اليوم الثالث والعشرون
تذكار القديس جرجس الشهيد
(السنكسار الماروني)
ولد هذا القديس في مدينة اللد بفلسطين سنة 280 من أسرة مسيحية شريفة. توفي والده فربته أمه التقية تربية مسيحية صحيحة. ولما بلغ السابعة عشرة دخل في سلك الجندية وترقي إلى رتبة قائد ألف.
قال المؤرخ اوسابيوس في استشهاده: لما شدد ديوكلتيانس قيصر في اضطهاد المسيحيّين وأصدر بذلم أمراً علقه على جدار البلاط الملكي في نيكوميدية، تقدم جورجيوس ومزق ذلك الأمر. فقبض عليه الوثنيون فشووه أولاً، ثم ألبسوه خفاً من حديد مسمراً بقدميه وسحبوه وراء خيل غير مروضة، فخلصه الله من ذلك كله، ثم طرحوه في أتون مضطرم فلم يؤذه، ولما رأى الملك ديوكلتيانوس هذا المشهد غائصاً في بحر من الدماء لا يئن ولا يتأوه أكبر شجاعته. وعز عليه أن يخسر قائد حرسه وابن صديقه القديم. فأخذ يلاطفه ويتملقه لكي يثنيه عن عزمه، فأحب جورجيوس أن يبدي عن شعوره بعطف الملك. فتظاهر بالاقتناع وطلب أن يسمح له بالذهاب إلى معبد الأوثان.
فأدخلوه معبد الإله “ابلّون” باحتفال مهيب حضره الملك ومجلس الأعيان والكهنة بحللهم الذهبية وجمع غفير من الشعب. فتقدم جورجيوس إلى تمثال ابلّون ورسم إشارة الصليب. وقال للصنم: أتريد أن أقدم لك الذبائح كأنك إله السماء والأرض؟ ” فأجابه الصنم بصوت جهير، كلا أنا لست إلهاً بل الإله هو الذي أنت تعبده”. وفي الحال سقط ذلك الصنم على الأرض وسقطت معه سائر الأصنام. وعندها صرخ الكهنة والشعب: إن جورجيوس بفعل السحر حطم آلهتنا. فالموت لهذا الساحر. فصلبوه. ورموه بالنشاب حتى أسلم الروح. فطارت شهرة استشهاده في الآفاق شرقاً وغرباً. وأجرى الله على يده عجائب كثيرة باهرة وأخذ المسيحيّون منذ القرن الرابع يحجون إلى ضريح الشهيد ” اللابس الظفر”، فينالون بشفاعته غزير البركات والنعم.
وقد رسم له المصورون صورة رمزية جميلة تمثله طاعناً برمحه شيطان الوثنية الممثل بالتنين، ومدافعاً عن معتقد الكنيسة الممثلة بابنة الملك السماوي. وقد شيدت على اسمه كنائس ومذابح في جميع الأقطار. واتخذته بريطانيا شفيعاً لها. ودعي كثير من ملوكها باسمه. ويكرمه الانكليز إكراماً عظيماً. وامتازت فرنسا أيضاً بتكريمه. واتخذته جمهورية جنوا في إيطاليا شفيعها الأول الأكبر. وجمهورية البندقية أنشأت فرقة رهبانية عسكرية على اسمه. صلاته معنا. آمين.
القّديس جاورجيوس اللابس الظفر
من صفحة بطركية أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
حياته
وُلِد القديس جاورجيوس (ومعنى اسمه الحارث) في كبادوكيا في تركيا في أواسط النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي (بعض المصادر حدّدت إنه وُلِدَ سنة 280 م) من أبوين مسيحيين شريفين كانا من أصحاب الغِنى والشهرة الاجتماعية.
فوالده الأمير أنسطاسيوس حاكم ملاطية ووالدته ثيوبستي من اللد في فلسطين ابنة ديونيسيوس حاكم اللد فلما رُزقا بجاورجيوس اهتمّ والده بتربيته والتزامه بالآداب والأخلاق المسيحية المستقيمة ولقّنه العلوم الكنسية واللاّهوتية والقوانين والآداب وتعلّم اللغة اليونانية التي كانت في ذلك العصر لغة الثقافة كما أجاد الفروسية التي كانت مفخرة ذلك العصر. وكان جاورجيوس وسيم الطلعة.
