تساعية مار مارون
إعداد: عائلة قلب يسوع الأقدس – دمشق
تساعيّة مار مارون : اليوم الأول
قراءة اليوم الأوّل: هو مار مارون
لِنُسبِّح مع مار مارون
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
مار مارون “السيّد الصّغير”، الكاهن، النّاسك، القورشي، القدّيس، “مارون الإلهي”، كما دعاه معاصروه. هو مَن لبّى دعوةَ اللهِ وتجاوبَ معَ نداءِ السّماء، ولبِسَ المِسْحَ، وتَمَنْطَقَ للجّهاد، وافترشَ الأرضَ، والتَحَفَ السّماء! منطلقًا من بريّة هذا العالم إلى بريّة القلوب، منظّمًا الداخل بتوحيده بالرب، بغرض الوقوف الدائم في حضرَته!
انطلَقَ إلى العَراءِ جامِعًا بين منهجين في النُسك: نُسك رهبان بريّة سيناء، وعلى رأسهم مار أنطونيوس الكبير، ونُسك منطقةِ ما بينَ النّهرينِ، على مثالِ مار يعقوبَ النَّصِيبِيني، باحرًا أعمق في التزَهُد والاختلاء عند المدرستين. فاختارَ علاوةً عن النصيبيني، المَبِيْتَ الدائم في العَراءِ صيفًا وَشِتاءًا، لا الموسميّ! ناصِبًا خيمةً من جِلْدِ المَاعِزِ نادرًا ما كان يلتجئُ إليها، رافضًا ما يفْصِلُهُ عن حبيبِهِ “الله”، لا سقف ولا حاجز! فهو يريدُ أن يبيتَ في ظلّهِ، وتحت رعايتِهِ المباشَرَة.
إنطلَقَ إلى البريّة مُسبِّحًا الربَّ في مخلوقاتِهِ، طالبًا الهدوء التأمّلي، النُّسك الهدوئي، الذي نلتقي فيه بالله في سكينة النفس. مقدّمًا وقته كلّه لله، ليربَحَ الأبديّة! مسلّمًا أموره الزمنيّة للأبدي، ذاكِرًا إيّاه على الدوام، رافعًا الخليقةَ بصلاتِهِ، محدّثًا إيّاه في الطّبيعةِ، داعيًا النسّاكَ للجّلوسِ في الخلاءِ حيثُ لا سقفَ بين الخالقِ وخليقَتِه.
تمتَّعَ مار مارون بعطيّة الله لنا “روعةِ الطّبيعةِ والمخلوقاتِ“: الجّبالِ والوديانِ، البِحارِ مع الأنهارِ والينابيعِ، زقزقةِ العصافيرِ، وروائعِ ما على الأرضِ، وما في الفضاءِ من طيورٍ وغيومٍ، وكواكب ونجوم ومجرّات! راقبَ الخليقة متأمِّلاً عظمةَ الخالق، مندهشًا للتنظيمِ الفائق لكلِّ شيء! جاعلاً من الطبيعة كتاب صلاةٍ مفتوح، رافعًا عطر الأزهار بخورًا لله، وزقزقة العصافير وحفيف أوراق الأشجار مع أناشيد أجواق الملائكة! جاعلاً من المخلوقات سمفونيّة حبّ للخالق… لهذا الجميع مدعو للتمتّع معه من خلال التطبيق العملي “سبحان الله”!
التطبيق العملي: (تمرين: سبحان الله)
كلّنا مدعوّون لِنتوقَّف، كتمرينٍ عمليٍّ تطبيقي للاقتداءِ بأبينا مارون، أمامَ التمتُّع بعظمةِ الخالقِ من خلالِ تأمُّلِ خليقَتِهِ! مهلّلين كلَّ مرّةٍ بعبارةَ “سبحانَ الله” أمامَ أيِّ مشهدٍ يستوقفنا لِنُعظِّمْ الله، مستمرّين بهذا التّمرينِ الرّوحي خلالَ فترةِ التّساعيّة!… دعونا نُوحِّدُ الهُتافَ باندهاشٍ وإعجابٍ أمامَ روعةِ عملِ اللهِ الخالق: سُبحانَكَ يا الله! سبحانَ الباري والمُبدِع! سبحانَ الله! فَلْيَتَمَجَّدِ اسمُكَ يا ربّْ!
الصّلاة:
سُبحانَكَ رَبِّي في ما خلقْـتَ! سبحانَك رَبِّي في ما أبدعْتَ! دعوتَ ابنَكَ مارونَ للاختلاءِ معك في بريَّةِ هذا العالمِ، لتتحوَّلَ البريَّةُ معه إلى منسكة، ويتحوّلَ الخلاءُ إلى معبَدٍ، لا يحُدُّهُ سقفٌ أو حاجِزٌ أو باب، مفتوحٌ على السّماءِ والنُّجومِ بحمايةِ الملائكةِ وصُحبَةِ القدّيسين!
أعطِنَا ربّي بشفاعةِ مار مارونَ أن نعرفَ كيفَ نُسبّحُك بخليقتِكَ، كيف ننطلقُ صوبَكَ بحريَّةٍ، باندِفاعٍ، بحبٍّ إلهيٍّ يكسِرُ كلَّ القيودِ والحواجزِ، فننفتحَ على فضائكَ دون خوفٍ، مُتَحَدِّيْنَ الضُّعفَ البشريّ، متسلِّحين بقوَّتِكَ، مهْتدِينَ بنورِكَ يا أبا الأنوارِ، آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة!
نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
ملاحظة: نصلّي متحدين تساعية مار مارون على نواياه، ونوايانا الخاصة ومن أجل عودة المسيحيّة إلى جذورها الطيبة، مقتدين بآبائنا قدّيسيّ الكنيسة الجامعة، وعلى رأسهم أبينا البار مار مارون.
تساعيّة مار مارون : اليوم الثاني
قراءة اليوم الثاني: لماذا مار مارون؟
لِنَقِف متأهّبين للصّلاة!
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
لماذا اخترنا مار مارون؟ سؤالٌ يُطْرَحُ في قلوبِنا وعقولِنا! لأنّنا اليوم بأمسِّ الحاجةِ:
لأن نقتديَ بإيمانٍ كإيمانِهِ، لِشفاء إيماننا!
لأنْ نعودَ إلى الجُّذور، إلى الآباءِ القدّيسين! كيفَ أحَبُّوا؟ كيفَ تأمّلوا؟ كيفَ صمتوا وصاموا وصَلُّوا؟ كيفَ ثَبتوا؟ كيف وَقَفُوا متأهِّبِينَ للصَّلاةِ والدُّعاء!
نحن لا نستطيعُ المُضيَّ قُدُمًا من دون الثّبات على صخرةِ إيمانٍ قويّة. آباؤنا في البريّةِ كانوا ثابتينَ يؤمنون، يبشِّرون، يشكُرون، يتأمّلون! كانوا واقفينَ ليلاً نهارًا ليُحدِّثوا اللهَ ويصلّوا ويمجِّدوهُ ويسبِّحوه.
