دخول بني اسرائيل إلى كنعان
خرائط الكتاب المقدس
رغم أن موسى , هو الذي قاد الشعب حتى حدود أرض كنعان إلا أن يشوع هو الذي قادهم وقت دخولهم تلك اﻷرض , التي كان يشغلها عدد كبير من الممالك الصغيرة , كما كان بها العديد من المدن الحصينة . و قد استولى بنوا إسرائيل على مدينة أريحا أولاً, و منها انطلقوا جنوباً و شمالاً . و بالتدريج تمكنوا من الإستيلاء على المناطق العليا . غير أن خمساً من المدن الاستراتيجية و المهمة , بقيت بحوزة الفلسطينيين , كما بقيت بعض مدن الكنعانيين لم يستولي بنو إسرائيل عبيها بعد . ( يشوع 1 – 11 )
أدوم:
لقب عيسو، جدّ الأدوميين (تك 25 : 30؛ 36 :8-19). اسم ادوم يعني الأحمر (أو الأسمر وهذا أفضل) ويرتبط بالعدس الذي به باع عيسو حقّ البكورية ليعقوب (تك 25 :29ي). وقد نقدر أن نترجم : اطعمني من هذا الأدام (أو الطعام)… لذلك قيل له أدوم (تك 25 :30).
أرام:
رفيع وسامٍ. 1) خامس أبناء سام وأبو شعوب أرام (تك 10 : 22-23؛ 1أخ 1 :17). 2) ابن قموئيل وحفيد ناحور أخي ابراهيم (تك 22 :21). 3) ابن حصرون ووالد عمّيناداب في سلسلة المسيح (مت 1 :3؛ رج لو 3 :33). اسمه في العهد القديم رام (را 4 :19). 4) ابن شامر. من قبيلة أشير. رج 1أخ 7 :34. إخوته آخي، يَحَبَّه، رُهجة. 5) مت 1 :4. رج رام :1.
أردن:
يُسمّى الاردن في العهد القديم : يَردن، دومًا مع أداة التعريف : ها يردن، ما عدا في أي 40 :23؛ مز 42 :7. يتكوّن الاردن (في لبنان) في جنوبي حرمون من نهر بانياس (نبعه في حرمون) ونهر اللدان (نبعه قرب تل القاضي). وينضم إليهما نهر الحاصباني (نبعه في حرمون). يعبر الاردن سهلاً خصبًا فيكوّن بحيرة الحولة أو بحيرة ميروم. ويترك بحيرة ميروم ويجري انطلاقًا من جسر بنات يعقوب نحو الجنوب عبر مجرى صخرّي، فيصب في بحيرة جنّاسرت. ويخرج من الزاوية الجنوبية الغربية لبحيرة جنّاسرت ويصل عبر تعرّجات طويلة إلى البحر الميت. في طريقه يصب فيه روافد أهمها يرموك، يبوق. هناك 110 كلم بين بحيرة جنسارت والبحر الميت، ينزل فيها النهر من 208 م تحت سطح البحر إلى 390 مترًا. هذا القسم من نهر الاردن، يسمّى الغور (غور العرب)، وفيه سلسلة من الواحات الخصبة التي كان يسكنها في الماضي الأُسود (إر 49 :19؛ 50 :44؛ رج 12 :5). يسمي العهد القديم هذه المنطقة أعالي “كبرياء، زهو” (زك 11 :3). ونحسّ بالبحر الميت من بعيد فيتحوّل المنظر إلى صحراء مقفرة. فبين بحيرة جنّاسرت والبحر الميت نستطيع أن نعبر الاردن عند مجازات خاصة قرب بيت شان وأريحا (يش 2 :27؛ قض 3 :28؛ أم 19 :19، 32)، الدامية (أدمة : قض 12 :5)، بيت بارة (قض 7 :24) بيت عنيا (يو 1 :28). وإن الاردن يشكّل حدودًا بين كنعان وشرقي الاردن. وخلال التاريخ البيبلي نراه يفصل بين سكان الضفتين ولا يوحّد. شكّل الأردن حدود الأرض المقدّسة، فصار بدوره مقدّسًا. فهناك موضوع بيبليّ (موضوع الأردن) يمتزج بنصوص الشريعة والاخبار التاريخيّة، ويتلوّن بلونها بانتظار أن يفرض نفسه عليها. ففي البنتاتوكس وبعض نصوص يشوع، يظهر دور الأردن بشكل واضح كالحدّ الفاصل بين أرض الموعد وغيرها (عد 34 :11-12؛ رج يش 23 :4؛ حز 47 :18). وهو بالتالي يشكّل حدود القبائل التي أقامت في كنعان : ابنا يوسف (يش 16 :7)، بنيامين (يش 18 :12، 19، 20)، يساكر (يش 19 :22). وشمالي بحر طبرية نجد نفتالي (يش 19 :35). في أخبار سفر التكوين، اعتُبر سهل الأردن خصبًا، فشكّل للوط تجربة سقط فيها. أما ابراهيم فلم يسقط (تك 13 :10-13). وكانت لابراهيم مغامرة حربيّة شرقيّ الأردن عاد بعدها إلى غربيّ الأردن (تك 14 :14-15). أمّا موقع المذابح والأشجار المقدّسة فهي كلّها في كنعان، في غربيّ الأردن. ويعقوب الذي كان في الشرق لم يبنِ هناك أي مذبح (تك 32 :3، 31)، وذلك بعد صراعه مع الربّ. فإقامته الطويلة والمفيدة في عبر الأردن، لم تكن بالنسبة إليه سوى منفى سوف يتركه سريعًا (تك 32 :11). والطقوس الجنائزيّة التي تتمّ في شرق الأردنّ تنتهي بالدفن في حبرون (تك 50 :10-13). كلّ هذا يعكس فكرة ثابتة عن أرض الموعد وحدودها. ففي أخبار الاحتلال مع يشوع، يحاول النصّ مرارًا أن يبيّن أنّ إقامة قبيلتين ونصف قبيلة في شرق الأردنّ أمرٌ شرعيّ. فقد تمّ بأمر موسى ومساعدة كل بني اسرائيل (عد 32 :5-32؛ تث 3 :8-9؛ يش 13 :8-32). هكذا تمّ وهكذا تنظّم كما يقول تث 4 :41-49؛ يش 20 :8؛ 21 :27، 36-39. فالمحاربون تبعوا يشوع متضامنين تضامنًا كلّيًّا، وتابوت العهد في المقدّمة نحو الضفّة الغربيّة، فردّوا لإخوتهم الخدمة التي نالوها منهم (يش 1 :12-18). ولكن بما أنه ليس للضفة الشرقيّة ذات الطابع القدسيّ، فقد بنت القبائلُ هناك مذبحًا (يش 22 :4-34). إذن، الحدود القدسيّة لا تفرض نفسها على سكن بني اسرائيل وحياتهم اليوميّة. لهذا، يُسمح لهم أن يعيشوا خارج الأرض المقدّسة. أن نكون هنا أمام نظرة مثاليّة، فواضح من عدد كثير من النصوص في قض وفي 1-2صم. فكل ما نستطيع قوله هو أن التضامن بين بني اسرائيل يتّضح حين يذهب أبناء ضفّة لمساعدة أبناء ضفّة أخرى كما حدث في جلعاد. ولكن بجانب المغامرات القبليّة، هناك مغامرات أخرى يقف فيها الأنبياء بشكل له دلالته، بالنسبة إلى الأردنّ. فموسى ما استطاع أن يعبر النهر رغم توسّلاته الدامعة (تث 3 :25-27؛ 4 :21-22؛ 31 :2). وذلك في نهاية حياته. وهكذا بدا سفر التثنية وكأنه وصيّته الأخيرة، وقد قال ما قال عند الضفّة الشرقيّة (تث 1 :1-5؛ 11 :30-31). حُذِّر بنو اسرائيل من تجارب يتعرّضون لها (تث 9 :1). وحين يبنون المعابد يدلّون على أنهم صاروا شعبًا ناضجًا (تث 12 :10؛ 27 :2، 4، 12). عندئذٍ تكون الخيارات حاسمة (تث 30 :8-19). لهذا، لا بدّ من تعليم الأجيال الآتية، لأن حياتهم ستكون على المحكّ (تث 31 :3؛ 32 :47). يبدو أنّ هذه النصوص دوّنت بعد المنفى، في أرض بابل. ساعة زالت قبائل وراحت أخرى نحو الزوال. ولكن يبقى أن شريعة موسى تأخذ في ذاتها الماضي البعيد والمستقبل القريب، فتقدّم الأرض المقدّسة كوعد ومحنة، وتنظّم حياة الشعب في كل زمان ومكان. أتمّ يشوع المواعيد أولاً حين عبّر بني اسرائيل الأردن (يش 1 :2؛ 2 :7-10؛ 3 :1-17؛ 24 :11). وقد روت كرونيكة من القرون الوسطى كيف أن الجبل انهارَ، وقُطع النهر ساعات عديدة سنة 1267. ولكن مهما يكن من أمر (وقد يكون الكاتب الملهم أبرز الأمور وعظّمها فجعل الشعب يمرّ في الربيع وفيضان النهر، لا في الخريف وجفافه)، فالخبر البيبليّ لعبور الأردن قد جاء في أسلوب خاص واستلهم تطوافات تابوت العهد في حياة الشعب. وهو قريب جدًّا من خبر عبور البحر الأحمر الذي يتقابل معه : فالدخول إلى أرض الموعد يقابل الخروج من أرض العبوديّة. وإيليا وُلد في عبر الأردن، في شرقيّ الأردن، في جلعاد، واستعدّ هناك لرسالته النبويّة (1مل 17 :1-7). وبعد أن طهّر الأرض المقدسة من عبادة بعل بأقواله وأعماله، عبر النهر من جديد ليأخذه الله إليه بعد أن أخذته عاصفة رمليّة (2مل 2 :6-13). ومعجزة المياه التي انفتحت لتترك إيليا يمرّ، سوف تنفتح أيضاً من أجل تلميذه أليشع. هذا ما يدلّ على أنّ للخبر معنًى روحيًّا : فإيليا يشبه موسى في أمور عديدة (1مل 19). فالنبوءة، شأنها شأن الشريعة، تأتي من الخارج ولا تزال تحمل الخلاص للشعب العائش في المنفى. غير أنّ خبر نعمان الأرامي يدلّ على أن لمياه الأردن طابعًا مقدّسًا يتيح لها أن تطهّر الغريب من برصه. وهكذا عاد ذاك الذي هو “عدوّ” إلى بيته بعد أن حمّل على بغليه ترابًا من الأرض المقدّسة (2مل 5 :1-17). وفي الأسفار الحكميّة، نجد تلميحات نادرة إلى الأردن، وهذا ما يدلّ على أنّ هذا النهر لا يحتلّ في ذاكرة اسرائيل الناشطة، المكانة التي يحتلّها البحر (مز 141 :3-5؛ سي 24 :26). ونقول الشيء عينه عن الكتابات المنحولة، حيث لا يُذكر النهر إلاّ بصورة عابرة وبمناسبة توسّع في التوراة. وحدها “سيرة آدم وحواء” تقدّم إشارة أصيلة : تاب آدم وحواء عن خطيئتهما فغطسا في المياه أيامًا طويلة، هي في دجلة وهو في الأردن. هنا نتذكّر عماد المهتدين إلى اليهوديّة، واغتسالات الأسيانيّين اليوميّة، والتوضؤ الطقسيّ الذي ما زال يُعمل به في العالم اليهوديّ. غير أنّ ذكر الأردن هنا قد يكون مدسوسًا بيد مسيحيّة. في العهد الجديد، يمكن أن نعتبر كرازة المعمدان على شاطئ الأردن كتنشئة توضح دوره كإيليّا الجديد (مت 3 :5؛ لو 3 :3؛ رج يو 1 :28؛ 3 :26). وحين يقول مت ومر إنّ يوحنا يعمّد التائبين في النهر (مت 3 :6؛ مر 1 :5)، نفهم أنّ الخاطئ يبدو كمنفيّ، ولو أقام في أرض إسرائيل. فعليه أن يتطهّر من خطيئته عابرًا النهر من جهة إلى أخرى : فالحدود الماديّة ترمز إلى الحدود الروحيّة. وحين يتبع يسوع بدوره الطريق عينها، يصبح المشهد معبّرًا سواء ارتبط بالحدث أو بمبادرة الإنجيليّين (مت 3 :13؛ مر 1 :9؛ لو 4 :1). لهذا قام أوريجانس وتبعه آباء كثيرون وأسرة من المخطوطات اليونانيّة، فجعلوا محل “بيت عنيا” (يو 1 :28)، “بيت عبارة” الذي قد يكون مجازًا ارتبط بمرور يشوع. وفي شكل مماثل، جعل متى ومرقس يسوع يصل إلى عبر الأردن قبل أن يبدأ مسيرته الملوكيّة نحو أورشليم لينال فيها معموديّة أخرى مؤلمة (مز 10 :38-39؛ رج مت 19 :1؛ لو 12 :50). وفي التقليد المسيحيّ، احتلّ الأردنّ مكانة هامة في العبادات التي تمارس في الأرض المقدّسة. يكفي أن نذكر الأديرة والمناسك بجانب النهر، حيث الرهبان يتذكّرون موسى وإيليا. كما نشير إلى اغتسال المسيحيّين الشرقيّين الذي كانت روسيا ترسلهم جماعات. وفي أيامنا، يتابع العرب والقبارصة واليونان التقليد عينه بقدر ما تسمح لهم السلطات العسكريّة. وفي الفنّ المسيحيّ ولا سيّما في الإيقونوغرافيا، يصوّر النهر بشكل بشريّ على مثال الأنهر التي ألّهها الوثنيّون.
