الخروج
خرائط الكتاب المقدس
مكث العبرانيون ( نسل ابراهيم ) في مصر مايقارب من أربعة قرون , ذاقوا فيها مرارة العبودية في مصر الفرعونية , لكنهم في النهاية, خرجوا من مصر يقيادة موسى, الذي أنزل الرب بواسطته سلسلة من الضربات المخيفة و قادهم موسى في رحلة الخروج , عبر البحر اﻷحمر و صحراء سيناء. وليس بوسعنا أن نحدد أو نؤكد, الطريق التي سلكوها و نجد في الخريطة الطريق الذي تشير إليه التقاليد, بالإضافة إلى طريقين آخرين مقابلين له . من المحتمل ألا يكونوا قد سلكوا الطريق الساحلي المباشر , وذلك لوجود حراسة عليه , و على جبل سيناء تسلم موسى لوحي الشريعة. ( خروج , عدد)
أدوم:
لقب عيسو، جدّ الأدوميين (تك 25 : 30؛ 36 :8-19). اسم ادوم يعني الأحمر (أو الأسمر وهذا أفضل) ويرتبط بالعدس الذي به باع عيسو حقّ البكورية ليعقوب (تك 25 :29ي). وقد نقدر أن نترجم : اطعمني من هذا الأدام (أو الطعام)… لذلك قيل له أدوم (تك 25 :30).
أردن:
يُسمّى الاردن في العهد القديم : يَردن، دومًا مع أداة التعريف : ها يردن، ما عدا في أي 40 :23؛ مز 42 :7. يتكوّن الاردن (في لبنان) في جنوبي حرمون من نهر بانياس (نبعه في حرمون) ونهر اللدان (نبعه قرب تل القاضي). وينضم إليهما نهر الحاصباني (نبعه في حرمون). يعبر الاردن سهلاً خصبًا فيكوّن بحيرة الحولة أو بحيرة ميروم. ويترك بحيرة ميروم ويجري انطلاقًا من جسر بنات يعقوب نحو الجنوب عبر مجرى صخرّي، فيصب في بحيرة جنّاسرت. ويخرج من الزاوية الجنوبية الغربية لبحيرة جنّاسرت ويصل عبر تعرّجات طويلة إلى البحر الميت. في طريقه يصب فيه روافد أهمها يرموك، يبوق. هناك 110 كلم بين بحيرة جنسارت والبحر الميت، ينزل فيها النهر من 208 م تحت سطح البحر إلى 390 مترًا. هذا القسم من نهر الاردن، يسمّى الغور (غور العرب)، وفيه سلسلة من الواحات الخصبة التي كان يسكنها في الماضي الأُسود (إر 49 :19؛ 50 :44؛ رج 12 :5). يسمي العهد القديم هذه المنطقة أعالي “كبرياء، زهو” (زك 11 :3). ونحسّ بالبحر الميت من بعيد فيتحوّل المنظر إلى صحراء مقفرة. فبين بحيرة جنّاسرت والبحر الميت نستطيع أن نعبر الاردن عند مجازات خاصة قرب بيت شان وأريحا (يش 2 :27؛ قض 3 :28؛ أم 19 :19، 32)، الدامية (أدمة : قض 12 :5)، بيت بارة (قض 7 :24) بيت عنيا (يو 1 :28). وإن الاردن يشكّل حدودًا بين كنعان وشرقي الاردن. وخلال التاريخ البيبلي نراه يفصل بين سكان الضفتين ولا يوحّد. شكّل الأردن حدود الأرض المقدّسة، فصار بدوره مقدّسًا. فهناك موضوع بيبليّ (موضوع الأردن) يمتزج بنصوص الشريعة والاخبار التاريخيّة، ويتلوّن بلونها بانتظار أن يفرض نفسه عليها. ففي البنتاتوكس وبعض نصوص يشوع، يظهر دور الأردن بشكل واضح كالحدّ الفاصل بين أرض الموعد وغيرها (عد 34 :11-12؛ رج يش 23 :4؛ حز 47 :18). وهو بالتالي يشكّل حدود القبائل التي أقامت في كنعان : ابنا يوسف (يش 16 :7)، بنيامين (يش 18 :12، 19، 20)، يساكر (يش 19 :22). وشمالي بحر طبرية نجد نفتالي (يش 19 :35). في أخبار سفر التكوين، اعتُبر سهل الأردن خصبًا، فشكّل للوط تجربة سقط فيها. أما ابراهيم فلم يسقط (تك 13 :10-13). وكانت لابراهيم مغامرة حربيّة شرقيّ الأردن عاد بعدها إلى غربيّ الأردن (تك 14 :14-15). أمّا موقع المذابح والأشجار المقدّسة فهي كلّها في كنعان، في غربيّ الأردن. ويعقوب الذي كان في الشرق لم يبنِ هناك أي مذبح (تك 32 :3، 31)، وذلك بعد صراعه مع الربّ. فإقامته الطويلة والمفيدة في عبر الأردن، لم تكن بالنسبة إليه سوى منفى سوف يتركه سريعًا (تك 32 :11). والطقوس الجنائزيّة التي تتمّ في شرق الأردنّ تنتهي بالدفن في حبرون (تك 50 :10-13). كلّ هذا يعكس فكرة ثابتة عن أرض الموعد وحدودها. ففي أخبار الاحتلال مع يشوع، يحاول النصّ مرارًا أن يبيّن أنّ إقامة قبيلتين ونصف قبيلة في شرق الأردنّ أمرٌ شرعيّ. فقد تمّ بأمر موسى ومساعدة كل بني اسرائيل (عد 32 :5-32؛ تث 3 :8-9؛ يش 13 :8-32). هكذا تمّ وهكذا تنظّم كما يقول تث 4 :41-49؛ يش 20 :8؛ 21 :27، 36-39. فالمحاربون تبعوا يشوع متضامنين تضامنًا كلّيًّا، وتابوت العهد في المقدّمة نحو الضفّة الغربيّة، فردّوا لإخوتهم الخدمة التي نالوها منهم (يش 1 :12-18). ولكن بما أنه ليس للضفة الشرقيّة ذات الطابع القدسيّ، فقد بنت القبائلُ هناك مذبحًا (يش 22 :4-34). إذن، الحدود القدسيّة لا تفرض نفسها على سكن بني اسرائيل وحياتهم اليوميّة. لهذا، يُسمح لهم أن يعيشوا خارج الأرض المقدّسة. أن نكون هنا أمام نظرة مثاليّة، فواضح من عدد كثير من النصوص في قض وفي 1-2صم. فكل ما نستطيع قوله هو أن التضامن بين بني اسرائيل يتّضح حين يذهب أبناء ضفّة لمساعدة أبناء ضفّة أخرى كما حدث في جلعاد. ولكن بجانب المغامرات القبليّة، هناك مغامرات أخرى يقف فيها الأنبياء بشكل له دلالته، بالنسبة إلى الأردنّ. فموسى ما استطاع أن يعبر النهر رغم توسّلاته الدامعة (تث 3 :25-27؛ 4 :21-22؛ 31 :2). وذلك في نهاية حياته. وهكذا بدا سفر التثنية وكأنه وصيّته الأخيرة، وقد قال ما قال عند الضفّة الشرقيّة (تث 1 :1-5؛ 11 :30-31). حُذِّر بنو اسرائيل من تجارب يتعرّضون لها (تث 9 :1). وحين يبنون المعابد يدلّون على أنهم صاروا شعبًا ناضجًا (تث 12 :10؛ 27 :2، 4، 12). عندئذٍ تكون الخيارات حاسمة (تث 30 :8-19). لهذا، لا بدّ من تعليم الأجيال الآتية، لأن حياتهم ستكون على المحكّ (تث 31 :3؛ 32 :47). يبدو أنّ هذه النصوص دوّنت بعد المنفى، في أرض بابل. ساعة زالت قبائل وراحت أخرى نحو الزوال. ولكن يبقى أن شريعة موسى تأخذ في ذاتها الماضي البعيد والمستقبل القريب، فتقدّم الأرض المقدّسة كوعد ومحنة، وتنظّم حياة الشعب في كل زمان ومكان. أتمّ يشوع المواعيد أولاً حين عبّر بني اسرائيل الأردن (يش 1 :2؛ 2 :7-10؛ 3 :1-17؛ 24 :11). وقد روت كرونيكة من القرون الوسطى كيف أن الجبل انهارَ، وقُطع النهر ساعات عديدة سنة 1267. ولكن مهما يكن من أمر (وقد يكون الكاتب الملهم أبرز الأمور وعظّمها فجعل الشعب يمرّ في الربيع وفيضان النهر، لا في الخريف وجفافه)، فالخبر البيبليّ لعبور الأردن قد جاء في أسلوب خاص واستلهم تطوافات تابوت العهد في حياة الشعب. وهو قريب جدًّا من خبر عبور البحر الأحمر الذي يتقابل معه : فالدخول إلى أرض الموعد يقابل الخروج من أرض العبوديّة. وإيليا وُلد في عبر الأردن، في شرقيّ الأردن، في جلعاد، واستعدّ هناك لرسالته النبويّة (1مل 17 :1-7). وبعد أن طهّر الأرض المقدسة من عبادة بعل بأقواله وأعماله، عبر النهر من جديد ليأخذه الله إليه بعد أن أخذته عاصفة رمليّة (2مل 2 :6-13). ومعجزة المياه التي انفتحت لتترك إيليا يمرّ، سوف تنفتح أيضاً من أجل تلميذه أليشع. هذا ما يدلّ على أنّ للخبر معنًى روحيًّا : فإيليا يشبه موسى في أمور عديدة (1مل 19). فالنبوءة، شأنها شأن الشريعة، تأتي من الخارج ولا تزال تحمل الخلاص للشعب العائش في المنفى. غير أنّ خبر نعمان الأرامي يدلّ على أن لمياه الأردن طابعًا مقدّسًا يتيح لها أن تطهّر الغريب من برصه. وهكذا عاد ذاك الذي هو “عدوّ” إلى بيته بعد أن حمّل على بغليه ترابًا من الأرض المقدّسة (2مل 5 :1-17). وفي الأسفار الحكميّة، نجد تلميحات نادرة إلى الأردن، وهذا ما يدلّ على أنّ هذا النهر لا يحتلّ في ذاكرة اسرائيل الناشطة، المكانة التي يحتلّها البحر (مز 141 :3-5؛ سي 24 :26). ونقول الشيء عينه عن الكتابات المنحولة، حيث لا يُذكر النهر إلاّ بصورة عابرة وبمناسبة توسّع في التوراة. وحدها “سيرة آدم وحواء” تقدّم إشارة أصيلة : تاب آدم وحواء عن خطيئتهما فغطسا في المياه أيامًا طويلة، هي في دجلة وهو في الأردن. هنا نتذكّر عماد المهتدين إلى اليهوديّة، واغتسالات الأسيانيّين اليوميّة، والتوضؤ الطقسيّ الذي ما زال يُعمل به في العالم اليهوديّ. غير أنّ ذكر الأردن هنا قد يكون مدسوسًا بيد مسيحيّة. في العهد الجديد، يمكن أن نعتبر كرازة المعمدان على شاطئ الأردن كتنشئة توضح دوره كإيليّا الجديد (مت 3 :5؛ لو 3 :3؛ رج يو 1 :28؛ 3 :26). وحين يقول مت ومر إنّ يوحنا يعمّد التائبين في النهر (مت 3 :6؛ مر 1 :5)، نفهم أنّ الخاطئ يبدو كمنفيّ، ولو أقام في أرض إسرائيل. فعليه أن يتطهّر من خطيئته عابرًا النهر من جهة إلى أخرى : فالحدود الماديّة ترمز إلى الحدود الروحيّة. وحين يتبع يسوع بدوره الطريق عينها، يصبح المشهد معبّرًا سواء ارتبط بالحدث أو بمبادرة الإنجيليّين (مت 3 :13؛ مر 1 :9؛ لو 4 :1). لهذا قام أوريجانس وتبعه آباء كثيرون وأسرة من المخطوطات اليونانيّة، فجعلوا محل “بيت عنيا” (يو 1 :28)، “بيت عبارة” الذي قد يكون مجازًا ارتبط بمرور يشوع. وفي شكل مماثل، جعل متى ومرقس يسوع يصل إلى عبر الأردن قبل أن يبدأ مسيرته الملوكيّة نحو أورشليم لينال فيها معموديّة أخرى مؤلمة (مز 10 :38-39؛ رج مت 19 :1؛ لو 12 :50). وفي التقليد المسيحيّ، احتلّ الأردنّ مكانة هامة في العبادات التي تمارس في الأرض المقدّسة. يكفي أن نذكر الأديرة والمناسك بجانب النهر، حيث الرهبان يتذكّرون موسى وإيليا. كما نشير إلى اغتسال المسيحيّين الشرقيّين الذي كانت روسيا ترسلهم جماعات. وفي أيامنا، يتابع العرب والقبارصة واليونان التقليد عينه بقدر ما تسمح لهم السلطات العسكريّة. وفي الفنّ المسيحيّ ولا سيّما في الإيقونوغرافيا، يصوّر النهر بشكل بشريّ على مثال الأنهر التي ألّهها الوثنيّون.
أريحا:
أولاً : اسم المدينة وموقعها. مدينة القمر. تقع على تلة هي تل السلطان في وادي الأردن. على سفح تل يجري منه نبع دائم (عين السلطان) يحوّل سهل اريحا التي تحرقها الشمس إلى واحة ينمو فيها الموز والنخل والليمون، والعنب والحبوب. من هنا اسم المدينة القديم : مدينة النخل في تث 34 :3؛ قض 3 :13؛ 2أخ 28 :15 (هتمريم في قض 1 :16). بنى هيرودس الكبير إلى الجنوب الغربي من أريحا القديمة قصرًا شتويًا، بنى أريحا جديدة. ولكن بقاياها زالت تحت تلول أبو العلايق على الضفة الجنوبية لوادي القلت. والقرية الحالية أريحا أو الريحة هي ما تبقى من مدينة بناها الصليبيون شرقي أريحا القديمة وأريحا الجديدة. ثانيًا : أريحا في التوراة. يحتفظ يش 6 :1ي بتقليد يربط دمار أريحا باجتياح القبائل الإسرائيلية لكنعان. وقد ظلّت خرائب المدينة ماثلة للعين مدة طويلة، لتحفظ تقليدًا حيًا، وتقدم مادّة للمخيّلة الشعبية التي حوَّلت عبر الايتيولوجيا معطيات قديمة إلى خبر ملحميّ. وإن قِدَم هذا الخبر يرجع إلى أنه احتفظ بذكر إقفار التلّة المرتبط بلعنة تلفّظ بها يشوع. فحول التلة أقام البنيامينيون (يش 18 :21) الذين سقطوا تحت حكم عجلون ملك موآب (قض 3 :13). في 2صم 10 :5 بحث مُرسلو داود عن ملجأ لهم بعد العار الذي لحقهم. حوالي سنة 870 كان التلّ من جديد مأهولاً بحيث تمنّى الناس أن يشيّد السور وسائر الابنية بسبب عداوة الموآبيين. هذا ما فعله حيئيل (1 مل 16 :34). كانت أريحا في ذلك الوقت مركزًا نبويًا مهمًا. زارها ايليا وأليشع (2مل 2 :4-5، 8). ويُنسب إلى أليشع أنه جعل النبع صالحًا بحيث سمّي نبع أليشع (اليوم نبع السلطان : 2مل 2 :19-22). بعد السبي، عاد الإسرائيليون إلى أريحا وأقاموا فيها (عز 2 :32). وفي سنة 601 بنى فيها بكيديس قلعة (1مك 9 :50). قد تكون الدوق على جبل القرنطو (أو : كرنيون) حيث قُتل سمعان المكابي ورفاقه (1مك 16 :11-17) أو إحدى القلعتين (ان لم تكن القلعتان، توروس وتركس، جنوبي وجنوبي غربي أريحا). كانت اريحا هيرودس مدينة غنية يقيم فيها الناس، ومدينة حدودية مع مركز الجمارك (زكا : لو 19 :1-5). إن يسوع، في آخر مسيرته إلى أورشليم، شفى فيها الأعمى برتيماوس (مر 10 :46-52؛ لو 18 :35-43؛ في مت 20 :29-34 : أعميان). ثالثًا : الحفريات (أ) في تل السلطان. كانت محاولة أولى سنة 1868 ثم 1907 و1909 : ظهر سوران. الأول يحيط بسفح التلة (قد يكون عمل بني إسرائيل) والثاني كان على قمة التلة (نُسب إلى الكنعانيين). واكتشفوا شمالي غربي التلة سورًا ثالثًا كان أقدم من السورين السابقين. وكانت حملة أخرى سنة 1930 و1936 فدلّت على أن السور الثاني يستند إلى سورين في بداية البرونز القديم (حوالي 2100). أما السور الأول وهو الكبير فيعود إلى بداية البرونز الوسيط (1800 ق.م.) وظلّ مستعملاً حتى سنة 1600. حوالي 1550 بُني السور الثاني ودُمّر بطريقة عنيفة بفعل هزة أرضية (قيل سنة 1400 وقيل سنة 1250). وكانت حملة سنة 1952 التي كشفت جماجم (في قناع من طين) وهياكل بشرية. وعرف العلماء في سور البرونز القديم 17 طبقة من البناء وإعادة البناء. إن سور البرونز الوسيط بُني في عهد الهكسوس الذين وضع الفرعون احموسيس (1580-1558) حدًا لهم. في هذا الوقت خضعت اريحا لمصر، ودُمّرت سنة 1550 تقريبًا. بعد هذا الدمار على يد المصريين لم تعد أريحا مدينة. ولكن أعيد بناؤها في زمن الحديد. أما الفخاريات فتعود إلى ما بين سنة 900-600. (ب) تلول أبو العلايق، اكتشف المنقبون قلعة من الزمن الهليني. قد تكون توروس وتراكس اللتين دمّرهما بومبيوس سنة 63 ق.م. (سترابون). وقد وُجدت طبقة من الرماد هي قصر هيرودس الكبير الذي أحرقه عبده بعد موته. لم يبق شيء من القصر ولكن بقي الملعب. رابعًا : سقوط أريحا، (يش 6). في الأصل، كانت أريحا معلمًا يحدّد عبر الأردن (عد 22 :1؛ 36 :3، 36). إنّ خبر سقوط أريحا (يش 6) يرتبط بفن أدبيّ يصعب تقييمه. أولاً، لا نستطيع أن نحدّد من الزاوية الأركيولوجيّة حدثًا لم يترك أثرًا. وإذا عدنا إلى الأساس الأدبيّ المحض، يلفت نظرنا الأسلوب “الكهنوتي” لهذا الخبر حيث تتكرّر الفرائض والأعمال أكثر من مرّة. ويتأكّد الطابع الليتورجي حين يتجاوب صراخ الشعب مع النفخ بأبواق الكهنة (6 :10، 16،20) : صراخ حاسم. ما إن علا حتى سقطت الأسوار. فكما أنّ عبور الأردنّ يلتقي مع عبور البحر الأحمر، كذلك يلتقي دمار أريحا عبر صراخ شعب اسرائيل، يلتقي والأشغال الشاقّة في مصر وصراخ اسرائيل نحو الرب في ضيقهم (خر 1 :11-14؛ 2 :23). بل يلتقي والكلام القاسي الذي وجّهه الشعب اليائس إلى موسى (خر 5 :19 :23). في هذه الظروف يبدو ملكُ أريحا صورة مصغّرة عن فرعون. فإن لم يُروَ عقابه بعد سقوط أريحا، فالنصّ اللاحق يفترضه في خبر سيصبح نموذجًا لسائر أخبار الاحتلال (يش 6 :17-25؛ 8 :2؛ 9 :3؛ 10 :1، 28، 30). هلك فرعون بيد الله . وعلق ملك أريحا بيد البشر فلحقه العار (خر 14 :27؛ يش 8 :2، 29). ضرب الحرمُ أريحا في خطّ فريضة اشتراعيّة (تث 20 :17-18). ودلّ الشعب على تجرّد تام. هذا ما يجب أن يفعلوه دائمًا دون أن يحاولوا البحث عن غنى فرديّ أو جماعيّ. وراحاب البغيّ صارت نموذج الغريبة التي تنتمي إلى إيمان الشعب، بعد أن رأت المدهشات التي رافقت تحرير بني اسرائيل (يش 2 :9-11). ورأى فيها الرابينيّون نموذج المهتدين الجدد، ونسبوا إليها سلالة من الكهنة والأنبياء. في وثائق القبائل، تبدو أريحا موضع تنازع بين افرايم وبنيامين (يش 16 :1-7؛ 18 :12-21). فنظنّ أنّ القبائل المتحالفة (نسل راحيل) تقاسمت الأرض المرويّة، وتركت المدينة بدون ساكن. ففي الأخبار التي تعود إلى زمن القبائل أو الزمن الملكيّ، يحتلّ الجلجال المكانة الأولى. أما أريحا فهي محطة يتوقّف فيها المسافر في طريقه نحو الشرق (2صم 10 :5؛ 1أخ 19 :5). في أيام أخاب أعيد بناء أريحا، فصارت في مملكة الشمال، شأنها شأن بيت ايل، موطن حيئيل.
أون:
1) رج * هليوبوليس 2) أون بن فالت. رجل من رأوبين. شارك داتان وابيرام في ثورتهما على موسى (عد 16 : 1). أون أمون كاهن من كهنة أمون. ذهب من ثيبة الى صوعن (تانيس) وهناك حصل على معونة من الملك سمندس وأقلع في سفينة تجارية الى جبيل ليحصل على شيء من خشب الأرز اللازم لتجديد سفينة الاله أمون في ثيبة. يروي أون أمون رحلته في قصة وجدت في بردية. رج * لاوان أمون.
ايليم:
السنديانات، الأشجار. 1) خر 15 : 27؛ 16 :1؛ عد 33 :9 ي. المحطة الثانية لبني اسرائيل بعد عبور البحر الأحمر. كان فيها 12 ينبوعًا و70 نخلة. هي اليوم : وادي جرندل الذي يصبّ في خليج السويس. وُجدت هناك خرائب للأنباط، فكانت دلالة على إقامة البدو في ذلك الموضع الذي يقع على طريق الحجّ إلى سيناء. 2) بئر ايليم. إش 15 :8. مكان يذكره اشعيا في قول نبوي ضد موآب.
بحر (الـ – الميت):
مخطوطات رج مخطوطات البحر الميت.
