن المسيح لم يدّع يوماً أنه إله.
– يؤكدون أن النصوص الكتابية كلها تبين أن المسيح مخلوق من دون الله.
– من هذه الآيات تستوقفهم اثنتان:
الأولى: في رسالة القديس بولس إلى مؤمني مدينة كولوسي في اليونان. جاء فيها قوله عن المسيح يسوع: “هو صورة الله الذي لا يُرى وبكرُ الخلائق كلها” (1 / 15).
الثانية: في أنجيل القديس يوحنا، حيث جاء قول يسوع المسيح في حديثه عن الله الآب. “إن الآب أعظم مني” (14 / 28).
– يؤكدون أخيراً أن عقيدة ألوهية المسيح اختراع مجمع نيقيا الذي انعقد عام 325.
6- موقف شهود يهوه من الروح القدس:
– إنهم يتجاهلون تجاهلاً تاماً كل ما جاء في الإنجيل وأعمال الرسل والرسائل وفي كتابات الآباء المسيحيين الأولين، مما يتعلق بالروح القدس.
– إنهم يتلاعبون بالألفاظ ليجعلوا موضوع الحديث عنه مادة للسخرية، كما ورد في أحد كتبهم الرئيسية، “ليكن الله صادقاً” (الطبعة 1947 / ص 117): وقد جاء فيه هذا القول: “إن كان الروح القدس شخصاً، فكيف هو يملأ التلاميذ؟”…
– إنهم يؤكدون في تجاهل فاضح للمسيحية وتاريخها، غياب عقيدة الثالوث فيها.
– والروح القدس في نظرهم ليس سوى “طاقة روحية” ينفخها “يهوه” في من يشاء من خلائقه.
7- موقف شهود يهوه من أسرار الكنيسة:
– الأسرار مرفوضة، لأن الكنيسة بكليتها مرفوضة.
– حتى كلام المسيح الذي لا يطاله أي لبس أو شك في وضوحه المطلق، كما في قوله: “هذا هو جسدي… هذا هو دمي”.
وقوله: “خذوا الروح القدس، من غفرتم خطاياهم تغفر لهم، ومن أمسكت خطاياهم تُمسك لهم”.. حتى مثل هذا الكلام يجدون له تفسيراً رمزياً، يطوِّعون فيه المسيح لنظرياتهم…
ــــــــــــــــ
المرجع:
الأب إلياس زحلاوي – شهود يهوه من أين؟ إلى أين؟ – دمشق 1991
Discussion about this post