أريحا:
أولاً : اسم المدينة وموقعها. مدينة القمر. تقع على تلة هي تل السلطان في وادي الأردن. على سفح تل يجري منه نبع دائم (عين السلطان) يحوّل سهل اريحا التي تحرقها الشمس إلى واحة ينمو فيها الموز والنخل والليمون، والعنب والحبوب. من هنا اسم المدينة القديم : مدينة النخل في تث 34 :3؛ قض 3 :13؛ 2أخ 28 :15 (هتمريم في قض 1 :16). بنى هيرودس الكبير إلى الجنوب الغربي من أريحا القديمة قصرًا شتويًا، بنى أريحا جديدة. ولكن بقاياها زالت تحت تلول أبو العلايق على الضفة الجنوبية لوادي القلت. والقرية الحالية أريحا أو الريحة هي ما تبقى من مدينة بناها الصليبيون شرقي أريحا القديمة وأريحا الجديدة. ثانيًا : أريحا في التوراة. يحتفظ يش 6 :1ي بتقليد يربط دمار أريحا باجتياح القبائل الإسرائيلية لكنعان. وقد ظلّت خرائب المدينة ماثلة للعين مدة طويلة، لتحفظ تقليدًا حيًا، وتقدم مادّة للمخيّلة الشعبية التي حوَّلت عبر الايتيولوجيا معطيات قديمة إلى خبر ملحميّ. وإن قِدَم هذا الخبر يرجع إلى أنه احتفظ بذكر إقفار التلّة المرتبط بلعنة تلفّظ بها يشوع. فحول التلة أقام البنيامينيون (يش 18 :21) الذين سقطوا تحت حكم عجلون ملك موآب (قض 3 :13). في 2صم 10 :5 بحث مُرسلو داود عن ملجأ لهم بعد العار الذي لحقهم. حوالي سنة 870 كان التلّ من جديد مأهولاً بحيث تمنّى الناس أن يشيّد السور وسائر الابنية بسبب عداوة الموآبيين. هذا ما فعله حيئيل (1 مل 16 :34). كانت أريحا في ذلك الوقت مركزًا نبويًا مهمًا. زارها ايليا وأليشع (2مل 2 :4-5، 8). ويُنسب إلى أليشع أنه جعل النبع صالحًا بحيث سمّي نبع أليشع (اليوم نبع السلطان : 2مل 2 :19-22). بعد السبي، عاد الإسرائيليون إلى أريحا وأقاموا فيها (عز 2 :32). وفي سنة 601 بنى فيها بكيديس قلعة (1مك 9 :50). قد تكون الدوق على جبل القرنطو (أو : كرنيون) حيث قُتل سمعان المكابي ورفاقه (1مك 16 :11-17) أو إحدى القلعتين (ان لم تكن القلعتان، توروس وتركس، جنوبي وجنوبي غربي أريحا). كانت اريحا هيرودس مدينة غنية يقيم فيها الناس، ومدينة حدودية مع مركز الجمارك (زكا : لو 19 :1-5). إن يسوع، في آخر مسيرته إلى أورشليم، شفى فيها الأعمى برتيماوس (مر 10 :46-52؛ لو 18 :35-43؛ في مت 20 :29-34 : أعميان). ثالثًا : الحفريات (أ) في تل السلطان. كانت محاولة أولى سنة 1868 ثم 1907 و1909 : ظهر سوران. الأول يحيط بسفح التلة (قد يكون عمل بني إسرائيل) والثاني كان على قمة التلة (نُسب إلى الكنعانيين). واكتشفوا شمالي غربي التلة سورًا ثالثًا كان أقدم من السورين السابقين. وكانت حملة أخرى سنة 1930 و1936 فدلّت على أن السور الثاني يستند إلى سورين في بداية البرونز القديم (حوالي 2100). أما السور الأول وهو الكبير فيعود إلى بداية البرونز الوسيط (1800 ق.م.) وظلّ مستعملاً حتى سنة 1600. حوالي 1550 بُني السور الثاني ودُمّر بطريقة عنيفة بفعل هزة أرضية (قيل سنة 1400 وقيل سنة 1250). وكانت حملة سنة 1952 التي كشفت جماجم (في قناع من طين) وهياكل بشرية. وعرف العلماء في سور البرونز القديم 17 طبقة من البناء وإعادة البناء. إن سور البرونز الوسيط بُني في عهد الهكسوس الذين وضع الفرعون احموسيس (1580-1558) حدًا لهم. في هذا الوقت خضعت اريحا لمصر، ودُمّرت سنة 1550 تقريبًا. بعد هذا الدمار على يد المصريين لم تعد أريحا مدينة. ولكن أعيد بناؤها في زمن الحديد. أما الفخاريات فتعود إلى ما بين سنة 900-600. (ب) تلول أبو العلايق، اكتشف المنقبون قلعة من الزمن الهليني. قد تكون توروس وتراكس اللتين دمّرهما بومبيوس سنة 63 ق.م. (سترابون). وقد وُجدت طبقة من الرماد هي قصر هيرودس الكبير الذي أحرقه عبده بعد موته. لم يبق شيء من القصر ولكن بقي الملعب. رابعًا : سقوط أريحا، (يش 6). في الأصل، كانت أريحا معلمًا يحدّد عبر الأردن (عد 22 :1؛ 36 :3، 36). إنّ خبر سقوط أريحا (يش 6) يرتبط بفن أدبيّ يصعب تقييمه. أولاً، لا نستطيع أن نحدّد من الزاوية الأركيولوجيّة حدثًا لم يترك أثرًا. وإذا عدنا إلى الأساس الأدبيّ المحض، يلفت نظرنا الأسلوب “الكهنوتي” لهذا الخبر حيث تتكرّر الفرائض والأعمال أكثر من مرّة. ويتأكّد الطابع الليتورجي حين يتجاوب صراخ الشعب مع النفخ بأبواق الكهنة (6 :10، 16،20) : صراخ حاسم. ما إن علا حتى سقطت الأسوار. فكما أنّ عبور الأردنّ يلتقي مع عبور البحر الأحمر، كذلك يلتقي دمار أريحا عبر صراخ شعب اسرائيل، يلتقي والأشغال الشاقّة في مصر وصراخ اسرائيل نحو الرب في ضيقهم (خر 1 :11-14؛ 2 :23). بل يلتقي والكلام القاسي الذي وجّهه الشعب اليائس إلى موسى (خر 5 :19 :23). في هذه الظروف يبدو ملكُ أريحا صورة مصغّرة عن فرعون. فإن لم يُروَ عقابه بعد سقوط أريحا، فالنصّ اللاحق يفترضه في خبر سيصبح نموذجًا لسائر أخبار الاحتلال (يش 6 :17-25؛ 8 :2؛ 9 :3؛ 10 :1، 28، 30). هلك فرعون بيد الله . وعلق ملك أريحا بيد البشر فلحقه العار (خر 14 :27؛ يش 8 :2، 29). ضرب الحرمُ أريحا في خطّ فريضة اشتراعيّة (تث 20 :17-18). ودلّ الشعب على تجرّد تام. هذا ما يجب أن يفعلوه دائمًا دون أن يحاولوا البحث عن غنى فرديّ أو جماعيّ. وراحاب البغيّ صارت نموذج الغريبة التي تنتمي إلى إيمان الشعب، بعد أن رأت المدهشات التي رافقت تحرير بني اسرائيل (يش 2 :9-11). ورأى فيها الرابينيّون نموذج المهتدين الجدد، ونسبوا إليها سلالة من الكهنة والأنبياء. في وثائق القبائل، تبدو أريحا موضع تنازع بين افرايم وبنيامين (يش 16 :1-7؛ 18 :12-21). فنظنّ أنّ القبائل المتحالفة (نسل راحيل) تقاسمت الأرض المرويّة، وتركت المدينة بدون ساكن. ففي الأخبار التي تعود إلى زمن القبائل أو الزمن الملكيّ، يحتلّ الجلجال المكانة الأولى. أما أريحا فهي محطة يتوقّف فيها المسافر في طريقه نحو الشرق (2صم 10 :5؛ 1أخ 19 :5). في أيام أخاب أعيد بناء أريحا، فصارت في مملكة الشمال، شأنها شأن بيت ايل، موطن حيئيل.
أشقلون:
مدينة مستقلّة من مدن كنعان. تذكرها نصوص السلالة الحادية عشرة المصريّة ورسائل تلّ العمارنة (320-326؛ رج 287 : 14-16. أرسل الرسائل إلى امينوفيس الرابع الملكُ وِديا، وهو اسم هندوأوروبي). ثارت المدينة فأخضعها رعمسيس الثاني سنة 1280. وذكر منفتاح سقوط اشقلون سنة 1207، على نصب في هيكل الكرنك (صشو 334) واحتلّها الفلسطيّون حوالي سنة 1200 فصارت إحدى مدنهم الخمس الرئيسيّة. يؤكّد تث 2 :23 ويش 13 :3 أن منطقة أشقلون قد سكنها العويون وهم جماعة سبقت الفلسطيّين. ويقول قض 1 :18 إن قبيلة يهوذا احتلّت أشقلون ولكنها ظلّت مستقلّة (يش 13 :3؛ قض 14 :9؛ 1صم 6 :17؛ 2صم 1 :18) حتى احتلالها على يد تغلث فلاسر الثالث سنة 734 (خضع الملك ميتنتي الاول للملك الأشوري، الذي أحلّ محلّه روكبتي). بعد موت سرجون الثاني، شاركت أشقلون يهوذا في الثورة على أشورية، فأجلى سنحاريب ملكها صدقه وأحلّ محله ابن روكبتي واسمه شرولو داري. بعد ذلك صار العرش إلى ميتنتي الثاني، ابن صدقة، الذي قدّم للاشوريين مواد البناء، وشارك أشور بانيبال سنة 667 في الحملة على مصر. هدّدها الأنبياء كما هدّدوا مدن الفلسطيّين، ولا سيّمَا في تحالفهم على الأشوريّين (عا 1 :8؛ صف 2 :7؛ إر 25 :20؛ 46 :5، 7؛ زك 9 :5). هنا نتذكّر حملات نبوخذنصر الثاني الذي أجلى الملك أغا مع سكان المدينة ودمّرها سنة 604. هذا الحدث الذي ذكره الانبياء، قد أشار إليه مؤرخون نيوبابليون. في أيّام الفرس خضعت أشقلون لصور وعادت إلى يهوذا في الزمن الهليني (1مك 10 :86؛ 11 :60؛ 12 :33). وفي سنة 104 ق.م. صارت مدينة حرّة لها تاريخ خاصّ وحقّ في ضرب العملة. سيجمّلها هيرودس الكبير، الذي كان ربّما من عسقلان (اوسابيوس. التاريخ الكنسي 16 :2؛ يوستينوس، حوار مع تريفون 52 :3). لم تكتشف الحفريّات إلاّ المدينة الرومانيّة. ولكن وُجدت طبقة من الرماد تعود إلى البرونز الثالث أو بداية الحديد. أتكون أحرقت حوالي السنة 1200؟ الأمر ممكن. هي اليوم خربة عسقلان التي تبعد قرابة 4 كلم عن عسقلان الحاليّة.
اشدود:
في اليونانيّة : أزوت. في الاوغاريتية : “أث د د”. في المصرية : “إ س د د”. في النيو أشورية : اسدودو. يمكن أن تكون اللفظة الاصلية للاسم : اثدادو. ما زال الاسم موجودًا حتى اليوم، وموقع اشدود يبعد عنها قرابة 5 كلم. أما مرفأ اشدود الذي سمّاه الاشوريون “اسدوديمو” (اشدود – يم، أي أشدود البحر) فقد ابتعد 7 كلم عن المدينة في تل الحضر، على مصبّ نهر سوكرار. حوالى سنة 1000 انتقل إلى مينة اشدود أو مينة القلعة، على بعد 5 كلم إلى الشمال الغربيّ من أشدود حيث وُجد المرفأ اليوناني والبيزنطي “ازوتوس بارالوس” أي أزوت الشاطئ. كان هذا المرفأ مزدهرًا في البرونز الحديث قبل أن يحتلّه الفلسطيون. أشدود هي مدينة العناقيّين (عناقيم : يش 11 :22). سكنها الفلسطيّون منذ القرن الثاني عشر. هاجمها يشوع فقاومته، ولكنّها مع ذلك مُنحت ليهوذا (يش 15 :46). ظلّت مستقلّة حتى احتلالها على يد تغلث فلاسر الثالث وسرجون كما تقول الكتابات القديمة والتوراة (إش 7 :11؛ 20 :1). أمّا حادثة 2 أخ 26 :6 فلم يكن لها أثر. هدّد الأنبياء أشدود مدينة الفلسطيّين بالدمار (عا 1 :8؛ صف 2 :4؛ ار 25 :20؛ زك 9 :6). في سنة 711 صارت أشدود عاصمة مقاطعة أشدود الأشوريّة. احتلّها بساميتيك الأوّل بعد حصار دام 29 سنة كما يقول المؤرّخ اليونانيّ هيرودوتس (تاريخ 2 :157). من هنا عبارة إر 25 :20، “بقيّة أشدود”. بعد هذا لم يعد وضع المدينة واضحًا. صارت بلا شكّ عاصمة مقاطعة فارسيّة تحمل الاسم ذاته (1مك 5 :68؛ 16 :10). في نح 4 :1 نرى أشدود جزءً ا من حلف معادٍ لليهود، ولكن كثيرًا من اليهوذاويّين تزوّجوا نساء أشدوديّات (نح 3 :23ي. في هذا الإطار لغة أشدود هي لغة الفلسطيّين كما تقول الدبلوماسيّة الفارسيّة). في القرن الأوّل ق.م. هاجم أشدودَ يهوذا المكابيّ (1مك 5 :68) ثمّ يوناثان (1مك 10 :84؛ 11 :4) ويوحنا هرقانوس (1مك 16 :10). وكاد يأخذها. ولكن خلّصها بومبيوس سنة 65 ق.م. ورفعها إلى مركز مدينة حرّة. بعد موت هيرودس أعطيت أشدود لسالومة. وفي سنة 10 ب.م. للإمبراطورة ليفية. جاء فيلبس، أحد السبعة إلى أشدود وكرز فيها بالإنجيل (أع 8 :40). ملاحظة : في 1مك 9 :15 هناك خطأ في النسخ، ونحن لا نقرأ جبل أشدود لأن لا جبل قرب أشدود. قال النص القديم : “وتعقّبوا إثرهم إلى جبل أشدود” (أزوتوس). لهذا صحّح النص مع يوسيفوس. ونقرأ : “إلى بعل حاصور” (في اليونانيّة : أزارا، 2صم 13 :23؛ نح 11 :33). بدأت الحفريات في أشدود سنة 1959-1960 وتواصلت سنة 1962-1972، فاكتشفت 22 طبقة من الاقامة في المدينة. وهكذا نستطيع أن نعيد تكوين تاريخ الموقع منذ أول أثار بشرية حوالي سنة 2700 حتى العصر العربيّ. هذه المدينة التي كانت في فلك مصر، قد أقام فيها الفلسطيون فصارت مدينة من المدن الخمسة (بنتابوليس) الفلسطية. إن المستويين 13-12 اللذين يوافقان حقبة أشدود الفلسطيّة ربطا الفلسطيين بحضارة إيجه وموكيناي (ميسان). إن الحضارة الفلسطيّة قاومت الحضارة الكنعانية حتى القرن 11 ق.م. بعد دمار أشدود بفعل الفرعون سيامون تانيس (صوعن)، انطلقت المدينة من جديد مع تأثير كنعاني ظهر في عبادة داجون (1صم 5؛ رج 6 :17)، والأخذ بكتابة ساميّة، وتبنّي الرؤساء لأسماء كنعانيّة : فجميع الملوك المعروفين في أشدود في القرن 8-7 يحملون اسماء سامية : عزوري. احيجتي. يماني. ميتنتي. أحيملكي.
بئر سبع:
بئر السبعة أو بئر الحلف، أو بئر الشبع. مدينة كنعانيّة قديمة. تقع في جنوب البلاد وهي موضع عبادة إيل عولام (عا 5 :5، 8 :14). كرّمه ابراهيم (تك 21 :32) واسحق (تك 26 :23) ويعقوب (تك 28 :10). في بئر سبع كان بنو صموئيل يقضون في الناس (1صم 8 :1-2). تخاصم الفلسطيون والإسرائيليّون على النبع (تك 21 :30؛ 26 :32 ي). يعدّ يش 15 :28 بئر سبع بين مدن يهوذا، ويش 19 :2 بين مدن شمعون. بعد السبي، أقام اليهوذايّون في بئر سبع (نح 11 :27). هناك عبارة من دان إلى بئر سبع (قض 20 :1؛ 1صم 3 :20؛ 2 صم 24 : 7، 5؛ ؛ 1مل 19 :3) أو من بئر سبع إلى دان (2أخ 30 :5) وهي تدلّ على كلّ أرض إسرائيل. بئر سبع هي المدينة التي تحدّ كنعان من الجنوب. هي اليوم تل الشبع القريبة من مدينة بئر سبع التي يقيم فيها الإسرائيليّون اليوم. ما هو تاريخ هذه المدينة؟ إليها هربت هاجر بعد أن ولدت اسماعيل (تل 21 :14). وفيها تعاهد ابراهيم مع ملك جرار، فدفع له سبع نعاج، واقسم له قرب الشجرة المقدّسة القريبة من المعبد (تك 21 :31-33). وعاد ابراهيم إلى بئر سبع بعد حدث ذبح ابنه (تك 22 :19). حسّن اسحق الموضع، وبنى مذبحًا، وحفر بئرًا، وجدّد العهد مع أبيـمالك (تك 26 :26-33). كان هناك يعقوب حين ترك والديه ومضى إلى حاران (تك 28 :10). ومن بئر سبع سوف يعود إلى مصر (تك 46 :1-5). بعد احتلال المنطقة على يد يشوع، كانت بئر سبع لقبيلتين شقيقتين، يهوذا وشمعون (يش 15 :28؛ 19 :2). واجتذب المعبد أبناء صموئيل (1صم 8 :2)، وما زال يعمل حتى زمن عاموس، ولكنه نُجس بممارسات نجسة (عا 5 :5؛ 8 :14). لم تُذكر بئر سبع في أخبار داود في النقب (1صم 30 :26-31). ولكنها ستُذكر في تاريخ ملك داود (2صم 17 :11؛ 24 :2، 7، 15)، ثم في خبر إيليا الذاهب إلى حوريب (1مل 19 :3). وُلدت فيها أم الملك ياهو (2مل 12 :2). حين دمّرت مملكة يهوذا، اجتاح الادوميون بئر سبع. ولكن مستوطنين يهودًا أقاموا فيها بعد المنفى، غير أنهم تفلّتوا من سلطة أورشليم الكهنوتية (نح 11 :27-30).