بحر الأحمر:
هذا الاسم (تالاسا اروترا من الارتريّين الذين يسكنون قرب البحر الأحمر) لا يرد إلاّ في أسفار التوراة اليونانيّة وفي أسفار العهد الجديد (أع 7 :36؛ عب 11 :29). إنه يترجم الكلمة العبريّة : يم سوف التي ترجمها اليونانيّون مرّة واحدة تالاسا سيف أي بحر القلزم (البحر الاحمر) (قض 11 :16). حسب الرأي التقليدي المعبّر عنه في عد 14 :23؛ 21 :4؛ تث 1 :40؛ 2 :1؛ قض 11 :16؛ 1مل 9 :26؛ ار 49 :21 حيث يم سوف (بحر القصب) تدلّ على خليج العقبة، علينا أن نماثل بين يم سوف والبحر الأحمر الحالي. إن ترجمة البحر الأحمر لعبارة بحر اروترا ترجمة غير كافية. فبحر اروترا تضمّن البحر الأحمر مع خليجي السويس والعقبة (أو إيلات) والمحيط الهنديّ والخليج الفارسيّ. في السبعينيّة وفي العهد الجديد “بحر اروترا” هو ترجمة “يم سوف”. أما البحر الأحمر في المعنى الحديث للكلمة فيمتدّ من مضيق باب المندب (عرضه 33 كلم) حتى السويس، بطول 200-250 كلم، وهو يحتلّ منخفضاً يقع بين عرابية وافريقية. لهذا السبب سمّاه الرومان “الخليج العربيّ”.
بحر سوف:
أو بحر القصب. رج بحر الأحمر.
تراكية:
منطقة واقعة بين مكدونية والبحر الأسود. يتحدّث 2مك 12 : 35 عن فارس من التراكيّين في جيش جورجياس الأنطاكيّ.
جاسان:
في العبريّة : جوشن. منطقة في مصر (أرض جاسان). أقام فيها بنو إسرائيل (تك 45 :10؛ 46 :28؛ 47 :1، 4، 6، 27؛ 50 :28؛ خر 8 :18؛ 9 :26). كانت هذه المنطقة الغنيّة بالمراعي، إما في الدلتا الشرقيّ، وإمّا إلى الشمال الشرقيّ من بحيرة منزلة (تانيس)، وإما إلى الجنوب قرب وادي توميلات إلى الغرب من بحيرة تمساح. لم نجد بعد اسم جاسان في النصوص المصريّة. إن يه 1 :9 يتكلّم عن كل بلاد جاسان حتى حدود الحبشة. فكلمة جاسان تعني هنا كل الدلتا الشرقيّة.
حشبون:
عاصمة الموآبيّين. إذا عدنا إلى تث 1 :4؛ عد 31 :25-30، نرى أنّ حشبون كانت مركز إقامة سيحون ملك الأموريّين. أمّا عد 32 :3، 7؛ يش 13 :6 فينسبها إلى جاد. ويش 21 :37؛ 1أخ 6 :66 يجعلها مدينة كهنوتيّة. ولكنّها في نظر إش 15 :4؛ 16 :8؛ إر 48 :2-4، 45؛ 49 :3 عاصمة الموآبيّين. يذكر نش 7 :5 بركتي حشبون ويشبّه بهما عيني الحبيبة. هي اليوم : حشبان، تبعد 26 كلم إلى الشرق من نهر الأردنّ. و 9 كلم إلى الشمال من ميدبا. جرت فيها التنقيبات، فدلّت على أنه لم يكن شيء قبل سنة 1200. ونفهم غياب الآثار بسبب السكن النصف بدوي وبسبب، الطبيعة القاسية.
حصيروت:
الضياع والقرى. محطة لبني إسرائيل خلال عبورهم البرّيّة (عد 11 :35؛ 33 :17ي؛ تث 1 :1). فيها تمرّد هرون ومريم على موسى بسبب المرأة الحبشيّة (أو الكوشيّة). عد 12 :1-16. هي اليوم عين خضرة غربيّ قادش. هي واحة مع نبع على الطريق من سيناء إلى العقبة.
حضيروت:
رج حصيروت
حوريب:
الخَرِب، المقفر، المنعزل. اسم جبل ا. عليه عُقد العهد وأعلنت الشريعة. سُمّي في مكان آخر سيناء. ينسب استعمال اسم حوريب إلى التقليدين الالوهيمي والاشتراعيّ، واسم سيناء إلى التقليدين اليهوهي والكهنوتيّ. قال بعض الشرّاح : حوريب هو اسم الجبل، وسيناء قمّة من قممه. بعد هذا، تشكّك الناس من عبادة سين إله القمر، فتحاشوا استعمال كلمة سيناء.
رعمسيس:
ابن رع أو رع ولده1) اسم فراعنة مصريين. في السلالة 19 و20 (المملكة الحديثة). رعمسيس الأول. هو أول فراعنة السلالة 19 (1314-1312). خلف حورمحب. كبُر في السنّ فضمّ ابنه سيتي الأول في الحكم، وتركه في الواقع يحكم وحده. رعمسيس الثاني. كان ابن سيتي الأول وخلفه (1300-1235). رجل حرب وبناء. كان له أولاد عديدون. حارب الحثيّين خصوصاً في قادش في معركة انتهت بمعاهدة سنة 1278، وفي اقتسام سورية بين المصريين والحثيين. بعد هذه الحرب، عرفت مصر أربعين سنة من السلام، استفاد منها الملك لأعمال مشهورة : قاعة الكرنك، الهيكل الجنائزي في أبو سنبل، الرواق أمام هيكل الأقصر، هياكل ابيدوس وتانيس وممفيس وهليوبوليس. وبنى في طيبة قاعة رعمسيس وأسّس عاصمته “في رعمسيس” التي ستصير تانيس (في الدلتا)، قرب قلعة الهكسوس القديمة. قد يكون هذا الفرعون ضايق العبرانيين، فتركوا البلاد المصريّة في أيامه. رعمسيس الثالث، هو الفرعون الثاني في السلالة العشرين (1198-1168). ابن ستنخت وخلفه. وجب عليه أن يدافع عن مملكته ضد الاجتياح الهندوأوروبي. تغلّب على الليبيين في الغرب، وأوقف اجتياح شعوب البحر في الشرق، تاركًا للفلسطيين الساحل الفلسطيني. كان آخر الفراعنة الكبار، وقد تابع رعمسيس الثاني العظيم، فبنى في طيبة هيكل مدينة حبو، وفي الكرنك هيكل خونصو. ويُذكر رعمسيس الرابع حتى الحادي عشر (1168-1085). بدأ معهم انحطاط المملكة المصرية على المستوى الماديّ والادبي : ازداد الشقاء والجوع. كثُرت الثورات في الدلتا، سُلبت المدافن الملكية، دُمّرت المدينة “في رعمسيس”، وسيطر كهنة أمون على الوضع، فوصلوا بالأزمة إلى نهايتها : كان هاديهور قائدًا حربيًا، فصار عظيم كهنة أمون واستولى على السلطة، وحكم في مصر العليا، ساعة أقام سمنديس في تانيس، واستعاد لقب فرعون وحكم في مصر السفلى. 2( مدينة (خر 1 :11؛ 12 : 37) أو منطقة في مصر (تك 47 :11). كان الاسم المصريّ : في رعمسيس : بيت رعمسيس. كان يقيم رعمسيس فيها وقد تكون قانين أو قنطير. أقام يعقوب في منطقة رعمسيس وهناك عمل العبرانيّون في الأشغال الشاقة ليبنوا مدينة للمؤونة (خر 1 :11). كانت رعمسيس نقطة انطلاق الخروج (خر 12 :37؛ عد 33 :3، 5). تُذكر المدينة في النصوص المصريّة. ولكن يبدو أن رعمسيس لم تكن معروفة من سكان يهوذا إلاّ في حقبة متأخّرة، وبفضل اتصالهم بتانيس التي صارت العاصمة مع السلالة 21، ووقعت على 25 كلم إلى الشمال من رعمسيس. ذُكرت رعمسيس مع فيتوم في خر 1 :11، فقدّمت لنا معلمًا في القرن السادس، وهو تاريخ تؤكّده الايرادات البيبليّة التي نجدها فقط في النصوص الكهنوتيّة. .
سكوت:
: الخيام 1) في سهل الأردن. قرب اليبوق (قض 8 :6، 15) ومخاضة من مخاضاته. قرب صرتان (1مل 7 :46). حُسبت بين مدن جاد (يش 13 :27). يعطي تك 33 :17 اشتقاق الاسم : مرَّ يعقوب من هناك، ونصب خياماً لقطيعه. قالوا هي اليوم : تل احصاص (المأهولة بين القرن 15 والقرن 9) أو تل دير العلا القريب من مصب يبوق. وقالوا : تل أم حمد الذي يبعد 7 كلم الى الجنوب من تل دير العلا. يذكر مز 60 :8 و108 :8 وادي سكوت. 2) في المصرية : تكو. أول مخيم لبني اسرائيل بعد خروجهم من مصر (خر 12 :37) بين رعمسيس وإيتام (خر 13 :20؛ عد 33 :5ي). هي اليوم : تل المشخوطة. في القسم الشرقي من وادي طوميلات. رج فيتوم. 3) اله بابلي (عا 5 :26). السبعينية وأع 7 :43 يترجمان : خيمة. وضع الماسوريون الحركات على وزن “رجس” ليعبّروا عن اشمئزازهم من هذا الكائن. وقد رأى بعض العلماء في سكوت صنم الأشوريين الذي وُضع في السامرة (2مل 17 :30). وظن غيرهم أن سكوت تشويه لكلمة مردوك. وقال آخرون : سخ كود هو الاله الأشوري البابلي، اله الحرب والصيد. إنه نينورتا.
سيناء:
1) جبل سيناء. واحد من الاسمين (الثاني هو حوريب) اللذين أعطاهما بنو اسرائيل لجبل الله، حيث ظهر يهوه على موسى وقطع عهدًا مع بني إسرائيل. يشتقّ الاسم من العبريّة “سنه” أي العليقة (رج خر 3 :1-12). ولكنه قد يكون أيضاً صفة تتعلّق بعبادة سين في هذا المكان. يجعل التقليد كلّه موقعَ سيناء في جزيرة سيناء (اليوم : بادية التيه) ولكنه منقسم بين جبل سرحال وجبل موسى، وهما قمّتان لسلسلة من الجبال تقع في جنوبيّ غربيّ جزيرة سيناء. لا نستطيع أن نتحقّق من صحة هذا التقليد بواسطة النصوص، لا سيّما وأن الجميع يحسبون حساب الافتراض الذي يقول إنّ الخروج لم يتمّ عبر الجنوب (عبر سيناء) بل عبر الشرق (قادش). ثمّ إن براهين الذين يحدّدون موقع سيناء جنوبيّ خليج العقبة ليست مقنعة. اجتذبت جزيرة سيناء انتباه المصريّين منذ القديم، لأنّهم وجدوا فيها النحاس وغيره (مناجم مغارة سرابيط الخادم). ولهذا ترك فيها المصريّون آثارًا عديدة تدلّ على حضورهم، وبينها كتابات عديدة : بعضها في الحرف الهيروغليفي والبعض الآخر في ما سمّي بداية الأبجديّة. إنها قد تعود إلى القرن 19 أو 18 وهي عمل عمّال مناجم ساميّين (كنعانيين). أما مجموع الكتابات التي اكتشفت فهو 25 كتابة يعود معظمها إلى القرن 15. الأبجديّة كنعانيّة (فينيقيّة)، واللغة كنعانيّة شعبيّة، والنصوص نذور عمّال المناجم. واكتُشفت أيضاً كتابات من بداية الأبجديّة في تل الدوير (لاكيش)، في شكيم، في جازر، في جبيل. حين التقى الربّ بموسى للمرّة الأولى في العليقة الملتهبة (خر 3 :2-4)، كشف عن ذاته وحمَّل موسى مهمّة تخليص شعبه. وهناك على جبل الله زار هرون أخاه موسى. إنّ سيناء هي إحدى المحطات الكبرى لبني إسرائيل بين الخروج من مصر وأرض الميعاد (خر 16 :1، 19، 1-2؛ 33 :1-6…). هناك التأمت جماعة الصحراء (خر 19 :7-15؛ تث 4 :10). هناك كلّم الله شعبه (تث 1 :6؛ 4 :15؛ 5 :2). هناك نزل بمجده وسط البروق والرعود والجبل المدخّن. كلّم الله موسى وأراه شيئًا من مجده (خر 33 :18-23)، وأعطاه وصايا لشعبه (خر 20 :1-21)، وعقد عهدًا مع ذبيحة (خر 24 :1 ي). قضى موسى على الجبل 40 يومًا و 40 ليلة (خر 24 :18) بينما ظلّ الشعب في أسفل يعبد العجل الذهبي (خر 32 :1-10). أعطى الله موسى لوحي الوصايا فوضعهما في تابوت العهد (خر 25 :16، 21؛ 40 :20؛ تث 10 :2-5). إنّ الأحداث والشرائع المكتوبة في خر 19-40 ولا 1-27 وعد 1-10 تبدو مرتبطة بسيناء. مثلاً : لقاء موسى ويثرون (خر 18 :5)، إحصاء الشعب (عد 1 :19)، موت ناداب وأليهو (عد 3 :4)، الاحتفال بالفصح (عد 9 :5)، تقريب التقدمات (لا 7 :38) والمحرقات (عد 28 :6). حين أقام الشعب في أرضه صار جبل صهيون (من حيث تأتي الشريعة. إش 2 :3) جبل سيناء الجديد (مز 68 :17-18). وفي نظر بولس يمثّل سيناء العهدَ القديم الذي أُبطل الآن (غل 4 :24-26). ورغم الأحداث والتشريعات، نسي بنو إسرائيل أين يقع حقًّا جبل سيناء. أما جبل موسى حيث يذهب الحجّاج فارتفاعه : 2245 مترًا. 2) شبه جزيرة سنياء هذا على مستوى الكتاب المقدس. ولكننا نودّ أن نتوسّع في كلامنا عن شبه جزيرة سيناء، لا على الجبل فقط، وذلك على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى الطرق. أولاً : الجغرافيا. حسب الاستعمال الحاليّ، جزيرة سيناء هي أوسع ممّا كانت عليه في القديم. وهي تفصل فلسطين عن الدلتا المصريّ. هي جزيرة مساحتها 58000 كلم مربّع. وهي أوسع من الدلتا وقريبة من فلسطين. شكلها شكل مربّع منحرف، طول وجهها الشرقيّ (على خليج العقبة) 220 كلم، والجنوب الغربي 450 كلم منها 300 كلم على خليج السويس و 150 على مدّ المضيق. إذا وضعنا جانبًا منطقة مضيق السويس، تنقسم شبه جزيرة سيناء ثلاث مناطق من الشمال إلى الجنوب. الأولى، السهل الساحليّ الرمليّ، عرضه 20 كلم تقريبًا. الثانية، الهضبة الكلسية، بادية التيه، عمقها 220 كلم. الثالثة، جبل من الغرانيت مثلّث الشكل قاعدته 150 كلم وضلعه 180 كلم على الخليجين. ونبدأ بالحديث عن مضيق السويس. مضيق السويس الذي هو أكثر انخفاضاً من الحدود الشماليّة الشرقية لجزيرة سيناء، قد تطوّر بسبب الرمل الذي تراكم، وبسبب ما تمّ فيه من عمل بشريّ. والطرف المتوسطيّ قد انخفض مترًا واحدًا ونيّف. وما كان في الماضي أرضاً ثابتًا يصل إليه المطر في الشتاء، صار رمالاً متحركة يسهل السير عليها ولا تحمل أي خصب. والمدينة القديمة سين (بيلوسيون اليونانيّة) التي كانت عاصمة منطقة خصبة لم تعد سوى تل منعزل (تل فرامه). في هذه المنطقة، شمالي القنطرة، يجري القنال بين أراضٍ شيدّت عليها الطرقات وسكّة الحديد فاوقفت تلال الوحول. وحول القنطرة نجد منخفضاً آخر لا يقلّ عمقًا، طوله 40 كلم من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي. هو بحيرة بلّه في الخرائط القديمة. ويظنّ علماء الأثار أننا أمام مياه النيل التي كانت تسقي مدينة سيلي (القريبة من القنطرة) وتصل إلى سربونيس. قد يكون هذا طريق حورس (شيحور، يش 13 :3؛ 1أخ 13 :5، الطريق من مصر إلى كنعان). وتصبح الأرض ثابتة حتى الاسماعيليّة، على شاطئ بحيرة التمساح، ثم حتّى البحيرة العظمى، البحيرة المرّة. في أيامنا، تصل إلى الاسماعيليّة قناة مياه حلوة تسقي المدينة والجوار. هذا ما صنعوا في وادي طوميلات الذي كان في الماضي يصب في البحيرة المرّة العظمى. مع المنطقة المائيّة التي تحيط بها (55 في الطول، 5 في العرض)، نحن أمام مدخل مصر من جهة الصحراء. إذا كانت السلطة المركزيّة قوّية، يُدافع عن هذه المنطقة عسكريًا وهي تُستعمل زراعيًا. وفي الحالة المعاكسة، يجعل منها الرعاة مراعي لهم في الصيف، ويستفيدون من الوضع ليتغلغلوا إلى الدلتا. نحن هنا في ارض جاسان التي تذكرها البيبليا. والبحيرتان المرتان صارتا طبقة مائيّة طولها 35 كلم تمرّ فيها القناة التي صارت على مستوى البحر. في الزمن القديم، كانت المياه تجرى في وادي طوميلات فتصل إلى البحر الاحمر وتُحدث المستنقعات. والطريق المائيّة التي تكوّنت بهذا الشكل سلكها ارتحششتا وداريوس ملكا الفرس، ثم البطالسة والرومان، فصارت سالكة بجيوشهم. فربطت البحر بقلب مصر. ونسير إلى جبل عتيقة (أو عتاقه) في الطريق الجنوبيّ، الذي يعلو 871 م عن سطح البحر، ويُشرف على الجوار. وقد يكون هو بعل صافون. على مدّ مضيق السويس وحتى في سربونيس، كانت المياه ترتفع أو تنخفض حسب الضغط الجوي، الآتي من الريح أو الشمس أو المدّ والجزر. أما الموقع البيبلي لعبور البحر (سوف) فلا نستطيع أن نحدّده. ثم نتحدّث عن السهل الساحليّ. فشاطئ البحر المتوسط الصحراوي برمله، قد عرف في الماضي نشاطاً تجاريًا وسياسيًا، ولا سيّمـا في زمن المملكة المصريّة الحديثة والحقبة اليونانيّة والرومانيّة. ننطلق من الشرق ونترك من جهة الشاطئ الفلسطيني، منطقة واسعة مرويّة تسير من عسقلان إلى غزة وتصل إلى رفح. هذا ما تدلّ عليه الحدود الدوليّة اليوم. أما إذا سرنا بعض الشيء نحو الغرب، فنصل إلى وادي العريش الذي تصله بعض المياه خلال السنة. هو “سيل مصر” (كما في البيبليا، عد 34؛ يش 15 :4، 47) الذي شكّل حدود أرض كنعان. ونبتعد 30 كلم فتنفتح بحيرة شاطئيّة طولها 80 كلم هي سبخة بردويل (بحيرة سربونيس كما يقول اليونان). كانت في الزمن القديم، تتيح للسفن المسطّحة أن تختبئ من العواصف وتوصل المؤونة إلى مراكز الشاطئ في كل فصول السنة. في منتصف البحيرة الأرضيّة التي تحاذي المنطقة الشاطئيّة، نجد تلّة هي جبل جلس أو راس كسرون. وجد هناك المنقّبون بقايا مدينة يونانيّة ورومانيّة عظيمة، تتجاوب مع ما قيل في القديم عن جبل كاسيوس. فهيكل زوش كان الامتدادَ الطبيعيّ لهيكل فينيقي مكرّس لبعل صافون. أما طرف هذه البحيرة فيصل إلى منطقة مضيق السويس. والمنطقة التالية هي الهضبة الكلسيّة. فالصحراء المركزية (هي في قلب جزيرة سيناء)، بادية التيه، هي هضبة كلسيّة مرتفعة في الجنوب بكتلة من الغرانيت. هناك مرتفعات من 1000م تمتدّ على 100 كلم مع قمّة تصل إلى 1620م. تتوجّه الصخور نحو الجنوب. وفي اتجاه الشمال تنحدر الهضبة بشكل منظّم حتى السهل الساحلي الذي تحيط به مرتفعات متقطّعة. أما الوسط فمنخفض واسع يرتبط بوادي العريش. ويُشرف على الشمال جبال النقب (1035م في هر رمون). في الغرب، تحاذي المضيقَ مرتفعات فيها ثلاثة معابر : ختميّة تجاه اسماعيلية. متلا تجاه السويس. جِدِّي بين الاثنين. نجد هنا منحدرات تلائم الرياح الرطبة الآتية من الشمال الغربي. لا تتلقّى برّية التيه إلاّ قليلاً من المطر حتى في فصل الشتاء، وهذا المطر ينزل سريعًا في الطبقة الكلسية. لهذا تكون المراعي ضئيلة. أما الطرق فما عرفت سوى قوافل صغيرة. ومع ذلك هناك عدّة واحات صغيرة لجأت إليها القوافل بانتظار أن تصبح مراكز عسكريّة وإداريّة. خلال شهرَي الشتاء، يطلع العشب ويطعم صغار القطعان (أي الغنم). وقد ينبت بعض النبات البرّي من أجل الانسان. هذا هو المنّ التي تحدّث عنه التقليدان الالوهيمي والاشتراعي (عد 11 :6؛ 21 :5؛ تث 8 :3). وبعد زمن المطر، يستطيع الانسان أن يتجوّل وسط آبار يسهل فتحها في الوديان الرملية. قبل العصور الحديثة، أقامت هناك ثماني قبائل من البدو تضم بضعة آلاف من السكّان وتقيم في هذه البرّية فتحافظ على صورة نجدها بعض المرات في التوراة. ونصل في النهاية إلى الجبل الغرانيتي. هو يختلف كل الاختلاف عن سائر الجزيرة، فيرتفع بمعدّل 1000م. فوق سطح البحر. وهناك قمم تتعدّى 2000م.، وتمتدّ على طول 80 كلم (من جبل سربال إلى جبل صباغ) وعرض 20 كلم (جبل جدّة العلة حتى جبل موسى). تنفصل هذه السلسلة الجبليّة عن الهضبة الكلسيّة بمنطقة منخفضة نجد فيها الجير والرمل. هي منطقة جافة. لهذا لا تمرّ فيها القوافل. ولكنها غنيّة بمناجم فيروز استغلّها المصريون في المملكة القديمة والمملكة المتوسطة في سرابيط الخادم. أما الجبل فيعرف في قممه المطر والثلج، ويقيم فيه سكّان قليلون يعيشون من تربية المواشي والجنائن المرويّة. ومن نقطة ماء إلى نقطة ماء تنتقل القطعان والقوافل. لا تنفصل هذه المنطقة عن العربيّة السعودية إلاّ بخليج عرضه عشرون كلم تقطعه الطوّافات. في العصور القديمة، تركت قوافل الأنباط وثمود مدوّنات على صخور سيناء الشرقيّة. وقد نستطيع القول إن قبائل مديان مرَّت في هذه الطريق. ثانيًا : الطرق. نستطيع اليوم أن نرسم طرقًا عبر كل جزيرة سيناء. ولكن في العصور القديمة، لم تكن المشكلة في أن نجعل الناس والبهائم يعبرون، بل أن نؤمّن لهم الطعام والماء. لهذا كانت هناك بعض الطرق في التاريخ القديم. (1) الطريق الساحلية. هي “طريق أرض الفلسطيين” (خر 15 :22). لها محطات في المدن. في عدد من الآبار، وتأتيها المونة في البحر. ولكن الممالك تراقبها مراقبة دقيقة. (2) طريق شور. بعد عبور البحر (خر 15 :22)، أخذ موسى هذه الطريق ووصل إلى جوار قادش برنيع (تك 20 :1). واليوم، نجد طريقًا حديثة تنطلق من اسماعيليّة إلى بئر سبع. في أخبار الخروج، نستطيع أن نحدّد حدث السلوى على هذه الطريق أو على التي ذكرناها قبلا : من المعلوم أن طيورًا عديدة من السلوى تطير فوق البحر فتحطّ تعبة لاهثة على الأرض، فيلتقطها البدو بأيديهم. (3) طريق فاران. أشارت البيبليا إلى طريق بواسطة فاران (اليوم : واحه فايران الحلوة، 1مل 11 :18)، عبر الجبال الغرانيتيّة. نجدها اليوم في طريق سياحيّة نراها على الخرائط، وتمرّ 15 كلم إلى شمال سيناء (الذي يعرفه) الحجّاج (جبل موسى) مع تفرعّات على طرفَي شاطئ البحر. هناك إشارات عديدة تدلّ على أن الكتّاب البيبليين تطلّعوا إلى هذه الطريق كطريق الخروج، أقلّه في التدوين الكهنوتي وفي صيغة البنتاتوكس النهائية. إن المن الذي تصوّره الوثيقة الكهنوتية هو نتاج شجرة الأثل التي تنبت في الجبل الجنوبي (خر 16 :14-23؛ عد 11 :7-8). وهناك اتّصل موسى بمديان (خر 3 :1؛ 18 :1؛ عد 10 :29). واسم بحر سوف يجعلنا نتوجّه إلى البحر الاحمر في خط السبعينيّة ويوسيفوس، والعدد الكبير من المحطَّات التي ذكرها عد 33 :16-35 بين سيناء وعصيون جابر. إن الحجّاج المسيحيين الذين كانوا كثرًا في تدوين أخبارهم، ورثوا ما قاله أسلافهم اليهود. لفتوا النظر إلى مشاهد رائعة، فأخفوا ما كانت عليه هذه الأماكن في الأصل.
