السنكسار القمري
الترتيب القمري من أحد الكهنة حتى أحد وجود الرب في الهيكل
(السنكسار الماروني)
أحد الكهنة
قبل صوم الخمسين:
في هذا اليوم نصنع تذكاراً لآبائنا الكهنة المستقيمي الإيمان الراقدين بالرب، الذين شرفهم الله بدرجة الكهنوت التي تعلو مقام الملوك سمواً، بل الكاهن أعظم من الملاك، لأن الكاهن نائب الله ووكيله والملاك خادم الله.
وقد أعطى الله الكاهن سلطانين عظيمين، مختصَّين به وحده وهما سلطان الدرجة الكهنوتية وبها يقدس جسد المسيح ودمه. وسلطان الولاية، وبها يحل ويربط ويدّبر كنيسة الله.
وعلى الكاهن أن يكون مستقيم الإيمان، أي أن يكون متمسكاً بالإيمان الكاثوليكي، وغيوراً على تعليم أبنائه الروحيين هذا الإيمان المقدس وخلاص نفوسهم.
وأن تكون سيرته لا لوم فيها، لكي يستطيع أن يعلم ويرشد. لئلا يهلك نفسه ونفس سواه.
وقد عينت الكنيسة المقدسة هذا اليوم لكي نسعف بالصلوات والقداديس آباءنا الكهنة المتوفين، لأنهم محتاجون، لثقل وزناتهم ومسؤولياتهم. فاسعافهم متوجب علينا ليترأف الله عليهم ويعطيهم السعادة الأبدية جزاء تعبهم وجهادهم.
رحمهم الله ورزقنا شفاعتهم. آمين!
أحد الأبرار والصديقين
قبل صوم الخمسين:
قال الكتاب المقدس في الفصل السابع العدد التاسع من سفر الرؤيا:” رأيتُ فإذا بجمعٍ كثير لا يستطيع احد أن يحصيه من كل أمة وقبيلة وشعب ولسان، واقفين امام العرش وأمام الحمل، لابسين حللا بيضاء وبأيديهم سعف نخل”.
يراد بالجمع الأبرار والصديقون من نساك وأبكار وعذارى وآباء وأنبياء وشهداء… فهؤلاء إذ نقلهم الله من هذه الحياة، مجّدهم برؤية وجهه القدوس. وقد اتفق جميع علماء الكنيسة على أن القديسين في السماء يتنعمون بجميع حواسهم. وكلهم قد اقتنوا شجرة الحياة أي يسوع المسيح. بعد ان أتموا حياتهم بالجهاد، حاملين أغصان الانتصار على الشهوات وبقية الأعداء، ولهذا يخبر عنهم صاحب الرؤيا بأنهم “هم الذين اتوا من الضيق الشديد” ( رؤيا 7: 14).
صلاتهم تكون معنا. آمين.
أحد الموتى المؤمنين
قبل صوم الخمسين:
لقد قررت الكنيسة المقدسة، بصفتها معلمة الشعوب طريقَ الحق، وجودَ مكان يسمى المطهر، تذهب إليه نفوس المؤمنين الذين توفاهم الله وعليهم بعض خطايا عريضة أو كفارات عن خطايا مميتة قد اعترفوا بها. فمثل هؤلاء، لدى انتقالهم من هذه الحياة، يذهب بنفوسهم عدل الله المرفوق بالرحمة، إلى المطهر فيفوا عن خطاياهم بنار تشبه جهنم شدة، إلا أنها زمنية، ونار جهنم أبدية.
قال القديس ديونيسيوس الاثيني وفمُ الذهب ان الرسل القديسين رسموا تقدمة الصلوات في القداس الإلهي لأجل الموتى الراقدين بالمسيح. ونحن أخذنا هذا التقليد عنهم، ولذلك وضع لنا آباؤنا الكرام هذا اليوم وهذا الأسبوع لنسعف أمواتنا بتقدمة القداديس والحسنات والصلوات عنهم ليخلصهم الله من عذابهم الأليم، وينقلهم الى ملكوته السماوي.
فلنرحهم أيها الأخوة، كي يرحمنا القائل:” طوبى للرحماء فإنهم يُرحمون”، في ذلك اليوم الذي يحتاج فيه كل منا إلى الرحمة التي نرجو أن تكون لنا اجمعين. آمين.
الأحد الأول من الصوم
عرس قانا الجليل – تذكار ما صنعه السيد المسيح في عرس قانا الجليل
دعي يسوع وأمه وتلاميذه إلى عرس في قانا الجليل. وكاد يفرغ الخمر فلفتت العذراء نظر يسوع إلى هذا، فحول يسوع الماء إلى خمر جيدة. وكانت هذه أولى آياته أظهرت مجده فآمن به تلاميذه.
يعتبر بعض المفسرين إن هذه الآية تعبير عن وساطة مريم وشفاعتها القديرة لدى ابنها. وغيرهم يستعملونها كموضوع للوعظ في الزواج المسيحي ومنهم من يرى فيها رمزاً لتحويل الخمر إلى دم يسوع.
أما الفكرة الجوهرية عند القديس يوحنا الإنجيلي فهي تقسم إلى ثلاثة أقسام:
أولاً- حوار يسوع مع أمه: ذكر يوحنا مريم العذراء في بدء إنجيله، كما ذكرها في نهايته على أقدام الصليب، ليعطيها الدور المهم في تاريخ الخلاص.
قلقت مريم لنفاد الخمر فأعلمت يسوع. أما يسوع فكان يفكر بعكس تفكيرها لأنه أراد أن يعطي أمثولة من الحدث. وحيث لم تجد مريم حلاً للمشكلة فيسوع قد وجد على طريقته الإلهية.
ثانياً- كمية الخمر وجودته: دهش وكيل المائدة بجودة الخمر وكميته في ستة أجران تسع حوالي مئتي ليتر. ولم يدر من أين أتى؟
إنه أتى من كلمة يسوع. الخمرة بحد ذاتها لا معنى لها، إنها علامة تدل على ألوهية المسيح.
ثالثاً- النتيجة: إن يوحنا لم يذكر شكر العروسين ليسوع ولا تأثيرات المدعوين، وينتهي العرس حالاً. إنما الإنجيلي لم ينس أن يشدّد على المهم في هذا الحدث الذي هو إظهار مجد يسوع. وعندئذ بدأ التلاميذ يؤمنون بيسوع الذي له المجد الى الأبد.
الأحد الثاني من الصوم
تذكار شفاء الابرص
البرص مرضٌ عضال صعبٌ الشفاءُ منه. كان على الأبرص أن يعيش بعيداً عن الناس ( كما جاء في سفر الاحبار 13: 45… فليقم منفرداً وفي خارج المحلة يكون مقامه).
أما هذا الأبرص فانه أتى إلى المدينة بين الناس ووقف أمام يسوع مؤمناً بأن قوته هي فوق الشريعة. وسجد أمامه طالباً منه أن يشفيه لأنه يؤمن أن قوة الله تعمل في شخص المسيح:” إنك قادر على أن تشفيني”. طلب الأبرص رحمة يسوع:” إذا شئت”. كأن يسوع هو أمل حياته. إرادة يسوع هي وجود للابرص. فمد يسوع يده ولمس الأبرص ولم يهتم لأقوال الشريعة لأنه كان يصنع رحمة. لمس يسوع الأبرص فزال عنه البرص لوقته، ودخل الأبرص في الجماعة. إرادة يسوع شفت الأبرص من بلواه وأدخلته جماعة الله وعبادته.
كانت الشريعة تأمر أن الكاهن يحتكم بأمر شفاء الأبرص، لذلك قال له يسوع: اذهب إلى الكاهن فأره نفسك. وأن على الأبرص أن يقدم محرقة شهادة لطهره (سفر الاحبار فصل 14 بكامله). قال يسوع للأبرص: قرّب عن شفائك ما أمر به موسى شهادة لديهم. أراد يسوع إتمام الشريعة وأن تصل الشهادة إلى الكهنة بأن الخلاص قد بدأ كما تنبأ أشعيا أن في زمن الخلاص تصير الأشفية من جميع الأمراض. ورغم تحذير يسوع للأبرص لئلا يخبر أحداً بما جرى. فقد انتشر ذكر يسوع إلى البعيد وتوافد أليه جموع كثيرة لتسمع كلماته وتشفى من أمراضها. إليه نضرع ليطهرنا من خطايانا ويفتح قلبنا على أنواره البهية له المجد مع أبيه وروحه القدوس إلى الأبد. آمين.
الأحد الثالث من الصوم
تذكار شفاء المنزوفة
امرأة منزوفة منذ اثنتي عشرة سنة يقول القديس متى. ويزيد القديس لوقا بأنها أنفقت كل مالها ولم تستفيد شيئاً وأصبحت كمنبوذة من المجتمع. وبقي لها أمل وحيد: يسوع.
لم تستطع الوقوف امامه بل دنت من خلف يسوع ولمست طرف ردائه بعكس بقية المرضى الذين كانوا يطلبون أن يضع يسوع يده عليهم أو أن يقول كلمة فيشفيهم. هذه المرأة قالت في نفسها: حسبي أن ألمس رداءه فأبرأ.
ومن ساعتها برئت.
ولكن ليس لمس الرداء هو الذي شفاها، بل إيمانُها. فقال يسوع: إيمانك أبرأك. بإيمانها حصلت على السلام وعلى الشفاء.
أيها المسيح ارحمنا كما رحمت المنزوفة فشفيتها. وأعطينا أن نتذوق حلاوة النعمة وطيب السلام الداخلي، وهبنا النعمة لنعيش بوصاياك في المجتمع فيعرف العالم إنك المخلص لك المجد ولأبيك المبارك ولروحك القدوس إلى الأبد. آمين!