باشان:
سهل لا حجر فيه، سهل خصب. اسم هضبة تمتد من جهتي اليرموك الأعلى. هي واحدة من ثلاث مناطق تلك البلاد الكبرى (السهل، جلعاد، باشان). رج تث 3 :10؛ يش 12 :8؛ 13 :9-11؛ 2 مل 10 :33. إذا عدنا الى تث 3 :10؛ يش 12 :4؛ 13 :2، 21 نرى أن منطقة جنوبي اليرموك انتمت الى باشان. أما النصوص المتأخرة (ولا سيّمـا النبوية) فتربط باشان بمنطقة الجولان الحالية. ظلّ الاسم حيا في منطقة باتانية اليونانية الرومانية التي تتضمّن فقط القسم الشمالي من باشان القديم. اشتهرت باشان بمراعيها (مي 7 :14، إر 5 :19، نا 1 :4) ومواشيها (تث 32 :14؛ مز 22 :31 : صورة القوة البهيميّة، عا 4 :1 : الازدهار والاكتفاء) وغاباتها (إش 2 :31؛ حز 27 :6؛ زك 11 :2). اليوم غابت منها الأسود والفهود (تث 32 :22). كانت باشان خصبة، ولهذا أطعمت شعبا كثيرا. كان السكان الأولون فيها الرفائيم حسب تث 3 :11؛ رج تك 14 :5. وحسب التقليد الاشتراعي، خضع الرفائيم للأموريين مع عوج (مدنه هي : ادرعي، عشتاروت، تث 1 :4؛ يش 9 :10) بعد معركة أدرعي (عد 21 :33-35؛ يش 20 : 8). وان عشائر يائير (تث 3 :14) ونوبح (عد 32 :42) أقامت في باشان. بعد انقسام بني اسرائيل الى مملكتين، صارت باشانُ مُلك ممكلة الشمال. احتلّها حزائيل الأرامي في أيام ياهو ملك اسرائيل (2مل 10 :33). وظلّ الاراميون يسيطرون على باشان في أيام أخاب (1مل 22 :3) ويورام (2مل 8 :28). ولكنهم تخلّوا عنها في أيام يربعام الثاني (2مل 14 :25) الذي احتفظ بها حتى مجيء تغلث فلاسر الثالث الذي ضمّها الى أشورية (2مل 15 :29). في القرن الثاني ق. م. صارت باشان مُلك الانباط ثم مُلك هيرودس الكبير وفيلبس واغريباس الثاني. إن اللفظة العبريّة باشان تدلّ على الخصب (في السبعينية : بيون أي الخصب والسمن، مز 68 :16). تقع باشان في شرقي “الأردن، وقد صوّرتها النصوص الشعريّة تصويرًا كله إعجاب. هي “جبل الله “، شأنها شأن الكرمل (إش 33 :9؛ مز 68 :16)، شأنها شأن لبنان (إر 22 :20). غطّت الغابات باشان، فأخذ الفينيقيّون من خشبها ليبنوا سفنهم (إش 2 :13؛ حز 27 :6؛ نا 1 :4؛ زك 11 :2). تحضّرت باشان سريعًا بالحضارة الاراميّة، فسمّاها يوسيفوس باطانية في شكل هلينيّ، عائدًأ إلى الشكل الاراميّ بطناء.
بحر (الـ – الميت):
مخطوطات رج مخطوطات البحر الميت.
بيت ايل:
بيت الله. اسم قديم لموضع عبادة يقع على الطريق بين أورشليم وشكيم. شرقيّ لوز المذكورة في النصوص المصريّة. أعطى بنو إسرائيل اسم بيت إيل للمدينة نفسها بعد أن أقاموا في كنعان. كانوا في هذا المكان يعبدون إلاهًا هو بيت إيل (إر 48 :13) ويكرّمون شجرة (سنديانة) مقدّسة (تك 35 :8 هـ. أ ل و ن. رج إيلونا في السريانية التي تعني الشجرة). استعاد بنو اسرائيل موضع العبادة وكرّسوه ليهوه (تك 12 :18؛ 13 :3 ي : بنى فيه ابراهيم مذبحًا. 28 :10-22؛ 31 :13 : حلم يعقوب ووضع نصبًا، 35 :1-16؛ قض 2 :1 حسب السبعينيّة، 20 :26؛ 21 :2-4؛ 1صم 7 :16). بعد انفصال المملكتين، صارت بيت إيل المعبد الوطنيّ لمملكة الشمال مع هيكل وصورة عجل ذهبيّ (1مل 10 :29؛ عا 7 :13). ندّد الأنبياء بهذه العبادة (عا 3 :14؛ 4 :4 ي؛ 8 :14؛ هو 13 :1 ي). سقطت لوز المدينة الكنعانيّة القديمة خيانة في يد بني افرايم (قض 1 :22) وعدّها يش 16 :2؛ 18 :13 (رج 1أخ 7 :28) بين مدن افرايم. ثمّ عدّها يش 18 :22 بين مدن بنيامين. بعد انفصال المملكتين، كان خلاف حول بيت إيل (2أخ 13 :19). ولكن الملك بعشا توصّل إلى ضمّها إلى مملكة الشمال (1مل 15 :16-22). بعد أن احتلّ الأشوريّون مملكة الشمال وأسكنوا مستوطنين أغرابًا في البلاد، أقاموا كاهناً من كهنة يهوه في بيت إيل (1مل 17 :28). بعد هذا، عادت بيت إيل إلى مملكة يهوذا في أيام يوشيا الملك (2مل 23 :15-18). بعد السبي أقام فيها البنامينيون (عز 2 :28، نح 7 :32). سنة 160 ق.م. حصّنها بكيديس ليراقب المنطقة. اليوم : بيتين. أظهرت الحفريّات أن النّاس سكنوا في بيت إيل منذ البرونز الوسيط، حوالي سنة 1400، وأنّهم أقاموا علاقات تجاريّة مع الجنوب. ووجد العلماء آثار دمار على يد البابليّين (586 ق.م.). أعيد بناء المدينة في أيام الفرس وعرفت بعض العزّ في الزمن الهلّينيّ. رج شراصر. في 1صم 30 :27 نجد بيت إيل. يجب أن نقرأ : بتول (يش 19 :4) أو : بتوئيل (1أخ 4 :30) أو : كسيل (يش 15 :30) وهو موضع في يهوذا في النقب. اليوم : خربة الراس. نشير هنا إلى أنه وُجد ختم من جنوبي الجزيرة العربيّة يعود إلى القرن التاسع ق.م. وهو يشبه ما وُجد في حضرموت. هذا ما يدلّ على علاقات بين بيت إيل وجنوب الجزيرة العربيّة.
بيت شان:
بيت الالاهة الأفعى سعان أو بيت الراحة. اليوم تل الحصن قرب بيسان الحديثة. مدينة كنعانيّة قديمة جدًّا. تذكرها النصوص المصريّة (بشكل بتشين) ورسائل تل العمارنة (بيت شاي) بسبب موقعها الستراتيجي على الطريق بين مصر ودمشق. يعدّها يش 17 :11، 16؛ 1أخ 7 :29 بين مدن منسّى رغم ما يقول قض 1 :27. في أيام شاول كانت بيت شان في يد الفلسطيين الذين علّقوا جثّة شاول على حائط المدينة (1صم 31 :10؛ 2صم 21 :12). ولكنّها كانت تخصّ مقاطعة من مقاطعات سليمان الاثنتي عشرة (1مل 4 :12). بعد هذا خسرها بنو إسرائيل. ويذكر الملك المصريّ شيشاق بيت شان بين المدن التي احتلّها أو سلبها (927 ق.م.). بعد هذا لا تتكلّم النصوص عن بيت شان حتى احتلالها بيد أنطيوخس الثالث (228 ق.م.). في سنة 107 ق.م. عادت مدينة يهوديّة. وفي أيام بومبيوس كانت مدينة هلينية وسمّيت سيتوبوليس (يه 3 :10؛ 2مك 12 :29). أخلاها القائد الرومانيّ سنة 63 ق.م. وضمّها إلى الديكابوليس أو المدن العشر. نُظّمت حفريّات، فوُجدت آثار سكن في العصر الحجريّ، وتأثيرًا مصريًا خلال البرونز الأوّل. على أيّام الهكسوس، كانت بيت شان مدينة مستقلّة. بعد معركة مجدو (1479 ق.م.) احتلّها تحوتمس الثالث وظلّت ثلاثة قرون مركز حامية مصريّة مع قلعة وهيكلين. إلى هذا العهد تعود أربعة أنصاب لم تزل سليمة : نصب فرعون مجهول، نصبان لسيتي الأوّل، نصب لرعمسيس الثاني الذي حصّن المدينة وشيّد فيها هيكلين جديدين مكان الهيكلين القديمين : واحد إكرامًا لعشتار أو عنات، والآخر إكرامًا لميكال أو رشف. ووُجد في الحفريّات تمثال لرعمسيس الثالث (وهو جالس). ووجدت أشياء تهمّ تاريخ الديانات مثل أنصاب ترتبط بنذر وتماثيل عشتار وعنات وصُوَر حيّات ونصب للإله ميكال يعود إلى القرن الخامس عشر وجدرانيّة تمثّل أسودًا وطاولة برونزيّة على ثلاث أرجل. واكتشف المنقّبون من العهد الهليني أسُس هيكل مكرّس للإله ديونيسيوس أو باخوس.
بيت لحم:
بيت الخبز أو بيت الالاهة لحمة. 1) بيت لحم في يهوذا. مدينة كنعانيّة تبعد 7 كلم إلى الجنوب من أورشليم وهي المذكورة في رسائل تل العمارنة على أنّها تخصّ ملك أورشليم. بما أنّ عشيرة أفراتة سكنتها كما سكنت قرية يعاريم وبيت جادر (1أخ 2 :51؛ 4 :4؛ رج را 1-2)، أخذت اسم أفراتة (رج تك 35 :19؛ 48 :7). يعدّها يش 19 :15 بين مدن يهوذا. إنها مدينة اللاوي الذي وضع نفسه في خدمة ميخا (قض 17 :7-13)، وامرأة اللاوي الافرايمي البائسة (قض 19 :1 ي). بيت لحم هي موطن بوعز، يسى، أبناء صروية، داود، ومكان مولد ملك اسرائيل الآتي كما يقول مي 5 :2 ي؛ رج مت 2 :1 ي؛ لو 2 :14-17؛ يو 7 :42، في أيام داود، كانت بيت لحم تحت سلطة الفلسطيين (2 صم 23 :14؛ 1أخ 11 :16). استعيدت وحصّنها رحبعام (1أخ 11 :6). بعد السبي جاء اليهوذاويّون وأقاموا فيها (عز 2 :21؛ نح 7 :26). يذكر الإنجيليّون متى (2 :1، 5، 6، 8، 16) ولوقا (2 :14-15) ويوحنا (7 :42) أنّ المسيح وُلد في بيت لحم. بنى فيها الإمبراطور قسطنطين بازيليكا فوق المذود (موضع الحيوانات ملاصق للبيت). 2) مدينة في زبولون (يش 19 :15). أقام فيها القاضي إبصان (قض 12 :8). هي اليوم بيت لحم وتبعد 11 كلم إلى الشمال الغربيّ من الناصرة.
يبوس:
اسم شعبي لاورشليم في خبر اللاوي (قض 19 :10ي)، وفي خبر احتلال اورشليم على يد داود (1أخ 11 :4ي).
يزرعيل:
الله يزرع 1) سهل يمتد شمالي غربي فلسطين. هو اليوم : مرج ابن عامر. اسمه في العهد القديم من اسم مدينة يزرعيل التي على حدوده. يشكّل سهلُ يزرعيل مثلَّثاً بين جبل الكرمل والجلبوع والجليل. يسقيه قيشون وروافده. كان سهل يزرعيل معبراً مهماً من الشرق إلى الغرب عبر جبال غربي الاردن. وكانت تحميه حصون عديدة : مجدو، تعناك، يبلعام، شونم، بيت شان. وكان أيضا مسرحاً تقليدياً للمعارك في فلسطين (قض 4 :12-5 :31، باراق؛ 2مل 22 :29ي : يوشيا). 2) مدينة على حدود سهل يزرعيل. في الاصل كانت تابعة لشونم. ولكنها اتخذت أهمية كبرى حين بنى فيها اخاب قصره (1مل 21 :1). في يزرعيل قُتل نابوت (1مل 21 :1-16)، وأُفنيت عائلة أخاب (2مل 9 :16-10 :11). الاسم الهليني للمدينة والسهل : اسدرالون. الاسم الحالي : زرعين التي تبعد 25 كلم إلى الجنوب الشرقي من يافا. يجعلها أوسابيوس القيصري في “الاسمائيات” بين سيتوبوليس (بيت شان) ولاجيو، القريبة من مجدو. لم تعرفها مصادر الألف الثاني. كانت مدينة ليساكر (قض 19 :18). سيطر عليها الكنعانيون مدة طويلة بسبب مركباتهم (يش 17 :16؛ قض 1 :27). 3) مدينة في جنوبي شرقي يهوذا (يش 15 :56؛ 1أخ 4 :3؛ 1صم 25 :43). 4) اسم رمزي لبكر النبي هوشع (هو 1 :4).
جت:
المعصرة. يش 11 :22. مدينة قديمة لبني عاناق. صارت للفلسطيّين (يش 13 :3؛ 1صم 5 :8؛ 6 :17)، وأقام فيها تابوت العهد (يش 3 :3؛ 1صم 5 :8). في جت التقى داود الملك أكيش، ومن جت اتّخذ حرسه الخاص (2صم 15 :18-22) الذي ظلّ له أمينًا. نشير إلى أنّ جت مذكورة في رسائل تل العمارنة (250 :12، 46) ومنها جاء جليات (1صم 17 :4؛ 2صم 19، 22؛ أخ 20 :5 ي). صارت فيما بعد إحدى عواصم المقاطعات الفلسطيّة الخمس (يش 13 :3؛ 1صم 5 :7-10، 6 :17). كانت يبنة (2أخ 26 :6) وصقلاج (1صم 27 :6) ومورشت جت (مي 1 :14) من مدنها. في أيّام داود، كان ملكها أكيش (1صم 27 :2-6؛ رج مز 56 :1). احتلّ داود جت (1أخ 18 :1) وحصّنها رحبعام (2أخ 11 :8). وبعد أن احتلّها حزائيل، ملك دمشق (2مل 12 :18)، دمّرها عزريا (2أخ 26 :6). في ذلك الوقت كانت جت تخصّ أشدود (أزوت) ولم تعد مدينة فلسطيّة مهمّة. في سنة 711، احتلّ سرجون الثاني ملك الأشوريّين جت (جي أم تو) (عا 6 :2) حين قام بحملته على أزوت. (نشف 350-352؛ نشو 286-287) لا نعرف موقع المدينة القديم بالضبط. يقولون هو : تل عرق المنشيّة أو تل الصافي أو بيت جبرين.
