الفصل العاشر: العالم
وستعرفون الحق و الحق يحرركم
الفصل العاشر: العالم
المسيحية تعلم أن الله خلق الكون برمته من العدم، بأمره الإلهي قال للكون: “كن فكان”. لم نكن نحن حاضرين حين خلق العالم ولكن نعرف أن هذا العالم موجود، هل خلقه هكذا دفعة واحدة أم على مراحل؟ أو كما يقول علماء اليوم بنتيجة خبطةٍ ذريةٍ؟ أي أن المادة كانت موجودة، أوجدها الله أولاً ثم صارت الخبطة فتكون هذا الكون عبر ملايين السنين، هذه تحاليل علمية مبنية على حسابات. ولكنّ الله قادرٌ على كل شيء، قادر أن يسمح للأشياء أن تجري هكذا، وقادر أن يختصر الأزمنة والأوقات كما يشاء هو، ولا نستطيع أن نضع حدوداً لقدرة الله له المجد، ولا نستطيع أن نقيّد الله بما صنع كما يزعم البعض أيّ أنه خلق هذا الكون خاضعاً لقوانين علمية مادية صرفة تحرّكه بحسب هذه القواعد.
الله الذي خلق القواعد هو الذي يتصرف بالقواعد وغير القواعد، هل يريدون أن يكبلوا الله بحديد القواعد التي وضعها هو نفسه؟ هذه عقول ضيّقة جداً، الله مطلق الحرية لا يقيد نفسة إلا للخير فقط، الصلاح البر الخير هذه هي القيود، الله بار مطلق وصالح مطلق ومحب مطلق، هذه صفات إلهية، أمّا تصرُّف الخليقة، الله له المجد يسمح لنفسه ولنا بالتصرف. موسى والأنبياء ويسوع والرسل والقديسون أجروا عجائب عديدة، فهل خالفوا النظام الإلهي بإجراء العجائب؟ فإذاً هذا كلام سطحي وخفيف وسخيف، الله حرٌ. إذاً الله خلق الأشياء من العدم وكوَّنها كما يشاء، وهذا الكون عجيب غريب بآفاقه لا تحدّ ولا توصف، ولكنّ أبرز ما في الكون هو الحياة على وجه الأرض التي لم يثبت أنها موجودة خارج الأرض، والحياة على وجه الأرض متعددة الأشكال والألوان بالآلاف العديدة جداً، أشكال عديدة من الأحياء ولكنّ من كلِّ هذه الأحياء يتميز الإنسان بأنّه ذو جسد حيواني وروح غير حيوانية، هو مخلوق خلقة خاصة، هو شخص في روح وجسد، ليس للحيوانات شخص أو شخصية ولا يمكن أن ننتظر في يومٍ من الأيام أن يصير الشمبانزي إنساناً يؤلّف الكتب ويتعاطى الفلسفة والدين والعلم والثقافة.
الذين قالوا أن الإنسان من أصل شمبانزي ضلّوا السبيل، لماذا لم ينضج إلاّ الشمبانزي؟ نظرية التطور سخيفة جداً، الشمبانزي هو الشمبانزي والإنسان هو الإنسان، والشمبانزي حيوان والإنسان صورة الله، الفرق بينهما كبير، وإن إفترضنا أن الشمبانزي ذَكَر قابل لأن يصير إنسان، فالشمبانزي الأنثى غير قابلة لأن تصير أنثى لأن تركيبها يختلف عن تركيب أنثى الإنسان فهي تلد من الخلف لا تلد من الأمام فتحويلها الى انثى بشرية تلد من الأمام مستحيل على البشر ولو بعد مليارات السنين.
فإذا الله خلق الأشياء هكذا، خلق الإنسان خلقة خاصة، كل ما في تركيب الإنسان يدعو إلى الإعجاب، براعة الله العظمة على الأرض تظهر في دنيا الإنسان روحاً وجسداً، وروحه أهم من جسده وجسده ليس بالأمر القليل، فتركيب جسم الإنسان عجيب غريب لا يمكن للأوائل أن تركّبه ولو بعد مليارات السنين وستبقى المحابر عاجزة طول مليارات السنوات عن تركيب خليّة حيّة واحدة.