الأحد الرابع من الصوم
تذكار الابن الضال
قال يسوع: كان لرجل ابنان. أراد أصغرهما أن يستقل عن إرادة أبيه ويعيش حراً من كل قيد أو نظام بحسب رغبته فطلب حصته من المال. فكان له ما أراد. سافر وأنفق كل ماله في حياة تبذير وبدون نظام. فجاع واستُخدم. ولكن تعاسته زادت ولم يبق له أي أمل في الحياة. كان وحيداً في غربة بعيدة عن والده.
فرجع الى نفسه. وتذكر بيت أبيه وما فيه من خير وراحة. لم يتذكر بيت والده محبة بأبيه بل خوفاً وهرباً من الجوع والموت في بلاد غريبة.
وقرر الرجوع إلى أبيه واثقاً برحمته وغفرانه. الرجوع الداخلي يفرض ترك الحياة الماضية والعودة إلى الآب، غلى الله. وما إن رآه والده حتى اشفق عليه وأسرع اليه وقبّله طويلاً قبل أن يلفظ الابن كلمة استرحام. وما كاد يطلب الابنُ الغفران حتى قاطعه الوالد وبدون أن يلفظ كلمة غفران وبدون محاسبة وبدون شرط أمر الخدام ان يُلبسوا ابنه افخر حلةٍ كضيف الشرف، والخاتم في إصبعه ليعطيه حقوق البنوة. والنعلين في رجليه برهاناً على أنه إنسان حر. وذبحوا له العجل المسمن وبدأت حفلة الفرح. وهكذا ظهر سرور قلب الوالد وملأ البيت.
ولما وصل الابن الاكبر وعرف بالخبر. لام أباه على فعله فأفهمه أبوه أن التوبة تستحق المكافأة كما تستحق الأمانةُ المكافأة. وقال له إذا كان الفرح كبيراً بأن نعيش معاً فكم هو أكبر وأشمل الفرحُ عندما نلتقي بعد انفصال طويل.
في هذا المثل أمثولتان: الابن الصغير تاب وعاد إلى أبيه، والابن الكبير تفهم المحبة الأخوية. التوبة والمحبة الأخوية هما بدء زمن الخلاص. التوبة لله والمحبة للإخوة هما قوتان أساسيتان في النظام الأدبي والمسيحي.
فلنُقبل، أيها الإخوة، الى التوبة ولنحب بعضنا بعضاً ولنتضع أمام الله الذي أظهر لنا في مثل الابن الضال رحمته ومحبته للخطأة. له المجد والشكر مع ابنه الوحيد وروحه القدوس إلى الأبد. آمين!
الأحد الخامس من الصوم
تذكار شفاء المقعد
يذكر هذه الأعجوبة الإنجيلي القديس لوقا بطريقة واقعية مؤثرة. كان يسوع يعلّم داخل بيتٍ أمام الفريسيين ومعلمي الشريعة الذين أتوا خصّيصاً ليسمعوه من جميع قرى الجليل واليهودية ومن أورشليم.
وفجأة أُنزل من سقف البيت بين الجماهير وأمام يسوع إنسانٌ مقعد مستلقى على سرير. أنه معلُ إيمان أجاب عليه يسوع حالاً بقوله:” يا رجل غُفرت لك خطاياك”. جواب هو بذات الوقت مكافأة على الإيمان وإظهار سلطة تبيّن قوةً محفوظةً لله.
فتذمر الفريسيون والكتبة، ليس بينهم، بل في نفوسهم:” مَن يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟”. تفكيرهم صحيح: إمّا يسوع يكفر وإمّا عنده قوة إلهية. فعلم يسوع أفكارهم وسأل:” أيُّهما أيسر، أن يقال: غُفرت لك خطاياك، أم أن يقال: قمّ فامش”. وبدون أن ينتظر يسوع الجواب قال للمقعد بسلطة:” قم فاحمل سريرك واذهب إلى بيتك”. فقام من وقته وحمل سريره ومضى فمجد الله. فاستولى الدهش عليهم جميعاً. وكما يلاحظ القديس ايرونيموس انه يوجد فرق بين القول والفعل. هل فعلياً غفر يسوع الخطايا؟ هو وحده يعرف ذلك. ولكن هل فعلياً شفى المقعد؟ جميع الحاضرين رأوا ذلك. إذا كان تم ما فعله يسوع عند شفائه المقعد الا يمكن أن نستنتج أنه قد تم أيضاً ما قاله في غفران الخطايا؟ والكتبة والفريسيون لم يصلوا إلى هذه النتيجة، أما بقية الحاضرين فمجدوا الله وقالوا:” اليوم رأينا عجائب”. قونا اللهم في الإيمان بك لنمجدك بأقوالنا وأعمالنا الآن وإلى الأبد. آمين!
الأحد السادس من الصوم
تذكار شفاء الأعمى
إن ظروف شفاء هذا الأعمى نراها متباينة عند الإنجليين الازائيين الثلاثة. القديس لوقا مع القديس مرقس لا يذكران إلاّ أعمى واحداً، بينما القديس متى يذكر اعميين. والقديس لوقا يضع هذه الأعجوبة عند اقتراب يسوع من أريحا ليدخلها. بينما مرقس ومتى يضعانها عند خروج يسوع من أريحا. أمام هذه الفوارق قال بعض العلماء والمفسرين وخاصة القديس اغوسطينوس: انه جرى فعل أعجوبتين مختلفتين واحدة عند دخول يسوع أريحا وثانية عند خروجه منها. يميل المفسرون إلى رواية القديس لوقا لأنه الوحيد الذي اهتم بسفر المسيح إلى أريحا في طريقه إلى أورشليم وهو الذي ذكر قصة زكا العشار في أريحا.
قال القديس لوقا: كان الأعمى يستعطي. أحس مرور الجماهير. فسأل عن سبب الضجيج فقيل له: يسوع الناصري يمر من هنا. فصاح الأعمى:” رحماك يا يسوع ابن داود”. إنه صوت إيمان بالمسيح الذي أتى “ليعطي البصر للعميان” (أشعيا35: 5). فوقف يسوع وسأله: ما حاجتك إلي؟ فقال الأعمى: سيدي، أن أبصر. رأى الأعمى بعين الإيمان أن يسوع له القدرة الإلهية فدعاه سيداً. وحالاً كافأه المسيح بقوله: أُبصر، إيمانك أبرأك.
فأبصر من وقته وتبع يسوع وهو يمجد الله.
أيها المسيح النور الحقيقي نوّر عقلنا وضميرنا فنراك في كل أعمال حياتنا وثبتنا في الإيمان بك وانشر نور إنجيلك على المسكونة كلها، لك المجد إلى الأبد. آمين!
سبت لعازر
إقامة لعازر من بين الأموات
إن القديس يوحنا الإنجيلي يتفرد بذكر أعجوبة إحياء المسيح لعازر ويعتبرها أعظم الآيات لأنها أعادت الحياة لميتٍ ” قد انتن”. ويصف الحادث كشاهد عيان بدقة وحياة.
كان لعازر، ومعنى اسمه الله عوني، من بيت عنيا بقرب أورشليم أخاً لمريم ومرتا. كان يسوع صديق العائلة. ولما مرض لعازر ذهبت أختاه وأعلمتا يسوع ليأتي ويشفيه. فأجاب يسوع أن هذا المرض ليس للموت النهائي، بل ليتمجد به ابن الله. وتأخر يسوع عن الوصول إلى بيت عنيا يومين فمات لعازر.
ولما وصل يسوع إلى مدخل القرية استقبلته مرتا وقالت له:” رب، لو كنت ههنا لما مات أخي” ولحقت بها مريم ورددت ذات الكلام. بهذا أبانتا عن إيمانهما بالمسيح وقدرته. إنما لم تنتظرا قيامة أخيهما لعازر من الموت. وسأل يسوع أين وضعتموه؟ ودمعت عيناه. لا حزناً على لعازر بل متأثراً لعدم فهم ما سيحدث. ودنا من القبر وأمرهم برفع الحجر. وشكر يسوع الاب السماوي عن البشر جميعاً ونادى لعازر:” هلم عازر واخرج” وللحال خرج الميت مشدود اليدين والرجلين. فقال يسوع:” حلّوه ودعوه يذهب”.
فآمن به كثير من اليهود. وبعضهم ذهب فأخبر الأحبار والفريسيين بما جرى. فعقدوا مجمعاً وعوض أن يستنتجوا من هذه الآية أن يسوع هو المسيح، تآمروا كيف يقتلونه.
أيها المسيح يا من بكلمةٍ أقمت لعازر فأظهرت انك القيامة والحياة لك المجد إلى الأبد. آمين!
أحد الشعانين
دخول المسيح إلى أورشليم
نذكر يوم دخول يسوع المنتصر إلى أورشليم. أخبرنا عن هذا الإنجليون ( مرقس11: 1 -11، ولوقا 19: 28- 38، ويوحنا 12: 12-16).
