فلسطين تحت حكم المكابيين
خرائط الكتاب المقدس
أبغض اليهود الملوك السلوقيين لفرضهم الثقافة اليونانية . وما بين 166 – 160 ق . م . قاد يهوذا المكابي حركة انتهت بطرد اليونانيين من أورشليم. في 103 – 78 ق . م . تأسست أسرة الحشمونيين وتحررت إسرائيل من نفوذ اليونانيين.
أدومية:
الاسم اليوناني – الروماني لأدوم. ولكن أدومية لم تطابق يومًا مملكة أدوم القديمة، لأن أدومية ضمَّت أيضاً جنوبيّ يهوذا ومنطقة حبرون حيث أقام الأدوميون بعد سنة 586 ق.م. (مز 137 : 7؛ مرا 4 :21؛ حز 25 :21؛ 35 :5، 10؛ عا 1 :11؛ عو 13). ومن جهة ثانية، كان الأنباط قد احتلوا قسمًا من أدوم القديم (رج إش 34 :5؛ 61 :1؛ ار 48 :7؛ ملا 1 :2). في أيام السلوقيين، كانت أدومية مقاطعة خاضعة لحاكم (ستراتيغوس) (2مك 12 :33 : جورجياس). حينئذ ضمّت أدومية قسمًا من الشفالة (أي المنطقة السفلى أو الساحلية). في ذلك الوقت، ضمّت في جوانبها بعض الصيدونيّين. وأهم مدنها : أدورا، مريشة. وبما أنّ أدومية تحالفت مع السلوقيّين خلال الثورة المكابيّة (2مك 10 :15)، احتلّ يهوذا المكابي بيت صور وحصّنها في وجه الخطر الأدومي (1مك 4 :28-61). في سنة 126 ق.م. احتل يوحنا هرقانُوس أدومية (ادورا، مريشة) وطبعها بالطابع اليهوديّ (يوسيفوس، العاديات 13 :257-258). وفي الزمن الروماني صارت أدومية جزءًا ضيقًا من اليهوديّة.كان انتيباتر وهيرودس من أدومية. بعد دمار المملكة اليهوديّة، زالت أدومية من التاريخ.
أردن:
يُسمّى الاردن في العهد القديم : يَردن، دومًا مع أداة التعريف : ها يردن، ما عدا في أي 40 :23؛ مز 42 :7. يتكوّن الاردن (في لبنان) في جنوبي حرمون من نهر بانياس (نبعه في حرمون) ونهر اللدان (نبعه قرب تل القاضي). وينضم إليهما نهر الحاصباني (نبعه في حرمون). يعبر الاردن سهلاً خصبًا فيكوّن بحيرة الحولة أو بحيرة ميروم. ويترك بحيرة ميروم ويجري انطلاقًا من جسر بنات يعقوب نحو الجنوب عبر مجرى صخرّي، فيصب في بحيرة جنّاسرت. ويخرج من الزاوية الجنوبية الغربية لبحيرة جنّاسرت ويصل عبر تعرّجات طويلة إلى البحر الميت. في طريقه يصب فيه روافد أهمها يرموك، يبوق. هناك 110 كلم بين بحيرة جنسارت والبحر الميت، ينزل فيها النهر من 208 م تحت سطح البحر إلى 390 مترًا. هذا القسم من نهر الاردن، يسمّى الغور (غور العرب)، وفيه سلسلة من الواحات الخصبة التي كان يسكنها في الماضي الأُسود (إر 49 :19؛ 50 :44؛ رج 12 :5). يسمي العهد القديم هذه المنطقة أعالي “كبرياء، زهو” (زك 11 :3). ونحسّ بالبحر الميت من بعيد فيتحوّل المنظر إلى صحراء مقفرة. فبين بحيرة جنّاسرت والبحر الميت نستطيع أن نعبر الاردن عند مجازات خاصة قرب بيت شان وأريحا (يش 2 :27؛ قض 3 :28؛ أم 19 :19، 32)، الدامية (أدمة : قض 12 :5)، بيت بارة (قض 7 :24) بيت عنيا (يو 1 :28). وإن الاردن يشكّل حدودًا بين كنعان وشرقي الاردن. وخلال التاريخ البيبلي نراه يفصل بين سكان الضفتين ولا يوحّد. شكّل الأردن حدود الأرض المقدّسة، فصار بدوره مقدّسًا. فهناك موضوع بيبليّ (موضوع الأردن) يمتزج بنصوص الشريعة والاخبار التاريخيّة، ويتلوّن بلونها بانتظار أن يفرض نفسه عليها. ففي البنتاتوكس وبعض نصوص يشوع، يظهر دور الأردن بشكل واضح كالحدّ الفاصل بين أرض الموعد وغيرها (عد 34 :11-12؛ رج يش 23 :4؛ حز 47 :18). وهو بالتالي يشكّل حدود القبائل التي أقامت في كنعان : ابنا يوسف (يش 16 :7)، بنيامين (يش 18 :12، 19، 20)، يساكر (يش 19 :22). وشمالي بحر طبرية نجد نفتالي (يش 19 :35). في أخبار سفر التكوين، اعتُبر سهل الأردن خصبًا، فشكّل للوط تجربة سقط فيها. أما ابراهيم فلم يسقط (تك 13 :10-13). وكانت لابراهيم مغامرة حربيّة شرقيّ الأردن عاد بعدها إلى غربيّ الأردن (تك 14 :14-15). أمّا موقع المذابح والأشجار المقدّسة فهي كلّها في كنعان، في غربيّ الأردن. ويعقوب الذي كان في الشرق لم يبنِ هناك أي مذبح (تك 32 :3، 31)، وذلك بعد صراعه مع الربّ. فإقامته الطويلة والمفيدة في عبر الأردن، لم تكن بالنسبة إليه سوى منفى سوف يتركه سريعًا (تك 32 :11). والطقوس الجنائزيّة التي تتمّ في شرق الأردنّ تنتهي بالدفن في حبرون (تك 50 :10-13). كلّ هذا يعكس فكرة ثابتة عن أرض الموعد وحدودها. ففي أخبار الاحتلال مع يشوع، يحاول النصّ مرارًا أن يبيّن أنّ إقامة قبيلتين ونصف قبيلة في شرق الأردنّ أمرٌ شرعيّ. فقد تمّ بأمر موسى ومساعدة كل بني اسرائيل (عد 32 :5-32؛ تث 3 :8-9؛ يش 13 :8-32). هكذا تمّ وهكذا تنظّم كما يقول تث 4 :41-49؛ يش 20 :8؛ 21 :27، 36-39. فالمحاربون تبعوا يشوع متضامنين تضامنًا كلّيًّا، وتابوت العهد في المقدّمة نحو الضفّة الغربيّة، فردّوا لإخوتهم الخدمة التي نالوها منهم (يش 1 :12-18). ولكن بما أنه ليس للضفة الشرقيّة ذات الطابع القدسيّ، فقد بنت القبائلُ هناك مذبحًا (يش 22 :4-34). إذن، الحدود القدسيّة لا تفرض نفسها على سكن بني اسرائيل وحياتهم اليوميّة. لهذا، يُسمح لهم أن يعيشوا خارج الأرض المقدّسة. أن نكون هنا أمام نظرة مثاليّة، فواضح من عدد كثير من النصوص في قض وفي 1-2صم. فكل ما نستطيع قوله هو أن التضامن بين بني اسرائيل يتّضح حين يذهب أبناء ضفّة لمساعدة أبناء ضفّة أخرى كما حدث في جلعاد. ولكن بجانب المغامرات القبليّة، هناك مغامرات أخرى يقف فيها الأنبياء بشكل له دلالته، بالنسبة إلى الأردنّ. فموسى ما استطاع أن يعبر النهر رغم توسّلاته الدامعة (تث 3 :25-27؛ 4 :21-22؛ 31 :2). وذلك في نهاية حياته. وهكذا بدا سفر التثنية وكأنه وصيّته الأخيرة، وقد قال ما قال عند الضفّة الشرقيّة (تث 1 :1-5؛ 11 :30-31). حُذِّر بنو اسرائيل من تجارب يتعرّضون لها (تث 9 :1). وحين يبنون المعابد يدلّون على أنهم صاروا شعبًا ناضجًا (تث 12 :10؛ 27 :2، 4، 12). عندئذٍ تكون الخيارات حاسمة (تث 30 :8-19). لهذا، لا بدّ من تعليم الأجيال الآتية، لأن حياتهم ستكون على المحكّ (تث 31 :3؛ 32 :47). يبدو أنّ هذه النصوص دوّنت بعد المنفى، في أرض بابل. ساعة زالت قبائل وراحت أخرى نحو الزوال. ولكن يبقى أن شريعة موسى تأخذ في ذاتها الماضي البعيد والمستقبل القريب، فتقدّم الأرض المقدّسة كوعد ومحنة، وتنظّم حياة الشعب في كل زمان ومكان. أتمّ يشوع المواعيد أولاً حين عبّر بني اسرائيل الأردن (يش 1 :2؛ 2 :7-10؛ 3 :1-17؛ 24 :11). وقد روت كرونيكة من القرون الوسطى كيف أن الجبل انهارَ، وقُطع النهر ساعات عديدة سنة 1267. ولكن مهما يكن من أمر (وقد يكون الكاتب الملهم أبرز الأمور وعظّمها فجعل الشعب يمرّ في الربيع وفيضان النهر، لا في الخريف وجفافه)، فالخبر البيبليّ لعبور الأردن قد جاء في أسلوب خاص واستلهم تطوافات تابوت العهد في حياة الشعب. وهو قريب جدًّا من خبر عبور البحر الأحمر الذي يتقابل معه : فالدخول إلى أرض الموعد يقابل الخروج من أرض العبوديّة. وإيليا وُلد في عبر الأردن، في شرقيّ الأردن، في جلعاد، واستعدّ هناك لرسالته النبويّة (1مل 17 :1-7). وبعد أن طهّر الأرض المقدسة من عبادة بعل بأقواله وأعماله، عبر النهر من جديد ليأخذه الله إليه بعد أن أخذته عاصفة رمليّة (2مل 2 :6-13). ومعجزة المياه التي انفتحت لتترك إيليا يمرّ، سوف تنفتح أيضاً من أجل تلميذه أليشع. هذا ما يدلّ على أنّ للخبر معنًى روحيًّا : فإيليا يشبه موسى في أمور عديدة (1مل 19). فالنبوءة، شأنها شأن الشريعة، تأتي من الخارج ولا تزال تحمل الخلاص للشعب العائش في المنفى. غير أنّ خبر نعمان الأرامي يدلّ على أن لمياه الأردن طابعًا مقدّسًا يتيح لها أن تطهّر الغريب من برصه. وهكذا عاد ذاك الذي هو “عدوّ” إلى بيته بعد أن حمّل على بغليه ترابًا من الأرض المقدّسة (2مل 5 :1-17). وفي الأسفار الحكميّة، نجد تلميحات نادرة إلى الأردن، وهذا ما يدلّ على أنّ هذا النهر لا يحتلّ في ذاكرة اسرائيل الناشطة، المكانة التي يحتلّها البحر (مز 141 :3-5؛ سي 24 :26). ونقول الشيء عينه عن الكتابات المنحولة، حيث لا يُذكر النهر إلاّ بصورة عابرة وبمناسبة توسّع في التوراة. وحدها “سيرة آدم وحواء” تقدّم إشارة أصيلة : تاب آدم وحواء عن خطيئتهما فغطسا في المياه أيامًا طويلة، هي في دجلة وهو في الأردن. هنا نتذكّر عماد المهتدين إلى اليهوديّة، واغتسالات الأسيانيّين اليوميّة، والتوضؤ الطقسيّ الذي ما زال يُعمل به في العالم اليهوديّ. غير أنّ ذكر الأردن هنا قد يكون مدسوسًا بيد مسيحيّة. في العهد الجديد، يمكن أن نعتبر كرازة المعمدان على شاطئ الأردن كتنشئة توضح دوره كإيليّا الجديد (مت 3 :5؛ لو 3 :3؛ رج يو 1 :28؛ 3 :26). وحين يقول مت ومر إنّ يوحنا يعمّد التائبين في النهر (مت 3 :6؛ مر 1 :5)، نفهم أنّ الخاطئ يبدو كمنفيّ، ولو أقام في أرض إسرائيل. فعليه أن يتطهّر من خطيئته عابرًا النهر من جهة إلى أخرى : فالحدود الماديّة ترمز إلى الحدود الروحيّة. وحين يتبع يسوع بدوره الطريق عينها، يصبح المشهد معبّرًا سواء ارتبط بالحدث أو بمبادرة الإنجيليّين (مت 3 :13؛ مر 1 :9؛ لو 4 :1). لهذا قام أوريجانس وتبعه آباء كثيرون وأسرة من المخطوطات اليونانيّة، فجعلوا محل “بيت عنيا” (يو 1 :28)، “بيت عبارة” الذي قد يكون مجازًا ارتبط بمرور يشوع. وفي شكل مماثل، جعل متى ومرقس يسوع يصل إلى عبر الأردن قبل أن يبدأ مسيرته الملوكيّة نحو أورشليم لينال فيها معموديّة أخرى مؤلمة (مز 10 :38-39؛ رج مت 19 :1؛ لو 12 :50). وفي التقليد المسيحيّ، احتلّ الأردنّ مكانة هامة في العبادات التي تمارس في الأرض المقدّسة. يكفي أن نذكر الأديرة والمناسك بجانب النهر، حيث الرهبان يتذكّرون موسى وإيليا. كما نشير إلى اغتسال المسيحيّين الشرقيّين الذي كانت روسيا ترسلهم جماعات. وفي أيامنا، يتابع العرب والقبارصة واليونان التقليد عينه بقدر ما تسمح لهم السلطات العسكريّة. وفي الفنّ المسيحيّ ولا سيّما في الإيقونوغرافيا، يصوّر النهر بشكل بشريّ على مثال الأنهر التي ألّهها الوثنيّون.