كان مار مارون رائدَ النُّسكِ القورُشي، قد تمثَّل بأبينا القديس انطونيوسَ الكبيرِ الذي كان يقِفُ منتصبًا يصلّي ساعاتٍ وساعاتٍ دون مللٍ أو تعبٍ أو توقُّف! كان ينتصبُ واقفًا هو ورهبانُ بريَّةِ سيناءَ على غرارِ أمِّنا مريمَ تحتَ الصَّليب! واقفونَ استعدادًا للصَّلاةِ والصَّليب! وقد استقى أبونا مارون منهم هذه الصلاةَ ليُعلِّمَها لأبنائِهِ النُسّاك! فلم يكتفِ بالخروجِ إلى العراء، بل كان يقفُ ليلاً ونهارًا مُسبّحًا، متأمّلاً، مُصغيًا، داعيًا الربَّ بكلِّ كيانِهِ!
و”رُبَّ تلميذٍ فاقَ معلّمَهُ!” فنرى القدّيس سمعانَ العامودي، تلميذُ مار مارون، لا يكتفي بالانتصابِ وقوفًا للصَّلاةِ، بل اختار التأهُّبَ مدى الحياةِ للإصغاءِ إلى اللهِ والدُّعاءِ له، فاختار عمودًا وتمرْكَزَ عليه سنينَ طِوال.
تأهَّبَ مار مارون وتلاميذُهُ للصّلاةِ باستعدادٍ تام، إصغاءًا لكلمةِ الله، بعيدًا عن الضّجيجِ، في العراء، بدونِ سقفٍ يَفْصِلُهُمْ عنِ الله! هُمْ في هذا العالمِ، لكنْ ليسُوا مِن هذا العالم! ترفّعوا عن الأرضياتِ وتعلّقوا بالسماويات!
لماذا مار مارون؟ لأنَّه كان مُعلّقًا كالمصلوبِ مُنتَصِبًا بين الأرضِ والسماء، فوصلَهُما ببعضِهِما من خلالِ حبِّه الكبير! كوسيط حُبٍ بين العلويين والأرضيين عاش قدّيسنا.
وقوفًا دَعَوا كلُّهُم الله، بكلِّ استعدادٍ، شوقًا إلى الحياةِ السَّماويَّة، والاتحادِ الكاملِ بالله… فاستجابَ دعاءَهُم!
التطبيق العملي: (التأهُّبُ للصّلاة)
كُلُّنا مدعوُّون اليوم للتأهُّبِ للصَّلاةِ بكلّ كِيانِنا، ولأن نتدرَّبَ على هذا الاستعدادِ الدَّائِم! دعونا نوْقِفُ أعمالَنا لِبُرْهاتٍ منفَصِلَة، ونتوقَّفُ ونقولُ بملءِ كِيانِنا “أحبُّك يا الله!” نتنفَّسُ الصَّعداءَ وننظر إلى السماء ثمّ نعاودُ عملَنا، عدَّةَ مرَّاتٍ اليوم، على مدارِ اليومِ كُلِّه.
الصّلاة:
بصلاتِكَ ودعائِكَ صِرْتَ للمسكونةِ كوكبًا متلألئًا بالعجائبِ، يا أبانا البار مارون القدّيس،
فاشفعْ لنا عند الربِّ لأجلِ خلاصِ نفوسِنا وثباتِنا في الإيمان!
إشفَعْ لنا لنفهَمَ حبَّ اللهِ وندركَ عطاياهُ لنا،
إشفعْ لنا لنسيرَ على مثالِكَ ومثالِ آبائِنا القدّيسين، فنهتديَ إلى الطّريقِ الصَّحيح، بعيدًا عن الضّلال،
إشفعْ لنا لِيُشفى إيماننا!
علَّمَنا مارونُ القدّيسُ كيفَ نتأهَّبُ للصَّلاةِ دومًا فتكونَ حياتُنا صلاةً دائمة، تسبيحًا غيرَ منقطعٍ، نحياها بنورِ الربِّ وتحتَ ستْرِ حمايتِهِ وفي مشيئتِهِ الإلهيّةِ بعيدًا عن اعتباراتِنا الشَّخصيَّةِ الكثيرة، فنفهمَ حبَّ اللهِ ورحمتَه على ضوءِ حقيقتِهما وبمقدارِ غناهُما، لا على قدرِ طاقاتِنا المحدودةِ وأفكارِنا المعلَّبَة، آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة!
نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم الثالث
قراءة اليوم الثالث: الاقتداء بمار مارون!
لِنقتدِ بالقدّيسين!
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
عاش مار مارون في أواخر القرن الرابع وبدايات القرن الخامس الميلادي، لا يُعرَفُ من حياته إلّا ما دوَّنه تيودُوريطس، أسقُف قورش، في كتاب “تاريخ أصفياء الله”، المكتوبُ بعدَ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ على وفاتِه، والذي استقى معلوماتِهِ من تلاميذِ القدّيسِ وعلى رأسِهِم يعقوبَ النّاسِك. بالإضافةِ إلى رسالةٍ بعَثَ بها القدّيسُ يوحنّا الذهبيُّ الفَم “إلى مارونَ الكاهنِ والنَّاسِك” يطلبُ صلاتَهُ، وقد كانتْ تربِطُهُما صداقةٌ متينَة، وبعضِ المعلوماتِ المأخوذةِ من أبحاثٍ وكتبٍ تاريخيَّةٍ معاصِرَة، تُعَرِّفنا على البيئَةِ التي أحاطت بالنُسَّاك.
في القرنِ الرَّابعِ رافقَتِ الكنيسةَ اضطراباتٌ كثيرة، وتعدَّدَت حالُها، وانتقلتْ أشواطًا كبيرَةً في المعرِفَةِ اللاّهوتيَّة، وهذا كلُّه اختبرَهُ قدّيسُنا مارونُ وعايَشَهُ! فقد عاصَرَ أكبرَ القدّيسين وتعلّم منهُمْ، وواجَهَ البِدَعَ وعلى رأسِها الآريوسيَّة، وظلّ متمسِّكًا بتعاليمِ الكنيسة “جسدِ المسيحِ”!
تميَّز بإيمانٍ قويمٍ منذ نعومَةِ أظافِرِهِ! لكن لم يُذكرْ أيّ شيءٍ عن عائلتِهِ أو أهلِهِ أو إخوتِهِ. ليس من معلوماتٍ دقيقةٍ عن مسقطِ رأسِهِ! فقد وُلِدَ في البلادِ القورشيَّةِ في سوريّا، تعلّمَ القراءَةَ والكتابَةَ على يد أحدِ الكهنةِ الذي دعاهُ إلى الكهنوتِ ومتابعةِ دروسِهِ في الكتابِ المقدَّس. نالَ سرَّ المعموديَّةِ كمعاصريه قبل أنْ يبلُغَ عمر العشرينَ.
سِيْمَ كاهنًا في القِسمِ الأخيرِ من القرنِ الرابِع، معلنًا إيمانَهُ بتعاليمِ الكنيسة، مكرِّسًا ذاتَهُ لخدمةِ اللهِ والبشر. فضَّلَ اعتناقَ الحياةِ الرُّهبانيَّةِ النُّسكيَّة، حياةِ البتوليَّة والتقشُّفِ، حياة الصّلاة والصَّمت والتأمّل. فاختارَ جبَلاً منزويًا عاليًا على إحدى تلالِ جبلِ قورش فيه معبد وثني مهجور حوَّله هيكلاً ليختليَ فيهِ إلى ربِّه! فتبقى عيناهُما بحالةِ عناقٍ مستديمٍ، كعاشقَينِ هائمَينِ بالحُبّ! طالبًا ملكوتَ اللهِ وبرَّه أولاً! (الدراسات الأخيرة تُقَدّر أن الموقع هو قلعة كالوتا).
