اليوم الخامس من شهر تموز المبارك
تذكار القديس مكاريوس الصليبي
(السنكسار الماروني)
ولد في مصر العليا نحو سنة 301 من والدين فقيرين مسيحيين. ويلقَّب بالكبير تمييزاً له عن معاصره مكاريوس الاسكندري. كان معجباً بحياة القديس أنطونيوس الكبير، تواقاً إلى إتّباع طريقته النسكّية. فتتلمَذَ له ولازمه في آخر حياته وخلفه بعد مماته في تدبير النسّاك. قضى حياته بالأصوام والتقشفات الصارمة وممارسة الصلوات الدائمة والتأملات، وخاصّة في آلام المسيح. لا يأكل إلاّ الحشائش وقليلاً من الخبز والماء.
فاشتهرت قداسته وتتلمذ له كثيرون من الشبان حتى بلغ عددهم الألف. وقد تحمل من المصائب والتهم الكاذبة ما دلّ على فضيلته الراسخة وصبره العجيب وتواضعه العميق. وقد اتُّهِمَ بالزنى. وأُهِينَ وضُرِب وهو صابر ولم يبّرئ نفسه. إِلاّ أنّ الله برّأه وأشهرَ قداسته لدى الناس، فكانوا يحترمونه ويكّرمونه. ولشدة تواضعه، هرب إلى البرية متوغلاً فيها. وكان لا ينفكّ عن تلاوة الصلاة والأسهار الطويلة، لا ينام إِلاّ قليلاً، مستنداً الى الحائط… وقد ارتسم مكاريوس كاهناً سنة 340 ليقوم بتقدمة الذبيحة الإلهيّة للرهبان. منحه الله موهبة صنع العجائب ولا سيما طرد الشياطين.
وكان البدعة الآريوسية قد تفشّت في الكنيسة وأقلقتها وقسمتها، وضعضعت صفوفها في تلك الأيام. فقام هو ومكاريوس الاسكندري الذي عاش معه ثلاث سنوات، يكافحانها بكلّ جرأة وغيرة، ويشجّعان رهبانهما على مقاومتها، ويثبّتان الناس في الإيمان القويم. ولذلك قام عليهما لوشيوس بطريرك الاسكندرية الآريوسي وطلب من الملك فالنس زعيم الأريوسيّة، فأمر بنفيهما إلى جزيرة قريبة من مصر. فكانا متفاهميَن صابرَين مثابرين على أعمال البرّ والقداسة، حتى ردّا أهل تلك الجزيرة إلى الإيمان بالمسيح.
فناصرهما الشهب الاسكندري وأجبر البطريرك المذكور على إرجاعهما إلى أديرتهما. فعادا يواصلان جهادهما في إدارة شؤون رهبانهما وجماعة المؤمنين، بأمثلتهما المُعمِرّة ونصائحهما الرشيدة، إلى أن رقدا بالرب بشيخوخة صالحة في عمر90 سنة. توفي مكاريوس الاسكندري نحو سنة 395. وتوفي مكاريوس الصليبي سنة 391. ويُلقَّب أيضاً بالصليبي لأنه كان يصلّي باسطاً يديه بشكل صليب ومات ودُفن كذلك.
وقد ترك تآليف عديدة في قوانين الرهبان والسيّاح، كلّها حكم ونصائح كثيرة مفيدة. وقد أخذت الرهبانيات عنها قوانين كثيرة. وكان القديس أنطونيوس يحبّهما ويجلّهما كثيراً. والكنيسة تكّرمهما شرقاً وغرباً. صلاتهما معنا. آمين.
Discussion about this post