سر التوبة والاعتراف
إعداد الأخ ميلاد جبارة
اللاذقية 19/3/2004 (القديس الرسول أرخيبوس)
المقدمة
لا يخلو أي حديث يومي أو أي نظرة تأملية في حياتنا اليومية عن وقفة مع أفعالنا وأخطائنا وندم عليها ولكن من ذا المهتم الذي سيصغي إلى صوت ضميره ولكن قد يحدث ونتوب وبسبب قلة مروءة الأب المعرف قد نفتر وتخفض عزيمتنا.
فما هي التوبة، وما هو الاعتراف، وما هي الأبوة الروحية؟
لنسير في الطريق سوية بدءاً من التوبة فالاعتراف فالخلاص والدخول إلى الملكوت السماوي.
التوبة
كي ننال الحياة الأبدية لابد لنا من التوبة لخلاص نفوسنا، لنملأ أعيننا دموعاً فتنفتح حدقتا ذهننا فنصير كلنا وارثي الملكوت. لنهتف مع العميان “ارحمنا يا ابن داوود“(متى 30:20)
ولنتقدم إلى المسيح وندنو منه وليكن لنا شوق إلى الفردوس ولنترك الموتى يدفنون موتاهم ونجِّد لئلا يغلق باب الملكوت قبل وصولنا فقد أتى نصف الليل وقد قرب مجيء العريس(صلاة الختن) لتتجهزي يا نفس ولتستعدي لئلا يأتي ويراك غارقة في أوحال الشطارة (الابن الشاطر).
يا أيها الخطاة الذين أنا متقدمهم لماذا نيأس ونستسلم؟! طالما يقام عرسٌ في السماء إذا تُبنا فممن نخاف؟ الثالوث الأقدس الطاهر يدعونا فلا تتنهدن ولا نرهب ولا نتوانى.
لنبك ههنا قليلاً لئلا نبكي هنالك كثيراً فالسيد له المجد آتي كالبرق ولن نلحظه إلا وقد صار أمامنا ماسكاً بيد الخراف المختارة ورامياً بيده الأخرى الجداء المرذولة.
فالإنسان إذاك يحصد ما زرع فنحن البشر الخاطئين لن نجد سوى الخوف لأن مداينتك لمرهوبة يارب. لماذا لا نهتم ولماذا لا نكترث بالكتب المقدسة وبكلمات المسيح وتعاليم رسله وأنبيائه وقديسيه، ولا بتذكرات الأخوة.
فليكن بمعلومنا أن هذه الأقوال هي التي ستديننا في الدينونة الرهيبة! لأن الرب قال لرسله: “من يسمع منكم فقد سمع مني ومن احتقركم فقد احتقرني ومن احتقرني فقد احتقر الذي أرسلني” (لوقا 6:10)، “من رذلني ولم يقبل أقوالي فله من يدينه الكلمة التي نطقت بها هي تدينه في اليوم الأخير” (يوحنا 48:12).
لنجتهد سائرين قبل مجيء ذلك اليوم الرهيب لنلقي أنفسنا في لجة رأفات الله فهو القائل:
“تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم “(متى 28:11) فهو “يريد للجميع أن يخلصوا” (1تيمو 4:2)
إنه يدعو الجميع للمجيء إليه، ولكن من يأتي إليه؟
من عنده وصاياه ويحفظها ويستمع إلى أقواله ويؤمن به وبالذي أرسله. لنتوب نحن الخطاة وننظر تعطف المسيح القائل: “إني لم آت لأدعو صدِّيقين بل خطاة إلى التوبة” (لو 32:5)
لنتوب كي لا نخجل أمام المحفل الرهيب عندما يميز الراعي الجداء عن الخراف فتفتح الكنوز فطوباهم الذين جاعوا وعطشوا إلى البر لأنهم سيشبعون وويل للمشبعين لأنهم سيجوعون.
طوبى للنائحين لأنهم سيضحكون وويلٌ للضاحكين الآن لأنهم سينوحون. وطوبى للراحمين لأنهم سيرحمون وويلٌ لمن ليس لديه رحمة. لنتوب غير ناظرين إلى المتوانين والمتنعمين فهؤلاء يجفون كالحشيش ولا نحب هذا الدهر لأنه يطرب الإنسان ساعة واحدة ويرسله إلى العذاب عارياً. فالرب يقول: “ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه” (متى 26:16).
وبما أن لنا وقتاً بعد لنبدد خطايانا فها الرب واقفٌ على الباب يقرع، لنبددها بالدموع والحاجة إلى الدموع لنغسل إرادتنا ولنهتف مع داوود: “تغسلني فأبيَّض أكثر من الثلج” (مز 9:50) ولنسمع قول الرب: “طوبى لكم أيها الباكون الآن فإنكم ستضحكون” (لوقا 21:6).
