ابراهيم واسرته في كنعان
خرائط الكتاب المقدس
وقد أخذ ابراهيم معه , أسرته و أغنامه و مواشيه … و راح يتنقل من مكان إلى آخر . في ربوع كنعان بسهولها و جبالها , إلى أن انتهى به المطاف قرب حبرون . أما حفيده يعقوب , فقد عاش آخر أيامه في مصر , مع يوسف ابنه المفضل . ( تكوين 27 – 46 )
أردن:
يُسمّى الاردن في العهد القديم : يَردن، دومًا مع أداة التعريف : ها يردن، ما عدا في أي 40 :23؛ مز 42 :7. يتكوّن الاردن (في لبنان) في جنوبي حرمون من نهر بانياس (نبعه في حرمون) ونهر اللدان (نبعه قرب تل القاضي). وينضم إليهما نهر الحاصباني (نبعه في حرمون). يعبر الاردن سهلاً خصبًا فيكوّن بحيرة الحولة أو بحيرة ميروم. ويترك بحيرة ميروم ويجري انطلاقًا من جسر بنات يعقوب نحو الجنوب عبر مجرى صخرّي، فيصب في بحيرة جنّاسرت. ويخرج من الزاوية الجنوبية الغربية لبحيرة جنّاسرت ويصل عبر تعرّجات طويلة إلى البحر الميت. في طريقه يصب فيه روافد أهمها يرموك، يبوق. هناك 110 كلم بين بحيرة جنسارت والبحر الميت، ينزل فيها النهر من 208 م تحت سطح البحر إلى 390 مترًا. هذا القسم من نهر الاردن، يسمّى الغور (غور العرب)، وفيه سلسلة من الواحات الخصبة التي كان يسكنها في الماضي الأُسود (إر 49 :19؛ 50 :44؛ رج 12 :5). يسمي العهد القديم هذه المنطقة أعالي “كبرياء، زهو” (زك 11 :3). ونحسّ بالبحر الميت من بعيد فيتحوّل المنظر إلى صحراء مقفرة. فبين بحيرة جنّاسرت والبحر الميت نستطيع أن نعبر الاردن عند مجازات خاصة قرب بيت شان وأريحا (يش 2 :27؛ قض 3 :28؛ أم 19 :19، 32)، الدامية (أدمة : قض 12 :5)، بيت بارة (قض 7 :24) بيت عنيا (يو 1 :28). وإن الاردن يشكّل حدودًا بين كنعان وشرقي الاردن. وخلال التاريخ البيبلي نراه يفصل بين سكان الضفتين ولا يوحّد. شكّل الأردن حدود الأرض المقدّسة، فصار بدوره مقدّسًا. فهناك موضوع بيبليّ (موضوع الأردن) يمتزج بنصوص الشريعة والاخبار التاريخيّة، ويتلوّن بلونها بانتظار أن يفرض نفسه عليها. ففي البنتاتوكس وبعض نصوص يشوع، يظهر دور الأردن بشكل واضح كالحدّ الفاصل بين أرض الموعد وغيرها (عد 34 :11-12؛ رج يش 23 :4؛ حز 47 :18). وهو بالتالي يشكّل حدود القبائل التي أقامت في كنعان : ابنا يوسف (يش 16 :7)، بنيامين (يش 18 :12، 19، 20)، يساكر (يش 19 :22). وشمالي بحر طبرية نجد نفتالي (يش 19 :35). في أخبار سفر التكوين، اعتُبر سهل الأردن خصبًا، فشكّل للوط تجربة سقط فيها. أما ابراهيم فلم يسقط (تك 13 :10-13). وكانت لابراهيم مغامرة حربيّة شرقيّ الأردن عاد بعدها إلى غربيّ الأردن (تك 14 :14-15). أمّا موقع المذابح والأشجار المقدّسة فهي كلّها في كنعان، في غربيّ الأردن. ويعقوب الذي كان في الشرق لم يبنِ هناك أي مذبح (تك 32 :3، 31)، وذلك بعد صراعه مع الربّ. فإقامته الطويلة والمفيدة في عبر الأردن، لم تكن بالنسبة إليه سوى منفى سوف يتركه سريعًا (تك 32 :11). والطقوس الجنائزيّة التي تتمّ في شرق الأردنّ تنتهي بالدفن في حبرون (تك 50 :10-13). كلّ هذا يعكس فكرة ثابتة عن أرض الموعد وحدودها. ففي أخبار الاحتلال مع يشوع، يحاول النصّ مرارًا أن يبيّن أنّ إقامة قبيلتين ونصف قبيلة في شرق الأردنّ أمرٌ شرعيّ. فقد تمّ بأمر موسى ومساعدة كل بني اسرائيل (عد 32 :5-32؛ تث 3 :8-9؛ يش 13 :8-32). هكذا تمّ وهكذا تنظّم كما يقول تث 4 :41-49؛ يش 20 :8؛ 21 :27، 36-39. فالمحاربون تبعوا يشوع متضامنين تضامنًا كلّيًّا، وتابوت العهد في المقدّمة نحو الضفّة الغربيّة، فردّوا لإخوتهم الخدمة التي نالوها منهم (يش 1 :12-18). ولكن بما أنه ليس للضفة الشرقيّة ذات الطابع القدسيّ، فقد بنت القبائلُ هناك مذبحًا (يش 22 :4-34). إذن، الحدود القدسيّة لا تفرض نفسها على سكن بني اسرائيل وحياتهم اليوميّة. لهذا، يُسمح لهم أن يعيشوا خارج الأرض المقدّسة. أن نكون هنا أمام نظرة مثاليّة، فواضح من عدد كثير من النصوص في قض وفي 1-2صم. فكل ما نستطيع قوله هو أن التضامن بين بني اسرائيل يتّضح حين يذهب أبناء ضفّة لمساعدة أبناء ضفّة أخرى كما حدث في جلعاد. ولكن بجانب المغامرات القبليّة، هناك مغامرات أخرى يقف فيها الأنبياء بشكل له دلالته، بالنسبة إلى الأردنّ. فموسى ما استطاع أن يعبر النهر رغم توسّلاته الدامعة (تث 3 :25-27؛ 4 :21-22؛ 31 :2). وذلك في نهاية حياته. وهكذا بدا سفر التثنية وكأنه وصيّته الأخيرة، وقد قال ما قال عند الضفّة الشرقيّة (تث 1 :1-5؛ 11 :30-31). حُذِّر بنو اسرائيل من تجارب يتعرّضون لها (تث 9 :1). وحين يبنون المعابد يدلّون على أنهم صاروا شعبًا ناضجًا (تث 12 :10؛ 27 :2، 4، 12). عندئذٍ تكون الخيارات حاسمة (تث 30 :8-19). لهذا، لا بدّ من تعليم الأجيال الآتية، لأن حياتهم ستكون على المحكّ (تث 31 :3؛ 32 :47). يبدو أنّ هذه النصوص دوّنت بعد المنفى، في أرض بابل. ساعة زالت قبائل وراحت أخرى نحو الزوال. ولكن يبقى أن شريعة موسى تأخذ في ذاتها الماضي البعيد والمستقبل القريب، فتقدّم الأرض المقدّسة كوعد ومحنة، وتنظّم حياة الشعب في كل زمان ومكان. أتمّ يشوع المواعيد أولاً حين عبّر بني اسرائيل الأردن (يش 1 :2؛ 2 :7-10؛ 3 :1-17؛ 24 :11). وقد روت كرونيكة من القرون الوسطى كيف أن الجبل انهارَ، وقُطع النهر ساعات عديدة سنة 1267. ولكن مهما يكن من أمر (وقد يكون الكاتب الملهم أبرز الأمور وعظّمها فجعل الشعب يمرّ في الربيع وفيضان النهر، لا في الخريف وجفافه)، فالخبر البيبليّ لعبور الأردن قد جاء في أسلوب خاص واستلهم تطوافات تابوت العهد في حياة الشعب. وهو قريب جدًّا من خبر عبور البحر الأحمر الذي يتقابل معه : فالدخول إلى أرض الموعد يقابل الخروج من أرض العبوديّة. وإيليا وُلد في عبر الأردن، في شرقيّ الأردن، في جلعاد، واستعدّ هناك لرسالته النبويّة (1مل 17 :1-7). وبعد أن طهّر الأرض المقدسة من عبادة بعل بأقواله وأعماله، عبر النهر من جديد ليأخذه الله إليه بعد أن أخذته عاصفة رمليّة (2مل 2 :6-13). ومعجزة المياه التي انفتحت لتترك إيليا يمرّ، سوف تنفتح أيضاً من أجل تلميذه أليشع. هذا ما يدلّ على أنّ للخبر معنًى روحيًّا : فإيليا يشبه موسى في أمور عديدة (1مل 19). فالنبوءة، شأنها شأن الشريعة، تأتي من الخارج ولا تزال تحمل الخلاص للشعب العائش في المنفى. غير أنّ خبر نعمان الأرامي يدلّ على أن لمياه الأردن طابعًا مقدّسًا يتيح لها أن تطهّر الغريب من برصه. وهكذا عاد ذاك الذي هو “عدوّ” إلى بيته بعد أن حمّل على بغليه ترابًا من الأرض المقدّسة (2مل 5 :1-17). وفي الأسفار الحكميّة، نجد تلميحات نادرة إلى الأردن، وهذا ما يدلّ على أنّ هذا النهر لا يحتلّ في ذاكرة اسرائيل الناشطة، المكانة التي يحتلّها البحر (مز 141 :3-5؛ سي 24 :26). ونقول الشيء عينه عن الكتابات المنحولة، حيث لا يُذكر النهر إلاّ بصورة عابرة وبمناسبة توسّع في التوراة. وحدها “سيرة آدم وحواء” تقدّم إشارة أصيلة : تاب آدم وحواء عن خطيئتهما فغطسا في المياه أيامًا طويلة، هي في دجلة وهو في الأردن. هنا نتذكّر عماد المهتدين إلى اليهوديّة، واغتسالات الأسيانيّين اليوميّة، والتوضؤ الطقسيّ الذي ما زال يُعمل به في العالم اليهوديّ. غير أنّ ذكر الأردن هنا قد يكون مدسوسًا بيد مسيحيّة. في العهد الجديد، يمكن أن نعتبر كرازة المعمدان على شاطئ الأردن كتنشئة توضح دوره كإيليّا الجديد (مت 3 :5؛ لو 3 :3؛ رج يو 1 :28؛ 3 :26). وحين يقول مت ومر إنّ يوحنا يعمّد التائبين في النهر (مت 3 :6؛ مر 1 :5)، نفهم أنّ الخاطئ يبدو كمنفيّ، ولو أقام في أرض إسرائيل. فعليه أن يتطهّر من خطيئته عابرًا النهر من جهة إلى أخرى : فالحدود الماديّة ترمز إلى الحدود الروحيّة. وحين يتبع يسوع بدوره الطريق عينها، يصبح المشهد معبّرًا سواء ارتبط بالحدث أو بمبادرة الإنجيليّين (مت 3 :13؛ مر 1 :9؛ لو 4 :1). لهذا قام أوريجانس وتبعه آباء كثيرون وأسرة من المخطوطات اليونانيّة، فجعلوا محل “بيت عنيا” (يو 1 :28)، “بيت عبارة” الذي قد يكون مجازًا ارتبط بمرور يشوع. وفي شكل مماثل، جعل متى ومرقس يسوع يصل إلى عبر الأردن قبل أن يبدأ مسيرته الملوكيّة نحو أورشليم لينال فيها معموديّة أخرى مؤلمة (مز 10 :38-39؛ رج مت 19 :1؛ لو 12 :50). وفي التقليد المسيحيّ، احتلّ الأردنّ مكانة هامة في العبادات التي تمارس في الأرض المقدّسة. يكفي أن نذكر الأديرة والمناسك بجانب النهر، حيث الرهبان يتذكّرون موسى وإيليا. كما نشير إلى اغتسال المسيحيّين الشرقيّين الذي كانت روسيا ترسلهم جماعات. وفي أيامنا، يتابع العرب والقبارصة واليونان التقليد عينه بقدر ما تسمح لهم السلطات العسكريّة. وفي الفنّ المسيحيّ ولا سيّما في الإيقونوغرافيا، يصوّر النهر بشكل بشريّ على مثال الأنهر التي ألّهها الوثنيّون.
أشور (مدينة):
عاصمة أشورية القديمة. كانت تقع على هضبة قلعة شرقات، على الضفّة اليمنى لنهر دجلة، وتبعد قرابة 100 كلم إلى الجنوب من الموصل. اكتشفها المنقّبون سنة 1821 فوجدوا فيها عددًا من الوثائق تتوزّع من منتصف الألف الثالث حتى القرن الثالث ق.م. توزّعت المباني الرسميّة والدينيّة في المدينة القديمة التي كانت في القسم الشمالي، وكانت محصّنة جدًّا. سمّاها الأشوريّون “قلب المدينة”. وشكّل القسم الجنوبيّ من الموقع المدينة الجديدة. نحن نجهل أصول العاصمة القديمة والمدينة المقدّسة في أشورية. ولكن في زمن وثائق إيبلا السابقة لعهد سرجون الأول، كانت أشور مدينة هامّة منذ زمن بعيد، وهذا ما دلّت عليه الاكتشافات الأركيولوجيّة. توالت الهياكل والقصور على مدّ الأجيال على طول ذراع دجلة الذي جاور المدينة من الجهة الشماليّة. والمعبد العظيم للإله أشور كان في آخر شمالي المدينة على ملتقى ذراعَي النهر، حيث عُبد إله المكان منذ الأزمنة السحيقة. وارتفعت زقّورة غربي الهيكل، ثمّ القصر القديم الذي يعود إلى زمن الأكاديّين، ومعبدان مكرّسان لأنو ولهدد. وارتفع جنوبي هيكل هدد، في الجهة المقابلة لساحات الهياكل، معابد سين (الاله القمر) وشمش (الشمس) وعشتار ونبو. وانتصبت في الزاوية الشمالية الشرقيّة للمدينة، جدران القصر الجديد الضخمة. ومن وراء الخندق المحاذي للسورَين اللذين فُتحت فيهما ثلاثة عشر بابًا ضخمًا، يوجد هيكل أكيتو، عيد السنة الجديدة. ورغم هذه التحصينات الهائلة سقطت أشور سنة 614 في يد المادايين الذين سلبوا المدينة ودمّروها. ولكن المدينة قامت من تحت الرماد وازدهرت في زمن الفراتيّين.
أنطاكية:
1) أنطاكية بسيدية أو القريبة من بسيدية. تقع على الحدّ الفاصل بين بسيدية وفريجية، على شاطئ نهر مياندريس. أسّستها مغنيزية في آسية الصغرى وصارت مدينة حرة سنة 190 ق.م. ومستوطنة رومانيّة يسودها الحق الإيطالي المعمول به منذ أيام أوغسطوس قيصر. هي اليوم يلواص إلى الشمال الشرقي من بحيرة أغردير. كان فيها جماعة يهوديّة هامة استقبلت بولس وبرنابا خلال الرحلة الرسولية الأولى. بدأ اليهود فاستقبلوا الرسولين استقبالاً طيبًا ثم أثاروا عليهما اضطهادًا أجبرهما على الهرب إلى أيقونية (أع 13 : 14-52). ولكن ظلّت في المدينة جماعة مسيحيّة مؤلفة من وثنيين مهتدين، وسيزورها الرسولان فيـما بعد (أع 14 :21 ي). 2) أنطاكية سورية. تقع على ضفتي نهر العاصي في سهل يقع بين كاسيوس وأمانوس. أسّسها سنة 300 ق.م. سلوقس الأول إكرامًا لأبيه أنطيوخس. كانت مدينة تجارة غنيّة ومركز المدنيّة الهلينية وعاصمة السلوقيين. بعد سنة 13 ق.م. صارت عاصمة مقاطعة سورية الرومانيّة ومركز الحاكم الرومانيّ. تألّف شعبها من أهل سورية ومن اليونانيين واليهود. كان اليهود أغنياء وقد نشروا ديانتهم فيها بغيرة وكان منهم نيقولاوس الدخيل الأنطاكيّ (أع 6 :5). كان حقّ الانتماء إلى مدينة أنطاكية امتيازًا مهمًا وقد أعطي ليهود المدينة (2مك 4 :9). ألّف مسيحيون من فلسطين وقبرص وقيريني جماعة مكوّنة من يهود مهتدين ومن وثنيين. وقد دعي أعضاء هذه الجماعة مسيحيين (أع 11 :26). زار أنطاكية أولاً برنابا (أع 11 :2ي) ثم بولس (أع 11 :25). وستكون نقطة انطلاق ووصول الرحلتين الأولى والثانية (أع 13 :1-3؛ 14 :26-28؛ 15 :40 ي؛ 18 :22). وان طريقة حياة وتفكير مسيحيّي أنطاكية فرضت عقد مجمع أورشليم وأبرزت الصراع بين بطرس وبولس. بُنيت أنطاكية على الضفّة اليسرى لنهر العاصي، وابتعدت 22 كلم عن شاطئ البحر، فوقعت في سهل غنيّ يمتدّ من جبل أمانوس. ربط هذه المدينة إلى مرفأها، سلوقية بيارية، نهر العاصي وطريق تحاذيه. وعلى الطريق الرئيسيّة التي تربط آسية الصغرى بسورية وفينيقية، وفي نهاية القوافل الآتية من بلاد الرافدين، كانت أنطاكية ملتقى الطرق. تأسّست في الأصل من أجل عشرة آلاف مستوطن مكدونيّ، فجذبت إليها أناسًا أقاموا في حيّ آخر. وكوّن أنطيوخس الثالث حيًّا ثالثًا سمّاه نيابوليس، وأنطيوخس الرابع حيًّا رابعًا سمّاه ابيفانيا. وهكذا صارت أنطاكية المدينة الثالثة في الإمبراطوريّة الرومانيّة بعد رومة والاسكندريّة. حاول أنطيوخس الثالث أن يؤسّس فيها مكتبة، ولكن هذه المكتبة لم تضاهِ أبدًا مكتبة برغامس أو مكتبة الاسكندريّة.
