إهداء – الأب اسبيرو جبور
و ستعرفون الحق والحق يحرركم
المقدمة
أحْمُدُ الله بكلّ قلبي الذي أهّلني في تشرين الثاني من العام 2009 وأنا على أبواب السابعة والثمانين من العمر لأن أنشىء هذا الكتاب لأمجّد الله به. إن عجز القلمُ نطقَ اللسان لعظائم الله، لن أكفّ عن النطق بعظائم الله ما دمتُ حيّاً، الله هو النور الحقيقي وكل نورٍ آخر هو نور خدّاع. لا شيء على الأرض يستقيم، الكلّ الى زوال، البقاء هو فقط لأهل التقوى الذين ينتقلون من عالم الفناء الى عالم البقاء. لا أستطيع أن أتصوّر الإنسان يهلك في القبر كما تَهلك الحيوانات والحشرات والطيور. والإنسان كائنٌ سامٍ على صورة الله ،له روحٌ، هذه الروح خالدة لا تفنى أبداً، أين تخلد؟ هذا هو السؤال المهمّ. أنا مؤمن برمتي وأرجو الله أن يعين لي حتى النفس الأخير أن أنشىء الكتب تسبيحاً وتمجيداً له وقرابين على مذبحه السماوي لفائدة المؤمنين جميعاً.
الإنسان كائن مهم جداً، طفل واحد أهم من الكواكب والنجوم والأرض برمتها وكل ثروات العالم، لا شيء في هذا الكون برمته يعادل طفلاً واحداً لأن كل هذا الكون بلا روح، أمّا الطفل فذو روح معدٌّ يوماً لأن يصير قديساً ويقرع باب السماء ويجلس عن يمين الله. التكلّم عن الانسان روحياً هو المهم والباقي كلّه تعبيرٌ مأخوذٌ من المسيحية، ويتلون بألوانٍ مختلفةٍ ولا نراه في التطبيق كما يجب.
أمّا في المسيحية فكلّ إنسانٍ يستحق ان نسجد له كما نسجد للمسيح. ليس في قوانين الدنيا وتقاليدها شيء من ذلك، المسيحية هي التي تضع الإنسان في مرتبة عالية جداً.
أعلم أن الإنسان ساقط وأن الإنسان يركض وراء الأنوار الخدّاعة الغرّارة ويترك النور الحقيقي يسوع المسيح. ومع ذلك أنا أحب الإنسان وأكرّم الإنسان وأصلي من أجل كل إنسان، لأن كل إنسان تحت السماء هو صورة لله تستحق منا كلّ إكرام وكل إحترام.
فضلاً عن ذلك أنا أؤمن ان الكنيسة الأنطاكية التي أخرجت للعالم المسيحي القديس يوحنا الدمشقي، ما زالت قادرة على إستيعاب اللاهوت. هناك إهمال، هذا صحيح، هناك نقص هناك ضعف هناك شرود ولكن في الأرثوذكس الأنطاكيين استعدادات تحتاج إلى معلمين حقيقيين ملهمين ممتلئين من الروح القدس لكي يجذبوهم ويستفيدوا من الخمائر الموجودة فيهم، خمائر الإستعداد للفهم اللاهوتي.
أمور هذه الدنيا الغرارة تلعب بعقول الناس ولكن هذا لايمنع من أن ننفق الوقت في خدمة الناس. كل إنسانٍ لا يخدم الآخرين ينتحر روحياً، الآخر هو إلهٌ مخلوق، أحترمه لأنه صورة الخالق غير المخلوق. والإحترام يجب أن يذهب إلى كل إنسان وعلى الأخص الى المستضعفين والمعتوهين والمرضى العقليين. لا يجوز أن نحتقر أي إنسان في العالم، مَنْ يحتقر معتوهاً أو مجنوناً يحتقر المسيح نفسه لأن المسيح مات من أجل هؤلاء الضعفاء جميعاً وجاء الى الارض يطلب الخاطئين لا
الصّدّيقين إن كانوا موجودين، وهم غير موجودين حقيقةً ولكن كلام يسوع هذا موجه الى الفرّيسيين الذين يدّعون أنهم صدّيقون، ووبخهم وقال: “أنا جئت لأدعو الخطأة لا الصدّيقين الى التوبة”. جاء ليفتش عن الخروف الضال لينقذه.