ولنبغض الشباب المتنعم والزينات والوشاء ولنمقت التلوينات بالصباغ والتصفيق والتزيين والتبختر والأغاني الشيطانية المعارف والصفارات وتحلية الأيدي والأصوات الوحشية لأنها كلها بذار الشيطان. ولنذكر أننا في المعمودية بصقنا على الشيطان وتبعنا المسيح وملائكة السماء سجلت اعترافنا وحفظتها ليوم الدينونة.
مجيء الرب الإله يقترب وهو آتٍ بالفرح لجميع الذين يحبونه، وبالعزاء للنائحين لا على الأموات بل على الخطايا التي حرمتهم الملكوت السماوي.
لنتوب قبل انقضاء الوقت، ما دام لنا وقت لنتوب، لأنه متى انقضى لنا الوقت سنأتي ونقرع باب المسيح الذي لن يعرفنا وسيقول لنا “ابعدوا عني يا فاعلي الإثم” (لوقا 27:13)
لأنك لم تَرحَم فلن تُرحَم ولم تسمع تضرعات الفقراء فلن أسمع تضرعاتك، سمعت آياتي فضحكت، حللت أوامري وأوامر رسلي وأنبيائي وعملت مشيئات الشيطان واعتديت على الناس وعرَّيتهم وسلبتهم أموالهم.
كيف سأدخلك مكاناً لم ترسل إليه شيئاً، لا دموعاً ولا صوماً ولا سهراً ولا تسبيحاً، لا بتولية، ولا صدقة ولا صبراً. ولكن ذاك مسكن المتمسكنين من أجلي. فالرسول بولس يخبرنا: “ما لم تره عين ومالم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر ما أعده الله للذين يحبونه” (1كو9:2).
ويروى أن أخاً سأل الأب بيمين قائلاً: وما هي التوبة؟ أرجوك اشرحها لي. فأجابه الأب: التوبة هي أن لا تقع في الخطيئة مرة ثانية.
ولكن كيف لا نقع في الخطيئة؟ يجيبنا القديس أفرام السرياني بأن ذكر اسم الله يطرد الشياطين فلنتجنب الخطايا بذكر اسم الله ولنذكر الموت ولنشغل أنفسنا بكيفية كون الظلمة البرانية والنار التي لا تطفأ والدود الذي لا يموت وصريف الأسنان؟ (متى 12:8) فمن يذكر الموت دائماً لا يخطئ كثيراً.
لنرم عنَّا ثقل الخطايا والرب يرتضي أن يداوي الإنسان ذاته بدموعه وبتنهداته، فينفتح باب التوبة لنسرع قبل إغلاقه فالرب لا يحب المتوانين ولا المتكاسلين فنحن لا نعلم الساعة التي يغلق بها الطبيب عيادته.
لنا حرية الاختيار فإما نبكي قليلاً ونتوب إلى الرب وإما أن نبكي وسط النار دون فائدة. لنا الفرصة لننال التعزية بينما هناك نذهب للهلاك الأبدي والنار التي لا تطفأ.
لنسدد اليسير اليسير من ديوننا ولنتوب إلى الرب بصدقٍ ولنطلب منه التواضع ولنقرن توبتنا بذكر الله وذكر دائم لخطايانا وتجديفنا ولننسى ما فعلناه من الصالحات القليل ولنصرخ مع بولس الرسول القائل: “أنسى ما خلفي وأمتد إلى ما هو أمامي” (فيليبي 13:3)
الاعتراف
رأينا ماهية التوبة وحتى لا تكون توبتنا ناقصة رتبت لنا الكنيسة سرَّاً لغفران الخطايا حسب السلطان الممنوح من المسيح إلى الكنيسة وهذا ما نسميه بسر التوبة والاعتراف.
الخطوة الأولى والأصعب هي أن يقرَّ الإنسان داخلياً بأنه أخطأ فيقول القديس اسحق السرياني: “الإنسان الذي يُقرُّ بخطيئته هو أهم ممن يقيم الموتى”.
العناصر المساعدة على الاعتراف الداخلي:
1. الصلاة (الوقفة أمام الله)
2. سماع كلمة الله الإنجيل والوعظ
3. الإرشاد الروحي
4. الإحسان وعمل الفضائل، وأكثر ما يعبر عنها صلاة القديس أفرام السرياني.