كان يسوع في طريقه إلى أورشليم حيث سيموت فأرسل تلميذين منهما بطرس ليأتياه باتان من مكان معين ولم يستعملها أحد. كان المحاربون يركبون الخيل إما الأتان فكان مركوب الفقراء والمسالمين. لهدا طلب يسوع الأتان من جهة، ومن جهة ثانية ليتم كلام النبيين أشعيا ( 62: 11). وزكريا (9:9) القائلين:” قولي لابنة صهيون: هوذا ملكك قادماً إليك وديعاً راكباً على أتان”. فأتيا بالأتان ووضعا عليه ردائيهما وركب يسوع. وكانت الجموع تتقدمه وتتبعه قائلة: هوشعنا لابن داود. وكان استقباله ملوكياً لذلك بسط بعضهم ارديتهم على الطريق أمامه كما كانت العادة في ذلك العصر، كما توضع السجادة في عصرنا. وأخذت الجماهير تبارك من باركه الله. ودخل يسوع أورشليم بانتصار واحتفال عظيمين.
هذه كانت أول مرة يقبل فيها يسوع هتافات الشعب. ذلك لأنه عرف أن ساعته قد دنت وأن الصليب ينتظره. فكان عليه أن يُظهر مجده ويتم ما قيل فيه من الأنبياء.
انتظر اليهود مسيحاً زمنياً يحررهم من عبودية الأجانب فأفهمهم يسوع ان ملكوته ليس من هذا العالم. لذلك تآمروا عليه كيف يمسكونه ويقتلونه. ونحن نباركه ونطلب أن تباركه شعوب الأرض جميعاً وتهتف بصوت واحد: مبارك الآتي باسم الرب مخلص العالم له المجد مع أبيه وروحه القدوس إلى الأبد. آمين!
اثنين الآلام
نزاع يسوع في الجسمانيّة
نتأمل في نزاع يسوع في بستان الزيتون حيث كان يتردد مع تلاميذه للإختلاء والصلاة. هذه المرة أمرهم بانتظاره وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا الذين شاهدوا قيامة ابنة يائير ومجدَ تجلّيه. وأظهر لهم كآبته وحزنه أمام الموت، أمام “الساعة” التي كان ينتظرها، الآلام التي كان عليه أن يتحملها، والخطايا التي سيموت عنها. حزنه كان عظيماً فأظهره للتلاميذ قال: نفسي حزينة حتى الموت. وخرجت من فمه البشري كلمات الاستغاثة: يا أبتاه، نجني من هذه الساعة! الخوف أمام الموت يكون قياس عظمة الحياة. وحياة المسيح كانت عظيمة وكبيرة. ومحبته للبشر كانت أعظم وأكبر. سيقبل الآلام حباً بأبيه وإتماماً لمشيئته القدوسة. وبعد أن صلى عاد الى التلاميذ الثلاثة وقد أثقل أعينهم التعب والحزن والسهر، وقال لبطرس:” أتنام ولا تستطيع السهر ساعة واحدة؟ صلوا لئلا تقعوا في التجربة”. لضمان نصرة الروح أثناء التجارب تلزم مساعدة الله التي تُنال بالصلاة. وثبَّتَ يسوع تعليمه بالمثل ومضى ثانية يصلي. ورجع أيضاً فوجد التلاميذ نياماً لأن النعاس أثقل اعينهم. ولما أيقظهم لم يدروا بماذا يجيبونه. وصلى ثالثة وعاد إليهم يقول بقي بعض الوقت من الليل يمكنكم أن تناموا إذا أردتم، ولكن الساعة أتت أن ابن الإنسان سيُسلمَ إلى أيدي الخاطئين. صراع يسوع المتألم وانتصاره يعلماننا سر الشجاعة وكيفية الخضوع لإرادة الله وقوة الصلاة التي تجدد الشجاعة لنقبل كل ما يعمله الله ويريده.
أعطينا، أيها المسيح، أن نشترك في آلامك ونعمل بوصاياك فنتقدس، لك المجد إلى الأبد. آمين!
ثلاثاء الآلام
اعتقال يسوع
ما إن أنهى يسوع صلاته في البستان حتى وصل يهوذا أحد تلاميذه الاثني عشر. هذه الكلمة تحمل فظاعة الخيانة. كان يهوذا الخائن سائراً على رأس عصابة مسلحة بالسيوف والعصي. وكان ليلٌ وقد اتفق يهوذا مع العصابة ليمسكوا مَن سيسلّم عليه ويُقّبله. القبلة علامة المحبة والحنان والاحترام، دنّسَها يهوذا وجعل منها علامةً للخيانة. ومخافة أن يفلت منهم يسوع حذرهم يهوذا ليمسكوه ويسوقوه محفوظاً. وما إن دخل البستان والعصابة تتبعه حتى دنا من يسوع وقبّله. وكانت معركة بين الإله والإنسان، بين النور والظلمة بين الفداء والخيانة. وأمسكوا يسوع. إنما المسألة لم تمضِ بدون حوادث فاستل بطرس سيفه وقطع أذنَ عبدِ عظيم الأحبار. إلاّ أن يسوع أعاد الأذن وشفاها. وقال لهم احتجاجاً على طريقة توقيفه: كنت كل يوم بينكم فلم تأخذوني. ولكن يسوع كان عالماً بتصميم الله الأزلي وأن كل شيء سيحدث لتتم الكتب. ولما رأى التلاميذ أن يسوع قُبِضَ عليه. تركوه كلهم وهربوا. وهكذا اعتُقل يسوع وذهبوا به إلى المحاكمة أمام قيافا عظيم الأحبار. وكان المجلس يطلب شهادة على يسوع ليقتله. فتقدم بعض شهود زور لم تتفق على يسوع شهاداتهم. ويسوع واقف صامت لا يجيب. فسأله عظيم الأحبار: أأنت المسيح؟ فقال يسوع: أنا هو. فشق عظيم الأحبار ثيابه، واجمع الأحبار والشيوخ والكتبة على الحكم بأن يسوع يستوجب الموت. وأخذ بعضهم يبصق عليه وإنهال الحرس عليه بالضرب، ذاك الذي تحجب الملائكة وجهها من بهائه وتخدمه ربوات من النور احتمل كل الإهانات والعذابات والهزء والضرب محبةً بالإنسان الخاطئ. له مجدنا وشكرنا على كل ما احتمله لأجل خلاصنا الآن وإلى الأبد. آمين.
أربعاء الآلام
إنكار بطرس ليسوع ثلاث مرات
بينما كان يسوع أمام المحاكمة وقف بطرس قرب نار يستدفئ وهو ينتظر النهاية فرأته جارية وعرفته على ضوء النور انه كان مع يسوع. فارتبك بطرس وخاف وأجاب أنه لا يفهم ولا يدري ما تقول. وهرب إلى خارج الدار فسمع صياح الديك. تنبه أول للتلميذ لكن لم يؤثر في داخله. ومن جديد قالت الجارية للحاضرين: هذا منهم. فدافع عن ذاته بأنه لا يعرف الرجل. فصاح الديك عندئذ للمرة الثانية. فتذكر بطرس قول يسوع: قبل أن يصيح الديك مرتين. تنكرني ثلاث مرات. في تلك اللحظة خرج يسوع من المحاكمة وفي طريقه نظر بطرس. فأخذ بطرس يبكي. وكانت دموعه، دموع توبة وجواب على نظر يسوع، وهكذا خلص بطرس. لأن النعمة تأتي إلى الإنسان من أول نداء القلب. من أول دمعة تطلب السماح والغفران.
وأوثقوا يسوع وساقوه وأسلموه إلى بيلاطس ليوافق على حكمهم بصلب يسوع وكان بيلاطس في أورشليم بمناسبة العيد. وكان يعلم أن الأحبار من شدة حسدهم من يسوع أسلموه. وحاول مراراً تخليص يسوع وكان يطلب علة توجب موته ويسألهم أية جريمة اقترف. إلا أن الجماهير كانت تصيح: اصلبه. وأراد إرضاءَهم فأمر بجلد يسوع. عظيمة خطاياي التي سببت لجسدك الأقدس هذا الجلد المؤلم وأنت أعطيتنا جسدك مأكلاً حقّاً ودمك شراباً حقّاً. أعطينا أن نقبل جسدك ودمك الأقدسين فنتطّهر ونتقدّس بك يا مخلصنا لك المجد إلى الأبد. آمين.
خميس الآلام
غسل أرجل التلاميذ – ورسم سرّ الإفخارستيّا
نذكر اليوم ما صنعه السيد المسيح قبل آلامه في العشاء الاخير مع تلاميذه. عرف يسوع أن “الساعة” قد قربت ليتألم ويتمجد فأحب أن ينبه أفكار تلاميذه لئلا يُفاجأوا. فاجتمع وإياهم في عشاءٍ وكان الأخير.
أولاً: ما إن ابتدأ العشاء حتى قام يسوع وأخذ يغسل أقدام تلاميذه. الإله الخالق يأخذ وظيفة عبد. ولما وصل إلى بطرس مانع يسوعَ من أن يغسل أقدامه. فأجابه يسوع إن لم أغسلك فلا حظ لك معي. جواب مخيف يعني أن لا نصيب لك معي في الملكوت. على بطرس أن يفهم معنى حياة يسوع ورسالته الذي يجب أن يموت، هكذا على المسيحي أن يعيش ويموت.
ثانياً: وأعطاهم يسوع تعليماً مفيداً بعد غسل أقدامهم قال: عليكم أنتم أيضاً أن يغسل بعضكم أقدام بعض. أعطاهم أمثولة في المحبة والتواضع بمثله وعمله. كل السلوك المسيحي معلّق بالمحبة والتواضع. المحبة هي جوهرياً، طريقة اتباع المسيح، واتباعه حتى الموت.