نحن لا نعرف في سيرة هذا القدّيسِ العملاقِ، من أين جاءَ تمامًا! ولا مَن عائلتُه! ولا شيء عنه قبلَ تنسّكه! لذا نقف متأمّلين العناية الإلهيَّة التي أرادت أن تجعلَهُ على شبهِ ملكيصادِق، أو إيليّا النّبي، خارجًا من يدِ اللهِ ملتصقًا بقلبِ الله، لتكونَ هويّتُهُ عناقَ القلبِ الإلهيّ! كقدوة لإيماننا، تَرَكته الحكمة الإلهيّة من دون انتماءٍ أرضي، لتَنسبه لها وتُحرره من العرقيات الأرضيّة وتُحررنا معه، وتعيدنا معه للانتماء الأصلي الوحيد “الله”! مارون ومعنى اسمه السيّدُ الصَّغير الهائمُ بقلبِ سيِّدِهِ، السيّد الكبير! لا انتماءَ له إلّا السّماء، ولا هويّةَ له إلّا سيّدَه! لِهذا أصبحَ مارونُ الكاهنُ شعبًا! كما بات ملكيصادقُ المَلِكُ كهنوتًا! وكما حمل إيليّا النبي لواءَ الأنبياء! وما كلّهم إلا صورةً حيَّةً للسيِّدِ المَسيح!
التطبيق العملي: (لنكون قديسين)
لِنقتدِ بمار مارون ونَسِر في درب القداسة، متحررين من الأرضيات، متذكّرين على الدوام أننا أولاد الله، مُتَقَبِّلين كلَّ شيء من الله كهدية، لنحياهُ معه، ونقدِّمَهُ له، لنصِلَ في النِّهايةِ إليه، قديسين.
الصّلاة:
من لَدُنِ الله خَرَجتَ يا مار مارون، ومعه مشَيْتَ طَوالَ مسيرتِكَ على هذه الأَرض، لتصلَ إليه، وتفرحَ معَه في الملكوتِ مع الأبرارِ والشهداءِ والقدّيسين. كاهنٌ على رِتبَةِ ملكيصادقَ عشتَ وخدمتَ، ناسكٌ كإيليّا النّبيِّ صعِدتَ الجبالَ لتلتقيَ بالله، كموسى سمعتَ صوتَهُ، وكالتّلاميذِ الأبرارِ بشَّرتَ به، أردتَ أن توصِلَ الأرضَ بالسَّماءِ لتعودَ الأرضُ فردوسًا كما خلقها اللهُ لتكون! فَغَلَّبْتَ المشيئةَ الإلهيةَ على إرادتِكَ الخاصَّة، منتصرًا على ضعفِ الجَّسدِ بالإماتاتِ والأصوام مسَكّتًا فيكَ الأهواءَ والاضطرابات البشرية لتُسلِّمَ نفسَك للسَّلامِ والحبِّ الإلهي وتحيا معه في الحاضِرِ الدّائم. علِّمْنا أن نقتديَ بكَ، ونسير في طريق القداسة بجدّيّة ومسؤوليّة. صلِّ من أجلنا لنفهَمَ الحبَّ الذي وجدَكَ وربّاكَ وعلّمكَ فنُسرعَ على مثالِكَ لنتغذَّى من هذا الحبِّ الإلهيِّ المُتَّقِدِ.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة!
نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم الرابع
قراءة اليوم الرابع: إيمان مار مارون
بالإيمان نخلُص
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
مقدمة: الفضائل الإلهيّة الثلاث “الإيمان والرجاء والمحبة”، بحسب آباء البريّة القديسين (ومن بينهم مار مارون) هي هِبة مشاركة الإنسان في الطاقات الإلهيّة. فنحن نحياها بحياتنا بقدرة الله التي زرعها فينا في العماد. لذا تُرمِّم الإنسان المُحطّم من كثرة الأهواء، وتساعده على جمع ذاته في الربّ. ونحن في إطار هذه التساعيّة لا بُدَّ لنا من التأمّل في عَيش مار مارون لهذه الفضائل في حياته. لنقتدِ به كأبناء أوفياء!
التأمل:
“إيمانُك خلَّصَكِ اذهبي بسَلام!” (لو7/50). وعدَنا اللهُ بالخلاصِ بالإيمان! الوعدُ هو من الله. بالوعودِ وحدها لا نخلُص. نحن نخلُصُ بالإيمانِ بالوعود. فالوعودُ أُعطِيَتْ لنا من اللهِ العادلِ الرّحومِ المُحبّ… ولكنْ بإيمانِنا نتجاوبُ ونقبلُ هذه الوعودَ ونفعِّلُ عملَها، لهذا بالإيمانِ نخلُص! وما الإيمان إلّا التجاوبُ الدائم مع الله الحيّ في حياتنا، بعلاقة مستمرّة مبنيّة على الثقة والرجاء والمحبّة.
هذا ما أدركَهُ آباؤُنا القدّيسون وعلى رأسِهِم مار مارون، الذي عاشَ محافظًا على هذا الإيمانِ الحيِّ، إيمانِ الكنيسةِ بالمَسيح، في عصرٍ كثُرتْ فيهِ الهرطقات! وذلك بسبب حرصِهِ الدّائمِ على الإصغاءِ لصوتِ اللهِ في حياتِهِ، من خلالِ علاقَةٍ مباشرةٍ سعى دائمًا لتعزيزِها، بالصمت والتأمّل، ومن خلال مطالعة الكتب المقدّسة والاقتداء بالآباء القديسين والأنبياء وعلى رأسهم أمنا مريم ومار يوسف البتول، وعلَّم هذا تلاميذَهُ الأبرار كي لا يقعوا في الهرطقاتِ ويضيِّعوا صوتَ الحقّ، ولكي يحافظوا على إيمانِ الكنيسةِ الحقيقيِّ الثَّابِت.