والخطوة الثانية هي المثول أمام أب الاعتراف، ففي الماضي كان الاعتراف جماعياً أما اليوم فهو اعتراف فردي. فالكاهن هو الذي يقبل الاعتراف ففي التوبة والاعتراف تجديد واستمرار للمعمودية ويخبرنا القديس يوحنا السلمي أن طرق التوبة خمس:
1. معرفة الخطايا
2. ترك خطايا القريب
3. الصلاة
4. الرحمة
5. التواضع
ويقول القديس سلوان الآثوسي:
“ما هو الدليل على أن الله غفر لك خطاياك؟ إذا كنت تكره الخطيئة فهذا يعني أن الله غفر لك، وإذا كنت تتحنن وتشفق على الذي تراه يخطئ وتفرح مع الذي يعود عن خطيئته وإذا كنت تسامح الذين أخطأوا إليك فهذا يعني أن الله قد غفر لك إذا كنت أحببت هذا يعني أن محبة الرب فيك، التائب هو الذي يتألم مع كل الناس خاصةً مع أولئك الذين لا يعرفون الله”.
ورُبَّ سائل لماذا نعترف؟
ألا تكفي التوبة والندامة والاعتراف أمام الله؟! فنقول له: الإنسان يعترف أمام الله والإخوة والتوبة تحدث مصلحة بينهم. والكاهن ممثل الجماعة فهو مرشد وخادم السر حسب السلطان المعطى له من الله: “من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت” (يو 23:20)
فهذه موهبة روحية أعطيت للتلاميذ، لإرشاد النفوس إلى التوبة، فالكاهن ليس صاحب الغفران بل هو خادم السر، فالله هو الذي يغفر الخطايا. فالكاهن يطلب باسم يسوع المسيح غفران الخطايا: “يا ولدي الروحي إني أنا الحقير لا أقدر أن أغفر الخطايا لكن الله هو الذي يغفر الخطايا……….”
الأبوة الروحية والاعتراف
من يلد أولاداً يدعى أباً وكذلك من يلد أبناءً بالروح يدعى أباً روحياً، وهو إنسان مصَلٍ يطلب معونة الله ويستلهم مشيئته، فله خبرته في الحياة مع الله وهو طبيب يعالج أمراض النفس بصبر ومحبة كثيرين ويرشدها إلى خلاصها. لذلك لا يسمح للكهنة فور رسامتهم بقبول الاعتراف بل يبقون فترة يكتسبون خلالها الخبرة المطلوبة ثمَّ يرفعُّون إلى رتبة أب روحي.
وبولس الرسول يحدثنا بمفهوم واضح عن الأبوة الروحية في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس: “لا أكتب هذا لأجعلكم تخجلون بل لأنصحكم نصيحتي لأبناء أحباء فلو كان لكم في المسيح عشرة آلاف مرشد فما لكم آباء كثيرون لأني أنا الذي ولدتكم في المسيح يسوع بالبشارة التي حملتها إليكم فأناشدكم أن تقتدوا بي” (1كو 14:4-16)
فالرسول المصطفى يدعو أهل كورنثس أولاده الأحباء فيوصيهم ويقسو عليهم بمحبته فهو ولدهم بالروح القدس وغذّاهم بالكلمة الإلهية هنا يظهر الفرق بين المرشد والأب الروحي فالمرشد يعلم في المسيح ولكن لمرة ويغيب أما الأب فيرشد ويتابع فهو يلد الابن بالمسيح ويتابع مسيرة حياته فيحضنه بمحبته وبطول أناته.
المرشد هو المعلم أما الأب هو المحب سابقاً وحالاً ولاحقاً. ونجد نموذجاً ثانياً للأبوة الروحية في موقف الأب الرحيم في مثل الابن الشاطر الذي نتلوه في الأحد الثاني من التهيئة للصوم الكبير (لو 11:15-32) ولكن توبة الابن واعترافه بخطأه فكانت الفرصة لظهور الرحمة الأبوية.
فرجع الابن الضال إلى نفسه وأحس بخطيئته وصمم على الاعتراف بها أمام الله والذين أساء إليهم علناً ويحدر نفسه إلى مرتبة العبيد فعاد إلى جماله الأول بفضل محبة أبيه الكبيرة التي برزت إثر توبة الابن.
كل إنسان يخطئ أمام أحد إخوته يخطئ أمام الكنيسة كلها لأن أذية عضو تنعكس على الجسم كله وكذلك الخطيئة هي خطيئة أمام المسيح الذي بذل دمه من أجل هذا الأخ كما من أجلي أنا أيضاً.
هذه العملية هي من عمل الروح القدس وهذا ما متفق عليه بين الآباء كلهم وعلى أساسه يمكن أن نفهم حسن العلاقات بين الأب الروحي والمتقدم إليه وكذلك وظيفة الأب الروحي ودور الابن المتقدم إليه.