أوبّارين الروسي في العهد الشيوعي الملحد أصدر كتاباً عنوانه “أصل الحياة”، ما كان من الممكن في العهد الشيوعي أن يُطبعَ كتابٌ يعلن الإيمان بالله، كان اعظم علماء الكيمياء الحيوية في زمانه هو اشهر من نار على علم في هذا الباب، بدون تطرّف للموضوع الديني أثبت ان خلق الحياة طبيعياً مستحيل وضمناً أنكر نظرية التطوّر، ولما أتى إلى التطور إقتصر الموضوع وحصره بالانسان وقال أن عالم الإنسان فقط هو الذي يعرف التطور، وهذا صحيح لأننا نرى الإنسان قابلاً للتطور والإنتقال من رضيعاً لا يفقه شيئاً إلى عالمٍ كبير وفيلسوفٍ كبير وشاعرٍ كبيروكاتب كبير ولاهوتي كبير ومخترعٍ كبير وصناعي كبير …
منذ مليار ظهور الحياة على وجه الأرض حتى الآن ليس هناك من حضارة ومدنية حيوانية بل هناك حضارات بشرية، وحيث ما وُجد الإنسان وُجد الإختراع، والإختراعات عالم كبير جداّ، هل يمكن أن ننتظر أن يظهر شمبانزي يخترع مركبات فضائية؟ فإذاً كل النظريات المادية والنظريات التي تتعلق بالتطور هي نظريات سخيفة وغير واقعية وتخالف الواقع والحقيقة. هل يمكن أن نتصور الشمبانزي يوماً ما يمسك القلم ويؤلف ملايين الكتب؟ وينطق بعشرات اللغات؟
في العام 1960 في الكاليه دو فرنس في باريس كان استاذٌ يعرف 60 لغةً على ما قال لي الاستاذ برك Berk، وهل هذا ممكن للحيوانات ولو بعد مليارات مليارات السنين؟ إذاً النظريات المادية باطلة وسخيفة جداً جداً وهي تصدر عن عقول ضيقة جداً غير منفتحة للتأمّل الكوني الفلسفي اللاهوتي الصحيح. فإذاً هذا الكون برمته من عمل الله له المجد، وأبدَعْ ما في هذا الكون هو الانسان جسداً وروحاً. جسد الإنسان آية من الآيات التي تمجّد الله، كل ذرة من جسم الإنسان تعطي مجداً لله، العين والدماغ وطريقة تركيب الدماغ وطريقة توزيع الأعصاب والشرايين والعروق وكل الجسم وكل خلية من الخلايا. كيف هذا؟ ويتم ذلك خلال تسعة أشهر من الحبل هذا تدبير الله. أين الله؟ الله في طريقة خلق الإنسان في تسعة أشهر، يخلق جسداً كاملاً بخلقة عجيبة غريبة. منْ صنع القلب ليغذي هذا الجسم برمته؟ من صنع الدماغ ليحرّك الجسم برمته؟ من صنع الغدد ووزّع الغدد وإفرازات الغدد؟ الغدة بحجم جبّة العدس فوق الكلية وهي تفرز هرمونات القوة في الجسم. من إخترع هذه التراكيب كلها؟ على الأطباء أن لا يدرسوا الطبّ مادياً، العلم الأوروبي المعاصر الفاسد فرّق بين الدين والعلم لأسباب تاريخية معلومة، إنتصر فيها كفارٌ بقوة السلاح وخرّبوا الكنيسة في أصقاع عديدة من العالم، ولكن لم يستطيعوا أن يودوا بالدين إلى الهاوية فبقيت الكنيسة قائمة في وجههم وإنتصرت عليهم وصاروا في القبور رماداً، بينما الكنيسة في تقدمٍ مستمر وتحسّن مستمر وهي الحاجة الماسة إلى عالم اليوم والغدّ لتقودَ الناس إلى السلام والمحبّة بدلاً من الكفر والعداوات والحروب التي تفني الشعوب وإلى السلاح الذي يدمّر الأوطان والشعوب.