أور في كلداي:
(في العبريّة أور كسديم). مدينة في جنوب بابلونية. هي اليوم : مقيَّر. تبعد 9 كلم عن الفرات. وتمتد على تلال عديدة. إذا عدنا إلى التقليد البيبلي، نقول إن عائلة ابراهيم كانت من أور. ان تاريخ هذه المدينة صار معروفًا بعد الحفريات التي تمت منذ سنة 1853 وما بعد. تعود الحقبة السابقة للتاريخ أو البادئة للتاريخ إلى الألف الرابع والخامس ق.م. وتقسم إلى زمن تل العُبيد (اسم تل يبعد 4 كلم إلى الشمال من أور. فهذا التل وأوروك وجمدت نصر تعطينا معايير كرونولوجية من أجل الاركيولوجيا في بلاد الرافدين) الذي تحوّل تدريجيًا (السومري الثاني) إلى زمن أوروك (مع أوّل آثار الكتابة) وزمن جمدت نصر (مع لوحات عديدة في كتابة مسمارية صورتية). في الزمن السومري (3100-2200) سيطرت أور ثلاث مرات على جنوب بلاد الرافدين. بعد هذا سيطر عليها الخارج حتى سنة 529. ولم تكن أور المدينة الثانية في المملكة البابلية الا في أيام سلالة لارسا وعهد نبونيد. خلال هذه الفترة عُرفت خاصة كمركز دينيّ. كانوا يعبدون فيها الإله القمري سين باسم نانة في هيكل أي – كسنو – غال الشهير. إن زقورة أور هي أفضل ما بقي لنا من زقورات في بلاد الرافدين. وحين وصل الفرس، صارت أور مدينة ثانوية فخسرت كل أهمّيتها. سنة 2500 بدأت أول سلالة في أور، وهناك اكتُشفت المدافن الملكيّة. إلى ذلك الوقت تعود الزقورة المشهورة التي نجدها اليوم على تل المقيّر، التي تعود إلى زمن أورنامو مؤسّس سلالة أور الثالثة، والذي معه بدأت نهضة سومريّة بعد أن هيمن ملوك أكاد الساميّون وسيطر الغوطيون. وأورنامو هو الذي ترك لنا أقدم مجموعة من الشرائع الشرقيّة وصلت إلينا حتى الآن، ونحن نجد بنيتها وسماتها في كودكس حمورابي. وامتدّ سلطان خلفاء أورنامو مع شولجي (2018-1971 ق.م.) وأبنائه الثلاثة أمارسين (1970-1962)، شوسين (1961-1953)، إيبي سين (1952-1929)، على بلاد الرافدين، بل إلى غرب الفرات. وهكذا أقرّ عبد هدّي سلطة أور أقلّه في زمن أمارسين. ونحن نعرف كيف تنظّمت مملكة أور الثالثة بواسطة عشرات آلاف الوثائق الإداريّة والاقتصاديّة التي وصلت إلينا من هذه الدولة البيروقراطيّة. كانت هزيمة عسكريّة،وانفصال إشبي إرّا الذي هو ضابط من أصل أموري جعل من إيسين مركز إمارته، وأزمة اقتصاديّة، وضربات متلاحقة من الأموريين والعيلاميّين والشوشيّين، كل هذا وضع حدًّا لمملكة أور حوالى سنة 1929 ق.م. أما أور المدينة المقدّسة للإله القمر نانه – سين، فصارت جزءً ا من مملكة إيسين، ثمّ مملكة لارسا سنة 1850، وأخيرًا تحت حكم حمورابي في بابل (1718-1676). وما عادت أور عاصمة دولة. بل ظلّت تنعم بهالة كبيرة بسبب معبد الإله سين. وفي نهاية القرن السابع وفترات قصيرة من الاستقلال النسبيّ، انتقلت أور إلى سلطة السلالة الكلدائيّة في بابل وصارت “أور الكلدائيين”، كما في التوراة (تك 11 :28؛ 31؛ 15 :7؛ نح 9 :7). أما التقاليد المتعلّقة بإقامة ابراهيم في أور فهي تعود إلى القرن السادس ق.م.، وقد وُلدت لدى منفيّين يهوداويّين أقاموا في بابلونية الجنوبيّة. فالمدينة الكلدائيّة التي كانت لهجتها لهجة أراميّة والتي كانت تعبد الإله الذي يُعبد في حاران، بدت للمنفيّين على أنها موطن إبراهيم الأوّل. فمسيرة إبراهيم من أور إلى حاران أتاحت لهم فيما بعد ربط التقليد الجديد بتقليد الأزمنة الغابرة (تك 11 :31) التي كانت تعتبر أن موطن ابراهيم هو حاران لا أور (تك 12 :1، 5؛ 24 :4؛ يش 24 :2). فالإشارة إلى موت هاران، أخي ابراهيم في أور الكلدائيّين، يجعلنا نفترض أنه كان هناك في القرن 6-5 مقام يكرّمون فيه ذكر أخي ابراهيم (تك 11 :28). وحسب فلافيوس يوسيفوس، كان هذا المقام موجودًا بعدُ في أيامه (العاديات 1 :150). لا يبدو أن اليهوديّة عرفت بأور قبل المنفى، لأن المدينة لا تظهر في لائحة الشعوب (تك 10 :1ي) رغم ماضيها المجيد وطابعها الدينيّ، ساعة ذُكرت أكاد وأوروك. في النهاية، لا يمزج النص البيبليّ بين أور وأورا، المدينة الأناتوليّة التي تحدّثت عنها النصوص الحثيّة.
أون:
1) رج * هليوبوليس 2) أون بن فالت. رجل من رأوبين. شارك داتان وابيرام في ثورتهما على موسى (عد 16 : 1). أون أمون كاهن من كهنة أمون. ذهب من ثيبة الى صوعن (تانيس) وهناك حصل على معونة من الملك سمندس وأقلع في سفينة تجارية الى جبيل ليحصل على شيء من خشب الأرز اللازم لتجديد سفينة الاله أمون في ثيبة. يروي أون أمون رحلته في قصة وجدت في بردية. رج * لاوان أمون.
بابل:
عاصمة بابلونية. في الأكاديّة : باب ايلي. في السومريّة. كا دنجر را بيت الله. إن الاسم بابيلا سابق للعالم السامي والعالم السومريّ. أما الاشتقاق الشعبيّ فيقابل الكلمة مع العبريّة بلل (بلبل). كانت مدينة بابل تمتدّ على ضفتيّ نهر الفرات، وامتدت خرائبها على 10 كلم مربع. وتل بابل قد احتفظ بالاسم القديم وسط هذه الانقاض. وُجدت معظم الأبنية على الضفّة الشرقيّة للفرات التي ارتبطت بالأحياء الغربية بواسطة جسر بُنيَ في أيام نبوخذ نصر الثاني. تُشرف على المدينة زقورة إيساجيل وهيكل مردوك. ارتفعت هذه الزقورة 90 مترًا فوق السهل، وكانت تهاجم السماء بطبقاتها السبع (صشو 763). كانت “باب الاله ” والنموذج الأول لبرج بابل في تك 11 :1-9. كانوا يصلون إلى الهيكل عبر طريق التطوافات، التي تنطلق من باب عشتار (صشو 760-762). زيّن البابَ 575 تنينًا وثورًا توزعت في 13 صفًا، كما زُينت طريق التطوافات بـ 120 أسدًا. يسمّي إرميا (25 :26؛ 51 :41) بابل شيشاك (يعود إلى الأكادي شيشكو : تلاعب على الكلمات باسم خفيّ، وكأنه لا يريد أن يذكر الاسم الحقيقيّ). في العهد الجديد، بابل هي الاسم الرمزيّ لرومة (1بط 5 :13؛ رؤ 14 :8؛ 16 :9؛ 17 :5؛ 18 :2؛ 10، 21). موقع بابل القديمة يقع على تلال عديدة ومنها تل إلى الشمال يدعى اليوم تل بابل وقد تمّت فيه حفريات عديدة. تأسّست بابل على يد السومريّين وسمّيت كذلك للمرّة الأولى سنة 2700 تقريبًا في أيام الملك شركليشاري، ولكنّها لم تلعب دورًا كبيرًا، بل ظلّت تابعة لأور. لم تتّخذ المدينة أهميّة كبيرة إلاّ في أيّام سلالة بابل الأولى. أسّس بابل شومو أبو (حوالي 1830) ورفع أسوارها الأولى. أمّا تاريخ بابل حتى سنة 539 فيرافق تاريخ بابلونية، وقد ظلّت معروفة حتى في الزمن الفارسيّ. ورغم الأبنية الجديدة التي شُيّدت فيها، انحطّت في العهد الهلينيّ لأنّ سلوقس الأول نقل عاصمته إلى سلوقية. احتلّها الفراتيّون سنة 127 ق.م. وهكذا زالت من التاريخ.
بابلونية:
أوّلاً : الأرض منذ العهد الهليني تُسمَّى بابلونية (انطلاقًا من العاصمة بابل أو بابلونة) الوحدة الجغرافية (أو السهل) التي يحدّه المجري العالي لدجلة والفرات والخليج الفارسي. فالقسم الشمالي من هذه المنطقة يسمّى أكاد (في السومري : أورى). والقسم الجنوبي سومر (في السومري : كنجي). مساحتها : 30000 كلم مربع. وخصب الأرض يتبع فيضان دجلة والفرات (من أذار إلى حزيران) اللذين تتوزّع مياهما في قنوات الريّ عبر كل البلاد. وحين يكون الفيض عظيما، تستطيع البلاد أن تُطعم شعباً كثيراً. المدن المهمة هي. في الجنوب : إريدو (ابو شهرين)، أور (مقيّر)، لارسا (سنكري) أوروك (وركة) لجش (تلو)، شوروفاك (فارا)، نيبور أو نيفور (نوفر)، ايسين (تل زبليه؟). في الشمال : أكاد (دير؟)، سيفار (أبوهبة)، أشنونا (تل اسمر)، أوفي أو اكشاك (أوفيس اليونانية)، سلوقية أو قطاسيفون : (طقسكرا)، كوتا (تل ابراهيم)، دور كوريجلزو (قرقوف قرب بغداد)، كيش (تل احمير) بابل أو بابلونة، برسيفا (بير نمرود)، دلبات (تل دلم). ثانيًا : السكان إن أقدم السكان الذين أقاموا في السهل البابلي (كما نعرفُ، أي منذ سنة 800 3 تقريبا) هم السومريون. حوالي السنة 3500، جاء بعدهم الساميون (أكاديون)، فأقاموا أولا في الشمال ثم في الجنوب. وبعد اجتياح ساميّ آخر (أموريون)، تسلّطت بابلونية على كل السهل. في ذلك الوقت بدأ التاريخ ًّبالمعنى الحصري. اذًا البابليون هم أكاديون امتصوا العنصر السومري. يشبه شكلهم شكل الأشوريين (كانوا يحلقون الشفة العليا) ولكننا لا نعرفهم تمام المعرفة، لأننا لا نجد إلأ القليل من الجدرانيات التي تصوّرهم. ثالثًا : التاريخ نحن نعرف تاريخ بابلونية أكثر مما نعرف تاريخ أشورية. وينابيع المعلومات هي الكتابات الملكية الأشورية، ولا سيّما هدد نيراري ورسائل ووثائق خاصة، ولوائح أسماء وكرونيكات ولوائح ملكية وكتب اليونانيين. وحسب النموذح الأشوري، يُقسم تاريخ بابلونية الى سلالات. نحن نعد عشر سلالات من السلالة الثانية والعشرين إلى السلالة الواحدة والثلاثين (إن السلالات الأولى ليست بابلية) موزّعة على ثلاث مراحل. أما التاريخ فمحدّد انطلاقا من سنة 747 ق.م. ولهذا نصحِّح حساب السنين على ضوء نصوص ماري. 1) دخل البابليون على مسرح الكون للمرة الأولى مع مملكة بابل القديمة (السلالتان 22 و23). المؤسِّس هو الأموري شومو أبوم الذي استفاد من خلافات المدن المستقلة التي من أصل أكادي مثل لارسا، ايسين (السلالتان 20 و21). وبفضل انقسام الخصوم، توصّل إلى فرض سيادة مدينة بابل (حوالي 1830 ق.م.). والملك السادس من سلالته هو الشهير حمورابي (1718-1676) الذي خلق دولة منظّمة عُرفت خاصة بقوانينها. ووسّع حمورابي مملكته إلى حدود ماري ًّوأشور ونينوى. ولكن خلفاءه لم يستطيعوا أن يقفوا بوجه قوّة مزاحمة في الجنوب (أرض البحر أو المنطقة الساحلية في الجنوب والمحاذية للخليج الفارسي). ولكن ليست هذه القوّة هي التي دمّرت بابل (حوالي 1530)، بل مورسيلي، ملك الحثيين. 2) وسيطر على البلاد أسياد جدد : الكاسيون (السلالة 24)، الكسفيون والعيلاميون الآتون من الشمال. حملوا لغتهم وحضارتهم الخاصة، ولكنهم تخلّوا عنها شيئًا فشيئًا حين وصلوا إلى بابل. وما استطاعوا أن يجعلوا من بابل قوة عظمى. نحن نعرف الوضع الدولي في تلك الحقبة بفضل رسائل تل العمارنة. كرانيداش الأوّل وكوري جلزو الثاني تبادلا الرسائل مع أشورية ومصر. واتصل كدشمان انليل (حوالي 1390-1380) مع امينوفيس الثالث، وبورنابورياش الثاني (حوالي 1370-1345) مع أمينوفيس الرابع. في أيام أشوروباليت صارت أشورية قوة عظمى وسيطرت على بابلونية. حاول الملوك أن يستعيدوا استقلالهم، ولكن هاجمهم العيلاميون (شدتروك نحونتي الأول). حوالي سنة 1170، انطفأت سلالة الكاسيين. وما عتّمت أن جاءت مجموعة جديدة من الساميين : لقد اجتاح الكلدائيون أو الكلدانيون (الأراميون) البلاد ونحجوا في إعادة بناء القوة البابلية. ولكن ظلت البلبلة مسيطرة مدة من الزمن حيث كان يتعاقب على الحكم ملك أشوري وملك بابلي. الى هذه الفترة ينتمي مردوك افلا إدّينا (مرودك بلادان). 3) المملكة البابلية الحديثة (625-539، السلالة 31). في سنة 625، اعتلى العرش البابلي في شخص نبوفلاسر ملكٌ حازم. استفاد من الصعوبات الداخلية في أشورية، فعقد معاهدة مع كياكسار (أواكشترا) ملك ماداي. وفي سنة 612 احتلّ نينوى. وفي سنة 606 انتهت الحرب ضد أشورية. وتوسّعت السلطة البابلية وحضارتها ووصلت الى الأوج في أيام نبوخذ نصر الثاني (604-561). فهذا تغلّب على مصر سنة 605 ولم يكن بعد إلاّ وليّ العهد، لا الملك. في سنة 586 احتلّ أورشليم وفي سنة 576 احتل صور (؟) وسيطر على شاطئ البحر المتوسط. ولكن جاء الانحطاط سريعا مع خلفائه. فابنه اويل (أي رجل) مردوك (في العبرية : أويل مروداك : 561-559 شوّه الاسم ليعني المجنون والملعون) قُتل على يد صهره نرجال شرأوصور (559-556). وابن هذا، لباشي مردوك، قُتل هو أيضا سنة 556. وكان نبونيد (556-539) آخر ملوك بابلونية. في سنة 539 احتل كورش مدينة بابل وصارت بابلونية مقاطعة في المملكة الفارسية. رابعًا : الحضارة اللغة الأكادية. الكتابة المسمارية. بين إله البابليين، يذكر العهدُ القديم : بال، مردوخ، نبو، نرجال، سين، شمش، تموز. لا نستطيع أن نتعرف الى الآلهة التي تحمل اسماء مثل ادراملك، انا ملك، نباحاز، نسروك، سوكوت بتوت، ترتاك. خامسًا : اليهود في أرض بابل. (أ) الجذور. يعود اليهود العائشون في أرض بابل إلى جلاء النخبة اليهوذاويّة سنة 597، وسنة 587. أقام الملك يوياكين وبعض الوجهاء في بلاط بابل، ولكن المنفيين عاشوا في الضياع والقرى، على شاطئ القنوات (مز 371 :1 حز 1 :1) أو في الاماكن المتروكة مثل تل أبيب (حز 3 :15)، تل الملح، تل حرشا (عز 2 :59؛ نح 7 :61). أعادوا بناء ها وزرعوها (رج إر 29 :4-5). ولم تعُد إلى أورشليم سوى أقليّة ضئيلة مع زربابل، ثم مع عزرا. أما أكثرية المنفيّين وأولادهم فظلوا في بابلونية. شكلوا ثلاثة في المئة من عددالسكان، ولكنهم تسلّموا ستّة في المئة من الوظائف الاداريّة. قد لا تمثل هذه اللوحة مجمل بابلونية لأن مراجعنا المباشرة تعود إلى نيفور، ولاسيّما أرشيف موراشو. هذا يفّر غياب أصحاب الصناعات والجنود والموظّفين الكبار مثل نحميا، وذاك اليهوديّ الذي حُفر اسمه على نصب جنائزي يعود إلى الحقبة الفارسيّة وقد وُجد في اناتولية (سرديس). حسب يوسيفوس (العاديات 11 :338). ثبّت الاسكندر حقوق يهودي بابل، وقد وقد خدم عدد كبير منهم في الجيش المكدوني (أبيون 1 : 192)، ونحن نجد فرقة يهودية في الجيش السلوقي (2مل 8 :20) وحسب يوسيفوس (العاديات 12 :147-153)، نقل أنطيوخس الثالث الكبير ألفي عائلة جنود من بابل إلى أناتوليّة الغربية.نجدهم في النصف الثاني من القرن الخامس، ولا سيّما في منطقة نيفور، حيث عملوا في تربية المواشي والزراعة وصيد السمك. (ب) الحقبة الفراتيّة والاسانية : المعلومات التي نمتلكها عن اليهود البابلونيين في الحقبة الفراتية، نادرة. وإن الوثائق التي دُنت على السارق او البردي قد تلفت. غير أن يوسيفوس يقول إن يهوديًا (زماريس) هاجر مع كل عشيرته إلى باتانية (بيت عانوت)، حيث منحه هيرودس الكبير امتيازات (العاديات 17 :23-31). وفراتيّو أع 2 :9. دُونِّت هم على ما يبدو من مملكة الفراتيين الذين أقاموا في باتانية. في أيام ارتبان الثالث (12-38 ب.م.) وُجدت إقطاعة يهودية في منطقة نهارديا (العاديات 18 :310-379) ظنّت جماعتها أن الملك يوياكين المنفيّ هو الذي أسّس مجمعها في بداية القرن 2 ب.م.، زار رابي حقيبة نهارديا (مش يبموت 16 :7) التي وقعت على ملتقى الفرات ونهر مالي الحالي، جنوبي شرقي بغداد. في ذلك الوقت، كانت المدينة مركز رئيس الجلاء اليهوديّ وإحدى الاكادميات المشهورة لحكماء بابل اليهود. دُمِّرت المدينة سنة 262 ب.م. بيد أذينة. سيّد تدمر، حين هجم على المدائن (قطاسيفون)، فانتقلت الحماعة إلى بوبيديتا. إن تل بابل جطين 14ب وتل أور قدوشين 3، 4، 64 أ يتحدثان عن يهود بابلونيين تسمّوا بأسماء فارسيّة. وارتدوا الملابس الارستوقراطيّة الفراتيّة. ووصول الساسانيين إلى الحكم، سنة 224 ب.م.، كان بداية معوقات على حرّية اليهودي الدينيّة، مع أن اللاتسامح الاردشتي لدى يردشير الاول (224-241) وشهبور الأول (241-272) ونرسيس (293-302) ظلّ مخفّفًا. فظلّت اكادمية بومبيديتا الواقعة على الفرات، غربي بغداد، تواصل التقليد القديم في ما يخصّ العصور اليهودية في بابل، فوصلت إلى الذروة مع شهبور الثاني الكبير (310-379). في ذلك الوقت أيضًا، نمت اكادميّة محوزا، على جانب دجلة الايمن، في لقائه مع نهر مالي، وعلى بعد 35 كلم إلى الجنوب الشرقي من بغداد، ساعة عرفت اكادمية سورا سنوات مشعّة في أيام رابي أشي (367-427). كانت قد تأسست في نهاية الحقبة الفراتيّة، حوالي سنة 219. على بعد 80 كلم جنوبي غربي بغداد، على ملتقى شطّ النيل وفرع الفرات الشرقيّ، المدعو هيلة. ولكنها نُقلت في أيام رابي آشي من سورا إلى موقع قريب من ماته محسيا. حفظت هذه الاكاديمات تراون و تريون. كما حفظت مش وتوس. كما كان لها نفوذها الثابت في الاوساط اليهودية، حتّى خارج بابلونية. وهكذا صار تل بابل حين انتهى (القرن 6) القاعدة التي يسير عليها العالم اليهوديّ. غير أن التدوين الأخير تمّ في ظروف صعبة. فتعصّب مزداك الديني، الذي سانده الملك خواز الاول (488-531) كان السبب لاضطهاد اليهود الذين دافعوا عن نفوسهم، سبع سنوات، في منطقة محوزا، إلى أن هُزم رئيس الجلاء، مار زوترا الثاني، وقُطع رأسه سنة 520. وتحسّن الوضع وثبُت في أيام كسرى الاول (531-579). غير أن تأثير المجوس كان أقوى من أي وقت مضى، بحيث لم يعد من شيء شرعي وصالح إن لم ينل موافقة أحد المجوس (كما قال اغاتيوس اسكو لشيلي في الآباء اليونان 88 : 1388).