أشقلون:
مدينة مستقلّة من مدن كنعان. تذكرها نصوص السلالة الحادية عشرة المصريّة ورسائل تلّ العمارنة (320-326؛ رج 287 : 14-16. أرسل الرسائل إلى امينوفيس الرابع الملكُ وِديا، وهو اسم هندوأوروبي). ثارت المدينة فأخضعها رعمسيس الثاني سنة 1280. وذكر منفتاح سقوط اشقلون سنة 1207، على نصب في هيكل الكرنك (صشو 334) واحتلّها الفلسطيّون حوالي سنة 1200 فصارت إحدى مدنهم الخمس الرئيسيّة. يؤكّد تث 2 :23 ويش 13 :3 أن منطقة أشقلون قد سكنها العويون وهم جماعة سبقت الفلسطيّين. ويقول قض 1 :18 إن قبيلة يهوذا احتلّت أشقلون ولكنها ظلّت مستقلّة (يش 13 :3؛ قض 14 :9؛ 1صم 6 :17؛ 2صم 1 :18) حتى احتلالها على يد تغلث فلاسر الثالث سنة 734 (خضع الملك ميتنتي الاول للملك الأشوري، الذي أحلّ محلّه روكبتي). بعد موت سرجون الثاني، شاركت أشقلون يهوذا في الثورة على أشورية، فأجلى سنحاريب ملكها صدقه وأحلّ محله ابن روكبتي واسمه شرولو داري. بعد ذلك صار العرش إلى ميتنتي الثاني، ابن صدقة، الذي قدّم للاشوريين مواد البناء، وشارك أشور بانيبال سنة 667 في الحملة على مصر. هدّدها الأنبياء كما هدّدوا مدن الفلسطيّين، ولا سيّمَا في تحالفهم على الأشوريّين (عا 1 :8؛ صف 2 :7؛ إر 25 :20؛ 46 :5، 7؛ زك 9 :5). هنا نتذكّر حملات نبوخذنصر الثاني الذي أجلى الملك أغا مع سكان المدينة ودمّرها سنة 604. هذا الحدث الذي ذكره الانبياء، قد أشار إليه مؤرخون نيوبابليون. في أيّام الفرس خضعت أشقلون لصور وعادت إلى يهوذا في الزمن الهليني (1مك 10 :86؛ 11 :60؛ 12 :33). وفي سنة 104 ق.م. صارت مدينة حرّة لها تاريخ خاصّ وحقّ في ضرب العملة. سيجمّلها هيرودس الكبير، الذي كان ربّما من عسقلان (اوسابيوس. التاريخ الكنسي 16 :2؛ يوستينوس، حوار مع تريفون 52 :3). لم تكتشف الحفريّات إلاّ المدينة الرومانيّة. ولكن وُجدت طبقة من الرماد تعود إلى البرونز الثالث أو بداية الحديد. أتكون أحرقت حوالي السنة 1200؟ الأمر ممكن. هي اليوم خربة عسقلان التي تبعد قرابة 4 كلم عن عسقلان الحاليّة.
أورشليم:
أوّلاً : الاسم. تسمّى اليوم : القدس (أو المقدسة : إش 52 :1). أقدم ذكر لها نجده في النصوص المصرية. في لعنات السلالة 12 : “ا و ش ا م م” وهي نقل للكنعاني “أوروشليم” كما نجده في القرن 14 في رسائل تل العمارنة. كتب النص الماسوري يروشلم وطلب أن تلفظ : يروشلاييم. هذا اللفظ هو أمر جديد وغير معروف في العهد الجديد. على مَوشور سنحاريب (القرن 7) الاسم هو أروساليمو (كلام عن حصار المدينة 701). وفي الأسفار القانونية الأولى (السبعينية) والرؤيا نجد يروسليم، وفي الأسفار القانونية الثانية وسائر أسفار العهد نجد ياروسوليما. المعنى : مدينة (أورو أو يرو : أساس) ساليم (اسم إله نقرأه في أوغاريت). إذن، أورشليم هي مدينة السلام أو تأسيس شليم. وسُميت أيضًا يبوس، مدينة داود، صهيون، المدينة (إر 32 :24؛ حز 7 :23)، يهوه هنا (حز 48 :35). ونشير إلى أنه بعد هجمة الرومان على ابن الكوكب سمّى هدريانس الروماني (135 ب.م. ) المدينة : أياليا كابيتولينا. نسبة إلى الكابيتول، أحد رؤوس رومة. ثانيًا : الموقع والامتداد. تقع أورشليم على تلة كلسيّة ترتفع 760 م عن سطح البحر المتوسط و 1145 م عن سطح البحر الميت. لا ترتبط هذه التلة بالجبل إلاّ من الشمال، وتحيط بها من ثلاث جهات وديان عميقة. في الشرق : وادي قدرون (وادي النار). وفي الغرب والجنوب : وادي هنوم (وادي الربابة) الذي ينضمّ إلى وادي النار قرب بئر أيوب (في العهد القديم : روجل). ويصبّ وادي النار بدوره في البحر الميت. تنقسم التلة قمتين يختلف ارتفاعهما وبنيتهما. يفصل بينهما الوادي الذي سمّاه الشعب في أيام يسوع : وادي الجبّانة (عند فلافيوس يوسيفوس : تيروفيون) والذي امتلأ اليوم بالخرائب. يمرّ هذا الوادي في المدينة منطلقًا من باب دمشق نحو الجنوب الشرقي إلى بئر أيوب. وتنقسم القمتان إلى مرتفعات عديدة بحيث تبدو المدينة في شكل وعر. فالقسم الشمالي من التلة الشرقية يتوِّجُهُ الحرمُ الشريف. والقسم الجنوبي المسمى الضهورة كان حقولاً. وتَسمّى امتدادُ هذا القسم في التوراة : عوفل. وفي القسم الشمالي للقمة الغربية نجد كنيسة القيامة، وفي القسم الجنوبي صهيون المسيحية والعليّة. ثالثًا : التنقيبات (أ) سنة 1867-1868 وما بعد : سور عوفل، الضهوره وحائط تيروفيون، نبع جيحون والقنداق والقنوات. كل هذا يدلّ على أنّ أورشليم السابقة لداود وأورشليم الداودية (صهيون) امتدت على 4 هكم وكانت واقعة على الضهورة. فعند سفح هذه التلة في وادي قدرون، يوجد النبع الوحيد والضروري للمدينة (أم الدرج. جيحون في العهد القديم). من هذا النبع ينطلق نفق حُفر في الصخر. هو يصعد إلى المدينة بحيث يصل إليه الناس داخل الأسوار. (ب) في ايام سليمان. امتدت المدينة انطلاقًا من التلة الجنوبية الشرقية نحو الشمال، إذ شيّد الملك الهيكل والقصور الملكية. وكان الهيكل على القمة الشرقية الموجهة نحو الشمال حيث كان بيدر ارونا وحيث يوجد اليوم الحرم الشريف. والصخر في قبّة الصخرة يدل على مذبح المحرقات أو قدس الأقداس في هيكل سليمان. وإن سليمان بنى سورا حول المدينة كلها. (ج) إذا عدنا إلى فلافيوس يوسيفوس (الحرب 5 :142-145) نعرف أنّ هذا السور حمى عمل داود وسليمان وخلفائهما، أي التلة الجنوبية الشرقية والتلة الجنوبية الغربية. واختلفت الآراء حول موضع قلعة اليبوسيين. (د) الذين يظنون أن التلّة الجنوبية الغربية لم تُضمّ إلى المدينة قبل المنفى يقولون بوجود حيّ جديد (في القرن 9) اسمه “مشنه” (أي القسم الثاني. في العربية : المثنى) (2 مل 14 :22). هذا الحي هو امتداد جديد (بعد ضم البيدر والتلة الجنوبية الغربية) لأورشليم. كان له سوره في ايام الملك حزقيا (2 أخ 32 :2-5). ولكن هذا السور لم يَضمّ الجلجثة (حيث كنيسة القيامة) كما يقول يو 19 :20؛ عب 13 :12. (هـ) بعد سنة 41-44 ب.م. وسّع هيرودس أغريباس الأول المدينة فابتدأ ببناء حائط جبار لم يُنهِه. هذا ما يسميه يوسيفوس السور الثالث. كان يضمّ أراضي واقعة شمالي أورشليم. (و) في سنة 132، بنى ابن الكوكب بسرعة وبمواد مختلفة حائطاً يقيه هجمات الرومانيين. رابعًا : تاريخ المدينة (أ) اكتُشفت فخاريات في مقابر الضهورة وآثار حائط بجانب قمّة الضهورة. وقناة تعبر التلة إلى الشمال من جيحون، وهي محفورة في الصخر. كل هذا كان في بداية البرونز الأول. وهذا يعني ان المكان كان مأهولاً حوالي سنة 3000. كان الوادي يحمي المدينة من ثلاث جهات، والقناة من جهة الشمال من حيث يأتي الخطر. (ب) حوالي سنة 2000، دخل الأموريون إلى كنعان وخسرت مصر سيادتها على هذه البلاد. انتمت أورشليم إلى هذه المدن التي خاف الفرعون (السلالة 20) من أن تتخلى عنه (نصوص اللعنات). وجاءت بعد الأموريين عناصر هندو أوروبية وحورية استعملت الخيل من أجل الركوب وجرّ الأثقال. ومن أجل مركباتهم الحربية أقاموا مخيمات مستطيلة تحيط بها مرتفعات من الأرض القاسية وفوقها تلة حجارة غير منحوتة. بين سنة 1800 و 1600 بنوا قلعة من هذا النوع في أورشليم. ووُجد حائط طوله 30 م. كان يحيط بعوفل ويربطه بالمدينة القديمة. وإلى الزمن عينه تعود البئر التي حُفرت في الصخر فأتاحات للناس أن يستقوا من مياه نبع جيحون خلال الحصار. (ج) تعلمنا رسائل تل العمارنة في القرن 14 أنه كان لأورشليم ملك يحمل اسمًا حوريًا : عبدي حافه. في ذلك الوقت كانت أورشليم مدينة. وهناك ملوك كنعانيون آخرون نعرف منهم : ملكيصادق (تك 14 :18) أدونيصادق (يش 10 :3؛ قض 1 :5-7). (د) ظلّت أورشليم في يد الكنعانيين حتى داود الذي احتلّ المدينة وجعلها عاصمته. نقل إليها تابوت العهد، فصارت المركز الدينيّ في مملكته (2صم 5-6). ووسّع سليمان المدينة (ملو، الهيكل، القصر ). تُنسب إليه قبور الضهورة (قبر داود الذي جعله التقليد خطأ في التلّة الجنوبية الغربية) وبركة مياه وقنوات يغذّيها نبع جيحون (جا 2 :5 ي). (هـ) رغم الانشقاق، توسّعت أورشليم كثيرًا بعد موت سليمان. بعد سنة 800، دمّر يوآش، ملك اسرائيل، السور على طول 200 م. (2مل 14 :23؛ 2أخ 25 :23). فرمّمه عزيا، وحصّنه، وزاد عليه أبراجًا مع أمكنة للمنجنيق (2أخ 28 :9، 15). وتابع يوثام (2أخ 27 :3) عمل سلفه. واستعد حزقيا لهجوم الأشوريين، فأقام سورًا جديدًا، وبدّل نظام أقنية جيحون (كانت خارج السور ولم تكن مغطاة، إذًا كانت خطرة) بنفق يعبر الضهورة ويقود الماء من النبع إلى داخل المدينة في بركة واقعة في التيروفيون (2مل 20 :20؛ 2 أخ 32 :3-4، 30؛ سي 48 :7؛ إش 18 :7). بهذه الطريقة لم تعد مؤونة المياه خاضعة للمحاصرين. وحسّن منسّى، خلف حزقيا، السور الشرقي (2أخ 33 :14). سنة 598، وصل نبوخذنصر أمام المدينة ليعاقب يواكيم الملك الذي تمرّد عليه. ولكن يواكيم مات في ذلك الوقت. وتمرّد خلفه صدقيا. فجاء نبوخذنصر ودمّر الهيكل والمدينة (875 ق.