الله له المجد استجلّى في مجده في خلق الإنسان، الإنسان العجيب الغريب، الإنسان ذو طاقات روحية كبيرة، وهو قادرٌ على أن يصعد إلى الله ويتّحد بالله بروحه الجبّارة وإن الخطيئة تجرفنا إلى أسفل. إنتصر الإنسان على ذاته، إتحد بالله ولكن الإنتصار على الذات عملية شاقة جداً عملية روحية لا عملية مادية، نجح الإنسان في السيطرة على المادة بنسب لا بأس بها، الإنسان الذي صنع المركبات الفضائية إلى القمر وإلى المريخ هو كائنٌ جبار لا شك، الذي صنع الحضارات والمدنيات والدول وملأ الأرض من إختراعاته ليس بشيء وقليل، كل هذه الحضارة العالمية الحاضرة بما فيها من صناعات واعمال وعلوم وئقافات ومناحي لا تعد ولا تحصى، كلّ هذا يعطي دليلاً على أنّ الإنسان جبارٌ كبير إنما يوجه طاقاته إلى هذه الدنيا إلى خدمة الأجساد والجيوب لا إلى خدمة الروح بالإنطلاق نحو الله. لذلك لا بدّ من عمل كنسي عملاق في العالم كله للقضاء على الشراهة المادية وعلى الغفلة الروحية ليعود الإنسان إلى الله بقلبٍ مفتوح.
كلُّ ما في الأرض وما على الأرض وما في هذا الكون ينطق بعظمة الله ولكنّ الإنسان غارقٌ في همومه المعاشية والأرضية المالية ولا يلتفت إلى الله، لا يلتفت إلى الآخرة لا يحاسب نفسه أمام الله ليفوز بالحياة الأبدية، هذا لا يغيّر شيء من طبيعة الأشياء أي أن الله له المجد هو صانع كل الأشياء بما فيه الإنسان وأنّ الإنسان هو صورة الله الجميلة المدعوّة لأن تتجدد بالروح القدس لتصبح على صورة المسيح حقاً بالقول والفعل لا نظرياً فقط.
هذا الكون العجيب الغريب يدهش العقول، كلُّ شيء في هذا الكون مدهش، تركيب خلية واحدة مدهش، تركيب جسم حشرة مدهش، تركيب جسم دودة مدهش، تركيب جسم حيوان عادي مدهش، كل سيء مدهش، عين البرغشة لا تُرى إلا بالمجاهر، وهناك حيوانات أصغر من البرغشة وعيونها أصغر من البرغشة، كذلك لا ترى إلا بالمجاهر ومع ذلك فهي عيون قويةً جداً.
عالم حياة الإنسان معجزة المعجزات ولكن في عالم الحيوان نرى أيضاً معجزات كبيرة جداً، ونرى حواسه أفضل من حواس الإنسان وقدرة بعض الحيوانات أعظم من قدرة الإنسان، فالفيل والأسد والنمر وسوى ذلك أقوى من الإنسان، والجمل يستطيع حمل أثقال أكثر من الإنسان، الغنسان على عالم الحيوان يتفوق بروحه وبأشياء في تركيب جسمه ولكن في عالم الحيوان أشياء عديدة تتفوق على ما لدى الإنسان، الحيوان في البراري يتحمل البرد والحرّ، لا نستطيع نحن أن نتحمل البرد والحر مثل الحيوانات وهكذا دواليك.