العمر ينتهي، كل إنسانٍ الى الفناء، فإذاً لماذا يضيع الناس أوقاتهم في الفانيات دون الاهتمام بالباقيات؟ أنا لا أقول لكلّ الناس صيروا رهباناً ونساكاً ولكن أقول لكل إنسانٍ في العالم عليك أن تهتمّ بخلاصك. ما المعنى إن عشت على الأرض 300 سنة وذهبت إلى جهنم؟ نضيِع الوقت. يستطيع الإنسان أن يكون عالماً في مركبات الإنطلاق الى الفضاء وأن يكون جرّاحاً كبيراً وعالماً كبيراً وفيزيائياً كبيراً ورياضياً كبيراً وتاجراً كبيراً ومصرفياً كبيراً، ومع هذا يستطيع أن يكون ملاكاً في الجسد يعبد الله ويعمل كل شيء لمجد الله. ما من مهنةٍ إلا مهن السقوط، لا يستطيع الإنسان أن يجد فيها سبيلاً لمجد الله. هناك مهن للساقطين هؤلاء خارج الحسابات مؤقتاً، لا ندري متى يتوبون. نعرف من تاريخ الكنيسة توبة عديدين من الأشرار، توبة مريم المصرية المشهورة وهنالك الكثيرين سواها والذهبي الفمّ يذكر الخاطئين الكبار الذين تابوا وكانت توبتهم عظيمة جداً جداً، وانقلبوا من أشرار كبار الى تائبين كبار. أنا لا أغلق باب التوبة امام أحد، كل الناس قادرون على التوبة إن إستطاعت إرادتهم أن تتخلص من الفساد والسقوط.
منذ ظهور كتابي “يهوه أمْ يسوع” حتى الآن قمتُ بسياحة متعددة الأشكال ومختلفة الأساليب الأدبية وسواها لكي أغرز العلوم اللاهوتية في عقول وقلوب المطاوعين. حالَ مرض نظري منذ حوالي أربعين سنة دون بلوغ الهدف الكبير، كان في خاطري إنشاء كتبٍ أوسع مما أنشأت، ولكن مرض النظر أرهقني وظروف الحياة كانت قاسية، ومع ذلك بمعونة الله تخطّيته وقاومت ضعف النظر بفضل الله أولاً ومعونة الدكتور الألمعي “روجيه اميل صايغ” الملاك الحارس لنظري منذ العام 1972. ولكن هناك تراث أرثوذكسي بماسة جداً يحتاج إلى كتب أوسع وأقوى مما أنشأت. كان بودّي مثلاّ أن أنشىء كتاباً شبيهاً بكتاب “السلّم الى الله” موسعاً جداً، وحال النظر دون ذلك. بقيت أشياء عديدة للتأليف عجز النظر عن إنشائها. وهناك المواعظ الدينية، وكان في خاطري أن أنشىء كتب عديدة من المواعظ وأنا محامٍ منذ 62 سنة، تمرّست في المحاماة بالخطابة، وتمرّست بها أيضاً في الكنيسة، وطاوعت يوحنا فم الذهب وتأثرت به كثيراً، ومع هذا لم أتخلّى عن هذا البرنامج، ففي الكتب القادمة سأجتهد في إنشاء المواعظ. أسأل الله الذي صنعني أن يعطيني القوة الضرورية لأتابع المسيرة حتى الرمق الأخير لأكون ذبيحةً مقدسةً على مذبح الإله السماوي.
ماذا بقي من العمر؟ وماذا لي في هذه الدنيا؟ أنا كافرٌ بهذا الكون برمته لا أؤمن إلا بالله وبالإنسان الذي يتوق الى الله. إختبرتُ الحياة وعرفتُ الناس وعرفتُ شؤون هذه الدنيا الباطلة، كلّها رماد في نظري وأقل من رماد، بدون التقوى كل شيء باطل،
بدون الله كل شيء باطل، لا شيء يبقى، كلّه إلى القبر كلّه الى الفناء.
