النور الحقيقي
للقديس أغسطينوس
أيها النور غير المنظور
مصدر الأنوار.
مبعث الأضواء.
النور الذي يتلاشى أمامه كل أنوار صنعتها يداك.
النور الذي منه تستمد الأنوار نورها.
الضياء الذي منه تأخذ الأضواء ضوءها.
النور الذي يبدد الظلام ويضئ العتمة.
النور الإلهي الذي لا تستطيع السحب أن تغطيه ولا الغمام أن يلفه .
النور الذي لا يستره ستار ولا تظلله ظلال.
أيها الكلمة الذي قال.. ليكن نور.
ردد هذه الكلمة الآن أيضا .. لأن بعيدا عن أضوائك الحقيقة تختفي الحقيقة.
ليتني أبصر مجدك لأتبين حقيقة ضعفي وحقيقة أنوارك.
إشتد جهلي وأمتد طغياني فلا تغفل عني وأنت وحدك الصلاح والعدل.
أنت عزاء كل نفس حطمها الحزن واستبد بها اليأس.
أنت تاج الرجاء الذي يعصب جباه الظافرين المنتصرين .
النور الكاره لكل خطية لأنك قدوس وطاهر.
فأين القلب الذي جعلت منه هيكلا لك ومسكنا محببا إليك!؟
إذا انفصلت عنك فلن تصادفني إلا ضيقات ومتاعب.
وما لم تكن أنت سعادتي فباطل غنى العالم.
وفي وحشية وضراوة، مزقت شهواتي الجسدية بحرابها
المسمومة، وحدة القلب القائمة بيننا، ثم نثرت أشلاءها على سائر الملذات.
وأنغمست أنا في الشهوات ولكن شهوة واحدة لم تملأ قلبي.
أنت صالح ، محب وقلبك لن يتغير.
من يتبعك لا يضل طريقه ولا يخيب ظنه.
من يملكك ينل مشتهاه.
إن أميال قلبي تصرفني عن أن أميل اليك فأمالتني الهموم والأوجاع.
عندئذ صرخت إلى الحياة وهتفت.
أنا الهدم .
أما أنت يا إلهي فأجبتني بصوت إحساناتك وقلت
(( أنا البناء))
أما نفسي العمياء فانقادت للموت ولم تشته الحياة.
وأصبحت عليلا.
واتجهت إليك أيها الطبيب أتوسل من نعمك وإحساناتك ألا تهملني.
لأنك خلقتني وكونتني.
وكنت بعيد عنك فقربيتني.
وكنت ميتا فأحييتني بموتك ورفعت قدري وارتديت ثوب فنائي.
أيها المالك إلى الأبد.
أخليت ذاتك وأخذت شكل العبد!!
سلمت نفسك بإرادتك لأجل خلاصي أما أنا ففي عناد وإصرار
بعت نفسي للخطية.
أما أنت فأسرعت إليَ لتمزق صك الموت.
حررتني من العبودية ونجوت أنا من العذاب الأبدي.
دعوتني باسمك.
ودفعتني بدمك علامة أبدية.
من أجلي احتملت عذابات الصليب طوعا لا كرها.
عرضت نفسي للهلاك وكنت أنت منقذ لي.
وضعت حدا لطغياني.
شددتني وقويت عزيمتي.
فرجت كربتي وهديتني.
استجبت لكل صلاة من أجلي.
سمعت صوت تضرعي
No Result
View All Result
Discussion about this post