جلجال:
: الدائرة. هناك أمكنة عديدة تسمّى بهذا الاسم. 1) يتحدّث يش 4 :19، 20 عن جلجال كان نقطة انطلاق احتلال فلسطين. رج أيضاً قض 2 :1؛ 3 :19؛ تث 11 :30. كان هذا المكان مقدّسًا، وقد قدم عليه صموئيل ذبيحة (1صم 10 :8؛ 13 :8، 12، 15؛ 15 :13، 21). ولكن سيندّد الأنبياء بهذا المقام (مي 6 :5). يقول بعضهم هو اليوم : خربة النتلة أو التلّة البعيدة 5 كلم إلى الجنوب الشرقيّ من عين السلطان الذي حُفظ بقربه اسم تل جلجول. وقال آخرون هو : خربة المفجر، إلى الشمال الشرقيّ من عين السلطان. 2) ويندّد الأنبياء أيضاً بمكان آخر مقدّس اسمه جلجال ويذكرونه مع بيت أون (هو 4 :15؛ 9 :15؛ 12 :12) أو بيت ايل (عا 4 :4؛ 5 :5). بعضهم يقول هو خربة النتلة وآخرون هو : جلجيليا. 3) إنّ جلجال المذكور في خبر إيليا (2مل 2 :1؛ 4 :38) هو جلجيليا الموجودة في جبل افرايم على الطريق بين أورشليم والسامرة. رج 1صم 7 :16. 4) يجب أن نبحث عن جلجال يش 12 :23 (ملك الأمم في جلجال) في سهل شارون بسبب قرينة النص. وبعضهم يجعله في جلجولية، على بعد 20 كلم إلى الشمال الشرقيّ من يافا. 5) نقرأ في يش 15 :7 جلجال (حدود يهوذا الشماليّة). النص المقابل : دائرة الحجارة أو تلّة الحجارة. 6) هناك بيت جلجال في نح 12 :29. 7) في 1مك 9 :2 نقرأ : الجلجال. والصحيح الجليل، ارتكازًا على المؤرّخ يوسيفوس.
جليل، (بحر الـ ~):
رج * جنيسارت * طبرية.j
جنيسارت:
هو بحر طبريّة وبحر الجليل. يسمّى في العهد القديم بحيرة أو بحر كنارة (كنَّرت) (عد 34 :11؛ يش 12 :3؛ 13 :27) باسم مدينة كنارة في نفتالي (تث 3 :17؛ يش 11 :2؛ 19 :35) المذكورة أيضاً في النصوص المصريّة والتي هي اليوم : تل العموريّة على الضفّة الشماليّة الغربيّة وشماليّ كفرناحوم التي بُنيت فيما بعد. تعرف التوراة اليونانيّة اسم جناسر (1مك 11 :67) أو جنيسارت الذي يشتقّ من كلمة “جن” أي الجنة. بعد هذا صارت جناسر هي كنارة (في الأصل لم تكن علاقة بين الاثنين). تدلّ جنيسارت على سهل الغوير الخصب الواقع غربيّ بحيرة طبريّة (مت 14 :34؛ مر 6 :53) وتدلّ على المدينة التي لا تذكرها البيبليا (خرائب عيد المنية الحاليّة) والتي بُنيت في العهد الروماني في المكان الذي كانت فيه الكنارة القديمة. من هنا اسم بحيرة جنيسارت فقط هنا (مرّة واحدة في العهد الجديد. لو 5 :1) بينما يتكلّم العهد الجديد في مكان آخر عن بحيرة الجليل (مت 4 :18؛ مر 1 :16؛ 7 :31). أو بحيرة طبريّة (يو 6 :23،21 :1. وكذلك كتابات الرابينيّين). الاسم الحاليّ للبحيرة بحيرة طبرية. طوله الأقصى من الشمال إلى الجنوب 21 كلم، وعرضه الأقصى من الشرق إلى الغرب 12 كلم. يتراوح عمقه بين 42 و 48 م، مساحته : 144 كلم مربع. يتراوح مستواه تحت سطح البحر المتوسط بين 208 و 210 م. مياهه حلوة وصافية وكثيرة السمك. ولم يزل الصيد جاريًا عليه في أيامنا. يعرف بحر الجليل العواصف الهوجاء. كان سكان القرى المحيطة بالبحيرة في زمن المسيح أكثر ممّا هم عليه الآن ولا سيّمَا على الضفّة الغربيّة.
حبرون:
موضع العهد. الاسم الحديث لبلدة قرية أربع المذكورة في تك 23 :2؛ 35 :27؛ يش 14 :13؛ 15 :13، 54؛ 20 :2؛ 21 :11؛ قض 1 :10؛ 2 أخ 11 : 10. 1) كانت حبرون مدينة قديمة ومهمّة تنعم باستقلال في المنطقة الجنوبيّة لجبل يهوذا. إذا عدنا إلى عد 13 :22، نعرف أنّها أسّست قبل صوعن بسبع سنوات. في الزمن السابق للإسرائيليّين أقام فيها العناقيّون (عد 13 :33؛ يش 11 :21؛ 14 :6-15؛ 15 :13 ي؛ قض 1 :10). يسمّي تك 23 :2-20؛ 25 :10؛ 49 :32؛ عد 13 :29 السكان السابقين للاسرائيليّين حثيّين. ويذكر يش 10 :3 الملك هوهام (الأموري). كانت حبرون للكالبيّين (عد 13 :22؛ يش 15 :13 ي؛ قض 10 :10)، وكان فيها معبد مشهور (ممرا) ومقبرة (مكفيلة) ارتبط بهما أسماء الآباء. ينسب يش 15 :54؛ 20 :7 مستوطنة الكالبيّين إلى يهوذا. فقد كانت أهم نقطة لقبيلة يهوذا، وقد تكوّنت من عناصر نقبيّة (من النقب) مختلفة وجد لديها داودُ ملجأ حين هرب من شاول (1صم 30 :31) وأعلن فيها نفسه ملكًا (2صم 2 :1-4؛ 5 :1-5). في حبرون قُتل أبنير ودُفن، وهو الذي ذهب يعمل من أجل ضمّ إسرائيل إلى يهوذا (2صم 3 :27-32). وفي حبرون شُنق قاتل إيشبوشت (2صم 4 :12). وحين نقل داود عاصمته إلى أورشليم، ضعُفت حبرون. ولكن ذهب إليها أبشالوم وأعلن نفسه فيها ملكًا (2صم 15 :7-9). بعد انشقاق المملكة، حصّن رحبعام المدينة (2أخ 11 :5-22). بعد دمار أورشليم سقطت حبرون في يد الأدوميّين. ولكن نح 11 :25 يذكر وجود مستوطنين يهوذاويين في حبرون (قرية أربع) بعد المنفى. في 1مك 6 :65 نعرف أن حبرون كانت جزءًا من أدومية. خضعت وقتًا ليهوذا المكابي. احتُفظ بذكر ابراهيم في الاسم الحالي : الخليل الرحمان (اسم ابراهيم في القرآن. رج إش 41 :8؛ يع 2 :23). تبعد 37 كلم إلى الجنوب من أورشليم على طريق بئر سبع. أين تقع حبرون القديمة؟ في تلّة الرميده غربيّ الخليل (والاسم هو دير الأربعين ويذكرنا بقرية اربع). أو على أرض الخليل. نجد في مدينة الخليل قبر الآباء. والجامع الموجود هناك كان بازيليكًا مبنيّة في زمن الصليبيّين على مبنى قديم يعود إلى زمن هيرودس. 2) والد قورح وتفوح وراقم وشامع. من قبيلة يهوذا (1أخ 2 :42-43). 3) حفيد لاوي (خر 6 :18؛ عد 3 :19؛ 1أخ 6 :3، 18؛ 23 :12، 19) وجـدّ الحـبرونيّيــن (عد 3 :27؛ 26 :58؛ 1أخ 15 :9). 4) رجل من نسل كالب (1أخ 2 :42).
حرمون:
المكان المحرّم. سلسلة شرقيّة تكوّن مع سلسلة لبنان الشرقيّة الجبل الذي يفصل سورية عن لبنان. إذا عدنا إلى تث 3 :9؛ تث 4 :48 حيث نقرأ سيؤون الذي هو حرمون)، نرى أن الفينيقيّين سمّوه سريون والأموريّون سنير. يرد هذان الاسمان في النصوص المسماريّة، وهما يدلاّن، مثل حرمون، على سلسلة لبنان الشرقيّة. في 1أخ 5 :23؛ نش4 :8، نجد سنير (أو : شنير) وحرمون. ولكن يبدو في هذين النصين أن حرمون يدلّ على القمّة، على جبل الثلج أو جبل الشيخ الذي يراه أهل فلسطين من بعيد. وصيغة الجمع في مز 42 :7 و89 :13 هي خطأ خطّاط لا تلميح إلى القمم الثلاث. تجعل التوراة من حرمون الحدودَ الشماليّة لأرض الميعاد. ويُستعمل أيضاً حرمون في اللغة التصويريّة (مز 133 :3)، ندى حرمون هو صورة عن بركة ا). وكانت سلسلة حرمون منذ القديم موضع عبادة الإله حرمون (يسمّى بعل حرمون). وأقدم نص يذكر هذه العبادة هو نص معاهدة بين الحثيّين والأموريّ عزيرو، وهو يعود إلى سنة 1350 ق.م. في القرن 4 ق.م. كانوا يبنون عند سفوحه الهياكل وقد بقيت منها بعض الخرائب. وكان هيكل على القمّة (2800 م) يسمّى اليوم قصر عنتر. إن الشعر العبريّ تأمّل في ندى حرمون، في سروه (سي 24 :13)، في وحوشه (نش 4 :8). وقابله مع تابور، وهو جبل آخر مقدّس (مز 89 :13). ولكنه لا يُقابَل مع أورشليم (مز 42 :7). في الحقبات المتأخّرة، وساعة وجب على اليهود المشتّتين أن يدافعوا عن نفوسهم ضدّ الهجمة الوثنيّة، صار حرمون جبل اللعنة حيث اتّصل الملائكة المتمرّدون بالأرض لكي يطغوا بنات البشر (1أخن 6 :61-66؛ 2أخن 18 :4 في تفسير تك 6 :2). وقد فسِّر اسم الجبل بالنظر إلى القسم الرهيب الذي به ارتبط الساهرون ( الملائكة) الفاسدون بعضهم ببعض. وبقدر ما كانت هذه الحكاية حاضرة في وجدان تلاميذ يسوع، يتّخذ فعل إيمان بطرس في قيصريّة فيلبس، عند سفح حرمون، لونًا من ألون المقاومة للوثنيّة. وتجلّي المسيح في جوار هذا الجبل يصبح تقديسًا لأرض حلّت بها “اللعنة”. يسوع هو أقوى من الملائكة، وقد أعاد النظام إلى الكون، كما أعاد إلى حرمون قدسيّته.
دان:
1) قبيلة إسرائيليّة. جدّها دان في التسلسل البيبليّ (تك30 :4-6). دان هو ابن يعقوب وبلهة (جارية راحيل). يُحكى عن القبيلة في بركات يعقوب (تك 49 :16-18)، وموسى (تث 33 :22)، ونشيد دبورة (قض5 :17). إنّ إحصاء عد 1 :38 ي؛ 2 :25 ي؛ 26 :42 ي يجعل دان : 62700 أو 64400 رجل قادر على حمل السلاح. إنما دان كانت قبيلة صغيرة فتكوّنت من عائلة واحدة (تك 46 :23؛ عد 26 :42. لم تذكر في 1أخ) وتألّفت من 600 رجل حسب قض 18 :11. كان موطن الدانايين في الأصل بين صرعة وأشتاؤول (يش 19 :40-48؛ قض 1 :34؛ 13 :2) في شمالي شفاله (السهل الساحليّ). ولكنهم لم يقدروا أن يحتفظوا بأرضهم (قض 1 :34)، فأقاموا في الشمال قرب منابع الأردنّ حيث احتلّوا مدينة لاييش (قض 18 :1 ي). في هذه المنطقة ضايق الدنايون التبادل بين فينيقية ودمشق (من هنا ما نقرأ في تك 49 :16 و 17). يعود تك 20 :6 و49 :16 باسم دان إلى العبريّة : دان (دينونة)، حكم. يمكن أن يكون هذا الاشتقاق الشعبيّ صحيحًا شرط أن نربطه باسم الإله دان (اله الدينونة). فقد كان الناس يعبدون بين صرعة واشتاؤول الإله الشمس الذي يدين. ولنا شهادة في اسم بيت شمس واسم شمون. 2) مدينة قرب منابع الأردن. كانت مستوطنة صيدونيّة وسمّيت لاييش. ولكن حين احتلّها الدانايون سمّوها دان (يش 19 :47؛ قض 18 :29؛ رج تك 14 :14؛ تث 34 :1). كان معبد دان ينعم ببعض الشعبيّة (قض 18 :30 و 31) فجعله يربعام الأوّل معبدًا وطنيًّا كما جعل أيضاً بيت ايل (1مل 12 :29؛ 2مل 10 :29؛ عا 8 :14). وفي العبارة من دان إلى بئر سبع (قض 20 :1؛ 1صم 3 :20؛ 2صم 17 :11) أو من بئر سبع إلى دان (1أخ 21 :2) نفهم أن دان تقع في أقصى شمال أرض كنعان. هي اليوم : تل القاضي. 3) مدينة أو منطقة يذكرها حز 27 :19 مع ياوان التي هي إيونية في تركيا أو اليونان أو الغرب كلّه. فدان تحمل إلى صور الحديد المصنوع. لا نعرف موقعها بالضبط.
راموث:
الأعالي. 1) مدينة في جلعاد. سمّيت أيضاً رامة (2مل 8 :28). مدينة مهمّة في جلعاد. امتلكت معبدًا قديمًا فصارت مدينة ملجأ (تث 4 :43؛ يش 20 :8) ومدينة كهنوتيّة (1أخ 6 :65؛ يش 21 :38). كانت عاصمة لمحافظة من محافظات سليمان (1مل 4 :13). هدّدها الأراميّون مرارًا (1مل 22 :3-24؛ 2أخ 18؛ 2مل 8 :28). ولكن ضمّها ياهو نهائيًّا إلى مملكة اسرائيل (2مل 9 :1-14). هي اليوم : تل راميت وهي تبعد 35 كلم إلى الشرق من بيت شان. 2) 1أخ 6 :58. مدينة في يساكر أعطيت للاويّين من عشيرة جرشون = رامت أو رمّة (يش 19 :21) = يرموت (يش 21 :29). 3) من بني باني. تزوّج امرأة غريبة (عز 10 :29).
سكوت:
الخيام 1) في سهل الأردن. قرب اليبوق (قض 8 :6، 15) ومخاضة من مخاضاته. قرب صرتان (1مل 7 :46). حُسبت بين مدن جاد (يش 13 :27). يعطي تك 33 :17 اشتقاق الاسم : مرَّ يعقوب من هناك، ونصب خياماً لقطيعه. قالوا هي اليوم : تل احصاص (المأهولة بين القرن 15 والقرن 9) أو تل دير العلا القريب من مصب يبوق. وقالوا : تل أم حمد الذي يبعد 7 كلم الى الجنوب من تل دير العلا. يذكر مز 60 :8 و108 :8 وادي سكوت. 2) في المصرية : تكو. أول مخيم لبني اسرائيل بعد خروجهم من مصر (خر 12 :37) بين رعمسيس وإيتام (خر 13 :20؛ عد 33 :5ي). هي اليوم : تل المشخوطة. في القسم الشرقي من وادي طوميلات. رج فيتوم. 3) اله بابلي (عا 5 :26). السبعينية وأع 7 :43 يترجمان : خيمة. وضع الماسوريون الحركات على وزن “رجس” ليعبّروا عن اشمئزازهم من هذا الكائن. وقد رأى بعض العلماء في سكوت صنم الأشوريين الذي وُضع في السامرة (2مل 17 :30). وظن غيرهم أن سكوت تشويه لكلمة مردوك. وقال آخرون : سخ كود هو الاله الأشوري البابلي، اله الحرب والصيد. إنه نينورتا.
