للقديس مار أفرام السرياني
الطبعة الثالثة
2005
تعريب القمص تادرس يعقوب ملطي جورج فهمي حنا
كنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج
التسبحة الأولى
كل الأجيال تطلعت إليه
– هذا هو اليوم الذي أبهج الأنبياء والملوك والكهنة، ففيه تحققت كلماتهم وكملت نبوتهم، لأن العذراء قد ولدت اليوم عمانوئيل في بيت لحم!
– ما نطق به إشعياء قديمًا، صار اليوم حقيقة، إذ ولد من يحصي عدد الأمم (إش 19:10)!
ما تغنى به داود في المزامير، تحقق اليوم!
ما تحدث به ميخا يومًا ما، تم اليوم فعلاً، أنه يخرج من أفراثا راعيًا، عصاه تسوس النفوس (مي 2:5)…
ما تنبأ به بلعام، وجد له تفسيرًا!
لقد أتى إلينا النور السري، وظهر جماله بالجسد! النور الذي تكلم في زكريا أضاء في بيت لحم!…
ما قيل في الخفاء تحقق اليوم في وضوح!…
– من آدم الرجل الذي لم يكن له أن يلد، خرجت أمنا حواء، فكم بالحري يلزمنا أن نصدق أن ابنة حواء تلد طفلاً بغير رجل!
الأرض البكر حملت آدم الأول الذي كان رأسًا على كل الأرض، واليوم حملت العذراء البكر آدم الثاني الذي كان رأسًا على كل السماوات!
– عصا هارون أفرخت، والعود اليابس أثمر، لقد أنكشف اليوم سرّ هذا، لأن رحم البتول يحمل طفلاً!
– فليخجل ذلك الشعب الذي تطلع إلى كلمات الأنبياء كوقائع حدثت (في أيامهم)، لأنه لولا مجيء المخلص لبطلت أقوالهم!
– مبارك هو الحق الواحد الذي أتى من أبي الحق، وحقق كلمات الناظرين الحقيقيين!…
– من كنز بيتك، أيها الرب، من خزائن كتابك المقدس أخرج أسماء الأبرار القدامى الذين تطلعوا إلى مجيئك!
– ركزوا أنظارهم على ذلك الذي عوض هابيل سُفك دم الابن كقتيل، وبموته حطم الحسد الذي جلبه قايين إلى العالم (تك 8:4)!… الأخوان الاثنان اللذان غطيا نوح (تك 23:9) تطلعا إلى الابن الوحيد الذي يأتي و يغطي عري آدم الذي أسكرته الكبرياء!
– تطلع سام ويافث المباركين إلى الابن المبارك، الذي يأتي ويحرر كنعان من عبودية الخطية!
– توقع ملكي صادق – إذ هو رمز الرب – مجيئه، متطلعًا إلى كهنوت الرب الذي بزوفاه يطهر العالم (لا 52:14)!
– نظر لوط كيف أن أهل سدوم خالفوا الطبيعة، فتطلع إلى الرب الذي يمنح قداسة تفوق الطبيعة!
– إذ رأى هرون إن عصاه أكلت الحيات (خر 12:7)، تطلع كيف يأكل صليب الرب الحية التي أكلت آدم وحواء!
– رأى موسى اللحية المرفوعة قد شفت عضات الأفاعي (عد 9:21)، فتطلع ليرى الرب الذي يشفي الجراحات التي سببتها الحية القديمة! موسى رأى نفسه أنه وحده الذي احتفظ بضياء من الله، فتطلع إلى الرب الذي يجعلنا آلهة (يو34:10) بتعاليمه!
– حمل كالب الجاسوس العنقود على عصاه (عد23:13)، وجاء مشتاقًا أن ينظر “العنقود” (المسيح) الذي خمره يعزي كل العالم!