فيّاض الحيوية، عالي القامة. كان والده انسطاسيوس رفيقاً للملك في أسفاره وفيها اطّلع على حقيقة ديانته المسيحية فأمر بقطع رأسه وعيّن مكانه أميراً آخر وكان جاورجيوس عمره لا يتجاوز الرابعة عشر.
بعد استشهاد والده أخذت الوالدة ابنها وذهبت إلى مدينة اللد (ديوسبوليس) موطنها الأصلي ولها أملاك وافرة فيها.
عَلِمَ الحاكم الجديد بهذا الشاب بشجاعة جاورجيوس وفروسيته وهو في السابعة عشرة من عمره، فأرسل بطلبه وبعث به إلى الإمبراطور الروماني ديوكلتيانس Dioclitien ـ الذي حكَمَ في الفترة (284 ـ 305) م في فترة اضطهاد المسيحيين ـ وزوّده برسالة يوصي الإمبراطور بترقيته، فأُعْجبَ به الإمبراطور ومنحه لقب أمير، وخصّص له راتباً شهرياً ضخماً، وأعطاه ألف جندي ليكونوا تحت إمرته، فصار بحسب الوظيفة تريبونس أي قائد الألف، وعيّنه حاكماً لعدّة بلاد وسجّل اسمه في ديوان الإمبراطورية مع العظماء وأهداه حصاناً ممتازاً.
وبعودته إلى فلسطين استقبله حاكمها بالحفاوة والتكريم. ولما بلغ من العمر عشرين عاماً، توفّيت والدته وتركت فيه ذكرى طيبة جعلته يُكمل مسيرته مُثابراً على الإيمان المسيحي، وبالوقت نفسه اشتهر جاورجيوس بانتصاراته في الحروب حتى لُقِّبَ بـ “اللابس الظفر” أو “الظافر ” أو “المُظَفَّرْ “.
ولما بدأ الإمبراطور ديوكلتيانس يضطهد المسيحيين ويُعذّبهم، وأصدر أوامره بإجبارهم على عبادة الأوثان، ومن يرفض منهم يُقْتَل على الفور، دخل جاورجيوس على الإمبراطور غاضباً، وجاهر بمسيحيّته، ودافع بحماسة عنهم وعن معتقداتهم، فحاول الإمبراطور أن يُثنيه عن عقيدته المسيحية بالوعود الخلاّبة والترقية إلى أعلى المراتب وبإغداق الأموال عليه، لكنه رفض كل هذا في إلحاح وحزم.
غضب منه الإمبراطور وأمر بتعذيبه فاقتادوه إلى سجن مُظْلِم، فأوثقوا رجليه بالحبال ووضعوا على صدره حجراً ضخماً وضربوه بالسياط والحِراب حتى فقد الوعي وتركوه مطروحاً بالأرض، أما هو فكان يصلي.
وفي اليوم التالي أخذوه إلى الإمبراطور آملين أن يكون التعذيب يجعله يغيّر رأيه ،فظهر أمام الإمبراطور أكثر جُرأة وشدة وصلابة، فأمر بإعادة تعذبيه فوُضِعَ على دولاب كله مسامير ثم أُدير الدولاب بعنف فتمزّق جسده وتشوّه وجهه وسالت الدماء من جسمه، لكنه احتمل ذلك بصبر عجيب وسمع صوتاً سماوياً يقول:”يا جاورجيوس لا تخف إني معك”.
فتشدّدت عزيمته وخرج من تلك الآلة وكأن لم يحدُث له شيء، وشُفيت جراحه، فأخذوه إلى الإمبراطور فما أن رآه حتى تولاّه الذهول إذ وجده سليم الجسم كامل القوة، وزاد غضبه وأمر جنوده بإعادته إلى السجن وتعذيبه، فأعادوه وضربوه بالسياط وصبّوا على جسمه جيراً حيّاً (كلساً حياً) ومزيجاً من القطران ومحلول الكبريت على جراحه، فتحمّل الألم فوق طاقة البشر، فظهر له المسيح وشفاه وطمأنه أنه سيكون دوماً معه.