بحر (الـ – الميت):
مخطوطات رج مخطوطات البحر الميت.
بحر الأحمر:
هذا الاسم (تالاسا اروترا من الارتريّين الذين يسكنون قرب البحر الأحمر) لا يرد إلاّ في أسفار التوراة اليونانيّة وفي أسفار العهد الجديد (أع 7 :36؛ عب 11 :29). إنه يترجم الكلمة العبريّة : يم سوف التي ترجمها اليونانيّون مرّة واحدة تالاسا سيف أي بحر القلزم (البحر الاحمر) (قض 11 :16). حسب الرأي التقليدي المعبّر عنه في عد 14 :23؛ 21 :4؛ تث 1 :40؛ 2 :1؛ قض 11 :16؛ 1مل 9 :26؛ ار 49 :21 حيث يم سوف (بحر القصب) تدلّ على خليج العقبة، علينا أن نماثل بين يم سوف والبحر الأحمر الحالي. إن ترجمة البحر الأحمر لعبارة بحر اروترا ترجمة غير كافية. فبحر اروترا تضمّن البحر الأحمر مع خليجي السويس والعقبة (أو إيلات) والمحيط الهنديّ والخليج الفارسيّ. في السبعينيّة وفي العهد الجديد “بحر اروترا” هو ترجمة “يم سوف”. أما البحر الأحمر في المعنى الحديث للكلمة فيمتدّ من مضيق باب المندب (عرضه 33 كلم) حتى السويس، بطول 200-250 كلم، وهو يحتلّ منخفضاً يقع بين عرابية وافريقية. لهذا السبب سمّاه الرومان “الخليج العربيّ”.
بحر سوف:
أو بحر القصب. رج بحر الأحمر.
بلاد الرافدين:
ترجمة الكلمة اليونانيّة : ميسوبوتاميا. أي : ما بين النهرين، بين دجلة والفرات. ظهر هذا الاسم مع السلوقيّين ودلّ على المنطقة الواقعة عند الفرات الأوسط. اسمها أيضاً آرام نهرائيم. رج فدان ارام. في أع 2 :9 و7 :2 تتّخذ الكلمة مدلولاً أوسع فتشمل حتى أور. هذا في الكتاب المقدس. أما لدى اليونان والرومان، فبلاد الرافدين، دلّت على المناطق الواقعة شمالي بابلونية. ونجد الشيء عينه عند فلافيوس يوسيفوس وفي السبعينيّة حيث تترجم بلاد الرافدين : أرام، (عد 23 :7). أو أرام نهرائيم (تك 24 :10؛ تث 23 :5؛ 1أخ 19 :6). أو : فدّان، فدان أرام سهل أرام (تك 28 :2؛ 48 :7). ماذا نفهم اليوم ببلاد الرافدين؟ العراق بأشورية وبابلونية مع بعض المناطق المحيطة بهما. إذن، تضم بلاد الرافدين منطقة واسعة يحدّها في الشمال جبال كردستان، وفي الجنوب مستنقعات شطّ العرب، وفي الغرب فيافي صحراء سورية وعرابية، وفي الشرق جبال إيران. شكَّلت هذه الأرض كيانًا تاريخيًا، مع أن بلاد الرافدين العليا اختلفت عن بلاد الرافدين السفلى على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى السكان. في الشمال مناخ حار، ولكن مع جبال تخفّف من حرّه فتحمل نباتًا قريبًا ممّا في البلاد الباردة. أقام فيه الاشوريون، الأموريون، الحوريون، الاراميون، اللوفيون. ولكن ما إن ندخل إلى بابلونية، حتّى يصبح الصيف حارًا جدًا، ويغيب المطر وتيبِّس الشمس كلَّ نبات بعد ربيع قصير جدًا. ولكن الخصب يتأمّن بما تحمله المياه من طمى، وبسبب قنوات الريّ. فالجنوب هو منطقة الحبوب والنخيل وصيد السمك. وُجدت في الشمال مناجم، كما وُجدت غابات، لا في الجنوب. كان الجنوب موطن السومريين و الاكاديين، و البابلونيين، و الكلدانيين. أما الجنوب الأقصى فأرض المستنقعات. في القديم، لم يكن من وجود لشطّ العرب : كان لدجلة والفرات مصّبان مختلفان، غير ما هو الامر اليوم حيث يصبَّان في ما يسمّى الخليج الفارسي أو الخليج العربي.
حاران:
(في العربيّة : حرّان) مدينة تجاريّة قديمة في بلاد الرافدين (حز 27 :23)، على نهر بليخ وعلى ملتقى طرق القوافل الآتية من بابل إلى سورية ومصر وآسية الصغرى. كانت حاران مركزًا هامًّا لعبادة الإله القمر. هي مدينة أجداد ابراهيم ونقطة انطلاقه في هجراته (تك 11 :31؛ 12 :5؛ 24 :4 ي؛ 27 :43). يذكر 2مل 19 :12 أن الأشوريّين احتلوا حاران. ترتبط حاران بالأكادي حارانو أي الشارع. موقع حاران هو اسكي حاران (أي حاران القديمة) شماليّ غربيّ حاران الحاليّة التي هي قرية صغيرة (اسمها التركي : التينباصاك) جنوبيّ شرقيّ أورفا (أو الرها). سنة 1951 بدأت الحفريّات، فاكتشف المنقّبون مكتبة مهمّة تعود إلى الزمن الأشوري. ما هو تاريخ حاران؟ ذُكرت مرارًا في وثائق إيبلا كموقع تجاريّ ذات أهمّية معقولة. إذن، يعود وجود المدينة أقلّه إلى القرن الرابع والعشرين ق.م. نجد حاران في أرشيف ماري، في القرن الثامن عشر، وكانت عاصمة مقاطعة يجول فيها البدو الاموريّون. حوالى سنة 1500، كانت حاران جزءً ا من الدولة الحوريّة الميتانيّة، وصارت بعد سنة 1100 مركز تجمّع أراميّ. في عهد شلمنصّر الثالث (858-824)، ضُمَّت إلى أشورية وظلّت مركزًا إداريًا وعسكريًا هامًا في المملكة حتى نهاية الاشوريين. سنة 610، احتل حاران البابليون والمادايون. ثم إن المادايين سلبوها بهياكلها بمعاونة الاسكوتيين. فأعاد نبونيد (555-539) بناءها خلال الحقبة البابليّة. وكانت المدينة للفرس الاخمينيّين، ثم للسلوقيين الذين جعلوا فيها مستوطنة مكدونيّة. جاءها كراسوس، القائد الروماني، سنة 53 ق.م.، ومنها اجتاح بلاد الرافدين الفراتي، فهُزم فيها شرّ هزيمة. ولكن المدينة ضُمّت إلى الامبراطوريّة الرومانية مع مرقس اوريليوس (161-180 ب.م.). وفي حاران قُتل الامبراطور كركلاّ (211-217 ب.م.)، ساعةَ كان يزور هيكل القمر “سين” الذي ظلّ يُعبد فيها أقلّه حتى عهد الخليفة عبد الملك (685-705)، بل حتى القرن العاشر. بما أن هذه المدينة كانت على حدود البيزنطيين والساسانيين، فقد ظلّت مركز حضارة هلنستية حتى احتلال العرب الامويين للمنطقة وبداية العهد العباسيّ. وماذا عن ديانة حاران؟ لعبت حاران دورًا هامًا في تاريخ بلاد الرافدين كمركز دينيّ. فقد كانت، شأنها شأن اور، مدينة مقدّسة للاله القمريّ سين، الذي سيطرت عبادته منذ القرن الثامن عشر ق.م. فهناك نصّ من ماري يعود إلى هذا التاريخ فيذكر “معاهدة” عُقدت في هيكل سين في حاران. وقد تعبّد الاراميون للاله سين وسموه “شيا” أو “بعل حاران”. زوجته كانت نكَّال التي يتفرّع اسمها من السومري “نين غال” (أي السيّدة الكبرى). هذا ما يدلّ على قدم عبادة القمر في حاران. والاله نوسكو الذي سمّاه الاراميون نسوخ، قد اعتُبر ابن سين ونكال. كان إلهَ الهلال القمريّ. ولقد تعبّد الملوك الأشوريون، ولا سيّمـا اسرحدون وأشور بانيبال (الذي كانت أمّه وجدته نقيّة زكوتو أرامية من بلاد الرافدين العليا)، تعبّدًا عظيمًا للاله العظيم في حاران. وكذلك فعل نبونيد الذي أعاد بناء هيكل أخلخل المكرّس للمثلّث القمري (كانت أم نبونيد الكاهنة العظمى فيه). وكان الملوك العظماء يسألون “سين” و “نوسكو” أقوالاً إلهية. وكان على الحالف كذبًا أن يدفع لخزانة سين ونكال غرامة من الذهب أو الفضّة أو الجياد. وقدِّمت في هياكل حاران ذبائحُ الأطفال كما يقول الكتّابُ المسلمون الأولون الذين يذكرون في هذه المناسبة السبأيين في حاران. تحمل زوجة اسحق (تك 25 :20) اسمًا أراميًا (ر ب ق هـ، رج “ر ب ض في العربية، رقد، “ر ب ض ت”). واسم أبشالوم (حوالى سنة 900) الذي هو اسم ملك جوزان، يوجّه أنظارنا إلى المنطقة عينها (2صم 3 :3؛ 13 :1-4، 22…) ويفترض اتصالات مُتشابهة بين أورشليم والعواصم الأراميّة في بلاد الرافدين العليا. ووجود بعض الاسرائيليّين المسبيّين بيد الأشوريين إلى جوزان، ثبّت الاعتقاد بعلاقات أجداديّة بين أهل أرام النهرين واسرائيل ويهوذا.
حبرون:
موضع العهد. الاسم الحديث لبلدة قرية أربع المذكورة في تك 23 :2؛ 35 :27؛ يش 14 :13؛ 15 :13، 54؛ 20 :2؛ 21 :11؛ قض 1 :10؛ 2 أخ 11 : 10. 1) كانت حبرون مدينة قديمة ومهمّة تنعم باستقلال في المنطقة الجنوبيّة لجبل يهوذا. إذا عدنا إلى عد 13 :22، نعرف أنّها أسّست قبل صوعن بسبع سنوات. في الزمن السابق للإسرائيليّين أقام فيها العناقيّون (عد 13 :33؛ يش 11 :21؛ 14 :6-15؛ 15 :13 ي؛ قض 1 :10). يسمّي تك 23 :2-20؛ 25 :10؛ 49 :32؛ عد 13 :29 السكان السابقين للاسرائيليّين حثيّين. ويذكر يش 10 :3 الملك هوهام (الأموري). كانت حبرون للكالبيّين (عد 13 :22؛ يش 15 :13 ي؛ قض 10 :10)، وكان فيها معبد مشهور (ممرا) ومقبرة (مكفيلة) ارتبط بهما أسماء الآباء. ينسب يش 15 :54؛ 20 :7 مستوطنة الكالبيّين إلى يهوذا. فقد كانت أهم نقطة لقبيلة يهوذا، وقد تكوّنت من عناصر نقبيّة (من النقب) مختلفة وجد لديها داودُ ملجأ حين هرب من شاول (1صم 30 :31) وأعلن فيها نفسه ملكًا (2صم 2 :1-4؛ 5 :1-5). في حبرون قُتل أبنير ودُفن، وهو الذي ذهب يعمل من أجل ضمّ إسرائيل إلى يهوذا (2صم 3 :27-32). وفي حبرون شُنق قاتل إيشبوشت (2صم 4 :12). وحين نقل داود عاصمته إلى أورشليم، ضعُفت حبرون. ولكن ذهب إليها أبشالوم وأعلن نفسه فيها ملكًا (2صم 15 :7-9). بعد انشقاق المملكة، حصّن رحبعام المدينة (2أخ 11 :5-22). بعد دمار أورشليم سقطت حبرون في يد الأدوميّين. ولكن نح 11 :25 يذكر وجود مستوطنين يهوذاويين في حبرون (قرية أربع) بعد المنفى. في 1مك 6 :65 نعرف أن حبرون كانت جزءًا من أدومية. خضعت وقتًا ليهوذا المكابي. احتُفظ بذكر ابراهيم في الاسم الحالي : الخليل الرحمان (اسم ابراهيم في القرآن. رج إش 41 :8؛ يع 2 :23). تبعد 37 كلم إلى الجنوب من أورشليم على طريق بئر سبع. أين تقع حبرون القديمة؟ في تلّة الرميده غربيّ الخليل (والاسم هو دير الأربعين ويذكرنا بقرية اربع). أو على أرض الخليل. نجد في مدينة الخليل قبر الآباء. والجامع الموجود هناك كان بازيليكًا مبنيّة في زمن الصليبيّين على مبنى قديم يعود إلى زمن هيرودس. 2) والد قورح وتفوح وراقم وشامع. من قبيلة يهوذا (1أخ 2 :42-43). 3) حفيد لاوي (خر 6 :18؛ عد 3 :19؛ 1أخ 6 :3، 18؛ 23 :12، 19) وجـدّ الحـبرونيّيــن (عد 3 :27؛ 26 :58؛ 1أخ 15 :9). 4) رجل من نسل كالب (1أخ 2 :42).
حثيّون:
أولاً : إنّ العهد القديم يتكلّم مرارًا عن الحثيّين، هذا الشعب الذي اكتشفناه في بداية القرن العشرين فساعدنا على معرفة الشرق الأوسط خلال الألف الثاني ق. م. منذ بداية القرن 17، لاحظنا وجود المباني الحثيّة في آسية الصغرى وفي شمالي سورية. ولكن الأركيولوجيا الحثيّة وُلدت حين اكتشف العلماء في منطقة حماة (سوريا) نصوصًا هيروغليفيّة، وعرفوا المكان : إنّ تل جرابلس على مجرى الفرات الأعلى هو كركميش التي تعرفها النصوص الآشوريّة والتي تسمّيها عاصمة حاطو. وبدأت الحفريّات في بوغازكوي (على بعد 150 كلم إلى الشرق من أنقرة) سنة 1906 فوجد العلماء آثار الحثيّين، وعرفوا أنّ بوغازكوي كانت عاصمتهم. واكتُشف أرشيفُ الدولة الحثيّة، وهو يتضمّن 20000 نص مسماري دوِّن بعضها في الأكاديّة والبعض الآخر في الحثيّة. قُرئت اللغة الحثيّة سنة 1965، فاكتشف العلماء أنّها لغة هندو أورويّة. ثانيًا : عرفت المملكة الحثيّة حقبتَي انتشار. حوالي 1900-1650 ثمّ 1430-1200. يُذكر الحثيّون مرارًا، في البنتاتوكس (تك 23 :3-20؛ 25 :9 ي؛ 26 :34؛ 27 :46؛ 49 :29-32؛ رج حز 16 :3 – 4). كلّ هذا يرجع إلى الحقبة الأولى. وخلال الحقبة الثانية، كان لكلّ ملوك السلالة 19 في مصر علاقة مع الحثيّين وبالأخصّ سيتي الأول ورعمسيس الثاني. فقد أُجبر رعمسيس الثاني بعد انتصاره الغامض في قادش على العاصي، أن يتحاور على قدم المساواة مع الملك الحثيّ حتوسيلي الثالث، وأن يعقد معاهدة سلام ( “العهد الأبديّ” الذي حُفظ في اللغتين المصريّة والحثيّة). امتدّ الحثيّون من قادش حتى بحر ايجه. ولكن مملكتهم انهارت حوالي سنة 1200 والسبب في ذلك هو ضغط شعوب البحر الذين إليهم ينتمي الفلسطيّون. حينئذ انتقلت عاصمة الحثيّين إلى كركميش حيث تنظّموا دويلات ولعبوا دورًا ثانويًّا مدّة أجيال عديدة. فالنصوص في 1مل 11 :1؛ 2مل 7 :6؛ 2أخ 1 :17 تشير إلى هذه الدويلات. كان الحثيّون السوريّون يستعملون كتابة هيروغليفيّة وقد ساعدت كتابة كاراتيبه المكتوبة بالحثيّة والفينيقيّة على حلّ رموز هذه الكتابة. ثالثًا : الديانة. نقرأ في النصوص الحثيّة الهيروغليفيّة عددًا كبيرًا من الأسماء الإلهيّة وأهمّها يعود إلى أصل حوريّ (تشوب، حفيت). فالإله هو السيّد، والأتان هو الخادم أو العبد. كانوا يقدّمون ذبائح من الطعام والشراب، من الحيوان والبشر. وقد بقيت بعض النصوص العباديّة والأناشيد الدينيّة. لعب السحرُ والعرافة دورًا كبيرًا في الديانة الحثيّة. رابعًا : الحضارة. يتضمّن أرشيف الدولة الحثيّة عددًا كبيرًا من النصوص القانونيّة. وقد طُبعت مقتطفات من النصوص التاريخيّة والعباديّة والميتولوجيّة. رج حتوسيلي، شوفيلوليوما، مورسيلي، مواتالي.