في أميركا وسواها يحرقون الجثث، فلماذا يهتم الناس بأجسادهم ما دامت تصير إلى الحريق؟ يا للأسف الشديد جسد الإنسان الذي صنعه الله يحرقونه، كم في ذلك من الإحتقار للجثة. عندما يكون الإنسان حيّاً يكون كل شيء لجسده وعندما يموت يحرقون هذه الجثة. لماذا دللتموها في الحياة؟ لماذا عبدتموها في الحياة ثم أحرقتموها؟ ولكن أحرقتم الروح قبل أن تحرقوا الجثث، هذه المدنية الفاسدة هذه المدنية الخرقاء التي تكرّم الانسان باللسان وتحرقه في النهاية، ستسير إلى طوفان. فالرجوع إلى الله من كل القلب، وحده سيحمي الناس من الطوفان الآتي، الطوفان الآتي أخطر من طوفان نوح بكثير كما جاء في الإنجيل. سيكون الناس منصرفين الى الطعام والشراب واللباس والأعمال والمكاسب… ثمّ يأتي غضب الله فيأخذهم كما أخذ الطوفان الناس في أيام نوح، وقبل أن نغرق في هذا الطوفان علينا أن نرفع عيوننا الى السماء ونبتهل إلى الله لكي يحفظ الكرة الأرضية من الطوفان المذكور. علينا أن نأخذ عبرة من الأمم التي تحرق الجثث، كلّ همومها منصرفة إلى الجسد ثم تحرق الجسد. ما هذا التناقض في حياة الشعوب التي تدّعي المدنية والحضارة؟
جثة الإنسان محترمة لأنّها ستقوم وتعود إلى الروح وتدخل المجد الأبدي أو الظلمة الأبدية. ولذلك لا معنى لوجود الإلحاد والكفر والزندقة والخروج من دائرة الإيمان ودائرة الفضيلة، كلّه إنتحار، فالبشر الذينَ يشردون عن الله ينتحرون سلفاً ولذلك يجب أن نصلّي من أجلهم لكي يلطف الله بهم ويعيدهم الى الإيمان، الإيمان وحده ثروةٌ للإنسان. أنا لا اقول للبشر إمتنعوا عن الطعام والشراب واللباس وعن العمل، هذا ليس عملي، فأنا كنت محامياً وكانت لي علاقات واسعة مع البشر فأنا أعرف أهمية العمل وأهمية الإتجار، ولكن ما يهمني في الدرجة الاولى هو العناية بالروح، الروح، وما سواها باطل الأباطيل.
ما الفائدة لو ملكت النجوم والقمر وذهباً وخسرت روحي وذهبت الى جهنّم؟ ماذا تنفعني أموالي حين الموت؟ وماذا تنفعني ملذاتي حين الموت؟
تذبحني وتحرقني في جهنّم. ولذلك الكنوز الحقيقية هي الكنوز الروحية. ما دام الموت سيأخذ الناس كلّهم، والباقي ما هو؟ فاذاً قبل ان يخطفنا الموت علينا أن نسجد مسبّحين الله الذي صنعنا وصنع هذا الكون لخدمتنا. علينا أن نتأمّل. الإنسان لا يتأمّل، الإنسان شارد عن الله وعن التأمّل في الكون، لو تأمّل في جسده، لو تأمّل في ذاته، لو يتأمّل في ما حوله من الكون نتذكر الله. فيا أيها الرب الإله القادر على كل شيء، ذكِّر الناس بِكَ، أرشدهم إليك، قدْهم الى عبادتك، إحفظهم في حقّك، قدسهم في حقّك. ربنا لا تعاملنا بحسب أعمالنا، ربنا ألطف بضعفنا، ألطف بسقمنا. أنا إنسانٌ مريض برمته روحياً وجسدياً وأحمل الفناء في ذاتي وأعمل الفناء في ذاتي والضعف هو كياني، فألطف بي وألطف بالآخرين، وأنعم على الكرة الأرضية جمعاء بالإيمان الحار وبالتخلص من العيوب والرذائل وعلّم الناس جميعاً أن يعبدوك بمخافة كل أيام حياتهم، وأعطنا على الدوام أن ننطق بعظائمك لنسبّح ونمجّد إسمك بكل إكرام، يا عظيم الجلال إلى أبد الآبدين ودهر الداهرين آمين! يا إلهنا إرحمنا أيها القدوس، إرحمنا أيها الإله العظيم، إرحمنا وأشفق علينا وإحفظنا من كل سوء. بما أنّك إله صالحٌ ومحبٌ للبشر.