“الإيمانُ هو الوثوقُ بِما نرجوهُ وتصديقُ ما لا نراهُ، وبهِ شَهِدَ اللهُ لِلقُدماء. بالإيمانِ ندركُ أنَّ اللهَ خلقَ الكونَ بكلمةٍ منه، فصَدَرَ ما نراهُ ممّا لا نراه” (عبر١١/١-3)، بالإيمانِ لبّت العذراء أمّنا الدّعوة واستحقت التطويبة “طوبى لمن آمنت” (لو1/ 45)، ولبّاها الآباء القديسون، ومنهم أبونا البار مار مارون الذي حَمَلَه إيمانُه إلى الاختلاءِ والاعتزالِ عن مشاغلِ هذا العالمِ للتّفرُّغِ للهِ والتَعرُّف عليه، لتعريفِ العالم عليه! كلُّنا مشغولون بمسؤولياتٍ عديدة. نحن بأمسِّ الحاجةِ إلى خلوةٍ لنسمعَ صوتَ الله، ونميّزَ التعاليمَ كي لا نضلَّ وراءَ التعاليمِ الخاطئة ووراء الإغراءات والشهوات والنزوات الأرضيّة. علينا التعرُّفُ على ربِّنا، بهدوءٍ وعزلةٍ وصفاء! فصوتُ السّماءِ أصبحَ خافتًا جدًا وعلا صوتُ الأرضِ وضجيجُها. كيفَ أفهمُ ما لا أُدركُ وأتعرّفُ على من لا أراهُ وأنا مثقلٌ بأعباءِ الدُّنيا! الخلوةُ الروحيّةُ هي ما يدعونا إليه أبونا مارون، لنفهمَ اللهَ ونسمعَ صوتَه في قلوبِنا، ونختبر الصّلة الحقيقية، فالإيمان هو من الاختبار والكلُّ مدعوٌّ لهذه العلاقة الشخصيَّة مع الله. كلٌّ على حِدَة، لنختلِ بربِّنا، لندخلْ مخادعَنا ونسمعْ صوتَ اللهِ في قلوبِنا وهو يدعونا! فأجمل ما يميِّز حياتَنا الإيمانيّة هو النموُّ صوبَ الله. هيّا نترك الروح القدس يعمل فينا. فالإيمان هو ثمرة من ثماره، وهو ينمو في داخلنا ويكبر ويرفعنا معه على درجات سلّم السماء.
التطبيق العملي: (الخَلوةُ الرّوحيّة)
كُلُّنا مدعوُّون اليوم! لنُعطِ نَفْسَنا فرصة للقاء بالربّ، من خلال الخلوة الروحيّة، في الهدوءِ والسّكينةِ والصّفاء، بعيدًا عن ضجيجِ هذا العالم، لنختارَ الخَلوَةَ التي نُريد، ونجلسَ بحضرةِ الربِّ فترةً من الزمن! نبدأُ خَلوتَنا بصلاةٍ للروحِ القدس، وقراءةٍ مقدَّسة، وننطلقُ بعدَها بالتأمُّل! (يُفَضَّل خَلوةً صامِتَةً بعد القراءة مباشرةً).
الصّلاة:
يا رسمَ الكمالِ وقُدوة المتوحِّدين، يا أبانا مارون المجيد، يا من ناضَلَ مدافعًا عن الإيمان وهدى الضالّين إلى معرفةِ الحقِّ، ولاشى الضّلالةَ الوثنيّةَ وطُغيانَ البدعِ من آفاقِ سوريّا، أنتَ ومن اقتفى آثارَكَ الطيّبة، نورٌ لكلِّ مَن يسلكُ طريقَ الخلاص. إسألْ ربَّنا الرّؤوفَ أن يجعلَنا لهُ شعبًا خاصًّا غيورًا بالأعمالِ البارّة، شعبًا مترسّخًا في الإيمانِ الحقِّ والرّجاءِ الوطيدِ والمحبّةِ الحارّة، حتى النَّفَسِ الأخير، فنستحــقُّ بشفاعتِكَ وصلواتك يا مار مارون أن نشاهدَهُ في السّماء، ونُسبِّحَهُ ونشكرَهُ معكَ إلى الأبد، آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة! نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم الخامس
قراءة اليوم الخامس: رجاء مار مارون
ترجّى ضدّ كلِّ رجاء
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
في وسطِ العالمِ المَوبوءِ بالأفكارِ الهدَّامةِ والتَيَّاراتِ الدينيَّة المناهضةِ للكنيسة، ظلَّ مارونُ مؤمنًا واضعًا كلَّ رجائِه باللهِ الصّالحِ وحده، متذكِّرًا جوابَ الملاكِ لمريمَ في البشارة “لا شيءَ مستحيلٌ عندَ الله.”[1] (لو1/37) جابَهَ كلَّ عبادةٍ وثنيَّةٍ وكلَّ عبادةٍ منحرفة. ردَّ الكثيرينَ عن ضلالِهِمْ وغيِّهم، وظلَّ ثابتًا في جهادِهِ ضدَّ قِوى الشرِّ والخطيئة، مثابرًا على أعمالِ الفضيلةِ والتّقوى والتقشّف، فانتصرَ على أهوائِه الدّاخليَّةِ وعلى أعدائِهِ الذين حاولوا الإيقاعَ بهِ وبتلاميذِه النسّاك، مُتَسَلِّحًا بتواضُعِه، ومُتقوّيًا بالرَّجاءِ المسيحي الحقيقي.
“ففي الرَّجاءِ خلاصُنا. ولكنَّ الرَّجاءَ المنظورَ لا يكونُ رَجاءًا، وكيفَ يَرجو الإنسانُ ما يَنظُرُه؟ أمَّا إذا كنّا نَرجو ما لا نَنظُرُه، فبالصَّبرِ ننتَظِرُه” (رو8/24-25)، وبهذا الصَّبرِ[2] تحلّى قدّيسُنا، ممّا دفعَ بالمؤمنين من كلِّ صوبٍ لزيارته، للاقتداءِ به ومحادثتِه، ولمشاركتِهِ في القدَّاسِ الإلهِي الذي يحتفلُ به بعشقٍ روحانيٍّ[3] خاطِف، وسماعِ عظاتِه المُشبَعَةِ بالرَّجاءِ والصَّبرِ والتَّقوى والفضيلةِ والشكرِ للهِ على جميعِ عطاياه.
كانت حياتُه صلاةً، وصلاتُه حياةً، عيناهُ دومًا صوبَ السَّماءِ[4] ملأى بالرَّجاءِ، متحدًا مع ذاته بالربّ[5]، على مثالِ أمِّنا مريم. كان يحاولُ الارتقاءَ إلى خالقِهِ عن طريقِ الاتِّحادِ به، بكلِّ حواسِّهِ وكيانِهِ! فالإنسانُ تُستَكمَلُ ذاتيَّتُهُ مع اللهِ الكامِل، وتَرتَقي بالرَّجاءِ لتجدَ كمالَها في خالقِها وتحقِّقَ ملءَ وجودِها الشَّخصي! برجاءٍ مثلَ هذا الرّجاءِ انطلقَ أبونا مارونُ نحوَ العراء، باحثًا عن اكتمالِ الحبّ. بمثلِ هذا الرّجاءِ تحدَّى كثيرٌ من القدّيسين والأنبياءِ صعابًا كثيرة! لم يخافوا ضُعفَ الجَّسَد، ولا عناءَ الصَّليب، ولا تحدِّيات المجرِّب. بالرَّجاءِ فقط نرفعُ عيونَنا صوب السّماء، فنسيرَ بقوةِ ودافعِ النعمةِ المعطاةِ لنا نحن أبناءَ الله، المستمرِّين بالرَّجاء! مهما تعقَّدَتِ الأمور، نؤمنُ “بأنَّ كلَّ الأشياءِ تعملُ معًا لخيرِ الذين يحبُّون الله[6]” (رو8/28).