م.؛ 2مل 25 :1-21؛ 2أخ 36 :17-21). (و) رغم هذا ظلّت أورشليم خلال أيام المنفى المركزَ الدينيّ لأهل السبي (مز 137؛ إش 40-55) وللذين ظلّوا في فلسطين. وكانوا يحجون إلى خرائب الهيكل (إر 14 :4 ي). بعد المنفى، أعاد عزرا ونحميا تدريجيًا بناء المدينة والهيكل رغم معارضة السامريين. في سنة 445، جاء نحميا بالسلطات الضرورية ورفع السور في 52 يومًا (نح 6 :15). ويتضمّن تقرير هذا البناء (نح 2 :12-3 :32) عددًا من المعلومات الطوبوغرافية التي لا نستطيع دومًا أن نتتبّعها على الخارطة، ولكنها تعطي فكرة عن اتساع المدينة. هو يسمي عشرة أبواب نعرف موقعها مع بعض الدقة : باب الوادي، باب الزّبل، باب العين، باب الماء، باب الخيل، باب السمك، الباب العتيق (باب إفرايم أو باب مشنه)، باب الغنم، باب الشرق. ويذكر التقرير تفاصيل طوبوغرافية أخرى : برج حننئيل (حيث تقوم انطونيا)، برج الافران (القلعة الحديثة)، الزاوية (على عوفل، جنوبي الحرم الشريف)، عين بركة الملك (تيروفيون)، درج مدينة داود (الضهورة)، مقابر داود. (ز) إن حملة الاسكندر الكبير ضمّت أورشليم إلى المملكة الهلينية. بعد موته، احتلها اللاجيون حتى سنة 198 ق.م. حين فتحت المدينة أبوابها للسلوقي أنطيوخس الثالث، اتّبع هذا الملك سياسة الفرس واللاجيين، فاعترف اعترافًا رسميًا بالتيوقراطية اليهوديّة، وصادق على امتيازاتها. ولكن في بداية عهده، حاولت جماعة من محبّي العالم الهليني مع الملك الجديد أن تطبع مدينة أورشليم بالطابع الهليني (لأن الملك اعتبر أن توحيد المملكة توحيدًا جذريًا هو مهمته الأولى). نجح هؤلاء، وشيّدوا ملعبًا هو من ضروريات كل مدينة هلينية. في سنة 169، سلب أنطيوخس الهيكل، وفي سنة 167 كرّسه لزوش الأولمبي. وإذ أراد السلوقيّون أن يراقبوا السكان، بنوا قلعة (أكرا أورشليم). وتوصل يهوذا المكابي سنة 164 إلى إعادة الهيكل إلى عبادة يهوه (1 مك 4 :26-59). ولكن اكرا ظلّت في يد السلوقيّون حتى سنة 141 حين استسلمت الحامية لسمعان المكابي (1مك 12 :36؛ 13 :21-22، 49-52؛ 14 :37). في أيام اسكندر جنايوس (103-760)، أو اسكندارة (86-87)، صارت اكرا مركز الحشمونيين بعد أن أقام اسلافهم منذ سمعان المكابي في برج حننئيل (سمّاه اليونانيون : باريس). (ح) خلال الحرب الأهلية بين هرقانوس الثاني وأرسطوبولس الثاني، وصل القائد الرومانيّ بومبيوس إلى أورشليم سنة 63 ق.م. أخذ الهيكل من اتباع ارسطوبولس، وسلّم رئاسة الكهنوت إلى هرقانوس (63-40). في سنة 47، عيّنه يوليوس قيصر اتنارخًا على فلسطين وجعل له مساعدًا في شخص انتيباتر الأدومي. في سنة 40، عُيّن ابن انتيباتر، هيرودس الكبير، ملكًا من قبل رومة. وبمساعدة الرومان، توصّل سنة 37 إلى أخذ أورشليم من أنطيغونيس ابن ارسطوبولس الثاني. في سنة 20 أو 19 ق.م. بدأ هيرودس بإعادة بناء الهيكل. ولم ينتهِ هذا العمل الضخم الا سنة 63 ب.م. ففي الزاوية الشمالية الغربية لأبنية الهيكل حول برج باريس (حننئيل)، بنى قلعة قوية سمّاها أنطونيا اكرامًا لأنطونيوس أحد الحكّام الثلاثة (تريومفير). وعلى التلة الجنوبية الغربية، شيّد قصرًا مع ثلاثة أبراج (قلعة باب يافا العتيدة). إلى شرقي قصر الحشمونيين القديم (اكرا)، بنى ساحة كبيرة (أغورا) تحيط بها العواميد وسمّاها كسيستوس. من هذه الساحة امتد جسر فوق تيروفيون إلى ساحة الهيكل. في سنة 70 ب.م. أخذ تيطس المدينة التي كانت ثائرة وأحرق الهيكل. وصارت فلسطين مقاطعة تتعلق بالامبراطور ويحكمها والٍ يقيم في قيصريّة ويأتمر بأمره فيلق من الجيش. سنة 132 اندلعت ثورة جديدة على أثر أمر الأمبراطور هدريانس بتحويل أورشليم إلى مستوطنة رومانيّة. وبعد معركة قاسية، أُخذت المدينة ونفَّذ الأمبراطور تصميمه : صارت أورشليم أيليا كابيتولونيا. وعلى موقع الهيكل المدمّر ارتفع هيكل لجوبيتير الكابيتوليني. ومُنع اليهود من المجيء إلى اورشليم تحت طائلة الموت. رابعًا الطوبوغرافيا. رج * أنطونيا، * بيت زاتا، * العلية، * جباتا، * جتسيماني، * جلجثة، * عوفل، * باب الغنم، * قصر الحاكم (بريتوريون)، * القبر المقدّس، * سنهدرين، * سلوام (شيلوحا) * صهيون، * الهيكل. خامسًا : أورشليم في تاريخ الخلاص. (أ) الاختيار (1) : حين احتلّ داود مدينة أورشليم، جعلها عاصمة سلالته التي وعدها الرب بملك أبدي (2صم 7 :8-16). هكذا كانوا يتصوّرون المدينةَ في زمن الخلاص الآتي (مز 2 :6-9؛ 101 :1 ي). أورشليم هي عاصمة الملك الذي يحميه الرب ليُخضع كل الشعوب المجتمعة في مملكة شاملة (مز 132 :17 ي). (2) بحضور تابوت العهد صارت أورشليم مركز اسرائيل الديني (2 صم 6؛ 1 أخ 15-16؛ مز 24 :7-10؛ 132) مسكن يهوه (خر 15 :13، 17). يشير تث 33 :12 الى هذا الأمر. وصارت نخبة الشعب أكثر وعيا لأهمية هذا الامتياز الذي حصلت عليه أورشليم بعد أن رذل الله شيلو بسبب خيانة افرايم (مز 78 :60-69). وفي اللاهوت الاشتراعي، لا بدّ أن يكون يهوه جعل اسمه (تث 12 :5، 21؛ 14 :24؛ 1مل 9 :3؛ 11 :36…) في أورشليم. فهذا يعني الطابع اللاشرعيّ لسائر المعابد (تث 21 : 2-14؛ 2مل 23 :7 ي؛ رج مز 87 :2). فعلى كل القبائل أن تحجّ الى أورشليم (مز 122 :4)، مدينة الله (مز 87 :3)، حيث نصبَ الله خيمتَه (مز 76 :3؛84). (ب) خيانة وقصاص. ولكن أورشليم لم تكن أهلا لهذا الاختيار. ومع أنّ عاموس كان معتقدًا كل الاعتقاد أنّ أورشليم هي مسكن يهوه (عا 1 :2)، إلاّ أنه لم يتردّد في تهديد المدينة بالدمار بسبب خيانتها (عا 2 :5). وإن إشعيا الذي كان شاهدًا لظلم أورشليم، أعلن أنّ الله يطهّر المدينة (إش 1 :21-25)، يدينها (إش 3 :1-15؛ 28 :14-22؛ مي 1 :9-12؛ 3 :10-12)، يبعثرها، ويدمّرها بالحرب (إش 3 :25-4 :1). سيُلحق الخزي بالنساء المتكبرات، ويطردهنّ وهنّ لابسات المسوح (إش 3 :16-24). ولكن بما أنّ أورشليم هي مدينة الله، فلا يقدر عدوّ أن يُعدمها الحياة (إش 10 :11-12، 32-34؛ 29 :8؛ 31 :4-5). فبعد هذا الالم المطهّر، سيغطّي الله، كما بسحاب، بقيّة أورشليم التي ستُبنى على حجر زاوية جديدة (إش 28 :16، رج 4 :5). حينئذ كل سكانها الذين سُجّلوا من أجل الحياة (مز 313 :3) يكونون قديسين (إش 4 :3). فتُدعى مدينة البر والقلعة الأمينة (اش 1 :26). ويُعاد بناء الملكية في بهائها الأول (مي 4 :8)، وتصير أورشليم عاصمة روحية لكل البشرية (إش 2 :1-5 مي 4 :1-3؛ مز 87). وفي أيام ارميا، لم تكن الحالة في أورشليم أفضل ممّا كانت عليه في أيام أشعيا (رج ار 2 :28 حسب السبعينية؛ 5 :1-31؛ 7 :17-19؛ 22 :13-19؛ حز 8 :11؛ 22). ولهذا توالت تهديدات (إر 1 :15ي؛ 2 :1ي؛ 4 :3-31، 6 :1ي؛ 13 : 20-27؛ حز 23 :1ي؛ صف 1 :4، 12؛ 3 :1-5). وجاء معها وعدٌ بإعادة البناء في أورشليم منقّاة وحاملة الاسم الجديد (الرب صدقنا). ويملك عليها ملكٌ يكون جديرًا بداود (إر 33 :15 ي). حينئذ لن يعود تابوت العهد ذات جدوى، لأنّ أورشليم نفسها ستُسمّى “عرش يهوه” (صف 3 :14-17)، ويجتمع كل الشعوب حول اسمها (ار 3 :17؛14 :21). والصورة التي يعطيها حز 40-48 عن أورشليم التي سيسكنها الرب بعد تنقية المنفى، ستكون بلا ارتباط بالواقع التاريخي. ستكون المدينة تحت حكم الهيكل الذي منه يجري نبع يعطي البلاد خصبًا عجيبًا (حز 47 :1-2). لا يريد حزقيال أن يكون هناك قصرٌ أو مدافن قرب الهيكل (حز 47 :7-12)، فأورشليم لن تعود مدينة ملكية. فبعد اختبارات الماضي المؤلمة، أعلن النبيُّ الحكمَ على الملكية. في حز 44 :3؛ 45 :7-12؛ 46 :2 يتكلم حزقيال عن أمير (ناسي). فأورشليم الجديدة تسمى : يهوه، الرب هناك أو إلهنا معنا (حز 48 :35). (ج) زمن الرجاء. 