سيناء:
1) جبل سيناء. واحد من الاسمين (الثاني هو حوريب) اللذين أعطاهما بنو اسرائيل لجبل الله، حيث ظهر يهوه على موسى وقطع عهدًا مع بني إسرائيل. يشتقّ الاسم من العبريّة “سنه” أي العليقة (رج خر 3 :1-12). ولكنه قد يكون أيضاً صفة تتعلّق بعبادة سين في هذا المكان. يجعل التقليد كلّه موقعَ سيناء في جزيرة سيناء (اليوم : بادية التيه) ولكنه منقسم بين جبل سرحال وجبل موسى، وهما قمّتان لسلسلة من الجبال تقع في جنوبيّ غربيّ جزيرة سيناء. لا نستطيع أن نتحقّق من صحة هذا التقليد بواسطة النصوص، لا سيّما وأن الجميع يحسبون حساب الافتراض الذي يقول إنّ الخروج لم يتمّ عبر الجنوب (عبر سيناء) بل عبر الشرق (قادش). ثمّ إن براهين الذين يحدّدون موقع سيناء جنوبيّ خليج العقبة ليست مقنعة. اجتذبت جزيرة سيناء انتباه المصريّين منذ القديم، لأنّهم وجدوا فيها النحاس وغيره (مناجم مغارة سرابيط الخادم). ولهذا ترك فيها المصريّون آثارًا عديدة تدلّ على حضورهم، وبينها كتابات عديدة : بعضها في الحرف الهيروغليفي والبعض الآخر في ما سمّي بداية الأبجديّة. إنها قد تعود إلى القرن 19 أو 18 وهي عمل عمّال مناجم ساميّين (كنعانيين). أما مجموع الكتابات التي اكتشفت فهو 25 كتابة يعود معظمها إلى القرن 15. الأبجديّة كنعانيّة (فينيقيّة)، واللغة كنعانيّة شعبيّة، والنصوص نذور عمّال المناجم. واكتُشفت أيضاً كتابات من بداية الأبجديّة في تل الدوير (لاكيش)، في شكيم، في جازر، في جبيل. حين التقى الربّ بموسى للمرّة الأولى في العليقة الملتهبة (خر 3 :2-4)، كشف عن ذاته وحمَّل موسى مهمّة تخليص شعبه. وهناك على جبل الله زار هرون أخاه موسى. إنّ سيناء هي إحدى المحطات الكبرى لبني إسرائيل بين الخروج من مصر وأرض الميعاد (خر 16 :1، 19، 1-2؛ 33 :1-6…). هناك التأمت جماعة الصحراء (خر 19 :7-15؛ تث 4 :10). هناك كلّم الله شعبه (تث 1 :6؛ 4 :15؛ 5 :2). هناك نزل بمجده وسط البروق والرعود والجبل المدخّن. كلّم الله موسى وأراه شيئًا من مجده (خر 33 :18-23)، وأعطاه وصايا لشعبه (خر 20 :1-21)، وعقد عهدًا مع ذبيحة (خر 24 :1 ي). قضى موسى على الجبل 40 يومًا و 40 ليلة (خر 24 :18) بينما ظلّ الشعب في أسفل يعبد العجل الذهبي (خر 32 :1-10). أعطى الله موسى لوحي الوصايا فوضعهما في تابوت العهد (خر 25 :16، 21؛ 40 :20؛ تث 10 :2-5). إنّ الأحداث والشرائع المكتوبة في خر 19-40 ولا 1-27 وعد 1-10 تبدو مرتبطة بسيناء. مثلاً : لقاء موسى ويثرون (خر 18 :5)، إحصاء الشعب (عد 1 :19)، موت ناداب وأليهو (عد 3 :4)، الاحتفال بالفصح (عد 9 :5)، تقريب التقدمات (لا 7 :38) والمحرقات (عد 28 :6). حين أقام الشعب في أرضه صار جبل صهيون (من حيث تأتي الشريعة. إش 2 :3) جبل سيناء الجديد (مز 68 :17-18). وفي نظر بولس يمثّل سيناء العهدَ القديم الذي أُبطل الآن (غل 4 :24-26). ورغم الأحداث والتشريعات، نسي بنو إسرائيل أين يقع حقًّا جبل سيناء. أما جبل موسى حيث يذهب الحجّاج فارتفاعه : 2245 مترًا. 2) شبه جزيرة سنياء هذا على مستوى الكتاب المقدس. ولكننا نودّ أن نتوسّع في كلامنا عن شبه جزيرة سيناء، لا على الجبل فقط، وذلك على مستوى الجغرافيا وعلى مستوى الطرق. أولاً : الجغرافيا. حسب الاستعمال الحاليّ، جزيرة سيناء هي أوسع ممّا كانت عليه في القديم. وهي تفصل فلسطين عن الدلتا المصريّ. هي جزيرة مساحتها 58000 كلم مربّع. وهي أوسع من الدلتا وقريبة من فلسطين. شكلها شكل مربّع منحرف، طول وجهها الشرقيّ (على خليج العقبة) 220 كلم، والجنوب الغربي 450 كلم منها 300 كلم على خليج السويس و 150 على مدّ المضيق. إذا وضعنا جانبًا منطقة مضيق السويس، تنقسم شبه جزيرة سيناء ثلاث مناطق من الشمال إلى الجنوب. الأولى، السهل الساحليّ الرمليّ، عرضه 20 كلم تقريبًا. الثانية، الهضبة الكلسية، بادية التيه، عمقها 220 كلم. الثالثة، جبل من الغرانيت مثلّث الشكل قاعدته 150 كلم وضلعه 180 كلم على الخليجين. ونبدأ بالحديث عن مضيق السويس. مضيق السويس الذي هو أكثر انخفاضاً من الحدود الشماليّة الشرقية لجزيرة سيناء، قد تطوّر بسبب الرمل الذي تراكم، وبسبب ما تمّ فيه من عمل بشريّ. والطرف المتوسطيّ قد انخفض مترًا واحدًا ونيّف. وما كان في الماضي أرضاً ثابتًا يصل إليه المطر في الشتاء، صار رمالاً متحركة يسهل السير عليها ولا تحمل أي خصب. والمدينة القديمة سين (بيلوسيون اليونانيّة) التي كانت عاصمة منطقة خصبة لم تعد سوى تل منعزل (تل فرامه). في هذه المنطقة، شمالي القنطرة، يجري القنال بين أراضٍ شيدّت عليها الطرقات وسكّة الحديد فاوقفت تلال الوحول. وحول القنطرة نجد منخفضاً آخر لا يقلّ عمقًا، طوله 40 كلم من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي. هو بحيرة بلّه في الخرائط القديمة. ويظنّ علماء الأثار أننا أمام مياه النيل التي كانت تسقي مدينة سيلي (القريبة من القنطرة) وتصل إلى سربونيس. قد يكون هذا طريق حورس (شيحور، يش 13 :3؛ 1أخ 13 :5، الطريق من مصر إلى كنعان). وتصبح الأرض ثابتة حتى الاسماعيليّة، على شاطئ بحيرة التمساح، ثم حتّى البحيرة العظمى، البحيرة المرّة. في أيامنا، تصل إلى الاسماعيليّة قناة مياه حلوة تسقي المدينة والجوار. هذا ما صنعوا في وادي طوميلات الذي كان في الماضي يصب في البحيرة المرّة العظمى. مع المنطقة المائيّة التي تحيط بها (55 في الطول، 5 في العرض)، نحن أمام مدخل مصر من جهة الصحراء. إذا كانت السلطة المركزيّة قوّية، يُدافع عن هذه المنطقة عسكريًا وهي تُستعمل زراعيًا. وفي الحالة المعاكسة، يجعل منها الرعاة مراعي لهم في الصيف، ويستفيدون من الوضع ليتغلغلوا إلى الدلتا. نحن هنا في ارض جاسان التي تذكرها البيبليا. والبحيرتان المرتان صارتا طبقة مائيّة طولها 35 كلم تمرّ فيها القناة التي صارت على مستوى البحر. في الزمن القديم، كانت المياه تجرى في وادي طوميلات فتصل إلى البحر الاحمر وتُحدث المستنقعات. والطريق المائيّة التي تكوّنت بهذا الشكل سلكها ارتحششتا وداريوس ملكا الفرس، ثم البطالسة والرومان، فصارت سالكة بجيوشهم. فربطت البحر بقلب مصر. ونسير إلى جبل عتيقة (أو عتاقه) في الطريق الجنوبيّ، الذي يعلو 871 م عن سطح البحر، ويُشرف على الجوار. وقد يكون هو بعل صافون. على مدّ مضيق السويس وحتى في سربونيس، كانت المياه ترتفع أو تنخفض حسب الضغط الجوي، الآتي من الريح أو الشمس أو المدّ والجزر. أما الموقع البيبلي لعبور البحر (سوف) فلا نستطيع أن نحدّده. ثم نتحدّث عن السهل الساحليّ. فشاطئ البحر المتوسط الصحراوي برمله، قد عرف في الماضي نشاطاً تجاريًا وسياسيًا، ولا سيّمـا في زمن المملكة المصريّة الحديثة والحقبة اليونانيّة والرومانيّة. ننطلق من الشرق ونترك من جهة الشاطئ الفلسطيني، منطقة واسعة مرويّة تسير من عسقلان إلى غزة وتصل إلى رفح. هذا ما تدلّ عليه الحدود الدوليّة اليوم. أما إذا سرنا بعض الشيء نحو الغرب، فنصل إلى وادي العريش الذي تصله بعض المياه خلال السنة. هو “سيل مصر” (كما في البيبليا، عد 34؛ يش 15 :4، 47) الذي شكّل حدود أرض كنعان. ونبتعد 30 كلم فتنفتح بحيرة شاطئيّة طولها 80 كلم هي سبخة بردويل (بحيرة سربونيس كما يقول اليونان). كانت في الزمن القديم، تتيح للسفن المسطّحة أن تختبئ من العواصف وتوصل المؤونة إلى مراكز الشاطئ في كل فصول السنة. في منتصف البحيرة الأرضيّة التي تحاذي المنطقة الشاطئيّة، نجد تلّة هي جبل جلس أو راس كسرون. وجد هناك المنقّبون بقايا مدينة يونانيّة ورومانيّة عظيمة، تتجاوب مع ما قيل في القديم عن جبل كاسيوس. فهيكل زوش كان الامتدادَ الطبيعيّ لهيكل فينيقي مكرّس لبعل صافون. أما طرف هذه البحيرة فيصل إلى منطقة مضيق السويس. والمنطقة التالية هي الهضبة الكلسيّة. فالصحراء المركزية (هي في قلب جزيرة سيناء)، بادية التيه، هي هضبة كلسيّة مرتفعة في الجنوب بكتلة من الغرانيت. هناك مرتفعات من 1000م تمتدّ على 100 كلم مع قمّة تصل إلى 1620م. تتوجّه الصخور نحو الجنوب. وفي اتجاه الشمال تنحدر الهضبة بشكل منظّم حتى السهل الساحلي الذي تحيط به مرتفعات متقطّعة. أما الوسط فمنخفض واسع يرتبط بوادي العريش. ويُشرف على الشمال جبال النقب (1035م في هر رمون). في الغرب، تحاذي المضيقَ مرتفعات فيها ثلاثة معابر : ختميّة تجاه اسماعيلية. متلا تجاه السويس. جِدِّي بين الاثنين. نجد هنا منحدرات تلائم الرياح الرطبة الآتية من الشمال الغربي. لا تتلقّى برّية التيه إلاّ قليلاً من المطر حتى في فصل الشتاء، وهذا المطر ينزل سريعًا في الطبقة الكلسية. لهذا تكون المراعي ضئيلة. أما الطرق فما عرفت سوى قوافل صغيرة. ومع ذلك هناك عدّة واحات صغيرة لجأت إليها القوافل بانتظار أن تصبح مراكز عسكريّة وإداريّة. خلال شهرَي الشتاء، يطلع العشب ويطعم صغار القطعان (أي الغنم). وقد ينبت بعض النبات البرّي من أجل الانسان. هذا هو المنّ التي تحدّث عنه التقليدان الالوهيمي والاشتراعي (عد 11 :6؛ 21 :5؛ تث 8 :3). وبعد زمن المطر، يستطيع الانسان أن يتجوّل وسط آبار يسهل فتحها في الوديان الرملية. قبل العصور الحديثة، أقامت هناك ثماني قبائل من البدو تضم بضعة آلاف من السكّان وتقيم في هذه البرّية فتحافظ على صورة نجدها بعض المرات في التوراة. ونصل في النهاية إلى الجبل الغرانيتي. هو يختلف كل الاختلاف عن سائر الجزيرة، فيرتفع بمعدّل 1000م. فوق سطح البحر. وهناك قمم تتعدّى 2000م.، وتمتدّ على طول 80 كلم (من جبل سربال إلى جبل صباغ) وعرض 20 كلم (جبل جدّة العلة حتى جبل موسى). تنفصل هذه السلسلة الجبليّة عن الهضبة الكلسيّة بمنطقة منخفضة نجد فيها الجير والرمل. هي منطقة جافة. لهذا لا تمرّ فيها القوافل. ولكنها غنيّة بمناجم فيروز استغلّها المصريون في المملكة القديمة والمملكة المتوسطة في سرابيط الخادم. أما الجبل فيعرف في قممه المطر والثلج، ويقيم فيه سكّان قليلون يعيشون من تربية المواشي والجنائن المرويّة. ومن نقطة ماء إلى نقطة ماء تنتقل القطعان والقوافل. لا تنفصل هذه المنطقة عن العربيّة السعودية إلاّ بخليج عرضه عشرون كلم تقطعه الطوّافات. في العصور القديمة، تركت قوافل الأنباط وثمود مدوّنات على صخور سيناء الشرقيّة. وقد نستطيع القول إن قبائل مديان مرَّت في هذه الطريق. ثانيًا : الطرق. نستطيع اليوم أن نرسم طرقًا عبر كل جزيرة سيناء. ولكن في العصور القديمة، لم تكن المشكلة في أن نجعل الناس والبهائم يعبرون، بل أن نؤمّن لهم الطعام والماء. لهذا كانت هناك بعض الطرق في التاريخ القديم. (1) الطريق الساحلية. هي “طريق أرض الفلسطيين” (خر 15 :22). لها محطات في المدن. في عدد من الآبار، وتأتيها المونة في البحر. ولكن الممالك تراقبها مراقبة دقيقة. (2) طريق شور. بعد عبور البحر (خر 15 :22)، أخذ موسى هذه الطريق ووصل إلى جوار قادش برنيع (تك 20 :1). واليوم، نجد طريقًا حديثة تنطلق من اسماعيليّة إلى بئر سبع. في أخبار الخروج، نستطيع أن نحدّد حدث السلوى على هذه الطريق أو على التي ذكرناها قبلا : من المعلوم أن طيورًا عديدة من السلوى تطير فوق البحر فتحطّ تعبة لاهثة على الأرض، فيلتقطها البدو بأيديهم. (3) طريق فاران. أشارت البيبليا إلى طريق بواسطة فاران (اليوم : واحه فايران الحلوة، 1مل 11 :18)، عبر الجبال الغرانيتيّة. نجدها اليوم في طريق سياحيّة نراها على الخرائط، وتمرّ 15 كلم إلى شمال سيناء (الذي يعرفه) الحجّاج (جبل موسى) مع تفرعّات على طرفَي شاطئ البحر. هناك إشارات عديدة تدلّ على أن الكتّاب البيبليين تطلّعوا إلى هذه الطريق كطريق الخروج، أقلّه في التدوين الكهنوتي وفي صيغة البنتاتوكس النهائية. إن المن الذي تصوّره الوثيقة الكهنوتية هو نتاج شجرة الأثل التي تنبت في الجبل الجنوبي (خر 16 :14-23؛ عد 11 :7-8). وهناك اتّصل موسى بمديان (خر 3 :1؛ 18 :1؛ عد 10 :29). واسم بحر سوف يجعلنا نتوجّه إلى البحر الاحمر في خط السبعينيّة ويوسيفوس، والعدد الكبير من المحطَّات التي ذكرها عد 33 :16-35 بين سيناء وعصيون جابر. إن الحجّاج المسيحيين الذين كانوا كثرًا في تدوين أخبارهم، ورثوا ما قاله أسلافهم اليهود. لفتوا النظر إلى مشاهد رائعة، فأخفوا ما كانت عليه هذه الأماكن في الأصل.
صوعن:
في العبريّة : صوعن. في المصريّة : دعنت. في الشعبيّة اللاتينيّة : تانيس. مدينة في دلتا النيل الشرقيّة. يذكرها عد 13 :22 (بُنيت حبرون قبل صوعن) وإش 19 :11 (امرأة صوعن وحكماء مصر)، 13 (أمراء صوعن وأمراء نوف ممفيس)، حز 30 :14 (صوعن ونو طيبة). يذكر مز 78 :12 سهل صوعن مع أرض مصر. رج آ43. في السبعينيّة : تانيس. هي اليوم : صان الحجر على بحيرة منزلة. بدأت الحفريّات فيها منذ سنة 1929، فاكتشفت في المكان افاريس عاصمة الهكسوس الشهيرة، وفي رعمسيس عاصمةَ سلالة الرعمسيسيّين. واكتشف العلماء أيضاً مدفن الفرعون بسوسانيس الأوّل (حوالي 1000 ق.م.). ونتوقّف بشكل خاص عند التاريخ. نجد أقدم ذكر لصوعن في مغامرات وان أمون التي تعود إلى حكم رعمسيس الحادي عشر (1098-1070). هناك تفاصيل في الخبر تدلّ على أنّ التأليف تمّ سنة 1050-1025، ساعة تقاسم ملوك صوعن والكهنة السلطة في مصر. وفي الواقع، عادت الحفريات إلى بسوسانيس الأول الذي أسّس المدينة. هذه المدينة صارت عاصمة السلالة 21 (1070-945) وظلّت مركزًا ملكيًّا في أيام السلالات التالية. إن كان عد 13 :22 قد لاحظ أن حبرون تأسّست قبل صوعن بسبع سنوات، فهو يشير إلى سبع سنوات ملك داود في حبرون (1مل 2 :11؛ 1أخ 29 :27) ويمزجها بفكرة تقول إنّ بداية حكم سلالة داود في أورشليم يتوافق مع تأسيس السلالة 21 في مصر. كانت هناك علاقات بين أورشليم وصوعن، إن لم يكن في عهد داود (استقبل ملك صوعن عنده الأمير هدد الأدومي، 1مل 11 :14-22)، ففي بداية عهد سليمان. فإنّ سليمان تزوّج ابنة فرعون (1مل 3 :1؛ 7 :8؛ 9 :24؛ 2أخ 8 :11) الذي قدّم له كمهر العرس، مدينة جازر التي أخذها من الفلسطيّين (1مل 9 :16). إذا حدّدنا بداية مُلك سليمان سنة 965، فهذا الفرعون هو سيامون (978-959). ولكن إن جعلنا حكم سليمان يبدأ سنة 955، نكون أمام آخر ملوك صوعن، بسوسانيس الثاني (959-945) حميّ سليمان. ولكن يبقى أن سيامون هو الذي احتلّ جازر. وما يدلّ على ذلك جدرانيّة وُجدت في صوعن تصوّر الملك سيامون يقتل عدوًا يحمل فأسًا تجعلنا في إطار الفلسطيّين الذين جاؤوا من بحر إيجه. لقد تدخّل ملوك صوعن في آسيا رغم ضعف مواردهم. والفضّة واللازورد اللذان وُجدا في المدافن الملكيّة (وُجد مدفن بسوسانيس سالمًا سنة 1940) يدلاّن على نشاط سياسيّ وتجاريّ مع الفينيقيّين بشكل خاص. وسفر وان أمون من صوعن إلى دور و صور و جبيل تدلّ على ذلك. والدليل على ذلك، إهداء فينيقيّ لأمون حُفر سنة 1000 على كأس وُجدت في قبر قرب كنوسوس في كريت. إنّ بسوسانيس الثاني، خلف سيامون، استطاع أن يقاوم الليبيّين الذين أقاموا في فيباست (بوبستيس، تل بستا، قرب الزقازيق) وحانيس. سنة 945، جاء شيشانق الأول، رئيس الليبيّين، وأزاح السلالة الصوعنيّة، وأقام في صوعن. فأسّس السلالة 22 المصريّة. قدّم الحماية واللجوء للذي سيُصبح يربعام الأول، ملك اسرائيل (1مل 11 :40). وفي نهاية حكمه، اجتاح فلسطين، وسار على أورشليم، فتسلّم كنوز الهيكل والقصر الملكيّ (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-9). ووصل إلى الجليل تاركًا في مجدّو مسلّة حفر عليها اسمه، وأعاد جبيل إلى حضن مصر (نشو 242-243؛ حشو 349) إنّ “بلاد (بقعة) صوعن” التي صارت عاصمة مصر كلّها، ظهرت في مز 78 :12، 43، المنطقة التي فيها أجرى الله معجزاته ساعة خروج العبرانيّين من مصر (خر 7-14). وعبارة “حقول صوعن” هي ترجمة عبارة مصريّة تعني “حقول صوعن” ومستنقعاتها مع القصب. هي منطقة منزلة الحاليّة التي اجتاحتها المياه اليوم. إنّ الإشارة إلى صوعن في مز 78 هي أقدم محاولة لتحديد موضع أحداث الخروج، وهي تعود إلى القرن 10 أو 9. في منتصف القرن 9، سيطرت الفوضى في أرض مصر، وفقدت صوعن عظمتها كعاصمة فرعون الحقيقيّة. في ذلك الوقت، أي حوالى سنة 900، نضع خبر يوسف في مصر (تك 39-50) الذي يقدّم بشكل حكاية أحداث يربعام الافرايمي، ويستعمل أسماء مصريّة مثل فوطيفار أو فوطيفارع وأسنات وصفنات فعنيح التي ظهرت مع السلالة 22. ولمّح إش 19 :11، 13 إلى الفوضى التي سيطرت سنة 853 فقال : “ما أغبى امراء صوعن”. وجمعهم مع “أمراء نوف” (ممفيس) و”وزعماء الشعب” (19 :13). فدلّ هكذا على تفتّت مصر التي لا تستطيع أن تقاوم أشورية رغم بدايات المملكة الكوشيّة. ولمّح إش 30 :4 أيضاً إلى وفد أرسل من أورشليم إلى صوعن، وإلى وفد آخر أرسل إلى حانيس. ورغم قساوة الأيام، عرفت صوعن أيضاً حقبة ازدهار ولا سيّمَا في الحقبة السائيّة. لهذا، يجعلها حز 30 :14 بين المدن التي يهدّدها العقاب الإلهيّ والتي بدأت طلائعه في هجمة نبوخذنصر الثاني سنة 568 (رج يه 1 :10). ومع ذلك، ظلّت المدينة مزدهرة حتّى الحقبة الرومانيّة.
