اليوم الثاني من شهر أيار
تذكار القديس أثناسيوس بطريرك الإسكندرية
(السنكسار الماروني)
ولد اثناسيوس في الإسكندرية سنة 296. ومنذ حداثته تعشق الفضيلة. فضمه البطريرك اسكندر إلى مدرسته الإكليريكية فنبغ في العلوم وتفوق على أقرانه. وانعكف على الصلاة والتأمل ومطالعة الأسفار الإلهية.
وكانت شهرة القديس انطونيوس كوكب البرية قد ملأت الآفاق، فذهب إليه وأقام عنده وأعجب بمَا شاهده فيه وفي رهبانه النساك من قداسة وكمال.
ثم رجع إلى الإسكندرية ليكون في خدمة البطريرك اسكندر الذي رسمه رئيس شمامسة وجعله كاتب أسراره. وفي غضون ذلك وضع كتابيه المشهورين: ضد الأمم وفي الكلمة المتجسد.
فاستصحبه البطريرك معه إلى المجمع النيقاوي الأول المنعقد سنة 325، وفي هذا المجمع تصدى اثناسيوس لاريوس وفنَّد مزاعمه الراهنة مثبتاً ألوهية السيد المسيح الكلمة الأزلي. فأضمر له الآريوسيون الحقد والضغينة، وأخذوا يتحينون الفرص للإيقاع به.
رسمه البطريرك كاهناً وعهد إليه بالوعظ والإرشاد. وبعد وفاة هذا البطريرك انتخبه الأساقفة بطريركاً عليهم.
فقام يسوس رعيته بكل غيرة ومفاداة، حاثاً الجميع على المحبة والسلام. وراح أريوس يثير الخواطر عليه. وفي سنة 334، عقد الآريوسيون مجمعاً في صور التزم اثناسيوس حضوره مستدركاً ما حيك حوله من الدسائس. وقد ترأس المجمع أعداؤه فحكموا عليه بالحط عن كرسيه وأوغروا صدر الملك عليه، فأمر بإبعاده إلى أن تهدأ الحال.
فذهب القديس إلى روما، ملتجئاً إلى البابا يوليوس الذي رحب به وأكرمه. وهناك كتب سيرة القديس انطونيوس الكبير، فكان ذلك داعياً لنشر الحياة الرهبانية في إيطاليا وغيرها. وعقد البابا مجمعاً في روما، امتنع الآريوسيون عن حضوره فأمر البابا آباء المجمع برجوع اثناسيوس إلى كرسيه فاستقبله الشعب بأبهى مظاهر الفرح. فراح يصلح ما اختل من الشؤون مدة إبعاده. وعقد مجمعاً في الإسكندرية، حرم فيه جميع الأضاليل من آريوسيةٍ وغيرها. وأثبت البابا ليباريوس هذا المجمع وكان ذلك سبباً لإرجاع الكثيرين من الضلال إلى الإيمان القويم.
ولما قام يوليانوس الجاحد أمر بإخراجه من مصر كلها، فتوارى عن الأبصار، قاصداً البرية، حيث زار النساك أصدقاءه مستأنساً بهم ومشاركاً في حياة الخلوة والاتحاد بالله، إلى أن مات يوليانوس الجاحد وخلفه جوفيانوس سنة 363 ملكاً حليماً ورعاً، فأعاد اثناسيوس إلى كرسيه وغمره بعطفه فأخذ يواصل جهاده النبيل في سبيل مجد الله، إلى أن رقد بالرب في ساحة الجهاد سنة 373 وله من العمر سبع وسبعون سنة. وتذكار وفاته في 18 كانون الثاني. أما اليوم فتذكار نقل رفاته. صلاته معنا. آمين.
Discussion about this post