1) الفرحة الأولى. بعد المنفى، كان إشعيا الثاني هو المنادي بأزمنة جديدة (إش 40 :2،9؛ 51 :17)، ورسول الأخبار الحلوة (البشرى) (إش 41 :27؛ 52 :7). أمر الربُّ بإعادة بناء أورشليم (إش 44 :26، 28؛ 52 :9؛ رج زك 1 :16-17)، لأنه لا يقدر أن ينساها (إش 49 :14-16). سيجعل منها عدنًا جديدة (إش 51 :3). بعد أن كانت مهملة (إش 51 :18-20). وهي الآن ستعجّ بالسكان (إش 48 :18-23؛ 54 :1-17؛ رج زك 2 :8-9). وعليها أن تتزيّن كعروس بلباس العيد (إش 49 :18؛ 52 :1). هي مبنيّة بحجارة ثمينة (إش 54 :11-12؛ رج طو 13 :16-17)، ومؤسَّسة على البرّ (إش 54 :11). ويحرّض حجّاي شعبه اليائس على الثبات، لأنّ صعوبات البناء تتكاثر (حج 2 :6-9) : قريبًا ستأتي الشعوب الى أورشليم. ويرى زك 2 :4-7؛ 8 :22 الوقت الذي ستكون فيه أورشليم عاصمة البشر جميعًا. 2) ايمان بمصير أسمى. (أ) كانت أورشليم مثالية، حين ظهرت لحزقيال (كما لموسى جديد) على جبل عال (حز 40 :2؛ رج خر 25 :40؛ 26 :30؛ 27 :8). ولكن النخبة الدينية في ذلك الوقت خاب أملها لتأخّر البهاء الموعود به للمدينة، فتأمّلت في أورشليم غير مبنيّة بيد انسان، بل تلك التي تكون خليقة الله (إش 65 :10؛ رج 62 :5. أقرأ : بانيك لا بنوك؛ 62 :7؛ مز 147 :2). هذه الفكرة موسعة في الابوكريفات الجليانية حيث أورشليم العتيدة والحاضرة في السماء في بداية العالم الجديد، ستنزل على الأرض لتكون مسكن المختارين (اخنوخ). والموضوع يرد بتواتر بعد دمار المدينة سنة 70 ب.م. (باروك سرياني، عزرا الرابع، رج غل 4 :26؛ عب 12 :22؛ رؤ 21 :2-22). ونقابل مع هذه الصورة المتحرّرة من عالم الأرض، صورةً نجدها في رؤ إش حين يهيّئ الرب (بعد أن يعاقب العالم بكارثة كونية، إش 24 :21-23) في أورشليم المحمية، وليمةً تدعى اليها كل الأمم. حينئذ يزول كل ضيق ويُطرد الموت الى الأبد (إش 25 :6-10؛ رج مت 8 :11؛ لو 14 :5). (ب) وُلد من أزمة خيبة الأمل هذه، رجاء جديد يعلن أن الله سيتدخّل بطريقة غير منتظرة (إش 62 :1؛ 66 :6 ي) ليعيد بناء أورشليم ويجعلها مأهولة فتصير مركز الكون الديني (إش 60؛ 62). وتصبح الشمس والقمر بلا فائدة، لأن يهوه يكون ضياء أورشليم الأبدي (إش 60 :19-20؛ رؤ 22 :5). (ج) واذ اقتنع حز 38-39، ويوء 2 :20؛ 4؛ زك 12 :14 أن دمار أورشليم على يد بابل لم يكن علامة الأزمنة الجديدة، جعلوا في نهاية الأزمنة الهجوم المعلن على أمم الشمال (إر 1 :15؛ 4 :5-31؛ 6 : 1ي؛ رج حز 38 :17؛ يوء 2 :20). وفي وقت يصل الضيق الى القمة، يتدخّل يهوه. وكل الذين دُعوا باسم الرب في أورشليم ينجون (يوء 3 :5). وتجري ماء حية من أورشليم (يوء 4 :18؛ زك 14 :8)، ويسكن الرب فوق صهيون (يؤ 4 :20)، ويكون يهوه الاله الواحد (زك 14 :9). (د) ويبيّن زك 9 :9 ي أن المثال القديم لأورشليم المدينة الملكية لم يمت بعد. ولكن الملك المُنتظر ليس المحتل المتكبّر (على حصان) والذي لا يقاوم. إنه أمير السلام الذي ينزع من مملكته الشاملة كل سلاح وكل عنف حرب. وان مت 21 :4 ي ويو 12 :15 رأيا أن مثال هذا الملك المخلّص قد تحقّق في شخص يسوع المسيح. (هـ) وتوسّعُ النظريات الخاص حول أورشليم كما في أوج، دفع الكتّاب الجليانيّين الى التمييز بوضوح بين أورشليم السماوية وأورشليم التي على الأرض. وفي النهاية، اندمج الرجاء ان في نظام واحد سيستعيده سفر الرؤيا : بعد حكم يدوم الف سنة (ب، د؛ رؤ 20 :1-6) الذي هو زمن إقامة الكنيسة، يهجم جوج وماجوج ضد أورشليم (رج رؤ 20 :7-10). حينئذ يتجدّد الكون، وتنزل أورشليم السماوية على الأرض (أ، رؤ 21 :1-2). (و) زمان التمام (يتم كل شيء). تيقّن كتّاب العهد الجديد أن “خلاص أورشليم” (لو 2 :38؛ رج إش 52 :9 : فداء) والزمن الذي فيه تفتقد النعمةُ أورشليم (لو 19 :44؛ رج 1 :68)، قد ظهر مع يسوع الناصري. ومنعطفُ التاريخ هذا، قد أنبأ به كوكب وجَّه بعض المجوس الى يسوع (مت 2 :1-12). في أورشليم، سيتمّ عمل فداء البشرية (مت 16 :21؛ 20 :17؛ لو 9 :31؛ 13 :33؛ 18 :31). ومع أنه في وقت محدّد عرفت المدينة في يسوع ملكها الذي انتظرته طويلا (مت 21 :1-11 وز )، إلاّ أنها تمرّدت عليه (مت 22 :1-14؛ 23 :37؛ لو 13 :34؛ 19 :41-42) وفي النهاية رذلته. أنبأ يسوع بالعقاب (مت 22 :7؛ 23 :38؛ مر 13 :2؛ لو 13 :35؛ 19 :43-44؛ 21 :16) ولن يتأخّر هذا العقاب. واذ كان يسوع على طريق الآمه، حثّ بنات أورشليم على أن يبكين على نفوسهنّ وعلى أولادهن (لو 23 :29-31). وهنا تأتي مشكلة توافق المواعيد الجميلة التي وعد بها الرب أورشليم والواقع المرعب. وسيقدم العهد الجديد بعض الأجوبة. 1) كانت أورشليم نقطة انطلاق من أجل تبشير العالم بالمسيحية (لو 24 :47؛ أع 1 :8). ففيها تأسّست الكنيسة يوم العنصرة حسب مواعيد العهد القديم (أع 1 :4؛ 2 :1ي). رذلت أورشليمُ المسيح، ولكن الله ظلّ أمينا لمواعيده وسيبقى (رو 11 :29). وينتظر مت 23 :39 زمنا تعترف فيه أورشليم بيسوع أنه مرسل الله (في لو 13 :35 يعني النص دخول الشعانين المفرح، وذلك بسبب تبديل السياق). ويلمّح لو 21 :20-24 إلى أنه بعد زمن الوثنيين سيُعاد بناء أورشليم. وهذا هو اعتقاد بولس في رو 11 :25-32. ويجعلنا رؤ 11 :8 نفكّر أنه خلال حكم الالف سنة الذي يسبق ملء الخلاص، ستكون أورشليم الأرضية قلب مملكة يسوع المسيح الشاملة. لا شكّ في أن هناك كلمات قاسية في رؤ 11 :8، ولكنها تشير الى رومة، على ما يبدو (يقال أن الحاشية عن الصلب زيدت فيما بعد). 2) وإذ رأت غل 4 :26 (رج فل 3 :20) في أورشليم رمز تدبير مضى، فهي تستعيد فكرة أورشليم السماوية التي رآها بولس تتحقّق في الجماعة المؤسَّسة في المسيح. واذ حُكم على أورشليم الأرضية بالزوال، صارت أورشليم السماوية حاملة الوعد ومسكن الابرار الأبدي. هذا هو بصورة خاصة الموضوع الأكبر في الرسالة الى العبرانيين حيث تنطبق بنية أورشليم السماوية على بنية أورشليم الأرضية (11 :10، 16؛ 12 :22؛ 13 :14). ويقدم فيلون الاسكندراني (الاحلام 2 :250) أفكارًا مماثلة في العالم اليهودي. وإذ يستعمل بولس هذه الصورة ليدل على أن الخلاص الاسكاتولوجي حاضر منذ الآن في المسيح، يحتفظ بها رؤ 21 :2-22 لمجد ملكوت الله العتيد والنهائي. 3) يكرّس يوحنا القسم الأكبر من انجيله لرسالة يسوع في أورشليم. في نظره، الهيكل (يو 2 :19)، وبركة سلوام (يو 9 :7)، واضاء ة الهيكل (يو 8 :12)، هي رموز عن المسيح. ومع هذا فهو يرى في يسوع المسيح أورشليم الجديدة التي تبدأ مع قيامته (يو 2 :19-22). وفي 7 :37 ي يماثل يوحنا بين يسوع وأورشليم الاسكاتولوجيّة التي يخرج من جوفها ينابيع مياه حية (حز 47 :1-11؛ يوء 4 :18) والتي فيها سيجتمع أبناء الله المشتَّتون (يو 11 :25؛ رج إش 60 :4، 9).