صين:
بريّة بين قادش ومضيق العقارب. سمّيت أيضاً : بريّة قادش (عد 13 :21؛ 27 :14؛ 33 :36؛ 34 : 4؛ تث 32 :51؛ يش 15 :3؛ مز 29 :8).
عمون:
عمونيون قبيلة أموريّة أقامت في القرن الثاني عشر ق.م. على حدود بلقاء الحاليّة قرب مجرى يبوق العالي. طردوا أو أفنوا سكان البلاد الإصليّين (رفايم. أو سمّاهم العمونيّون زمزميم : تث 2 :20). كانت ربّة عاصمة العمونيّين. وهناك خبر شعبيّ يجعلهم يتحدّرون من بن عمي وبالتالي من لوط. وهذا يدلّ على أصلهم الأرامي. كانت حروب (تك 19 :30-38) بين العمونيّين والإسرائيليّين في أيام القضاة (قض 3 :13 : حالفوا عجلون ملك موآب، قض 10 :6-9؛ 11 :1-12 :4 : قهرهم يفتاح) وشاول (1صم 11 :1-11 : ناحاش العموني هاجم يابيش جلعاد) وداود (2صم 10 :1-11؛ 12 :26-31 : أساؤوا معاملة رسل داود فاحتلّ ربة). ومع أن داود اعتمر تاج عمون (2صم 12 :30)، لا نستطيع أن نقول إن العمونيّين خضعوا له. ثمّ إنّه ليس بأكيد أن العمونيّين اجتاحوا أرض يهوذا في أيام الملك يوشافاط (2أخ 20 :1-30). إلاّ أنّهم دفعوا الجزية لعزريا (2أخ 26 :8) ويوثام (2أخ 27 :5). بعد هذا، سقط العمونيّون (بيت عماني كما في النصوص الأشوريّة) في يد الأشوريّين. يخبرنا نص شلمنأسر الثالث عن ملك عموني (بعسا ابن روحوبي) غُلب سنة 548. ثمّ ان تغلت فلاسر الثالث (745-726) قبلَ الجزية من الملك العموني شنيفو. وأسرحدون (681-668) من فودوايلو، وأشور بانيبال (668-625) من عمندبي (مذكور على ختمين). إذاً كان للعمونيّين سلالة ملكيّة وقد خضعوا لأشور ثمّ لبابل في أيام المملكة البابليّة الجديدة. وبناءً على طلبها هاجموا يوياقيم (2مل 24 :2). وبعد دمار أورشليم، أرسل الملكُ العموني بعليسَ اسماعيل ودفع له المال ليقتل جدليا الحاكم اليهوديّ (إر 40 :14؛ 41 :1ي). بعد هذا صار العمونيّون، مثل يهوذا، مقاطعة في المملكة الفارسيّة. وامتدّت أرضها إلى الغرب حتى الأردن. وبعد الفرس خضع العمونيّون للملوك الهلينيّين. ويذكر 1مك 5 :1-3 صراعًا بين عمون ويهوذا المكابي (تحالفوا مع السامريّين، ولكن يهوذا قهرهم : 1مك 5 :1-7). وفي سنة 64 ق.م. كانت عمون تحت سلطة الرومان، بعد أن حكمهم ملك ظالم هو زينون كوتيلاس. قال الأنبياء خطبًا عديدة يهدّدون فيها عمون : عا 1 :13-15؛ صف 2 :8-11؛ إر 9 :25؛ 49 :1-6؛ حز 21 :33-37؛ 25 :1-7. لم نجد وثائق عمونيّة مكتوبة. ولكن أسماء العلم المحفوظة في النصوص الأشوريّة تبيّن أن اللغة العمونيّة قريبة من الكنعانيّة (والعبريّة) مع انتمائها إلى المجموعة الأراميّة (نعرف اللغة الموآبيّة من نصب ميشع). أما الإله الوطني فهو مولخ ( ملكوم. رج ملك) الذي بنى له سليمان مذبحًا على المشارف (كما كان للموآبيّين الاله كموش : 1مل 11 :7؛ لا 18 : 21؛ 20 :2-5؛ 2صم 12 :30). كان مولخ إلهًا رهيبًا وكانوا يذبحون له الأولاد (2مل 16 :3؛ 17 :17؛ 21 :6). نشير إلى أن عاصمتهم ربة صارت فيلدلفية إكرامًا لبطليموس فيلدلفوس. بعد القرن الثالث ق.م. زال العمونيّون من التاريخ وانضمّوا إلى البدو المقيمين في الصحراء، في شرقيّ الأردن. بعد هذه النظرة السريعة التي استندت بشكل خاص إلى الكتاب المقدس، نتوسّع في ثلاثة أمور : الجغرافيا، التاريخ، الحضارة. 1) الجغرافيا أو الشعب والأرض. كان العمونيون قبيلة من أصل أموريّ (عد 21 :21 -32؛ رج قض 11 :13) أقاموا في ما يسمّى الاردن الحاليّ. ونحن نجد المواد الاركيولوجيّة في عمان، المقبلين. سحاب، خربة الحجّار، تل سيران، تل العميري، ثم تل حشبان (حشبون) في الجنوب الذي يبعد 26 كلم إلى الجنوب الغربيّ من عمّان، ثم البقيعة الاردنيّة التي تقع شماليّ غربيّ عمّان. وأخيرًا في الغور : دير علا، تل المزار، تل السعِيدية. إن اسم عمون يرتبط باسم المكان “عمّان” الذي نجده في “كتاب” الاسمائيات الاموريّ والذي احتفظت به عمّان عاصمة الاردن الحالي. العمونيون هم “بنو عمّون” وقد أقاموا في أرض البلقاء الخصبة، التي كانت في الوقت عينه منطقة مرور. فإن ربة، العاصمة العمونيّة “ر ب ت. ب ن ي. ع م و ن” (تث 3 :11؛ 2صم 12 :26؛ 17 :27؛ إر 49 :2؛ حز 25 :5) أو ” ر ب ت. ع م ا ن ا” كما في بردية زينون، بوليبيوس 5 :71؛ اسطفانس البيزنطي (عمّان الحالية)، كانت مركز تجارة تمرّ فيها القوافل، مع نبع ماء معروف منذ القدم. وكانت تلتقي فيها طريقان قديمتان : “الطريق الملكية” و “طريق القوافل” (قض 8 :11) التي تأتي من بلاد الرافدين الجنوبيّة ومن عرابية الشمالية الشرقية، فتمرّ في واحة الجوف (دوما) ووادي سرحان، وتتواصل من عمّان إلى الغرب باتجاه أريحا وأورشليم. إن هذا الموقع على ملتقى الطرق التجاريّ جعل من عمّان مورد ربح هام وغنى كبير (رج 2صم 12 :30؛ 1أخ 20 :2). وفي الوقت عينه ترك المنطقة مفتوحة لجميع العابرين. لهذا، أحيطت أرض عمون في القرن 7-6 بسلسلة من الحصون شُيّدت الواحد تجاه الآخر. وبين الحصون العديدة الموجودة حول عمّان (قيل أنها تعود إلى عصر الحديد) هناك ثلاثة في رجم الملفوف الجنوبي، ورجم المَخيزين، وخربة الحجّار. هي تعود بلا شكّ إلى القرن 7-6. هذا يفترض ان سائر الحصون (أو : الابراج) المدوَّرة أو المربّعة تعود إلى الزمن نفسه، هذا مع العلم أن التأريخ الروماني لبرج الملفوف الشمالي يدلّ على أن هذه الطريقة في الدفاع ظلّت ثابتة على مدّ العصور. 2) التاريخ. ما زلنا نجهل الكثير من تاريخ العمونيّين بسبب غياب المراجع الاكيدة. فانتقالهم إلى حياة الحضر يرتبط بمسألة القبائل الاسرائيلية (رأوبين، جاد). فقبيلة رأويين كانت موجودة في زمن دبّورة (قض 5 :15-16)، ولكنها تفكّكت بعد ذلك الوقت بقليل (1أخ 5 :10)، وما احتلّت إلاّ الغور الغربي في منطقة أريحا. أما المنطقة الأولانية التي أقامت فيها قبيلة جاد (أرض يعزير، عد 32 :1؛ 2صم 2 :5، المحصورة بين ممتلكات عمون) فقد صارت للعمونيين (إر 49 :1-5) في نهاية القرن 8، ساعة دخلوا إلى جلعاد (عا 2 :13-15). منذ الحقبات الأول لانتقالهم إلى حياة الحضر، في القرن 9 تقريبًا، حاولوا الامتداد إلى شمال يبّوق في جلعاد، فكان قتال يشير إليه قض 10 :7-11 :33؛ 1صم 11 :1-11. وحاول العمونيون أيضاً أن يمتدّوا نحو الجنوب. إن حشبون (26 كلم إلى الجنوب الغربي من عمّان) كانت في القرن 7-6 مدينة عمونيّة أخذ منها عد 21 :27-30 نشيد انتصار قديمًا ينشد انتصار الحشبونيّين على الموآبيّين. قد يكون هذا النشيد سابقًا لمسلّة ميشع، ملك موآب، فيعود إلى القرن 9، وقبل حكم سلالة عمري في مملكة اسرائيل. أما حملات داود على عمون، فالسبب الحقيقيّ ليس المعاملة السيّئة لوفده على يد حنون بن ناحاش، ملك العمونيين (2صم 10 :1-5؛ 1أخ 19 :1-5)، بل الرغبة في الاستيلاء على ميدبا (1أخ 19 :7؛ رج 2صم 10 :6-14؛ 1أخ 19 :7-15)، وربّة عاصمة عمّون (2صم 11 :1؛ 12 :26-31؛ 1أخ 20 :1-3) التي كانت تسيطر على الطرق التجاريّة ولا سيّما “الطريق الملكيّة”. إن احتلال أرض عمون بيد داود، فرض على السكّان السخرة. ولكن هذا الاحتلال كان موقتا (2صم 12 :31؛ 1أخ 20 :13). لا شك في ان سليمان تزوّج نساء عمونيات (1مل 11 :1-7)، وكانت أم رحبعام أميرة عمونيّة (1مل 14 :21). غير أن هذه الزواجات تدلّ فقط على علاقات طيّبة بين بلدين مجاورين. ويمكن أن يكون نعمة العمونية (1مل 14 :21) بنت “شوبي بن ناحاش من مدينة ربّة عاصمة بني عمون” (2صم 17 :27) الذي جاء يسلّم على داود في محنائيم خلال ثورة أبشالوم. ونستطيع أن نفترض، دون براهين مباشرة، أن داود سلّمه التاج العموني. إذا وضعنا جانبًا سيحون الحشبوني الذي ملك في بداية القرن 9 (عد 21 :21-32)، يجب أن ننتظر القرن 8 لنجد في مراجعنا ملكًا عمونيًا. إن الظلام الذي يلفّ هذه الحقبة، يرتبط بسيطرة بني عمري وياهو على هذه المنطقة. أما أول ذكر لملك عمونيّ في الوثائق الأكادية، فيتوافق مع نهاية مملكة السامرة. نعرف ان الملك شنيفو دفع الجزية لتغلت فلاسر الثاني سنة 729-728. ونجد اسم هذا الملك على تمثال حفيده : “تمثال يريح عازر، بن زكور، بن شنيفو”. ولكن يريح عازر لم يكن خلف شنيفو، لأن العرش العموني بين سنة 701 وسنة 677، كان في يد فودوإيلو الذي نعرفه بفضل ختم أحد وزرائه (ف د إ ل ) ومدوّنات سنحاريب واسرحدون (فودوايل). أما خلفه فكان عميناداب الأول (عمنيدبي) الذي عُرف أيضاً في أختام وزرائه (ع م ن د ب) ومدوّنات أشور بانيبال (عم – مي – نا – اد – بي) الذي دفع له الجزية سنة 667. وقد يكون ذُكر عميناداب هذا في نش 6 :12 (إذا اعتبرنا الكلمة العبريّة اسم علم) الذي يدلّ على غنى القصر العمونيّ في ذلك الوقت. وسمِّي أيضاً على قنينة شهيرة في تل سيران تعود إلى سنة 600 تقريبًا، مع أن تحليل الكربون 14 يعود بنا إلى سنة 400. إن المدوّنة المحفورة على هذه القنينة البرونزيّة تذكر ثلاثة ملوك عمونيين : عميناداب الأول، حصّيل ايل، عميناداب الثاني (حكموا حول سنة 600 ق.م.). وقد نجد اسم الملك عميناداب في مدوّنة ناقصة في مسرح عمان. “عميناداب ملك بني عمون”. وهكذا نكون أمام اسم المُهدي العموني لختم قدّم لعشتار، إلاهة صيدون. فالملك العمونيّ الذي أرسل وفدًا إلى أورشليم سنة 594 (إر 27 :3) قد يكون بعليس الذي قتل جدليا (إر 40 :14). وهو يُعرف في كتابة وُجدت في تل العميري (ب ع ل ي ش). إن سبب هذا الاغتيال (إر 40 :14)، يرتبط بسياسة الملك العموني المعادية لبابل (إر 41 :3، 18). وهذا ما ينعكس أيضاً في قول حز 21 :24-27، حيث نعرف أن صدقيا، ملك يهوذا، حاول أن يلتجئ إلى العمونيين (2مل 25 :5)، وأن العمونيين استقبلوا لاجئين يهوذاويّين (إر 40 :11-12). حسب فلافيوس يوسيفوس (العاديات 10 :181-182)، تغلّب نبوخذنصر الثاني على العمونيين والموآبيين سنة 582-581 وهي السنة التي سُبي فيها يهوذاويون آخرون حسب إر 52 :30. يجب أن نجعل قول حز 25 :1-7 قبل هذا التاريخ. وهذا يعني أن العاصمة العمونيّة لم تكن بعد هُوجمت على يد البابليين (اوستراكة حشبونية، 4 :1، يُذكر فيها ملك). ماذا بعد هذا من التاريخ العموني؟ هذا ما نجهله. ولكن عندما عادت مجموعة جديدة من اليهوذاويين من بابل، وأرادت أن تعيد بناء أسوار أورشليم، قاوم نحميا مؤامرة “طوبيا العبد (الوزير) العموني” (نح 2 :10، 19؛ 3 :35؛ 4 :1؛ 6 :1، 12-19؛ 13 :14-18) ومنع زواج اليهود مع النساء العمونيات (نح 13 :23). حصل هذا سنة 445 أو 385، أي بعد السنة العشرين لحكم ارتحششتا الأول أو الثاني (نح 2 :10). ولقب “العبد العموني” الذي أعطي لطوبيا يدلّ على أن أرض عمون كان يحكمها حاكم من عائلة طوبيا المحلّية. ففي زمن بطليموس الثاني فيلدلفوس (282-246) الذي سمّى عمّان باسم فيلدلفية، تذكر برديات زينون طوبيا آخر حكم في “مدينة العمونيين القويّة”. هذا الاسم الواحد يدلّ على تواصل في سلالة حكّام أرض عمون في القرن 4-3. وحين برزت مرّة أخرى مقاومة العمونيين لليهود في عهد يهوذا المكابيّ، كان على رأسهم قائد اسمه تيموثاوس (1مك 5 :6). وكانت نتيجة هذا الصراع ضم المناطق الغربية لأرض عمون إلى المملكة الحشمونيّة (1مك 5 :7، شكلت البيريه). في سنة 134 تقريبًا كان زينون كوتيلاس حاكمًا في عمّان (يوسيفوس، العاديات 13 :235؛ الحرب 1 :60). وخلفه ابنه تيودورس (العاديات 13 :356؛ الحرب 1 :86). بعد الاحتلال الروماني للمنطقة سنة 63 ق.م.، ضُمَّت العاصمة العمونيّة إلى ديكابوليس أو المدن العشر. سنة 66 ب.م.، عارض سكّان “فيلدلفية” يهود البيريه. وسنة 106، ضُمت المدينة والمنطقة إلى مقاطعة عرابية الرومانيّة. ويقول القديس يوستينوس (حوار مع تريفون 119) الذي عاش في القرن الثاني ب.م.، إن الشعب العمونيّ كان بعد كبيرًا في أيامه. 3) الحضارة والدين. تتميّز الحضارة العمونيّة بوجود مركز مديني محصّن ومنطقة زراعيّة واسعة (2أخ 27 :5). لا نعرف سماتِها المميّزة بسبب غياب الوثائق الكثيرة المكتوبة التي تعود إلى العمونيين. هي تتوزّع بين القرن 9 والقرن 5 ق.م.، بانتظار المدوّنات الهلنستية واليونانيّة. دُوّنت معظم الوثائق القديمة في اللغة العمونيّة وهي لغة قريبة من الفينيقيّة والعبريّة. وُجدت هذه الوثائق في عمّان، حشبون، تل المزار، كما وجدت في كلح، في أشورية، حيث قدّم موقع نمرود اوستراكة عمونيّة تعود إلى القرن السابع. ودوّنت كتابات في لهجة أراميّة : نص على الجفصين في دير علا، يعود إلى القرن 8. واوستراكات وُجدت في حشبون. ملكوم هو الاله العموني العظيم. نجد اسمه في التوراة وعلى مدوّنة تعود إلى القرن 9 وقد وُجدت في قلعة عمّان. هو ملك إلهي تماهى مع هرقل وملقارت. وهناك مدوّنة يونانية في عمّان تذكر هرقل. وأخرى تذكر اثينة أو مينرفا التي تماهت مع اللات الالاهة العربيّة. وعُرفت عبادة عشتار في ختم عموني وفي نص استفانوس البيزنطيّ. وتكشف الأسماء العمونيّة عبادة إيل الذي لعب دورًا هامًا في دير علا. هذا ما يثبت معلومة عد 22 :5 (ع م ا و ) حول الاصل العموني للرائي بلعام بن بعور.