شكيم:
مدينة كنعانية قديمة في جبل افرايم بين عيبال وجرزيم (من هنا اسمها الذي يعني العنق لأنها تبدو كالعنق بين الكتفين). نقطة اتصال مهمة. تذكرها النصوص المصرية باسم “سكمم” ورسائل تل العمارنة. أقام ابراهيم واسحق ويعقوب في جوار شكيم وقد سمِّي اهلُها الحويون (تك 34 :1). لا يذكر أيُّ نص أن شكيم أخِذت (تك 38 :34) إلاّ أنها كانت باكرا في يد بني اسرائيل. وأعطيت لافرايم (يش 24 :32). كانت مركزا دينيا اسرائيليا (يش 24 :1-28)، مدينة ملجأ (يش 20 :7)، مدينة كهنوتية (يش 21 :21). وكانت كذلك حتى قبل دخول بني اسرائيل (تك 12 :17؛ 33 :20، السنديانة المقدسة). في أيام ابيمالك، كانت شكيم أولى المدن الملكية في بني اسرائيل (قض 9 :1ي). إن رحبعام تُوّج في شكيم، ولكن تصرّفه الخاطئ سبّب انفصال القبائل العشر عن مملكة يهوذا (1مل 12). وحين انتقلت عاصمة ملوك الشمال من شكيم (1مل 12 :25) إلى السامرة بعد فنوئيل وترصة، انكسفت شكيم. بعد المنفى صارت شكيم مركز السامريين الديني ولاسيّمَا حين بُني هيكل على جبل جرزيم القريب منها. دمّر يوحنا هرقانوس سنة 128 ق.م. الهيكل والمدينة، وبُنيت المدينة الرومانية بعيدا عن شكيم وسميت فلافيا نيابوليس الذي بقي في الاسم الحالي : نابلس. نجد خرائب المدينة القديمة في تل بلاطة. وبدأت الحفريات سنة 1913، فبيَّنت أن شكيم كانت مأهولة في بداية الألف الثاني وكانت محاطة بسور في زمن الهكسوس. حين سقطت المدينة في يد الكنعانيين أقام سكانها حوالي سنة 1600 سورًا ضخمًا مع قلعة (بيت ملو : قض 9 :6، 20) وهيكل (هو هيكل بعل بريث المذكور في قض 8 :33؛ 9 :4). وُجدت قبل الزمن الاسرائيلي لوحتان مسماريتان فشهدت على حضور مصر في تلك المدينة. ماذا قالت الحفريات عن هذه المدينة العريقة؟ في الحقبة الكلكوليتيّة (انتقال من الحجر إلى البرونز) وُجدت مخيّمات من البدو قرب ينبوع ماء. في البرونز الوسيط الثاني، تأسّست مدينة محصّنة سنة 1900 تقريبًا مع أبنية عامّة. وتوسّعت في حقبة الهكسوس (1750-1650). فبُني سوران من الحجارة. وأحاط سور ثالث بالقصر الملكي والهيكل. بين سنة 1650 وسنة 1550، امتدّت المدينة فوصلت إلى سفح عيبال. سنة 1550، دمّرت مصر المدينة التي ظلّت متروكة قرنًا من الزمن. في البرونز الحديث، أعيد بناء المدينة ولكنّها كانت صغيرة، مع هيكل يعود إلى زمن القضاة (هيكل بعل بريت، قض 9 :4). في سنة 1150-975، دمّرت المدينة وتركها سكّانها. ولكن دمّرت أيضاً سنة 918. فصارت قرية صغيرة في الحقبة البابليّة والفارسيّة. في الفترة الهلنستيّة استعادت شكيم الحياة حين أقام السامريون قرب جبل جرزيم وبنوا للمدينة سورًا هدمه السلوقيّون حين احتلّوا المنطقة سنة 190 ق.م. ولكن أعيد بناء المدينة قبل أن يدمّرها هرقانوس الأول.
شيلوه:
الأرض المرويّة. مدينة في افرايم. تقع شمالي بيت ايل. حسب أقدم النصوص، كان تابوت العهد محفوظًا في شيلوه وكانت الفتيات يرقصن في هذا العيد. قضى صموئيل صباه في شيلوه (1صم 3). دُمّر المعبد على يد الفلسطيّين وكان الناس لا يزالون يتذكّرون هذا الحدث في أيام إرميا (إر 7 :12، 14؛ 26 :6، 9). لا نعرف كيف وقعت شيلو في أيدي بني اسرائيل. ففي النصوص المتأخّرة (يش 18 :، 8-10؛ 19 :51؛ 21 :2؛ 22 :9-12) نعرف أن تابوت العهد كان في شيلوه بحراسة يشوع بن نون (يش 18 :1؛ رج مز 78 :60). وفي هذه النصوص نرى أن شيلوه كانت آخر مخيّم مشترك بين القبائل الاسرائيليّة. فيها قُسمت بين سبع قبائل المناطقُ التي لم يحتلّها بعد بنو اسرائيل (يش 18-19)، فيها عيّنت المدن الكهنوتيّة ومدن الملجأ (يش 20-21)، وفيها اتّخذت إجراءاتٌ ضدّ قبائل شرقيّ الأردن (يش 22 :9-12). كان النبيّ أحيا من شيلوه (1مل 11 :29؛ 12 :15). احتلّ السلوقيّون شيلوه. هي اليوم سيلون (ضيعة حقيرة تبعد 18كلم إلى الجنوب من نابلس). أظهرت التنقيات أنها كانت مأهولة في البرونز الثالث، وقد وصلت إلى أوجها في القرن 12 ودمّرت في القرن 11 ق.م. هذا ما يقوله الكتاب المقدس. فما الذي تبيّنه الحفريات في خربة بيت سيلا التي تبعد كلم ونصف الكيلومتر من بيتونيا. هذا ما يتوافق مع الوصف الذي نقرأه في قض 21 :19 : “شمال بيت إيل، شرقيّ الطريق المؤديّة من بيت إيل إلى شكيم، جنوبي لبونة”. إذن، في أرض افرايم. وحسب أقدم النصوص، وُضع تابوت العهد في معبد (هـ ي ك ل)، هو هيكل يهوه صباؤوت حيث خدم الكاهن عالي وعائلته. وكان بنو اسرائيل يؤمنونه مرّة كل سنة. وفي معركة أفيق ضد الفلسطيين، أرسل بنو اسرائيل يطلبون تابوت العهد ليسير في مقدمتهم. ولكنهم انهزموا وأخذ التابوت ولم يَعُد (1صم 4 :3-12)، لا نعرف متى سقطت شيلوه في يد بني اسرائيل. ولا كيف. وحسب أقدم النصوص الكهنوتيّة، جُعلت خيمة الاجتماع في شيلوه غداة الاحتلال، وألقى يشوع القرعة فيها ليوزّع أرضًا لم يحتلّها بعد على سبع قبائل (يش 18 :1ي؛ 19 :15)، والمدائن المحفوظة للاويين (يش 21 :1-8). بعد سقوط أورشليم سنة 587. قُتل رجال كُثر من شيلوه وشكيم والسامرة في مسيرتهم إلى أورشليم (إر 41 :5). دلّت الحفريات في خربة سيون على أسوار في الشمال مع جرار بعنق. وعاد المنقّبون إلى البرونز الوسيط. أمّا خربة رفيد التي تبعد كلم واحدًا إلى الجنوب الغربي من شيلوه، فتمثّل موضعًا يُشرف على الوادي. في العصر الوسيط. أقام هناك شعب غريب، ودفن موتاه في قبور حُفرت في الصخر. أما القرية فلم تكن محصَّنة. في حقبة تالية، بنوا سورًا كبيرًا يستند إلى منحدر خفيف. من الجهة الشمالية وُجدت غرف بشكل مخازن على طول السور، وقد وُجد في إحدى الغرف مجموعة أغراض نحاسيّة وبرونزيّة حثيثة وعددًا من الجرار لحفظ الأطعمة. دُمّرت المدينة في حريق كبير. ولكن صارت مأهولة من جديد في البرونز الحديث دون أن يكون لها أسوار. كان السكان كُثرًا في البداية ثم أخذوا يقلّون تدريجيا إلى أن فرغ الموقع في بداية الحديد. وُجدت أغراض فخاريّة وسلسلة من الأواني تتضمّن عظام حيوانات وأثر نار. في حقبة الحديد الاول، صار التلّ مأهولًا منذ بداية القرن الثاني عشر. فوُجدت أهراء عديدة في شرق المدينة ومخازن تستند إلى السور مع جرار وسرج وأباريق وقدور ورحى… دُمّر الموقع في حريق في منتصف القرن الحادي عشر. في الحديد الثاني، لم يعد من أثر للحياة في هذا الموقع. ولكن صار مأهولًاأيضًا في الزمن الهلسنتي، وظلّ كذلك حتّى زمن الصليبيين. أقام الرومانوالبيزنطيون على قمّة التلّ (بعد أن هدموا الابنية السابقة) وفي الجزء الجنوبيّ. عندئذ امتدت المدينة وشُيّدت كنيستان في الجنوب. وظلّ الموقع مكانًا يحجّون إليه حتى القرن السادس عشر. بما أن الرومان والبزنطيين دمّروا كل ما سبق، لم يُوجد أثر لمعبد شيلوه. بل وُجدت فقط آنية عبادية. فاعتبر المنقّبون أننا أمام مخازن زراعية مع تلة مشرفة، تشكّل معبدًا محليًا، لا معبدًا مركزيًا. ويُطرح سؤال : هل دمّر الفلسطيون شيلوه؟ ليس ما يبرهن عن ذلك في البيبليا، ولا في الحفريات. أما الجرار فتعود إلى الحديد الثاني، وطبقة الرماد إلى نهاية القرن الثامن ق م. غير أن رأيًا آخر يعتبر أن الحريق يعود إلى القرن الحادي عشر، والجرار إلى الحديد الأول. ودلّ آخرون أن تحذير ارميا في اسلوب اشتراعي (7 :12-14) يشير إلى دمار شيلوه بيد الفلسطيين، لأن الموضع الشرعيّ الوحيد الذي اختاره الله هو هيكل أورشليم المبنيّ في القرن العاشر. من هذا القبيل تكون شيلوه موضوع اختير قبل بناء هيكل سليمان.
صيدون:
الصيد. كانت في أقدم الأزمان المدينة الرئيسيّة للفينيقيّين الذين سُمّوا صيدونيّين في رسائل تل العمارنة وفي نصوص أوغاريت. بعد هذا (حوالي بداية الألف الأوّل)، حلّت صور محلّ صيدون. ولكن استعادت صيدون مكانتها في العهد الفارسيّ. حمى الأشوريّون صيدون ليُضعفوا تأثير صور (التي ارتبطت بمصر)، ولكنّهم في النهاية دمّروها يوم ثارت عليهم. هناك كتابات تحتفظ لنا بأسماء الملوك التالية أسماؤهم : إمريدا (حقبة تل العمارنة)، توبعل (في أيام سنحاريب)، عبدي ملكوتي (في أيام أسرحدون)، تبنيت، أشمونصر (حوالي سنة 450)، تنيس (في أيام ارتحششتا أوخوس). تُميّز التوراة، شأنها شأن النصوص الأشوريّة، بين صيدون الصغيرة وصيدون الكبيرة. تمثّلت صيدون في لائحة الشعوب كبكر كنعان (تك 10 :15). يعدّها يش 19 :8 بين مدن أشير مع أن بني إسرائيل لم يمتلكوها يومًا. نقرأ في حز 28 :20-23 قولاً على صيدون. ويذكر الإنجيل (لو 6 :17؛ 10 :13ي؛ مت 11 :21ي) صيدون مع صور. زار بولس صيدون خلال رحلته إلى رومة (أع 27 :3). هي اليوم : صيدا في لبنان. هذا في الكتاب المقدّس. فماذا في التاريخ؟ ورد اسم صيدون منذ الألف الثالث، فبدت من أقدم مدن فينيقية (تك 10 :15؛ 1أخ 1 :13). سيطر عليها الفراعنة في السلالة 18، 19، ولكن سلطة أمرائها امتدّت على مواقع أخرى مثل صرفة صيدا (1مل 17 :9؛ لو 4 :26). إنّ رسائل تل العمارنة (144-145) دلّت على أن امريدا حاول أن يتحرّر من تبعيّة ملك مصر، ولكن مصر ظلّت مسيطرة وإن بشكل متقطّع حتى القرن 13. لعبت صيدون دورًا هامًّا في القرن 11-10 ق.م.، وذكرت مغامرات وان أمون وجودَ 50 سفينة في مرفأ صيدا، ترتبط بوركة إلي وهو سامي يُقيم في صوعن. بما أن اسمه اسم أكاديّ، فهذا يعني أن صيدون كانت تدفع الجزية لملك أشوري هو تغلت فلاسر الأول ( 1114-1076). نشير هنا إلى أن صور لم تذكر. وبما أنّ نشاط صيدون كان على ما كان، سمّى هوميروس الفينيقيّين “صيدونيّين”، وهذا ما نجده في بعض مقاطع الكتاب المقدّس (تث 3 :9؛ يش 13 :4، 6؛ قض 3 :3؛ 10 :12؛ 18 :7؛ 1مل 5 :20؛ 11 :1، 5؛ 16 :31؛ 2مل 23 :13؛ حز 32 :30). ولكن في القرن العاشر تفوّقت صور (على صيدون) مع حيرام الأول وبداية الحملات الأشوريّة التي قادت إلى فينيقية أشور بانيبال، شلمنصر الثالث، هدد نيراري الثالث، تغلت فلاسر الثالث، سرجون الثاني، سنحاريب وأسرحدون. وقد توخّت هذه الحملات أخذ الجزية (نشو 276؛ 280-281؛ حشو 94-95؛ يوسيفوس، العاديات 9 : 285). من المدن الفينيقيّة (صور، صيدا، جبيل). حتى نهاية القرن 10، تحمّلت المدن الفينيقيّة السيادة الأشوريّة. ولكن عند موت سرجون الثاني، ثار لولي، ملك صيدون، ولكنّه أجبر على الرجوع إلى قبرص حين وصل سنحاريب سنة 701. عند ذاك أقام الملك الأشوري على عرش صيدون اتبعل وفرض عليه جزية سنويّة. ولمّا ثار عبدي ملكوتي على أسرحدون، احتلّ أسرحدون (نشو 290-291؛ 302-303؛ حشو 126-127) صيدا سنة 677، وأعمل في المدينة السلب والنهب، وقطع رأس الملك المتمرّد، وجعل من صيدا مقاطعة أشوريّة وسمّاها “كار اسرحدون” أي رصيف أسرحدون. إلى هذه الأحداث يشير إش 23 الذي تحوّل إلى قول نبويّ ضدّ صور، وحز 28 :20-23، وهكذا نكون أمام قول سابق لحزقيال جُعل في سفر حزقيال. غير أنّ المدينة استعادت ازدهارها بعد أن حاصر نبوخذنصر صور حصارًا طويلاً (في ذلك الوقت كان ملك صيدون في بابل). في زمن الاخمينيّين، صارت صيدون مرّة أخرى المدينة الرئيسيّة في فينيقية، ووهب ارتحششتا الأول للملك أشمون عازر الثاني سهل الشارون من جبل الكرمل حتى يافا، ليجازيه عن الخدمات التي قدّمها الأسطول الصيدوني في حروب الفرس مع اليونان. في نهاية الحقبة الفارسيّة، سنة 351، ثار تنيس، فسحقه ارتحششتا الثالث. حين جاء الاسكندر الكبير وقاومته صور، فتحت له صيدون أبوابها سنة 332. إلاّ أنّ الفاتح عزل ملكها ستراتون الثاني وأحلّ محلّه عبد لونيمس (ذُكر في مدوّنة وُجدت في جزيرة كوس، في اللغة الفينيقيّة واليونانيّة). استفادت صيدون من سقوط صور، فاستعادت دورها المتقدّم في فينيقية وصار فيلولكيس ملكها، قائد الاسطول البطالسي. في القرن الثالث صارت صيدون مدينة مستقلّة يحكمها “القضاة”. سنة 198، تبعت السلوقيّين. ولكنّها استقلّت سنة 111 ق.م. اعترف بومبيوس الروماني بحقّها في ضرب العملة. ووسّع أوغسطس حدودها حتى جبل حرمون ظلّت الحفريات محدودة في صيدون. ومع ذلك، دلّت على أن الموضع كان مأهولًا في النصف الثاني من الألف الرابع. كما دلّت على قصر للاخمينيين يعود إلى القرن الرابع. كانت صيدون مدينة واسعة ومتشعبّة، فميّز فيها سنحاريب صيدون الكبرى (يوسيفوس، العاديات 11 :18؛ 19 :28) وصيدون الصغرى (نشو 287؛ حشو 119). والمدوّنة الفينيقية لأشمون عازر الثاني، تعدّد مختلف أحياء المدينة مع هياكلها (نصوص كنعانية وأراميّة 14). أما التنقيبات التي تمّت في المدافن كما في هيكل اشمون (أسكليبيوس)، في بستان الشيخ، فقد كشفت غنى كبيرًا من الماضي من نواميس أو أوستراكات ومدّونات. وهذه ملوك صيدون : لولي، إتوبعل، عبدي ملكوتي، أشمون عازر، تبنيت الاول، بد (بيد) عشتارت، يتن ملك، بعل شلم الاول، عبديمون، بعنا، بعلم شلم الثاني، مستراتون الاول، تبنيت الثاني، اوغراس الثاني، مستراتون الثاني، مستراتون الثالث، عبد إليم، فيلوكليس.