بئر سبع:
بئر السبعة أو بئر الحلف، أو بئر الشبع. مدينة كنعانيّة قديمة. تقع في جنوب البلاد وهي موضع عبادة إيل عولام (عا 5 :5، 8 :14). كرّمه ابراهيم (تك 21 :32) واسحق (تك 26 :23) ويعقوب (تك 28 :10). في بئر سبع كان بنو صموئيل يقضون في الناس (1صم 8 :1-2). تخاصم الفلسطيون والإسرائيليّون على النبع (تك 21 :30؛ 26 :32 ي). يعدّ يش 15 :28 بئر سبع بين مدن يهوذا، ويش 19 :2 بين مدن شمعون. بعد السبي، أقام اليهوذايّون في بئر سبع (نح 11 :27). هناك عبارة من دان إلى بئر سبع (قض 20 :1؛ 1صم 3 :20؛ 2 صم 24 : 7، 5؛ ؛ 1مل 19 :3) أو من بئر سبع إلى دان (2أخ 30 :5) وهي تدلّ على كلّ أرض إسرائيل. بئر سبع هي المدينة التي تحدّ كنعان من الجنوب. هي اليوم تل الشبع القريبة من مدينة بئر سبع التي يقيم فيها الإسرائيليّون اليوم. ما هو تاريخ هذه المدينة؟ إليها هربت هاجر بعد أن ولدت اسماعيل (تل 21 :14). وفيها تعاهد ابراهيم مع ملك جرار، فدفع له سبع نعاج، واقسم له قرب الشجرة المقدّسة القريبة من المعبد (تك 21 :31-33). وعاد ابراهيم إلى بئر سبع بعد حدث ذبح ابنه (تك 22 :19). حسّن اسحق الموضع، وبنى مذبحًا، وحفر بئرًا، وجدّد العهد مع أبيـمالك (تك 26 :26-33). كان هناك يعقوب حين ترك والديه ومضى إلى حاران (تك 28 :10). ومن بئر سبع سوف يعود إلى مصر (تك 46 :1-5). بعد احتلال المنطقة على يد يشوع، كانت بئر سبع لقبيلتين شقيقتين، يهوذا وشمعون (يش 15 :28؛ 19 :2). واجتذب المعبد أبناء صموئيل (1صم 8 :2)، وما زال يعمل حتى زمن عاموس، ولكنه نُجس بممارسات نجسة (عا 5 :5؛ 8 :14). لم تُذكر بئر سبع في أخبار داود في النقب (1صم 30 :26-31). ولكنها ستُذكر في تاريخ ملك داود (2صم 17 :11؛ 24 :2، 7، 15)، ثم في خبر إيليا الذاهب إلى حوريب (1مل 19 :3). وُلدت فيها أم الملك ياهو (2مل 12 :2). حين دمّرت مملكة يهوذا، اجتاح الادوميون بئر سبع. ولكن مستوطنين يهودًا أقاموا فيها بعد المنفى، غير أنهم تفلّتوا من سلطة أورشليم الكهنوتية (نح 11 :27-30).
بتولمايس:
رج بطلمايس.
بحر (الـ – الميت):
مخطوطات رج مخطوطات البحر الميت.
بيت شان:
بيت الالاهة الأفعى سعان أو بيت الراحة. اليوم تل الحصن قرب بيسان الحديثة. مدينة كنعانيّة قديمة جدًّا. تذكرها النصوص المصريّة (بشكل بتشين) ورسائل تل العمارنة (بيت شاي) بسبب موقعها الستراتيجي على الطريق بين مصر ودمشق. يعدّها يش 17 :11، 16؛ 1أخ 7 :29 بين مدن منسّى رغم ما يقول قض 1 :27. في أيام شاول كانت بيت شان في يد الفلسطيين الذين علّقوا جثّة شاول على حائط المدينة (1صم 31 :10؛ 2صم 21 :12). ولكنّها كانت تخصّ مقاطعة من مقاطعات سليمان الاثنتي عشرة (1مل 4 :12). بعد هذا خسرها بنو إسرائيل. ويذكر الملك المصريّ شيشاق بيت شان بين المدن التي احتلّها أو سلبها (927 ق.م.). بعد هذا لا تتكلّم النصوص عن بيت شان حتى احتلالها بيد أنطيوخس الثالث (228 ق.م.). في سنة 107 ق.م. عادت مدينة يهوديّة. وفي أيام بومبيوس كانت مدينة هلينية وسمّيت سيتوبوليس (يه 3 :10؛ 2مك 12 :29). أخلاها القائد الرومانيّ سنة 63 ق.م. وضمّها إلى الديكابوليس أو المدن العشر. نُظّمت حفريّات، فوُجدت آثار سكن في العصر الحجريّ، وتأثيرًا مصريًا خلال البرونز الأوّل. على أيّام الهكسوس، كانت بيت شان مدينة مستقلّة. بعد معركة مجدو (1479 ق.م.) احتلّها تحوتمس الثالث وظلّت ثلاثة قرون مركز حامية مصريّة مع قلعة وهيكلين. إلى هذا العهد تعود أربعة أنصاب لم تزل سليمة : نصب فرعون مجهول، نصبان لسيتي الأوّل، نصب لرعمسيس الثاني الذي حصّن المدينة وشيّد فيها هيكلين جديدين مكان الهيكلين القديمين : واحد إكرامًا لعشتار أو عنات، والآخر إكرامًا لميكال أو رشف. ووُجد في الحفريّات تمثال لرعمسيس الثالث (وهو جالس). ووجدت أشياء تهمّ تاريخ الديانات مثل أنصاب ترتبط بنذر وتماثيل عشتار وعنات وصُوَر حيّات ونصب للإله ميكال يعود إلى القرن الخامس عشر وجدرانيّة تمثّل أسودًا وطاولة برونزيّة على ثلاث أرجل. واكتشف المنقّبون من العهد الهليني أسُس هيكل مكرّس للإله ديونيسيوس أو باخوس.
جرشون:
رج تك 46 :11؛ خر 6 :16 ي؛ 1أخ 5 :27؛ 6 :1 ي. هو بكر لاوي. جدّ المجموعة اللاويّة، أي جدّ الجرشونيّين ومن يتفرّع عنهم : لبني، شمعي (خر 6 :17؛ عد 3 :18؛ 1أخ 6 :2). يقول عد 3 :16-26 عدد الجرشونيّين (بني جرشوم) (7500)، وموقع تخييمهم قرب المسكن، ورئيس عائلتهم الياساف، وعملهم في المسكن. ويصوّر عملهم بالتفصيل في عد 4 :21-28؛ رج 10 :17. يعدِّد يش 21 :27-33؛ 1أخ 6 :56-61 مدن الجرشونيّين (بني جرشوم) حسب يشوع. في قبيلة منسّى : جولان، عشتاروت (بصره). في قبيلة يساكر : قشيون، دبرة، يرموث، عين جنيم. في أشير : مشآل، عبدون، حلقت، رحوب. في نفتالي : قادش (في الجليل)، حموت، قرتان. وحسب 1أخ، جولان، عشتاروت (منسى)، قادش، دبرات، راموت، عانيم (يساكر). ماشال، عبدون، حقوق، رحوب (أشير)، قادش (الجليل)، حمّون، قريتايم (نفتالي).