إذاً:
نحن أمام ديانة جديدة قوية متينة، عدا ذلك الديانة الجديدة تحتوي على أصول موسعة جداً جداً، وهناك بندٌ آخر مهم جداً هو أن يسوع المسيح، له المجد اتخذ من مريم العذراء جسداً زُوِد إلهياً بروح بشرية، ثم هذه الطبيعة البشرية المؤلفة من جسد وروح ضمّها يسوع المسيح إلى إقنومه الإلهي فصارت جزءاً من هذا الإقنوم. هاتان العقيدتان هما أساسيتان في المسيحية، ولكن قبل الدخول في المواضيع العديدة علينا ان نبدأ في مبادىء المسيحية. فيوحنا المعمدان ويسوع المسيح بشّرا بالتوبة، التوبة
لماذا؟ قال توبوا فقد اقترب ملكوت الله، هم ملكوت السموات حسب التعبير العبراني اقترب ملكوت الله، الأمر يحتاج الى التوبة، واللفظة اليونانية توبة تعني التغيير العميق الجذري للإنسان برمته تعني التبدّل الجذري الكامل، لماذا هذا التبدل الجذري الكامل؟ لأن الكتاب المقدس في عهده القديم علّمنا أن آدم سقط من الفردوس، وبسقوطه من الفردوس خسر العلاقة بالله ونزل إلى الأرض وعاش إنساناً عادياً يرتكب الخطايا والآثام، ومات بسبب الخطيئة التي كانت هي سبب موته، وبموته ينتهي بنوعٍ ما على الأرض، فجسده الى القبر والتراب وروحه تذهب إلى الجحيم. التعزية الإلهية التي كانت له في الفردوس تبخّرت وتركه الله الى قواه الذاتية، وقواه الذاتية متناقضة متنافرة متناحرة، وسيطر الجسد عليه منذ الجنة، فإشتهت حواء الثمرة وذاقتها وخالفت وصية الله فمالت إلى الأرض ومال آدم معها إلى الأرض وصارا ترابيين هالكين، الحسّ الروحي العميق انتحر، صارا يحسّان بالجسد وبحاجات الجسد وضرورات الجسد وملذات الجسد، فأين الروح؟ انتهرت الروح، وأين المربي الذي يربّي روحياً؟ لا مربٍّ. وعاش الإنسان بقواه الطبيعية الساقطة المريضة دهوراً ودهوراً حتى ظهور ناموس موسى الذي أدّبه قليلاً، وحتى جاء المسيح الذي أعطانا التأديب الكامل والتأليه الكامل وأعادنا الى الفردوس.
كيف يتوب الانسان وهو كما قال الفصل 8 من التكوين يميل الى الشر منذ حداثته؟ ففي كتابٍ حديثٌ عن غيرة الطفل وهو في الشهر العاشر من عمره. الإنسان فاسد منذ بداياته، الطفل يرضع بشراهة بعد حين من ولادته، وإن أمكنه قرض حلمة أمه بسبب شراهته في الرضاعة، فمنذ طفولته هو شَرِهٌ، منذ طفولته هو غيور حسود قاتول مثل قايين الذي قتل أخاه هابيل.
الشرّ مزروع في البشرية. بسبب شرّ البشرية جاء الطوفان فأخذ الناس، أحرقت النار سدوم وعمورة. لا نستطيع أن نثق بصلاح الإنسان الطبيعي، الإنسان الطبيعي متوحش. الحروب التي عرفها تاريخ البشرية كم فيها من الإبادات، في 1 ايلول 2009 إعترفت مستشارة ألمانيا أنجيلا ماركت بسقوط 60 مليون قتيل في الحرب العالمية الثانية، النتيجة أن سببها هتلر. كم هناك من يتيم وأرملة ومدمَّر؟ كم من مشرد؟ كم من جائع ؟كم من بيت دُمر؟ كم من مدينة؟ كم من حضارة؟ كم من منازل؟ هذا لم يحصى بعد، وصار إحصاءه اليوم عسيراً، وفضلاً عن اليتامى والأرامل هناك الفقر والجوع والعطش والدمار والخراب والسرقات والنهب والتعسّف في المعاملة والإيلام والضرب والجلد والسجون والتعذيب في السجون وإحتقار الناس ودوس كرامة الناس. ليس هناك 60 مليون هناك على الأقل 200 مليون تضرّرا من الحرب العالمية الثانية، إن لم أقل 300 مليون.
الإنسان شرير، الإنجيل وحدهُ يصحّح الإنسان، ورغم مرور حوالي ألفي سنة على إنتشار البشارة المسيحية ما زال الناس غارقون في الإثم والصالحون هم نسبة يعرفها الله وهم السبب في حماية الكون من النار ومن الطوفان، هؤلاء الذين يصلّون في الزواية بخشوع وإيمان من رجالٍ ونساء هم الذين يثبّتون وجودنا على الأرض.
إذاً :
نحن أمام تاريخ طويل من الضعف البشري، من الإنحلال البشري، من الغرق في وحل الخطايا والآثام والشرور والفساد والإنحلال وكل المفاسد. مَنْ يطالع الفصل الأول من رسالة بولس الى رومية يلمس مدى الفساد المنتشر في العالم في زمان بولس الرسول نفسه. فإذاً من أجل هذا الفساد الهائل جاء يسوع ليموت على الصليب ويغسل البشرية من الخطايا والآثام ويستردها الى فردوسه لا الى فردوس آدم، الى فردوس يسوع نفسه، ففردوس يسوع يختلف عن فردوس آدم، فردوس آدم حديقة في الأرض أمّا فردوس يسوع فمجد أبدي ونور أبدي في السموات لا على الأرض.