البحث يستغرق مجلدات إذا أردنا أن نقارن كل الحيوانات بالإنسان، ولكن نحن نهتم بالإنسان بالدرجة الأولى لأنّ الإنسان موضوع لاهوتي، بما أنه لا يموت روحاً يموت جسداً فنهتم بروحه لكي ننقذ روحه من الفساد والإنحلال لنرفعها الى البرّ والتقوى والفضيلة والتألّه والإستنارة الإلهية، فالإنسان هو مدار الإهتمامات الأساسية، إن كانت عقول العلماء تتجه نحو القمر والنجوم والحيوان والشجر ومبيدات الأرض والصناعة والمعادن وهذا لضرورات الحياة، ولكنّ هذا كله لا يجوز أن يصرفنا عن الإهتمامات الروحية، لا يجوز أن يبقى العالم وراء المجهر والتلسكوب والأجهزة الطبية لينسى الله. أتحمّل أن أرى الطبيب منهمكاً في العناية بالمرضى وإجراء العمليات لهم، ولكن أتضايق إن رأيت الطبيب الجرّاح لا يفكّر إلا بالمال والكسب المادي ليضحي أحد المليارديريين، هذا هو الكفر العملي بعينه، لا يجوز أن يبقى إنسانٌ واحدٌ في العالم لا يتطلع إلى الآخرة إلى السماء، أن يبقى إنسان واحد لا يفكّر في مصيره بعد الموت.
الإنجراف وراء شؤون الأرض وراء العلم وراء الثقافة وراء… بدون الله باطل. أنا مع العلم والعلماء والثقافة والكتب والحضارة والمدنية، ولكنني ضدّ الكفر ضدّ الإلحاد ضد فساد الأخلاق ضدّ إنحلال الأخلاق ضدّ إيذاء الإنسان. ما من شيء يستطيع أن يُكرِهَني على الإهتمام بشؤون الأرض دون الإهتمام بالإلهيات وبالآخرة وإلا كنت إنساناً ساقطاً، هذه كلّها عواقب السقوط البشري.
سقط الإنسان الى الأرض فصار أرضياً عالمياً دنيوياً شهوانياً طمّاعاً جشعاً سفاحاً يمتص دماء الآخرين مادياً ومعنوياً، كل هذا الفساد الموجود في العالم هو نتيجة السقوط، فلذلك العالم اليوم محتاجٌ إلى يسوع المسيح أكثر من أي يوم مضى لينقذنا جميعاً من السقوط، لولا السقوط لكانت همومنا الإلهية التي تحتل الصلاة وكانت همومنا الجسدية والعالمية لا تحتل إلا نسبة معينة. الإنسان الروحاني يمكن أن يكون طبيباً جراحاً كبيراً ومع ذلك يستطيع أن يكون مصلّياً كبيراً، وكذلك يستطيع أن يكون عالم رياضيات عالم فيزياء عالم بيولوجي من الطراز الأول، ومع ذلك يمكن أن يكون مصلّي كبير يمجّد الله بعلمه.
فبسبب السقوط هناك إنحراف هناك إنفصام بين الإلهيّات والأرضيات. صرنا نتطلع غلى الأرض ولا نتطلع إلى أصلنا الإلهي، صرنا نهتم بفردوس الأرض ولا نهتم بفردوس السماء. هذا كلّه إنحراف وضلال وسقوط وعلينا أن نحارب هذا السقوط في كل إنسان من العالم، وعلى كل إنسان أن يحاربه في داخله. لا يستطيع الإنسان أن يبرّر سلوكه المادي الأرضي الفاني لأنّه لا يمكن التبرير ما دام في الإنسان روح، فكلّ المبررات باطلة.