حلب:
تمثّل حلب أحد المراكز الفكريّة والدينيّة في سورية الشماليّة خلال الالف الثاني ق.م. في هذه المدينة، جمع الكتبة الحوريون التقليد اللاهوتيّ البابليّ الذي انتشر على مدّ الفرات. وانطلق هذا التقليد من حلب إلى أوغاريت، ثم إلى الجنوب الاناضولي وحاطي. وأسّس سوفيلوليوما الأول مملكة تابعة، وجعل على رأسها ابنه تيلبينو. هذا ما يدلّ على اهتمام الملك الحثيّ بالمدينة السورية وبمنطقتها. في هذه الفترة عينها، انتشر اللاهوت الحلبي في الأوساط الحثيّة، وهو واقع صار سهلاً حين ضُمّت كيزووتنا إلى حاطي. كانت كيزووتنا منطقة غنية بالمدارس اللاهوتيّة المتأثّرة بحلب. بعد الملك توداليا الرابع، عكس تجمّع الآلهة (بانتيون) في حتوسا ما نجده في حلب حيث سيطر تشوب وأقانيمه عبر هيبة وهيبة سرّومّا أو الالاهة الأم التي تحمل ابنها. ويلي هؤلاء الآلهة وفد من الآلهة الحوريّة والسوريّة التي حاول لاهوتيو حلب أن يرتّبوها أزواجًا كما في الديانة البابليّة.
حماة:
الحمية، القلعة. سمّيت في عا 6 :2 : حماة العظيمة. مدينة قديمة ومهمّة على نهر العاصي في سورية. سمّيت في أيام أنطيوخس الرابع إبيفانيوس : إبيفانيا. هناك عبارة لبو حماة أي مدخل حماة. في لائحة الشعوب، حماة هي مُلك الكنعانيّين لا مُلك الأراميّين (تك 10 :18) وهذا ما يدهشنا. لحماة تاريخ طويل يقسمه العلماء إلى 12 مستوى. من المستوى العربيّ إلى المستوى الحجريّ. يبدأ المستوى الخامس حوالي سنة 1200 ق.م. (الحديد، الجرار، اللغة الهيروغليفيّة الحثيّة) وينتهي بين سنة 950 و900. نجد في هذه الحقبة أولى معلومات التوراة : الملك توعي يقيم علاقات صداقة مع داود (2صم 8 :9 ي). الملك سليمان يزحف على حماة (2أخ 8 :3). يربعام الأوّل يحتلّ حماة (2مل 14 :28). ويبدأ المستوى الرابع سنة 800 ويمتدّ حتى احتلال الأشوريّين للمدينة. هنا نجد عصرًا من الازدهار (حقبة أراميّة، نُصب الملك زكير، أبنية فخمة مع العاج، كتابات في الأراميّة القديمة، أسماء علم أراميّة وفينيقيّة). ثمّ كان الاحتلال الآشوريّ (2مل 18 :34؛ إش 10 :9؛ عا 6 :2؛ زك 9 :2). وأرسل الأشوريّون سكان حماة كمستوطنين إلى السامرة (2مل 17 :24). فعبدوا الالاهة أشيما (2مل 17 :30). ويبدو أنّ السامريّين نُقلوا إلى حماة (إش 11 :11). ليس من الأكيد أن اسم حماة صوبة (2أخ 8 : 3) الذي يدلّ على حماة في 2صم 8 :9 ي، ينطبق على حماة المذكورة هنا. يجب أن نبحث عن حماة هذه في الجنوب. ونقدّم بعض المعلومات الإضافيّة. إذا عدنا إلى تك 10 :181أخ 1 :16، نرى أن أهل حماة ارتبطوا بالحثيين وحُسبوا من بني كنعان. ولكن المدينة تُذكر دومًا على أنها الحدود الخارجيّة لكنعان التي تتوقّف عند لبو حماة مدخل حماة). بدأت العلاقات بين أرض اسرائيل وحماة في أيام داود بعد انتصاراته على الأراميين (2صم 8 :9). لماذا هذا التحالف؟ لأن الاراميين الذين كانوا أنصاف بدو، جاؤوا من الشمال إلى الجنوب، من الفيافي الواقعة شرقيّ الفرات، وهدّدوا المدينة. قد يكون “حثّيون” انتقلوا في ذلك الوقت إلى خدمة داود. وقد يكون سليمان جاء بأخصّائيّين في ركوب الخيل وتسيير المركبات من ذلك المكان، فصاروا الركابيين وانضمّوا بعد انقسام البلاد إلى مملكة اسرائيل ومملكة يهوذا. وفي أي حال، احتلّ الاراميون حماة كما تقول مدوّنة الملك زكير (في لغة مميّزة وكتابة فينيقيّة). وبعد أن اتفقت حماة مع أنصاف البدو هؤلاء وتجهّزت بالمركبات، وقفت في وجه شلمنصر الثالث الاشوريّ ولا سيّمـا في معركة قرقر (853 ق.م.). تلاشت حماة بعد هذه الحرب، فانتقلت الأوليّة إلى دمشق التي صارت العدوّ الرئيسي لأشورية. تلقّى هددنيراري الجزية من بنهدد الثالث، ملك دمشق، ويوآش، ملك اسرائيل. في هذه الظروف مدّ يربعام الثاني مملكته حتى مدخل حماة، بل وصل إلى دمشق وحماة (2مل 14 :25-28) من أجل علاقات مسالمة مع مدينتين ظلّتا عدوّتين زمنًا طويلاً. ولكن هذا الوضع لم يَدُم طويلاً. ففرض تغلث فلاسر الثالث (745-727) الجزية على حماة، وجعلها مقاطعة في مملكته، وجلا عددًا من سكّانها. ولكن هذا لم يمنع القلاقل اللاحقة. فالحكّام أحبّوا المدينة وطلبوا مصالحها. وظلّ الوضع كذلك حتى سقوط المملكة الاشوريّة. ولما جاء نبوخذنصر إلى المنطقة، جعل مركزه في ربلة، القريبة من حماة (2مل 23 :23؛ 25 :21؛إر 39 :5؛ 52 :9، 27). في زمن الفرس، تحدّث زك 9 :2 عن حماة المزدهرة. وفي أيام السلوقيين، خسرت من أهمّيتها بعد أن نمت أفامية. غير أن انطيوخس الرابع شرّف حماة فأعطاها اسمه : ابيفانيا، الذي حملته طويلاً. في زمن الرومان، حلّت محلّ حماة، حمصُ الواقعة على العاصي.
دجلة:
في العبريّة : حداقل. في الآراميّة : دقلة. في الفارسيّ : تغرا. ومن هنا في اليونانيّة تغريس. يجري شرقيّ الفرات. يتكوّن من مجريين ينبعان من جبل ارمينيا. روافده (من جهة الشرق فقط) : الزاب الكبير، الزاب الصغير، ديالة، خواسفيس (كرخا). في الزمن القديم كان مصب دجلة بعيدًا عن مصب الفرات. أما اليوم فيجتمعان قبل أن يصلا إلى الخليج الفارسيّ أو العربيّ. في التوراة : دجلة هو نهر في الفردوس (تك 2 :14، رج سي 24 :25) ويُذكر أيضاً في دا 10 :4 (ظهور ملاك) وفي طو 6 :1 (صيد سمكة كبيرة) وفي يه 1 :6. نشير إلى أن اليونان سمّوه “النمر” بسبب اندفاع مياهه وما تحدثه من فيضانات.
سومر:
اسم المنطقة الجنوبيّة من بلاد الرافدين. لا نجد هذه الكلمة إلاّ في النصوص الساميّة. يقابلها في السومريّة : كي ان عير. وميّز العلماء بين كنغير وأوري. أوري تعني أكادوا، وهي تدلّ على القسم الشماليّ من بلاد الرافدين مع جزء من الجزيرة (الحالية) ومنطقة ديالة. كان المركزَ السياسي والثقافي لهذه البلاد مدينةُ كيش ثمّ مدينة أكاد. وكانت مدن أخرى مهمّة : سفار، كوتا، ماري، أشنونا. أما أهم مدينة فكانت في القديم أريدو ثمّ تجاوزتها فيما بعد أوروك. وهناك أيضاً مدن مهمّة : لارسا، شوروفاك، اداب، بدتيبيرا، ايسين، أور، لاغاش، أوما، كوتلا. ومدن لم نعرفها مثل تل ابزة، أم العقارب. كانت الحدود بين هاتين المنطقتين تمرّ في نيفور القديمة مدينة الاله انليل والمركز الدينيّ الكبير. ومع أن القسم الشماليّ احتفظ بقدر كبير بالتأثير السامي، إلاّ أنّ البلاد كلّها خضعت لتأثير السومريّين. ثمّ إنّ معارضة كيش أوروك هي مهمّة لتكوين تاريخ بلاد الرافدين القديمة. امتدّت منطقة سومر من نيفور إلى اريدو. وكان معظم سكّانها بين سنة 3300 وسنة 1900 من السومريين (في الاكادية : شومرو). نجد اسم “ك ن ج ر” (الذي يقابل سومر ) للمرّة الأولى في مدوّنة إنشاكوشنا، ملك اوروك (حوالى 2350 ق.م.). وقد دلّت على منطقة نيفور (هي اليوم نفار ) ثم امتدت على مجمل البلاد التي أقام فيها السومريون.
شكيم:
مدينة كنعانية قديمة في جبل افرايم بين عيبال وجرزيم (من هنا اسمها الذي يعني العنق لأنها تبدو كالعنق بين الكتفين). نقطة اتصال مهمة. تذكرها النصوص المصرية باسم “سكمم” ورسائل تل العمارنة. أقام ابراهيم واسحق ويعقوب في جوار شكيم وقد سمِّي اهلُها الحويون (تك 34 :1). لا يذكر أيُّ نص أن شكيم أخِذت (تك 38 :34) إلاّ أنها كانت باكرا في يد بني اسرائيل. وأعطيت لافرايم (يش 24 :32). كانت مركزا دينيا اسرائيليا (يش 24 :1-28)، مدينة ملجأ (يش 20 :7)، مدينة كهنوتية (يش 21 :21). وكانت كذلك حتى قبل دخول بني اسرائيل (تك 12 :17؛ 33 :20، السنديانة المقدسة). في أيام ابيمالك، كانت شكيم أولى المدن الملكية في بني اسرائيل (قض 9 :1ي). إن رحبعام تُوّج في شكيم، ولكن تصرّفه الخاطئ سبّب انفصال القبائل العشر عن مملكة يهوذا (1مل 12). وحين انتقلت عاصمة ملوك الشمال من شكيم (1مل 12 :25) إلى السامرة بعد فنوئيل وترصة، انكسفت شكيم. بعد المنفى صارت شكيم مركز السامريين الديني ولاسيّمَا حين بُني هيكل على جبل جرزيم القريب منها. دمّر يوحنا هرقانوس سنة 128 ق.م. الهيكل والمدينة، وبُنيت المدينة الرومانية بعيدا عن شكيم وسميت فلافيا نيابوليس الذي بقي في الاسم الحالي : نابلس. نجد خرائب المدينة القديمة في تل بلاطة. وبدأت الحفريات سنة 1913، فبيَّنت أن شكيم كانت مأهولة في بداية الألف الثاني وكانت محاطة بسور في زمن الهكسوس. حين سقطت المدينة في يد الكنعانيين أقام سكانها حوالي سنة 1600 سورًا ضخمًا مع قلعة (بيت ملو : قض 9 :6، 20) وهيكل (هو هيكل بعل بريث المذكور في قض 8 :33؛ 9 :4). وُجدت قبل الزمن الاسرائيلي لوحتان مسماريتان فشهدت على حضور مصر في تلك المدينة. ماذا قالت الحفريات عن هذه المدينة العريقة؟ في الحقبة الكلكوليتيّة (انتقال من الحجر إلى البرونز) وُجدت مخيّمات من البدو قرب ينبوع ماء. في البرونز الوسيط الثاني، تأسّست مدينة محصّنة سنة 1900 تقريبًا مع أبنية عامّة. وتوسّعت في حقبة الهكسوس (1750-1650). فبُني سوران من الحجارة. وأحاط سور ثالث بالقصر الملكي والهيكل. بين سنة 1650 وسنة 1550، امتدّت المدينة فوصلت إلى سفح عيبال. سنة 1550، دمّرت مصر المدينة التي ظلّت متروكة قرنًا من الزمن. في البرونز الحديث، أعيد بناء المدينة ولكنّها كانت صغيرة، مع هيكل يعود إلى زمن القضاة (هيكل بعل بريت، قض 9 :4). في سنة 1150-975، دمّرت المدينة وتركها سكّانها. ولكن دمّرت أيضاً سنة 918. فصارت قرية صغيرة في الحقبة البابليّة والفارسيّة. في الفترة الهلنستيّة استعادت شكيم الحياة حين أقام السامريون قرب جبل جرزيم وبنوا للمدينة سورًا هدمه السلوقيّون حين احتلّوا المنطقة سنة 190 ق.م. ولكن أعيد بناء المدينة قبل أن يدمّرها هرقانوس الأول.
صوعن:
في العبريّة : صوعن. في المصريّة : دعنت. في الشعبيّة اللاتينيّة : تانيس. مدينة في دلتا النيل الشرقيّة. يذكرها عد 13 :22 (بُنيت حبرون قبل صوعن) وإش 19 :11 (امرأة صوعن وحكماء مصر)، 13 (أمراء صوعن وأمراء نوف ممفيس)، حز 30 :14 (صوعن ونو طيبة). يذكر مز 78 :12 سهل صوعن مع أرض مصر. رج آ43. في السبعينيّة : تانيس. هي اليوم : صان الحجر على بحيرة منزلة. بدأت الحفريّات فيها منذ سنة 1929، فاكتشفت في المكان افاريس عاصمة الهكسوس الشهيرة، وفي رعمسيس عاصمةَ سلالة الرعمسيسيّين. واكتشف العلماء أيضاً مدفن الفرعون بسوسانيس الأوّل (حوالي 1000 ق.م.). ونتوقّف بشكل خاص عند التاريخ. نجد أقدم ذكر لصوعن في مغامرات وان أمون التي تعود إلى حكم رعمسيس الحادي عشر (1098-1070). هناك تفاصيل في الخبر تدلّ على أنّ التأليف تمّ سنة 1050-1025، ساعة تقاسم ملوك صوعن والكهنة السلطة في مصر. وفي الواقع، عادت الحفريات إلى بسوسانيس الأول الذي أسّس المدينة. هذه المدينة صارت عاصمة السلالة 21 (1070-945) وظلّت مركزًا ملكيًّا في أيام السلالات التالية. إن كان عد 13 :22 قد لاحظ أن حبرون تأسّست قبل صوعن بسبع سنوات، فهو يشير إلى سبع سنوات ملك داود في حبرون (1مل 2 :11؛ 1أخ 29 :27) ويمزجها بفكرة تقول إنّ بداية حكم سلالة داود في أورشليم يتوافق مع تأسيس السلالة 21 في مصر. كانت هناك علاقات بين أورشليم وصوعن، إن لم يكن في عهد داود (استقبل ملك صوعن عنده الأمير هدد الأدومي، 1مل 11 :14-22)، ففي بداية عهد سليمان. فإنّ سليمان تزوّج ابنة فرعون (1مل 3 :1؛ 7 :8؛ 9 :24؛ 2أخ 8 :11) الذي قدّم له كمهر العرس، مدينة جازر التي أخذها من الفلسطيّين (1مل 9 :16). إذا حدّدنا بداية مُلك سليمان سنة 965، فهذا الفرعون هو سيامون (978-959). ولكن إن جعلنا حكم سليمان يبدأ سنة 955، نكون أمام آخر ملوك صوعن، بسوسانيس الثاني (959-945) حميّ سليمان. ولكن يبقى أن سيامون هو الذي احتلّ جازر. وما يدلّ على ذلك جدرانيّة وُجدت في صوعن تصوّر الملك سيامون يقتل عدوًا يحمل فأسًا تجعلنا في إطار الفلسطيّين الذين جاؤوا من بحر إيجه. لقد تدخّل ملوك صوعن في آسيا رغم ضعف مواردهم. والفضّة واللازورد اللذان وُجدا في المدافن الملكيّة (وُجد مدفن بسوسانيس سالمًا سنة 1940) يدلاّن على نشاط سياسيّ وتجاريّ مع الفينيقيّين بشكل خاص. وسفر وان أمون من صوعن إلى دور و صور و جبيل تدلّ على ذلك. والدليل على ذلك، إهداء فينيقيّ لأمون حُفر سنة 1000 على كأس وُجدت في قبر قرب كنوسوس في كريت. إنّ بسوسانيس الثاني، خلف سيامون، استطاع أن يقاوم الليبيّين الذين أقاموا في فيباست (بوبستيس، تل بستا، قرب الزقازيق) وحانيس. سنة 945، جاء شيشانق الأول، رئيس الليبيّين، وأزاح السلالة الصوعنيّة، وأقام في صوعن. فأسّس السلالة 22 المصريّة. قدّم الحماية واللجوء للذي سيُصبح يربعام الأول، ملك اسرائيل (1مل 11 :40). وفي نهاية حكمه، اجتاح فلسطين، وسار على أورشليم، فتسلّم كنوز الهيكل والقصر الملكيّ (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-9). ووصل إلى الجليل تاركًا في مجدّو مسلّة حفر عليها اسمه، وأعاد جبيل إلى حضن مصر (نشو 242-243؛ حشو 349) إنّ “بلاد (بقعة) صوعن” التي صارت عاصمة مصر كلّها، ظهرت في مز 78 :12، 43، المنطقة التي فيها أجرى الله معجزاته ساعة خروج العبرانيّين من مصر (خر 7-14). وعبارة “حقول صوعن” هي ترجمة عبارة مصريّة تعني “حقول صوعن” ومستنقعاتها مع القصب. هي منطقة منزلة الحاليّة التي اجتاحتها المياه اليوم. إنّ الإشارة إلى صوعن في مز 78 هي أقدم محاولة لتحديد موضع أحداث الخروج، وهي تعود إلى القرن 10 أو 9. في منتصف القرن 9، سيطرت الفوضى في أرض مصر، وفقدت صوعن عظمتها كعاصمة فرعون الحقيقيّة. في ذلك الوقت، أي حوالى سنة 900، نضع خبر يوسف في مصر (تك 39-50) الذي يقدّم بشكل حكاية أحداث يربعام الافرايمي، ويستعمل أسماء مصريّة مثل فوطيفار أو فوطيفارع وأسنات وصفنات فعنيح التي ظهرت مع السلالة 22. ولمّح إش 19 :11، 13 إلى الفوضى التي سيطرت سنة 853 فقال : “ما أغبى امراء صوعن”. وجمعهم مع “أمراء نوف” (ممفيس) و”وزعماء الشعب” (19 :13). فدلّ هكذا على تفتّت مصر التي لا تستطيع أن تقاوم أشورية رغم بدايات المملكة الكوشيّة. ولمّح إش 30 :4 أيضاً إلى وفد أرسل من أورشليم إلى صوعن، وإلى وفد آخر أرسل إلى حانيس. ورغم قساوة الأيام، عرفت صوعن أيضاً حقبة ازدهار ولا سيّمَا في الحقبة السائيّة. لهذا، يجعلها حز 30 :14 بين المدن التي يهدّدها العقاب الإلهيّ والتي بدأت طلائعه في هجمة نبوخذنصر الثاني سنة 568 (رج يه 1 :10). ومع ذلك، ظلّت المدينة مزدهرة حتّى الحقبة الرومانيّة.