وفي صباح اليوم التالي دخل عليه الجنود فرأوه يصلّي ووجهه يُضيء كالشمس دون أي أثر للتعذيب، فأخذوه إلى الإمبراطور فلمّا رآه اتهمه بالسحر وأحضر ساحراً ماهراً اشتهر بقدرته على أعمال السحر، فوضع له في كأس ماء عقاقير تقتُل مَن يشربها على الفور، وقرأ عليها بعض التعاويذ الشيطانية وطلب من القديس أن يشربها، فأخذ منه الكأس ورسم عليه إشارة الصليب وشرب ما فيه، فلم ينله أي مكروه وظلّ منتصباً باسماً، ثم أخذ الساحر كأساً ثانياً وملأها بسموم شديدة المفعول وقرأ عليها التعاويذ وطلب تقييد القديس لكي لا يرسم إشارة الصليب على الكأس كما فعل سابقاً، لكن القديس بسبب إيمانه بقوة الصليب، راح يُحَرِّك رأسه فوق الكأس ورسم إشارة الصليب بحركة رأسه ثم شرب الكأس فلم ينله أي ضرر على الإطلاق، فصدق قول السيد المسيح له المجد” وهذه الآيات تتبع المؤمنين: “يُخرِجونَ الشياطين باسمي ويتكلّمون بألسنة جديدة يحملون حيات وإن شربوا شيئاً مميتً لا يضرّهم ويضعون أيديـهم على المرضى فيبرأون” (مرقس 16 : 17 ـ 18).
فطلب الساحر من الإمبراطور بأن يأمر بأخذ القديس إلى القبور ويُجَرِّب إذا كان باستطاعته أن يُقيم الأموات، فإن استطاع ذلك كان إلهه هو الإله الحقيقي.
وهذا ما تمّ. فارتدّ الساحر إلى الإيمان واستُشْهِدَ قبل استشهاد القديس.
فزاد بعد ذلك الإمبراطور قسوة وهمجية، فأمر بصنع عجلة كبيرة فيها منجل وأطواق وسيوف حادّة، وأمر جنوده بوضع القديس بداخلها. فلما رأى القديس هذه العجلة الرهيبة صلّى إلى الرب أن يُنْقِذه من هذه التجربة القاسية، فوضعوه فيها فانسحقت عظامه وتناثر لحمه وانفصلت أعضاء جسمه عن بعضها، فصاح الإمبراطور مخاطباً رجال مجلسه قائلاً:أين الآن إله جاورجيوس؟ لماذا لم يأتِ ويخلّصه من يدي؟
ثم أمر جنوده بإلقاء أشلاء القديس في بئر عميق بحيث لا يُمكِن أن يصل إليه أنصاره، ظهر عليه السيد المسيح مع ملائكته وأقام القديس من الموت وأعاده إلى الحياة سليم الجسم.
في الصباح أدخل إلى مجلس الإمبراطور فذهلوا جميعاً فقال الإمبراطور: هل هذا هو جاورجيوس أم شخص آخر يُشبهه؟ أخيراً خطر على بال الإمبراطور فكرة إقناع جاورجيوس بتغيير إيمانه، فطلب منه أن يحضر أمام الأصنام ويُقَدِّم لها العبادة اللاّئقة، فقَبِلَ جاورجيوس.
فجمع الإمبراطور الأقطاب والشعب في الساحة العامة لرؤية جاورجيوس وهو يُقَدِّم للآلهة العبادة الوثنية. فوقف جاورجيوس أمام الصنم الكبير وقال له: “أفصح إن كنت الإله الحقيقي” فأجابه صوتٌ مُزَمْجِر: “الإله الحقيقي هو الذي تعبده أنتَ ونحن سوى ملائكة عُصاة تحوَّلنا إلى شياطين”، وفي الحال سقط الصنم الكبير على الأرض، وسقطت معه سائر الأصنام وتحطّمت جميعها.
فأمر الإمبراطور بقطع رأسه، فصار صيت استشهاده وجُرْأته النادرة في كل أرجاء الإمبراطورية ولذلك دُعِيَ: “العظيم في الشهداء”.
كان ذلك في 23 /نيسان/ 303 م (إن بعض المصادر حدّدت تاريخ استشهاده سنة 296م).