– اشتاق يشوع بن نون إليه، ليدرك قوة أسمه… يشوع هذا الذي جمع الثمرة وحملها وأحضرها معه، كان مشتاقًا إلى “الحياة” ليذوق الثمرة التي تنعش الجميع!
– تطلعت راحاب إليه، لأنه عندما فداها الخيط القرمزي من الغضب (يش18:2) ذاقت الحق في الرمز…
– رآه موسى وإيليا. الرجل الوديع من العمق صعد، والرجل الغيور من العلو نزل، وفي الوسط رأيا الابن. الاثنان رمز إلى مجيئه (الثاني)، فموسى يرمز للأموات، وإيليا يرمز للأحياء الذين سيطيرون لملاقاته في مجيئه (1تس 17:4). لأن الأموات الذين ذاقوا الموت جعلهم أولاً، أما الباقون الذين لم يدُفنوا، فسُيرفعون أخيرًا لملاقاته!
– من يستطيع أن يحصي لي الأبرار الذين تطلعوا إلى الابن، الذين لا تستطيع أفواهنا – نحن المخلوقات الضعيفة- أن تعبر عن عددهم؟!
– من له فصاحة لأن يسبح ابن الحق الذي أشرق لنا، هذا الذي أشتاق إليه الأبرار، أن يروه في جيلهم!
تطلع آدم إليه، إذ هو رب الكاروبيم (حارس الفردوس)، وفي قدرته أن يوجد مدخلاً وموضعًا للإقامة بواسطة أغصان شجرة الحياة.
اشتاق هابيل أن يراه، لعله يأتي في أيامه، فيرى حمل الله بدلاً من الحمل الذي قدمه!
وتطلعت إليه وحواء، لأن عريها كان مرًا، وهو قادر أن يغطيها – لا بأوراق الشجر – بل بنفس المجد الذي فقدته!
كان البرج الذي بناه كثيرون يتطلع في سٌر إلى “الواحد” الذي بمجيئه بنى على الأرض برجًا يصعدنا إلى السماء!
نعم إن الفلك الذي حفظ المخلوقات الحية، كرمزٍ تطلع إلى ربنا الذي يبني الكنيسة المقدسة التي فيها تجد النفوس لها ملجأ…
صرخت الأرض التي غرقت بالطوفان في صمتٍ إلى ربها، فنزل وفتح المعمودية التي بها ينجذب البشر إلى السماء.
عاش متوشالح أقل من 1000 سنة بقليلٍ، فتطلع إلى الابن الذي يجعل البشر وارثين حياة لا تنتهي!
كانت النعمة ذاتها بسٌر خفي تطلب لصالحهم، لعل الرب يأتي في زمانهم ويكمل نقائصهم، لأن الروح القدس يشفع فيهم متأملاً (رو26:8). هو أثارهم، وفيه تطلعوا إلى ذاك المخلص موضوع اشتياقهم (1 بط 11:1).
أدركت نفوس الأبرار في الابن دواء الحياة، لهذا شعرت بحنين أن يأتي في أيامها فتتذوق حلاوته!…
تطلع لأمك إليه أن يأتي لكي يمنحه في حب راحة من تعبه وجهاد يديه ومن الأرض التي لعنها الله العادل (تك 29:5)!…
أيضًا تاق نوح أن يراه، لأنه ذاق طعم نعمته المخلصة.
نعم، إن كان الرمز فقط (أي الفلك) حفظ المخلوقات حية، فبالحق كم يمنح هو بذاته حياة للنفوس؟!…
إن كان الرمز قد أنقذ الحياة، فكم بالحري يكون شخصه الإلهي؟!
أدرك إبراهيم بالروح أن ميلاد الابن لا يزال بعيدًا، لكنه تهلل أن يرى يومه بالروح دون أن يراه في الجسد (يو 56:8).
اشتاق إسحق أن يراه، لأنه ذاق طعم خلاصه (عب 19:11).