جليل:
اسم يونانيّ للقسم الشماليّ من جبل غربيّ الأردن. ترجع جليل إلى العبريّة “جليل” التي تعني مقاطعة، بقعة. مثلاً في يش 13 :2. كلّ جليلوت فلشتيم. أي كل بقاع الفلسطيّين (رج يوء 4 :4). واستعملت الجليل كاسم علم لمقاطعة فلسطين الشماليّة في يش 20 :7؛ 21 :32؛ 1أخ 6 :61 (مع قادش). في أيام سليمان الذي قدّم 20 مدينة من أرض الجليل إلى حيرام، ملك صور (1مل 9 :11-13)، كانت المنطقة واقعة بين الحدود الشماليّة لسهل يزرعيل ونهر القاسميّة. وبعد مزج السكان الأصليّين مع العناصر الوثنيّة التي جاء بها تغلث فلاسر (2مل 15 :29؛ طو 1 :1-2)، صار الكتاب يتحدّث عن جليل الأمم (إش 9 :1؛ متى 4 :15). في أيام المكابيّين، كان اليهود قلّة في الجليل (1مك 5 :4-23). كانت الأرض في ذلك الوقت في يد مدن فينيقيّة. بعد أن احتلّ بومبيوس فلسطين، صارت الجليل مقاطعة في مملكة يوحنا هرقانوس الثاني (عاصمته : صفوريّة) ثمّ في مملكة هيرودس. بعد موت هيرودس، شكّلت الجليل مع بيرية، تتراخية هيردوس انتيباس (4 ق.م.-37 ب.م.). بعد ذلك، ضُمّ الجليل إلى مملكة هيرودس أغريباس الأول (39-44). ثمّ حكمه والٍ رومانيّ يقيم في قيصريّة. أهمّ مدن الجليل المذكورة في العهد الجديد هي : * بيت صيدا، * قانا، * كفرناحوم، * الناصرة، * طبريّة. بالنسبة إلى بحيرة جنيسارت (مت 14 :34؛ مر 1 :16؛ 7 :31؛ يو 6 :1) رج * جناسرت. على المستوى الجغرافي والاداريّ، امتدّت الجليل شرقي الاردن، من بيت شان (سيتوبوليس) حتى بحيرة الحولة. في الغرب حدّها الساحلُ الممتدّ من صور إلى جابا. وإذا وضعنا جانبًا موضعه الصالح للتبادل التجاريّ، فالجليل لا يشكّل وحدة طبيعية : نستطيع أن نرى فيه ضمن مناطق : السهل الساحليّ، الجليل الأعلى، سهل يزرعيل (من بيت شان إلى جبل الكرمل)، الأردن. حسب الكرونولوجيا في الأناجيل الإزائيّة، مارس يسوع رسالته الأولى في الجليل. أما إذا تبعنا يو، فيبدو أن يسوع تنقّل من اليهوديّة إلى الجليل (4 :43-47؛ 4 :54؛ 7 :9). عُرف أهل الجليل بطريقة كلامهم (مت 26 :73؛ رج مر 14 :70؛ لو 22 :59). واعتبر الجليل منطقة لم تعطِ نبيًا واحدًا (يو 7 :52). إن يهوذا ابن غامالا الذي يعتبر مؤسِّس شيعة الغيورين قد سمّي الجليليّ (أع 5 :37). هذا يعني أن اللفظة ارتدت رنّة سياسيّة مع المفهوم الجغرافيّ. في هذا المجال، كان حديث عن ثورة الجليليين على هيرودس (يوسيفوس، العاديات 14 :45؛ رج لو 13 :1).
جليل، (بحر الـ ~):
رج * جنيسارت * طبرية.j
جنيسارت:
هو بحر طبريّة وبحر الجليل. يسمّى في العهد القديم بحيرة أو بحر كنارة (كنَّرت) (عد 34 :11؛ يش 12 :3؛ 13 :27) باسم مدينة كنارة في نفتالي (تث 3 :17؛ يش 11 :2؛ 19 :35) المذكورة أيضاً في النصوص المصريّة والتي هي اليوم : تل العموريّة على الضفّة الشماليّة الغربيّة وشماليّ كفرناحوم التي بُنيت فيما بعد. تعرف التوراة اليونانيّة اسم جناسر (1مك 11 :67) أو جنيسارت الذي يشتقّ من كلمة “جن” أي الجنة. بعد هذا صارت جناسر هي كنارة (في الأصل لم تكن علاقة بين الاثنين). تدلّ جنيسارت على سهل الغوير الخصب الواقع غربيّ بحيرة طبريّة (مت 14 :34؛ مر 6 :53) وتدلّ على المدينة التي لا تذكرها البيبليا (خرائب عيد المنية الحاليّة) والتي بُنيت في العهد الروماني في المكان الذي كانت فيه الكنارة القديمة. من هنا اسم بحيرة جنيسارت فقط هنا (مرّة واحدة في العهد الجديد. لو 5 :1) بينما يتكلّم العهد الجديد في مكان آخر عن بحيرة الجليل (مت 4 :18؛ مر 1 :16؛ 7 :31). أو بحيرة طبريّة (يو 6 :23،21 :1. وكذلك كتابات الرابينيّين). الاسم الحاليّ للبحيرة بحيرة طبرية. طوله الأقصى من الشمال إلى الجنوب 21 كلم، وعرضه الأقصى من الشرق إلى الغرب 12 كلم. يتراوح عمقه بين 42 و 48 م، مساحته : 144 كلم مربع. يتراوح مستواه تحت سطح البحر المتوسط بين 208 و 210 م. مياهه حلوة وصافية وكثيرة السمك. ولم يزل الصيد جاريًا عليه في أيامنا. يعرف بحر الجليل العواصف الهوجاء. كان سكان القرى المحيطة بالبحيرة في زمن المسيح أكثر ممّا هم عليه الآن ولا سيّمَا على الضفّة الغربيّة.
جولان:
السور. 1) اسم منطقة في شرقيّ الأردنّ. هناك مدينة غولون كما قال اليونانيّون وغولونيتيديس. امتدّ الجولان من سفح جبل حرمون إلى نهر اليرموك، وقسمه وادي جرميا إلى قسمين. يُعتبر الجولان قسمًا من * بتانية. وكان جزءًا من مملكة هيرودس، ثمّ بعد موته من مملكة فيلبس. بعد هذا ضُمّ الجولان إلى مقاطعة سورية الرومانيّة (34 ق.م.)، ثمّ أعطته رومة لهيرودس أغريباس الأول سنة 37 ق.م. لمّا مات أغريباس عاد الجولان إلى الإدارة الرومانيّة. 2) مدينة في باشان. عدّت بين مدن منسّى (تث 4 :42؛ يش 20 :8؛ 1أخ 6 :56). هذه المدينة أعطت المنطقة كلّها اسم الجولان.
سامرة، (منطقة الـ):
منطقة السامرة تقع في قلب فلسطين وهي تسمّى “أرض السامرة” (2مل 17 :26؛ 18 :34-35؛ إش 36 :19؛ عو 19) باسم العاصمة والمدينة (السامرة). تبدّلت حدود هذه المنطقة عبر العصور. ولكن في شكل عام، ضمّت السامرة الجزء المركزي من جبال فلسطين المسمّاة “جبال السامرة” (إر 31 :5). يُحيط بها من الشمال سهل يزرعيل، ومن الشرق نهر الأردن، ومن الجنوب خطّ يصعد من أريحا إلى جبعون سائرًا إلى سهل أيالون، ومن الغرب سهل الشارون. هذا يضمّ أرض سبطَي يوسف، منسى وافرايم، وجزءً ا من أرض بنيامين أي مملكة الشمال أو مملكة اسرائيل (1مل 21 :1؛ 2مل 1 :3). تقطع هذه المنطقة وديان واسعة وخصبة (إر 31 :5) يصل المرء إليها بعد عبور المنحدرات التي تُشرف على وادي الأردن. غير أن بلوغها من الغرب كان أسهل. في نظرة سريعة إلى جبال السامرة، نفهم أنّها كانت مأهولة قليلاً في حقبة البرونز الحديث، وما امتلكت مركزًا هامًّا سوى شكيم. وقد تألّف السكّان من مجموعات بدويّة (عشائر وقبائل) جاءت من الشرق وأقامت في الأراضي النصف قاحلة من أجل المواشي. كانت هذه المنطقة غنيّة بالقمح والشعير والزيتون والكرم. ولم تتسمَّ باسم السامرة إلاّ بعد تأسيس مدينة السامرة. فالمملكة الجديدة دُعيت اسرائيل. من هنا كانت العبارة : “ملك على اسرائيل في السامرة” (1مل 12 :1، 20؛ 16 :29؛ 21 :18؛ 22 :52؛ 2مل 3 :1؛ 10 :36؛ 13 :1، 10؛ 14 :23؛ 15 :8، 21؛ 17 :1). أمّا الإشارات الأخرى فقد زيدت فيما بعد (1مل 13 :32). يبدو أنّ استعمال لفظة “السامرة” يعود إلى زمن احتلال المدينة على يد الأشوريّين (272). فقد اعتادوا أن يسمّوا المنطقة باسم عاصمتها. أما الاستعمالات التي تسبق احتلال العاصمة السامرة، فتشير إلى المدينة لا إلى المنطقة (عا 3 :9، 12؛ 4 :1؛ 6 :1؛ هو 8 :6؛ 10 :5-7…). بعد سقوط مملكة الشمال، ربط الأشوريّون المنطقة بالمملكة باسم سامرينا، وجعلوا أناسًا من بابل في “مدن السامرة”. سنة 612، صارت هذه المدن مقاطعة بابليّة، وضُمّت إليها أرض يهوذا بعد سقوط أورشليم. وحين عاد المنفيّون اليهوذاويّون، حاول حاكم السامرة أن يمنعهم من إعادة بناء أورشليم خوفًا من أن تنقسم “مقاطعة” يحكمها وحده (عز 4 :8-24؛ نح 2 :9-20؛ 4 :1-9؛ 6 :1-14). ومع ذلك، كان الانفصال واضحًا بين العاصمتين في أيام نحميا. فكانت الحدود الجنوبيّة تنطلق من أريحا فتصعد إلى بيت إيل وتنزل إلى بيت حورون. عند ذاك صارت المنطقة مركز السامريّين. وقد ضمّها يوحنا هرقانوس الأول إلى يهوذا بعد أن أخذ شكيم والسامرة، ودمّر الهيكل السامري على جبل جرزيم. وربطها بومبيوس بمحافظة سوريّة (63 ق.م.). وأعطاها أوغسطس لهيرودس الكبير (30 ق.م.). ثمّ ورثها أرخيلاوس حتى ذهابه إلى المنفى سنة 6 ب.م. بعد ذلك، صارت تحت سيطرة الولاة الرومان، ما عدا الحقبة التي فيها حكم هيرودس أغريباس الأول (41-44). دار يسوع حول السامرة، ففعل كما يفعل كل يهوديّ في عصره، في طريقه من الجليل إلى اليهوديّة (مت 19 :1؛ لو 17 :11). ولكنّه كسر القاعدة في مناسبة فريدة يتحدّث عنها يو 4 :4-29). أما تلاميذه فسيكونون شهوده في السامرة كما في أماكن أخرى (أع 1 :8). وسوف نرى فيلبس ثم بطرس ويوحنا يعلنان الإنجيل في مدن السامرة (أع 8 :4-25؛ 9 :31؛ 15 :3).
عطاروت:
1) مدينة في جاد (عد 32 :3) يذكرها نصب ميشع. اليوم هي عطاروس شماليّ شرقيّ المقاور على الهضاب الواقعة شرقيّ البحر الميت. 2) يش 16 :2. هي اليوم عطارة الواقعة جنوبيّ بيت ايل. 3) يش 16 :7. مدينة في شمال افرايم قد تكون تل شيخ الدياب، شماليّ غربيّ فساليس. 4) يش 16 :5؛ 18 :13 : عطاروت أدّار. قد تكون خربة عطارة على حدود افرايم. 5) عطروت شوفان (عد 32 :35). مدينة في جاد لم يحدّد موقعها.