قام خادمه سقراطيس بنقل جثمانه من مكان استشهاده إلى مدينة اللد وعمل خادمه على إخفاه جثمانه إلى حين تمّ نقل جسده الطاهر من مكان استشهاده إلى مدينة اللد في فلسطين سنة 323م، ووضع في الكنيسة التي شيدها على إسمه هناك الإمبراطور قسطنطين الكبير (274 ـ 337).
وقد وصفها القديس يوحنا الكريتي بأنها “ظيمة جداً وأنها مستطيلة الشكل وبإمكان المرء أن يرى فوهة ضريح القديس فيها، تحت المائدة المقدّسة مغطّاة بالمرمر الأبيض”، وبيّنت الدراسات أن رُفاته قد توزّعت فيما بعد على أديرة وكنائس في أماكن شتى في الشرق والغرب كاليونان وفلسطين وقبرص ومصر والعراق.
يُعتبر القديس جاورجيوس من أبرز قديسي الكنيسة وأقربهم إلى عواطف المؤمنين، وأكثرهم شهرة وشيوعاً في الإكرام الذي يُقَدِّمه له عامة الناس. يتسمّى المؤمنون باسمه أكثر من أي اسم لقديس آخر كما أن العديد من الكنائس والأديرة والمدن سُمِّيَت باسمه واتّخذته شفيعاً لها.
يُصَوَّر القدّيس جاورجيوس في الأيقونات في وضعيات مختلفة، ولكن أشهرها تصوّره في لباسه العسكري على جواد ابيض وهو يقتل التنّين، وقد تُضاف إليه في هذه الوضعية مجموعة من الأيقونات التفصيلية من حول الأيقونة الأساسية تُصوِّر عذاباته.
وأحياناً واقفاً يُصلّي بكامل قامته أو مع قدّيسين أو قدّيسات آخرين كالقدّيس ديمتريوس أو مركوريوس أو بروكوبيوس أو براسكيفي وسواهم. وقد يجعلونه واقفاً يدوس التنّين وهو يقتله.
وتوجد مصكوكات معدنية وذهبية ومداليات تحمل رسمه كما توجد صلبان برونزية من القرن التاسع الميلادي تجعله في أعلاها وهو رافع يديه يُصلّي.
أما التنّين في أيقوناته فهو رمز لرواية تعود على القرن السادس وردت في صيغ مختلفة، وخلاصتها أن إبنة أحد الملوك تَهَدّدها تنّين، فظهر له القديس جاورجيوس وقتله وخلّصها والأميرة واقفة مرتعدة من التنّين، وأبواها يُشْرفان عليها من فوق الأسوار. فهذه الصورة رمزية، ومعناها أن القدّيس جاورجيوس الفارس البطل والشهيد العظيم قد انتصر على الشيطان الممثّل بالتنين، وهدّأ روع الكنيسة الممثّلة بابنة الملك.
وتحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بعيده في الثالث و العشرين من شهر نيسان من كل عام.
طروبارية باللحن الرابع
بِما أنَّكَ للمأسورينَ مُحرِّرٌ ومُعتِقٌ. وللفُقَراءِ والمَساكينِ وعاضدٌ وناصِرٌ. وللمَرضى طبيبٌ وشافٍ. وعنِ المؤمنينَ مُكافِحٌ ومُحارِبٌ. أيُّها العظيمُ في الشُّهداءِ جاورجيوسُ اللابِسُ الظَفَّر. تَشَفَّعْ إلى المَسيحِ الإله. في خلاصِ نفوسِنا.
قنداق باللحن الرابع
لقد فُلحتَ من الله، فظهرتَ فلاَّحاً مكرَّماً لحسن العبادة، وجمعت لنفسك أغمار الفضائل يا جاورجيوس، لأنكَ زرعتَ بالدموع، فحصدتَّ بالفرح، وجاهدتَ بالدم فأحرزتَ المسيح. فأنتَ أيها القديس تمنح الكل بشفاعاتك غفران الزلات.