كيف تقتل روحك ليعيش جسدك؟ وأيّ عيشٍ يعيشه جسدك؟ الروح بعد الموت تتمتع بالنور الإلهي إلى الأبد طوال الليل والنهار، بينما أنت على الأرض بما تستمتع؟ إستمتعت بالأكل؟ أكلت طوال ساعة، كلّ متع الأرض مؤقتة، الطعام الشراب اللّذات الفانية الغنى الإستهتار الرقص البطر كل هذا مؤقت لا يمكنه أن يشغلك 24 ساعة على 24 ساعة، لن يستطيع أن يبقى على المائدة يأكل ويشرب بدون نوم، لن يستطيع أن يبقى 72 ساعة بدون نوم، لن يستطيع أن يبقى 100 يوم بدون أكل، نحن على الأرض محدودون، من يستطيع أن يستهتر طوال 24 ساعة، كل ذلك مؤقت، كل متع الأرض مؤقتة وبنتيجة الضجر إن إمتلأ البطن بالأكل إرتخى الجسم وتساوَم المرء وتعبت المعدة وأخذ يتضجر ويتوجّع، كلّ متع الأرض مؤقتة فانية سخيفة، والسكّير يستمتع بالبلعات الأولى وبعد ذلك لا يعود يستمتع لأن البلعات الأولى تُذهب بقدرته على الإستمتاع اللاحق، فلذلك إن أعطيناه بعد حين كاساً من الخمر الرديء تناولها بدون أن يشعر بها ولكن الفساد والإنحلال والهوس يجعله يتصور أنه يستمتع وفي الحقيقة هو لا يستمتع أبداً.
المتعة تفقد قوتها بعد جرعات معينة وهكذا أشياء برمتها، ما من شيء على الأرض غير قابل للتمدّن والتغيّر والفناء، ما شيء على الأرض لا ينتهي بالضجر، إن تفرّج الإنسان على أفلام سينمائية أو فيديو وطال الأمر ساعات إنتهى الأمر بالضجر والتعب، أيّ شيء بالعالم يستمتع به الإنسان إن طال الأمر سيصل به الأمر إلى الضجر، يتصرف الإنسان في حياته ملايين التصرفات للخلاص من الضجر.
العلماء نفسهم الذين ينصرفون الى أبحاثهم بكدّ وجدّ ليلاً ونهاراً ماذا يفعلون؟ يهربون من الضجر؟ لا شك أن هوسهم العلمي موجود ولكن الهرب من الضجر موجود، نلاحظ الضجر عند الأطفال نلاحظ الضجر في كل مكان عند رجال الأعمال عند الموظفين، ربة المنزل تتحرك طول الوقت في المنزل لتتخلّص من الضجر، فإذا كان الضجر يلاحقنا من المهد الى اللّحد فننصرف إلى أمور لا تحصى لنتخلّص من الضجر، فكلّ هذه الحياة ضجر بضجر وفناء بفناء ولا بدّ من ضجرة القبر، رقدة الموت ضجعة يستريح المرء فيها من عناء.
ما بال الناس يتهافتون وراء هذه الدنيا وليس في هذه شيءٌ باقٍ. كل ما على الأرض يسير إلى الفناء. مرّ قبل مئات الملايين من البشر وسيمر بعدنا مليارات من البشر وتبقى الأرض ثابتةً تحمل عظامنا وترابنا، أمّا أرواحنا فتكون بيد الله. لا نستطيع قبل لحظة الموت أن نعرف المصير، وما دمنا نجهل المصير قبل لحظة الموت فلماذا نسير عشوائياً في هذا العالم؟ نريد أن نتخلّص من الضجر من الكسل من التواني من الفراغ فيتصرّف كل واحدٍ حسب هواه ليقتل الضجر، هل قتلنا الضجر؟ لن نقتله ما دمنا على الأرض إلا بالتقوى، التقي الحقيقي لا يضجر، قد يتعب من الصلاة ويصيبه شيئاً من الأعياء ولكنه يبقى دائماً في فرحٍ وغبطةٍ وسعادةٍ، كلُّ سعادةٍ على وجه الارض باطلة.