غزة:
العزة، القوة. مدينة كنعانية قديمة جدًا (دمشق الجنوبية) تذكرها رسائل تل العمارنة والنصوص المصرية. كانت سوقا للقمح والخمر والفضة والتوابل. في القرن 18 كان للمينيّين مخازنهم فيها. لهذا احتفظت المدينة دوما بطابع عربي. اذا عدنا إلى تث 2 :23 نعرف أن أول سكانها كانوا من الحويين. منذ تحوتمس الثالث صارت غزة نقطة انطلاق الحملات المصرية على فلسطين وسورية. بعد هذا حصّنها سيتي الاول. حوالي 1200 احتلها الفلسطيون (قض 16 :1، 21؛ 1صم 6 :17). مع أن المدينة جُعلت رسمياً ليهوذا (يش 15 :47، قض 1 :18)، إلاّ أن بني اسرائيل حاربوا كثيرا لامتلاكها في ايام سليمان (1مل 5 :4) وحزقيا (2مل 8 :8). منذ تغلث فلاسر الثالث كانت غزة في يد الاشوريين الذين أجبروا دوماً على الدفاع عندها ضد سكانها وضد طموحات مصر إلى أن احتلها نكو (إر 47 :1، 5). في 1أخ 7 :28 يجب ان نقرأ العي أو عيّة بدل غزة. ازدهرت غزة في العهد الفارسي وأخذها الاسكندر بعد حصار دام شهرين. تنازع عليها السلوقيون والبطالسة وأجبرها يوناتان المكابي على التفاوض. اخذها اسكندر جنايوس، ولكن عادت مدينة حرة في أيام الرومان وصارت مركز اشعاع الحضارة الوثنية. إن فيلبس التقى وزير ملكة الحبشة على الطريق من غزة إلى اورشليم (أع 8 :26). بعد هذه النظرة السريعة المرتبطة بالكتاب المقدس بشكل إجمالي نعود إلى التاريخ. فغزة هي إحدى المدن الفلسطية الخمس (بنتابوليس). أقام فيها الناس بشكل متواصل، فما مرّت حقبة لم تكن فيها هذه المدينة مأهولة. لم نجد آثارًا قديمة جدًا. ولكن الفخاريّات دلّت على أن غزة كانت مأهولة أقلّه في البرونز الحديث (1550-1200). في بداية هذه الحقبة نعود إلى إشارة مكتوبة إلى المدينة. فتحوتموس الثالث (1504-1450) جعل منها موقعًا من أجل حملاته الحربيّة سنة 1481 في فلسطين وسورية. فموقع المدينة “على طريق البحر” التي تقود من مصر إلى آسية وخصب المنطقة، افترض أن غزّة كانت محطة للقوافل وموقعًا للعمليات الحربيّة الفرعونيّة. ذُكرت غزة في رسالة تعناك 6 (القرن 15)، وفي رسائل تل العمارنة (289، 296، القرن 14)، وفي وثائق مصرية تعود إلى القرن 13 ق.م. ظلّت غزة في فلك مصر في زمن السلالتين 18-19. وأقام فيها الفلسطيون سنة 1175 بمبادرة أو مباركة من رعمسيس الثالث (1182-1151) هذا ما تدلّ عليه التنقيبات في دير البلح الذي يبعد 14 كلم إلى الجنوب الغربي من غزة. حوالى سنة 1100 أوردت اسمائيات امينوفي مون الفلسطيين مع عسقلان وأشدود. هي في الواقع واحدة من المدن الملكية الخمس لدى الفلسطيين (يش 13 :3). تُذكر هذه المدينة في خبر شمشون (قض 16 :1-2، 21). أعطيت بشكل نظري إلى يهوذا (يش 15 :47)، فلم تكن يومًا من مملكة يهوذا (قض 1 :9 حسب السبعينية). سنة 734، خضعت لتغلت فلاسر الثالث (نشو 283). ثار ملكها حنون، فسحقه سرجون الثاني وجلاه إلى أشورية (نشو 285). بعد موت سرجون، توغّل حزقيا، ملك يهوذا، في فلسطين فوصل إلى غزة (2مل 18 :8) التي كان ملكها آنذاك صلّيبيل. ولكن سنة 701، كافأ سنحاريب صليبيل لأنه ظلّ أمينًا للعرش الأشوريّ (نشو 288). وامتدّ حكم هذا الملك فدفع الجزية لأسرحدون واشور بانيبال (نشو 292، 294). سنة 609، احتلّ نكو المصري غزة (إر 47 :1؛ هيرودوتس، التاريخ 2 :159). ولكن استعادها سريعًا نبوخذ نصر الثاني (605-602) وأجلى آخر ملوكها إلى بابل (نشو 308). وانطلق نبوخذ نصر من غزة ليقوم بحملة على مصر سنة 568. ومثله سيعمل قمبيز الفارسي سنة 525. في سنة 332، كانت غزة المدينة الوحيدة التي قاومت جيوش الاسكندر الذين سلبوها واستعبدوا سكانها. بعد ذلك، صارت المدينة جزءًا من مملكة البطالسة. ولكن انطيوخس الثالث الكبير احتلّها سنة 198 بعد حصار دام طويلاً (دا 11 :15). بعد ذلك، صارت غزة مرفأ الأنباط على البحر المتوسط فاغتنت جدًا، ووسّعت مرفأها في ميّومة التي تبعد 3 كلم عن المدينة، في خرلة بيت الابلهيّة. هاجمها الحشمونيون بقيادة يوناتان سنة 145 (1مك 11 :61-62). واحتلّها الاسكندر جنايوس سنة 96 ق.م. (يوسيفوس، العاديات 13 :357-364؛ الحرب 1 : 87)، واحتفظ بها حتى مجيء بومبيوس الروماني (61 ق.م.) الذي جعلها مدينة حرّة (العاديات 14 :75-76). أُعطيت لهيرودس الكبير هديّة من أوغسطس سنة 30، فشكلت منطقة مستقلّة في مملكته، وحكمها كوسغبار حاكم أدومية. حين قُسمت مملكة هيرودس، جُعلت غزة في ولاية القنصل المساعد في سورية (العاديات 17 :320). عند ذاك عرفت ازدهارًا كبيرًا، وكان لها مدرسة مشهورة لأهل البلاغة. أما العبادة الرئيسية التي عُرفت بها فهي عبادة “م ر ن ا” (سيّدنا، ربنا)، وهي التسمية الأرامية للاله العظيم في غزّة (داجون، قض 16 :23). ذُكرت غزة في أع 8 :26. ولكنها لم تصبح مسيحيّة إلاّ في القرن 5 ب.م.، ساعة دمّر بورفيريوس هيكل “مرنا” وجعل مكانه كنيسة بشكل صليب.
فاران:
1) بريّة فاران. أقام فيها اسماعيل (تك21 :21) وبنو إسرائيل خلال الخروج (عد 10 :12؛ 12 :16؛ 13 :3-26). هناك لجأ داود الذي لاحقه شاول (1صم 25 :1 : في اليونانيّة : معون. في العبريّة : فاران). حسب عد 13 :26 : بريّة فاران قريبة من قادش. 2) فاران. بين مصر ومديان (تث 1 :1؛ 1مل 11 :18). 3) جبل فاران. في أدوم أو سعير (تث 33 :2؛ حب 3 :3). 4) ايل فاران (أو بلوطة فاران) تك 14 :6. قد تكون التسمية القديمة لمدينة ايلات.
فونون:
محطة في مسيرة الخروج (عد 33 :42-43). قد تكون : فينان البعيدة 40 كلم إلى الجنوب من البحر الميت.
فيتوم:
في المصرية : فر اتم : بيت الاله اتوم. مدينة مصرية. حسب خر 1 :11 هي مع رعمسيس (في رعمسيس) مدينتا مؤونة بناهما بنو اسرائيل لفرعون. قالوا هي هيروأوبولس (تل المشحوطة) على الحدود الشرقية لوادي توميلات. وقال آخرون : تل الرطابة او الرطابة التي تبعد 14 كلم إلى الغرب والتي كان فيها هيكل للاله اتوم في أيام رعمسيس الثاني. كان موظف يقيم على حدود البلاد في أيام سيتي الثاني (حوالي 1215 ق.م.). فاعلم سيده : تركنا قبائلَ ادوم البدوية تمر قرب قلعة مرنفتاح عبر مستنقعات مرنفتاح لئلا يموتوا هم وقطعانهم فيبقوا للملك. فيثوم في العبرية “ف ت م”. تقرأ في الأصل : فاتوم. في المصربة : ف ر ا ت م، أي بيت أتوم. اسم عدة معابد لهذا الاله الخالق، الذي صار إله الشمس حين تماهى مع رع. نجد معابده الكثيرة في الدلتا، كما نجدها في أون (هليوبوليس) وفي سوا (سائيس في اليونانية، في الاشورية الجديدة سيء حسب 2مل 17 :4 في قراءته الصحيحة)، ثم في القسم الغربي لوادي طوميلات وقرب طورا. غير أن العلماء يتفقّون على القول بأن فتوم المذكورة في خر 1 :11 هي : “ف ر. أ ت م. ط و “، مدينة أتوم المقدسّة في جكو التي يحدّد موقعُها في تل المشحوطة، التي تبعد 16 كلم إلى الغرب من الاسماعيليّة. إنه موقع مدينة لا تعود أصولها إلى أبعد من نهاية القرن السابع. وقد يكون اسّسها الفرعون نكو الثاني (610-595) حين فتح “قنال الشرق”. غير انه كان هيكل لأتوم في تلك الجوار منذ نهاية القرن الثالث عشر، لأن بردية أنستازي الخامسة (56-57) تذكر مستنقعات “ف ر.ا ت م” في “بئر مرنفتاح – حوتف – حار – معط” التي هي في جكو. إن “ف ر. ا ت م” (بيت اتوم) كان جزءا من حصن مرنفتاح مع تل المشحوطة. والمستنقعات المذكورة هنا تماهت مع “آبار مرنفتاح – حوتف حار معط” (بردية أنستازي الثالثة 6 :4؛ رج 5 :1؛ 5 :4، تعود إلى الزمن عينه). فتماهي مدينة “ف ر. ا ت م” مع تل المشحوطة تُثبته معطيات الابيغرافيا (تدرس المدوّنات) وهيرودوتس معًا. ينتج من المدوّنات الأراميّة التي وُجدت في تلّ المشحوطة أن فرقة عربيّة من قبيلة قيدار عسكرت هناك في القرن الخامس ق.م. وهذا ما جعل المؤرخ هيرودوتس يقول ان المدينة هي “فثومس أرابياس” (التاريخ 2 :158) : فيتوم العرب. وسمّاها الكتّاب اليونانيون والرومان والسبعينية باسم “هيارون بوليس” (المدينة المقدسة). ان هذه المدينة شكلت مع الحصن مرنفتاح (برديّة أنستازي السادسة 6 :54-56) باب مصر. لهذا قالت السبعينيّة في تك 46 :28-29 وفلافيوس يوسيفوس العاديات 2 :184، ان يوسف استقبل هناك يعقوب الآتي من كنعان. وقالت ايجارية ان المدينة وُجدت “حيث كنّا قد دخلنا إلى الأرض المصريّة تاركين وراءنا أرض السراقسين”. ان بناة فيتوم كانوا قد استعملوا في القرن 7-6 ق.م. من أجل عملهم، كميّة كبيرة جدًا من المواد الآتية من مواقع فرعونيّة قديمة، ولا سيّما المواقع الرعمسيسيّة. وهذا ما أتاح لكاتب خر 1 :11 أن يربط مضايقة المصريين في مصر بتأسيس فيتوم. والتقليد الذي يستند إليه لا يمكن ان يكون سابقًا للقرن السادس، وقد يعكس وضع اليهوداويين الذي لجأوا إلى مصر سنة 587 ق.م. (1مل 25 :26؛ ار 44 :26-28).
قادش برنيع:
المقدس. نقرأ برنيع في تث 1 :19، 46؛ 2 :14؛ 9 :23؛ يش 10 :41؛ 14 :6ي؛ 15 :3؛ عد 32 :8؛ 34 :4. وهذا اسم مدينة تقع على حدود فلسطين الجنوبيّة (تث 1 :2؛ عد 20 :16) بين تامار وسيل مصر (حز 47 :19؛ 48 :28) أو بين طلعة عقربيم (أو العقارب) وسيل مصر (عد 34 :4؛ يش 15 :3)، شرقيّ جرار (تك 20 :1). وُجد فيها نبع ماء (خر 17 :1-7؛ عد 20 :2-13). أقام فيها الآباء (تك 16 :14؛ 20 :1) وقبائل بني اسرائيل (عد 13 :26؛ 20 :1، 14؛ قض11 :16). هي اليوم : عين قديس المروية بعدد من الينابيع والآبار. إنّها تشكّل واحة خضراء وسط الصحراء (مز 29 :8 يذكر صحراء قادش)، صحراء فاران (عد 13 :26) أو صحراء صين (عد 33 :36). يسمّي تث 32 :51 وحز 47 :19 نبع قادس مريبة قادش. من قادش انطلق الجواسيس إلى الأرض المقدّسة (عد 13 :26؛ 32 :8؛ تث 1 :20-25؛ يش 14 :7)، وانطلقت البعثة التي أرسلت إلى ملك أدوم (عد 20 :14ي؛ قض 11 :16). كان الينبوع في يد بني عماليق (تك 14 :7) فأخذه منهم بنو اسرائيل.
كنعان:
الاسم البيبليّ لأرض الموعد. احتلّها بنو اسرائيل. عرفت رسائل تل العمارنة بلادًا سمّيت : كنعني، كنعنا، كناعي. وإنّ تمثال ادريمي ملك ألالخ (القرن الرابع عشر) يذكر مات كي أن أنيم. وتتحدّث النصوص المصريّة عن في كنعن. في البيبليا، نقول دومًا (ما عدا بعض النصوص الشعريّة :إش 19 :18؛ 23 :11؛ هو 12 :8، صف 2 :5) : أرض كنعان، إلاّ إذا كان الاسم محدّدًا : بنات كنعان (تك 28 :1، 6-8؛ 36 :2)، سكان كنعان (خر 15 :15)، حروب كنعان (قض 3 :1؛ مز 135 :11)، ملك كنعان (قض 4 :2، 23-24؛ 5 :19)، شعب كنعان (صف 1 :11)، أصنام كنعان (مز 106 :38). يُعتبر الاسم كاسم علم مشتقّ من كنع (أي حنى) مع الزيادة “آن” فيصبح معناه الأرض المسطحة. ويسندون هذا القول إلى نصوص مثل عد 13 :29 (يسكن الحثيّون واليبوسيّون والأموريّون الجبل، والكنعانيّون يقيمون على شاطئ البحر وعلى ضفاف الأردن. رج يش 11 :3) ويش 5 :1 (يقيم الأموريّون على ضفة الأردنّ اليمنى والكنعانيّون على شاطى البحر). وهكذا تشكّل كنعان أراضي فلسطين المنخفضة بينما يقيم الأموريّون في الجبال. ولكن هناك من يعترض على هذا التفسير، ويقول إنّ هناك نصوصًا تقول إنّ الكنعانيّين سكنوا الجبل والشفاله (الساحل) والنقب (تك 12 :6؛ 24 :3، 37؛ 38 :2). لهذا يستند العلماء اليوم إلى معنى كيناعي : صوف أحمر، أرجوان، معروف في نصوص نوزي. فبلاد كنعان يكون بلاد الصوف الأحمر، الأرجوان (قابل في اليونانيّة كلمة فينيقي، أي الفينيقيّون). هو اسم دلّ أوّلاً على فينيقية ثمّ انحصر بفلسطين في بعض النصوص البيبليّة. وهناك حجر مقدّس وضعه امينوفيس الثاني (1449-1443) يذكر بين أسرى سورية الشماليّة 640 كنعانو وهم تجار أغنياء (رج أي 40 :30؛ إش 23 :8؛ حز 16 :29؛ 27 :3؛ هو 12 :8؛ صف 1 :11؛ زك 11 :7، 11 حسب السبعينيّة). حسب بعض الشرّاح، كيناعي تعني أوّلاً البائع والتاجر ثمّ عنت البضاعة التي يبيعها التاجر. أخذ بنو اسرائيل بهذا الاسم وسمّوا أهل فلسطين الذين كانوا قبلهم كنعانيّين دون أن يهتمّوا بالفوارق العرقيّة التي بينهم. هناك أوساط استعملت كلمة أموريّين (تك 15 :16)، ولكن هذا الاسم لم يثبت. وقد عرف بنو اسرائيل الاختلافات العرقيّة التي تميّز سكان كنعان بعضهم عن بعض، وهذا ما تدلّ عليه نصوصُ تعداد الكنعانيّين والحثيّين والأموريّين والفرزيّين والحويين واليبوسيّين (خر 3 :8؛ 17، 13 :5؛ قض 3 :5، رج خر 33 :2؛ يش 11 :3). في هذه النصوص يرد اسم الكنعانيّين أولاً، وهذا يدلّ على صفة الجمع التي تميّز هذا الاسم.
مارة:
مرة. رج ماروت (مي 1 :12) مرثايم (ار 50 :21). المرحلة الاولى من مراحل الخروج بعد عبور البحر الاحمر (عد 33 :8-9). هناك تذمَّر الشعبُ أمام المياه المرة فحلاّها موسى (خر 15 :22-25). رج ماسة.
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
مديان:
أحد أبناء ابراهيم وقطورة الستة (تك 25 :2؛ 1أخ 1 :32). نجد أسماء أبنائه في تك 25 :4؛ 1أخ 1 :33. بنو مديان قبائل من البدو أقاموا شرقي خليج العقبة، وبالأحرى في شبه جزيرة سيناء (1مل 11 :18؛ حب 3 :6-7). انهزمت قبائل مديان أمام أدوم في موآب (تك 36 :35؛ 1أخ 1 :46). ذهب موسى إلى المنفى في مديان (خر 2 :15؛ أع 7 :29) حيث تزوج ابنة كاهن مديان (خر 2 :16 – 18). من هناك ارسله الله الى مصر ليحرّر شعبه (خر 4 :19ي). وحين اقترب بنو اسرائيل استشار شيوخ موآب ومديان بلعام (عد 22 :4ي). ويذكر الكاتب قصة زمري المدياني وكزبي الاسرائيلية (عد 25 :6-18؛ 1مك 2 :26) اللذين قتلهما فنحاس. كما يذكر الحرب المقدسة على مديان : قتل ملوك مديان الخمسة (عد 31 :1-12؛ رج يش 13 :21). وضايق بنو مديان بني اسرائيل (قض 6 :1-16). فقام جدعون بحملتين انتصر فيهما : واحدة غربي الاردن حيث قتل قائدين مديانيين : عوريب، زيب (قض 6 :33؛ 7 :1-8 :3). وأخرى شرقي الاردن حيث قتل ملكَي مديان : زبح، صلمناع (قض 8 :4-28؛ رج 9 :17، 10 :12؛ مز 83 :10-12؛ إش 9 :3 : يوم مديان؛ 10 :26). يقول يه 2 :26 ان اليفانا سحق مديان. مديان هو شعب من التجار (تك 37 :28، 36؛ با 3 :23؛ رج إش 60 :6). قد تكون كوش سميت مديان (حب 3 :7). مديان هي موطن يثرون (خر 2 :16)، رعوئيل المدياني. رج تك 37 :28، 36؛ عد 10 :29؛ 25 :6، 14، 15، 17؛ 31 :2.