نحن شهودٌ على القيامةِ التي حدثتْ هنا على هذه الأرض[7]، نَعَمْ! على أرضِنا شَهِدتْ حاملاتُ الطِّيبِ القِيامة، وشهِدَ الرُّسُلُ والتَّلاميذُ رجاءَ القيامة! واليومَ نتحدَّثُ عن شهودٍ نسّاكٍ لا يقلّونَ بالأهميَّةِ عمَّن سبقَهُم، بلْ تحلَّوا بروحِ القيامةِ وازدانوا بفضيلةِ الرَّجاءِ وانتصروا بقوّة الصَّليبِ بالصَّبرِ وباسمِ سيدِنا يسوعَ المسيحِ تحدَّوا الضُّعفَ البشري وانتصروا في الحبِّ الإِلهي.
التطبيق العملي: (تأمّل المرحلة 13 من درب الصليب)
أُمُّنا مريم، وكثيرٌ من القدّيسين، “ترجّوا حيث لا رجاء“، وشَكروا وآمنوا، فحُسِبَ لهم رجاؤهم فخرًا أمام الربّ. كُلّنا مدعوّون اليوم للتأمُّل “برجاءِ أمِّنا مريم” عندما أُنزِلَ يسوعُ مِن على الصَّليبِ ووُضِعَ في حِضنِها.
الصّلاة:
ربِّي يسوع، نحن نعرفُ أنَّ الرَّجاءَ يبدأُ عندما نعي ونقبل ونصدّق وعودك لنا، فنتكل ونمضي قُدمًا مثبتين عيوننا عليك، هناك ينطلقُ الإيمان وينبع الرَّجاءُ. أعطِنا ربي بشفاعةِ مار مارون وجميعِ القديسين، وعلى رأسِهم أمِّنا أمِّ الرَّجاءِ مريم، رجاءًا وإيمانًا يقوداننا إلى الثّباتِ حتى في أحلكِ الظُّروف، فنتكلُ عليكَ يا ربّ، ونرفعُ عيونَنا إلى السّماءِ، طالبينَ راجينَ مؤمنين. آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة! نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم السادس
قراءة اليوم السادس: محبة مار مارون
المحبة الصادقة
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
“ولْتَكُنْ مَحَبَّتُكُم بِلا رِيَاء: تَجَنَّبُوا الشَّرّ، ولازِمُوا الخَيْر. أَحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا مَحَبَّةً أَخَوِيَّة وبَادِرُوا بَعْضُكُم بَعْضًا بِالإِكْرَام. كُونُوا في الاجْتِهَادِ غَيْرَ مُتَكَاسِلِين، وبالرُّوحِ حَارِّين، ولِلرَّبِّ عَابِدِين، وبالرَّجَاءِ فَرِحِين، وفي الضِّيقِ ثَابِتِين، وعَلى الصَّلاةِ مُوَاظِبِين، وفي حَاجَاتِ القَدِّيسِينَ مُشَارِكِين، وإِلى ضِيَافَةِ الغُرَبَاءِ سَاعِين.” (روما ١٢/٩-١٣). الحب هو طبيعة الله التي شاركنا بها، زارعًا حبّه فينا منتظرًا أن نبادله الحبّ بالحب، وأن نبادل بعضنا البعض هذا الحب بواسطة روابط المحبة الإلهيّة التي تجمعنا ببعضنا بالرب.
هذا ما عاشَهُ قدِّيسُنا مارون الذي اختارَ التقرُّبَ من حبيبِهِ الله، ليتعرَّفَ عليهِ وينقلَ هذه المعرفةَ للآخرين، حيث “كان هو نفسُه الزارعُ للهِ في جوارِ قورشَ ذلكَ الفردوسِ المُزهرِ… كان زينةً في خورسِ القدِّيسين الإلهيّين. وكان، حبًّا بالحياةِ تحت قبَّةِ السَّماء، قد اتَّخذَ له رابيةً كانت في الماضي كريمةً لدى قومٍ من الكافرين، حيث كان هيكلٌ للشّياطين فحوَّلَ ما فيه إلى عبادةِ الله” (تاريخ أصفياء الله/الفصل16).
لقد تنسَّك مارونُ على التلَّة، محوِّلاً المعبدَ الوثنيَّ فيها إلى هيكلٍ لله، تاركًا الانجذاباتِ الدنيويَّة والعالم، متّحدًا بربِّه وخالقِهِ بحبٍّ كبير دفعَهُ للاشتعالِ بمحبَّةِ القريب. فعَمِلَ على اهتداءِ قاصديه وتلاميذِه وشفائِهم من الأسقامِ الجسديَّةِ والنفسيَّة وتحريرهم من الأرواح النجسة. ذاعَت شُهرتُه في كلِّ مكانٍ وانتشرَت، ممّا دفعَ بالنّاس إلى أن يحُجّوا منسِكَهُ ويسألوا بركتَهُ ونُصْحَه وإرشاداتِه، ويطلُبوا الشِّفاءَ الجسديَّ والنّفسي، وكان هو يغتنمُ الفرصةَ ليُضرمَهُم بمحبَّة الله والتعلُّق به، وبضرورةِ الإيمانِ بأمِّنا الكنيسةِ جسدِ المسيحِ السرّيّ، ويسوعَ رأسِها! فلا شيءَ في الخليقَةِ كُلِّها يَقدِرُ أن يفصِلَه عن محبّةِ اللهِ التي هي في المسيحِ يسوعَ ربِّنا، وفي إخوتِنا البشرِ وكلِّ خلائقِه.
التطبيق العملي: (عمل محبة)
كُلُّنا مدعوُّون لتجسيدِ إيمانِنا بعملِ محبَّةٍ نقومُ به مع أحدِ إخوتِنا البشر.
الصّلاة:
(نشيدُ المحبَّةِ لمار بولس، كورنثوس الأولى الفصل ١٣).
“إِنْ تَكَلَّمتُ بلُغاتِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلا مَحَبَّةٌ عندي، فَما أنا إلّا نُحَاسٌ يَطِنُّ أَوْ صَنْجٌ يَرِنُّ.
وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوءَةٌ، وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا.
لو فرَّقتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وسَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ افتخارًا، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئًا. الْمَحَبَّةُ تَصبُر وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثم بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْء. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا.
وَأَمَّا النُّبُوَّاتُ فَسَتَبْطلُ، وَالأَلْسِنَةُ فَسَتَنْتَهِي، وَالْعِلْمُ فَسَيَبْطُلُ، لأَنَّنَا نَعْلَمُ بَعْضَ الْعِلْمِ وَنَتَنَبَّأُ بَعْضَ التَّنَبُّؤِ.
وَلكِنْ مَتَى جَاءَ الْكَامِلُ زال الناقص…
الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ.
والآن يبقى: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ،
هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ!”. آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة!
نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم السابع
قراءة اليوم السابع: شفاعة مار مارون
مارون صلِّ لأجلنا
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
القديسون الأبرار هم الذين ساروا السيرة الحسنة في هذه الأرض، مداومين على الصلاة والصوم من أجل من حولهم، ومن أجل الخير العام والمحبة… طالبين من الرب الرحمة والعون للجميع، لاعبين دور الشفاعة منذ حياتهم الأرضية، وطبعًا هم مستمرون في شفاعتهم في الديار السماوية، حاملين في صلواتهم وشفاعتهم غالبًا القضايا والهموم والأمراض التي عانوا منها وهم في هذا العالم وانتصروا عليها بقوة العليّ الساكن فيهم.