ثالثاً: بعد أن غسل يسوع أقدام تلاميذه وباركهم وأعطاهم سلامه، أعلن لهم ان بينهم من سيسلمه وهذا لتتم الكتب (يو 17: 12) بحسب إرادة الآب. وقد أعلن يسوع مرتين عن خيانة يهوذا الاسخريوطي أحد الرسل الاثني عشر ليقوي إيمان البقية وليظهر التناقض بين سمو دعوة الرسول وخيانته العظمى وأن على الرسل أن لا تتغير علاقتهم به. هو الذي انتقاهم ودعاهم وأعطاهم الرسالة ليكونوا بقاءه الحي واستمراره بين البشر، كما هو ذاته كان حضور الآب بين الناس. وخرج يهوذا من بين الرسل وكان ليل. وبدأ الصراع بين النور والظلام. المسيح – النور يبان كأنه ينطفئ. ويهوذا كأنه والليل واحد، إنه تجسد لإبليس. وكان ليل وبدأت الساعة. وفي ساعة الظلام هذه بدأ النور، وأنهى يسوع وداعه الأخير بصرخة انتصار: الآن تمجد ابن الإنسان (يو 13: 13) ونحن نمجده الآن وإلى الأبد. آمين.
يوم الجمعة العظيمة
الفداء – موت يسوع على الصليب
نذكر اليوم صلب يسوع الخلاصي. في أورشليم، على جبل الجلجلة ثلاثة مصلوبين ينازعون. حولهم بعض جنود تعوّدوا سفك الدماء، يتحدثون. وبعض أناس يعيّرون المصلوب في الوسط وبقربه وقفت أمه الحزينة ومعها بعض النساء. تلفَّظ مصلوبُ الوسط ببعض كلمات وصرخ صرخة مؤلمة، أمال رأسه ومات. فاعترى الكون ظلامٌ رهيب وانشق حائط الهيكل. وانتهت المأساة.
مأساة صلب يسوع وموته ليست حدثاً تاريخياً وانتهى. إنها تاريخ خلاص ونعمة وفداء. إنها تاريخ عمل الله في النفوس. أبعد من الحدث التاريخي هناك سر الخلاص في حياة وموت يسوع لأنه لأجل هذه الغاية أتى. يتجدد التاريخ وكل ثانية منه تُميتُ الماضي. إنما سر الخلاص يمنع الماضي من أن يمضي. ومنطق الخلاص يفرض أن يكون السر حاضراً لكل إنسان وأن يستفيد منه كل إنسان في كل زمان ومكان. هذا ما عمله يسوع وثبّته إلى الأبد في الأسرار التي وضعها وسلّمها كنيسته.
صليب يسوع يسيطر ويملك على الكون لأنه الأمل الأوحد لخلاص الإنسان والكون. يقول مار بولس:” الكلام على الصليب حماقة عند الذين يسلكون سبيل الهلاك، وأما عند الذين يسلكون سبيل الخلاص، أي عندنا، فالصليب هو قدرة الله” (1قور 1: 18). نقول مع القديس يوحنا فم الذهب: يسوع معلق على الصليب، إنه عيد لنا! لقد كان الصليبُ رمز الرذل، أما الان فهو عنوان الشرف، كان رمز العبودية فأصبح رمزَ الخلاص. الصليب ينبوع نعم وبركات هو يرشدنا وينيرنا ويقّربنا من الله. أعطينا اللهم، في يوم صلبك وموتك أن نحمل صليبنا ونتحمل آلام الحياة لنتمجد معك إلى الأبد. آمين.
سبت النور
دفن يسوع
مشهد دفن يسوع كما رواه القديس يوحنا في إنجيله يوجه فكرنا نحو القبر الذي منه سيقوم يسوع.
بعد أن مات يسوع على الصليب حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، جاء يوسف الرامي، الذي كان تلميذاً ليسوع، ولكنّ تلميذاً بالخفية خوفاً من اليهود لأنه كان عضواً في مجلس اليهود، جاء وسأل بيلاطس أن يأخذ جسد يسوع. وكان يرافقه نيقوديموس، الذي يستحق أيضاً لقب تلميذ خفي ليسوع ومعه كثير من الطيب ليطيِّب جسد يسوع. فوضعاه في قبر جديد قرب الجلجلة حيث صُلِب يسوع بعد أن طيباه وكفّناه، كما جرت العادة عند اليهود في دفن موتاهم.
يقول القديس متى إن هذا القبر كان خاصاً ليوسف الرامي ذاته. على كل حال كان القبر جديداً، لم يدفن فيه أحدٌ سابقاً. وهكذا أكرم يسوع حتى في دفنه وأعطي كل احترام يليق بسيادته التي حتى في الموت نالت الانتصار.
كما يقول القديس لوقا لقد رافق يوسف ونيقوديموس بعضُ النسوة ورأين القبر.
وبعد دفن يسوع أسرع الجميع وتركوا المكان مراعاة للتهيئة عند اليهود، لأنه كان قريباً وذهبوا إلى بيوتهم وارتاحوا طوال نهار السبت إلى المساء حيث ذهبت النساء لإحضار كثير من الطيب أيضاً.
وMsoNormalquot;sans-serifلما كان اليوم التالي ذهبن الى القبر فوجدن الحجر قد دُحرج وأن يسوع ليس هناك. وكان قد قام وأقامنا معه إلى مجد الآب له المجد إلى الأبد. آمين!.
أحد القيامة المجيدة
قيامة يسوع من بين الأموات
إن قيامة المسيح من الأموات توافق شخصية المسيح ورسالته وهي انتصار له ولنا نحن أيضاً:
أولاً – انتصر المسيح بقيامته على الموت كما يقول مار بولس:” قد ابتلع الظفرُ والموت. فأين يا موت ظفرك؟ وأين يا جحيم شوكتك؟ لأن الموت هو آخر عدو يبيده المسيح” ( 1قور 15: 54 -56).
ثانياً – انتصر المسيح على الخطيئة التي هي سبب الموت ” لأن شوكة الموت هي الخطيئة” ( 1قور 15: 56). المسيح بقيامته خلصنا من الخطيئة وصالحنا مع الله ” الفضل لربنا يسوع الذي به نلنا المصالحة” (روم 5: 11).
ثالثاً – انتصر المسيح على الشيطان ” هذا الكائن الخفي الفاسد” (رؤيا 12: 9) الذي لا يرتاح حتى يدخل الى صميم مصيرنا. قال يوحنا في رؤياه (12: 12) “إن ابليس قد هبط وهو يتميز من الغيظ وقد علم أن أيامه معدودات”.
رابعاً – انتصار المسيح انتصار كوني، يعني أنه بقيامته وانتصاره” صالح كل موجود في الأرض وفي السماوات” ( قول1: 20). انتصاره هو انتصارنا كما يقول القديس يوحنا فم الذهب:” بما أن المؤمنين يؤلفون جسد المسيح، وبما أن المسيح هو رأس هذا الجسد فلا يعقل أن يقوم ويتمجد من غير أن يشترك الجسد كله بقيامته ومجده”.
قيامة المسيح هي عيد الإنسانية المدعوة لتشترك، بشكل حياة جديدة، أكثر قداسة، أكثر كمالاً، مدعوة للإشتراك في حياة أساسها حياة المسيح ذاتها. معنى القيامة الانتصار على كل شيء ليس هو الله، حتى ينتصر الله بنا وفينا، فننتصر معه هنا، ونتمجد معه هناك إلى الأبد. آمين!
اثنين الحواريين
لوقا 24: 13 – 35
في هذا اليوم، نصنع تذكار التلميذين المنطلقين إلى عمّاوص، وهي قرية تبعد سبعة أميال عن أورشليم.
هذان التلميذان كانا من أتباع يسوع. قد استولى عليهما اليأس لموت يسوع، فمضيا حزينين عائدين إلى قريتهما.
أدركهما يسوع في الطريق. كانا قد اعتقدا أن يسوع هو المسيح وأنه سيخلص إسرائيل، فخاب أملهما. صحيح أن نساءً ذهبن إلى القبر وقلن أن ملائكةً ظهروا لهن وقالوا أنه قام. ولكن هُنّ نساء…
لم يعلن يسوع نفسه لهما فوراً: شاء أن يفتح قلبهما لمضمون الكتب التي كانا يعرفانها: ” يا قليلي الفهم وبطيئي القلب عن الإيمان بما قال الأنبياء!” وأخذ يفسر لهما ما يعنيه من الكتب. فأنار كلامُه عقلهما واضرم قلبهما. وإذ أظهر يسوع أنه منطلق إلى أبعد من قريتهما، ألحّا عليه ليمكث معهما، ففعل.
على المائدة، جدّد يسوع سر العشاء السري: أخذ خبزاً وبارك وكسر وأعطاهما. تناولا جسد يسوع القائم من بين الأموات. وللحال عرفاه. ولكنه توارى عنهما…
عادا إلى أورشليم وأخبرا الرسل بما حدث لهما. هذا الظهور يعلمنا اثنين:
أولاً: أن يسوع، بسر الافخارستيا، هو رفيقنا في الطريق يشجعنا بحضوره ويهدينا سواء السبيل.
ثانياً: أنه ينير عقولنا بكلمته في الكتب المقدسة ويعرّفنا أنه الطريق والحق والحياة.
من هنا حاجتنا الماسة إلى الافخارستيا، سر حضور يسوع وإلى الكتاب، لغة يسوع وحديثه معنا. وعند بلوغنا آخر مطاف الحياة، يبرز يسوع من وراء الأعراض السرية ويظهر لنا علانية فنراه رؤية العين إلى الأبد. آمين!