لنسهر مع الرعاة
اليوم أبتهج الحراس، لأن الساهر جاء لإيقاظنا (دا 13:4).
من يستطيع أن ينام الليلة التي كان العالم كله فيها ساهرًا؟!
لقد جلب آدم النعاس على العالم بالخطية، لكن نزل الساهر لإيقاظنا من نوم الخطية العميق.
فلنسهر إذًا، ولكن ليس كالمرابين الذين يسهرون الليل كله منهمكين قي حساب أموالهم والربا…
واللص أيضًا إذ يخبئ نومه ويدفنه تحت الأرض ويسهر ويقلق، وبقلقه يزعج كثيرين من النائمين.
والإنسان النهم يسهر ويقلق، وسهره يسبب له آلامًا…
والغني (محب المال) يسهر، إذ يطرد بغناه نومه، فيبقى ساهرًا على خزائنه خائفًا من اللصوص بينما كلبه ينام!
والمهموم يسهر، لأن قلق نفسه يبتلع نومه، ومع أن الموت يتعقبه حتى عند وسادته، لكنه لا ينام حاملاً هموم السنوات المقبلة.
وإبليس أيضًا يعلمنا أيها الإخوة أن نسهر، لكن سهرًا من نوع آخر، هو التراخي في الأعمال الصالحة مع السهر في الشر.
حتى يهوذا الإسخريوطي سهر الليل كله، إذ باع الدم البريء الذي أشترى العالم كله!
ابن الظلام لبس الظلمة وخلع عنه النور!
بالفضة باع اللص خالق الفضة!…
نعم، إن الفريسيين أبناء الظلمة سهروا الليل كله؛ الأشرار سهروا لعلهم يحجبون النور غير المحصور!
أما أنتم فاسهروا هذه الليلة كأنوار في السماء، والتي بدت خافتة في لمعانها، لكنها مشرقة بفضائلها!
من يشبه ذلك الواحد الجلي الذي يسهر ويصلي في الخفاء، تحيطه هالة من النور الخفي وسط الظلمة الخارجية.
أما الشرير فكابن للظلمة يسلك، إنه يقف في ضياء النهار، ومع إن النور يكسوه من الخارج، لكن الظلمة تكتنفه من الداخل!
– أيها الأحباء ليتنا لا ننخدع بأننا ساهرون، لأن من لا يسهر بالبرّ، فسهره الذي لا يحسب له!
من لا يسهر بالفرح، فسهره يعد نومًا!
من لا يسهر بطهارة، فسهره يكون عدوًا له!
هذا هو سهر الحاسد، أنه كتلة جامدة، كلها أذى!…
هذا هو سهر الغضوب، أنه يتعكر بالغضب، وتصير يقظته كلها هياجًا ولعنة…
هذا هو سهر الثرثار، به يصير فمه ممرًا مهينًا للإثم،وعائقًا له عن الصلوات.
أما الساهر الحكيم، فله أن يختار بين أمرين:
إما ينام نومًا هادئًا معقولاً، أو يسهر سهرًا مقدسًا!
كيف نستقبل ليلة الميلاد؟
– الليلة ليلة طاهرة، إذ جاء كلي الطهارة لكي يجعلنا طاهرين.
فلننزع إذًا من سهرنا كل ما يفسد نقاءها: لتحفظ الأذن نقية (مت 13:5)، والعين طاهرة، وتأملات القلب مقدسة، وكلام الفم مملحًا!
– اليوم خبأت مريم العذراء فينا، الخميرة التي أخذتها عن إبراهيم، فلنشفق نحن أيضًا على المتسولين مثل إبراهيم.
اليوم نزلت إلينا نغمات من بيت داود الوديع، فلنصنع نحن أيضًا رحمة مع المضايقين لنا، كما صنع ابن يسى مع شاول (1 صم 26)!