مصر:
أولاً : الاسم. استعمله النص العبريّ (2مل 19 :24؛ إش 19 :16؛ 37 :25؛ مي 7 :12 : مصور) بعد أن أخذه عن الأكادية. ايغوبتوس الذي جاء من المصريّة عبر الفينيقيّة : حت كافتح : بيت الاله فتاح، أحد أسماء مدينة ممفيس. يسمّي المصريّون أرضهم : كمت أي السوداء. رج فتروس. ثانيًا : الأرض والشعب. مصر هي واحة طويلة. يمتدّ عرضها بين 5 و25 كلم. يقطعها في الطول نهر النيل، وهي تقع بين صحراوين : صحراء ليبيا والصحراء العربيّة. كان المصريّون القدماء من نسل حام (تك 10 :6). ورغم امتزاج المصريّين منذ زمن الهكسوس بشعوب أخرى، فالمصريّ الحاليّ يشبه أجداده الذين عاشوا منذ آلاف السنين. ثالثًا : التاريخ. لم يكن للمصريّين كرونولوجيا. لهذا وضع الباحثون رسمة كرونولوجيّة لتاريخ المصريّين. بدأت أول سلالة حوالي سنة 4200 ق.م. (أو قبل هذا الزمن). هذا ما قاله علماء القرن السابق. ولكنّهم عادوا اليوم إلى حوالي سنة 3000. واختلفوا على تواريخ الألف الثالث ولم يتّفقوا إلاّ على كرونولوجيا المملكة الحديثة. انتهت مرحلة ما قبل التاريخ حوالي سنة 3000. ثمّ بدأ التاريخ بالمعنى الحصريّ، وخلاله حكمت البلاد سلالات عديدة. فعلى خطى الكاهن المصريّ مناتون من سبانيتوس الذي كتب في القسم الأول من القرن الثالث ق.م. ثلاثة كتب عنوانها “مصريات” (ضاع القسم الكبير منها) نميّز 30 سلالة. ويقسم الباحث المصريّ اليوم هذا التاريخ إلى ثلاث حقبات كبيرة : المملكة القديمة (من السلالة 3 إلى السلالة 6 :2780-2400)، المملكة الوسيطة (السلالة 11-12 :2100-1800)، المملكة الحديثة (السلالة 18-20 : 1580-1085 ق.م.). وهناك فواصل تتوسّط هذه الحقبات. (أ) لا نستطيع أن نتكلّم عن علاقات بين مصر والتوراة إلاّ انطلاقًا من المملكة الوسيطة. فأوّل شخص بيبلي زار وادي النيل هو ابراهيم. تتميّز السلالة 12 بحقبة من الازدهار تشهد لها أعمال ريّ واسعة في الفيوم. وفي الوقت ذاته تراقب الدولة الحدود على طول جدار الأمير وهو حصن يقع في خليج السويس (كما يقول خبر سينوهي). وهذه المراقبة صارت ضروريّة بسبب دخول الساميّين المتزايد إلى البلاد. فهناك جدرانيّة تمثّل 37 اسيويًّا في وادي النيل. اسم رئيسهم ابشاي (رج ابيشاي من عائلة داود). قام سيسوستريس الثاني (1906-1888) بحملة على كنعان ووصل إلى شكيم. وعلى أيام امينمحات الثالث (1850-1800) بُني الهرم الأخير. وبعد هذا تقسّمت البلاد. (ب) الحقبة الثانية المتوسطة (هكسوس). واحتلّ الهكسوس مصر من دون صعوبة. دفعتهم الهجرة في سورية وفلسطين فأقاموا بطريقة مسالمة في الدلتا الشرقيّ. لم يعد العلماء يتحدّثون اليوم عن مملكة هكسوسيّة امتدّت على قسم كبير من الشرق الأدنى الآسيويّ. فإن لم يكن الهكسوس من الساميّين، فالعنصر السامي هو المسيطر كما تشهد على ذلك أسماء العلم : يعقوب هير (ايل)، عنات هير (ايل). كانت عاصمتهم افاريس المدينة التي ستسمّى فيما بعد تانيس. أخذوا بحضارة المصريّين وعلّموهم فيما علّموهم استعمال الخيل والمركبات. وجاءت ردّة الفعل من الجنوب (طيبة؟) فجرّت الدلتا إلى مقاومة الهكسوس. لا نعرف بالضبط كيف انهارت قوّتهم. (ج) المملكة الحديثة. طرد احموسيس (1580-1558) الهكسوس من افاريس ولاحقهم إلى كنعان. حاصر شروحن (شاروحين) (يش 19 :6) ثلاث سنوات وحارب على حدود مصر الجنوبيّة. بعده عرفت البلاد فترة من الراحة استفاد منها امينوفيس الأول (1557-1530) ليقوّي سلطته. وسار تحوتمس الأول (1530-1520) على خطى سلفه فقام بحملة على آسية أوصلته إلى الفرات. بعد هذا سيعتبر المصريّون أنّ سورية وفلسطين هما جزء من أرضهم، وسيركّز فراعنة المملكة الحديثة انتباههم على هاتين المنطقتين. وصلت إلينا بعض المواد الأركيولوجيّة من هذه الفترة، وبما أنّ الحاميات المصريّة تألّفت من مصريّين ومن أهل البلاد، لم تنتشر الحضارة المصريّة واللغة المصريّة كما كنا نظنّ. ولكن في كل حفريّة في فلسطين أو في سورية نجد الجعل الذي هو علامة الحضارة المصريّة للغرباء. وخلفت تحوتمسَ الأول ابنتُه حتشبسوت التي كان حكمها مضطربًا. نظّمت حملة على بلاد البخور (فونت). خلفها ابن أخيها تحوتمس الثالث (1504-1450) فحاول أن يخفي كل أثر لعمّته. قام بست عشرة حملة على سورية، وقد حُفظت حولياته المحفورة في الحجر. مع تحوتمس الثالث نجد على جدران الهياكل لوائح المدن والشعوب المقهورة. وهذه اللوائح مهمّة لتعرّفنا إلى فلسطين في ذلك الوقت. فخبر احتلال يافا وصل إلينا بشكل خبر يذكر عابيرو الذين هم العبرانيّون على ما يبدو. وكان امينوفيس الثاني (1450-1425) قائد الجيش قبل أن يخلف أباه. نجهل الكثير عن حكمه، ولكننا نعرف أنّه ذهب إلى آسية مرتين، فأوقفه الميتانيّون على الفرات. وجاء خلفه تحوتمس الرابع (1425-1408) فعقد معاهدة مع الميتانيّين وتزوّج أميرة ميتانيّة. وتوصّل إلى قمع ثورة في جازر. خلفه أخوه امينوفيس الثالث (1408-1372) الذي كان ملكًا حازمًا، ولكنّه فضّل أعمال البناء على الحرب. وقد بقي لنا قسم من أرشيفه في رسائل تل العمارنة التي اكتشفت في العاصمة الجديدة التي أسّسها خلفه امينوفيس الرابع (1372-1354). غيّر أمينوفيس اسمه إلى أخناتون لأسباب دينيّة. كان ضعيف البنية، ولكنه كان هو وزوجته نفرتيتي شخصيّتين قويّتين. غير أنّهما أهملا الأمور الخارجيّة فثارت المدن الآسيويّة ضدّ السلطة المصريّة. وجاء ملوك عابرون (منهم توتعنخ أمون). بعدها وضع القائد حوريمحب يده على السلطة. معه بدأت السلالة 19 (1314-1200) التي ظلّت مستعدّة للحرب في آسية خاصة مع رعمسيس الثاني. لهذا نُقلت العاصمة في ذلك الوقت إلى الدلتا. أوّلاً إلى ممفيس. وفي أيام رعمسيس الثاني إلى في رعمسيس. وقام سيتي الأوّل (1312-1298) بحرب ضدّ الحثيّ مواتاليش قرب قادش على العاصي. وهناك سيتابع رعمسيس الثاني حربًا ضروسًا. وفي النهاية عقد الخصمان عهدًا أبديًّا وصل إلينا نصّه في الحثيّة وفي المصريّة. وواجه رعمسيس الثاني وخلفه مرنفتاح (1234-1224؟) والملك الثاني من السلالة 20، خطرَ شعوب البحر. تغلّبوا عليهم وأوقفوا تقدّمهم، ولكنّهم لم يستطيعوا أن يمنعوا قبائل جديدة (الفلسطيّون) من الإقامة في كنعان. في كرونولوجيا الخروج القصيرة، رعمسيس الثاني هو الفرعون المضطهد، ومرنفتاح هو الفرعون الذي صار الخروج على أيامه. إلى عهد مرنفتاح تعود برديّة اناستاسي الأول التي تتضمّن تفاصيل عديدة عن سورية وفينيقية وفلسطين بشكل سؤال وجواب. في اسم معيّن في نفتوح (معين ماء نفتوح) احتفظ يش 15 :9؛ 18 :15 باسم مرنفتاح. وقد بقي لنا من هذا الفرعون النصب الشهير الذي نجد فيه اسم اسرائيل. وظلّت شعوب البحر على هجومها في أيام السلالة 20. وهاجم الليبيّون مصر. ولكن رعمسيس الثالث (1198-1166) سيطر عليهم خلال حملات عديدة. وجاء بعده خلفاء تسمّوا باسم رعمسيس ولكنّهم كانوا ملوكًا ضعفاء. فخسرت مصر نفوذها في آسية وانكفأت على نفسها. وهذا ما ساعد إسرائيل على التوسّع. (د) حافظت مصر على استقلالها خلال خمسة قرون (ما عدا فترات قليلة). ففراعنة السلالة 21 (كانوا كهنة طيبة) سيطروا على مصر العليا (الصعيد) ومصر الوسطى. وفي تانيس ( صوعن) سيطرت سلالة توصّلت سريعًا إلى أن تمدّ نفوذها إلى مصر العليا. وانحطاط السلطة المصريّة في فينيقية واضح من خبر الموظّف في هيكل أونامون. ذهب في بداية القرن 11 إلى جبيل (بيبلوس) ليجلب الخشب من أجل معبد طيبة. واتّصل سليمان بفرعون من تانيس (ربما بسوسينيس الثاني) وتزوّج ابنته. وصارت المراجع نادرة عن حقبة الليبيّين (السلالة 22) والكوشيّين (أي الأحباش. السلالة 25). إنّ أوّل ملك مصريّ يرد اسمه في التوراة (1مل 14 :25-26؛ 2أخ 12 :2-4) هو الليبيّ شيشق (شيشانق الأوّل : 950-929) الذي أقام في بوبستيس أي في الدلتا، وسار على يهوذا بإيعاز من يربعام. ليس من الأكيد أن الفرعون الكوشي زارح (2أخ 14 :8) هو ذاته خلف شيشق أوسوركون الأول (أو فرعون آخر). ففي سنة 715، سيطر الكوشيّون على مصر العليا، ثمّ احتلّوا وادي النيل. وفرعون سوا المذكور في 2مل 17 :4 ليس شباكا الذي حكم حتى سنة 701. قد يكون ملكًا من الدلتا. ويذكر 2مل 19 :9 ثاني خلف لشباكا، طهرقه (ترهاقة). ماذا نعرف اليوم عن الفرعون طهرقة؟ اجتاح الأشوريّون مصر، وفي سنة 663 عاثوا خرابًا في طيبة. ولكن استعادت الأمّة قواها في السنة نفسها. فمع بساميتيك الأوّل صعدت السلالة 26 (سلالة وطنيّة) على العرش وتحالفت مع الأشوريّين لتحارب بابل. وتابع نكو (609-594) السياسة عينها في آسية ولكن لم يحالفه النجاح (2أخ 35 :20، 22؛ 36 :4). وآخر فرعون تذكره التوراة هو خفرع. ظلّ أمينًا لسياسة مناهضة لبابل. وبعد دمار أورشليم (586 ق.م.) استقبل العديدَ من اليهوذاويين الذي جرّوا معهم إرميا (إر 42-44؛ 2مل 25 :26). أقاموا في تفنيس، في الدلتا الشرقيّ. وبعد ستين سنة هجم قمبيز على الفرعون اماسيس (586-526). توفّي الفرعون وغُلب ابنه بساميتيك الثالث (525 ق.م.) وصارت مصر مرزبة فارسيّة. ورغم أوقات قصيرة من الحكم الذاتي (بفضل الثورات) ظلّت الحالة هي هي حتى مجيء الاسكندر الكبير سنة 332. وبعد موته، صارت مصر في يد يطليموس لاجوس مؤسّس سلالة البطالسة (اللاجئين). وازدهرت الحضارة الهيلينيّة وبالأخص في الاسكندريّة. وفي سنة 30 ق.م. احتلّ أوكتافيوس أوغسطس مصر (انتحرت كليوبترة) وجعلها مقاطعة ضمّها إلى إمبراطوريّة رومة. رابعًا : الديانة. تتحدّث التوراة عن إله مصر ولكنّها لا تذكر إلاّ إلهًا واحدًا : امون (إر 46 :25). وهناك أسماء آلهة أخرى حفظت في أسماء الأشخاص أو الأمكنة. أمون في نوامون، بست في بوبستيس، رع في رعمسيس وفوطيفارع، اتوم في فيتوم، نيت في اسنات. وحاول البعض أن يقرأ أسماء الهيّة في تك 16 :13 وإش 10 :4 (اوزيريس) كما في خر 10 :10؛ 30 :16 (رع). مع أن بني اسرائيل أخذوا ببعض عادات مصر (التحنيط)، فهذه العادات لم تؤثّر على ديانة التوراة. وتحدّث الشرّاح عن وحدانيّة الله عند اخناتون، كما قابلوا بين نشيد اخناتون ومز 104. مصر – العصور والاسرات المالكة العصر العتيق، الاسرتان الأولى والثانية 3200-2780 الدولة القديمة، الاسر 3-6 2780-2280 عصر الفترة الأولى، الاسرات 7-10 2280-2052 الدولة الوسطى، الاسرتان 11-12 2134-1778 عصر الفترة الثانية، الاسرات 13-17 1778-1570 الدولة الحديثة، الاسرات 18-20 1570-1080 العصر المتأخّر، الاسرات 21-30 1085-332 ايام الاضمحلال، الاسرة 21-24 1085-715 عصر اليقظة، الاسرة 25-30 715-332 الأسرة الأولى 3200-2980 مفا – نعرمز اتى الأول – عما اتى الثاني – جر اتى الثالث – واجيت خاستي – دن مربي با – عج اب ارينتر – سمرخت قاع سيتي – قــاع الأسرة الثانية 2980 – 2880 حوتب – حتب سخموي نوب نفر – رع نب ني نتر – ني نتر ونج —- – بري اب سن – خع سخم حتب، نبوى – امف – خع سخموي. الأسرة الثالثة 2780-2280 زوسر الاول – ارسي خت نتر زوسر الثاني – سانخت تتي – خع با نب كاوو —- حوني —- الأسرة الرابعة 2680-2560 سنفرو خوفو (خنوم خوفوي)، في اليونانيّة : كيويس جدف رع خفرع (خفرن) منكاو رع شيسسكاف الأسرة الخامسة 2560-2420 او سر كاف ساحو رع نفر ارع كارع شيسسكارع نفرف رع ني وسر رع منكا و هور جدكارع (اسيسي) اوناس (ون اس ونيس) الأسرة السادسة 2420-2280 تتي اوسر كارع ببي الاول مرزع (مري ان رع) الاول ببي الثاني مرنرع الثاني منكا ورع – فيت اقرتي (نيتوكريس) الأسرة السابعة 2280 ق.م. حسب رواية مانيتون. سبعون ملكا حكموا سبعين يومًا الأسرة الثامنة 2280-2242 نفر كارع (الاصغر) نفر كارع نبي جد كارع شماي نرف كارع خندو مرسى ان حور نفركا مين ني كارع نفر كارع تررو نفر كاحور نفر كارع ببي سنب نفر كامين عنو قاكارع ابي واج كارع نفر كا حور (حورس) اتري بارو نفر إر كارع (حورس) دمج اب تاوي الأسرة التاسعة 2242-2133 اختوي الاول مري إب رع نفر كارع اختوي الثاني ستوت اختوي الثالث الأسرة العاشرة مرى حتحور نفركا رع اختوي الرابع – واح كارع مري كارع اختوي الخامس – نب كارع اتى ايمحوتب سخم كارع جسر نوب هنا تنتهي المملكة القديمة التي كانت عاصمتها ممفيس. امتدّ تأثير مصر الى فلسطين وهذا ما كشفته تنقيبات عراد وتل عيراني (الذي سمّي خطأ جت). ووُجدت فخاريات مصريّة وأغراض من الحقبة التينيّة (في تيس التي هي البربة التي تبعد بضعة كلم عن ابيدوس، موطن السلالة 1-2). جاء المصريون إلى فلسطين بطريق سيناء الشمالية وتل عيراني الذي يبعد 45 كلم إلى الشمال الغربي من أورشليم، والذي كان مركز نشاط تجاري وحربي استعمله المصريون في جنوب كنعان. وكان للمصريّين حضور في مناجم وادي مغاره في الجنوب الغربي لجزيرة سيناء. وُجد نقشان بارزان للفرعون سخموي (سخمخت) في سيناء. كان الازدهار واضحًا في تلك الحقبة. وما يدلّ على ذلك مدافن الملوك في أهرام عالية، ومنها أهرام الجيزة التي تعود إلى السلالة الرابعة (2680-2560). وتابع ساحورع، الملك الثاني في الاسرة الخامسة (2560-2420) تقليد استغلال المناجم في سيناء، فأقام في وادي مغاره نصبًا يذكر السيطرة الحربيّة على قبائل البدو العائشين في المنطقة. وأنشدت جدرانيات مدفنه عودة اسطوله من فينيقية وهو يحمل المال والأسرى. إن العلاقات المتواصلة مع جبيل التي تؤمّن الخشب، تعود أقله إلى خع سخموي، آخر ملوك تيس (السلالة الثانية). ولكن هذه العلاقات اتسعت مع ملوك ممفيس، من خفرع (خفرن) إلى بيبي الثاني. وُجد غرضان مصريّان في ايبلا يحملان اسم خفرع (2300) وبيبي الأول (2300). ولكن لا يبدو أنه كانت في أيام المملكة القديمة علاقات مباشرة بين ممفيس وايبلا. فالوسيط كانت مدينة جبيل التي كشفت قطع من المرمر حُفرت عليها أسماء ملوك ممفيس. إن قبري انتي (تتي) في ديشاشة، كايمحاست (اوسركارع) في سقاره، الفرعونين اللذين يبدأان السلالة السادسة، يدلاّن على الجيوش المصرية التي تهاجم الحصون في فلسطين الجنوبيّة. هذه الأخبار تعطي صورة عن حملة الفرعون أونا (2350) ضد “عامو” أو الاسيويين المقيمين في الصحراء. ولكن تبدّلت الأمور، فرُفضت سلطة الفرعون في مصر. وحلّت الفوضى بعد حكم بيبي الثاني. فكانت الحقبة المتوسطة (2180-2040) التي استفاد منها البدو فاجتاحوا الدلتا وزرعوا الرعب فيها، فقسمّت مصرُ دويلات صغيرة متنازعة. الأسرة الحادية عشرة 2134-1991 إينوتف (انتف) الأول (سهر تاوي) 2134-2131 إينوتف الثاني (واح عنخ) 2131-2082 إينوتف الثالث (نخت نب تبي فقر) 2082-2079 مونتوحوتب الأول (سعنخ اب تاوي) 2079-2061 مونتوحوتب الثاني (نب جت رع) 2061-2010 مونتوحوتب الثالث (سعنخ كارع) 2010-1998 سنوسرت (وآخرون) 1998-1993 منتوحوتب الرابع 1993-1991 الأسرة الثانية عشرة 1991-1778 امنمحات الأول (سحتب اب رع) 1991-1972 سنوسرت الأول (خبر كار رع) 1972-(عشر سنوات مع والده)-1928 امنمحات الثاني (نوب كارع) 1930-1895 سنوسرت الثاني (خع خبر رع) 1898-1879 سنوسرت الثالث (خع كا رع) 1879-1841 امنمحات الثالث (ني ماعط رع) 1848-1792 امنمحات الرابع (ماعط خرو رع) 1792-1782 سوبك نفرو (سوبك كا رع) 1782-1778 نحن هنا في المملكة الوسيطة. بدأت مع أمير من طيبة منتوحوتب الأول، مؤسّس السلالة 11. ولكن توحّدت المملكة وأعيد بناؤها مع أمنمحات الأول والثاني والثالث والرابع، وسنوسرت (سيوتري، من السلالة 12). هي الحقبة الأعلى في المملكة الوسيطة، بل في التاريخ المصريّ القديم. أسّس امنمحات الأول في لشت، قرب الفيوم، عاصمة ستبني حولها السلالةُ 12 أهرامها. وتجاه البدو الذين يُقلقون سيناء وأرض كنعان، شيّد امنمحات الأول أيضاً قلعة قوية، “حائط الامير” في وادي طوميلات. وفي الوقت نفسه استعاد استغلال المناجم في جنوب سيناء، وضمّ منطقة سرابيت الخادم. خلفه سنوسرت الأول فاهتمّ بشكل خاص بجيران مصر في الجنوب. وفي أيامه، كان “خبر سينوهي” الذي كان في آسية قبل أن يقيم في قبيلة بدويّة في فلسطين. هذا الخبر المليء بالألوان، قد دوّن بلا شكّ في عهد أحد خلفاء سنوسرت الأول : إمّا امنمحات الثاني (1929-1895) وإما سنوسرت الثاني (1897-1878) اللذين ارتبطا بعلاقات دبلوماسيّة مع ملوك آسية. فالتماثيل المصرية التي أهديت في عصرهما إلى هيكلي اوغاريت و قطنه، تدلّ على سعة نفوذ السلالة 12 في سورية. بالإضافة إلى ذلك، اعتاد الاسيويون المجيء بقطعانهم إلى الدلتا في أوقات الجفاف. فكان مدفن مائير الذي يعود إلى حكم امينمحات الثاني، والذي يحمل صورة احدى القطعان مع عبارة “بقر الاسيويين”. وهناك رسم بني حسن الذي يعود إلى حكم سنوسرت الثاني ويصوّر الشيخ أبيشا مع عشيرته وقطيعه (حشو، 3). وفي عهد سينوسرت الثالث (1878-1843) تكاثرت الوثائق. فمع أن هذا الفرعون اهتمّ بالنوبة، فقد قام شخصيًا بحملة قصيرة إلى فلسطين انتهت بالاستيلاء على شكيم. وكشفت حفريات مجدّو ختم “كاتب يحسب القطعان” وتمثال الملك تحوتحوتب الذي عاصر سينوسرت الثالث. فمدفن هذا الملك في دير البرشا يتضمّن صورة عن وصول القطيع إلى فلسطين. وصاحب الكلام الذي يرافق المشهد يتوجّه مباشرة إلى حيوانات القطيع : “سرتم عبر الرمال. والآن تسيرون على العشب”. سيطر تأثير مصر الحضاري والسياسي على كل ساحل فلسطين وفينيقية. وفي جبيل التي ارتبطت في القرن 20 بملك أور، كتب الاميران الاموريّان أبيشومو ويفع شومو أبي لقبيهما كأميري جبيل، وحملا في قبريهما ما يتعلّق بامنمحات الثالث (1842-1797) وامنمحات الرابع (1798-1790). ووُجد في بيروت تمثال صغير لأبي الهول وصدرية امنمحات الرابع. كل هذا يعكس الحضور المصريّ في تلك المنطقة. الأسرة الثالثة عشرة 1778-1625. عاصمتها طيبة. ملوكها : 60 نذكر منهم سوبك حوتب الأول (سخم رع، خوتاي امنمحات) امنمحات سنبف (سخم كارع) امنمحات (سحتب اب رع) امنمحات (سمنخ اب رع، اموني إينوتف) سوبك حوتب الثاني ابن منتوحوتب حور (اوا اب رع) امنمحات (سجف كا رع كاي) وجاف (خو تاوي رع) سنوسرت الرابع (سنفر اب رع) جنجر الأول (وسر كارع) سمنح كارع نفر كارع خنجر الثاني (ني خع ني ماعط رع) سوبك حوتب الثالث (سخم رع سواز تاري) نفر حوتب (خع سخم رع) سوبك حوتب الرابع (خع نفر رع) سوبك حوتب الخامس (خع حوتب رع) ايع اي (داح اب راع) ابي (مر نفر رع) دودي مس الأول (جد نفر رع حوالي 1675) الأسرة الرابعة عشرة عاصمتها سخا الملوك : 76. حكموا 184 سنة الأسرة الخامسة عشرة 1675-1567 الهكسوس ششي (مع اب رع) يعقوب هر (مر وسر رع) خيان (سا أوسر ان رع) ابيبي الاول أو ابوفيس (عا اوسر رع) ابيبي الثاني (عا قنن رع) خامودي (عا سح رع) الأسرة السادسة عشرة – الهكسوس الأسرة السابعة عشرة 1660 (؟)