فإذاً:
نحن أمام ديانة لمعالجة الجنس البشري برمته لأن الجنس البشري برمته ساقط، والله يهتم بالبشرية كلّها لا بالشعب اليهودي فقط. فهذه الديانة اليهودية العرقية المحصورة بالعرق اليهودي المنغلق على نفسه المتعصّب لشعبه، المتعصّب لعرقه، الذي لا ينفتح على الشعوب ويسميها “غوييم” كلاب حيوانات. هذا الشعب لا يمثّل خليقة الله، هو شعب الله في مرحلة معينة للوصول الى يسوع المسيح وما بعد مجيء يسوع المسيح، فيسوع هو رب الناس أجمعين، كما يقول بولس “الله ليس إله لليهود فقط
هو إله للأمم”، لذلك نرى في المزامير: “سبّحوا الله يا جميع الأمم وإمدحوه يا سائر الشعوب”. نرى إنفتاحاً على شعوب الله جميعاً. أشعيا واضح جداً في أن الديانة القادمة ستكون لجميع شعوب الأرض وأن الأرض كلّها ستقبل يسوع المسيح، وبذلك مجيىء يسوع المسيح كسر طوق الديانة اليهودي، كسر السجن اليهودي وفتح الحياة لجميع الناس لأن جميع الناس هم خلائق الله، والله يحب خليقته كلّها. فجاء يسوع الى كل الناس ليدعو كل الناس الى التوبة والندامة والإنسحاق وتغيير الحياة تغييراً كاملاً والاندماج في الديانة المسيحية اندماجاً كاملاً للتجديد الكامل للروح القدس الذي يسكن في الكنيسة.
فنحن
إذاً هنا أمام ديانة عالمية تشمل العالم وتدعو الناس كلّهم الى الخلاص. يسوع قال لتلاميذه بعد القيامة العجيبة: “إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم”. بولس الرسول واضح جداً، بطرس واضح، العهد الجديد كلّه واضح، الديانة للناس كلّها بدون تمييز. في الفصل 7 من رؤيا يوحنا لا تقتصر الآخرة على اليهود فقط، كل شعوب الأرض والأمم واللغات والألسنة، كل البشر فيها ناس في الفردوس، ناس مخلَّصون، ناس يرتدون ثياباً غسلوها بدم المسيح. هذا الإنفتاح العالمي مهمّ جداً فالمسيحية لا ترتبط بشعب ولا بجنس ولا بعشيرة ولا بقبيلة ولا بلغة ولا باي قيد من قيود البشرية، هي للإنسان، لكل إنسان على وجه الأرض. لا تميزوا ابداً بين أبيض وأسود وأحمر وأزرق وأصفر… لا تميزوا بين ملكٍ وعبد، بين مارشال وجندي عادي، الجميع إن كانوا مسيحيين حقيقين هم إخوة في يسوع المسيح وهم خدمةٌ لبعضهم البعض.
فإذاً نحن هنا أمام إنفتاحٍ عالميٍ عملاقٍ، كسرَ قيود التاريخ جميعاً وفتح الباب على مصراعيه ليدخل كل تائبٍ الى هذه الديانة الجديدة، ليعيش عيشاً ملائكياً كأن الملائكة نزلوا إلى الأرض وصاروا بشراً. هذه الديانة ديانة تغيير كل شيء في هذا الكون بالتوبة، التوبة هي المدخل الرئيسي الذي لا بد منه للإيمان بالمسيح. لا يُعمّد إنسانٌ راشدٌ بدون التوبة، وكل الناس الذين عندهم رُشد ويستطيعون الإيمان أن يعلنوا إيمانهم بيسوع المسيح، طبعاً الكنيسة عمّدت الأطفال، هذا مبدأ ثابت في الكنيسة لا غبار عليه. فضلاً عن ذلك هذه الديانة امتدت الى كل الشعوب ولم تميز، ان كان هناك من يميّز فهو خاطىء، المسيحي الحقيقي لا يميّز، المسيحي الحقيقي منفتح على كل العباد، على كل المذاهب والأديان والشعوب والألوان، لا يتعصّب أبداً لأي سبب من الأسباب، قلبه كبير، كل البشرية في قلبه بدون تمييز.
الأب سبيرو جبور
لمجده تعالى
Discussion about this post