– اليوم طرح ملح النبي الجيد وسط الأمم (2مل20:2)، فليتنا نقتني نحن خلاصًا جديدًا بهذا الذي فقد القدماء خلاصهم…
لننطق بكلام الحكمة ولا نتفوه بشيء غريب عنه، لئلا نصير نحن غرباء عن الحكمة.
– في ليلة المصالحة هذه، ليصرف كل إنسان عنه الغضب والحزن.
في هذه الليلة التي فيها هدأ روع الجميع، ليته لا يكون فيها من يهدد أو يضايق!..
في ليلة الإله الواحد الحلو، ليته لا يكون فيها مرارة أو قسوة.
في ليلة الإله الوديع، لا يكون فيها متشامٍخ أو متعاٍل.
في يوم الغفران، لا نزيد فيه الأخطاء!
في يوم الفرح، لا ننشر فيه أحزان!
في يوم العذوبة، لا نكون قساة!
في يوم الراحة والسلام، لا نكون فيه غضوبين!
في اليوم الذي نزل فيه الله إلى الخطاة، لا ينتفخ فيه الأبرار على الخطاة!
في اليوم الذي نزل فيه سيد كل أحد إلى العبيد، لينزل السادة بلطف إلى عبيدهم!
في اليوم الذي صار فيه الإله الغني فقيرًا من أجلنا،
فليشارك الأغنياء الفقراء في موائدهم!
في اليوم الذي وهبنا فيه عطايا لم نطلبها،
فلنقدم صدقة لمن يصرخون متوسلين إلينا إحسانًا!
في اليوم الذي فيه مُهد لصلواتنا طريق في الأعالي،
لنفتح أبوابنا نحن أمام الذين أساءوا إلينا وطلبوا منا العفو!
اليوم أخذ الله الطبيعة غير التي له، ليته لا يكون صعبًا علينا أن نغير إرادتنا الشريرة…
اليوم خُتم الطبع البشري باللاهوت، حتى يتزين بنو البشر بطبع اللاهوت!
التسبحة الثانية
السبح للإله المحب
– مبارك هو هذا الطفل الذي أفرح بيت لحم اليوم!
مبارك هو هذا الطفل الذي أعاد البشرية إلى الطفولة مرة أخرى!
مبارك هو “الثمرة” الذي تنازل إلينا نحن المائتين جوعًا!
مبارك هو “الصالح” الواحد، الذي أشبع أعوازنا وأمدنا باحتياجاتنا!
مبارك هو هذا الذي برحمته تنازل ليفتقد ضعفنا!…
– السبح لذلك الذي أبطل السبت بتكميله له!
السبح لذلك الذي انتهر البرص فاختفي، ورأته الحمى فولت هاربة!
السبح للمتحنن الذي حمل أتعابنا!
السبح لمجيئك الذي وهب حياة لبني البشر!
– المجد للذي جاءنا بابنه البكر!
المجد للسكون العظيم الذي تكلم بكلمته!
المجد للواحد العالي الذي تراءى لنا في يوم ميلاده!
المجد للسمائي الذي سُرّ أن يأخذ جسدًا حتى نلمس الفضيلة في جسده،
وتظهر الرحمة في جسم بشريته بالجسد!
المجد للواحد الذي لا يُرى، الذي شهد له الابن!
المجد للواحد الحي الذي رسم أن يموت ابنه!
المجد للواحد العظيم الذي تنازل ابنه وصار صغيرًا!…
المجد للواحد الذي المخفي، الذي لا يدركه العقل حتى إن تفرس فيه، لكن بالنعمة يلمسه الإنسان!…
– مبارك هو الذي بإرادته جاء إلى أحشاء مريم، وولِد، وأتى إلى حضنها، ونما في القامة.
مبارك هذا الذي بتجسده اشترى لطبيعتنا البشرية حياة!
مبارك هذا الذي ختم نفوسنا وزينها وخطبها لنفسه عروسًا!