التأمل:
مار مارون “معلِّمُ نسّاكِ القورشيَّةِ وأبوهُم: كان لا يكتفي بشفاءِ عاهاتِ الجَسَدِ فحَسبْ، بل كان أيضًا يأتي للنُّفُوسِ بالعِلاجِ المُفيد، شافيًا هذا من داءِ البُخلِ، وذاك من الغضبِ، مانحًا هذا التَّعليمَ المؤدّي إلى الحكمة، وواضعًا لذاك الإرشاداتِ إلى الفَضِيلَة، مروِّضًا ميوعةَ هذا، ومنعشًا ذاك من كسَلِه. ولمّا كانت هذه هي الصّبغةُ التي أضفاها على حقلِه، فقدْ جعلَهُ خصيبًا بالكثيرِ من غروسِ الفَلْسَفَة… “الصدّيقُ كالنَّخْلَةِ يزهرُ وكالأرزِ في لبنانَ ينمو”. (مزمور91/13).” (تاريخ أصفياء الله، الفصل 16، مارون الناسك).
أرادَ مار مارونُ الاختلاء، لا هربًا من العالم، بل لأجلِه، إذ كان على يقينٍ أنَّ صلاتَهُ النُّسكيَّةَ ستكونُ أكثرَ فائدةً وإصلاحًا. فكانَ لِسَهرِهِ ووقوفِهِ وصومِهِ وتقشُّفاتِهِ الكثيرةِ الفضلُ الكبيرُ في السَّيطَرَةِ على أهوائِه، والنّصر على الشّيطانِ وحيَلِه. كان شهيدًا حيًّا مُسَمَّرًا بتجرُّدِه، متَّحِدًا باللهِ على الدَّوام، وقد أعطاهُ اللهُ موهبَةَ شفاءِ النُّفوسِ والأجساد وطرد الأرواح الشريرة. هو قصدَ اعتزال العالم والضجَّة، لكنَّ النّاسَ لحقوه، لم يتركْوه، بلْ ظلُّوا يقصِدُونه للتعلّم والشِّفاء. وما أمسَّ حاجتِنا اليوم لشفاعتِهِ لنا في أمراضِنا الجَّسديَّةِ والنَّفسِيَّةِ! ولا سيّما في طرد الأرواح النجسة، وفي شفاءِ الإيمانِ وعودتِهِ إلى الطَّريقِ الصَّحيحِ تشبُّهًا بالآباءِ القدّيسين الذين حمَلوا لنا الإيمانَ القويم، وأَوصَلونا إلى الحبِّ الإلهي بقُدْوَتِهِم وبشفاعتِهِم. نحن غالبًا ما نطلب شفاء الجسد وننسى شفاء النفس والإيمان. يسوع كان يبدأ الشفاء بمغفرة الخطايا، وهي الأهم! التوبة هي الأهم، والتوبة ليست دائمًا عن خطايا كبيرة نعيشها، بل تتخطى ذلك لهفواتٍ صغيرةٍ تتراكم فتُزيحنا عن الطريق الصحيح. لهذا من الضروري الشفاعة لقديس أُعطِيَ من السّماء موهبة شفاء الإيمان وطردِ الأرواح النجسة والابتعاد عن الرذائل. هو السيِّدُ الصغيرُ الزّاهدُ الذي ترفَّعَ صوبَ السّماء، فَمنحَته النعمة للغلبةِ على الشَّهواتِ والرذائلِ وضُعُفاتِ هذا العالم! له يجب أن نصَلِّي ليشفعَ لنا.
التطبيق العملي: (كُلّنا شفعاء)
في الحقيقةِ كُلُّنا شفعاءٌ لِبعضنا وللمسكونة. الربُّ يَعِدُنا “كلَّ ما تطلبونَه باسمي من الآب يُعطى لكم!” (يو١٦/٢٣). لهذا نحن مدعوّون اليوم للصَّلاةِ مِن أجلِ الآخَرين! فَلْنَخْتَرْ شخصًا نصلِّي لأجلِهِ، لِنحملْ بعضَنا بصلاتنا، لنشكّلْ سلسلةَ شفاعةٍ نرفع فيها عالمَنا. الدَّعوة عامة! لِنُلَبِّ!
الصّلاة:
طوبى لكَ، يا أبانا مارون، يا مَن وَقَعَ في نفسِكَ كلامُ الإنجيلِ وقوعَ حبَّةِ القمحِ في الأرض الطيِّبَة، فآثرتَ فَقرَ المسيحِ على كنوزِ الدُنيا! طوبى لكَ، يا أبانا مارون، يا مَن جاهدتَ الجِهادَ الحَسَنَ على جبلِ قورش، فتوافَدَ إليكَ المؤمنون من كلِّ الأنحاء! كم شَفَيتَ بصلاتِكَ مريضًا، وهديتَ ضالاً، ورددتَ خاطئًا إلى البِرِّ والخلاص! طوبى لكَ، يا أبانا مارون، يا من صِرتَ طِلبَةً على شِفاهِ المؤمنين، ومثَلاً حيًّا لِشعبٍ يَحمِلُ اسمكَ، وَيُعْرَفُ بكَ إلى مُنتهى الدُّهور! نسألُ الربَّ أن يُهديَنا بشفاعتِكَ إلى نورِ الإنجيلِ في هذه الأزمنةِ العسيرة. وأن يَرُدَّ البعيدين، ويخلِّصَ الخاطئين، ويحفظَ بصليبِه القريبين. فيا ربّ، إنَّنا ندعوكَ بشفاعةِ صفيِّكَ مارون! لاشِ من بيننا الانقساماتِ والحروب، وطِّد الأمنَ والسَّلامَ بينَ جميعِ الشُّعوب، واحمِنا من النَّكباتِ والأوبئة، إشفِ مرضانا، رُدَّ غِيَّابَنا سالمين، أرِحْ نفوسَ موتانا، وعلِّمنا كيفَ نشكُرُكَ ونُمَجِّدُك مع العذراءِ مريم، وأبينا مارون، وجميعِ القديسين الآن وإلى أبد الآبدين، آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة! نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم الثامن
قراءة اليوم الثامن: نَعِدُكَ مار مارون!
لن نخذُلَكَ مار مارون!
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
“إنَّ حبَّةَ الحِنطَةِ إنْ لَمْ تقَعْ في الأرضِ وتَمُتْ تبقى وحيدة، وإن ماتَتْ أتَتْ بثمارٍ كثيرة” (يوحنا12/24).