ثلاثاء الحواريين
يوحنا 21: 1- 14
في هذا اليوم نصنع تذكار ظهور الرب لتلاميذه بعد قيامته على بحر طبرية. قال يوحنا الإنجيلي: إن توما ونتنائيل وابني زبدى واثنين آخرين ذهبوا مع بطرس ليصطادوا. فلم يصيبوا تلك الليلة شيئاً. ولما طلع الصباح، وقف يسوع على الشاطئ، فلم يعرف التلاميذ أنه يسوع. فقال لهم يسوع يا فتيان، أمعكم شيء يؤكل؟ فقالوا لا. فقال لهم:” ألقوا الشبكة إلى يمنين السفينة تجدوا”. فألقوها. فإذا هم لا يقدرون على جذبها لكثرة السمك. فقال يوحنا لبطرس:” هذا هو الرب”. فلبس بطرس ثوبه لأنه كان عرياناً وطرح نفسه في البحر آتياً إلى يسوع لشدة محبته له. وأما التلاميذ الآخرون فأقبلوا بالسفينة يجذبون الشبكة. فلما نولوا إلى البر رأوا جمراً عليه سمك، وخبزاً. فقال لهم يسوع: هاتوا من ذلك السمك الذي أصبتموه. فصعد بطرس وجر الشبكة إلى الأرض وهي مملوءة سمكاً كبيراً مئة وثلاثاً وخمسين، ومع هذه الكثرة لم تتمزق الشبكة. فقال لهم يسوع: هلموا تغدوا. ولم يجسر أحد من التلاميذ أن يسأله من أنت، لأنهم علموا أنه الرب.
أراد يسوع بهذا الظهور أن يعرفه التلاميذ ويتحققوا من قيامته. رأوه فآمنوا وتملكتهم حقيقة القيامة تملكاً جعلهم يجاهرون بها على مسامع الدنيا غير هيابين. آمين.
أربعاء الحواريين
يوحنا 21: 15 – 23
اليوم نصنع تذكار إقامة بطرس الرسول رئيساً على كنيسة المسيح. قال يوحنا في إنجيله:” وبعد أن تغدوا، قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟ فأجابه: نعم، يا رب، أنت تعلم أني أحبك. فقال له يسوع: ارع حملاني. وأعاد الكلام ثلاث مرات: ارع خرافي.
هنا جعل يسوعُ بطرس وخلفاءه نائبه على الأرض إلى منتهى الدهر. فكما جعله صخرة الكنيسة وأعطاه سلطان المفاتيح وسلطان الحل من الخطايا، كرسه اليوم راعياً للقطيع الكبير، صغاره والكبار. ثبات الصخرة الدائم المرتكز على الإيمان تدعمه شمولية الرعاية المتصفة بالمحبة والمؤسسة على حقيقة التعلق بشخص يسوع بالذات.
شمولية الرعاية هذه للمؤمنين جميعاً تتعدى شخصية بطرس وتمتد غلى خلفائه الذين هم ورثة بطرس كما أن بطرس هو وريث يسوع. إذن لبطرس حق رعاية القطيع مهما امتد في المكان والزمان. وبما أن بطرس إنسان مائت، فمن الطبيعي أن تستمر الرعاية بواسطة خلفاء بطرس إلى منتهى الدهر… آمين!
خميس الحواريين
مرقس 16: 14 – 18
إنّا في هذا اليوم نصنع تذكار إرسال السيد المسيح تلاميذه إلى العالم ليعلّموا الناس إنجيل الخلاص.
قال مرقس الإنجيلي:” وتراءى آخراً للأحد عشر أنفسهم، وهم على الطعام، فوبخهم لقلة إيمانهم وقساوة قلوبهم، لأنهم لم يصدقوا الذين رأوه بعدما قام. ثم قال لهم:” اذهبوا في الأرض كلها، وأعلنوا الإنجيل إلى الخلق أجمعين. فمَن آمن واعتمد يخلصُ ومَن لم يؤمن يُدان”.
وجاء في إنجيل متى 28: 18 – 20:” إني أُوليتُ كل سلطان في السماء والأرض. فاذهبوا وتلمذوا الأمم جميعاً وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا كل ما أوصيتكم به. وهاءنذا معكم طوال الأيام إلى انقضاء الدهر”.
اجعلنا اللهم رسلاً لإنجيلك في العالم كله. آمين!
جمعة الحواريين
لوقا 24: 36 – 41
هذا اليوم نصنع تذكار ظهور الرب يسوع لتلاميذه وكشفه لهم عن جراحاته. يخبر لوقا البشير: أن التلاميذ بعد أن سمعوا أخبار القيامة من أناس صادقين، لم يكونوا آمنوا بعدُ بالقيامة.
وأنهم لمجتمعون، إذا يتوسّطهم فيقول:” السلام لكم”. فدهشوا وخافوا وتوهموا أنهم يرون روحاً. فقال لهم:” ما بالكم مضطربين، ولم ثارت الأوهام في نفوسكم؟ انظروا إلى يديّ ورجليّ. أنا هو بنفسي. ألمسوني وتحققوا فإن الروح ليس له لحم وعظم كما ترون لي. قال هذا وأراهم يديه ورجليه”.
لقد اتخذ الرب شك الرسل وسيلة لإعطاء العالم البرهان القاطع لحقيقة قيامته. فالمشاهد العيانية ولمس اليد هما أقطع برهان للتصديق وللشهادة. قال القديس برنردوس: إن الرب يسوع سمح بارتياب الرسل بقيامته حتى لا تبقى حجة لعدم تصديق القيامة. فله المجد إلى الأبد. آمين!
سبت الحواريين
لوقا 24: 42 – 43
اليوم نصنع تذكار أكل الرب يسوع أمام تلاميذه بعد قيامته.
إن الرب يسوع بعد أن ظهر لتلاميذه وأراهم جراحاته أراد أن يوطد إيمانهم بقيامته. ولهذا سألهم أعندكم شيء يؤكل فأعطوه قطعة سمك مشوي ومن شهد عسل. فأكل أكلاً حقيقياً بجسده الحقيقي الذي صُلب ومات وقُبر. ثم قال لهم:” هذا هو كلامي الذي كلمتكم به إذ كنت معكم قبل آلامي وهو أنه يجب أن يتم كل شيء كُتب من أجلي؟ ثم فتح أذهانهم ليفهموا الكتب القائلة أنه ينبغي للمسيح أن يتألم ويموت ويقوم من بين الأموات ويبشر باسمه للتوبة ومغفرة الخطايا في العالم كله”.
وقد رأينا بعد موت الرب يسوع وقيامته أناساً حتى من أعدائه قد شهدوا بصدق مجيئه وبصحة الاعتقاد به.
لقد أكل يسوع لا عن حاجة للأكل، لأن جسده الممجد أصبح فوق متطلبات الطبيعة. إنما أُكلهُ برهان، بشيء حياتي، على حقيقة قيامته. إنه لبرهان مادي موجه لأناس صيادين رعاة. برهان وفّر لهم سلام القلب ونورَ العقل. فلك المجد، يا ربنا، إلى الأبد. آمين!
الأحد الجديد
يوحنا 20: 26 – 29
هذا اليوم نصنع تذكار ظهور الرب لتوما بعد قيامته المجيدة بثمانية أيام. قال يوحنا الحبيب:” وبعد ثمانية أيام اجتمع التلاميذ أيضاً داخل العلية وتوما معهم. فأتى يسوع والأبواب مغلقة فوقف في الوسط وقال:” السلام لكم”. ثم قال لتوما:” هات إصبعك إلى هنا فانظر يديّ وهات يدك فضعها في جنبي ولا تكن منكراً بل مؤمناً. فأجاب توما وقال له:” ربي وإلهي!” قال له يسوع:” رأيتني، يا توما آمنت، طوبى للذين لم يروا ويؤمنون”.
توما يقدمه يوحنا مثالاً للذين قاوموا نور الإيمان. فلا رؤية القبر الفارغ، ولا برهان الكتب، ولا التأمل بكلام يسوع، لا شيء من ذلك أثر بهذا الرسول. ولم يذعن لشهادة إخوته ولا لشهادة بطرس نفسه. أريد أن أرى رؤية العين. حتى رؤية العين لا تكفي، أريد أن ألمس لكي أؤمن:” إذا لم أبصر أثر المسمارين في يديه، وأضع إصبعي في مكان المسمارين، ويدي في جنبه، لا أؤمن”.
لقد نزل الرب عند مطلب رسوله، فرأى ولمس وتحقق، وصرخ صرخته الرائعة الداوية في آذان العصور:” ربي وإلهي”. صرخة الإيمان الحي يبدد غيوم الشك ويحمل الطوبى للذين لم يروا وآمنوا. آمين!
خميس الصعود
لوقا 24: 50 – 53
هذا اليوم نصنع تذكار صعود ربنا وإلهنا يسوع المسيح إلى السماء. إنه بعد قيامة الرب يسوع بأربعين يوماً، خرج لأسمه السجود من العلية بتلاميذه الى بيت عنيا. ورفع يديه فباركهم. وبينما هو يباركهم، انفصل عنهم ورفع الى السماء. فسجدوا له. ثم رجعوا إلى أورشليم وهم في فرح عظيم. وكأن الملائكة أخذوا يرنمون: وقال داود مخاطباً المسيح بقوله:” صعدت إلى العلى وسبيت سيباً”. قال الذهبي الفم في تفسيره هذه الآية: إن المسيح سبى سبيين: السبي الأول – هو الخطية والموت والشيطان، فهؤلاء كانوا سبوا البشر. فالمسيح سباهم أي أسرهم، وهدم سلطتهم بقوة جبروته. والسبي الثاني – هو الآباء والأنبياء وغيرهم من القديسين الذين كانوا معتقلين في اليمبوس. فهؤلاء سباهم المسيح أي عتقهم حين نزوله إلى هناك، وأصعدهم معه باحتفال مهيب، وانتصار عظيم.
