عمق كلمة الله غير المتناهي لمار أفرام السرياني
يا إلهنا ،من يستطيع استيعاب كل الغنى الموجود في كلماتك ؟ ما نفهمه أقل بكثير ممّا لا نفهمه.إننا نشبه أناسا عطاشَ يشربون من الينبوع دون أن يستنفدوه ، هكذا أبعاد كلمتك عديدة وعديدة أبعاد الذين يدرسونها .
لقد لوّن الرب كلامه بجمال مختلف الجوانب حتى يجد فيه كل باحث ما يحب.وأخفى في كلمته كل الكنوز حتى يستطيع كل واحد منا أن يجد غذاءً يتأمل فيه.
كلمته مثل شجرة الحياة تمد لك من كل الجهات ثمارا يانعة،كلمته تشبه تلك الصخرة التي تفجرت ماءً في البرية فغدت شرابا روحيا لكل إنسان ،كما قال القديس بولس: ((لقد أكل جميعهم طعاما روحيا واحدا ،وشرب كلهم من ينبوع روحي واحد)) (1 قور10/4 ).
فلا يتصور من حاز على أحد هذه الكنوز إنه استفرغ كل الغنى الموجود في كلمة الله ،بل يجب أن يعلم أنه لم يكن قادراً على الاكتشاف إلا شيئاً واحداً من بين أشياء كثيرة .
ولا يظن أن الكلمة صارت فقيرة بما أعطته له ،بل عليه أن يفهم أنه غير قادر على استنفاد غناها أبدا فليشكر الله على عظمتها .
ابتهج إذن ،لأنك ارويت غليلك ولا تحزن لأن غنى الكلمة يفوقك .
العطشان يفرح عندما يشرب ولا يحزن أمام عجزه في استنفاد الينبوع .من الأفضل أن يهدئ الينبوع عطشك من أن يستنفده، فإذا روى الينبوع عطشك دون أن ينصب،فسوف تستطيع أن تشرب منه كلما تعطش ،وعلى العكس،إذا استنفد الينبوع بشربك ، فسوف ينقلب ما حصلت عليه شقاء .
اشكر الله على ما شربته ولا تتذمر مما لم تشربه،لأن ما تناولته هو نصيبك وما بقي هو أرثك، وما لم تستطع تناوله الآن بسبب ضعفك ستحصل عليه فيما بعد بمثابرتك .(شرح الدياتسرون،الارمني18/9)
Discussion about this post