فرات (الـ):
في الأكادي : فوراتو. الفرات هو أكثر الأنهر المشهورة في آسية السابقة. يتكوّن من رافد الفرات الغربيّ الذي ينبع قرب أرزاروم ويحمل اسم كرسو، ومن رافد الفرات الشرقيّ المسمّى كرانا. ينضمّ كراسو إلى كرانا قرب مليد. يعبر الفرات تشعّبات جبل طورس ويدخل في بلاد الرافدين العليا قرب تل برشيف ويتوجّه نحو الجنوب حتى تفساح ثمّ نحو الجنوب الشرقيّ إلى أن يصب في الخليج الفارسيّ قرب إريدو (اليوم : ينضمّ إلى دجلة قبل أن يصبّ في الخليج). روافده هي : باليخو، خابورو (الخابور)، ساغورو. على مدّ الزمن غيّر النهر مجراه بحيث إن مدنًا عديدةً لم تعد واقعة على ضفافه (سفّار، مقور، سوروفاك، أوروك، لارسا، أور، اريدو، بابل). في التوراة يسمّى الفرات مرارًا “النهر” أو النهر الكبير. في تك 2 :14، الفرات هو أحد أنهر الفردوس. في إر 13 :4-7، قرأت الترجمات القديمة “الفرات”. ولكن هناك من يقول إنّ النص يعني بلدة في بنيامين هي عفرة المذكورة في يش 18 :23 والتي هي اليوم تل فاره أو وادي فاره التي تقع جنوبيّ شرقيّ أورشليم.
كنعان:
الاسم البيبليّ لأرض الموعد. احتلّها بنو اسرائيل. عرفت رسائل تل العمارنة بلادًا سمّيت : كنعني، كنعنا، كناعي. وإنّ تمثال ادريمي ملك ألالخ (القرن الرابع عشر) يذكر مات كي أن أنيم. وتتحدّث النصوص المصريّة عن في كنعن. في البيبليا، نقول دومًا (ما عدا بعض النصوص الشعريّة :إش 19 :18؛ 23 :11؛ هو 12 :8، صف 2 :5) : أرض كنعان، إلاّ إذا كان الاسم محدّدًا : بنات كنعان (تك 28 :1، 6-8؛ 36 :2)، سكان كنعان (خر 15 :15)، حروب كنعان (قض 3 :1؛ مز 135 :11)، ملك كنعان (قض 4 :2، 23-24؛ 5 :19)، شعب كنعان (صف 1 :11)، أصنام كنعان (مز 106 :38). يُعتبر الاسم كاسم علم مشتقّ من كنع (أي حنى) مع الزيادة “آن” فيصبح معناه الأرض المسطحة. ويسندون هذا القول إلى نصوص مثل عد 13 :29 (يسكن الحثيّون واليبوسيّون والأموريّون الجبل، والكنعانيّون يقيمون على شاطئ البحر وعلى ضفاف الأردن. رج يش 11 :3) ويش 5 :1 (يقيم الأموريّون على ضفة الأردنّ اليمنى والكنعانيّون على شاطى البحر). وهكذا تشكّل كنعان أراضي فلسطين المنخفضة بينما يقيم الأموريّون في الجبال. ولكن هناك من يعترض على هذا التفسير، ويقول إنّ هناك نصوصًا تقول إنّ الكنعانيّين سكنوا الجبل والشفاله (الساحل) والنقب (تك 12 :6؛ 24 :3، 37؛ 38 :2). لهذا يستند العلماء اليوم إلى معنى كيناعي : صوف أحمر، أرجوان، معروف في نصوص نوزي. فبلاد كنعان يكون بلاد الصوف الأحمر، الأرجوان (قابل في اليونانيّة كلمة فينيقي، أي الفينيقيّون). هو اسم دلّ أوّلاً على فينيقية ثمّ انحصر بفلسطين في بعض النصوص البيبليّة. وهناك حجر مقدّس وضعه امينوفيس الثاني (1449-1443) يذكر بين أسرى سورية الشماليّة 640 كنعانو وهم تجار أغنياء (رج أي 40 :30؛ إش 23 :8؛ حز 16 :29؛ 27 :3؛ هو 12 :8؛ صف 1 :11؛ زك 11 :7، 11 حسب السبعينيّة). حسب بعض الشرّاح، كيناعي تعني أوّلاً البائع والتاجر ثمّ عنت البضاعة التي يبيعها التاجر. أخذ بنو اسرائيل بهذا الاسم وسمّوا أهل فلسطين الذين كانوا قبلهم كنعانيّين دون أن يهتمّوا بالفوارق العرقيّة التي بينهم. هناك أوساط استعملت كلمة أموريّين (تك 15 :16)، ولكن هذا الاسم لم يثبت. وقد عرف بنو اسرائيل الاختلافات العرقيّة التي تميّز سكان كنعان بعضهم عن بعض، وهذا ما تدلّ عليه نصوصُ تعداد الكنعانيّين والحثيّين والأموريّين والفرزيّين والحويين واليبوسيّين (خر 3 :8؛ 17، 13 :5؛ قض 3 :5، رج خر 33 :2؛ يش 11 :3). في هذه النصوص يرد اسم الكنعانيّين أولاً، وهذا يدلّ على صفة الجمع التي تميّز هذا الاسم.
ماري:
مدينة واقعة على الضفة الغربية لمسيرة الفرات الاوسط على مستوى تدمر. لم تُذكر ماري في التوراة، ولكننا نعرفها في النصوص البابلية (ومنها نصوص حمورابي). اكتُشفت المدينة تحت تل الحريري قرب ابو كمال في سورية الشرقية وبدأت الحفريات منذ سنة 1933 فاعطت نتائج مهمة جدا. هناك عشرون ألف لوحة مكتوبة بالخط المسماري في ارشيف زمري ليم آخر ملوك ماري. فقد مات في حرب مع حمورابي في السنة 32 لعهد حمورابي. هذه النصوص (رسائل إلى زمري ليم، رسائل تجارية) تلقي ضوءا على تاريخ الحقبة القديمة في سلالة بابلونية وعلى تاريخ حمورابي. مثلا : دخلت كرونولوجية حمورابي في مرحلة جديدة واهتم العلماء بالحوريين. هناك 6 نصوص دينية مكتوبة في الحورية وهي أقدم من نصوص بوغازكوي (الحثيين) واوغاريت باكثر من 300 سنة. كانت ماري مركزا تجاريا هاما، وكانت تقيم علاقات مع شوشن وبابل وجبيل واوغاريت وقبرص وكريت. وان القصر الملكي الذي يغطي مساحة هكتارين، يشهد على هذه الحضارة الرفيعة المرتبطة بالسومريين والاكاديين. ماذا نعرف عن تاريخ المدينة ؟ تأسّست سلالة ماري على يد يجيد ليم الذي خلفه يحدون ليم وزمري ليم. وبين الملكين الأخيرين سيطرت فترة أشورية، كان فيها يسماح هدد حاكم ماري الذي أقامه والده شمشي هدد، ملك أشورية، ملكًا على المدينة. معلوماتنا الأهم تعود إلى زمن زمري ليم معاصر حمورابي (القسم الاول من القرن 18 ق.م.). احتلّ حمورابي عاصمة زمري ليم، ودمّرها في السنة 34 من حكمه. بين عبيد زمري ليم، هناك قبيلة “بني يمينا” (بنيامين). معنى اللفظة : أبناء اليمين، ابناء الظهيرة، أبناء الجنوب. هل هناك علاقة مع قبيلة بنيامين، وهي إحدى القبائل الاثنتي عشرة في أرض اسرائيل؟ يبقى الجواب معلّقًا. ما نلاحظه في هذه الكتابات هو أن أنبياء ماري يعلنون قولاً في حالة من الأزمة، في حالة الحرب، في شكل قريب ممّا نجده في النصوص النبويّة.
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
مصر:
أولاً : الاسم. استعمله النص العبريّ (2مل 19 :24؛ إش 19 :16؛ 37 :25؛ مي 7 :12 : مصور) بعد أن أخذه عن الأكادية. ايغوبتوس الذي جاء من المصريّة عبر الفينيقيّة : حت كافتح : بيت الاله فتاح، أحد أسماء مدينة ممفيس. يسمّي المصريّون أرضهم : كمت أي السوداء. رج فتروس. ثانيًا : الأرض والشعب. مصر هي واحة طويلة. يمتدّ عرضها بين 5 و25 كلم. يقطعها في الطول نهر النيل، وهي تقع بين صحراوين : صحراء ليبيا والصحراء العربيّة. كان المصريّون القدماء من نسل حام (تك 10 :6). ورغم امتزاج المصريّين منذ زمن الهكسوس بشعوب أخرى، فالمصريّ الحاليّ يشبه أجداده الذين عاشوا منذ آلاف السنين. ثالثًا : التاريخ. لم يكن للمصريّين كرونولوجيا. لهذا وضع الباحثون رسمة كرونولوجيّة لتاريخ المصريّين. بدأت أول سلالة حوالي سنة 4200 ق.م. (أو قبل هذا الزمن). هذا ما قاله علماء القرن السابق. ولكنّهم عادوا اليوم إلى حوالي سنة 3000. واختلفوا على تواريخ الألف الثالث ولم يتّفقوا إلاّ على كرونولوجيا المملكة الحديثة. انتهت مرحلة ما قبل التاريخ حوالي سنة 3000. ثمّ بدأ التاريخ بالمعنى الحصريّ، وخلاله حكمت البلاد سلالات عديدة. فعلى خطى الكاهن المصريّ مناتون من سبانيتوس الذي كتب في القسم الأول من القرن الثالث ق.م. ثلاثة كتب عنوانها “مصريات” (ضاع القسم الكبير منها) نميّز 30 سلالة. ويقسم الباحث المصريّ اليوم هذا التاريخ إلى ثلاث حقبات كبيرة : المملكة القديمة (من السلالة 3 إلى السلالة 6 :2780-2400)، المملكة الوسيطة (السلالة 11-12 :2100-1800)، المملكة الحديثة (السلالة 18-20 : 1580-1085 ق.م.). وهناك فواصل تتوسّط هذه الحقبات. (أ) لا نستطيع أن نتكلّم عن علاقات بين مصر والتوراة إلاّ انطلاقًا من المملكة الوسيطة. فأوّل شخص بيبلي زار وادي النيل هو ابراهيم. تتميّز السلالة 12 بحقبة من الازدهار تشهد لها أعمال ريّ واسعة في الفيوم. وفي الوقت ذاته تراقب الدولة الحدود على طول جدار الأمير وهو حصن يقع في خليج السويس (كما يقول خبر سينوهي). وهذه المراقبة صارت ضروريّة بسبب دخول الساميّين المتزايد إلى البلاد. فهناك جدرانيّة تمثّل 37 اسيويًّا في وادي النيل. اسم رئيسهم ابشاي (رج ابيشاي من عائلة داود). قام سيسوستريس الثاني (1906-1888) بحملة على كنعان ووصل إلى شكيم. وعلى أيام امينمحات الثالث (1850-1800) بُني الهرم الأخير. وبعد هذا تقسّمت البلاد. (ب) الحقبة الثانية المتوسطة (هكسوس). واحتلّ الهكسوس مصر من دون صعوبة. دفعتهم الهجرة في سورية وفلسطين فأقاموا بطريقة مسالمة في الدلتا الشرقيّ. لم يعد العلماء يتحدّثون اليوم عن مملكة هكسوسيّة امتدّت على قسم كبير من الشرق الأدنى الآسيويّ. فإن لم يكن الهكسوس من الساميّين، فالعنصر السامي هو المسيطر كما تشهد على ذلك أسماء العلم : يعقوب هير (ايل)، عنات هير (ايل). كانت عاصمتهم افاريس المدينة التي ستسمّى فيما بعد تانيس. أخذوا بحضارة المصريّين وعلّموهم فيما علّموهم استعمال الخيل والمركبات. وجاءت ردّة الفعل من الجنوب (طيبة؟) فجرّت الدلتا إلى مقاومة الهكسوس. لا نعرف بالضبط كيف انهارت قوّتهم. (ج) المملكة الحديثة. طرد احموسيس (1580-1558) الهكسوس من افاريس ولاحقهم إلى كنعان. حاصر شروحن (شاروحين) (يش 19 :6) ثلاث سنوات وحارب على حدود مصر الجنوبيّة. بعده عرفت البلاد فترة من الراحة استفاد منها امينوفيس الأول (1557-1530) ليقوّي سلطته. وسار تحوتمس الأول (1530-1520) على خطى سلفه فقام بحملة على آسية أوصلته إلى الفرات. بعد هذا سيعتبر المصريّون أنّ سورية وفلسطين هما جزء من أرضهم، وسيركّز فراعنة المملكة الحديثة انتباههم على هاتين المنطقتين. وصلت إلينا بعض المواد الأركيولوجيّة من هذه الفترة، وبما أنّ الحاميات المصريّة تألّفت من مصريّين ومن أهل البلاد، لم تنتشر الحضارة المصريّة واللغة المصريّة كما كنا نظنّ. ولكن في كل حفريّة في فلسطين أو في سورية نجد الجعل الذي هو علامة الحضارة المصريّة للغرباء. وخلفت تحوتمسَ الأول ابنتُه حتشبسوت التي كان حكمها مضطربًا. نظّمت حملة على بلاد البخور (فونت). خلفها ابن أخيها تحوتمس الثالث (1504-1450) فحاول أن يخفي كل أثر لعمّته. قام بست عشرة حملة على سورية، وقد حُفظت حولياته المحفورة في الحجر. مع تحوتمس الثالث نجد على جدران الهياكل لوائح المدن والشعوب المقهورة. وهذه اللوائح مهمّة لتعرّفنا إلى فلسطين في ذلك الوقت. فخبر احتلال يافا وصل إلينا بشكل خبر يذكر عابيرو الذين هم العبرانيّون على ما يبدو. وكان امينوفيس الثاني (1450-1425) قائد الجيش قبل أن يخلف أباه. نجهل الكثير عن حكمه، ولكننا نعرف أنّه ذهب إلى آسية مرتين، فأوقفه الميتانيّون على الفرات. وجاء خلفه تحوتمس الرابع (1425-1408) فعقد معاهدة مع الميتانيّين وتزوّج أميرة ميتانيّة. وتوصّل إلى قمع ثورة في جازر. خلفه أخوه امينوفيس الثالث (1408-1372) الذي كان ملكًا حازمًا، ولكنّه فضّل أعمال البناء على الحرب. وقد بقي لنا قسم من أرشيفه في رسائل تل العمارنة التي اكتشفت في العاصمة الجديدة التي أسّسها خلفه امينوفيس الرابع (1372-1354). غيّر أمينوفيس اسمه إلى أخناتون لأسباب دينيّة. كان ضعيف البنية، ولكنه كان هو وزوجته نفرتيتي شخصيّتين قويّتين. غير أنّهما أهملا الأمور الخارجيّة فثارت المدن الآسيويّة ضدّ السلطة المصريّة. وجاء ملوك عابرون (منهم توتعنخ أمون). بعدها وضع القائد حوريمحب يده على السلطة. معه بدأت السلالة 19 (1314-1200) التي ظلّت مستعدّة للحرب في آسية خاصة مع رعمسيس الثاني. لهذا نُقلت العاصمة في ذلك الوقت إلى الدلتا. أوّلاً إلى ممفيس. وفي أيام رعمسيس الثاني إلى في رعمسيس. وقام سيتي الأوّل (1312-1298) بحرب ضدّ الحثيّ مواتاليش قرب قادش على العاصي. وهناك سيتابع رعمسيس الثاني حربًا ضروسًا. وفي النهاية عقد الخصمان عهدًا أبديًّا وصل إلينا نصّه في الحثيّة وفي المصريّة. وواجه رعمسيس الثاني وخلفه مرنفتاح (1234-1224؟) والملك الثاني من السلالة 20، خطرَ شعوب البحر. تغلّبوا عليهم وأوقفوا تقدّمهم، ولكنّهم لم يستطيعوا أن يمنعوا قبائل جديدة (الفلسطيّون) من الإقامة في كنعان. في كرونولوجيا الخروج القصيرة، رعمسيس الثاني هو الفرعون المضطهد، ومرنفتاح هو الفرعون الذي صار الخروج على أيامه. إلى عهد مرنفتاح تعود برديّة اناستاسي الأول التي تتضمّن تفاصيل عديدة عن سورية وفينيقية وفلسطين بشكل سؤال وجواب. في اسم معيّن في نفتوح (معين ماء نفتوح) احتفظ يش 15 :9؛ 18 :15 باسم مرنفتاح. وقد بقي لنا من هذا الفرعون النصب الشهير الذي نجد فيه اسم اسرائيل. وظلّت شعوب البحر على هجومها في أيام السلالة 20. وهاجم الليبيّون مصر. ولكن رعمسيس الثالث (1198-1166) سيطر عليهم خلال حملات عديدة. وجاء بعده خلفاء تسمّوا باسم رعمسيس ولكنّهم كانوا ملوكًا ضعفاء. فخسرت مصر نفوذها في آسية وانكفأت على نفسها. وهذا ما ساعد إسرائيل على التوسّع. (د) حافظت مصر على استقلالها خلال خمسة قرون (ما عدا فترات قليلة). ففراعنة السلالة 21 (كانوا كهنة طيبة) سيطروا على مصر العليا (الصعيد) ومصر الوسطى. وفي تانيس ( صوعن) سيطرت سلالة توصّلت سريعًا إلى أن تمدّ نفوذها إلى مصر العليا. وانحطاط السلطة المصريّة في فينيقية واضح من خبر الموظّف في هيكل أونامون. ذهب في بداية القرن 11 إلى جبيل (بيبلوس) ليجلب الخشب من أجل معبد طيبة. واتّصل سليمان بفرعون من تانيس (ربما بسوسينيس الثاني) وتزوّج ابنته. وصارت المراجع نادرة عن حقبة الليبيّين (السلالة 22) والكوشيّين (أي الأحباش. السلالة 25). إنّ أوّل ملك مصريّ يرد اسمه في التوراة (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-4) هو الليبيّ شيشق (شيشانق الأوّل : 950-929) الذي أقام في بوبستيس أي في الدلتا، وسار على يهوذا بإيعاز من يربعام. ليس من الأكيد أن الفرعون الكوشي زارح (2أخ 14 :8) هو ذاته خلف شيشق أوسوركون الأول (أو فرعون آخر). ففي سنة 715، سيطر الكوشيّون على مصر العليا، ثمّ احتلّوا وادي النيل. وفرعون سوا المذكور في 2مل 17 :4 ليس شباكا الذي حكم حتى سنة 701. قد يكون ملكًا من الدلتا. ويذكر 2مل 19 :9 ثاني خلف لشباكا، طهرقه (ترهاقة). ماذا نعرف اليوم عن الفرعون طهرقة؟ اجتاح الأشوريّون مصر، وفي سنة 663 عاثوا خرابًا في طيبة. ولكن استعادت الأمّة قواها في السنة نفسها. فمع بساميتيك الأوّل صعدت السلالة 26 (سلالة وطنيّة) على العرش وتحالفت مع الأشوريّين لتحارب بابل. وتابع نكو (609-594) السياسة عينها في آسية ولكن لم يحالفه النجاح (2أخ 35 :20، 22؛ 36 :4). وآخر فرعون تذكره التوراة هو خفرع. ظلّ أمينًا لسياسة مناهضة لبابل. وبعد دمار أورشليم (586 ق.م.) استقبل العديدَ من اليهوذاويين الذي جرّوا معهم إرميا (إر 42-44؛ 2مل 25 :26). أقاموا في تفنيس، في الدلتا الشرقيّ. وبعد ستين سنة هجم قمبيز على الفرعون اماسيس (586-526). توفّي الفرعون وغُلب ابنه بساميتيك الثالث (525 ق.م.) وصارت مصر مرزبة فارسيّة. ورغم أوقات قصيرة من الحكم الذاتي (بفضل الثورات) ظلّت الحالة هي هي حتى مجيء الاسكندر الكبير سنة 332. وبعد موته، صارت مصر في يد يطليموس لاجوس مؤسّس سلالة البطالسة (اللاجئين). وازدهرت الحضارة الهيلينيّة وبالأخص في الاسكندريّة. وفي سنة 30 ق.م. احتلّ أوكتافيوس أوغسطس مصر (انتحرت كليوبترة) وجعلها مقاطعة ضمّها إلى إمبراطوريّة رومة. رابعًا : الديانة. تتحدّث التوراة عن إله مصر ولكنّها لا تذكر إلاّ إلهًا واحدًا : امون (إر 46 :25). وهناك أسماء آلهة أخرى حفظت في أسماء الأشخاص أو الأمكنة. أمون في نوامون، بست في بوبستيس، رع في رعمسيس وفوطيفارع، اتوم في فيتوم، نيت في اسنات. وحاول البعض أن يقرأ أسماء الهيّة في تك 16 :13 وإش 10 :4 (اوزيريس) كما في خر 10 :10؛ 30 :16 (رع). مع أن بني اسرائيل أخذوا ببعض عادات مصر (التحنيط)، فهذه العادات لم تؤثّر على ديانة التوراة. وتحدّث الشرّاح عن وحدانيّة الله عند اخناتون، كما قابلوا بين نشيد اخناتون ومز 104. مصر – العصور والاسرات المالكة العصر العتيق، الاسرتان الأولى والثانية 3200-2780 الدولة القديمة، الاسر 3-6 2780-2280 عصر الفترة الأولى، الاسرات 7-10 2280-2052 الدولة الوسطى، الاسرتان 11-12 2134-1778 عصر الفترة الثانية، الاسرات 13-17 1778-1570 الدولة الحديثة، الاسرات 18-20 1570-1080 العصر المتأخّر، الاسرات 21-30 1085-332 ايام الاضمحلال، الاسرة 21-24 1085-715 عصر اليقظة، الاسرة 25-30 715-332 الأسرة الأولى 3200-2980 مفا – نعرمز اتى الأول – عما اتى الثاني – جر اتى الثالث – واجيت خاستي – دن مربي با – عج اب ارينتر – سمرخت قاع سيتي – قــاع الأسرة الثانية 2980 – 2880 حوتب – حتب سخموي نوب نفر – رع نب ني نتر – ني نتر ونج —- – بري اب سن – خع سخم حتب، نبوى – امف – خع سخموي. الأسرة الثالثة 2780-2280 زوسر الاول – ارسي خت نتر زوسر الثاني – سانخت تتي – خع با نب كاوو —- حوني —- الأسرة الرابعة 2680-2560 سنفرو خوفو (خنوم خوفوي)، في اليونانيّة : كيويس جدف رع خفرع (خفرن) منكاو رع شيسسكاف الأسرة الخامسة 2560-2420 او سر كاف ساحو رع نفر ارع كارع شيسسكارع نفرف رع ني وسر رع منكا و هور جدكارع (اسيسي) اوناس (ون اس ونيس) الأسرة السادسة 2420-2280 تتي اوسر كارع ببي الاول مرزع (مري ان رع) الاول ببي الثاني مرنرع الثاني منكا ورع – فيت اقرتي (نيتوكريس) الأسرة السابعة 2280 ق.م. حسب رواية مانيتون. سبعون ملكا حكموا سبعين يومًا الأسرة الثامنة 2280-2242 نفر كارع (الاصغر) نفر كارع نبي جد كارع شماي نرف كارع خندو مرسى ان حور نفركا مين ني كارع نفر كارع تررو نفر كاحور نفر كارع ببي سنب نفر كامين عنو قاكارع ابي واج كارع نفر كا حور (حورس) اتري بارو نفر إر كارع (حورس) دمج اب تاوي الأسرة التاسعة 2242-2133 اختوي الاول مري إب رع نفر كارع اختوي الثاني ستوت اختوي الثالث الأسرة العاشرة مرى حتحور نفركا رع اختوي الرابع – واح كارع مري كارع اختوي الخامس – نب كارع اتى ايمحوتب سخم كارع جسر نوب هنا تنتهي المملكة القديمة التي كانت عاصمتها ممفيس. امتدّ تأثير مصر الى فلسطين وهذا ما كشفته تنقيبات عراد وتل عيراني (الذي سمّي خطأ جت). ووُجدت فخاريات مصريّة وأغراض من الحقبة التينيّة (في تيس التي هي البربة التي تبعد بضعة كلم عن ابيدوس، موطن السلالة 1-2). جاء المصريون إلى فلسطين بطريق سيناء الشمالية وتل عيراني الذي يبعد 45 كلم إلى الشمال الغربي من أورشليم، والذي كان مركز نشاط تجاري وحربي استعمله المصريون في جنوب كنعان. وكان للمصريّين حضور في مناجم وادي مغاره في الجنوب الغربي لجزيرة سيناء. وُجد نقشان بارزان للفرعون سخموي (سخمخت) في سيناء. كان الازدهار واضحًا في تلك الحقبة. وما يدلّ على ذلك مدافن الملوك في أهرام عالية، ومنها أهرام الجيزة التي تعود إلى السلالة الرابعة (2680-2560). وتابع ساحورع، الملك الثاني في الاسرة الخامسة (2560-2420) تقليد استغلال المناجم في سيناء، فأقام في وادي مغاره نصبًا يذكر السيطرة الحربيّة على قبائل البدو العائشين في المنطقة. وأنشدت جدرانيات مدفنه عودة اسطوله من فينيقية وهو يحمل المال والأسرى. إن العلاقات المتواصلة مع جبيل التي تؤمّن الخشب، تعود أقله إلى خع سخموي، آخر ملوك تيس (السلالة الثانية). ولكن هذه العلاقات اتسعت مع ملوك ممفيس، من خفرع (خفرن) إلى بيبي الثاني. وُجد غرضان مصريّان في ايبلا يحملان اسم خفرع (2300) وبيبي الأول (2300). ولكن لا يبدو أنه كانت في أيام المملكة القديمة علاقات مباشرة بين ممفيس وايبلا. فالوسيط كانت مدينة جبيل التي كشفت قطع من المرمر حُفرت عليها أسماء ملوك ممفيس. إن قبري انتي (تتي) في ديشاشة، كايمحاست (اوسركارع) في سقاره، الفرعونين اللذين يبدأان السلالة السادسة، يدلاّن على الجيوش المصرية التي تهاجم الحصون في فلسطين الجنوبيّة. هذه الأخبار تعطي صورة عن حملة الفرعون أونا (2350) ضد “عامو” أو الاسيويين المقيمين في الصحراء. ولكن تبدّلت الأمور، فرُفضت سلطة الفرعون في مصر. وحلّت الفوضى بعد حكم بيبي الثاني. فكانت الحقبة المتوسطة (2180-2040) التي استفاد منها البدو فاجتاحوا الدلتا وزرعوا الرعب فيها، فقسمّت مصرُ دويلات صغيرة متنازعة. الأسرة الحادية عشرة 2134-1991 إينوتف (انتف) الأول (سهر تاوي) 2134-2131 إينوتف الثاني (واح عنخ) 2131-2082 إينوتف الثالث (نخت نب تبي فقر) 2082-2079 مونتوحوتب الأول (سعنخ اب تاوي) 2079-2061 مونتوحوتب الثاني (نب جت رع) 2061-2010 مونتوحوتب الثالث (سعنخ كارع) 2010-1998 سنوسرت (وآخرون) 1998-1993 منتوحوتب الرابع 1993-1991 الأسرة الثانية عشرة 1991-1778 امنمحات الأول (سحتب اب رع) 1991-1972 سنوسرت الأول (خبر كار رع) 1972-(عشر سنوات مع والده)-1928 امنمحات الثاني (نوب كارع) 1930-1895 سنوسرت الثاني (خع خبر رع) 1898-1879 سنوسرت الثالث (خع كا رع) 1879-1841 امنمحات الثالث (ني ماعط رع) 1848-1792 امنمحات الرابع (ماعط خرو رع) 1792-1782 سوبك نفرو (سوبك كا رع) 1782-1778 نحن هنا في المملكة الوسيطة. بدأت مع أمير من طيبة منتوحوتب الأول، مؤسّس السلالة 11. ولكن توحّدت المملكة وأعيد بناؤها مع أمنمحات الأول والثاني والثالث والرابع، وسنوسرت (سيوتري، من السلالة 12). هي الحقبة الأعلى في المملكة الوسيطة، بل في التاريخ المصريّ القديم. أسّس امنمحات الأول في لشت، قرب الفيوم، عاصمة ستبني حولها السلالةُ 12 أهرامها. وتجاه البدو الذين يُقلقون سيناء وأرض كنعان، شيّد امنمحات الأول أيضاً قلعة قوية، “حائط الامير” في وادي طوميلات. وفي الوقت نفسه استعاد استغلال المناجم في جنوب سيناء، وضمّ منطقة سرابيت الخادم. خلفه سنوسرت الأول فاهتمّ بشكل خاص بجيران مصر في الجنوب. وفي أيامه، كان “خبر سينوهي” الذي كان في آسية قبل أن يقيم في قبيلة بدويّة في فلسطين. هذا الخبر المليء بالألوان، قد دوّن بلا شكّ في عهد أحد خلفاء سنوسرت الأول : إمّا امنمحات الثاني (1929-1895) وإما سنوسرت الثاني (1897-1878) اللذين ارتبطا بعلاقات دبلوماسيّة مع ملوك آسية. فالتماثيل المصرية التي أهديت في عصرهما إلى هيكلي اوغاريت و قطنه، تدلّ على سعة نفوذ السلالة 12 في سورية. بالإضافة إلى ذلك، اعتاد الاسيويون المجيء بقطعانهم إلى الدلتا في أوقات الجفاف. فكان مدفن مائير الذي يعود إلى حكم امينمحات الثاني، والذي يحمل صورة احدى القطعان مع عبارة “بقر الاسيويين”. وهناك رسم بني حسن الذي يعود إلى حكم سنوسرت الثاني ويصوّر الشيخ أبيشا مع عشيرته وقطيعه (حشو، 3). وفي عهد سينوسرت الثالث (1878-1843) تكاثرت الوثائق. فمع أن هذا الفرعون اهتمّ بالنوبة، فقد قام شخصيًا بحملة قصيرة إلى فلسطين انتهت بالاستيلاء على شكيم. وكشفت حفريات مجدّو ختم “كاتب يحسب القطعان” وتمثال الملك تحوتحوتب الذي عاصر سينوسرت الثالث. فمدفن هذا الملك في دير البرشا يتضمّن صورة عن وصول القطيع إلى فلسطين. وصاحب الكلام الذي يرافق المشهد يتوجّه مباشرة إلى حيوانات القطيع : “سرتم عبر الرمال. والآن تسيرون على العشب”. سيطر تأثير مصر الحضاري والسياسي على كل ساحل فلسطين وفينيقية. وفي جبيل التي ارتبطت في القرن 20 بملك أور، كتب الاميران الاموريّان أبيشومو ويفع شومو أبي لقبيهما كأميري جبيل، وحملا في قبريهما ما يتعلّق بامنمحات الثالث (1842-1797) وامنمحات الرابع (1798-1790). ووُجد في بيروت تمثال صغير لأبي الهول وصدرية امنمحات الرابع. كل هذا يعكس الحضور المصريّ في تلك المنطقة. الأسرة الثالثة عشرة 1778-1625. عاصمتها طيبة. ملوكها : 60 نذكر منهم سوبك حوتب الأول (سخم رع، خوتاي امنمحات) امنمحات سنبف (سخم كارع) امنمحات (سحتب اب رع) امنمحات (سمنخ اب رع، اموني إينوتف) سوبك حوتب الثاني ابن منتوحوتب حور (اوا اب رع) امنمحات (سجف كا رع كاي) وجاف (خو تاوي رع) سنوسرت الرابع (سنفر اب رع) جنجر الأول (وسر كارع) سمنح كارع نفر كارع خنجر الثاني (ني خع ني ماعط رع) سوبك حوتب الثالث (سخم رع سواز تاري) نفر حوتب (خع سخم رع) سوبك حوتب الرابع (خع نفر رع) سوبك حوتب الخامس (خع حوتب رع) ايع اي (داح اب راع) ابي (مر نفر رع) دودي مس الأول (جد نفر رع حوالي 1675) الأسرة الرابعة عشرة عاصمتها سخا الملوك : 76. حكموا 184 سنة الأسرة الخامسة عشرة 1675-1567 الهكسوس ششي (مع اب رع) يعقوب هر (مر وسر رع) خيان (سا أوسر ان رع) ابيبي الاول أو ابوفيس (عا اوسر رع) ابيبي الثاني (عا قنن رع) خامودي (عا سح رع) الأسرة السادسة عشرة – الهكسوس الأسرة السابعة عشرة 1660 (؟)-1570 الأسرة الطيبيّة رع حوتب (سخم رع واح خاعو) اينوتف الخامس (سخم رع وب ماعط) اينوتف السادس (سخم رع حرو حر ماعط) سوبك ام ساف الثاني تحوتي مونتو حوتب الخامس نب اري ار اوت الاول (سو اج ان رع) نب اري ار اوت الثاني (نفر كارع) اينوتف السابع سقنزع (تاعا الاول – الأكبر) سقنزع (تاعا الثاني – الشجاع) بعد امنمحات (امينيميس) الرابع، انهارت مملكة آسية المصريّة انهيارًا سريعًا وصارت الآنية والتماثيل الصغيرة علامات سابقة للأخطار التي تهدّد المملكة الوسيطة. إنّ نصوص اللعنات هذه، هي كلام يوجّه ضد الملوك والقبائل، الذين خافوا من ثورتهم وعدائهم. ومنهم ملك ايبلا، شمشو يفوع ليم. وعدد كبير من المدن والقبائل الفلسطينيّة التي رفضت الخضوع، بل الحياد في علاقتها مع مصر. في تلك الحقبة عينها، ظهرت في مصر أسماء مع “ع ب ر” (عابيرو). “المعفّر”. هناك معفّر بعل، معفَّر رشف، معفَّر إيل. تدلّ هذه المعطيات على أنّ مصر دخلت في الحقبة الثانية المتوسّطة (1786-1570). ظلّ نفوذها ظاهرًا مع الملوك الأولين في الأسرة 13 (1786-1570). وهكذا تضمّن مدفن في ايبلا صولجان الفرعون حوتب رع “الاسيوي” الذي حكم سنة 1765. ووُجد في بعلبك حوالى سنة 1750 تمثال سوبك حوتب. وظلّ ينتين (عمو)، ملك جبيل، يعترف بسلطة نفر حوتب الأول (1740-1730). ولكن مصر لم يرد ذكرُها في أرشيف ماري الملكيّ، الذي يذكر نيتين عمو. ما استطاع الملوك الضعفاء في السلالة 13-14 أن يمنعوا القبائل الساميّة الآتية من آسية، من الإقامة في الدلتا، ثمّ في وادي النيل. هم الهكسوس الذين أسّسوا سلالتين غريبتين، 15 و16. وظلّت سلالة مصريّة مقيمة في طيبة (1650-1570). الأسرة الثامنة عشرة 1570-1304 احمس الاول (نب بحتي رع) 1570-1546 امنحوتب الاول (جسر كارع) 1546-1525 تحوتمس الاول (عا خبر كارع) 1525-1495 تحوتمس الثاني (عا خبر ان رع) 1495-1490 حتشبسوت (ماعط كارع) 1490-1469 تحوتمس الثالث (من خبر رع) 1490-1436 امنحوتب الثاني (عا خبرو رع) 1436-1411 تحوتمس