عقرون:
إحدى مدن الفلسطيّين الخمس وهي تقع في الشمال (يش 13 :3؛ 15 :11، 46). كانت المدينة ملك قبيلة يهوذا ثم قبيلة دان. بعد هذا أخذها الفلسطيّون. عرفت عقرون بخبر ضياع تابوت العهد (1صم 5 :10؛ 6 :16). احتلّها بنو إسرائيل (قض 1 :18؛ 1صم 7 :14؛ 7 :52)، ولكنّهم لم يحتفظوا بها لأنّ الأنبياء اعتبروها مدينة الفلسطيّين (عا 8 :1؛ صف 2 :4؛ زك 9 :5-7). ثمّ إنّ النصوص الأشوريّة في زمن سرجون وسنحاريب تشير إلى ملوك عقرون (مثلاً : فادي). لم تصر عقرون من أرض اسرائيل إلاّ حين قدّمها الاسكندر بالاس ملك انطاكية ليوناتان المكابي (1مك 10 :9) سنة 147 ق.م. عبدوا في عقرون إلهًا اسمه بعل زبوب الذي أرسل الملك أحزيا يسأله إذا كان سيُشفى من مرضه (2مل 1 :1-16). هذا في الكتاب المقدس. فماذا في التاريخ؟ هذه المدينة في بنتابوليس الفلسطيّين (خربة المقنّع)، كانت مأهولة منذ الألف الرابع ق.م.، وأحيطت بسور منذ البرونز الوسيط الثاني (1850-1550). ولا يُذكر اسم عقرون بتأكيد إلاّ في نصوص الألف الأول ق.م. ثمّ إنّ خربة المقنّع قد فرغت من سكانها في القرن 7. احتلّ الفلسطيّون عقرون منذ وصولهم، سنة 1175 تقريبًا. ولكن هذه المعطية توافق أيضًا جتّ التي لم تُذكر في إر 25 :20؛ عا 1 :8؛ صف 2 :4؛ زك 9 :5-7، لأنّها كانت مدمَّرة. كانت عقرون مدينة في شمال منطقة الفلسطيّين الملكيّة، واشتهرت بمعبد بعل زبول. دفعت الجزية لتغلت فلاسر الثالث، واحتلّها سرجون الثاني بعد حصار صُوّر على جدرانيّة سرجون في خورشباد. حين مات سرجون، رفض فادي، ملك عقرون، أن ينضمّ إلى حلف مناوئ للأشوريّين، فسلّمه عبيده إلى الملك حزقيا. ولكن حملة سنحاريب سنة 701 أعادته إلى العرش، ووسّعت أملاكه على حساب يهوذا (نشو 287-288). وتذكر النصوص الأشوريّة أيضًا ايكوشو، ملك عقرون. الذي خضع لأسرحدون (نشو 291) ثمّ لأشوربانيبال (نشو 294). وآخر ملوك عقرون كان “أدون” الذي أرسل سنة 604 ق.م. رسالة إلى نكو الثاني (نجدها في سقارة، في مصر) يطلب فيها العون من الفرعون لأنّ نبوخذ نصر وصل إلى أفيق. إلى هذا تشير أقوال عا 1 :8؛ صف 2 :4؛ زك 9 :5-7. وقد ربط النبيّ زكريا مصير المدن الفلسطيّة بمدينة صور التي حاصرها نبوخذ نصر الثاني (زك 9 :3-4). سنة 585 ق.م. خسرت عقرون أهمّيتها، وصارت جزءً ا من أشدود في الزمن الهلنستي إلى أن أعطاها الاسكندر بالاس ليوناتان. في زمن أوسابيوس (أسمائيات 22 :9-10) هي ضيعة يهوديّة نجد اسمها في عقيراتي التي تبعد 7 كلم إلى الشرق من يبنئيل أو يبنة أو يمنية. عقصيم أعواد وأذناب الثمار وغلال الأرض. المقال الثاني عشر والأخير في نظام طهوروت في المشناة. تزيد فصوله الثلاثة تفاصيل حول نجاسة الأطعمة : قشرة البيض أو غيرها من القشور، نيّة الشخص بأن يأكل ثمراً غير طاهر… تعالج توسفتا هذا الموضوع بشكل مفصّل.
عمون:
عمونيون قبيلة أموريّة أقامت في القرن الثاني عشر ق.م. على حدود بلقاء الحاليّة قرب مجرى يبوق العالي. طردوا أو أفنوا سكان البلاد الإصليّين (رفايم. أو سمّاهم العمونيّون زمزميم : تث 2 :20). كانت ربّة عاصمة العمونيّين. وهناك خبر شعبيّ يجعلهم يتحدّرون من بن عمي وبالتالي من لوط. وهذا يدلّ على أصلهم الأرامي. كانت حروب (تك 19 :30-38) بين العمونيّين والإسرائيليّين في أيام القضاة (قض 3 :13 : حالفوا عجلون ملك موآب، قض 10 :6-9؛ 11 :1-12 :4 : قهرهم يفتاح) وشاول (1صم 11 :1-11 : ناحاش العموني هاجم يابيش جلعاد) وداود (2صم 10 :1-11؛ 12 :26-31 : أساؤوا معاملة رسل داود فاحتلّ ربة). ومع أن داود اعتمر تاج عمون (2صم 12 :30)، لا نستطيع أن نقول إن العمونيّين خضعوا له. ثمّ إنّه ليس بأكيد أن العمونيّين اجتاحوا أرض يهوذا في أيام الملك يوشافاط (2أخ 20 :1-30). إلاّ أنّهم دفعوا الجزية لعزريا (2أخ 26 :8) ويوثام (2أخ 27 :5). بعد هذا، سقط العمونيّون (بيت عماني كما في النصوص الأشوريّة) في يد الأشوريّين. يخبرنا نص شلمنأسر الثالث عن ملك عموني (بعسا ابن روحوبي) غُلب سنة 548. ثمّ ان تغلت فلاسر الثالث (745-726) قبلَ الجزية من الملك العموني شنيفو. وأسرحدون (681-668) من فودوايلو، وأشور بانيبال (668-625) من عمندبي (مذكور على ختمين). إذاً كان للعمونيّين سلالة ملكيّة وقد خضعوا لأشور ثمّ لبابل في أيام المملكة البابليّة الجديدة. وبناءً على طلبها هاجموا يوياقيم (2مل 24 :2). وبعد دمار أورشليم، أرسل الملكُ العموني بعليسَ اسماعيل ودفع له المال ليقتل جدليا الحاكم اليهوديّ (إر 40 :14؛ 41 :1ي). بعد هذا صار العمونيّون، مثل يهوذا، مقاطعة في المملكة الفارسيّة. وامتدّت أرضها إلى الغرب حتى الأردن. وبعد الفرس خضع العمونيّون للملوك الهلينيّين. ويذكر 1مك 5 :1-3 صراعًا بين عمون ويهوذا المكابي (تحالفوا مع السامريّين، ولكن يهوذا قهرهم : 1مك 5 :1-7). وفي سنة 64 ق.م. كانت عمون تحت سلطة الرومان، بعد أن حكمهم ملك ظالم هو زينون كوتيلاس. قال الأنبياء خطبًا عديدة يهدّدون فيها عمون : عا 1 :13-15؛ صف 2 :8-11؛ إر 9 :25؛ 49 :1-6؛ حز 21 :33-37؛ 25 :1-7. لم نجد وثائق عمونيّة مكتوبة. ولكن أسماء العلم المحفوظة في النصوص الأشوريّة تبيّن أن اللغة العمونيّة قريبة من الكنعانيّة (والعبريّة) مع انتمائها إلى المجموعة الأراميّة (نعرف اللغة الموآبيّة من نصب ميشع). أما الإله الوطني فهو مولخ ( ملكوم. رج ملك) الذي بنى له سليمان مذبحًا على المشارف (كما كان للموآبيّين الاله كموش : 1مل 11 :7؛ لا 18 : 21؛ 20 :2-5؛ 2صم 12 :30). كان مولخ إلهًا رهيبًا وكانوا يذبحون له الأولاد (2مل 16 :3؛ 17 :17؛ 21 :6). نشير إلى أن عاصمتهم ربة صارت فيلدلفية إكرامًا لبطليموس فيلدلفوس. بعد القرن الثالث ق.م. زال العمونيّون من التاريخ وانضمّوا إلى البدو المقيمين في الصحراء، في شرقيّ الأردن. بعد هذه النظرة السريعة التي استندت بشكل خاص إلى الكتاب المقدس، نتوسّع في ثلاثة أمور : الجغرافيا، التاريخ، الحضارة. 1) الجغرافيا أو الشعب والأرض. كان العمونيون قبيلة من أصل أموريّ (عد 21 :21 -32؛ رج قض 11 :13) أقاموا في ما يسمّى الاردن الحاليّ. ونحن نجد المواد الاركيولوجيّة في عمان، المقبلين. سحاب، خربة الحجّار، تل سيران، تل العميري، ثم تل حشبان (حشبون) في الجنوب الذي يبعد 26 كلم إلى الجنوب الغربيّ من عمّان، ثم البقيعة الاردنيّة التي تقع شماليّ غربيّ عمّان. وأخيرًا في الغور : دير علا، تل المزار، تل السعِيدية. إن اسم عمون يرتبط باسم المكان “عمّان” الذي نجده في “كتاب” الاسمائيات الاموريّ والذي احتفظت به عمّان عاصمة الاردن الحالي. العمونيون هم “بنو عمّون” وقد أقاموا في أرض البلقاء الخصبة، التي كانت في الوقت عينه منطقة مرور. فإن ربة، العاصمة العمونيّة “ر ب ت. ب ن ي. ع م و ن” (تث 3 :11؛ 2صم 12 :26؛ 17 :27؛ إر 49 :2؛ حز 25 :5) أو ” ر ب ت. ع م ا ن ا” كما في بردية زينون، بوليبيوس 5 :71؛ اسطفانس البيزنطي (عمّان الحالية)، كانت مركز تجارة تمرّ فيها القوافل، مع نبع ماء معروف منذ القدم. وكانت تلتقي فيها طريقان قديمتان : “الطريق الملكية” و “طريق القوافل” (قض 8 :11) التي تأتي من بلاد الرافدين الجنوبيّة ومن عرابية الشمالية الشرقية، فتمرّ في واحة الجوف (دوما) ووادي سرحان، وتتواصل من عمّان إلى الغرب باتجاه أريحا وأورشليم. إن هذا الموقع على ملتقى الطرق التجاريّ جعل من عمّان مورد ربح هام وغنى كبير (رج 2صم 12 :30؛ 1أخ 20 :2). وفي الوقت عينه ترك المنطقة مفتوحة لجميع العابرين. لهذا، أحيطت أرض عمون في القرن 7-6 بسلسلة من الحصون شُيّدت الواحد تجاه الآخر. وبين الحصون العديدة الموجودة حول عمّان (قيل أنها تعود إلى عصر الحديد) هناك ثلاثة في رجم الملفوف الجنوبي، ورجم المَخيزين، وخربة الحجّار. هي تعود بلا شكّ إلى القرن 7-6. هذا يفترض ان سائر الحصون (أو : الابراج) المدوَّرة أو المربّعة تعود إلى الزمن نفسه، هذا مع العلم أن التأريخ الروماني لبرج الملفوف الشمالي يدلّ على أن هذه الطريقة في الدفاع ظلّت ثابتة على مدّ العصور. 2) التاريخ. ما زلنا نجهل الكثير من تاريخ العمونيّين بسبب غياب المراجع الاكيدة. فانتقالهم إلى حياة الحضر يرتبط بمسألة القبائل الاسرائيلية (رأوبين، جاد). فقبيلة رأويين كانت موجودة في زمن دبّورة (قض 5 :15-16)، ولكنها تفكّكت بعد ذلك الوقت بقليل (1أخ 5 :10)، وما احتلّت إلاّ الغور الغربي في منطقة أريحا. أما المنطقة الأولانية التي أقامت فيها قبيلة جاد (أرض يعزير، عد 32 :1؛ 2صم 2 :5، المحصورة بين ممتلكات عمون) فقد صارت للعمونيين (إر 49 :1-5) في نهاية القرن 8، ساعة دخلوا إلى جلعاد (عا 2 :13-15). منذ الحقبات الأول لانتقالهم إلى حياة الحضر، في القرن 9 تقريبًا، حاولوا الامتداد إلى شمال يبّوق في جلعاد، فكان قتال يشير إليه قض 10 :7-11 :33؛ 1صم 11 :1-11. وحاول العمونيون أيضاً أن يمتدّوا نحو الجنوب. إن حشبون (26 كلم إلى الجنوب الغربي من عمّان) كانت في القرن 7-6 مدينة عمونيّة أخذ منها عد 21 :27-30 نشيد انتصار قديمًا ينشد انتصار الحشبونيّين على الموآبيّين. قد يكون هذا النشيد سابقًا لمسلّة ميشع، ملك موآب، فيعود إلى القرن 9، وقبل حكم سلالة عمري في مملكة اسرائيل. أما حملات داود على عمون، فالسبب الحقيقيّ ليس المعاملة السيّئة لوفده على يد حنون بن ناحاش، ملك العمونيين (2صم 10 :1-5؛ 1أخ 19 :1-5)، بل الرغبة في الاستيلاء على ميدبا (1أخ 19 :7؛ رج 2صم 10 :6-14؛ 1أخ 19 :7-15)، وربّة عاصمة عمّون (2صم 11 :1؛ 12 :26-31؛ 1أخ 20 :1-3) التي كانت تسيطر على الطرق التجاريّة ولا سيّما “الطريق الملكيّة”. إن احتلال أرض عمون بيد داود، فرض على السكّان السخرة. ولكن هذا الاحتلال كان موقتا (2صم 12 :31؛ 1أخ 20 :13). لا شك في ان سليمان تزوّج نساء عمونيات (1مل 11 :1-7)، وكانت أم رحبعام أميرة عمونيّة (1مل 14 :21). غير أن هذه الزواجات تدلّ فقط على علاقات طيّبة بين بلدين مجاورين. ويمكن أن يكون نعمة العمونية (1مل 14 :21) بنت “شوبي بن ناحاش من مدينة ربّة عاصمة بني عمون” (2صم 17 :27) الذي جاء يسلّم على داود في محنائيم خلال ثورة أبشالوم. ونستطيع أن نفترض، دون براهين مباشرة، أن داود سلّمه التاج العموني. إذا وضعنا جانبًا سيحون الحشبوني الذي ملك في بداية القرن 9 (عد 21 :21-32)، يجب أن ننتظر القرن 8 لنجد في مراجعنا ملكًا عمونيًا. إن الظلام الذي يلفّ هذه الحقبة، يرتبط بسيطرة بني عمري وياهو على هذه المنطقة. أما أول ذكر لملك عمونيّ في الوثائق الأكادية، فيتوافق مع نهاية مملكة السامرة. نعرف ان الملك شنيفو دفع الجزية لتغلت فلاسر الثاني سنة 729-728. ونجد اسم هذا الملك على تمثال حفيده : “تمثال يريح عازر، بن زكور، بن شنيفو”. ولكن يريح عازر لم يكن خلف شنيفو، لأن العرش العموني بين سنة 701 وسنة 677، كان في يد فودوإيلو الذي نعرفه بفضل ختم أحد وزرائه (ف د إ ل ) ومدوّنات سنحاريب واسرحدون (فودوايل). أما خلفه فكان عميناداب الأول (عمنيدبي) الذي عُرف أيضاً في أختام وزرائه (ع م ن د ب) ومدوّنات أشور بانيبال (عم – مي – نا – اد – بي) الذي دفع له الجزية سنة 667. وقد يكون ذُكر عميناداب هذا في نش 6 :12 (إذا اعتبرنا الكلمة العبريّة اسم علم) الذي يدلّ على غنى القصر العمونيّ في ذلك الوقت. وسمِّي أيضاً على قنينة شهيرة في تل سيران تعود إلى سنة 600 تقريبًا، مع أن تحليل الكربون 14 يعود بنا إلى سنة 400. إن المدوّنة المحفورة على هذه القنينة البرونزيّة تذكر ثلاثة ملوك عمونيين : عميناداب الأول، حصّيل ايل، عميناداب الثاني (حكموا حول سنة 600 ق.