-1570 الأسرة الطيبيّة رع حوتب (سخم رع واح خاعو) اينوتف الخامس (سخم رع وب ماعط) اينوتف السادس (سخم رع حرو حر ماعط) سوبك ام ساف الثاني تحوتي مونتو حوتب الخامس نب اري ار اوت الاول (سو اج ان رع) نب اري ار اوت الثاني (نفر كارع) اينوتف السابع سقنزع (تاعا الاول – الأكبر) سقنزع (تاعا الثاني – الشجاع) بعد امنمحات (امينيميس) الرابع، انهارت مملكة آسية المصريّة انهيارًا سريعًا وصارت الآنية والتماثيل الصغيرة علامات سابقة للأخطار التي تهدّد المملكة الوسيطة. إنّ نصوص اللعنات هذه، هي كلام يوجّه ضد الملوك والقبائل، الذين خافوا من ثورتهم وعدائهم. ومنهم ملك ايبلا، شمشو يفوع ليم. وعدد كبير من المدن والقبائل الفلسطينيّة التي رفضت الخضوع، بل الحياد في علاقتها مع مصر. في تلك الحقبة عينها، ظهرت في مصر أسماء مع “ع ب ر” (عابيرو). “المعفّر”. هناك معفّر بعل، معفَّر رشف، معفَّر إيل. تدلّ هذه المعطيات على أنّ مصر دخلت في الحقبة الثانية المتوسّطة (1786-1570). ظلّ نفوذها ظاهرًا مع الملوك الأولين في الأسرة 13 (1786-1570). وهكذا تضمّن مدفن في ايبلا صولجان الفرعون حوتب رع “الاسيوي” الذي حكم سنة 1765. ووُجد في بعلبك حوالى سنة 1750 تمثال سوبك حوتب. وظلّ ينتين (عمو)، ملك جبيل، يعترف بسلطة نفر حوتب الأول (1740-1730). ولكن مصر لم يرد ذكرُها في أرشيف ماري الملكيّ، الذي يذكر نيتين عمو. ما استطاع الملوك الضعفاء في السلالة 13-14 أن يمنعوا القبائل الساميّة الآتية من آسية، من الإقامة في الدلتا، ثمّ في وادي النيل. هم الهكسوس الذين أسّسوا سلالتين غريبتين، 15 و16. وظلّت سلالة مصريّة مقيمة في طيبة (1650-1570). الأسرة الثامنة عشرة 1570-1304 احمس الاول (نب بحتي رع) 1570-1546 امنحوتب الاول (جسر كارع) 1546-1525 تحوتمس الاول (عا خبر كارع) 1525-1495 تحوتمس الثاني (عا خبر ان رع) 1495-1490 حتشبسوت (ماعط كارع) 1490-1469 تحوتمس الثالث (من خبر رع) 1490-1436 امنحوتب الثاني (عا خبرو رع) 1436-1411 تحوتمس الرابع (من خبرو رع) 1412-1397 امنحوتب الثالث (نب ماعط رع) 1397-1360 امنحوتب الرابع – أخناتون (نفر خبرو رع) 1370-1349 سمنخ كارع (عنخ خبرو رع) 1351-1348 توت عنخ امون (نب خبرو رع) 1348-1337 آي (خبر خبرو رع) 1337-1334 حور محب (جسر خبرو رع) 1334-1304 مع السلالة 18، تمّ طرد الهكسوس على يد أموسيس (أحمس) الأول (1570-1546) الذي هو مؤسّس السلالة 18 (1570-1293) والمملكة الحديثة، التي امتدّت سحابة خمسة قرون، وتركت وراءها عددًا من الابنية والمصادر المكتوبة. وضع أموسيس وخلفه امينوفيس الأول (امنحوتب) (1551-1524) خلال خمسين سنة، أسُس دولة نرى قوّتها وغناها في المباني الضخمة في طيبة. هذه المدينة، مدينة أمون، إله مصر العظيم، صارت عاصمة المملكة. وحكمَ تحوتمس الأول (1524-1518) وتحوتمس الثاني (1518-1504) مملكة وُلدت من جديد، فانطلقا في سياسة توسّعية، ومدّا حدود المملكة حتى الفرات الذي اجتازه تحوتمس الأول في نهاية عهده ليسحق فجأة ملك ميتاني. بعد أزمة السلالة التي حرّكتها حتشبسوت (1498-1483) خالة تحوتمس الثالث (1504-1450) وزوجته، استعاد الملك سياسة أسلافه. فواجه حلفًا مؤلفًا من 330 ملكًا (أو أميرًا) كنعانيًّا وسوريًّا. شتّتهم في مجدو سنة 1483، واحتلّ المدينة بعد سبعة أشهر من الحصار. هذا الانتصار تبعه زيارة موفدين أشوريّين. وأمّن الهيمنة المصريّة على فلسطين. واتّسع استغلال المناجم في سرابيت الخادم. وفي هذا الوقت، استعمل الساميّون العاملون في هذه المناجم، وللمرة الأولى، حروفًا متفرّعة من الهيروغليفيّة المصريّة : هي السينائيّة الأولى. وبين سنة 1480 وسنة 1465، كان تحوتمس الثالث يأتي كلّ سنة إلى فينيقية أو سورية، كما لدى البدو في النقب، الذين ظهر اسمهم (شرشو أو شوشو) للمرة الأولى في وثائق تعود إلى حكمه. والحدث الرئيسيّ الذي يفسّر هذه الحملات هو بداية عداء مباشر مع ملك ميتاني. سنة 1473، استولى الفرعون على قطنة، وحاصر حلب ثم كركميش، وعبر الفراتَ في قوارب نقلتها مركبات تجرّها البقر، ورأى المسلّة التي نصبها جدّه تحوتمس الأول شرقيّ كركميش، ثمّ مضى يسلب بعض مدن ميتاني. لم تضع هذه المغامرة حدًّا للحرب. غير أنّ الحثيّين (في أناتولية) والكاسيين (في بابلونية) أرسلوا هدايا إلى مخيَّم تحوتمس الثالث في “نيع” ( هيناع العبريّة، 2مل 18 :34). وهكذا كان تعادل في ميزان القوى. غير أنّ الملوك السوريّين والفلسطينيّين لم يقبلوا بالهيمنة المصريّة، فقام امينوفيس الثاني (1433-1419) بعدّة حملات يعاقب بها آسية، ولاسيّمَا ضد شوشو المقيمين في النقب، وضد قبيلة أخرى (س م ع ت) قورب اسمها من اسم قبيلة قينيّة هي قبيلة الشمعيّين (1أخ 2 :55). وأجبر تحوتمس الرابع (1419-1386) على فرض الهدوء في فلسطين الوسطى، فحاصر جازر وأخذها. ووصلت المملكة إلى الذروة في عهد امينوفيس الثالث (1386-1349) الذي ما احتاج إلى التدخّل تدخلاً حربيًّا في آسية، بعد أن خضع الجميع لمصر بمن فيهم ملك أوغاريت. ولكن بدأت تظهر أولى العلامات لتدهور الوضع. ولم يكن باستطاعة امينوفيس الرابع (1350-1334 أو اخناتون) أن يوقف الخطر الآتي، وهو المنشغل بالإصلاح الدينيّ وبناء مدينة أتون الجديدة في موقع تل العمارنة. إنّ الأرشيف الذي وُجد هناك يدلّ بشكل ملموس ودراماتيكيّ على تدهور سريع للمملكة في سورية وفلسطين، حيث تخلّت مصر عن الملوك الأمناء لمصر. ملك مع اخناتون سمنخ كارع (1336-1334). ثمّ جاء توت عنخ أمون (1334-1325)، وقائد عسكري شيح هو آي (1324-1321). كادت الكارثة تقع لولا حورمحب القوي، الذي استولى على الحكم بقوّة السلاح، وأعاد النظام في البلاد بعد أن اشتهر بانتصاراته في آسية. الأسرة التاسعة عشرة 1304-1195 رعمسيس الأول (من بحتي رع) 1304-1303 سيتي الأول (من ماعط رع) 1303-1290 رعمسيس الثاني (اوسر ماعط رع) 1290-1223 منفتاح امري ان بتاح (با ان رع) 1223-1211 امون مس سي (من مي رع) 1211-1207 سيتي الثاني (اوسر خبرو رع) 1207-1202 تاوسرت (سيت رع، مرت امون) سي بتاح (اخ ان رع، مري ان بتاح) 1202-1195 بدأت السلالة 19 (1293-1185) مع رعمسيس الأول (1293-1291) الذي خلف آي. ثمّ جاء سيتي الأول (1291-1279). وُجد نصب انتصار سيتي في بيت شان، فأنشد استعادة حدود المملكة في سورية وفلسطين، حتى حماة (نشو، 253-254). وظلّت مناجم سرابيت الخادم تُستغلّ في سيناء. وشرع المصريّون منذ عهد سيتي الأول أو خلفه رعمسيس الثاني (1279-1212) يستغلّون مناجم تمناع، شمالي إيلات. كانت هذه المنطقة على خطّ حربيّ وتجاريّ يمرّ في النقب الأوسط. ونشاط مناجم تمناع الفرعونيّة منذ بداية السلالة 19، يُفسّر لماذا ذُكر “شوشو” مرارًا في وثائق تلك الحقبة. فالمسألة الكبرى التي طُرحت على سيتي الأول ورعمسيس الثاني، هي التزام بين مصر والمملكة الحثيّة على سورية. استعاد رعمسيس الثاني الحرب التي بدأها سيتي الأول ضدّ الحثيّين، فكانت معركة حامية عند قادش على العاصي سنة 1275. لم تُحسم المعركة، فكانت معاهدة سلام بين رعمسيس الثاني و حتوسيلي الثالث، كرّست الوضع القائم في سورية. وحقبة السلام الطويلة التي نتجت عن هذه المعاهدة، أتاحت للفرعون بأن يهتمّ بالابنية في الكرنك والأقصر، وبأن يشيّد عاصمته في الدلتا الشرقيّة : في رعمسيس. ورث مرنفتاح (1212-1202) وضعًا صعبًا على حدود المملكة حيث تراخى السهر خلال السنوات الأخيرة من حكم والده. فواجه بقوّة، منذ اعتلائه العرش، هذا الوضع، فأعلن بافتخار على مسلّة نصبها سنة 1207 أنّه “اجتاح ليبيا وهدّأ حطّي، وسلب كنعان كلّها : أخذ عسقلان. استولى على جازر. صارت ينوعام كلا شيء. وأعدم اسرائيل بحيث زال نسله. وصارت حورو أرملة بسبب مصر”. مع هذا النصب، دخلت قبائل اسرائيل المقيمة في وسط فلسطين، في التاريخ. والمعركة التي جعلتهم أمام المركبات المصريّة، قد صوِّرت على جدار في هيكل أمون في الكرنك. وأحد المشاهد الأربعة التي تروي انتصار مرنفتاح، يقدّم النسخة المصريّة للمعاهدة التي عُقدت بين رعمسيس الثاني وحتوسيلي الثالث (نُسب النصر في هذه اللوحة إلى رعمسيس الثاني، وهذا خطأ). ونجد سقوط عسقلان (ذُكرت في الكتابة)، ومعركة المركبات المصريّة ضد اسرائيل في السهل، سقوط جازر وينوعام. حصل القتال ضد اسرائيل في سهل كنعان الساحليّ. ولكن بما أنّ الوقائع كذّبت أقوال مرنفتاح، نتساءل : أما انتهت هذه المعركة بغرق مركبات مصر في الوحول. هذا ما يشير إليه خر 15 :21 : “الخيل وفرسانها رماهم في البحر”. في هذه الفرضيّة، يصبح بحر القصب في خر 15، مصبّ يرقون. وهناك وثيقة أخرى تعود إلى زمن مرنفتاح، بردية أنستاسي 6 :54-56، وهي تتحدّث عن شوشو أدوم : “أنهينا من تمرير قبائل شوشو في حصن مرنفتاح حوتب هرماعط، الذي هو في جكو. حتى مستنقعات فيراتوم، لكي نبقي على حياتهم وحياة قطعانهم”. هذا النصّ من رسالة تعود إلى النصف الثاني من حزيران سنة 1204 ق.م.، لا تعطي اسم القبائل التي تتحدّث عنها. ولكننا نستطيع أن نفترض أن قبيلة “ي هـ و” كانت بينها، لأنّها هي التي أقامت في مصر حسب خر 3 :18؛ 5 :3 : “أطلقنا لنذهب مسيرة ثلاثة أيام في البريّة ونذبح ليهوه إلهنا”. إنّ الأسماء التي من أصل مصري في عشائر لاوي، مثل موسى، أشير، حفني، فشحور. فنحاس، فوتئيل، هرون، قد ثبَّتت هذا القول، لأنّ هذه العشائر (أو قلّة تقاليدهم) تعود إلى النقب حيث أقام شوشو الأدومي. ولكن يبقى أن نص بردية أنستاسي 6، تشير إلى تحرّكات انتجاع ولا علاقة لها بأحداث دراماتيكيّة حصلت في زمان رعمسيس الثالث، الملك الثاني في السلالة العشرين. فإن السلالة 19 قد انتهت سريعًا بعد موت مرنفتاح وحكم قصير لكلّ من “أمون محاسي” (1202-1199)، وسيتي الثاني (1199-1193) وسي بتاح (1193-1187) والملكة تاوسرت (1193-1185). الأسرة العشرون 1195-1080 سي نخت (اوسر خعو رع) 1195-1192 رعمسيس الثالث (اوسر ماعط رع، مري امون) 1192-1160 رعمسيس الرابع (حق ماعط رع) 1160-1154 رعمسيس الخامس (اوسر ماعط، رع سخيران رع) 1154-1150 رعمسيس السادس (نب ماعط رع) 1150-1145 رعمسيس السابع (اوسر ماعط رغ، اخ امون) 1145-1144 رعمسيس الثامن (اوسر ماعط رع، مري امون) 1144-1137 رعمسيس التاسع (نفركا رع) 1137-1118 رعمسيس العاشر (خبر ماعط رع) 1118-1110 رعمسيس الحادي عشر (من ماعط رع، ستب ان بتاح) 1110-1080 بعد فترة متوسطة امتدّت بضعة أشهر، أسّس سيت نخت السلالة 20 (1184-1070) التي كان رعمسيس الثالث (1182-1151) وحده الملك العظيم فيها. تغلّب على القبائل الليبيّة سنة 1178، وخلّص مصر من اجتياح شعوب البحر المدمّر. وجعل قسمًا منهم ( الفلسطيون) يقيمون في الساحل الجنوبيّ لكنعان. وبعد انتصارات جديدة على الليبيّين سنة 1172، تدخّل بجيشه في سيناء وفي كنعان. وبسبب الأهميّة الستراتيجيّة لطريق سيناء التي تقود إلى مناجم النحاس في تمناع، والتي ظلّت ناشطة حتى رعمسيس الخامس (1145-1141)، قام رعمسيس بضربة قاسية ضدّ شوشو المقيمين في جبل سعير الذين هدّدوا شغل المعادن في تمناع. وبردية هاريس 176 :9-11 التي دوّنت في زمن رعمسيس الرابع (1151-1140)، نسبت إلى رعمسيس الثالث خبر الحملة هذه على الأدوميّين في سعير : “دمّرتُ أهل سعير وسط قبائل شوشو، وسلبت خيامهم والرجال مع الأموال، وأخذت قطعانًا لا عدّ لها. قيّدتهم وأخذتهم سلبًا وجزية لمصر فاعطيتهم للتاسوعة ( الآلهة التسعة في هليوبوليس) عبيدًا في الهياكل”. بعض هؤلاء الشوشو جُعلوا في الجيش المصريّ. والبعض الآخر عمل في تشييد هيكل سيت في رعمسيس. والآخرون أقاموا غربيّ النيل في “فن شوشو” حيث كانوا، في أيام رعمسيس الخامس، في خدمة هيكل حاتور، أو في منطقة طيبة حيث سنجد بعضًا منهم في أيام رعمسيس التاسع (1126-1108) في خدمة هيكل أمون. بين هؤلاء الشوشو نبحث عن نواة أناس تركوا مصر بقيادة موسى، في نهاية حقبة الرعامسة (رج الخروج). شدّد رعمسيس الثالث قبضة مصر على مناطق في كنعان. وهذا ما تدلّ عليه آنية جازر و لاكيش، وعاج مجدو، وتمثال بيت شان، واوستراكة (تعود إلى سنة 1160) تل سرعة التي تبعد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من بئر سبع. كلّ هذه الوثائق تحمل اسم الفرعون. إن الانتصارات التي حازها رعمسيس الثالث في كنعان وربّما في سورية، قد تخلّدت في نصوص ملحميّة طويلة، وفي جدرانيّات “مدينة خبو”. ولكن انحطاط المملكة بدأ يظهر. ورعمسيس الخامس (1145-1141) هو آخر ملك يُذكر اسمه في تمناع. وخلفُه رعمسيس السادس هو آخر ملك يظهر في مجدّو وفي سرابيت الخادم. وبعد حكم مع ابنيه رعمسيس السابع ورعمسيس الثامن (1134-1126) جاء حكم رعمسيس التاسع (1126-1108) الذي ظهر اسمه في جازر مع عبدة اسمها تاشوشو. هي آخر شوشو يُذكر في حقبة الرعامسة. في النصف الثاني من القرن 12، نرى شوشو الذين أجلوا سعير إلى مصر (على ما يبدو)، يعود نسلهم من أرض النيل إلى أرض الأجداد في سيناء والنقب حيث لم يعد من وجود للفراعنة. وانتهى نزاع السلالة 20 مع رعمسيس العاشر (1108-1098)، ومع رعمسيس الحادي عشر (1098-1070) الذي تفتّتت مملكته. الأسرة الحادية والعشرون 1085-950 سمندس (نسو بانب جدت) في تانيس حريحور في طيبة 1085-1054 بسوسينيس (باسبا ضع ان نيوت) في تانيس بينزم في طبيبة 1054-1009 امنحأوبت (في تانيس) 1009-1000 سي امون (في تانيس) 1000-984 بسوسينيس الثاني (في تانيس) 984-950 نحن هنا في الحقبة الثالثة المتوسطة. فقبل أن ينتهي رسميًّا حكم رعمسيس الحادي عشر، أسّس سمندس في ممفيس، وحريحور عظيم الكهنة، في طيبة، بيتين ملكيين، تقاسما مصر من سنة 1070 إلى سنة 945. أقام نسل سمندس في تانيس (صوعن) واحتفظوا بالشارات الملكيّة خلال هذه الحقبة كلّها. ولكن بوسينيس الثاني وآخر ملك في تانيس في السلالة 21، كان في الواقع كاهن طيبة. زاحه شيشنق الأول، القائد الليبيّ الذي أسّس السلالة 22، وشرّع استيلاءه على الحكم إذ زوّج ابنه اوسوركون بابنة بسوسينيس الثاني. دام ازدهار سلالة شيشانق قرنًا من الزمن. ثمّ بدأت فترة من الفوضى قسمت مصر مملكتين. ولكن وُلدت في السودان (في أرض كوش) قوّة ثالثة. الأسرة الثانية والعشرون 950-730 شاشنق الأول 950-929 اوسوركون الأول 929-893 تكلوت الأول 893-870 اوسوركون الثاني 870-847 شيشانق الثاني 847 شيشانق الثالث 823-772 بامو 772-767 شيشانق الرابع 767-730 الأسرة الثالثة والعشرون 817 (؟)-730 (تل بسطة) شيشانق الخامس 763 (؟)-757 (؟) اوسوركون الثالث 757 (؟)-748 (؟) تلكوت الثالث امون روو 748 (؟)-730 اوسوركون الرابع الأسرة الرابعة والعشرون 730-765 (صا الحجر) تف نخت 730-720 بكوريس (باك ان رنف) 720-715 الأسرة الخامسة والعشرون 751-516 الاسرة الكوشيّة بعنخي 751-716 شاباكا 716-701 شبتاكا 701-689 طهرقا 689-663 تانوت امون 663-656 إنّ سلالة ناباتا الأولى التي صارت السلالة المصريّة 25، قد بدأت مع بعنخي (746-716) مسيرة سياسيّة وحضاريّة، منطلقة من البلاط الفرعوني. إلاّ أنّ بقاء الأمارات الليبيّة حاضرة في الدلتا، والاستقلال النسبيّ لأمراء حانيس، ومجيء السلالة الرابعة والعشرين في سوء (سائيس)، كل هذا جمّد عمل الملوك الكوشيّين (أو الأحباش) وساعد الأشوريّين على تدمير دولتهم. جاء شاباكا بعد بخنعي، وخلفه شبتاكا (702-690) الذي انطلق سنة 701 لمساعدة أورشليم التي يحاصرها سنحاريب. إنّ حكم طهرقا وخلفه تانوت أمون (664-657) انشغلا بالحرب ضدّ الأشوريّين الذي اجتاحوا مصر بمساعدة جيوش الملوك تابعيها، ولاسيّمَا ملك يهوذا. سقطت ممفيس وطيبة. ولكن سلالة سائيس قامت على بساميتيك الأول (664-610) الذي دعا مرتزقة من إيونية وكارية، كما دعا لمساعدته جيجيس ملك ليدية. وهكذا طُردت الحاميات الأشوريّة من مصر، وعُزلت سلالة طيبة، وتصفّت آخر آثار الفوضى الليبيّة. الأسرة السادسة والعشرون 656-525 بساميتيك الأول 663-609 نكو 609-594 بساميتيك الثاني 594-588 ابريس (و ا ح ب ر ع) 588-568 احمس الثاني (اماسيس) 568-526 بساميتيك الثالث 526-525 حين أعاد بساميتيك الأول توحيد مصر، رفض أن يكون تابعًا لأشور بانيبال. ولكن الحاميات الأشوريّة (مع جيوش اسكوتيّين) ظلّت على حدود مصر دون أن تقلق ملك سائيس. فاستطاع أن يعيد للملكيّة الفرعونيّة بعض عظمتها، وللبلاد الأمان، وللحضارة المصريّة لمعانًا جديدًا. وصعد المادايون والكلدانيّون في بابلونية، فاجتاحوا أشورية. قلق الملكُ الشيخ، فأرسل سنة 610 ق.م. جيشًا مصريًّا وصل إلى كركميش وحاران، ليساند أشورية. وتابع ابنه نكو الثاني (610-595) السياسة عينها. ولكن هذا لم يمنع من دمار المملكة الأشوريّة التي قُسمت بين المادايين بقيادة أواكشترا والكلدانيّين (أو البابلونيّين) بقيادة نبوفلاسر ونبوخذ نصر الثاني. ورغم هزيمة كركميش سنة 605، حافظ نكو الثاني على بعض النفوذ في سورية وفينيقية. طلب الملوك الفينيقيّون عونه ضدّ التهديد البابلوني. ولكن نكو الثاني لم يستطع أن يمنع البابلونيّين من احتلال فينيقية وفلسطية بقيادة نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :7)، كما لم يمنع سقوط أورشليم سنة 597 ق.م. (2مل 24 :10-17؛ 2أخ 36 :6). ساند خلفُه بساميتيك الثاني (595-589) الحزب الموالي لمصر في أورشليم، وهذا ما دفع صدقيا إلى التمرّد على نبوخذ نصر الثاني (2مل 24 :20ب؛ 2أخ 36 :13). ولكن مات الفرعون قبل أن تحاصر الجيوش البابلونيّة أورشليم (2مل 25 :1؛ إر 39 :1). فما استطاع ابنه وخلفه واحب رع (خفرع في العبريّة، ابرياس في اليونانيّة) (589-568) أن يخلّص عاصمة يهوذا مع أنّه قام بهجوم ليحوّل أنظار العدو (إر 37 :5)، بناءً على طلب قائد الجيش اليهوذاويّ كونيا بن ألناتان الذي ذهب إلى مصر (اوستراكة لاكيش 3 :14-16). سقطت أورشليم سنة 587 ق.م. ولكن صور قاومت جيوش نبوخذ نصر الثاني 13 سنة، بعد أن جاءتها الإمدادات بالبحر. عندئذ حاول عدد من اليهوذاويّين اللجوء إلى مصر (إر 42-44)، فأقاموا في الدلتا الشرقيّة ولاسيّمَا في المجدل وتحفنحيس وممفيس، كما أقاموا في مصر العليا (فتروس)، في أسوان وجزيرة الفيلة. في جزيرة الفيلة أقامت مستوطنة يهوديّة تعود إلى زمن أماسيس (أو : أحمس) إن لم يكن خفرع، وحاولت أن تدافع عن مدخل النيل تجاه سلالة نفاتا الكوشيّة الثانية التي كانت تستعدّ للاستيلاء على مصر، رغم حملة 594 التي وصلت بجيش بساميتيك الثاني إلى قلب النوبة. حصل انقلاب على خفرع وقُتل سنة 538 (رج إر 44 :39)، واستولى أماسيس (568-526) على العرش. استفاد نبوخذ نصر من هذه الثورة الدمويّة، فهاجم مصر (رج إر 43 :8-13؛ 46 :13-26؛ حز 30). ولكن أماسيس تغلّب على المحنة فما تحقّقت أقوال النبيّين إرميا وحزقيال. وكان ابنه بساميتيك الثالث (526-525) أمام خصم آخر هو قمبيز، أخذ منه ملكَه وأعدمه الحياة بعد نصف سنة من الحكم. الأسرة السابعة والعشرون 525-404 قمبيز 525-522 دارا الاول (داريوس) 522-485 خشيارت (كركسس أو احشوويروش) 485-464 ارتحشات (ارتكسرسيس أو ارتحششتا) 464-424 دارا الثاني 424-404 الأسرة الثامنة والعشرون 404-358 امون خر (اميرتايوس) 404-398 الأسرة التاسعة والعشرون 398-378 نفرتيس الأول (نايف عوف رود) 398-392 هكر (اكوريس) 392-389 بي ساموت (بساموتيس) 380-379 نفريتس الثاني (نايف عاو رود) 379-378 الأسرة الثلاثون 378-341 نختنبو الأول (نخت نيف) 359-341 الغزو الفارسي الثاني 341-332 أرتحششتا الثالث “اوخوس” 341-338 ارسيس 338-335 دارا الثالث في مصر 335-332
مقهيلوت:
أو قهيلاتة : التجمّع. رج كلمة قهل، قهيلاتا (عد 33 :22-23). محطة من محطات الخروج بين سيناء وقادش (عد 33 :25-26). بين حرادة وتاحت.