جاء في أعمال الرسل 1: 9 -11:” ثم حجبته غمامة عن أبصارهم. وبينما عيونهم شاخصة إلى علّ وهو يذهب عنهم، إذا رجلان قد مثلا لهم في ثياب بيض وقالا:” أيها الجليليون ما لكم قائمين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم سيعود كما رأيتموه ذاهباً إلى السماء”.
وقد ترك الرب يسوع آثار قدميه في الصخرة التي كان واقفاً عليها حين صعوده. فيلزمنا أن نفهم من صعود الرب يسوع خمسة أشياء:
الأول: أنه بجلوسه عن يمين الآب هو مسلط على السماوات والأرض.
الثاني: أنه بسفك دمه نزل إلى الجحيم وأنقذ الأنفس المسجونة وصعد بها إلى السماء.
الثالث: أنه بصعوده كمّل نبوّات الأنبياء.
الرابع: إن صعوده هو عيد الفرح الروحي والرجاء.
الخامس: أنه بصعوده مهّد الطريق إلى السماء وفتح بابها لمختاريه ومنها ينعم علينا ببركاته. الذي له المجد إلى أبد الدهور. آمين!
أحد العنصرة
أعمال الرسل 2: 1 -4
نحتفل هذا اليوم بعيد العنصرة أي حلول الروح القدس على التلاميذ. ولما أتى اليوم الخمسون لقيامة يسوع من بين الأموات إذ كان جميع التلاميذ وسيدتنا مريم العذراء وبقية النساء مجتمعين في العلية وهم منتظرون الروح القدس كما وعدهم الرب، فانطلق من السماء بغتة دويّ كريحٍ عاصفة، فملأ جوانب البيت وظهرت لهم ألسنة كأنهما من نار قد انفسمت فوقف على كل منهم لسان فامتلأوا جميعاً من الروح القدس، وأخذوا يتكلمون بلغات مختلفة.
هذا العيد، أحد الأعياد الثلاثة من الدورة الليتورجية، يقع في اليوم الخمسين – البنتيكوستي باليونانية – لقيامة الرب، هو عيد تأسيس الكنيسة. إذ اعتمد، بعد خطاب مار بطرس، ثلاثة آلاف رجل. منذ ذلك اليوم، حمل الرسل عصا الترحال وانطلقوا يحملون كلمة الحياة إلى العالم كله. آمين!
اليوم الثاني من عيد العنصرة
أعمال الرسل 2: 5 – 42
هذا اليوم نصنع تذكار بشارة الرسل لليهود بعد أن قبلوا الروح القدس. كان اليهود الأورشليميّون يعرفون أن الرسل سذّج. ولما سمعوهم يتكلمون لغات مختلفة قالوا إن هؤلاء سكارى. وكلامهم لا معنى له. وأذن سمع بطرس هذا الكلام دافع عن الإيمان وعن الرسل إخوته. وقال لليهود: لسنا بسكارى كما ظننتم لأنها الساعة الثالثة من النهار. وكان محرماً على اليهود الأكل قبل الساعة الثالثة.
وأضاف بطرس:” أيها اليهود، اصغوا إلى ما أقول: ليس هؤلاء بسكارى كما حسبتم. ما ذلك إلا ما أوحي إلى النبي: قال الله: سيكون في الأيام الأخيرة فيض من روحي أفيضه على الناس أجمعين. إن يسوع المسيح ذاك الرجل الذي أسلم بقضاء الله وعلمه السابق فأخذتموه وصلبتموه وقتلتموه، قد أقامه الله وأنقذه من أهوال الجحيم…”
فآمن إذ ذاك نحو ثلاثة آلاف من اليهود واعتمدوا. آمين!
أحد الثالوث الأقدس
إن الله ذو ثلاثة أقانيم إلهية: آب وابن وروح قدس، وهذه الثلاثة هي ذات واحدة بسيطة. وهذا السر هو فوق فهم العقول. أجل إن العقل يدرك وجود الله إنما لا يدرك تثليثيته إلا بالإيمان.
أما البرهان على حقيقة هذا السر فمن الكتاب المقدس. قال الله في سفر التكوين:” لنصنع الإنسان على صورتنا ومثالنا”، أي أن الله تكلم مع ابنه وروحه. وقال آشعيا:” إن الملائكة يقدسون الله ثلاثياً قائلين قدوس قدوس قدوس الرب الإله”. فتثليث التقديس دلالة على تثليث الأقانيم. والرب الإله دلالة على وحدته تعالى.
وقال سيدنا يسوع المسيح لتلاميذه:” اذهبوا وتلمذوا العالم أجمع، وعمدوا الناس باسم الآب والابن والروح القدس”. ولنا برهان آخر في حقيقة هذا من التقليد. لأن الكنيسة المقدسة لم تزل منذ نشأتها تعتقد به وتعلمه لأن الله علمها إياه.
أما انبثاق هذه الأقانيم من بعضها فقد علّمتناه الكنيسة المقدسة حيث يقول: إن الأقنوم الأول لا ينبثق من أقنوم آخر. وهو منذ الأزل يعرف ذاته معرفة جوهرية. وهذا الإدراك هو الأقنوم الثاني المولود من الآب ويسمى الابن. وهو إله لأن الوالد إله. فالآب منذ الأزل ولد ابنه ولا يزال حتى الأبد والداً له دون انقطاع. وليس في الوالد والمولود قبليّة ولا بعديّة، وهذان الأقنومان يحب كل منهما الآخر. وهذه المحبة التي هي جوهر لا عرض هي الروح القدس الأقنوم الثالث المنبثق من الآب والابن. وهو مساو لهما في كل شيء. وليست هذه الأقانيم الثلاثة ثلاثة آلهة بل إله واحد. وكل من هذه الأقانيم له خاصة. فخاصة الآب القدرة. وخاصة الابن الحكمة. وخاصة الروح القدس المحبة. فلك المجد يا أيها الثالوث الكلي قدسه. إلى الأبد. آمين!
عيد القربان الأقدس
نحتفل اليوم بعيد القربان الاقدس اي جسد ودم سيدنا يسوع المسيح الأطهرين. إن الله القادر على كل شيء فعل فعلين عظيمين يفوقان عقول الملائكة والبشر، لا يمكن أن يفعل أعظم منهما:
الفعل الأول – سر التجسد الإلهي. وهو أن أقنوم الابن اتحد بطبيعتنا البشرية اتحاداً جوهرياً برباط لا ينفك ابداً. حتى صار الله بأقنوم واحد إلهاً وإنساناً بطبيعتين ومشيئتين كاملتين.
الفعل الثاني – سر القربان الأقدس. أي جسد المسيح ودمه اللذين سلمهما لكنيسته قوتاً روحياً. أي إن السيد المسيح ليلة آلامه أخذ خبزاً وقدسه وقال ” هذا هو جسدي ” فصار جسده حقاً. ثم أخذ كأساً من الخمر وقدسها وقال: ” هذه هي كأس دمي ” فصار الخمرُ دمه حقاً. ثم أعطى الكهنة بواسطة رسله سلطاناً أن يصنعوا سر جسده ودمه بالكلمات التي قالها. فيلزم أن نؤمن بأن الكاهن متى لفظ كلام التقديس الذي هو الصورة على الخبز الذي هو المادة وجد حالاً جسدُ يسوع المخلص. أي ذاك الذي ولد من سيدتنا مريم العذراء وتألم وصلب ومات وقبر وقام وهو الجالس الآن عن يمين الآب في السماء والعتيد أن يأتي ليدين الأحياء والأموات. وهكذا متى قال الكاهن كلام التقديس على الكأس. وهذا عينه يصير في جميع قداديس كهنة الدنيا بأسرها ولو قدسوا بوقت واحد، فإن جوهري الخبز والخمر يستحلان بقوة كلام التقديس إلى جسد المسيح ودمه. ولهذا دعاه المجمع التريدنتيني
” استحالة جوهرية”. وهذا أمر يفوق العقل البشري. فلا يعود يبقى ثم شيءٌ من جوهري الخبز والخمر، بل أعراضُهما بالطعم واللون والرائحة فقط.
فمن هنا يلزمنا أن نعتقد في هذا السر الإلهي بوجود المسيح كاملاً إلهاً وإنساناً تحت أعراض الخبز والخمر. حتى وجوده كاملاً بلاهوته وناسوته في كل جزء من أجزاء الخبز والخمر ولو صغيراً جداً. وكما أن الخبز فيه جسد المسيح ودمه لأنه حي هكذا الخمر فإن فيه دم المسيح وجسده لأنه حي. ومتى كسرت جسد المسيح أو قسمت دمه او أكلته فالكسر والقسمة والأكل تقع على أعراض الخبز والخمر لا على المسيح.
فتناول أيها المسيحي جسد الرب واشرب دمه، لأنه قال:” جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق… ومن يأكل جسدي ويشرب دمي له الحياة الأبدية”. ولما كان شرف هذا السر عظيماً جداً خصص له البابا اوربانوس الرابع عيداً في هذا اليوم. وذلك سنة ألف ومئتين وأربع وستين. ونقله في خميس الأسرار. لأن الكنيسة لا تستطيع أن تقدم له الإكرام ذلك اليوم لانشغالها بتذكار آلام المسيح، الذي له المجد إلى الأبد. آمين!