م.). وقد نجد اسم الملك عميناداب في مدوّنة ناقصة في مسرح عمان. “عميناداب ملك بني عمون”. وهكذا نكون أمام اسم المُهدي العموني لختم قدّم لعشتار، إلاهة صيدون. فالملك العمونيّ الذي أرسل وفدًا إلى أورشليم سنة 594 (إر 27 :3) قد يكون بعليس الذي قتل جدليا (إر 40 :14). وهو يُعرف في كتابة وُجدت في تل العميري (ب ع ل ي ش). إن سبب هذا الاغتيال (إر 40 :14)، يرتبط بسياسة الملك العموني المعادية لبابل (إر 41 :3، 18). وهذا ما ينعكس أيضاً في قول حز 21 :24-27، حيث نعرف أن صدقيا، ملك يهوذا، حاول أن يلتجئ إلى العمونيين (2مل 25 :5)، وأن العمونيين استقبلوا لاجئين يهوذاويّين (إر 40 :11-12). حسب فلافيوس يوسيفوس (العاديات 10 :181-182)، تغلّب نبوخذنصر الثاني على العمونيين والموآبيين سنة 582-581 وهي السنة التي سُبي فيها يهوذاويون آخرون حسب إر 52 :30. يجب أن نجعل قول حز 25 :1-7 قبل هذا التاريخ. وهذا يعني أن العاصمة العمونيّة لم تكن بعد هُوجمت على يد البابليين (اوستراكة حشبونية، 4 :1، يُذكر فيها ملك). ماذا بعد هذا من التاريخ العموني؟ هذا ما نجهله. ولكن عندما عادت مجموعة جديدة من اليهوذاويين من بابل، وأرادت أن تعيد بناء أسوار أورشليم، قاوم نحميا مؤامرة “طوبيا العبد (الوزير) العموني” (نح 2 :10، 19؛ 3 :35؛ 4 :1؛ 6 :1، 12-19؛ 13 :14-18) ومنع زواج اليهود مع النساء العمونيات (نح 13 :23). حصل هذا سنة 445 أو 385، أي بعد السنة العشرين لحكم ارتحششتا الأول أو الثاني (نح 2 :10). ولقب “العبد العموني” الذي أعطي لطوبيا يدلّ على أن أرض عمون كان يحكمها حاكم من عائلة طوبيا المحلّية. ففي زمن بطليموس الثاني فيلدلفوس (282-246) الذي سمّى عمّان باسم فيلدلفية، تذكر برديات زينون طوبيا آخر حكم في “مدينة العمونيين القويّة”. هذا الاسم الواحد يدلّ على تواصل في سلالة حكّام أرض عمون في القرن 4-3. وحين برزت مرّة أخرى مقاومة العمونيين لليهود في عهد يهوذا المكابيّ، كان على رأسهم قائد اسمه تيموثاوس (1مك 5 :6). وكانت نتيجة هذا الصراع ضم المناطق الغربية لأرض عمون إلى المملكة الحشمونيّة (1مك 5 :7، شكلت البيريه). في سنة 134 تقريبًا كان زينون كوتيلاس حاكمًا في عمّان (يوسيفوس، العاديات 13 :235؛ الحرب 1 :60). وخلفه ابنه تيودورس (العاديات 13 :356؛ الحرب 1 :86). بعد الاحتلال الروماني للمنطقة سنة 63 ق.م.، ضُمَّت العاصمة العمونيّة إلى ديكابوليس أو المدن العشر. سنة 66 ب.م.، عارض سكّان “فيلدلفية” يهود البيريه. وسنة 106، ضُمت المدينة والمنطقة إلى مقاطعة عرابية الرومانيّة. ويقول القديس يوستينوس (حوار مع تريفون 119) الذي عاش في القرن الثاني ب.م.، إن الشعب العمونيّ كان بعد كبيرًا في أيامه. 3) الحضارة والدين. تتميّز الحضارة العمونيّة بوجود مركز مديني محصّن ومنطقة زراعيّة واسعة (2أخ 27 :5). لا نعرف سماتِها المميّزة بسبب غياب الوثائق الكثيرة المكتوبة التي تعود إلى العمونيين. هي تتوزّع بين القرن 9 والقرن 5 ق.م.، بانتظار المدوّنات الهلنستية واليونانيّة. دُوّنت معظم الوثائق القديمة في اللغة العمونيّة وهي لغة قريبة من الفينيقيّة والعبريّة. وُجدت هذه الوثائق في عمّان، حشبون، تل المزار، كما وجدت في كلح، في أشورية، حيث قدّم موقع نمرود اوستراكة عمونيّة تعود إلى القرن السابع. ودوّنت كتابات في لهجة أراميّة : نص على الجفصين في دير علا، يعود إلى القرن 8. واوستراكات وُجدت في حشبون. ملكوم هو الاله العموني العظيم. نجد اسمه في التوراة وعلى مدوّنة تعود إلى القرن 9 وقد وُجدت في قلعة عمّان. هو ملك إلهي تماهى مع هرقل وملقارت. وهناك مدوّنة يونانية في عمّان تذكر هرقل. وأخرى تذكر اثينة أو مينرفا التي تماهت مع اللات الالاهة العربيّة. وعُرفت عبادة عشتار في ختم عموني وفي نص استفانوس البيزنطيّ. وتكشف الأسماء العمونيّة عبادة إيل الذي لعب دورًا هامًا في دير علا. هذا ما يثبت معلومة عد 22 :5 (ع م ا و ) حول الاصل العموني للرائي بلعام بن بعور.
غزة:
العزة، القوة. مدينة كنعانية قديمة جدًا (دمشق الجنوبية) تذكرها رسائل تل العمارنة والنصوص المصرية. كانت سوقا للقمح والخمر والفضة والتوابل. في القرن 18 كان للمينيّين مخازنهم فيها. لهذا احتفظت المدينة دوما بطابع عربي. اذا عدنا إلى تث 2 :23 نعرف أن أول سكانها كانوا من الحويين. منذ تحوتمس الثالث صارت غزة نقطة انطلاق الحملات المصرية على فلسطين وسورية. بعد هذا حصّنها سيتي الاول. حوالي 1200 احتلها الفلسطيون (قض 16 :1، 21؛ 1صم 6 :17). مع أن المدينة جُعلت رسمياً ليهوذا (يش 15 :47، قض 1 :18)، إلاّ أن بني اسرائيل حاربوا كثيرا لامتلاكها في ايام سليمان (1مل 5 :4) وحزقيا (2مل 8 :8). منذ تغلث فلاسر الثالث كانت غزة في يد الاشوريين الذين أجبروا دوماً على الدفاع عندها ضد سكانها وضد طموحات مصر إلى أن احتلها نكو (إر 47 :1، 5). في 1أخ 7 :28 يجب ان نقرأ العي أو عيّة بدل غزة. ازدهرت غزة في العهد الفارسي وأخذها الاسكندر بعد حصار دام شهرين. تنازع عليها السلوقيون والبطالسة وأجبرها يوناتان المكابي على التفاوض. اخذها اسكندر جنايوس، ولكن عادت مدينة حرة في أيام الرومان وصارت مركز اشعاع الحضارة الوثنية. إن فيلبس التقى وزير ملكة الحبشة على الطريق من غزة إلى اورشليم (أع 8 :26). بعد هذه النظرة السريعة المرتبطة بالكتاب المقدس بشكل إجمالي نعود إلى التاريخ. فغزة هي إحدى المدن الفلسطية الخمس (بنتابوليس). أقام فيها الناس بشكل متواصل، فما مرّت حقبة لم تكن فيها هذه المدينة مأهولة. لم نجد آثارًا قديمة جدًا. ولكن الفخاريّات دلّت على أن غزة كانت مأهولة أقلّه في البرونز الحديث (1550-1200). في بداية هذه الحقبة نعود إلى إشارة مكتوبة إلى المدينة. فتحوتموس الثالث (1504-1450) جعل منها موقعًا من أجل حملاته الحربيّة سنة 1481 في فلسطين وسورية. فموقع المدينة “على طريق البحر” التي تقود من مصر إلى آسية وخصب المنطقة، افترض أن غزّة كانت محطة للقوافل وموقعًا للعمليات الحربيّة الفرعونيّة. ذُكرت غزة في رسالة تعناك 6 (القرن 15)، وفي رسائل تل العمارنة (289، 296، القرن 14)، وفي وثائق مصرية تعود إلى القرن 13 ق.م. ظلّت غزة في فلك مصر في زمن السلالتين 18-19. وأقام فيها الفلسطيون سنة 1175 بمبادرة أو مباركة من رعمسيس الثالث (1182-1151) هذا ما تدلّ عليه التنقيبات في دير البلح الذي يبعد 14 كلم إلى الجنوب الغربي من غزة. حوالى سنة 1100 أوردت اسمائيات امينوفي مون الفلسطيين مع عسقلان وأشدود. هي في الواقع واحدة من المدن الملكية الخمس لدى الفلسطيين (يش 13 :3). تُذكر هذه المدينة في خبر شمشون (قض 16 :1-2، 21). أعطيت بشكل نظري إلى يهوذا (يش 15 :47)، فلم تكن يومًا من مملكة يهوذا (قض 1 :9 حسب السبعينية). سنة 734، خضعت لتغلت فلاسر الثالث (نشو 283). ثار ملكها حنون، فسحقه سرجون الثاني وجلاه إلى أشورية (نشو 285). بعد موت سرجون، توغّل حزقيا، ملك يهوذا، في فلسطين فوصل إلى غزة (2مل 18 :8) التي كان ملكها آنذاك صلّيبيل. ولكن سنة 701، كافأ سنحاريب صليبيل لأنه ظلّ أمينًا للعرش الأشوريّ (نشو 288). وامتدّ حكم هذا الملك فدفع الجزية لأسرحدون واشور بانيبال (نشو 292، 294). سنة 609، احتلّ نكو المصري غزة (إر 47 :1؛ هيرودوتس، التاريخ 2 :159). ولكن استعادها سريعًا نبوخذ نصر الثاني (605-602) وأجلى آخر ملوكها إلى بابل (نشو 308). وانطلق نبوخذ نصر من غزة ليقوم بحملة على مصر سنة 568. ومثله سيعمل قمبيز الفارسي سنة 525. في سنة 332، كانت غزة المدينة الوحيدة التي قاومت جيوش الاسكندر الذين سلبوها واستعبدوا سكانها. بعد ذلك، صارت المدينة جزءًا من مملكة البطالسة. ولكن انطيوخس الثالث الكبير احتلّها سنة 198 بعد حصار دام طويلاً (دا 11 :15). بعد ذلك، صارت غزة مرفأ الأنباط على البحر المتوسط فاغتنت جدًا، ووسّعت مرفأها في ميّومة التي تبعد 3 كلم عن المدينة، في خرلة بيت الابلهيّة. هاجمها الحشمونيون بقيادة يوناتان سنة 145 (1مك 11 :61-62). واحتلّها الاسكندر جنايوس سنة 96 ق.م. (يوسيفوس، العاديات 13 :357-364؛ الحرب 1 : 87)، واحتفظ بها حتى مجيء بومبيوس الروماني (61 ق.م.) الذي جعلها مدينة حرّة (العاديات 14 :75-76). أُعطيت لهيرودس الكبير هديّة من أوغسطس سنة 30، فشكلت منطقة مستقلّة في مملكته، وحكمها كوسغبار حاكم أدومية. حين قُسمت مملكة هيرودس، جُعلت غزة في ولاية القنصل المساعد في سورية (العاديات 17 :320). عند ذاك عرفت ازدهارًا كبيرًا، وكان لها مدرسة مشهورة لأهل البلاغة. أما العبادة الرئيسية التي عُرفت بها فهي عبادة “م ر ن ا” (سيّدنا، ربنا)، وهي التسمية الأرامية للاله العظيم في غزّة (داجون، قض 16 :23). ذُكرت غزة في أع 8 :26. ولكنها لم تصبح مسيحيّة إلاّ في القرن 5 ب.م.، ساعة دمّر بورفيريوس هيكل “مرنا” وجعل مكانه كنيسة بشكل صليب.
فلسطينيون:
سكّان فلسطين الذين جاء بعضهم من الصحراء العربيّة. وهم غير الفلسطيين الذين أتوا من عالم اليونان والجزر المحيطة به.
قادش برنيع:
المقدس. نقرأ برنيع في تث 1 :19، 46؛ 2 :14؛ 9 :23؛ يش 10 :41؛ 14 :6ي؛ 15 :3؛ عد 32 :8؛ 34 :4. وهذا اسم مدينة تقع على حدود فلسطين الجنوبيّة (تث 1 :2؛ عد 20 :16) بين تامار وسيل مصر (حز 47 :19؛ 48 :28) أو بين طلعة عقربيم (أو العقارب) وسيل مصر (عد 34 :4؛ يش 15 :3)، شرقيّ جرار (تك 20 :1). وُجد فيها نبع ماء (خر 17 :1-7؛ عد 20 :2-13). أقام فيها الآباء (تك 16 :14؛ 20 :1) وقبائل بني اسرائيل (عد 13 :26؛ 20 :1، 14؛ قض11 :16). هي اليوم : عين قديس المروية بعدد من الينابيع والآبار. إنّها تشكّل واحة خضراء وسط الصحراء (مز 29 :8 يذكر صحراء قادش)، صحراء فاران (عد 13 :26) أو صحراء صين (عد 33 :36). يسمّي تث 32 :51 وحز 47 :19 نبع قادس مريبة قادش. من قادش انطلق الجواسيس إلى الأرض المقدّسة (عد 13 :26؛ 32 :8؛ تث 1 :20-25؛ يش 14 :7)، وانطلقت البعثة التي أرسلت إلى ملك أدوم (عد 20 :14ي؛ قض 11 :16). كان الينبوع في يد بني عماليق (تك 14 :7) فأخذه منهم بنو اسرائيل.