ممفيس:
كذا في اليونانية. في العبرية : نوف أو موف. في الاكادية : ممفي (يه 1 :10). عاصمة مصر السفلى. تقع على الضفة الشمالية لنهر النيل وتبعد بضعة كلم عن القاهرة. هذه المدينة القديمة التي تعني في المصرية : “الجمال الدائم” (م ن. ن ف ر)، أسّسها مينيس باسم “الجدار الأبيض”، وأخذ التسمية من هرم بيبي الأول (سلالة 6) الموجود قرب سقارة. في الارامية والفينيقية هي “م ن ف” دون دغم النون كما في هو 9 :6 (م ف) وفي رسالة أرامية وُجدت في هرموبوليس (رسالة 2 :3). وكان لممفيس اسم آخر : “مدينة فتاح” إله المدينة. كان الاسم يُلفظ “نوفتاح”. رج في العبرية “ن ف ت ح” في تك 10 :13 (نفتوح) وفي 1أخ 1 :11 مع اسم النسبة : نفتوحيون. أما اللفظة الموجزة فهي “ن و ف” التي نجدها في إش 19 :13؛ إر 2 :16؛ 44 :1؛ 46 :14، 19؛ حز 30 :13. نجد اسم النسبة “ممفيس” في كتابة فينيقية في أبيدوس، على مثال نفتوحي. كان الاله الرئيسي في ممفيس فتاح، الذي عُبد منذ السلالة المصريّة الأولى. كان شفيع الصنَّاع وقد تماهى مع كوشر لدى السوريين والكنعانيين، ومع هيفايستوس لدى اليونان. هو خالق الكون بالعقل (القلب) والكلمة (اللسان). عُبد في المستوطنة الفينيقية في ممفيس. وما يدلّ على ذلك أسماء العلم : خادم فتاح. ابن فتاح. ووُجد فينيقيون بعيدًا عن ممفيس، مثل ذاك الذي وصل إلى ابيدوس وأعلن انه ممفيسي. لا نعرف متى بدأت هذه المستوطنة، ولكنها كانت موجودة في القرن 8 ق.م. في الحقبة الفارسيّة، عبد فتاحَ الاراميون الذين أقاموا في ممفيس أو مرّوا فيها. وما يدلّ على ذلك رسائلهم التي وُجدت في هرموبوليس. كانت ممفيس عاصمة مصر خلال المملكة القديمة. ولعبت دورًا هامًا في المملكة الوسيطة مع أن العاصمة الملكيّة قد انتقلت إلى الجنوب، إلى جوار لشت. في المملكة الحديثة صارت ممفيس مدينة فيها الجيش والعتاد، وأقام فيها وليُّ العهد. في القرن 13 انتقلت العاصمة إلى الشمال الشرقي حين أسّس رعمسيس الثاني في رعمسيس. ولكن كهنة ممفيس حافظوا على تأثيرهم الكبير، والمدينة ظلت مزدهرة وهي الواقعة على رأس الدلتا. أشار إليها هو 9 :6 كي يتلاعب على الكلام، فذكر الأهرام ومدينة الموتى الشهيرة. إلى هذا تشير لفظة “ك س ل ح ي م” (كسلوج) في تك 10 :14؛ 1أخ 1 :12 (كسلوح). وأظهر إش 19 :13 حذره من هؤلاء الملوك الصغار في مصر مفتّتة بعد أن أضعفتها الفوضى الليبيّة. وجعل إر 2 :16 العاصمة القديمة على قدم المساواة مع تحفنحيس (دفنه)، فلمّح إلى التدخّل المصريّ سنة 609-605. وذُكرت المدينة في إر 44 :1 بسبب اليهوذاويين الذين لجأوا إليها سنة 587. وفي إر 46 :14-19؛ حز 30 :13 بسبب تهديد نبوخذنصر الثاني لمصر سنة 568 ق.م.
موآب:
الاشتقاق الشعبي حسب تك 19 :37 : خرج من الاب أو ماء الأب. رج فحت موآب. (أ) بلد وشعب في شرقي الاردن. أقام شرقي البحر الميت. تلة خصبة سُمّيت تارة فيافي او سهول موآب (عد 22 :1؛ 26 :3؛ 31 :12؛ 33 :48-50؛ 36 :13، تث 34 :1؛ يش 13 :32)، وطورًا حقول أو بلاد أو ارض موآب (تك 36 :35 1أخ 1 :46؛ عد 21 :20؛ را 1 :1-6، 22؛ 2 :6؛ 4 :3؛ 1أخ 8 :8). في موآب أمر الرب موسى أن يقسم الارض الموعودة (عد 33 :50-36 :2). في موآب كتب موسى الشريعة (تث 1 :5)، وقطع العهد (تث 28 :69)، وتسلّم الشرائع والوصايا (عد 36 :13). ومن هناك صعد موسى إلى جبل نبو فرأى أرض الموعد قبل أن يموت (تث 34 :1-6). (ب) موآبيون وعمونيون. هذان الشعبان هما ابنا لوط (تث 2 :9، 18؛ مز 83 :9). يُذكران مرارًا معا : نجد بداية الشعبين في خبر بنات لوط (تك 19 :36-38). إنهم أقارب للاسرائيليين ومعهم تنازعوا مرارا (مز 83 :6-9؛ عد 22-24). في عهد القضاة قام عجلون، ملك موآب، وضايق بني اسرائيل (قض 3 :12- 30). حارب شاول الموآبيين (1صم 14 :47)، وأخضعهم داود (2صم 8 :2، 12 1أخ 18 :2، 11). تحالف الموآبيون والعمونيون وهاجموا يوشافاط ملك يهوذا 2 أخ 20 :1-23). وفي أيام يورام، ملك اسرائيل، قام اسرائيل ويهوذا بحملة على ميشع ملك موآب وانتصروا عليه (2مل 3 :4-27). وفي أيام يوياقيم، هاجم الموآبيون والعمونيون يهوذا بإيعاز من نبوخذنصر (2مل 24 :2). انجذب اسرائيل وقواده بعادات وآلهة موآب (عد 25 :1ي؛ قض 10 :6؛ 1مل 11 :1-7، 33؛ 2مل 23 :13؛ عز 9 :1؛ نح 13 :23). وظهر عداء اسرائيل لموآب في تث 23 :4-5، فمُنع الموآبي والعموني من الدخول إلى جماعة الرب، وفي اقوال الانبياء ضد موآب (إش 11 :14؛ 15 :1ي؛ ار 9 :24-25؛ 27 :2-3؛ 48 :1ي : يذكر موآب 34 مرة في هذا الفصل؛ حز 25 :8-11؛ عا 2 :1-2؛ صف 2 :8-11). ولكن داود سيسلم الى ملك موآب أهله الذين كانوا في خطر من شاول عدوّه (1صم 22 :3-4). وخلال حصار اورشليم سيلجأ اليهوذاويون إلى موآب (ار 40 :11). وفوق هذا كله ستكون امرأة موآبية (راعوث) جدةَ داود ثم المسيح (را 1 :22؛ 4 :13، 17-22؛ مت 1 :15-16). تذكر البيبليا ملوك موآب : بالاق، عجلون، ميشع، شلمن. اله موآب هو كموش. نهره هو ارنون. جبلاه : عباريم، نبو. مدنه عديدة : ديبون، ميدبا، نبو، مصفاة. نشير إلى ان الموآبيين خضعوا للاشوريون. فالكتابات الاشورية تذكر ملوكهم سلمن، كموش او ندبي، موسوري، كاماش ألتي. في الزمن الفارسي تغلغلت عناصر عربية في موآب، وما عتمّ الانباط ان امتصوا مملكة موآب. وبعد سنة 105 ق. م. كان القسم الاكبر من موآب في مقاطعة عرابية الرومانية. (ج) لغة وديانة موآب. إن لغة موآب التي نقرأها في أهم وثيقة لها، هي مدوّنة ميشاع، التي تبدو لغتُها قريبة من العبرية. انتشرت الأراميّة في أرض موآب أقلّه في الحقبة الفارسيّة. وهذا ما تدلّ عليه مدوّنة أراميّة تعود إلى بداية القرن 3 ق.م.، وُجدت في الكرك. أهديت الى الالاهة العربية “سراء” (الحظّ)، بيد كاهن الاله كموش. فكموش هو الاله الوطني للموآبين الذين سمّوا “شعب كموش” (عد 21 :29؛ إر 48 :46)، وتذكر مدوّنة ميشع “عشتار كموش”. هو اسم باسمين. وقد يكون الاسم الكامل للاله السامي كموش. في أي حال يتماهي الاله السامي القديم، كموش، الذي عُرف في ايبلا في الألف الثالث، مع الاله العربي عشتار. كموش أو عشتار كموش قد صوّر على نصب موآبي في رجم العبد (حشق 177)، المعروف بـ “مسلّة سيحان” التي تعود إلى القرن 9 أو 8 ق.م. نرى في هذه الصورة إلهًا حربيًا يرتدي خوذة ويتسلّح برمح. وهذا ما يتوافق مع كموش، إله الحرب الذي ماهاه التقليد اليوناني مع أريس. إكرامًا لهذا الاله ذبح ميشاع ابنه (2مل 3 :27)، كما ذبح 7000 شخص من الرجال والنساء أسرهم حين احتلّ جبل نبو.
نبو:
1) جبل يبعد 19 كلم إلى الشرق من الاردن، على مستوى أريحا (388م فوق سطح البحر). هناك مات موسى (تث 32 :49ي؛ 34 :1؛ رج 2مل 2 :4). 2) مكان عند سفح جبل نبو. من أواخر محطات الخروج (عد 33 :47). هو مدينة لرأوبين (عد 32 :3، 38؛ 1أخ 5 :8)، ثم لموآب (إش 15 :2؛ ار 48 :1، 22) ناباتا (في اليونانية : ندابات). رج 1مك 9 :37. 3) موضع في يهوذا (قد يكون نوب). أقام فيه بنو اسرائيل بعد عودتهم من السبي (عز 2 :29 نح 7 :33). بعض أهل نبو تركوا نساء هم الغريبات (عز 10 :43). 4) اله الكتابة والحكمة وترجمان الاله بال وابنه في البلاد الاشورية والبابلية. رآه اش 46 :1 يسقط بعد سقوط بابل. في الاصل إله بورسيبا (اليوم برس غرور). صار ابن مردوك وأخذ مكانه مع سلالة بابل الكلدائيّة (القرن 6 ق.م.) وهذا ما نشهده في اسماء العلم : نبوفلاسر، نبوخذنصر، نبونيد، حيث نبو هو الاسم الالهي. كان امين سر والده، فدوّن قراراته. منذ القرن 8 ق.م.، وُجدت كتابة أشوريّة في شأنه تقول : “أيًا كنت في المستقبل، اتّكل على نبو ولا تتكل على إله آخر”. اسم زوجة نبو : تشماتو أي الاستجابة.
نقب:
المقفر وبالتالي : الجنوب. رج رامة نقب او رامة الجنوب. 1) منطقة شبه صحراوية في جنوب فلسطين. تُذكر مع سائر مناطق فلسطين الطبيعية ولا سيما الجبل والسهل (تث 1 :7؛ يش 10 :40؛ 11 :16؛ 2أخ 28 :18). تنطلق التوراة من العشائر التي تقيم في النقب فتميِّز بين نقب يهوذا (1صم 27 :10)، نقب عراد (قض 1 :16)، نقب كالب (1صم 30 :14)، نقب القينيين، نقب يرحمئيل (1صم 27 :10)، نقب الكريتيين (1صم 30 :14). جال ابراهيم (تك 12 :9؛ 13 :1، 3؛ 20 :1) واسحق (تك 24 :62) في النقب، وكذلك فعل جواسيس موسى (عد 13 :17، 22). كان لقبيلة شمعون بعض المدن (يش 19 :2-7 1أخ 4 :28-32) سيبتلعها يهوذا (يش 15 :21-32؛ رج نح 11 :26-29). النقب هو ارض الزوابع (اش 21 :1) والسيول (مز 126 :4) والوحوش المتنوِّعة (إش 30 :6). يشير حز 21 :2ي إلى وجود غابة في النقب. بسبب تفتّت النقب، صار أرضَ السلب والنهب (1صم 30 :1ي، داود). بعد سقوط مملكة الجنوب، احتلّ الادوميون النقب. وتوصّل الرومان فزرعوا النقب حين أوصلوا إليه الماء.
نوف:
رج ممفيس. مدينة مصرية جاء إليها لاجئون من آل يهوذا (ار 44 :1). شهدت ذل اسرائيل (ار 2 :16) ولكنها ستدمَّر بدورها (إش 19 :13؛ ار 46 :14-19؛ حز 30 :13، 16).
نيل:
في المصرية “اترو” في العبرية “يأور”. في اليونانية : نايلوس (من هنا النيل). تترجم السبعينية اليونانيّة والشعبية اللاتينية اللفظة بكلمة بوتاموس أو فلوفيوس أي النهر. من أطول أنهر الارض (طوله 6500 كلم). نبع النيل هو نيافارونفو وهو رافد من كاغيرا الذي يصب في بحيرة فكتوريا، نيانزا. قبل ان يصل إلى مصر يحمل اسماء عديدة : بحر الغزال، بحر الصراف، النيل الأزرق، اقبارا، سباط. عرض النهر يتراوح بين 460 و 900 م. اما واديه فيتراوح بين 5 و 25 كلم. يصل إلى اقصى انخفاضه في أسوان في منتصف أيار، وفي القاهرة في منتصف حزيران. تبدأ المياه خضراء ومليئة ببقايا النبات (النيل الاخضر). بعد شهر من هذا الوقت يأتي الفيضان الكبير الذي يحمل التراب الاحمر من ارض الحبشة. ويصل إلى أعلى مستواه في بداية شهر أيلول في أسوان، وفي بداية شهر تشرين اول في القاهرة. كل هذا كان قبل بناء السد العالي. النيل مهم كوسيلة اتصال وكحامل طعام شعبي (السمك : إش 19 :8؛ حز 29 :4). تتحدث التوراة عن النيل خاصة في سفر الخروج وفي الاسفار النبوية لتدل على مصر. من جزيرة الفيلة (الفنتين) إلى القاهرة، يمرّ النيل في إدفو، طيبة العمارنة، ممفيس وغيرها من مدن مصر العليا. نشير إلى أن النيل لم يؤلّه في المعنى الحصريّ للكلمة. ولكن روح النيل الذي سمّي في المصرية “ح ا ف ي” كان إلهًا ذكرًا وانثى، يجسّد خصب أرض مصر. لهذا يبدو بشكل امرأة سمينة.
نيل:
في المصرية “اترو” في العبرية “يأور”. في اليونانية : نايلوس (من هنا النيل). تترجم السبعينية اليونانيّة والشعبية اللاتينية اللفظة بكلمة بوتاموس أو فلوفيوس أي النهر. من أطول أنهر الارض (طوله 6500 كلم). نبع النيل هو نيافارونفو وهو رافد من كاغيرا الذي يصب في بحيرة فكتوريا، نيانزا. قبل ان يصل إلى مصر يحمل اسماء عديدة : بحر الغزال، بحر الصراف، النيل الأزرق، اقبارا، سباط. عرض النهر يتراوح بين 460 و 900 م. اما واديه فيتراوح بين 5 و 25 كلم. يصل إلى اقصى انخفاضه في أسوان في منتصف أيار، وفي القاهرة في منتصف حزيران. تبدأ المياه خضراء ومليئة ببقايا النبات (النيل الاخضر). بعد شهر من هذا الوقت يأتي الفيضان الكبير الذي يحمل التراب الاحمر من ارض الحبشة. ويصل إلى أعلى مستواه في بداية شهر أيلول في أسوان، وفي بداية شهر تشرين اول في القاهرة. كل هذا كان قبل بناء السد العالي. النيل مهم كوسيلة اتصال وكحامل طعام شعبي (السمك : إش 19 :8؛ حز 29 :4). تتحدث التوراة عن النيل خاصة في سفر الخروج وفي الاسفار النبوية لتدل على مصر. من جزيرة الفيلة (الفنتين) إلى القاهرة، يمرّ النيل في إدفو، طيبة العمارنة، ممفيس وغيرها من مدن مصر العليا. نشير إلى أن النيل لم يؤلّه في المعنى الحصريّ للكلمة. ولكن روح النيل الذي سمّي في المصرية “ح ا ف ي” كان إلهًا ذكرًا وانثى، يجسّد خصب أرض مصر. لهذا يبدو بشكل امرأة سمينة.
هليوبوليس:
الاسم اليوناني (مدينة الشمس) للمدينة المصرية المعروفة (في العبرية : أون، في المصرية : أونو، في الاكادية : أونو أو أنو) التي بقيت منها بعض الخرائب على بعد 10 كلم إلى الشمال من القاهرة قرب المطرية الحالية. يدلّك الدليل هناك على جميزة استراحت تحتها العائلة المقدسة حين هربت إلى مصر. في العهد السابق للتاريخ، كانت هليوبولييس عاصمة مصر السياسية. في الزمن التاريخي، لعبت دورًا دينيًا وثقافيًا هامًا، لأنها كانت مركز عبادة الاله اتون الذي امتزج مع سائر الالهة : اتوم، خفري، هرختي اتون. في عهد السلالة الخامسة فرضت نفسها في كل مكان بالافكار اللاهوتية التي وزّعها كهنة هليوبوليس، وتوصل الحجر بنبن والثور المقدس منافيس على الثبات حتى آخر مراحل التاريخ. وكانت المسلة ايضا رمزًا شمسيًا. وقد كانت المسلات عديدة، اثنتين اثنتين. في هليوبوليس بقيت مسلة سيسوستريس الاول (بداية القرن 20 ق.م. علو : 20م). في أيام هيرودوتس (منتصف القرن 5 ق.م.) وبالاحرى في زمن الانبياء، كانت المدينة قائمة وكان هيكلها ومدرستها مشهورين حتى لدى اهل اليونان. في ايام سترابون (القرن الاول ق.م.) كانت هليوبوليس خربة. عُرفت هليوبوليس في فلسطين. فذُكرت في تك 41 :43، 50 (أون)؛ 46 :20، حيث يشير كاتب خبر يوسف إلى أن فوطيفار رع كان كاهن هليوبوليس (معنى اسمه : ذاك الذي أعطى قلب رع). وإلى هليوبوليس يعود إش 19 :18 حيث نقرأ “عير ها حارث” (مدينة الشمس) مع نص إشعيا في مغارة قمران الاولى، مع سيماك والشعبيّة اللاتينيّة. تبدو هليوبوليس هنا كإحدى المدن الخمس التي سترجع إلى يهوه. وأعطى إر 43 :13 هذه المدينة اسم “بيت شمش” (بيت الشمس) فأعلن أن نبوخذنصر “سيكسر أعمدة (المسلّات) بيت الشمس”. وتطلّع حز 30 :17-18 إلى قتْل وسبي سكان هليوبوليس “التي ستنتهي كبرياؤها”. إن كانت هذه الانباءات المتشائمة لم تتحقّق، إلاّ أن هذه النصوص تبقى مهمّة لأنها تدلّ على أن يهوذا عرف عظمة هليوبوليس ومسلاّتها التي وُلدت من عبادة حجر انتصب بشكل عجائبيّ فحطّت الشمس عليه عند شروقها. والجدير بالذكر أن عادة رفع المسلاّت انطلقت من هليوبوليس فوصلت إلى سائر أنحاء مصر.
هليوبوليس:
الاسم اليوناني (مدينة الشمس) للمدينة المصرية المعروفة (في العبرية : أون، في المصرية : أونو، في الاكادية : أونو أو أنو) التي بقيت منها بعض الخرائب على بعد 10 كلم إلى الشمال من القاهرة قرب المطرية الحالية. يدلّك الدليل هناك على جميزة استراحت تحتها العائلة المقدسة حين هربت إلى مصر. في العهد السابق للتاريخ، كانت هليوبولييس عاصمة مصر السياسية. في الزمن التاريخي، لعبت دورًا دينيًا وثقافيًا هامًا، لأنها كانت مركز عبادة الاله اتون الذي امتزج مع سائر الالهة : اتوم، خفري، هرختي اتون. في عهد السلالة الخامسة فرضت نفسها في كل مكان بالافكار اللاهوتية التي وزّعها كهنة هليوبوليس، وتوصل الحجر بنبن والثور المقدس منافيس على الثبات حتى آخر مراحل التاريخ. وكانت المسلة ايضا رمزًا شمسيًا. وقد كانت المسلات عديدة، اثنتين اثنتين. في هليوبوليس بقيت مسلة سيسوستريس الاول (بداية القرن 20 ق.م. علو : 20م). في أيام هيرودوتس (منتصف القرن 5 ق.م.) وبالاحرى في زمن الانبياء، كانت المدينة قائمة وكان هيكلها ومدرستها مشهورين حتى لدى اهل اليونان. في ايام سترابون (القرن الاول ق.م.) كانت هليوبوليس خربة. عُرفت هليوبوليس في فلسطين. فذُكرت في تك 41 :43، 50 (أون)؛ 46 :20، حيث يشير كاتب خبر يوسف إلى أن فوطيفار رع كان كاهن هليوبوليس (معنى اسمه : ذاك الذي أعطى قلب رع). وإلى هليوبوليس يعود إش 19 :18 حيث نقرأ “عير ها حارث” (مدينة الشمس) مع نص إشعيا في مغارة قمران الاولى، مع سيماك والشعبيّة اللاتينيّة. تبدو هليوبوليس هنا كإحدى المدن الخمس التي سترجع إلى يهوه. وأعطى إر 43 :13 هذه المدينة اسم “بيت شمش” (بيت الشمس) فأعلن أن نبوخذنصر “سيكسر أعمدة (المسلّات) بيت الشمس”. وتطلّع حز 30 :17-18 إلى قتْل وسبي سكان هليوبوليس “التي ستنتهي كبرياؤها”. إن كانت هذه الانباءات المتشائمة لم تتحقّق، إلاّ أن هذه النصوص تبقى مهمّة لأنها تدلّ على أن يهوذا عرف عظمة هليوبوليس ومسلاّتها التي وُلدت من عبادة حجر انتصب بشكل عجائبيّ فحطّت الشمس عليه عند شروقها. والجدير بالذكر أن عادة رفع المسلاّت انطلقت من هليوبوليس فوصلت إلى سائر أنحاء مصر.
Discussion about this post