ماتَ القدّيسُ مارون في الرُّبعِ الأوَّلِ من القرنِ الخامس، قُدِّرَ حوالي سنة ٤١٠م، بعد مرضٍ بسيط ألمَّ به، مُحاطًا بجمهورٍ من التَّلاميذِ النُسّاكِ والمؤمنين الذين امتازوا بامتلائِهِم من حُبِّ المسيح، مُكَرِّسين ذواتَهم كليًّا للتأمُّلِ والصّلاةِ والإصغاءِ وتقديسِ نفوسِهِم وَمَنْ حولَهم. طَلَبَ أن يُدفَنَ مع الناسكِ زابينا، المُرشِد الذي كان له بمثابةِ المعلِّمِ والأب، إلاَّ أنَّ وصيّتَهُ هذه لم تُنَفَّذْ. فَما إن فاضَتْ روحُهُ النقيَّةُ حتّى تزاحَمَتْ على رُفاتِهِ الجَّماهيرُ من كلِّ صوبٍ للتبرُّكِ بذخائرِهِ. وكادَ النِّزاعُ على الجثمانِ يؤدي إلى العراكِ في قورشَ، إلى أنْ ظفرَ رجالُ أهلِ مدينةِ برَادَ الأكثرَ عددًا، بنقلِهِ إلى كنيستِهِم التي تحمل اسم القدّيس يوليانس. وضعوا الجثمانَ في صندوقِ حجرٍ قربَ الكنيسة، وأقاموا معبدًا عليه. وكانَ الناسُ يَؤُمُّون المعبدَ للتبرُّك. فموتُه لم يؤثِّرْ في قوَّةِ شفاعَتِهِ وشِفاءاتِهِ، واعتُبِرَ قديسًا عظيمًا. تواصَلَتِ العجائبُ بشفاعَتِه، وانتشرتِ الأديارُ والكنائسُ التي تحملُ اسمَه، وازدادَ عددُ النُسّاكِ الذين نهَجوا نهجَهُ. وزادَ حجمُ الأمَّةِ التي اختارتْهُ لها شفيعًا عند اللهِ وقدوةً يُحتَذى به للوصولِ إلى الله.
فلْنَنْظُرْ إليه! كشاهد حب، تجرّأَ واختارَ السّلامَ المَبنيَّ على محبَّةِ يَسوع، وسطَ أيامٍ اشتدَّ فيها الصّراع والشّرُ والانقِسامُ في الكنيسةِ من حوله، مميّزًا صوت الحق! هو لم يَمِل بأُذنيهِ إلى الرغبات الأنانيّة التي تُفسد الإيمان، ولم يمزج بين دوافع الإنسان الشخصيّة وبين مشيئة الله، بَل نَظَرَ إلى ما يُرضي الله فقط. وأمامَ البِدَعِ والهرطقاتِ اختار الصمت والاختلاء والصلاة للتمييز، وللتَّضَرُّع للكنيسة التي حَمِلَها صَليبًا ثَقيلاً.
صَعِدَ الجَبَل كَما صَعِدَ يَسوع، لِيُمَجِّدَ الآبَ، فَيَرَى المَجدَ وَيعكِسُهُ بِدَوْرِهِ لِجَماعَتِهِ. آباؤنا القديسون اختاروا الصمت لا هروبًا من الحقيقة والعالم، وإنّما كان صمتهم من أجل الغَوص في الحقيقة وحملها للعالم.
لِنُقارنْهُ بأنْفُسِنا: أي صوتٍ أعلى في قلوبنا، صوت المحيطين بنا، صوت المجتمع، أم صوت الحقيقة والله؟ نحن إذا خُيِّرنا من نختار، مصالحنا الشخصية أم مشيئة الله؟ كيف نعرِفها؟ هَل نَعي أنّ حَياتَنا على الأرضِ هِيَ زَمنُ تَمْجيدِ الآبِ بِأعمالِنا؟ “لِيَرَوا أعمالَكُمُ الصّالِحَة فَيُمَجِّدوا أباكُمُ الذي في السّماوات!” (متّى٥/١٦).
هَلَّا فَعَلنا كَمار مارون فَتَمَثَّلنا بِيَسوعَ، الذي وَهوَ على الصَّليب، كانَ يُتَمِّمُ مَشيئَةَ الآب، محتملاً كُلَّ الإهانات! هل نختار الصمت ولوجًا لداخلنا لمعرفة الحقيقة؟ أم نختاره لِنهرب من الحقيقة؟ أو نُسكتها؟
إذا تعرّضت الكنيسة لاضطرابات وهرطقات، هل نحملها بصلاتنا ونعمل على تصحيح وترميم ما استطعنا! أم نَقف منتقدين، محاكمين!
التطبيق العملي: (الوعد بالتعرّف على مار مارون للاقتداء به)
في عالمنا اليوم نحن نُهمّش مار مارون، لا نعرف عنه شيئًا ولا نَبحث لِنَعرف! نحن لا نستطيع أن نقتدي به ما دُمنا لا نعرفه حقَّ المعرفة! أن نحمل اسمه (كأشخاص أو كجماعات) شيء جميل! ولكن هل نستحق هذا الأسم؟ ولِمَ نحمله؟ لذا! نَعِدُك مار مارون بالتعرُّف عليك والاقتداءِ بك، وبآبائِنا القدّيسين. (نَخْتَارُ صورةً له لنحتفظ بها).
الصّلاة: لهذا نَعِدُكَ مارونَ القدِّيس، أن نقتفيَ إثرَكَ في محبَّةِ اللهِ والقريب، في الصَّمتِ والتأمُّلِ والإصغاءِ لكلمةِ الربِّ بكلِّ تجرُّدٍ وامتنانٍ وفرح، ساعين إلى تتميمِ مشيئتهِ الإلهيّة في حياتِنا! نحن لا نُريدُ أن نخذُلَكَ أنتَ شفيعُنا. لهذا صلِّ لنا يا أبانا، ليُشفى إيماننا، ونعود إلى جذورنا الطيبة! تشفّع لنا لنقدرَ أن نقتديَ بكَ وبالمسيحِ ربِّنا أمثولةِ حياتِنا وعشقِ قلوبِنا، آمين.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة! نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
تساعيّة مار مارون : اليوم التاسع
قراءة اليوم التاسع: شكرًا مار مارون
الإكرام
نبدأ صلاتنا كل يوم باستدعاء الرّوح القدس، ثم دقيقة صمت، ثم فعل الندامة.
التأمل:
لَطالما سألتُ نفسي مَن يُكرّمُ مَن؟ أَنحنُ حقًا من نُكرِّمُ القدّيسين، أمْ هُم مَن يكرِّمونَنا؟ بشفاعاتِهِم لنا عند الربّ، بمساعدتِهِم لنا لنصلَ إلى السّماءِ منتصرينَ بالاقتداءِ بمسيرتِهم. الشكرُ الحقيقيُّ للقدّيسِ هو الاقتداءُ به، هو محبةُ الربِّ على غرارِهِ. في السّماءِ القدِّيسون ليسوا بحاجةٍ لشكرِنا، إنَّهم يتوقون لنَصلَ إليهم منتصرين، غالبين بالمحبَّة، فتكتملَ صورةُ الملكوتِ المُعَدِّ للجّميعِ لندخُلَ كُلُّنا معًا فرحَ سيِّدِنا. لهذا وعدُنا بالسِّيرَةِ الصّالحةِ المسيحيَّةِ الحقيقيَّةِ هو أكبرُ شكرٍ نقدِّمُهُ في يومِ “عيد مار مارون”.
تمَّ تحديدُ هذا العيدِ خلال انعقادِ المجمعِ اللّبنانيّ الشَّهير (1736م)، مع إقرارِ الإصلاحات، وبناءًا على براءَةٍ صدرتْ عن البابا أقليمنضوس الثاني عشر، حيث عُيّن العيد في ٩ شباط عند الرعايا المتّحدَةِ مع روما، بالوقت الذي يُحتفلُ بهِ في ١٤ شباط لدى الرعايا الأخرى، بعد أن تبَدَّلَ موعدُ العيدِ عِدَّةَ مراتٍ، حتى ثبُتَ على هذا التّاريخ. ومنح البابا بنديكتس الرابع عشر، بعد أربعة أعوام، إنعامًا خاصًّا، غفرانًا كاملاً، لكلِّ مَن يعترفُ ويتناولُ ويزورُ كنيسةً مارونيَّةً يوم عيدِ القدّيس مارون.