ويقول القديس سلوان الآثوسي:
“مشاكلنا تأتي لأننا لا نسأل مشورة الشيوخ الذين أعطوا موهبة كبيرة ليرشدونا وتأتي أيضاً لأن الرعاة لا يطلبون إلى الله دائماً أن يعلمهم كيف يجب أن يتصرفوا” ونجد في قول قديسنا أنه يجب على الآباء أن يصلوا ويطلبوا الروح القدس الذي يعلمنا ويعلمهم كيف يتصرفون.
هناك نقاط ينبغي على الأب الروحي أن يتنبه لها وإلا فالعلاقة ستنهار:
· لا بد أن يكون للأب الروحي ضعفات بشرية ولكن عليه ألاَّ يتقبل الأفكار الشريرة وأن لا يكون مضلاً وخاضعاً لتقليد الكنيسة الحي.
· الأب الروحي هو شبيه المسيح وأيقونته فيجب عليه يتقيد به.
· الأب الروحي يتمم خدمته في الروح القدس لذلك يستوجب الاحترام وصلاته تقدر كثيراً فالله يحفظنا بصلوات أبينا الروحي.
وللابن الروحي كذلك عدة نقاط هي:
– ينبغي أن يقول كل شيء للأب المعرف وإذا أخفى بعض الأمور أو ابتدأ يشك بقدرة الأب الروحي وينتقده ويناقشه فيفسد الاعتراف ويعرقل عمل الروح القدس وقد يوقفه.
– لكن عندما يكون الأب الروحي في صلاة لمعالجة الموقف والبن الروحي في حالة تواضع وثقة فهذا يسهل عمل الروح القدس. ولكن الناس الذين لم يعترفوا بعد قد يسألون لماذا نلتجئ إلى أب روحي؟ وكيف نعرف مشيئة الله؟!
ونجيبهم بأن الإنسان يبغي في كل وقت أن يعرف مشيئة الله ويعرفها عن طريق كلمة الله في قراءة الإنجيل وحفظ الوصايا وعن طريق الصلاة فهي تساعد الإنسان على سماع هذا الصوت ولكن أغلب الناس لا يسمعون هذا الصوت ولا يفهمونه بل يتبعون صوت الأهواء التي يخفي ضجيجها صوت الله. ولذلك نلتجئ إلى أب روحي لأنه يتمتع بخبرة روحية أكبر ويستطيع أن يميز الخير عن الشر لا كما نميزه نحن ولأننا عن طريق التواضع والطاعة والتوبة نجد الطريق الأضمن إلى معرفة مشيئة الله.
يقول القديس سلوان الآثوسي:
“كيف يستطيع الإنسان أن يعرف مشيئة الله؟ عليه أن يتقبل أولاً كلمة من أبيه الروحي كتعبير عن مشيئته الله. لكن إذا اعترض المعترف أو قاوم ولو داخلياً، لا يعود كلامه مفيداً لأن الروح القدس لا يحتمل النقاش أو العنف”.
ويسأل البعض هل يمكن أن لا يكون الأب الروحي كاهناً؟ نعم، الإرشاد الروحي لا يقتصر على الكهنة. كل عضو في الكنيسة يمكن أن يساهم في نمو إخوته روحياً، خاصةً إذا كان بخبرة روحية وبموهبة إلهية لإرشاد النفوس إلى الخلاص، وباهتمام متواصل في جو من الصلاة والمحبة. ولكن الكاهن هو الشخص الأنسب لإتمام سر التوبة من إرشاد وتعليم وأبوة روحية.
الخاتمة
هذه هي التوبة وليس أعظم منها فالقديس اسحق السرياني يقول: “من يعترف بخطاياه لهو أعظم ممن يقيم الموتى” ولكن نعمة الله وحدها تستطيع أن تشفي الإنسان في النهاية، الجسد يشفيه الطبيب بنعمة الرب أما الروح فلا يشفيها إلا خالقها ولا بد من الصلاة كي يرسل لنا الله أباً روحياً
كما يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث:
“يا أخي تضرع إلى الله بإلحاح لكي يظهر لك إنساناً قادراً على إرشادك تسمع له كما لله نفسه، وتصنع بدون تردد كل ما يمليه عليك حتى وإن كانت أوامره تبدو غير صائبة ومؤذية لأول وهلة”.
المراجع:
– القديس أفرام السرياني / مقالات روحية وخشوعية / الأب أفرام كرياكوس 2004
– من أخبار وحكم الآباء النساك / الأب منيف حمصي / 2002
– في الموت / القديس إغناطيوس بريانشانينوف / 2002
– أحاديث روحية / الأرشمندريت أفرام كرياكوس / 1996
» زيارات المقال : 362
» تــاريخ المقال : 31/1/2010
» موقع سلطانة الحبل بلا دنس – www.peregabriel.com – عنوان المقال : سر التوبة و الاعتراف – القديس الرسول أرخيبوس.
No Result
View All Result
Discussion about this post