أقوال في الصوم للقديس باسيليوس الكبير
الصوم هو الذي يلد الأنبياء ويشّد الرجال بالعزم. هو الذي يفقّه المشترعين ويحرس النفوس. هو أوفى صديق وأشد سلاح للشجعان الأبطال, هو رياضة المصارعين من أجل نيل الظفر والنعمة بالغلبة في الجهاد ضد الشهوة واللذات.
احذر أن تصوم فقط عن اللحم وتفتكر أن هذا هو كل ما يُطلب منك. إن الصوم الحقيقي هو الامتناع عن كل رذيلة: ” ابعدوا عن كل أثم….” (إشعياء 58: 4). وهو مغفرة كل إساءة للقريب؛ هو ترك الديون للمحتاجين: لا تصوموا لكي تُخاصِموا وتترافعوا لدى المحاكم.
إنك ربما لا تأكل لحما ولكنك تنهش أخاك. إنك تمتنع عن شرب الخمر ولكنك لا تلجم الشهوات التي تلتهب في نفسك. إنك تنتظر حتى المساء لتأكل بعد الصيام, ولكنك تلبث كل النهار في المحاكم لأجل المخاصمة, ” الويل للذين تُسْكرهم الشهوة وليس الخمر…”(إشعياء 51: 21).
إن الغضب هو سكر حقيقي في النفس لأنه يبلبلها. إن الكآبة هي سكر لأنها تطفئ نور العقل وتطمس النور فيه. والخوف هو سكر لأنه يجعلنا نرتجف دون مبرر: “أنقذني يا رب من غضب أعدائي ” (مزمور 63: 2).
بالعموم كل شهوة تزرع في النفس الاضطراب والبلبال هي سكر. لست أعني بالصوم ترك الطعام الضروري لأن هذا يؤدي إلى الموت. ولكن أعني ترك المأكل الذي يجلب لنا اللذة ويسبب تمرد الجسد. قد تكون هناك أشياء كثيرة ليس فيها خطيئة ومع ذلك يجب أن نصوم عنها إذا كان في ذلك ربح لنا وللآخرين “حَسَنٌ أن لا تأكل لحما ولا تشرب خمراً أو شيئاً يصدم أخوك أو يعثر أو يضعف” (رومية 14: 21).
وأخيرا تأمل في المسيح سيدك وربك. إنه صام لكي يعلمنا أن الصوم هو طريق الملكوت.
No Result
View All Result
Discussion about this post