كما ذكرت مَنْ أضخم معدته بالطعام تفاقل فضجّر تذمّر أصابه الفتور والكسل والخمول … حُبُّ الحياة يدفعنا لأن نجاهد بإستمرار ضدّ الفناء ضدّ الموت ولكن نبقى دائماً في حال مَنْ ينطح الصخور، نعيش على الأرض كصورة ننطح فيها دائماً الصخور أو نتكاسل فنبقى تنابل. الحياة الحقيقية هي بعد الموت ولذلك فالأرض وكل ما عليها الى الفناء، لا شيء على الأرض يستحقّ أن أنصرف له بكليّتي. كلّ شيء فانٍ كل شيء زائل كل شيء مؤقّت كل شيء عابر، البقاء هو لله وللأتقياء الذين يدخلون الملكوت بعد موتهم.
هذا العالم كلّه إذاً مرآة نرى فيها مجد الله الذي خلقه، مَنْ يكفر على وجه الأرض؟ الإنسان. كلّ هذا الكون ينطق بمجد الله، مَنْ يكفر بمجد الله؟ الإنسان. ومن يمجّد الله؟ الملائكة والإنسان؟ إن كنّا نشترك مع الملائكة بالتمجيد الإلهي فلماذا إذاً نضع أنفسنا في قعر الجحيم؟ لماذا لا نخرج من الجحيم لنسبّح الله ونحظى بالملكوت السماوي؟ إنّه الضعف البشري إنه الشيطان الذي يغرينا بملذات هذه الدنيا الفانية. ما الخلاص؟ الخلاص هو وحده بيسوع المسيح لا غير، لأن الذي يمسح خطاياي هو يسوع المسيح، فلذلك أنا بحاجة الى من يمسح خطاياي، أنا بحاجة إلى ما من يغيّر كياني الترابي إلى كيان سماوي، هذا عمل يسوع فقط، لا يستطيع غيره أن يفعل ذلك، إنما هو عمل يسوع الذي بدمه الطاهر يغسُلني ينظفني يألهني يجعلني خليقة جديدة لعبادة الله وحده دون سواه، له المجد والإكرام والسجود إلى أبد الآبدين ودهر الداهرين آمين.
إذاً كلّ الأشياء من إبداع الله وأجمل ما أبدعه الله على وجه الأرض هو روح الإنسان. روح الإنسان ملوثة بالخطيئة ولكنها تبقى صورة الله المهشّمة المحطمة القادرة بنعمة الروح القدس على تجميع شظاياها وفُتاتها لستعيد جمالها الأول ويسطع فيها نور الثالوث القدوس. هذا يتطلب جهداً روحياً فائقاً، نحن مجروفون إلى الأرض الى جهنم الجحيم، علينا نحن أن نجرف أنفسنا من قعر الجحيم الى الله.
الله له المجد خلقنا على صورته ولكن أولانا سلطة كبيرةً جداً وهي أن نخرج من قعر الجحيم الى النعيم الأبدي. فالإنسان من هذه الناحية جبارٌ كبير. كيف يستطيع أن يخرج الى أعماق النور الإلهي في السماء؟ لو لم يكن مؤهلاً بذلك لما كان يستطيع ذلك، ولكن الله لم يدعنا نسقط مئة في المئة سقطنا 50 بالمئة، ولذلك فالخمسون الباقية جبّارة عملاقة تصنع المعجزات على الأرض وهي قادرة أن تصنع المعجزات في ملكوت السموات، هذا يتطلب جهداً كبيراً وإنقلاباً داخلياً تتوجه بموجبه كل قواي برمتها الى يسوع المسيح. وأنذاك يعرف يسوع ما عليه أن يعمل من أجلي أنا الإنسان الخاطىء الشرير الدنس الذي خربّت كل شيء بسبب عبادتي لهذه الدنيا، عليّ أن أكفر بهذه الدنيا وأتخلّص من عبادة أشياء هذه الدنيا لأملك الى الأبد مع يسوع المسيح ربنا، له المجد والإكرام والسجود الى أبد الآبدين ودهر الداهرين آمين[2].
لمجده تعالى
Discussion about this post