الرابع (من خبرو رع) 1412-1397 امنحوتب الثالث (نب ماعط رع) 1397-1360 امنحوتب الرابع – أخناتون (نفر خبرو رع) 1370-1349 سمنخ كارع (عنخ خبرو رع) 1351-1348 توت عنخ امون (نب خبرو رع) 1348-1337 آي (خبر خبرو رع) 1337-1334 حور محب (جسر خبرو رع) 1334-1304 مع السلالة 18، تمّ طرد الهكسوس على يد أموسيس (أحمس) الأول (1570-1546) الذي هو مؤسّس السلالة 18 (1570-1293) والمملكة الحديثة، التي امتدّت سحابة خمسة قرون، وتركت وراءها عددًا من الابنية والمصادر المكتوبة. وضع أموسيس وخلفه امينوفيس الأول (امنحوتب) (1551-1524) خلال خمسين سنة، أسُس دولة نرى قوّتها وغناها في المباني الضخمة في طيبة. هذه المدينة، مدينة أمون، إله مصر العظيم، صارت عاصمة المملكة. وحكمَ تحوتمس الأول (1524-1518) وتحوتمس الثاني (1518-1504) مملكة وُلدت من جديد، فانطلقا في سياسة توسّعية، ومدّا حدود المملكة حتى الفرات الذي اجتازه تحوتمس الأول في نهاية عهده ليسحق فجأة ملك ميتاني. بعد أزمة السلالة التي حرّكتها حتشبسوت (1498-1483) خالة تحوتمس الثالث (1504-1450) وزوجته، استعاد الملك سياسة أسلافه. فواجه حلفًا مؤلفًا من 330 ملكًا (أو أميرًا) كنعانيًّا وسوريًّا. شتّتهم في مجدو سنة 1483، واحتلّ المدينة بعد سبعة أشهر من الحصار. هذا الانتصار تبعه زيارة موفدين أشوريّين. وأمّن الهيمنة المصريّة على فلسطين. واتّسع استغلال المناجم في سرابيت الخادم. وفي هذا الوقت، استعمل الساميّون العاملون في هذه المناجم، وللمرة الأولى، حروفًا متفرّعة من الهيروغليفيّة المصريّة : هي السينائيّة الأولى. وبين سنة 1480 وسنة 1465، كان تحوتمس الثالث يأتي كلّ سنة إلى فينيقية أو سورية، كما لدى البدو في النقب، الذين ظهر اسمهم (شرشو أو شوشو) للمرة الأولى في وثائق تعود إلى حكمه. والحدث الرئيسيّ الذي يفسّر هذه الحملات هو بداية عداء مباشر مع ملك ميتاني. سنة 1473، استولى الفرعون على قطنة، وحاصر حلب ثم كركميش، وعبر الفراتَ في قوارب نقلتها مركبات تجرّها البقر، ورأى المسلّة التي نصبها جدّه تحوتمس الأول شرقيّ كركميش، ثمّ مضى يسلب بعض مدن ميتاني. لم تضع هذه المغامرة حدًّا للحرب. غير أنّ الحثيّين (في أناتولية) والكاسيين (في بابلونية) أرسلوا هدايا إلى مخيَّم تحوتمس الثالث في “نيع” ( هيناع العبريّة، 2مل 18 :34). وهكذا كان تعادل في ميزان القوى. غير أنّ الملوك السوريّين والفلسطينيّين لم يقبلوا بالهيمنة المصريّة، فقام امينوفيس الثاني (1433-1419) بعدّة حملات يعاقب بها آسية، ولاسيّمَا ضد شوشو المقيمين في النقب، وضد قبيلة أخرى (س م ع ت) قورب اسمها من اسم قبيلة قينيّة هي قبيلة الشمعيّين (1أخ 2 :55). وأجبر تحوتمس الرابع (1419-1386) على فرض الهدوء في فلسطين الوسطى، فحاصر جازر وأخذها. ووصلت المملكة إلى الذروة في عهد امينوفيس الثالث (1386-1349) الذي ما احتاج إلى التدخّل تدخلاً حربيًّا في آسية، بعد أن خضع الجميع لمصر بمن فيهم ملك أوغاريت. ولكن بدأت تظهر أولى العلامات لتدهور الوضع. ولم يكن باستطاعة امينوفيس الرابع (1350-1334 أو اخناتون) أن يوقف الخطر الآتي، وهو المنشغل بالإصلاح الدينيّ وبناء مدينة أتون الجديدة في موقع تل العمارنة. إنّ الأرشيف الذي وُجد هناك يدلّ بشكل ملموس ودراماتيكيّ على تدهور سريع للمملكة في سورية وفلسطين، حيث تخلّت مصر عن الملوك الأمناء لمصر. ملك مع اخناتون سمنخ كارع (1336-1334). ثمّ جاء توت عنخ أمون (1334-1325)، وقائد عسكري شيح هو آي (1324-1321). كادت الكارثة تقع لولا حورمحب القوي، الذي استولى على الحكم بقوّة السلاح، وأعاد النظام في البلاد بعد أن اشتهر بانتصاراته في آسية. الأسرة التاسعة عشرة 1304-1195 رعمسيس الأول (من بحتي رع) 1304-1303 سيتي الأول (من ماعط رع) 1303-1290 رعمسيس الثاني (اوسر ماعط رع) 1290-1223 منفتاح امري ان بتاح (با ان رع) 1223-1211 امون مس سي (من مي رع) 1211-1207 سيتي الثاني (اوسر خبرو رع) 1207-1202 تاوسرت (سيت رع، مرت امون) سي بتاح (اخ ان رع، مري ان بتاح) 1202-1195 بدأت السلالة 19 (1293-1185) مع رعمسيس الأول (1293-1291) الذي خلف آي. ثمّ جاء سيتي الأول (1291-1279). وُجد نصب انتصار سيتي في بيت شان، فأنشد استعادة حدود المملكة في سورية وفلسطين، حتى حماة (نشو، 253-254). وظلّت مناجم سرابيت الخادم تُستغلّ في سيناء. وشرع المصريّون منذ عهد سيتي الأول أو خلفه رعمسيس الثاني (1279-1212) يستغلّون مناجم تمناع، شمالي إيلات. كانت هذه المنطقة على خطّ حربيّ وتجاريّ يمرّ في النقب الأوسط. ونشاط مناجم تمناع الفرعونيّة منذ بداية السلالة 19، يُفسّر لماذا ذُكر “شوشو” مرارًا في وثائق تلك الحقبة. فالمسألة الكبرى التي طُرحت على سيتي الأول ورعمسيس الثاني، هي التزام بين مصر والمملكة الحثيّة على سورية. استعاد رعمسيس الثاني الحرب التي بدأها سيتي الأول ضدّ الحثيّين، فكانت معركة حامية عند قادش على العاصي سنة 1275. لم تُحسم المعركة، فكانت معاهدة سلام بين رعمسيس الثاني و حتوسيلي الثالث، كرّست الوضع القائم في سورية. وحقبة السلام الطويلة التي نتجت عن هذه المعاهدة، أتاحت للفرعون بأن يهتمّ بالابنية في الكرنك والأقصر، وبأن يشيّد عاصمته في الدلتا الشرقيّة : في رعمسيس. ورث مرنفتاح (1212-1202) وضعًا صعبًا على حدود المملكة حيث تراخى السهر خلال السنوات الأخيرة من حكم والده. فواجه بقوّة، منذ اعتلائه العرش، هذا الوضع، فأعلن بافتخار على مسلّة نصبها سنة 1207 أنّه “اجتاح ليبيا وهدّأ حطّي، وسلب كنعان كلّها : أخذ عسقلان. استولى على جازر. صارت ينوعام كلا شيء. وأعدم اسرائيل بحيث زال نسله. وصارت حورو أرملة بسبب مصر”. مع هذا النصب، دخلت قبائل اسرائيل المقيمة في وسط فلسطين، في التاريخ. والمعركة التي جعلتهم أمام المركبات المصريّة، قد صوِّرت على جدار في هيكل أمون في الكرنك. وأحد المشاهد الأربعة التي تروي انتصار مرنفتاح، يقدّم النسخة المصريّة للمعاهدة التي عُقدت بين رعمسيس الثاني وحتوسيلي الثالث (نُسب النصر في هذه اللوحة إلى رعمسيس الثاني، وهذا خطأ). ونجد سقوط عسقلان (ذُكرت في الكتابة)، ومعركة المركبات المصريّة ضد اسرائيل في السهل، سقوط جازر وينوعام. حصل القتال ضد اسرائيل في سهل كنعان الساحليّ. ولكن بما أنّ الوقائع كذّبت أقوال مرنفتاح، نتساءل : أما انتهت هذه المعركة بغرق مركبات مصر في الوحول. هذا ما يشير إليه خر 15 :21 : “الخيل وفرسانها رماهم في البحر”. في هذه الفرضيّة، يصبح بحر القصب في خر 15، مصبّ يرقون. وهناك وثيقة أخرى تعود إلى زمن مرنفتاح، بردية أنستاسي 6 :54-56، وهي تتحدّث عن شوشو أدوم : “أنهينا من تمرير قبائل شوشو في حصن مرنفتاح حوتب هرماعط، الذي هو في جكو. حتى مستنقعات فيراتوم، لكي نبقي على حياتهم وحياة قطعانهم”. هذا النصّ من رسالة تعود إلى النصف الثاني من حزيران سنة 1204 ق.م.، لا تعطي اسم القبائل التي تتحدّث عنها. ولكننا نستطيع أن نفترض أن قبيلة “ي هـ و” كانت بينها، لأنّها هي التي أقامت في مصر حسب خر 3 :18؛ 5 :3 : “أطلقنا لنذهب مسيرة ثلاثة أيام في البريّة ونذبح ليهوه إلهنا”. إنّ الأسماء التي من أصل مصري في عشائر لاوي، مثل موسى، أشير، حفني، فشحور. فنحاس، فوتئيل، هرون، قد ثبَّتت هذا القول، لأنّ هذه العشائر (أو قلّة تقاليدهم) تعود إلى النقب حيث أقام شوشو الأدومي. ولكن يبقى أن نص بردية أنستاسي 6، تشير إلى تحرّكات انتجاع ولا علاقة لها بأحداث دراماتيكيّة حصلت في زمان رعمسيس الثالث، الملك الثاني في السلالة العشرين. فإن السلالة 19 قد انتهت سريعًا بعد موت مرنفتاح وحكم قصير لكلّ من “أمون محاسي” (1202-1199)، وسيتي الثاني (1199-1193) وسي بتاح (1193-1187) والملكة تاوسرت (1193-1185). الأسرة العشرون 1195-1080 سي نخت (اوسر خعو رع) 1195-1192 رعمسيس الثالث (اوسر ماعط رع، مري امون) 1192-1160 رعمسيس الرابع (حق ماعط رع) 1160-1154 رعمسيس الخامس (اوسر ماعط، رع سخيران رع) 1154-1150 رعمسيس السادس (نب ماعط رع) 1150-1145 رعمسيس السابع (اوسر ماعط رغ، اخ امون) 1145-1144 رعمسيس الثامن (اوسر ماعط رع، مري امون) 1144-1137 رعمسيس التاسع (نفركا رع) 1137-1118 رعمسيس العاشر (خبر ماعط رع) 1118-1110 رعمسيس الحادي عشر (من ماعط رع، ستب ان بتاح) 1110-1080 بعد فترة متوسطة امتدّت بضعة أشهر، أسّس سيت نخت السلالة 20 (1184-1070) التي كان رعمسيس الثالث (1182-1151) وحده الملك العظيم فيها. تغلّب على القبائل الليبيّة سنة 1178، وخلّص مصر من اجتياح شعوب البحر المدمّر. وجعل قسمًا منهم ( الفلسطيون) يقيمون في الساحل الجنوبيّ لكنعان. وبعد انتصارات جديدة على الليبيّين سنة 1172، تدخّل بجيشه في سيناء وفي كنعان. وبسبب الأهميّة الستراتيجيّة لطريق سيناء التي تقود إلى مناجم النحاس في تمناع، والتي ظلّت ناشطة حتى رعمسيس الخامس (1145-1141)، قام رعمسيس بضربة قاسية ضدّ شوشو المقيمين في جبل سعير الذين هدّدوا شغل المعادن في تمناع. وبردية هاريس 176 :9-11 التي دوّنت في زمن رعمسيس الرابع (1151-1140)، نسبت إلى رعمسيس الثالث خبر الحملة هذه على الأدوميّين في سعير : “دمّرتُ أهل سعير وسط قبائل شوشو، وسلبت خيامهم والرجال مع الأموال، وأخذت قطعانًا لا عدّ لها. قيّدتهم وأخذتهم سلبًا وجزية لمصر فاعطيتهم للتاسوعة ( الآلهة التسعة في هليوبوليس) عبيدًا في الهياكل”. بعض هؤلاء الشوشو جُعلوا في الجيش المصريّ. والبعض الآخر عمل في تشييد هيكل سيت في رعمسيس. والآخرون أقاموا غربيّ النيل في “فن شوشو” حيث كانوا، في أيام رعمسيس الخامس، في خدمة هيكل حاتور، أو في منطقة طيبة حيث سنجد بعضًا منهم في أيام رعمسيس التاسع (1126-1108) في خدمة هيكل أمون. بين هؤلاء الشوشو نبحث عن نواة أناس تركوا مصر بقيادة موسى، في نهاية حقبة الرعامسة (رج الخروج). شدّد رعمسيس الثالث قبضة مصر على مناطق في كنعان. وهذا ما تدلّ عليه آنية جازر و لاكيش، وعاج مجدو، وتمثال بيت شان، واوستراكة (تعود إلى سنة 1160) تل سرعة التي تبعد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من بئر سبع. كلّ هذه الوثائق تحمل اسم الفرعون. إن الانتصارات التي حازها رعمسيس الثالث في كنعان وربّما في سورية، قد تخلّدت في نصوص ملحميّة طويلة، وفي جدرانيّات “مدينة خبو”. ولكن انحطاط المملكة بدأ يظهر. ورعمسيس الخامس (1145-1141) هو آخر ملك يُذكر اسمه في تمناع. وخلفُه رعمسيس السادس هو آخر ملك يظهر في مجدّو وفي سرابيت الخادم. وبعد حكم مع ابنيه رعمسيس السابع ورعمسيس الثامن (1134-1126) جاء حكم رعمسيس التاسع (1126-1108) الذي ظهر اسمه في جازر مع عبدة اسمها تاشوشو. هي آخر شوشو يُذكر في حقبة الرعامسة. في النصف الثاني من القرن 12، نرى شوشو الذين أجلوا سعير إلى مصر (على ما يبدو)، يعود نسلهم من أرض النيل إلى أرض الأجداد في سيناء والنقب حيث لم يعد من وجود للفراعنة. وانتهى نزاع السلالة 20 مع رعمسيس العاشر (1108-1098)، ومع رعمسيس الحادي عشر (1098-1070) الذي تفتّتت مملكته. الأسرة الحادية والعشرون 1085-950 سمندس (نسو بانب جدت) في تانيس حريحور في طيبة 1085-1054 بسوسينيس (باسبا ضع ان نيوت) في تانيس بينزم في طبيبة 1054-1009 امنحأوبت (في تانيس) 1009-1000 سي امون (في تانيس) 1000-984 بسوسينيس الثاني (في تانيس) 984-950 نحن هنا في الحقبة الثالثة المتوسطة. فقبل أن ينتهي رسميًّا حكم رعمسيس الحادي عشر، أسّس سمندس في ممفيس، وحريحور عظيم الكهنة، في طيبة، بيتين ملكيين، تقاسما مصر من سنة 1070 إلى سنة 945. أقام نسل سمندس في تانيس (صوعن) واحتفظوا بالشارات الملكيّة خلال هذه الحقبة كلّها. ولكن بوسينيس الثاني وآخر ملك في تانيس في السلالة 21، كان في الواقع كاهن طيبة. زاحه شيشنق الأول، القائد الليبيّ الذي أسّس السلالة 22، وشرّع استيلاءه على الحكم إذ زوّج ابنه اوسوركون بابنة بسوسينيس الثاني. دام ازدهار سلالة شيشانق قرنًا من الزمن. ثمّ بدأت فترة من الفوضى قسمت مصر مملكتين. ولكن وُلدت في السودان (في أرض كوش) قوّة ثالثة. الأسرة الثانية والعشرون 950-730 شاشنق الأول 950-929 اوسوركون الأول 929-893 تكلوت الأول 893-870 اوسوركون الثاني 870-847 شيشانق الثاني 847 شيشانق الثالث 823-772 بامو 772-767 شيشانق الرابع 767-730 الأسرة الثالثة والعشرون 817 (؟)-730 (تل بسطة) شيشانق الخامس 763 (؟)-757 (؟) اوسوركون الثالث 757 (؟)-748 (؟) تلكوت الثالث امون روو 748 (؟)