عكا:
مدينة كنعانيّة تقع على شاطئ البحر المتوسّط (تبعد 14 كلم إلى الشمال الشرقيّ من حيفا) وهي أفضل مرفأ طبيعي في فلسطين وأقدم مرافئ الشاطئ. كانت عكا نقطة التقاء الطرق التجاريّة بين مصر ووادي الأردن، ولهذا ذُكرت في رسائل تل العمارنة وفي النصوص المصريّة والأشوريّة. هاجمها بنو إسرائيل وما قدروا أن يحتلّوها (قض 1 :31). لم تصر يومًا إسرائيليّة مع أن يش 19 :30 (نقرأ عكا بدل عُمَّة كما في العبريّة. رج قض 1 :31) يجعلها بين مدن أشير. هل ذكر اسم عكا في 1 :10؟ الأمر ممكن. ستسمّى عكا بطلمايس على اسم بطليموس فيلدلفويس (285-246) الذي وسّع المدينة. بعد انحطاط صور وصيدون ازدادت أهميّة عكا. احتلّها أنطيوخس الرابع أبيفانيوس سنة 219 وجعلها عاصمة موقتة للسلوقيّين (1مك 10 :50-60 : زواج الاسكندر بالاس وكليوبترة ابنة بطليموس، 11 :22-24 : استقبل ديمتريوس يوناثان) فصارت مدينة هلينيّة وأظهرت ميولاً معادية لليهود (1مك 5 :15). خانت يوناثان الذي قُتل على يد تريفون. وحين ضعفت مملكة السلوقيّين حاول الاسكندر جنايوس أن يحتلّ عكا فلم يوفّق. في سنة 47 ق.م. ضُمّت إلى مقاطعة سورية الرومانيّة وسمّيت كلوديا بطلمايس. زارها القدّيس بولس (أع 21 :7) خلال صعوده إلى أورشليم ووجد فيها مسيحيّين.
غزة:
العزة، القوة. مدينة كنعانية قديمة جدًا (دمشق الجنوبية) تذكرها رسائل تل العمارنة والنصوص المصرية. كانت سوقا للقمح والخمر والفضة والتوابل. في القرن 18 كان للمينيّين مخازنهم فيها. لهذا احتفظت المدينة دوما بطابع عربي. اذا عدنا إلى تث 2 :23 نعرف أن أول سكانها كانوا من الحويين. منذ تحوتمس الثالث صارت غزة نقطة انطلاق الحملات المصرية على فلسطين وسورية. بعد هذا حصّنها سيتي الاول. حوالي 1200 احتلها الفلسطيون (قض 16 :1، 21؛ 1صم 6 :17). مع أن المدينة جُعلت رسمياً ليهوذا (يش 15 :47، قض 1 :18)، إلاّ أن بني اسرائيل حاربوا كثيرا لامتلاكها في ايام سليمان (1مل 5 :4) وحزقيا (2مل 8 :8). منذ تغلث فلاسر الثالث كانت غزة في يد الاشوريين الذين أجبروا دوماً على الدفاع عندها ضد سكانها وضد طموحات مصر إلى أن احتلها نكو (إر 47 :1، 5). في 1أخ 7 :28 يجب ان نقرأ العي أو عيّة بدل غزة. ازدهرت غزة في العهد الفارسي وأخذها الاسكندر بعد حصار دام شهرين. تنازع عليها السلوقيون والبطالسة وأجبرها يوناتان المكابي على التفاوض. اخذها اسكندر جنايوس، ولكن عادت مدينة حرة في أيام الرومان وصارت مركز اشعاع الحضارة الوثنية. إن فيلبس التقى وزير ملكة الحبشة على الطريق من غزة إلى اورشليم (أع 8 :26). بعد هذه النظرة السريعة المرتبطة بالكتاب المقدس بشكل إجمالي نعود إلى التاريخ. فغزة هي إحدى المدن الفلسطية الخمس (بنتابوليس). أقام فيها الناس بشكل متواصل، فما مرّت حقبة لم تكن فيها هذه المدينة مأهولة. لم نجد آثارًا قديمة جدًا. ولكن الفخاريّات دلّت على أن غزة كانت مأهولة أقلّه في البرونز الحديث (1550-1200). في بداية هذه الحقبة نعود إلى إشارة مكتوبة إلى المدينة. فتحوتموس الثالث (1504-1450) جعل منها موقعًا من أجل حملاته الحربيّة سنة 1481 في فلسطين وسورية. فموقع المدينة “على طريق البحر” التي تقود من مصر إلى آسية وخصب المنطقة، افترض أن غزّة كانت محطة للقوافل وموقعًا للعمليات الحربيّة الفرعونيّة. ذُكرت غزة في رسالة تعناك 6 (القرن 15)، وفي رسائل تل العمارنة (289، 296، القرن 14)، وفي وثائق مصرية تعود إلى القرن 13 ق.م. ظلّت غزة في فلك مصر في زمن السلالتين 18-19. وأقام فيها الفلسطيون سنة 1175 بمبادرة أو مباركة من رعمسيس الثالث (1182-1151) هذا ما تدلّ عليه التنقيبات في دير البلح الذي يبعد 14 كلم إلى الجنوب الغربي من غزة. حوالى سنة 1100 أوردت اسمائيات امينوفي مون الفلسطيين مع عسقلان وأشدود. هي في الواقع واحدة من المدن الملكية الخمس لدى الفلسطيين (يش 13 :3). تُذكر هذه المدينة في خبر شمشون (قض 16 :1-2، 21). أعطيت بشكل نظري إلى يهوذا (يش 15 :47)، فلم تكن يومًا من مملكة يهوذا (قض 1 :9 حسب السبعينية). سنة 734، خضعت لتغلت فلاسر الثالث (نشو 283). ثار ملكها حنون، فسحقه سرجون الثاني وجلاه إلى أشورية (نشو 285). بعد موت سرجون، توغّل حزقيا، ملك يهوذا، في فلسطين فوصل إلى غزة (2مل 18 :8) التي كان ملكها آنذاك صلّيبيل. ولكن سنة 701، كافأ سنحاريب صليبيل لأنه ظلّ أمينًا للعرش الأشوريّ (نشو 288). وامتدّ حكم هذا الملك فدفع الجزية لأسرحدون واشور بانيبال (نشو 292، 294). سنة 609، احتلّ نكو المصري غزة (إر 47 :1؛ هيرودوتس، التاريخ 2 :159). ولكن استعادها سريعًا نبوخذ نصر الثاني (605-602) وأجلى آخر ملوكها إلى بابل (نشو 308). وانطلق نبوخذ نصر من غزة ليقوم بحملة على مصر سنة 568. ومثله سيعمل قمبيز الفارسي سنة 525. في سنة 332، كانت غزة المدينة الوحيدة التي قاومت جيوش الاسكندر الذين سلبوها واستعبدوا سكانها. بعد ذلك، صارت المدينة جزءًا من مملكة البطالسة. ولكن انطيوخس الثالث الكبير احتلّها سنة 198 بعد حصار دام طويلاً (دا 11 :15). بعد ذلك، صارت غزة مرفأ الأنباط على البحر المتوسط فاغتنت جدًا، ووسّعت مرفأها في ميّومة التي تبعد 3 كلم عن المدينة، في خرلة بيت الابلهيّة. هاجمها الحشمونيون بقيادة يوناتان سنة 145 (1مك 11 :61-62). واحتلّها الاسكندر جنايوس سنة 96 ق.م. (يوسيفوس، العاديات 13 :357-364؛ الحرب 1 : 87)، واحتفظ بها حتى مجيء بومبيوس الروماني (61 ق.م.) الذي جعلها مدينة حرّة (العاديات 14 :75-76). أُعطيت لهيرودس الكبير هديّة من أوغسطس سنة 30، فشكلت منطقة مستقلّة في مملكته، وحكمها كوسغبار حاكم أدومية. حين قُسمت مملكة هيرودس، جُعلت غزة في ولاية القنصل المساعد في سورية (العاديات 17 :320). عند ذاك عرفت ازدهارًا كبيرًا، وكان لها مدرسة مشهورة لأهل البلاغة. أما العبادة الرئيسية التي عُرفت بها فهي عبادة “م ر ن ا” (سيّدنا، ربنا)، وهي التسمية الأرامية للاله العظيم في غزّة (داجون، قض 16 :23). ذُكرت غزة في أع 8 :26. ولكنها لم تصبح مسيحيّة إلاّ في القرن 5 ب.م.، ساعة دمّر بورفيريوس هيكل “مرنا” وجعل مكانه كنيسة بشكل صليب.
