الفصل الرابع عشر: يسوع المسيح المثل الأعلى
وستعرفون الحق والحق يحرركم
الفصل الرابع عشر: يسوع المسيح المثل الأعلى بل فوق الأعلى
الأناجيل روت لنا نبذةً عن حياة يسوع المسيح وأعماله وأقواله. نحن نؤمن أن يسوع إله قدّ تجسّد من العذراء مريم ولذلك حياته على الأرض هي حياة إلهٍ متجسّد، وسلوكه سلوك إلاهي، أخلاقه أخلاق إلهية، مناخبه مناخب إلهية، أعماله أعمال إلهية تنطوي على عنصر إلهي، فشفى المرضى من كلّ الأنواع، كان حنوناً شفيقاً، أتو إليه بالمرضى من كلّ البلاد السورية وساحل صور وصيدا والمدن العشر أي من دمشق إلى عمّان نزولاً إلى نهر الأردن ومن كل فلسطين، ألقوا عند قدميه أنواع عديدة من المرضى، صُمٌّ بُكمٌ خُرسٌ مشلولون ممسوسون بالشياطين عُرجٌ مقعدون، وأقام أمواتاً.
الأناجيل إختصرت، فأتت ببعض العجائب، ولكن ذكر متّى ولوقا وحتى مرقس، ويوحنا بإشارات عامة، أنواع من العجائب كثيرة جداً، وكان الناس يترامون عليه ليلمسوا ثيابه فينالون الشفاء. والبرص مرض عُضال، وكان البُرص يُكرهون على العيش خارج المدن والقرى لأن هذا المرض ينتقل بالعدوى. وشفى أنواعاً من الأمراض المستعصية كالمشلول الذي كان عند بركة الضان منذ ثماني وثلاثين سنة، كالأعمى منذ مولده وقام لعازر بعد أربعة أيام من موته.
في إنجيل متّى المقصود هو التبيان، تفوّق يسوع المسيح على شخص موسى. يسوع قال: الناموس والأنبياء كانوا إلى يوحنا المعمدان ومنذ أيام يوحنا المعمدان حتى الآن يُغصبُ ملكوت السماوات غصباً، أيّ أن موسى والأنبياء تنبأوا حتى مجيء يوحنا المعمدان.
بعد مجيء يوحنا المعمدان جاء يسوع المسيح فإنتهى دور الناموس والأنبياء وجاء دور يسوع المسيح. فعجائب يسوع المسيح أقوى من عجائب موسى بما لا يقاس. قال الأعمى للمجمع اليهودي لم يُسمع منذ الدهر أن إنسان شفى أعمى منذ مولده. أقام لعازر بعد أربعة أيام من موته فكانت العجيبة باهرة وأدهشت الجماهير وإنحنى المجمع اليهودي أمام هذه الحقيقة، فإعترف بها ولكنّه كان حسوداً غيوراً، تآمر على يسوع ليتخلّص منه لأن يسوع ظهر بذلك عدوّاً لهم لأنهم إعتبروه منافساً لهم، أمّا هو فلا يُعادي أحداً. فعجائبه الباهرة ملأت الدنيا، وإستمرّ الرسل بعده يصنعون العجائب فكان طَيفُ بطرس يُشفي المرضى، كان يأتون بالمرضى من كل منطقة القدس، ليضعوهم على طريق بطرس فيُشفون. وكانت مناديل بولس تشفي المرضى، وطرد الرسل الشياطين، وكان يسوع قد أعطاهم سلطان لشفاء الأمراض وتطهير البرص وطرد الشياطين وإقامة الأموات، فصنعوا العجائب والمعجزات، فبطرس أقام ظبية وبولس أقام الشاب الذي سقط من الشباك.
فعجائب الرسل عديدة وأيضاً كثيرة، ومازال في الكنيسة رجال عجائبيون وأديرة تصنع العجائب. أمّا بالنسبة لتعاليمه فتعاليمه ظهرت من شخصه، شخصها هو النموذج الأعلى في كلّ شيء بوداعته بتواضعه بتضحياته بحنانه بحبه للبشر بصبره بما تحمله من الناس، برعايته للناس، بآلامه على الصليب لأجلنا، وكيف تحمّل الإهانات والصلب، بشجاعته، فإعترف أمام المجلس الأعلى اليهودي بأنّه المسيح إبن الله وإعترف أمام بيلاطس بأنه ملك، ملك سماوي ومملكته سماوية روحية لا أرضية، ما خاف من المجلس اليهودي الأعلى ولا أمام بيلاطس. شجاعته نادرة، واجه الموت بشجاعة نادرة، تواضعه واضح بتجسده فصار إنساناً واضعٌ بإرتفاعه على الصليب، واضعٌ بما تحمّله من شتائم اليهود، طرد الشيطان فقالوا فيه الفريسيون أنه ببعلزبول رئيس الشياطين يطرد الشياطين، علّم أن يهتم المرء بالروح لا بالجسد، أن يبني روحه بناءً روحياً داخلياً، علّم أن يتخلّص الناس من الظواهر الكاذبة كالظواهر الفرّيسيّين المرائين الذين كانوا يعملون كل شيء ظاهرياً، بينما باطنهم مملوءٌ نجاسةً وخطفاً وطمعاً وشراهةً. وبّخ الفرّيسيين والمجمع اليهودي والمجلس اليهودي الأعلى على الطمع، فكانوا يتاجرون في ساحات الهيكل بما يقدم الناس من ذبائح في الأعياد.
يذكر يوسيفوس أن عدد الضحايا في عيد الفصح كان يبلغ مليونين وستمائة ألف ضحية. من أين كانت تأتي هذه الكميات الكبيرة من الحيوانات؟ تجارة عالمية رابحة جداً جداً، كان المجلس الأعلى اليهودي هو التاجر الأكبر في كلّ هذه الميادين فيربحون أرباحاً طائلة، وبّخهم يسوع وقال: “جعلتم بيت أبي مغارة لصوص للمجلس الأعلى اليهودي”، هذا كلام قوي ومتين جداً، وبّخهم على ذلك مرتين، مرةً أولى في أوائل البشارة في الفصل الثاني من إنجيل يوحنا ومرةً ثانية يوم الإثنين العظيم كما في مرقس ومتّى، لكنّ مرقس أدقّ أي في يوم الاثنين العظيم. فما حابى الوجوه، ما ساير المنافقين، وبّخ الفرّيسيين مراراً علناً، وبّخهم على ريائهم ونفاقهم وطمعهم وكبريائهم. في الفصل 23 من إنجيل متّى سحابة طويلة من التوبيخ للفرّيسيين على ريائهم ونفاقهم وطمعهم وشراههم وصلواتهم النفاقية، في الفصل 6 من إنجيل متّى توبيخ كبير على إساءاتهم الكثيرة، فصلواتهم
نفاق وصدقاتهم نفاق وأصوامهم نفاق، علّمنا أن نصوم، وصام أربعين يوماً بلا طعام ولا شراب. له المجد والإكرام والسجود للأبد آمين.
لمجده تعالى
Discussion about this post