© Copyright Greek Orthodox Patriarchate of Antioch and All the East
مقالة ثانية
الشهيد مارجرجس الروماني
مكتبة الكتب القبطية: كتاب السنكسار القبطى
ولد مارجرجس عام 280م في كبادوكية بآسيا الصغرى. وقد استشهد والده لكونه مسيحيًا عندما كان قديسنا في السابعة عشرة من عمره. ونمى قديسنا في حب الله والإيمان العظيم به. وبعد استشهاد والده، أرادت أمه أن تراه ينمو أكثر في الإيمان بالله من خلال الفضيلة والأعمال الطبية. وانضم القديس إلى الجيش في سن السابعة عشرة، ونال العديد من الانتصارات، وقيل عنه “المدافع عن الشعب”. وقد انتقلت والدته عندما كان سنه عشرون عامًا. ومن وقتها هجر القديس كل متع الحياة، ووزع ماله على الفقراء، وعتق العبيد والإماء جميعهم.
وقد كان الإمبراطور ديقلديانوس هو حاكم الإمبراطورية الرومانية في ذلك الوقت، وأصدر مرسومًا يأمر فيه بحرق الكنائس وجميع الكتب المسيحية، وتسريح جميع المسيحيين من أشغالهم، وأخذ كل ممتلكاتهم، ويجعل معظمهم عبيدًا، ويجبرهم على تقديم الذبائح، ويبخروا للأوثان.
وكان مارجرجس في الإسكندرية بمصر في ذلك الوقت، ولما رأى المرسوم قطعه، فأخذه الجنود الرومان إلى كبادوكية لينال عقابه. ولما كان القديس على علاقة جيدة بحاكم كبادوكية، أرسل أمره إلى دقليديانوس. وأعترف القديس أمامه بإيمانه الحقيقي المسيحي -ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء- فأمر بحبسه، وأرسل امرأة إلى لتغويه ليسقط في الخطية. وحدث العكس تمامًا، فقد حوَّلها القديس إلى مؤمنة وأرشدها إلى الطريق الصحيح، وعندما علم الإمبراطور بذلك أمر أن تقطع رأسها، فنالت إكليل الشهادة. وعند ذلك أمر الإمبراطور بربط أيدي وأرجل القديس وشدهما ووضع حجرًا ثقيلًا على صدره، ثم جرّوا القديس على مسامير حديدية حتى تهرَّأ لحمه..! ووضعوا لهب على جسده ليحرقوا جروحه ليزيدوا ألمه!! ولما أعادوه إلى الزنزانة، ظهر له رب المجد، وعنقه، وقوّاه.
ودام تعذيب القديس لمدة سبعة سنوات!!! حتى تحوَّل الكثيرين إلى المسيحية بسبب المعجزات التي شاهدوها. وقد أقام القديس رجلًاً من الأموات بقوة إلهنا يسوع المسيح، وآمن كثيرين آخرين.. وبالتالي نال آخرين إكليل الشهادة. وفي النهاية نال مارجرجس إكليل الشهادة بقطع رأسه. أما الملك الوثني ديقليديانوس، فقد مات في النهاية ميتة بشعة.
استشهد القديس العظيم في الشهداء مار جاؤرجيوس سنة 307 م
بركة صلواته تكون مع جميعنا، ولربنا المجد الدائم إلى الأبد، آمين.
* وتحتفل الكنيسة القبطية بأكثر من عيد للقديس مارجرجس الروماني، منها:
– عيد استشهاد القديس جرجس من روما: 23 برموده
– تذكار تكريس كنيسة سان جورج: 7 هاتور
– تذكار نقل جسد الشهيد ماريجرجس: 16 أبيب
مقالة ثالثة
قصة استشهاد مار جرجس الرومانى (23 برمودة)
في مثل هذا اليوم من سنة 307 م. استشهد القديس العظيم في الشهداء مار جاؤرجيوس. وقد ولد بالقبادوقية من أب أسمه أنسطاسيوس وأم تدعي ثاؤبستا. ولما صار ابن عشرين سنة مات والده. فذهب إلى دقلديانوس ليتقلد وظيفة والده فوجد أن الملك قد كفر وأمر بعبادة الأصنام فحزن وفرق كل ماله وأعطاه للمساكين وصرف غلمانه وتقدم إلى الملك معترفا بالسيد المسيح له المجد وكان ذلك بعد أن رأي منشورات الإمبراطور فصرخ في وسطهم قائلا ” إلى متي تصبون غضبكم علي المسيحيين الأبرار وتكرهون الذين عرفوا الإيمان الحقيقي علي أن يتبعوا الديانة التي أنتم في شك منه لأنه غير حقيقية؟ فأما أن تؤمنوا بهذه الديانة الحقيقية أو علي الأقل لا تقلقوا بحماقة أولئك المتمسكين بها. فأشار الملك إلى مفنانيوس، أحد وزرائه لتهدئته فقال له: “من علمك هذه الجرأة ” فأجابه: “هو الحق ” ثم بدأ يشرحه له، فتدخل الملك وأخذ يذكره بالرتب التي أنعم بها عليه ويعده بالمزيد منها إذا جحد مسيحه فرفض بآباء هذه العروض الزائلة ولم يلتفت إليها فعذبه كثيرا وكان الرب يقويه ويشفي جميع جراحاته.