عيد قلب يسوع الأقدس
نكرم في هذا اليوم قلب يسوع الأقدس. وقد رمز عن هذه العبادة في العهد القديم بالصخرة التي ضربها موسى بعصاه فتدفقت منها المياه. فالصخرة هي رمزٌ لقلب المخلّص الذي طعنه الجنود فجرى منه دم وماء، الماء للمعمودية والدم شراب للروح. وأول من كرم هذا القلب الإلهي كانت أمه مريم والمجدلية والمريمات بوقوفهن عند الصليب حين رأين تلك الحربة تطعن قلب الفادي الإلهي. إلى أن ظهر المسيح لراهبة فاضلة تدعى مرغريتا ماريا ألاكوك من راهبات الزيارة. قال لها يسوع: هذا هو القلب الذي أحب العالم حتى بذل نفسه من أجلهم. ومع هذا كله لم يجد في أكثرهم إلا فتوراً وتراخياً في عبادته. وأمرها بان يخصَّص له يوم الجمعة الواقع بعد الأيام الثمانية من عيد القربان المقدس ليكون عيداً مخصّصاً لكريم قلبه. يتناول فيه المؤمنون القربان ليعّوضوا عمّا ألمّ به من الهوان والاحتقار. وأعطاها مواعيد قلبه للمتعبدين له. قال: إنه يهبهم النعم اللازمة لدعوتهم. ويلقي السلام في عيالهم. ويعزيهم في ضيقاتهم. ويكن ملجأهم الأمين في حياتهم وعند مماتهم.
وقد أثبت هذه العبادة البابا اينوشنسوس الثاني عشر سنة 1675. وقد ابتدأت هذه العبادة في طائفتنا المارونية في حلب في كنيسة مار الياس سنة 1691.
نسأل هذا القلب الإلهي ان يفيض في قلبنا محبته لنعبده على الدوام. آمين!
الأحد الثالث من تموز
عيد القديس شربل
ولد هذا القديس في 8 ايار 1828، في بقاعكفرا من لبنان الشمالي. أبوه أنطوان مخلوف وأمه بريجيتا عرفا بتقواهما الصحيحة.
ترك يوسف بيت أبيه بعمر الثالث والعشرين وقصد الترهب في الرهبانية المارونية اللبنانية. دخل الابتداء في دير سيدة ميفوق، ثم انتقل إلى دير مار مارون عنايا حيث أتم عامه الثاني من الابتداء. عينه الرؤساء تلميذا فأُرسل إلى دير كفيفان حيث قضى ست سنوات في درس الفلسفة واللاهوت وتربى هناك على أيدي رهبان قديسين، خاصة الأب نعمة الله الحرديني، المعروف ” بقديس كفيفان”. رسمه كاهناً، في بكركي، المطران يوسف المريض في 23 تموز 1859.
أقام الأب شربل في دير مار مارون عنايا، بعد سيامته، مدة 16 عاماً، متمرساً بأسمى الفضائل الرهبانية. ولا سيما التواضع والطاعة.
وقد أجرى الله على يده في الدير آيات باهرة، منها ” آية السراج” الذي ملأه له الخادم ماءً بدل الزيت، فأضاه له ساعات صلاته الليلية.
طلب من رؤسائه، بإلهام الله، الاستحباس في محبسة دير عنايا، فأذنوا له بذلك عام 1875، حيث قضى فيها 23 سنة.
لقد اطلق العنان، في المحبسة، لكل رغائب قلبه السخي العطاء. فضاعف اعماله التقشفية وزاد شغفاً بالتأمل والصلاة والاستغراق بالله، حتى اصبح “انساناً سكران بالله” ( راجع كتاب الاب بولس ضاهر).
ومن تقشفاته انه كان يركع على طبق من قصب ذي حروف شائكة. يلبس المسح على جسده ينام قليلاً ويصلي كثيراً ويعمل في الحقل عمل اليد بموجب قانون الحبساء.
وما لبث أن انتشر عرف قداسته، فأخذ الناس يقصدونه لينالوا بركته ويلمسوا منه شفاء أمراضهم وخصب مواسمهم.
وقد أجرى الله على يده آيات عديدة في حياته.
وعام 1898، في الأسبوع السابق عيد الميلاد، شرع الحبيس يتلو القداس كعادته. فما إن تلا كلام التقديس وبلغ إلى رفعة الكأس والقربان، تالياً صلاة ” يا أبا الحق”، حتى أصابه عارض الفالج، فاستمر رافعاً الكأس والقربان وأصابعه متشنجة عليه. تمكن رفيقه الأب مكاريوس من نزع الكأس والقربان من يديه وحمله إلى غرفته. قاسى أوجاعاً مرة، مدة ثمانية إيام، دون أن ينقطع عن إتمام قداسه، إلى أن أسلم روحه بكل هدوء مساء عيد الميلاد عام 1898.
دُفن الأب شربل في مقبر الدير العمومية. وقد شاهد أهل الجوار ليلة دفنه نوراً يتلألأ فوق ضريحه، وتكرر ظهور النور طوال 45 ليلة.
ولكثرة الخوارق، أذن البطريرك الياس الحويك بفتح قبره، فوُجد جسمه سالماً من الفساد، وجرى من خاصرته دم ممزوج بماء، وأخذ جثمانه ينضح عرقاً دموياً.
أعيد جثمانه الى قبر جديد عام 1926.
وسنة 1950، في 22نيسان، كشفت على الجثمان لجنتان طبية وكنسية. بأن جثمانه سليماً صحيحاً، كما كان قبلاً، مغموراً بدمه الراشح منه.
وانتشر خبر هذه الظاهرة، فتهافت الناس ألوفاً إلى الدير. فتكاثرت حول الضريح حوادث الشفاء من أمراض متنوعة مستعصية. فضج لبنان والعالم بأخبار هذه الحوادث الخارقة، وتماوج الزوار في أروقة الدير كبحر زاخر، مصلين، تائبين، خاشعين.
وعام 1965، في ختام المجمع الفاتيكاني الثاني، رفعه قداسة البابا بولس السادس إلى شرف الإكرام على المذابح وأحصاه في مصاف الطوباويين. وقد تشيدت على اسمه كنيسة في عنايا، قرب ضريحه، تُعد اليوم أجمل كنائس الشرق.
وقد أعلن قداسة البابا بولس السادس نفسه الطوباوي شربل قديساً في التاسع من شهر تشرين الاول 1977.
صلاة القديس شربل تكون معنا. آمين!
الأحد الأول من تشرين الأول
أحد الوردية الكبير
إن عبادة الوردية تأسست على يد القديس عبد الأحد الذي ظهرت له سيدتنا مريم العذراء وقالت:” خذ هذه السبحة، فإنها تكون لك سلاحاً ضد الأعداء المنظورين وغير منظورين، وتكون عربون محبتي للمسيحيين، لانها تتضمن أسراري وأسرار ابني الوحيد، فتنير العقول وتلين القلوب، وترشد الضالين إلى طريق الملكوت”. فتناولها عبد الأحد من يد سيدتنا مريم العذراء سنة 1213 ونال بها مرغوبه وسلمها لرهبانه، وهم أذاعوها في العالم كله. وكان منها الخير العظيم للمتعبدين لها. وسميت “بالوردية” دلالة على طهارة العذراء، وعلى براءتها من الخطيئة الأصلية. فكما أن الورد من الشوك وهو بريء منه كذلك مريم العذراء، وإن كانت من ذرية آدم، فهي بريئة من خطيئتها الأصلية والفعلية.
وقد رسم البابا بيوس الخامس، عام 1571، أن يكون عيد خاص لسيدة الوردية في الأحد الأول من تشرين الأول.
شفاعة والدة إلهنا تحفظنا وتكون معنا. آمين!
الأحد الأخير من تشرين الأول
عيد المسيح الملك
إن هذا العيد حديثُ الوضع أمر بالاحتفال به، يوم الاحد الأخير من تشرين الأول، السعيد الذكر البابا بيوس الحاي عشر، بتاريخ 11 كانون الاول سنة 1925. اراد البابا بهذا العيد أن يُعلن مُلك المسيح المطلق علىالجنس البشري، لكي يضيء، وهو نور العالم، جميع الشعوب بنور الإيمان الحي ويضرم القلوب بنار المحبة لله وللقريب.
والكنيسة المقدسة مستندةً إلى التوراة والإنجيل، تجاهر منذ القدم بالمسيح الملك في صلواتها وطقوسها. فإن كنيستنا المارونية، في فرضها الكهنوتي الأسبوعي، تفيض وتشيد بالمسيح الملك، كل صباح ومساء. ففي اللحن الرابع من صباح الأحد، تنشد:” هوذا ملك ملوك الأرض وقضاتها والمتسلطون عليها، يتسابقون ليسجدوا للمسيح ملك الملوك وسيد الديانين، لأنه هو يعقد تيجانهم وهو يزل سلطانهم وتاجُه ثابت إلى الدهور”. وفي اللحن الرابع من صباح يوم الخميس:” إن الملوك الأرضيين يرفعون تيجانهم عن رؤوسهم ويأتون فيسجدون للمسيح، لأنه هو ملك الحق”. وفي أنشودة هذا الصباح أيضاً ( سواغيت الخميس):” التسبيح لمراحمك، أيها المسيح ملكنا، يا ابن الله المسجود له، أنت هو ملكنا وأنت إلهنا ورجاؤنا الأعظم”.
وبهذا يقوم مُلك المسيح، وحقّه أن يملك على قلب الإنسان، لأنه مبدع الإنسان من العدم وقد فداه بدمه الكريم.
