اليوم الحادي والعشرون
تذكار تقدمة سيدتنا مريم العذراء ودخولها إلى الهيكل
(السنكسار الماروني)
نعلم من التقليد الرسولي والكنسي أنَّ يواكيم وحنَّة، والدي سيدتنا مريم العذراء، قدَّماها لتتربَّى وتخدم في الهيكل، منذ صغرها. وذلك أنَّ حنة كانت عاقراً. فطلبت من الله أن يعطيها ولداً لتنذره وتكرسه لخدمته تعالى، فرزقها هذه الابنة الممتلئة نعمة. ولما بلغت الثالثة من عمرها، أخذها أبواها وقدَّماها للرب عن يد زكريا الكاهن، لتسكن قريباً من هيكل أورشليم. وهذه التقدمة كانت أفضل التقادم وأقدسها، منذ بُني الهيكل، لأنها تقدمة ابنة تفوق بقداستها وجمال نفسها وجسدها سائر الملائكة والقديسين والبشر، بل هي أفضل من الهيكل، لأنها هيكلٌ حي حلَّ فيه الروح القدس بجميع مواهبه الإلهية. وكان ابن الله مزمعاً أن يحلَّ في أحشائها ويتخذ من جسدها جسداً بشرياً كاملاً.
فأضحت مريم بكل قواها لله، تتفرغ للصلاة والشغل اليدوي وتتعلم القراءة وتنكبُّ على مطالعة الكتب المقدسة. فأدركت كل ما فيها عن تجسد ابن الله. بقيت في الهيكل إحدى عشرة سنة مُختليةً بالله غارقة في بحر كمالاته.
وقد مدح القديسان امبروسيوس وايرونيموس احتشامها ورصانتها وصمتها العميق المقدس، ومواظبتها الصلاة والخلوة، ومحبتها لرفيقاتها الأبكار اللواتي كانت تحضُّهنَّ على الفضيلة وعمل الخير. كانت تحب التعب والشغل وتتقن جميع أعمالها، تنام قليلاً وتكدُّ كثيراً. ألفاظها عذبة، مُنادمتها لذيذة. وكثيراً ما كانت تخاطب الملائكة وتناجي الله. أقامت في الهيكل حتى بلغت الخامسة عشرة من عمرها، وعادت إلى الناصرة حيث قبلت سر البشارة. ثم أخذها يوسف خطّيبها إلى بيته، بعد أن ظهر له الملاك.
أما الاحتفال بعيدها هذا فهو قديم العهد في الكنيسة الشرقية ويرتقي إلى القرن السادس في الأقل. أما في الكنيسة الغربية فابتُدئ به في السنة 1372. صلاتها معنا. آمين.
Discussion about this post