مبارك هذا الذي جعل جسدنا (ناسوته) خيمة بطبيعته غير المنظورة!
مبارك هذا الذي فسر بلساننا أسراره!
لنسبح ذاك الصوت الذي تتغنى بمجده أعوزنا، وتنشد بفضائله قيثارتنا!
المجد للابن المتألم
– اجتمعت الأمم وجاءت لتسمع ضيقاته!
المجد لابن الصالح الوحيد، الذي رذله أبناء الطالح!
المجد لابن البار وحده، الذي صلبه أبناء الشرير!
المجد للذي حلّ رباطاتنا، وربُط من أجل جميعنا!
المجد لذاك الجميل الذي أعادنا إلى صورته!
المجد لذاك الحسن الذي لم ينظر إلي قُبحنا!
المجد لذاك الذي زرع نوره (مز11:97) في الظلمة، فصار باختفائه موضع تعبير، فكشف أسراره، ونزع عنا ثوب قذارتنا (زك 3:3)!
المجد لذاك العالي الذي مزج عقولنا بملحه (مت 49:9)، ونفوسنا بخميرته.
جسده صار خبزًا ليحي موتنا!
السبح للغني الذي دفع عنا ما لم يقترضه (مز 4:69 ، لو 6:16)، وكتب على نفسه صكًا وصار مدينًا!
بحمله نيره كسر عنا قيود ذاك الذي أسرنا!
المجد للديان الذي دين، وجعل تلاميذه الإثنى عشر يدينون الأسباط، والجهلة يلومون كتبة الأمم!
المجد لذاك الذي يعلمنا؟
– المجد لذاك الذي لم نقدر أن نقيسه!
قلبنا صغيرًا جدًا بالنسبة له، وعقلنا ضعيف للغاية!…
المجد لذاك الذي تنازل وسأل (لو46:2)، كأنه يسمع ويتعلم ما يعرفه، حتى يكشف بأسئلته خزائن نعمه المخّلصة!
لنتعبد لذاك الذي بتعاليمه أضاء أذهاننا…
لنسبح ذاك الذي طعٌم شجرتنا بثمرته!
لنشكر ذاك الذي أرسل الوارث لكي يجذبنا إليه.
نعم، ويجعلنا شركاء معه في الميراث!
لنشكر ذاك الصالح وحده، مصدر كل الخيرات!
مبارك هو ذاك الوديع الخادم!
– مبارك هو ذاك الذي لم يُعَنف، لأنه صالح!
مبارك هو ذاك الذي لم يزدرِ بأحدٍ، لأنه عادل أيضًا!
مبارك ذاك الذي كان يصمت وينتهر، وبكليهما يحيينا!
قاس في صمته وتوبيخه!
لطيف في صمته حتى عندما يتهم، فقد أنتهر الخائن وقبل اللص.
مبارك هو كرم نفوسنا!
– المجد لكرم عقولنا الخفي! بذوره سقطت على أرضنا فأغنت عقولنا!
ثمره جاء بمئة ضعف في كنز نفوسنا!
لنتعبد للذي جلس واستراح ومشى في الطريق،
إذ هو “الطريق” مشى في الطريق،
وهو “الباب” الذي به يُدخل السالكون في الملكوت!
مبارك هو “الراعي” الذي صار حملاً لأجل مصالحتنا!
مبارك هو “الغصن” الذي صار كأسًا لخلاصنا!
مبارك هو “العنقود” الذي هو دواء الحياة!
مبارك هو “الفلاح” الذي صار “قمحا” لكي يُزرع، و”الحزمة” لكي تُقطع
مبارك هو “المهندس” (الأعظم) الذي صار “برجًا” لأجل إنقاذنا!
مبارك هو ذاك الذي هذّب مشاعر تفكيرنا، حتى نغني بقيثارتنا ما لا تستطيع أفواه المخلوقات الطائرة أن تتغنى به بقدرتها!