ولما حار الملك في تعذيبه أستحضر ساحرًا أسمه أثناسيوس وهذا أحضر كأسا ملأنا وتلا عليه من أقواله السحرية، وقدمه للقديس فشربه بعد أن رسم عليه علامة الصليب، فلم ينله آذى، مما جعل أن الساحر نفسه يؤمن بالسيد المسيح، ونال إكليل الشهادة فاغتاظ الملك وأمر بعصر جاؤرجيوس حتى يسلم الروح فطرحوه خارج المدينة ولكن السيد المسيح أقامه حيا وعاد هذا الشهيد إلى المدينة فرآه الجميع وآمن بسببه في تلك اللحظة ثلاثة آلاف وسبعمائة نفس. فأمر دقلديانوس بقطع رؤوسهم جميعا فنالوا إكليل الشهادة.
وكان بحضرة دقلديانوس بعض من الملوك فقالوا للقديس “نريد أن تجعل هذه الكراسي تورق وتثمر”. فصلي القديس إلى السيد المسيح فاستجاب طلبه. وأخذه مرة إلى مقبرة وطلبوا إليه أن يقيم من بها من الموتى، فصلي إلى السيد المسيح فأقامهم الرب وبعد أن تحدثوا إليهم عادوا فرقدوا. وقدمت له امرأة فقيرة ابنها وكان أعمي وأصم وأخرس فصلي إلى السيد المسيح ورشم الطفل بعلامة الصليب فشفي من جميع أمراضه. وكان دقلديانوس مستمرا في تعذيبه فلما تعب من ذلك ومل صار يلاطفه، ويعده أن يزوجه من أبنته إذا بخر للآلهة فخادعه، جاؤرجيوس وأوهمه أنه قبل ذلك ففرح وأدخله إلى قصره وبينما كان يصلي سمعته الملكة وهو يقرأ المزأمير فطلبت إليه أن يشرح ما كان يقوله. فبدأ يفسر لها كل الأمور من أول خلقة العالم إلى تجسد السيد المسيح فدخل كلامه في قلبها وآمنت بالمسيح له المجد.
وكان الملك قد أمر أن ينادوا في المدينة باجتماع الناس ليروا جاؤرجيوس يبخر لآلهة الملك, فلما اجتمع جمع كبير عند الأصنام وقف جاؤرجيوس وصرخ في الأصنام باسم الرب يسوع مخلص العالم. ففتحت الأرض فاها وابتلعت جميع الأصنام فخزي الملك ومن معه ودخل حزينا إلى قصره فقالت له الملكة: ألم أقل لك ” لا تعاند الجليليين لان إلههم قوي؟ ” فعلم أن جاؤرجيوس قد أمالها هي الأخرى إلى أيمانه ودفعه الغيظ إلى أن أمر بتمشيط جسمها وقطع رأسها فنالت إكليل الشهادة. وأخيرا رأي دقلديانوس أن يضع حدا لتلك الفضائح التي تلحقه فقرر قطع رأس القديس جاؤرجيوس فنال إكليل الشهادة وأخذ أحد المسيحيين جسده ولفه في أكفان فاخرة ومضي به إلى بلده وبنوا علي اسمه كنيسة عظيمة شفاعته تكون معنا ولربنا المجد دائما. آمين.
Discussion about this post