ومن الجَّديرِ بالذكر معرفة، كيفَ حاولَ تلاميذُ مار مارون إكرام جثمانِه، وشكره بعد نياحته، حيثُ حرِصُوا على اتِّباعِ تعاليمِهِ والبقاءِ على الإيمانِ النَّابِعِ من محبَّةِ المسيح، والعلاقة الشخصية معه لِلثباتِ في الطريق الصحيح بعيدًا عن الهرطقات، التي ازدادتْ، وعلا صوتُها جدًّا، وبالأخصِّ في أواخرِ القرنِ الثَّامن، حيثُ اشتدَّ الاضطهادُ على أتباعِ مار مارون الذين دُعُوا “موارنة” نسبَةً لاسمِهِ، لشدَّةِ شبهِهم به.
بعد حوالي نصف قرن من وفاته، بدأ تلامذته بالتجمّع في أديار تتَّبع روحانيّته المميزة. وأكبرُها دير بيت مارون الذي كان يضُمّ مئات الرهبان، وقد بُنِيَ في الرّستن (على ضفاف نهر العاصي)، في سوريّا (الثانية-أفاميا)، ونُقلَت إليه رُفاتُ القديس. وبسبب الاضطهادات بدأ الموارنة بالتحرّك غربًا باتجاه فينيقيا، فبنى المطران يوحنا مارون القديس ديرًا في كفرحَيّ (لبنان-البترون) كاستمرار لدير بيت مارون، وبعد انتخابه بطريركًا على الكنيسة المارونيّة عام 685م، اتَّخذَ منه مقرًّا بطريركيًّا ونقل إليه هامة مار مارون وسمّاه “دير رأس مارون”.
لكن سنة ١١٣٠م، أثناءَ الحروبِ الصليبيّة، وَجَدَ أحدُ رهبانِ القدّيس مبارك الهامةَ فنقلَها معه بطريقة مجهولة إلى مقرّ رهبانيَّتِه في إيطاليا، وأصبح القبرُ هناك محجًّا حتى اليوم. وفي ١٤ ك١ ١٩٩٩م استرجعتِ الكنيسةُ المارونيَّةُ قسمًا من الهامةِ المقدَّسة، إلى كفرحَيّ لبنان.
وما اهتمامُ الناسِ بالهامةِ والرُّفاتِ إلاّ دلالةً على صِدقِ محبَّتِهِم لهذا القدِّيسِ المميَّز الذي تخطّى إشعاع روحانيته الحدودَ والمسافات.
الصّلاة:
يا خالِقَ العالَمِين، وَمُنَظِّمَ المسكونة، يا منبعَ الحبِّ والحنين، لكَ نَسْجُدُ وإيّاكَ نَشْكُرُ ضارعين! نشكُرُك على عطاياكَ غيرِ المتناهية، على قدّيسيك الذين أنعمتَ بهم علينا. وبالأخصِّ اليوم، نشكرُكَ على مار مارون أبينا وشفيعِنا البار! أشْرَقْتَ يا رب بِنورِكَ في قلبه، فَثَبَّتَنا على الإيمانِ بِكَ، وكَمَّلَنا بِمَعْرِفَتِكَ! أنعمتَ عليه بالشفاءاتِ، فأغدَقَ بها علينا، وطَرَدَ عَنّا بِضيائِكَ ظَلامَ الخَطيئَةِ والضلال. نحن نشكرُكَ ربي ونشكرُ مارونَ القدِّيسَ صفيَّكَ، ونَفْرَحُ بِفَرَحِكَ مَعَ قديسيك المميَّزين، َوَرَثَةِ النّور، وَنسعى لِنَخْرُجَ إلى لِقائِكَ معهم، وبينَ صُفوفِهِمْ لنَرْفَعَ لك المَجْدَ والشُّكْرَ والإكرام، وإلى أبيكَ وروحِكَ القُدُّوس، إلى الأبد. آمين.
التطبيق العملي: ذبيحةُ الشكرِ هي أجملُ ما نختم به تساعيتنا، فلنرفعها اليوم إكرامًا لمار مارون، وعلى نواياه الخاصة.
تلاوة بيت من مسبحة الورديَّة، ونختِمُه بدعاء: يا مار مارون صلِّ معنا! صلِّ لأجلنا!
الصلاة اليوميّة:
أيُّها الرّبُّ الإله، يا مَن دعوتَ صفيَّكَ مار مارون إلى السِّيرَةِ النُّسْكيَّة، حيث تخلّى لأجلِكَ، فتَحلّى بك، وتجلّيتَ به. فحملَ إلينا نورَكَ، وكَلِمتَكَ، ونِعمَتَكَ، وبرَكَتَكَ، داعيًا إيّانا لِنَقتَفي إثره في العيش الدائم بحضورِكَ وفي الثّباتِ بهدايَتك حتى النهايّة! نشكُرُكَ عليهِ! ونسألُكَ بشفاعتِهِ النّعمة التي نحن بحاجة إليها، و(نوايانا الخاصة) إذا كانت بحسب مشيئتك، ونطلُب أن تُشَدِّدَنا وتُثَبّتَنا بصلواتِه وتضرّعاتِه، وَتَقودَنَا إلى السلامِ الحقيقي، وتذكِّرَنا بإيمانِ الآباءِ والأجدادِ وتصونَهُ فينا، وأن تغمُرَنا أنتَ يا ربّ، بمحبَّتِكَ لكي نسلُكَ في سُبُلِكَ، ونرعى وصاياكَ، ونسيرَ على خُطى أبينا البار مارون، فتَنبُضَ سيرتُه المقدَّسةُ في أرجاءِ حياتِنا، وتُضْرِمَنا بقوّةِ كلمتِكَ الشَّافيَةِ التي منحتَها لهُ، فباتَتْ صلاتُه دواءًا للنُّفوسِ والأجسادِ، فنَبْلُغَ من حُبِّكَ الغايةَ التي بَلَغَ، ونُسبّحَكَ ونُمجّدَك معهُ، ونشكُرَكَ أنتَ وأباكَ المبارَك وروحَكَ الحيَّ القدّوسَ إلى أبد الآبدين. آمين.
[1] مفاتيح الرجاء السبعة، المفتاح الأول: بأن نؤمن بأن لا مستحيل عند الله.
[2] المفتاح الثاني: الصبر.
[3] المفتاح الثالث: عشق الله.
[4] المفتاح الرابع: العيون المرفوعة دومًا صوب السماء.
[5] المفتاح الخامس: الوحدة مع الذات بالربّ، حيث تجد الذات كمالها بالربّ.
[6] المفتاح السادس: عدم الخوف، لأن كل شيء يعمل للخير، والله قادر أن يُخرج من الشرّ خيرًا.
[7] المفتاح السابع: رجاء القيامة.
تحت إشراف
سيادة المطران الياس سليمان
المرشد العام لعائلة قلب يسوع الاقدس في سوريا
Discussion about this post