المجد لذاك الذي نظر إلينا كيف أننا قبلنا أن نشابه الوحوش في هياجنا وجشعنا، فنزل إلينا وصار واحدًا منا حتى نصير نحن سمائيين!
المجد لذاك الذي لا يحتاج قط إلى تسبيحنا، لكنه شعر بالاحتياج رأفة بنا، وبالعطش حبًا فينا؛ يسألنا لنعطيه، لأنه اشتاق أن يعطينا.
ثمرته اختلطت بنا نحن البشر، فإذ لا نقدر نحن أن نقترب إليه، نزل هو إلينا، وبثمرة جزعه طّعمنا في شجرته!
– لنسبحه، فهو الذي أحيانا بتقليمه!
لنسبحه، فهو الذي حمل اللعنة عنا بإكليل شوكه!
لنسبحه، فهو الذي أمات الموت بموته!…
لنسبحه، فهو الذي زجر الموت الذي تغلب علينا!…
المجد لذاك الذي اعتمد فأغرق آثامنا في العمق،
وخنق الذي خنقنا!
لنمجد بملء أفواهنا رب كل الخلائق!
مبارك هو “الطبيب” الذي نزل وبتر بغير ألم؛ شفى جراحتنا بداء غير مرير، فقد أظهر ابنه “دواء” يشفي الخطاة!
مبارك ذاك الذي سكن في الأحشاء، وصنع فيه هيكلاً كاملاً يسكن فيه، وعرشًا يجلس عليه، وحلة يستتر بها، وسيفًا ينتصر به.
كيف نقدر أن نسبحه؟!
– مبارك هو ذاك الذي يعجز فمنا عن تسبيحه كما ينبغي،
لأن عظمته تفوق قدرة المتكلمين، بل لا تستطيع القدرات البشرية أن تسبح صلاحه، لأنه مهما قدمنا له فهو قليل جدًا.
وإذ لا يجدي أن نصمت أو نمنع نفوسنا عن التسبيح، فإن لضعفنا العذر في مثل هذا التسبيح الذي ننشده!
كم هم مبارك الذي لا يطلب منا أكثر مما نقدر أن نقدم!
كيف يُدان عبدك… ألم يقدم لك ما في استطاعته؟!
هل رفض أن يقدم لك ما تستحقه!
محيط من المجد يليق بك يا من لست بحاجة إلى ترنمنا بعظمتك، فبصلاحك أقبل هذه القطرة من التسبيح، إذ بنعمتك وهبت لساني تذوقًا لتمجيدك!!!
التسبحة الثالثة
يومك يشبهك يا رب
– مبارك هو ذاك اليوم الأول الذي لك يا رب!…
يومك يشبهك، إذ فيه تظهر الرحمة للبشر، تتمتع به كل الأجيال، يغدو مع كل جيل، ويأتي مع كل جيل آخر.
هذا هو اليوم الذي ينتهي مع المسنين، لكنه يعود ليتمتع به الحديثون.
فاليوم ينعش نفسه بنفسه بحبه (لكل الأجيال)، منعشًا إيانا – نحن الخليقة الفاسدة – بقوته!
يومك قد جاء ثم عبر وانتهى، وبالرحمة عاد ليفتقدنا مرة أخرى، لأنه يعلم كيف تحتاج البشرية إليه، إنه مثلك في كل شيء يبحث عنا!
– يا رب… إن العالم محتاج إلى نبع يومك، فهو إليه يعطش كما إليك!
هذا هو اليوم الذي يسود على الفصول!
سلطان يومك يشبهك في أنه يمتد على الأجيال التي أتت والتي ستأتي!…
يومك مثلك يا رب… ليكن شفيعًا عنا وواهبًا السلام لنا.
يومك صالح السماوات والأرض، لأنه فيه نزل العالي إلى السفليين!
يومك كان فيه قدرته أن يصالح العادل وحده، الذي كان متضايقًا بسبب خطايانا!