فينيقية:
(أ) التاريخ. فينيقية هو الاسم الهليني (نجده في السبعينية) الذي يدل على رقعة ساحلية تسير بمحاذاة البحر المتوسط من شمال الكرمل إلى خليج الكسندرات الحالي. يعود الاسم إلى المصري “فنحو” الذي استعمل في ايام المملكة الحديثة. ولكن هناك رأيًا افضل يعود بالاسم إلى اصل يوناني : فوينيكس : النخل أو لون الجلد الاحمر. سمى الفينيقيون نفسهم كنعانيين (مر 7 :26 : السورية الفينيقية تسمّى في مت 15 :22 : الكنعانية). وأرضهم هي كنعان كما يقول العهد القديم والعهد الجديد. وكانوا يسمون باسم مدنهم : الصيدونيون مثلا. وهكذا سماهم الاشوريون أيضًا. أقام الفينيقيون على شاطئ المتوسط خلال الهجرات الكنعانية في بداية الالف الثالث. ويقول الجغرافيون القدماء إنهم جاؤوا من الخليج الفارسي عبر بلاد الرافدين. جاء بهم هيرودوتس من البحر الاحمر مرورًا بكنعان. ولهذا اعتبر بعض العلماء أنهم جاؤوا من الجزيرة العربية وأقاموا بعض الوقت في النقب. وهناك من لا يؤكد ان الفينيقيين كانوا من الساميين بسبب سحنتهم الحمراء (مثل المصريين والليبيين والاحباش). أمّا الساميون فسحنتهم صفراء. مهما يكن من أمر، فقد دخل الفينيقيون في العالم السامي (تك 10 :15). وتاريخهم هو تاريخ مدنهم : صيدون، صور… التي كانت مستقلة. وقد أسّس الفينيقيون مستعمرات عديدة : قبرص، كريت، قرطاجة، ترشيش. (ب) الحضارة. نعرف اللغة الفينيقية بواسطة الكتابات العديدة. إنها لغة كنعانية كالعبرية وكلغة رسائل تل العمارنة. يقول التقليد إن الفينيقيين اكتشفوا الابجدية وعنهم أخذ اليونانيون. هناك كتابة على مدفن احيرام في جبيل وهي تعود إلى سنة 1275 ق.م. وكانت كتابات في اللغتين الحثية والفينيقية في جبل طوروس. عُرفت الديانة الفينيقية بواسطة سنخونياتون (فيلون الجبيلي) والكتابات ونصوص اوغاريت. كانوا يعبدون ايل، بعل، ملقارت (اله صور : اله شمسي. له هيكل شهير). اشمون (اله صيدون) ادونيس، اشيرتو أو اشراتو، رشف، بعل شميم، بعل حميم زوج تانيت خاصة في قرطاجة. فيه في العربية : الفيء، زاوية في حقل. المقال الثاني في نظام زرعيم في المشناة. تعدّد فصوله الثمانية العشورَ التي يجب على الفلاح أن يدفعها للفقير : من العنب والقمح… سيتوسع تلمود أورشليم وتوسفتا في كل هذا. في هاحيروت : فم الحيروت. في المصرية : هيكل حروت. موضع يقع على طريق الخروج (خر 14 :2، 9؛ عد 33 :7ي) في دلتا النيل. قد يكون موقعه في القسم الشرقي من وادي طوميلات. تلك هي النظرة المعروفة. ولكن استعمال “هـ ح ي ر ت” وحدها (بدون في) في عد 33 :8. وفصلُ “ف ي” عن “هـ ح ي ر ت” في المخطوطات، يدلّان على أنّنا لسنا أمام اسم مكان، بل أمام اسمين يرتبطان كما يرتبط المضاف مع المضاف إليه. الأول “ف ي” يعني الفم (كما في العربيّة) والمصبّ. والثاني “ح ي ر ت” (في اليونانيّة ايروت) يعني القنال انطلاقًا من الاكادية “خ ي ر ي ت و”. إنّ “هـ ” (الـ التعريف) التي تسبق “ح ي ر ت” قد تستعمل أمام أشياء موضوعة في أماكن. إذن، نترجم خر 14 :9 : “خيّم أمام مصبّ قنال بين المجدل والبحر”. وعد 33 :7-8 : “وعادوا نحو مصبّ القنال الذي تجاه بعل صفون وخيّموا أمام المجدل. وانطلقوا من ضفة القنال”. إنّ استعمال لفظة مأخوذة من الأكاديّة أمر عاديّ حين نعلم أنّ هذه الآيات تعود إلى القرن 6 ق.م. (بعل صفون، مجدل)، ولم تدوَّن إلاّ في الحقبة النيوبابلونيّة أو الفارسيّة.
متوسط البحر، (الـ):
يُذكر مع البحر الميت ويدل على الحدود الغربية لكنعان او احدى القبائل المقيمة على الساحل. البحر الكبير : هـ ي م. غ د و ل (عد 34 :6-7؛ يش 1 :4؛ 9 :1) البحر الاقصى او الغربي : هـ ي م. هـ ا ح ر و ن (تث 11 :24، 34 :2) بحر الفلسطيين : ي م. ف ل ش ت ي م (خر 23 :31). تذكر البيبليا بحر ادرياتك، بحر كيليكية وبمفيلية (اع 27 :5). تذكر الجزر، المرافئ. ماذا نقول عمّا يُسمّى البحر الابيض المتوسط؟ يقع بين اوروبا في الشمال، وآسيا في الشرق، وافريقيا في الجنوب. يتّصل بالمحيط الاطلنطي عبر مضيق جبل طارق (عواميد هرقل)، وبالبحر الأحمر عبر قناة السويس منذ سنة 1869. مساحته ثلاثة ملايين كلم مربع. وأقصى عمقه 4400م. المدّ والجزر ضئيلان، والتيّارات لا تكاد تُذكر. أما الرياح فقد أثرت تأثيرًا كبيرًا على حركة الملاحة القديمة، بحيث لا يستطيع الناس أن يبحروا عكس الرياح. ففصلا الربيع والصيف كانا مؤاتيين للأسفار في البحر. أما عواصف أيلول وتشرين الأول ثم آذار ونيسان، فقد كانت تفرض على السفن إلاقامة في المرافئ. اذا كانت الريح مؤاتية، كان السفر من يافا إلى جبل طارق يتطلّب ثلاثة أسابيع. أما الطقس السيّئ وغياب الرياح المؤاتية، فكانا يطيلان السفر. أما المحطات في البحر المتوسط فهي الجزر : قبرص، رودس، جزر بحر ايجه، كريت، الجزر الايونيّة، مالطة، صقلية، سردينيا، الباليار. وبمختصر الكلام كان المتوسط وسيلة اتصال استفاد منه الميسينيون واليونان والفينيقيون.
ميدبا:
مدينة قديمة لموآب دمّرت كما يقول عد 21 :30. أعطيت لرأوبين (يش 13 :9، 16). ترد في أولى حملات داود على العمونيّين (1أخ 19 :7). ولكنّها عادت موآبيّة فيما بعد (أش 15 :2). صارت ميدبا في العهد الهلينيّ بعد أن احتلّتها قبيلة عربيّة، بنو يمري (1مك 9 :36). هي اليوم ميدبا (جنوبيّ حشبان) التي تبعد 32 كلم إلى الجنوب من عمان. وُجدت خارطة من الفسيفساء في كنيسة بيزنطيّة وهي مهمّة من أجل طوبوغرافية فلسطين. تعود الخارطة إلى القرن 6 ب.م. وتعود إلى مدرسة سلمانيوس الفنيّة. في الأصل كانت الخارطة تقدّم جغرافية سورية وسيناء ومصر السفلى.
يافا:
الجميلة. في العبريّة : يفو. مدينة قديمة جدًّا. تقع على شاطئ البحر المتوسّط. سكنها الناس منذ العصر الحجريّ، وهي مذكورة في حملات تحوتمس الثالث (1481-1448) ضد سورية، كما تقول الكتابة على جدران أمون (في الكرنك)، وفي رسائل تل العمارنة وفي الكتابات الأشوريّة. يجعل يش 19 :46 مدينة يافا لقبيلة دان، ولكنّها ظلّت في الواقع في يد الفلسطيّين. ولكن بني إسرائيل استعملوا مرفأ يافا لأنّه كان المرفأ الوحيد على شاطئ فلسطين. وإذا عدنا إلى كتابة أشمون عازر، نرى أنّ يافا كانت تحت حكم الفينيقيّين حتى في العهد الفارسيّ. سنة 144 ق.م. احتلّها سمعان المكابيّ وأدخل إليها العادات اليهوديّة (1مك 10 :75؛ 11 :6؛ 12 :33؛ 13 :11؛ 14 :5، 34؛ 15 :28، 35؛ 2مك 12 :3-7). حرّرها الرومان وضمّوها إلى مقاطعة سورية. بعد هذا ضمّها يوليوس قيصر إلى الدولة اليهوديّة. وظلّت بين يديّ اليهود ما عدا خلال السنوات 35-40 ب.م. حلَّ فيها بطرس بعض الوقت (أع 9 :34). وفيها أقام طابيثة من الموت (9 :36-42). ونزلت عليه رؤية الحيوانات الطاهرة والنجسة (أع 10 :9-16)، قبل أن يذهب إلى قيصرية لكي يعمّد كورنيليوس الضابط الوثني. كانت يافا أفضل المرافئ في جنوب الكرمل قبل بناء قيصريّة على يد هيرودس الكبير. عند ذاك صارت يافا المرفأ الثاني. ولكنها استعادت مكانتها بعد دمار قيصريّة. ارتبطت بيافا، اسطورة اندروميد الذي رُبط إلى صخر وحُكم عليه بأن يفترسه وحش بريّ تهدئة لغضب يوسيدون. وفي النهاية حرّره فرساوس (يوسيفوس، الحرب 3 :41-42). تُذكر يافا للمرة الأولى بين المدن التي احتلّها تحوتمس الثالث. تروي الحكاية أن تحوت، قائد جيش تحوتمس، أدخل رجاله إلى المدينة بعد أن خبأهم في سلال جعلها على جمال أرسلها إلى حاكم المدينة (نشو 22-23). خلال حقبة تل العمارنة، كانت في المدينة حامية مصرية للمحافظة على الأمراء (رسائل 138، 294، 296). في زمن رعمسيس الثاني (القرن 13) امتدح الموظف الملكيّ جمال حدائق يافا ومهارة الصنّاع فيها (نشو 478). يافث ابن نوح (تك 6 :10؛ 7 :13؛ 9 :18). إنّ برَكة نوح (تك 9 :27) جعلت اسمه يشتقّ من فعل “فتح” (الذي يعني أيضاً وسّع : فليوسع الله له وليفتح الأرض أمامه). في لائحة الشعوب (تك 10 :1-5) هو أحد أجداد البشريّة الذين جاؤوا بعد الطوفان. أنظر عند اليونانيّين : يافيتوس والد بروميتاوس وجدّ (خالق) البشريّة. إنّ بركة نوح (ليوسع الربّ ليافت، ليسكن في خيام سام، ليكن كنعان عبدًا له) تعبّر عن فكرة وهي أن الهندو أورويّين (الذين يشكّلون مع الشعوب الآسيويّة نسل يافت) يشكّلون الطبقة الحاكمة في آسية الصغرى وشماليّ بلاد الرافدين وفلسطين. وهناك يافت في يه 2 :15، ولكننا لا نعرف أرضه.
يهودية، (الـ):
الاسم الهليني والروماني للقسم الفلسطيني الذي أقام فيه اليهود. نحن هنا أمام صفة : يودايا كورا أي الكورة (المنطقة، الارض) اليهودية. أول من استعمل الكلمة كان كلايارك (قائد جيش يوناني حوالي 320 ق.م.) ثم يوسيفوس. وهو يعود عند المكابيين وفي العهد الجديد. إنه يذكرنا بيهود وهو اسم هذا البلد الرسمي خلال حكم الفرس. وهو يرجع إلى يهوذا. في أيام المكابيين، شكّلت اليهودية بلداً صغيراً يحده الاردن، ادومية، لدة، رمتائيم. وخارج تلك المنطقة، كان يهود عديدون. وستُضم المناطق التي يعيشون فيها إلى نواة اليهودية القديمة على يد المكابيين. وفيما بعد فُرض عليهم الدينُ اليهودي وممارساته بالقوة (يوحنا هرقانوس الاول، ارسطوبولس). وهكذا اتخذ اسم اليهودية مضمونا أوسع، فدلّ على اليهودية بحصر المعنى مع المقاطعات السامرية (افيرامة، رمتائيم، لدة). هذا هو المعنى في العهد الجديد الذي يذكر مع اليهودية السامرة والجليل، أو مملكة الحشمونيين أو مملكة هيرودس (لا نجد هذا المضمون إلا في العهد الجديد)، أو هذا القسم من مقاطعة سورية التي حكمها من سنة 16 إلى 41 ولاة رومانيون (لو 3 :1). في أع 1 :8 ومت 19 :1 تحمل كلمة اليهودية معنى عرقيا. أما في أع 2 :9 فقد تدل على فلسطين كلها.
Discussion about this post