لاكيش:
مدينة كنعانيّة هامّة وقديمة جدًّا. تقع في جنوبيّ غربيّ كنعان. تذكرها برديات مصر منذ القرن 20 ق.م. احتلّها تحوتمس الثالث سنة 1543، ولكنّها تحزّبت على مصر في أيام تل العمارنة (ذُكرت في الرسالة 328، 329، 332. كما ذُكرت في رسالة وُجدت في تل الحصي). كانت لاكيش إحدى المدن الخمس التي تحالف ملوكها على يشوع. ولكن انتصر يشوع واحتلّ بنو اسرائيل هذه المدن (يش 10 :3-25). وأما الملك رحبعام (931-913) فأعاد بناء لاكيش وجدّد حصونها (2أخ 11 :9). وفي لاكيش قُتل الملك امصيا (796-781) (2مل 14 :19). خلال حملة سنحاريب الشهيرة (702 ق.م.) استسلمت المدينة (كما تقول جدرانيّة في قصر سنحاريب في نينوى)، فكانت نقطة انطلاق للهجوم على أورشليم (2مل 18 :14-17). كانت لاكيش وعزيقة المدينتين الأخيرتين اللتين قاومتا مع أورشليم الملك نبوخذ نصر (إر 34 :7). بعد السبي، عاد الناس إلى لاكيش (نح 11 :30). بدأت الحفريّات في لاكيش سنة 1890 وظنّ المنقّبون أنّ لاكيش هي تل الحصي. ثمّ تبيّن سنة 1933 أنّها تلّ الدوير بين أورشليم وغزّة. هذا التلّ كان مأهولاً في زمن البرونز الأول (المستوى 5). أحاطه السكان بسور مضاعف في زمن البرونز الثاني وبنى الهكسوس سورًا جديدًا (المستوى 4). بعد طرد الهكسوس، خضعت لاكيش لسلطة مصر (المستوى 3. هيكل مصريّ للسلالة 18 هناك 4 جعلات تحمل اسم امنيوفيس الثالث). إلى الزمن الإسرائيليّ (المستوى 2) يعود السور الذي هاجمه سنحاريب ونبوخذ نصر. واكتُشفت هناك كتابات تعود إلى أول ايام الكتابة : 21 اوستراكة عبرية مكتوبة بالحبر (هي رسائل) ترجع إلى القرن 6 مع ختم يحمل اسم شبنا (إش 22 :15). كتب هذه الرسائلَ حاكمُ المدينة إلى الملك خلال التهديد الأشوريّ على يد نبوخذ نصر. أما المستوى الأول فيرجع إلى الزمن الفارسيّ.
لخيش:
رج لاكيش.
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
مجدو:
قلعة كنعانية قديمة تذكرها النصوص المصرية ورسائل تل العمارنة. كانت واقعة على السفح الشمالي لجبل الكرمل فتسيطر مع تعناك في الجنوب وبيت شان في الشمال على كل نهر يزرعيل، وبالتالي على الطريق التي تقود من مصر إلى سورية وبلاد الرافدين. ولهذا لعبت مجدو منذ القديم دوراً هاما في تاريخ مصر : احتلّ تحوتمس الثالث المدينة حوالي سنة 1480. ونحن نقدر ان نقرأ على جدران هيكل الكرنك تقريرا عن هذا الاحتلال. لم يستطع بنو اسرائيل أن يحتلوا مجدو ولا غيرها من قلاع سهل يزرعيل (يش 17 :12 ي؛ قض 1 :27). يبدو أن داود كان اول من احتل المدينة (إش 17 :11). وجعلها سليمان قاعدة مقاطعة من مقاطعاته 12 (1مل 4 :12؛ 9 :15). يذكر شيشاق مجدو بين المدن التي احتلها. ولكن سيطرة المصريين لم تدم طويلا. ففي عهد احزيا كانت المدينة في يد الاسرائيليين (2مل 9 :27). وفي سنة 733 احتل الاشوريون مجدو وجعلوها عاصمة المقاطعة الاشورية. لا تُذكر المدينة في العهدين الفارسي والهليني. أما الرومانيون فأقاموا قرب القلعة القديمة، وسموا مستوطنتهم لجيو وهو ما نراه في الاسم الحالي : اللجوم. اما اسم مجدو اليوم فهو : تل المتسلم (يبعد 17 كلم إلى الجنوب الغربي من الناصرة، وكلم واحدًا إلى الشمال من اللجوم). وقعت المدينة على تقاطع طريقين : طريق تنطلق من الشرق إلى الغرب من بيت شان، فتمرّ في وادي يزرعيل، وتصل إلى السهل الساحلي، شمالي الكرمل، ثم تصعد الشاطئ الفينيقي. وطريق تنطلق من الجنوب إلى الشمال فتتبع طريق البحر : غزة، أفيق، ياحم، ارونا في مدخل المضيق، ومجدّو حيث يصل نهر قنه إلى سهل يزرعيل ثم بين جبل تابور وموره واخيرًا كنارت، حاصور. واحتفظت مجدو بثلاث نقاط عبور في جبل الكرمل : يقنيعام، يبلعام، تعناك مع طلعة جور (2مل 9 :27). إن سقوط مجدو بيد تحوتحس الثالث تصوّر عبور أرونا والأهميّة الستراتيجيّة للموقع كغلقة زجاجة لا مخرج لها. بدأت فيها الحفريات سنة 1903. فميّز المنقبون 20 مستوى. المستوى الاقدم يعود إلى العهد النيوليتي (العصر الحجري الحديث). اذاً أسِّست مجدو في النصف الثاني من الالف الرابع. في المستوى 9 نشاهد اثار احتلال تحوتمس الثالث للمدينة. يدل المستوى 5 على تصميم غير منظم : لا أبنية ضخمة، لا حجارة جميلة، والآنية الفخارية غريبة. يقابل هذا المستوى زمن الفلسطيين أو زمن اسرائيل القديم. ينقسم المستوى 4 إلى قسمين : 4أ (سليمان) 4ب (داود). كان 4 أ مخيما عسكريا مع سور واسطبلات كبيرة (1مل 9؛ 18ي). وتحسَّن تمويُن المدينة بالماء. وظل هذا المخيم قائما حتى القرن 9. لا نجد آثار تدمير في أيام شيشاق، ولكننا نجد نصُباً يحمل اسم هذا الفرعون. ويبين المستويان التاليان أن المدينة انكسفت امام السامرة. ويدل المستوى الأعلى على آثار دمار فظيع تمّ حوالي سنة 600 ق.م. ذُكرت مجدو للمرة الأول في “حوليات” تحوتمس الثالث، في خبر الاستيلاء على المدينة بعد حصار دام سبعة أشهر (كان ضد حلف سوري فلسطيني). فخضعت المدينة لمصر التي جعلت فيها حامية حسب ما تقول رسائل تعناك. أما امينحوتب فخيّم خلال حملته الثالثة (1430) في جوار مجدو. فجاؤوا إليه بالملك جباشمن. وأقام موفد من مجدو في قصر فرعون، في الوقت عينه. هذا يعني أن وضع المدينة هو وضع المدينة الدولة المصرية كما تقول رسائل تل العمارنة. خلال حقبة تل العمارنة، دلّ ملك مجدو على ولائه للفرعون واتهم الامراء المجاورين (ولا سيّما أمير شكيم) بالتآمر على مصر بمساعدة “عبيرو” (رسائل 234، 242-245). احتلّ سيتي الأول المدينة خلال حملته الأولى (1304). وخلال حكم رعمسيس الثاني (1290-1224)، ذُكرت مجدو مع مدن المنطقة في رسالة لاذعة إلى الكاتب الملكي (نشو 477). احتلّ شيشانق (945-925) المدينة خلال حملته على مملكة الشمال (1مل 14 :25). وهذا ما يدلّ عليه جزء من مسلّة. وحين الانقلاب على بيت عمري، جرح ياهو احزيا (ملك اورشليم) في “عقبة جور” فمات هناك سنة 733-732. احتلّ تغلت فلاسر شمالي مملكة الشمال في حملته على شاطئ المتوسط، وكوّن مقاطعة مجدو (في الاكادية) بحسب اسم عاصمتها. هناك قُتل يوشيا، ملك يهوذا، حين أراد أن يوقف مسيرة الفرعون لمساعدة ملك أشورية، سنة 609 (2مل 23 :29؛ 2أخ 35 :22). يُذكر السهل الذي تجاه مجدّو في قول حول تجديد أورشليم (زك 12 :11). وانحطّت المدينة، وجُعل بقربها مركز عسكريّ في خربة لجون. وأخيرًا نجد ذكرًا لهرمجدون (جبل مجدو) كموضع للقتال بين قوى الله وقوى الشرّ (رؤ 16 :16)
موآب:
الاشتقاق الشعبي حسب تك 19 :37 : خرج من الاب أو ماء الأب. رج فحت موآب. (أ) بلد وشعب في شرقي الاردن. أقام شرقي البحر الميت. تلة خصبة سُمّيت تارة فيافي او سهول موآب (عد 22 :1؛ 26 :3؛ 31 :12؛ 33 :48-50؛ 36 :13، تث 34 :1؛ يش 13 :32)، وطورًا حقول أو بلاد أو ارض موآب (تك 36 :35 1أخ 1 :46؛ عد 21 :20؛ را 1 :1-6، 22؛ 2 :6؛ 4 :3؛ 1أخ 8 :8). في موآب أمر الرب موسى أن يقسم الارض الموعودة (عد 33 :50-36 :2). في موآب كتب موسى الشريعة (تث 1 :5)، وقطع العهد (تث 28 :69)، وتسلّم الشرائع والوصايا (عد 36 :13). ومن هناك صعد موسى إلى جبل نبو فرأى أرض الموعد قبل أن يموت (تث 34 :1-6). (ب) موآبيون وعمونيون. هذان الشعبان هما ابنا لوط (تث 2 :9، 18؛ مز 83 :9). يُذكران مرارًا معا : نجد بداية الشعبين في خبر بنات لوط (تك 19 :36-38). إنهم أقارب للاسرائيليين ومعهم تنازعوا مرارا (مز 83 :6-9؛ عد 22-24). في عهد القضاة قام عجلون، ملك موآب، وضايق بني اسرائيل (قض 3 :12- 30). حارب شاول الموآبيين (1صم 14 :47)، وأخضعهم داود (2صم 8 :2، 12 1أخ 18 :2، 11). تحالف الموآبيون والعمونيون وهاجموا يوشافاط ملك يهوذا 2 أخ 20 :1-23). وفي أيام يورام، ملك اسرائيل، قام اسرائيل ويهوذا بحملة على ميشع ملك موآب وانتصروا عليه (2مل 3 :4-27). وفي أيام يوياقيم، هاجم الموآبيون والعمونيون يهوذا بإيعاز من نبوخذنصر (2مل 24 :2). انجذب اسرائيل وقواده بعادات وآلهة موآب (عد 25 :1ي؛ قض 10 :6؛ 1مل 11 :1-7، 33؛ 2مل 23 :13؛ عز 9 :1؛ نح 13 :23). وظهر عداء اسرائيل لموآب في تث 23 :4-5، فمُنع الموآبي والعموني من الدخول إلى جماعة الرب، وفي اقوال الانبياء ضد موآب (إش 11 :14؛ 15 :1ي؛ ار 9 :24-25؛ 27 :2-3؛ 48 :1ي : يذكر موآب 34 مرة في هذا الفصل؛ حز 25 :8-11؛ عا 2 :1-2؛ صف 2 :8-11). ولكن داود سيسلم الى ملك موآب أهله الذين كانوا في خطر من شاول عدوّه (1صم 22 :3-4). وخلال حصار اورشليم سيلجأ اليهوذاويون إلى موآب (ار 40 :11). وفوق هذا كله ستكون امرأة موآبية (راعوث) جدةَ داود ثم المسيح (را 1 :22؛ 4 :13، 17-22؛ مت 1 :15-16). تذكر البيبليا ملوك موآب : بالاق، عجلون، ميشع، شلمن. اله موآب هو كموش. نهره هو ارنون. جبلاه : عباريم، نبو. مدنه عديدة : ديبون، ميدبا، نبو، مصفاة. نشير إلى ان الموآبيين خضعوا للاشوريون. فالكتابات الاشورية تذكر ملوكهم سلمن، كموش او ندبي، موسوري، كاماش ألتي. في الزمن الفارسي تغلغلت عناصر عربية في موآب، وما عتمّ الانباط ان امتصوا مملكة موآب. وبعد سنة 105 ق. م. كان القسم الاكبر من موآب في مقاطعة عرابية الرومانية. (ج) لغة وديانة موآب. إن لغة موآب التي نقرأها في أهم وثيقة لها، هي مدوّنة ميشاع، التي تبدو لغتُها قريبة من العبرية. انتشرت الأراميّة في أرض موآب أقلّه في الحقبة الفارسيّة. وهذا ما تدلّ عليه مدوّنة أراميّة تعود إلى بداية القرن 3 ق.م.، وُجدت في الكرك. أهديت الى الالاهة العربية “سراء” (الحظّ)، بيد كاهن الاله كموش. فكموش هو الاله الوطني للموآبين الذين سمّوا “شعب كموش” (عد 21 :29؛ إر 48 :46)، وتذكر مدوّنة ميشع “عشتار كموش”. هو اسم باسمين. وقد يكون الاسم الكامل للاله السامي كموش. في أي حال يتماهي الاله السامي القديم، كموش، الذي عُرف في ايبلا في الألف الثالث، مع الاله العربي عشتار. كموش أو عشتار كموش قد صوّر على نصب موآبي في رجم العبد (حشق 177)، المعروف بـ “مسلّة سيحان” التي تعود إلى القرن 9 أو 8 ق.م. نرى في هذه الصورة إلهًا حربيًا يرتدي خوذة ويتسلّح برمح. وهذا ما يتوافق مع كموش، إله الحرب الذي ماهاه التقليد اليوناني مع أريس. إكرامًا لهذا الاله ذبح ميشاع ابنه (2مل 3 :27)، كما ذبح 7000 شخص من الرجال والنساء أسرهم حين احتلّ جبل نبو.
نقب:
المقفر وبالتالي : الجنوب. رج رامة نقب او رامة الجنوب. 1) منطقة شبه صحراوية في جنوب فلسطين. تُذكر مع سائر مناطق فلسطين الطبيعية ولا سيما الجبل والسهل (تث 1 :7؛ يش 10 :40؛ 11 :16؛ 2أخ 28 :18). تنطلق التوراة من العشائر التي تقيم في النقب فتميِّز بين نقب يهوذا (1صم 27 :10)، نقب عراد (قض 1 :16)، نقب كالب (1صم 30 :14)، نقب القينيين، نقب يرحمئيل (1صم 27 :10)، نقب الكريتيين (1صم 30 :14). جال ابراهيم (تك 12 :9؛ 13 :1، 3؛ 20 :1) واسحق (تك 24 :62) في النقب، وكذلك فعل جواسيس موسى (عد 13 :17، 22). كان لقبيلة شمعون بعض المدن (يش 19 :2-7 1أخ 4 :28-32) سيبتلعها يهوذا (يش 15 :21-32؛ رج نح 11 :26-29). النقب هو ارض الزوابع (اش 21 :1) والسيول (مز 126 :4) والوحوش المتنوِّعة (إش 30 :6). يشير حز 21 :2ي إلى وجود غابة في النقب. بسبب تفتّت النقب، صار أرضَ السلب والنهب (1صم 30 :1ي، داود). بعد سقوط مملكة الجنوب، احتلّ الادوميون النقب. وتوصّل الرومان فزرعوا النقب حين أوصلوا إليه الماء.
يابيش (جلعاد):
اليابس. مدينة في جلعاد. ولهذا سمّيت يابيش جلعاد. جاء بنو اسرائيل من الغرب فاحتلّوا أرض يابيش في أيام القضاة. لا يذكر يش المدينة ولهذا فهو لا يعطيها لقبيلة معيّنة. ولكنّها كانت على علاقة متواصلة مع بنيامين (قض 21 :8-14؛ 1صم 11 :1-10، تحريرها على يد شاول؛ 1صم 31 :11-13؛ 2صم 2 :4-7؛ 1أخ 10 :11 : رثاء شاول وابنه). بقي اسم المدينة، في وادي يابس. هي اليوم : الحلاوة (جنوبيّ وادي يابس)، أو : تل المقلوب (شماليّ هذا الوادي) أو : تل أبو خرز (جنوبيّ هذا الوادي).
No Result
View All Result
Discussion about this post