-730 اوسوركون الرابع الأسرة الرابعة والعشرون 730-765 (صا الحجر) تف نخت 730-720 بكوريس (باك ان رنف) 720-715 الأسرة الخامسة والعشرون 751-516 الاسرة الكوشيّة بعنخي 751-716 شاباكا 716-701 شبتاكا 701-689 طهرقا 689-663 تانوت امون 663-656 إنّ سلالة ناباتا الأولى التي صارت السلالة المصريّة 25، قد بدأت مع بعنخي (746-716) مسيرة سياسيّة وحضاريّة، منطلقة من البلاط الفرعوني. إلاّ أنّ بقاء الأمارات الليبيّة حاضرة في الدلتا، والاستقلال النسبيّ لأمراء حانيس، ومجيء السلالة الرابعة والعشرين في سوء (سائيس)، كل هذا جمّد عمل الملوك الكوشيّين (أو الأحباش) وساعد الأشوريّين على تدمير دولتهم. جاء شاباكا بعد بخنعي، وخلفه شبتاكا (702-690) الذي انطلق سنة 701 لمساعدة أورشليم التي يحاصرها سنحاريب. إنّ حكم طهرقا وخلفه تانوت أمون (664-657) انشغلا بالحرب ضدّ الأشوريّين الذي اجتاحوا مصر بمساعدة جيوش الملوك تابعيها، ولاسيّمَا ملك يهوذا. سقطت ممفيس وطيبة. ولكن سلالة سائيس قامت على بساميتيك الأول (664-610) الذي دعا مرتزقة من إيونية وكارية، كما دعا لمساعدته جيجيس ملك ليدية. وهكذا طُردت الحاميات الأشوريّة من مصر، وعُزلت سلالة طيبة، وتصفّت آخر آثار الفوضى الليبيّة. الأسرة السادسة والعشرون 656-525 بساميتيك الأول 663-609 نكو 609-594 بساميتيك الثاني 594-588 ابريس (و ا ح ب ر ع) 588-568 احمس الثاني (اماسيس) 568-526 بساميتيك الثالث 526-525 حين أعاد بساميتيك الأول توحيد مصر، رفض أن يكون تابعًا لأشور بانيبال. ولكن الحاميات الأشوريّة (مع جيوش اسكوتيّين) ظلّت على حدود مصر دون أن تقلق ملك سائيس. فاستطاع أن يعيد للملكيّة الفرعونيّة بعض عظمتها، وللبلاد الأمان، وللحضارة المصريّة لمعانًا جديدًا. وصعد المادايون والكلدانيّون في بابلونية، فاجتاحوا أشورية. قلق الملكُ الشيخ، فأرسل سنة 610 ق.م. جيشًا مصريًّا وصل إلى كركميش وحاران، ليساند أشورية. وتابع ابنه نكو الثاني (610-595) السياسة عينها. ولكن هذا لم يمنع من دمار المملكة الأشوريّة التي قُسمت بين المادايين بقيادة أواكشترا والكلدانيّين (أو البابلونيّين) بقيادة نبوفلاسر ونبوخذ نصر الثاني. ورغم هزيمة كركميش سنة 605، حافظ نكو الثاني على بعض النفوذ في سورية وفينيقية. طلب الملوك الفينيقيّون عونه ضدّ التهديد البابلوني. ولكن نكو الثاني لم يستطع أن يمنع البابلونيّين من احتلال فينيقية وفلسطية بقيادة نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :7)، كما لم يمنع سقوط أورشليم سنة 597 ق.م. (2مل 24 :10-17؛ 2أخ 36 :6). ساند خلفُه بساميتيك الثاني (595-589) الحزب الموالي لمصر في أورشليم، وهذا ما دفع صدقيا إلى التمرّد على نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :20ب؛ 2أخ 36 :13). ولكن مات الفرعون قبل أن تحاصر الجيوش البابلونيّة أورشليم (2مل 25 :1؛ إر 39 :1). فما استطاع ابنه وخلفه واحب رع (خفرع في العبريّة، ابرياس في اليونانيّة) (589-568) أن يخلّص عاصمة يهوذا مع أنّه قام بهجوم ليحوّل أنظار العدو (إر 37 :5)، بناءً على طلب قائد الجيش اليهوذاويّ كونيا بن ألناتان الذي ذهب إلى مصر (اوستراكة لاكيش 3 :14-16). سقطت أورشليم سنة 587 ق.م. ولكن صور قاومت جيوش نبوخذ نصر الثاني 13 سنة، بعد أن جاءتها الإمدادات بالبحر. عندئذ حاول عدد من اليهوذاويّين اللجوء إلى مصر (إر 42-44)، فأقاموا في الدلتا الشرقيّة ولاسيّمَا في المجدل وتحفنحيس وممفيس، كما أقاموا في مصر العليا (فتروس)، في أسوان وجزيرة الفيلة. في جزيرة الفيلة أقامت مستوطنة يهوديّة تعود إلى زمن أماسيس (أو : أحمس) إن لم يكن خفرع، وحاولت أن تدافع عن مدخل النيل تجاه سلالة نفاتا الكوشيّة الثانية التي كانت تستعدّ للاستيلاء على مصر، رغم حملة 594 التي وصلت بجيش بساميتيك الثاني إلى قلب النوبة. حصل انقلاب على خفرع وقُتل سنة 538 (رج إر 44 :39)، واستولى أماسيس (568-526) على العرش. استفاد نبوخذ نصر من هذه الثورة الدمويّة، فهاجم مصر (رج إر 43 :8-13؛ 46 :13-26؛ حز 30). ولكن أماسيس تغلّب على المحنة فما تحقّقت أقوال النبيّين إرميا وحزقيال. وكان ابنه بساميتيك الثالث (526-525) أمام خصم آخر هو قمبيز، أخذ منه ملكَه وأعدمه الحياة بعد نصف سنة من الحكم. الأسرة السابعة والعشرون 525-404 قمبيز 525-522 دارا الاول (داريوس) 522-485 خشيارت (كركسس أو احشوويروش) 485-464 ارتحشات (ارتكسرسيس أو ارتحششتا) 464-424 دارا الثاني 424-404 الأسرة الثامنة والعشرون 404-358 امون خر (اميرتايوس) 404-398 الأسرة التاسعة والعشرون 398-378 نفرتيس الأول (نايف عوف رود) 398-392 هكر (اكوريس) 392-389 بي ساموت (بساموتيس) 380-379 نفريتس الثاني (نايف عاو رود) 379-378 الأسرة الثلاثون 378-341 نختنبو الأول (نخت نيف) 359-341 الغزو الفارسي الثاني 341-332 أرتحششتا الثالث “اوخوس” 341-338 ارسيس 338-335 دارا الثالث في مصر 335-332
ممفيس:
كذا في اليونانية. في العبرية : نوف أو موف. في الاكادية : ممفي (يه 1 :10). عاصمة مصر السفلى. تقع على الضفة الشمالية لنهر النيل وتبعد بضعة كلم عن القاهرة. هذه المدينة القديمة التي تعني في المصرية : “الجمال الدائم” (م ن. ن ف ر)، أسّسها مينيس باسم “الجدار الأبيض”، وأخذ التسمية من هرم بيبي الأول (سلالة 6) الموجود قرب سقارة. في الارامية والفينيقية هي “م ن ف” دون دغم النون كما في هو 9 :6 (م ف) وفي رسالة أرامية وُجدت في هرموبوليس (رسالة 2 :3). وكان لممفيس اسم آخر : “مدينة فتاح” إله المدينة. كان الاسم يُلفظ “نوفتاح”. رج في العبرية “ن ف ت ح” في تك 10 :13 (نفتوح) وفي 1أخ 1 :11 مع اسم النسبة : نفتوحيون. أما اللفظة الموجزة فهي “ن و ف” التي نجدها في إش 19 :13؛ إر 2 :16؛ 44 :1؛ 46 :14، 19؛ حز 30 :13. نجد اسم النسبة “ممفيس” في كتابة فينيقية في أبيدوس، على مثال نفتوحي. كان الاله الرئيسي في ممفيس فتاح، الذي عُبد منذ السلالة المصريّة الأولى. كان شفيع الصنَّاع وقد تماهى مع كوشر لدى السوريين والكنعانيين، ومع هيفايستوس لدى اليونان. هو خالق الكون بالعقل (القلب) والكلمة (اللسان). عُبد في المستوطنة الفينيقية في ممفيس. وما يدلّ على ذلك أسماء العلم : خادم فتاح. ابن فتاح. ووُجد فينيقيون بعيدًا عن ممفيس، مثل ذاك الذي وصل إلى ابيدوس وأعلن انه ممفيسي. لا نعرف متى بدأت هذه المستوطنة، ولكنها كانت موجودة في القرن 8 ق.م. في الحقبة الفارسيّة، عبد فتاحَ الاراميون الذين أقاموا في ممفيس أو مرّوا فيها. وما يدلّ على ذلك رسائلهم التي وُجدت في هرموبوليس. كانت ممفيس عاصمة مصر خلال المملكة القديمة. ولعبت دورًا هامًا في المملكة الوسيطة مع أن العاصمة الملكيّة قد انتقلت إلى الجنوب، إلى جوار لشت. في المملكة الحديثة صارت ممفيس مدينة فيها الجيش والعتاد، وأقام فيها وليُّ العهد. في القرن 13 انتقلت العاصمة إلى الشمال الشرقي حين أسّس رعمسيس الثاني في رعمسيس. ولكن كهنة ممفيس حافظوا على تأثيرهم الكبير، والمدينة ظلت مزدهرة وهي الواقعة على رأس الدلتا. أشار إليها هو 9 :6 كي يتلاعب على الكلام، فذكر الأهرام ومدينة الموتى الشهيرة. إلى هذا تشير لفظة “ك س ل ح ي م” (كسلوج) في تك 10 :14؛ 1أخ 1 :12 (كسلوح). وأظهر إش 19 :13 حذره من هؤلاء الملوك الصغار في مصر مفتّتة بعد أن أضعفتها الفوضى الليبيّة. وجعل إر 2 :16 العاصمة القديمة على قدم المساواة مع تحفنحيس (دفنه)، فلمّح إلى التدخّل المصريّ سنة 609-605. وذُكرت المدينة في إر 44 :1 بسبب اليهوذاويين الذين لجأوا إليها سنة 587. وفي إر 46 :14-19؛ حز 30 :13 بسبب تهديد نبوخذنصر الثاني لمصر سنة 568 ق.م.
نوف:
رج ممفيس. مدينة مصرية جاء إليها لاجئون من آل يهوذا (ار 44 :1). شهدت ذل اسرائيل (ار 2 :16) ولكنها ستدمَّر بدورها (إش 19 :13؛ ار 46 :14-19؛ حز 30 :13، 16).
نيل:
في المصرية “اترو” في العبرية “يأور”. في اليونانية : نايلوس (من هنا النيل). تترجم السبعينية اليونانيّة والشعبية اللاتينية اللفظة بكلمة بوتاموس أو فلوفيوس أي النهر. من أطول أنهر الارض (طوله 6500 كلم). نبع النيل هو نيافارونفو وهو رافد من كاغيرا الذي يصب في بحيرة فكتوريا، نيانزا. قبل ان يصل إلى مصر يحمل اسماء عديدة : بحر الغزال، بحر الصراف، النيل الأزرق، اقبارا، سباط. عرض النهر يتراوح بين 460 و 900 م. اما واديه فيتراوح بين 5 و 25 كلم. يصل إلى اقصى انخفاضه في أسوان في منتصف أيار، وفي القاهرة في منتصف حزيران. تبدأ المياه خضراء ومليئة ببقايا النبات (النيل الاخضر). بعد شهر من هذا الوقت يأتي الفيضان الكبير الذي يحمل التراب الاحمر من ارض الحبشة. ويصل إلى أعلى مستواه في بداية شهر أيلول في أسوان، وفي بداية شهر تشرين اول في القاهرة. كل هذا كان قبل بناء السد العالي. النيل مهم كوسيلة اتصال وكحامل طعام شعبي (السمك : إش 19 :8؛ حز 29 :4). تتحدث التوراة عن النيل خاصة في سفر الخروج وفي الاسفار النبوية لتدل على مصر. من جزيرة الفيلة (الفنتين) إلى القاهرة، يمرّ النيل في إدفو، طيبة العمارنة، ممفيس وغيرها من مدن مصر العليا. نشير إلى أن النيل لم يؤلّه في المعنى الحصريّ للكلمة. ولكن روح النيل الذي سمّي في المصرية “ح ا ف ي” كان إلهًا ذكرًا وانثى، يجسّد خصب أرض مصر. لهذا يبدو بشكل امرأة سمينة.
هليوبوليس:
الاسم اليوناني (مدينة الشمس) للمدينة المصرية المعروفة (في العبرية : أون، في المصرية : أونو، في الاكادية : أونو أو أنو) التي بقيت منها بعض الخرائب على بعد 10 كلم إلى الشمال من القاهرة قرب المطرية الحالية. يدلّك الدليل هناك على جميزة استراحت تحتها العائلة المقدسة حين هربت إلى مصر. في العهد السابق للتاريخ، كانت هليوبولييس عاصمة مصر السياسية. في الزمن التاريخي، لعبت دورًا دينيًا وثقافيًا هامًا، لأنها كانت مركز عبادة الاله اتون الذي امتزج مع سائر الالهة : اتوم، خفري، هرختي اتون. في عهد السلالة الخامسة فرضت نفسها في كل مكان بالافكار اللاهوتية التي وزّعها كهنة هليوبوليس، وتوصل الحجر بنبن والثور المقدس منافيس على الثبات حتى آخر مراحل التاريخ. وكانت المسلة ايضا رمزًا شمسيًا. وقد كانت المسلات عديدة، اثنتين اثنتين. في هليوبوليس بقيت مسلة سيسوستريس الاول (بداية القرن 20 ق.م. علو : 20م). في أيام هيرودوتس (منتصف القرن 5 ق.م.) وبالاحرى في زمن الانبياء، كانت المدينة قائمة وكان هيكلها ومدرستها مشهورين حتى لدى اهل اليونان. في ايام سترابون (القرن الاول ق.م.) كانت هليوبوليس خربة. عُرفت هليوبوليس في فلسطين. فذُكرت في تك 41 :43، 50 (أون)؛ 46 :20، حيث يشير كاتب خبر يوسف إلى أن فوطيفار رع كان كاهن هليوبوليس (معنى اسمه : ذاك الذي أعطى قلب رع). وإلى هليوبوليس يعود إش 19 :18 حيث نقرأ “عير ها حارث” (مدينة الشمس) مع نص إشعيا في مغارة قمران الاولى، مع سيماك والشعبيّة اللاتينيّة. تبدو هليوبوليس هنا كإحدى المدن الخمس التي سترجع إلى يهوه. وأعطى إر 43 :13 هذه المدينة اسم “بيت شمش” (بيت الشمس) فأعلن أن نبوخذنصر “سيكسر أعمدة (المسلّات) بيت الشمس”. وتطلّع حز 30 :17-18 إلى قتْل وسبي سكان هليوبوليس “التي ستنتهي كبرياؤها”. إن كانت هذه الانباءات المتشائمة لم تتحقّق، إلاّ أن هذه النصوص تبقى مهمّة لأنها تدلّ على أن يهوذا عرف عظمة هليوبوليس ومسلاّتها التي وُلدت من عبادة حجر انتصب بشكل عجائبيّ فحطّت الشمس عليه عند شروقها. والجدير بالذكر أن عادة رفع المسلاّت انطلقت من هليوبوليس فوصلت إلى سائر أنحاء مصر.
هليوبوليس:
الاسم اليوناني (مدينة الشمس) للمدينة المصرية المعروفة (في العبرية : أون، في المصرية : أونو، في الاكادية : أونو أو أنو) التي بقيت منها بعض الخرائب على بعد 10 كلم إلى الشمال من القاهرة قرب المطرية الحالية. يدلّك الدليل هناك على جميزة استراحت تحتها العائلة المقدسة حين هربت إلى مصر. في العهد السابق للتاريخ، كانت هليوبولييس عاصمة مصر السياسية. في الزمن التاريخي، لعبت دورًا دينيًا وثقافيًا هامًا، لأنها كانت مركز عبادة الاله اتون الذي امتزج مع سائر الالهة : اتوم، خفري، هرختي اتون. في عهد السلالة الخامسة فرضت نفسها في كل مكان بالافكار اللاهوتية التي وزّعها كهنة هليوبوليس، وتوصل الحجر بنبن والثور المقدس منافيس على الثبات حتى آخر مراحل التاريخ. وكانت المسلة ايضا رمزًا شمسيًا. وقد كانت المسلات عديدة، اثنتين اثنتين. في هليوبوليس بقيت مسلة سيسوستريس الاول (بداية القرن 20 ق.م. علو : 20م). في أيام هيرودوتس (منتصف القرن 5 ق.م.) وبالاحرى في زمن الانبياء، كانت المدينة قائمة وكان هيكلها ومدرستها مشهورين حتى لدى اهل اليونان. في ايام سترابون (القرن الاول ق.م.) كانت هليوبوليس خربة. عُرفت هليوبوليس في فلسطين. فذُكرت في تك 41 :43، 50 (أون)؛ 46 :20، حيث يشير كاتب خبر يوسف إلى أن فوطيفار رع كان كاهن هليوبوليس (معنى اسمه : ذاك الذي أعطى قلب رع). وإلى هليوبوليس يعود إش 19 :18 حيث نقرأ “عير ها حارث” (مدينة الشمس) مع نص إشعيا في مغارة قمران الاولى، مع سيماك والشعبيّة اللاتينيّة. تبدو هليوبوليس هنا كإحدى المدن الخمس التي سترجع إلى يهوه. وأعطى إر 43 :13 هذه المدينة اسم “بيت شمش” (بيت الشمس) فأعلن أن نبوخذنصر “سيكسر أعمدة (المسلّات) بيت الشمس”. وتطلّع حز 30 :17-18 إلى قتْل وسبي سكان هليوبوليس “التي ستنتهي كبرياؤها”. إن كانت هذه الانباءات المتشائمة لم تتحقّق، إلاّ أن هذه النصوص تبقى مهمّة لأنها تدلّ على أن يهوذا عرف عظمة هليوبوليس ومسلاّتها التي وُلدت من عبادة حجر انتصب بشكل عجائبيّ فحطّت الشمس عليه عند شروقها. والجدير بالذكر أن عادة رفع المسلاّت انطلقت من هليوبوليس فوصلت إلى سائر أنحاء مصر.
No Result
View All Result
Discussion about this post