الأحد الأول قبل الميلاد
في تجديد البيعة (1) – تذكارات الكنيسة المنتصرة في السماء
قال سفر الرؤيا (1: 2):” وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة”.
إن هذه المدينة المقدسة هي الكنيسة المنتصرة في السماء حيث القديسون متمتعون بسعادة أبدية بعد أن انتصروا على أعداء الكنيسة المجاهدة في الأرض. ولهذا دعاها صاحب الرؤيا أورشليم الجديدة لأن القديسين يتجددون فيها بالقداسة والمجد.
إنها أبداً منيرةٌ بجلال الله، لا ليل فيها بل نهارها دائم، ولا حزن فيها ولا تعب، بل سرورها أبدي، لا يدخلها إلا الأبرار من كل ملة وسبط.
وسكان هذه الكنيسة يشاهدون وجه الله ويملكون إلى أبد الدهور.
فلنتجدد نحن المؤمنين، هنا، بالسيرة المقدسة لنملك، هناك، مع القديسين بسعادة جديدة إلى أبد الدهور. آمين.
تنبيه: إذا وقع أول تشرين الثاني يوم الأربعاء وما بعده إلى الأحد كان التجديد ثم التقديس وإذا وقع نهار الاثنين أو الثلاثاء كان التقديس فقط.
الأحد الثاني قبل الميلاد
تقديس البيعة – تذكار تقديس البيعة الجامعة المجاهدة
إن الكنيسة تطلق
أولاً: على المكان المختص بعبادة الله.
ثانياً: على حقيقة الإيمان المسيحي.
ثالثاً: على جماعة المؤمنين الذين هم بمنزلة جسد المسيح السري والمسيح هو رأس الجسد كقول الرسول ( كولسي 1: 18). وبهذا المعنى الأخير يؤلف المؤمنون ثلاث كنائس وكلهم كنيسة واحدة:
- الكنيسة المنتصرة في السماء.
- الكنيسة المتألمة في المطهر.
- الكنيسة المجاهدة على الأرض.
وتعرف الكنيسة بعلامات أربع، وقد وردت في قانون الإيمان النيقاوي:
العلامة الأولى – أن تكون كنيسة واحدة: أي أن يكون لها إيمان واحد وتعليم واحد ورأس واحد غير منظور في السماء، يسوع المسيح، ورأس واحد منظور على الأرض، القديس بطرس وخلفاؤه من بعده.
العلامة الثانية – أنها تكون مقدسة: أي مكرسة لله بالإيمان والمعمودية. وانها جسد مقدس لأنها متصلة بالرأس الذي هو يسوع المسيح ينبوع القداسة.
العلامة الثالثة- أنها تكون جامعة: أي إيمانها الواحد منبث في العالم قاطبة يجمع إليه كل الملل والقبائل.
العلامة الرابعة – أنها تكون رسولية: أي أنها تبعث، بواسطة رأسها الحبر الأعظم، رسلاً إلى كل أقطار العالم، ينذرون ببشارة الايمان المستقيم وتعليم الخلاص.
فسبيلنا أن نكون متحدين مع هذه الكنيسة بالإيمان الكاثوليكي، لنتقدس وتقديسها وقديسيها إلى أبد الدهور.آمين.
الأحد الثالث قبل الميلاد
بشارة زكريا
قال المعلم بارونيوس: أنه في الشهر السادس السابق تجسد كلمة الله، ظهر جبرائيل رئيس الملائكة لزكريا الكاهن حين كان يخدم في الهيكل ويصعد البخور للرب، وأخبره بمولد يوحنا. وحين شك بالبشارة، ربط الملاك لسانه. وبعد أن انقضت خدمته، ذهب إلى بيته. ومن بعد تلك الأيام حبلت اليصابات امرأته واختبأت خمسة أشهر قائلة: هكذا صنع بي الرب ليصرف عني العار بين الناس (لوقا 1: 24 و 25). رزقنا الله شفاعتهما. آمين.
الأحد الرابع قبل الميلاد
بشارة سيدتنا مريم العذراء
في الخامس والعشرين من شهر آذار تشرفت مريم العذراء بنت داود التي كانت مخطوبة للقديس يوسف بن داود البتول، بخبر سماوي وببشارة إلهية على يد جبرائيل رئيس القوات السماوية وكانت وقتئذ في الخامسة عشرة من عمرها. فبشرها الملاك بأنها تحبل بابن الله مخلص العالم من دون رجل وتلد مولداً عجيباً. فحين قبلت العذراء سر البشارة تجسد كلمة الله في حشاها الطاهر.
والكنيسة المقدسة تعيِّد هذا العيد في الخامس والعشرين من شهر آذار. رزقنا الله بركته.آمين.
الأحد الخامس قبل الميلاد
زيارة العذراء نسيبتها اليصابات
قال لوقا البشير في الفصل الأول من بشارته:” في تلك الأيام قامت مريم وذهبت مسرعة إلى الجبل إلى مدينة يهوذا ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات… ومكثت مريم عندها نحو ثلاثة أشهر ثم عادت إلى بيتها في الناصرة”.
والتذكار الحقيقي لهذا العيد في اليوم الثاني من شهر تموز. رزقنا الله بركته. آمين.
الأحد السادس قبل الميلاد
ميلاد يوحنا المعمدان
قال لوقا البشير في الفصل الأول من بشارته:” أما اليصابات فلما تم زمان وضعها، ولدت ابناً، فسمع جيرانها وأقاربها أن الرب قد عظم رحمته لها ففرحوا معها” ودعي اسمه يوحنا.
والكنيسة تعيد هذا العيد في 24 حزيران. رزقنا الله بركته. آمين!
الأحد السابع قبل الميلاد
بيان القديس يوسف
لقد خُطبت مريم العذراء للقديس يوسف البتول ابن داود فاتخذها زوجة له حقاً، إلا أنه بإلهام إلهي، حافظ على بكارتها التي نذرتها للرب في الهيكل. ولما أتتها البشارة الإلهية، أخفت ذلك عن يوسف زوجها اتضاعاً. ثم زارت اليصابات، كما يخبر لوقا الإنجيلي. وبعد رجوعها إلى بيتها رآها يوسف حبلى، فاضطرب وتحير، لأنه كان على يقين من أن مريم طاهرة قديسة. غير أن قلبه الكبير وتقواه الصحيحة وجدا له عذراً. فقرر أن لا يشهرها. وإذ كان يعسر عليه البقاء معها، ” همّ بتخليتها سراً”. فشعرت مريم بالشكوك الأليمة تحوم حول قلب خطيبها وتدميه، فتألمت وسكتت وسلمت أمرها لله. فما عتم ان أعاد الرب السلام إلى قلب ذلك الصدّيق المغموم. فما فكر في ذلك حتى تراءى له ملاك الرب في الحلم قائلاً:” يا يوسف بن داود، لا تخف أن تجيء بامرأتك مريم الى بيتك. إن الذي تحمله هو من الروح القدس” (متى 1 :20). فلما انتبه، سر سروراً عظيماً وعظم لديه شأن مريم وتمسك بحراستها وكرامتها. والبتول شكرت الله على نعمه وفرحت لفرح رجلها. رزقنا الله شفاعتهما. آمين.
الأحد الذي قبل الميلاد
الاستعداد لميلاد الرب يسوع
لنستعدَّ اليوم إلى استقبال مَن كانت تنتظره وتترجاه الأمم والقبائل جميعاً أي المسيح كلمة الله الآتي إلينا للافتداء ولغفران الخطايا، إذ قد حضر ملء الزمن كما قال الرسول.
ولنخرجنَّ إلى ملاقاته بالفرح، ولنستقبله بأغصان الفضائل الإلهية. ونستمحه أن يولد في عقولنا بالإيمان وفي نفوسنا بالرجاء، وفي قلوبنا بالمحبة، لنكون له مهداً مزيناً بالفضائل الكاملة، لا سيما العفة والطهارة والاتضاع، نظير أمه مريم التي صارت له هيكلاً حياً وسماء ثانية، وعرشاً ناسوتياً.
فيلزمنا أن نطهّر نفوسنا بالاعتراف النقي، لكي نكون مذوداً طاهراً لائقاً، يولد فيه الطفل الإلهي الذي له المجد إلى أبد الدهور. آمين.
الأحد الذي بعد الميلاد
وجود الرب يسوع في الهيكل
إن يوسف ومريم، أبوي يسوع مضيا إلى أورشليم في عيد الفصح. وكان يسوع معهما وله من العمر اثنتا عشرة سنة. فلما تمت أيام العيد، أخذ يوسف ومريم طريق العودة إلى الناصرة. أما يسوع فتخلف عنهما في أورشليم، دون أن يعلما. وكانا يظنان أنه سائرٌ مع أقاربهما المسافرين. ولما سارا مسيرة يوم، طلباه فلم يجداه. فرجعا إلى أورشليم يسألان عنه بحزن شديد، عند الأقارب والمعارف. وبعد ثلاثة ايام وجداه في الهيكل بين المعلمين، يستمع اليهم ويسألهم. وكان يباحثهم عن مجيء المسيح. وكان الجميع مندهشين من سعة علمه ومزيد حكمته واحتشامه. فتقدمت إليه أمه وقالت بلهجة الحنان والمحبة:” يا ابني، لم صنعت بنا ذلك؟ فأنا وأبوك نبحث عنك متلهفين” (لو 2: 46 – 49). فقال لهما:” ولم بحثتما عني، ألم تعلما أنه يجب علي أن أكون عند أبي؟” ثم نزل معهما وأتى الناصرة وكان طائعاً لهما.
فله المجد والإكرام إلى الأبد. آمين!
Discussion about this post