يومك غفر آلاف الخطايا، فمن أحشائه اندفعت الرحمة على المجرمين!
عظيم هو يومك يا رب
– عظيم هو يومك يا رب! دعه يظهر الرحمة على معاصينا…
لأنه إن كانت مغفرتك تتدفق علينا يا رب، فكم بالأكثر في هذا اليوم؟!
إن كل الأيام من كنز يومك اللامع هذا تأخذ بركة!
كل الأعياد من مخزن هذا العيد تأخذ بهاءها وزينتها!…
أعطنا أن نميز يومك هذا عن كل الأيام، لأنه عظيم هو كنز بيتك الذي ليوم ميلادك!
ليكن فدية عن المذنبين!
– عظيم هو هذا اليوم عن كل الأيام، ففيه جاءت الرحمة للخطاة!
مخزن الأدوية هو يومك العظيم، إذ ظهر “دواء الحياة” للجرحى!
كنز النعمة المخلصة هو هذا اليوم، لأن فيه أضاء “النور” لنا نحن العميان!
نعم! لقد قدم لنا “حزمة” (السيد المسيح) مشحونة بغذاء لجوعنا!
هذا هو اليوم الذي اختفي فيه “العنقود” في كأس الخلاص!
هذا اليوم هو بكر الأعياد، إذ وُلد أولاً، وفاق كل الأعياد!
ففي الشتاء حيث لا تكون ثمار في الكرمة… ظهر “الثمرة” (المسيح) فينا!
في البرد تتعرى كل الأشجار، ظهر من أجلنا نبت أخضر من بيت يسى!
في شهر كانون حيث تختفي البذور في الأرض خرج “سنبلة الحياة” من الرحم!
بينما في شهر نيسان حيث تظهر الحبوب على وجه الأرض، اختفت “الحزمة” (أي المسيح) في الأرض (القبر)!
لقد اُبتلع المحصول في الجحيم، لكن “دواء الحياة” الذي اختفي في الجحيم كسر أبوابه!…
يسوع صياد الخطاة!
– عند مجاري المياه حيث يقف الصيادون (خر 10:47 الخ)، اعتمد الرب وصعد، ذاك الذي شملت شبكته من كل الأصناف…
بالصليب أصطاد اللصوص، إذ أمسك باللص (اليمين) في الحياة (لو 43:23)!
الحيّ بموته أخرج الأموات من الجحيم، فك رباطات الجحيم، وأعطى للجموع أن تهرب منه!
العشارون والزناة، الذين هم شباك دنسة وفخاخ خادعة، اصطادهم الواحد القدوس!
المرأة الشريرة التي كانت فخًا للرجال، صارت مثلاً للنساء العفيفات!
شجرة التين المجدبة، التي رفضت أن تعطي ثمرًا (لو19)، حملت زكا كثمرة، لم تقدم ثمرًا من طبعها، لكنها أخرجت ثمرة واحدة فائقة!
عند البئر أعلن الرب عطشه، واصطاد تلك التي كانت عطشى إلى الماء الذي سألها إياه!
عند البئر اصطاد نفسًا واحدة، ثم عاد فاصطاد بها المدينة كلها (يو 42:4)!
إثنا عشر صيادًا اصطادهم الواحد القدوس، بهم عاد فاصطاد بهم العالم كله!
شبكته المحيية للجميع اصطادت الأحياء (مت47:8)، لكن من هرب منها إنما هرب من الحياة!
بين يومي ميلاد الرب وميلاد هيرودس
– عظيم هو يومك يا رب، دعنا لا نزدري به!
كل الناس يكرمون ميلادك!
أنت البار وحدك، لتحفظ مجد ميلادك، لأنه حتى هيرودس كرَّم يوم ميلاده (مت 6:14).
لكن الطاغية أبهجته رقصات (ابنة هيروديا) الشريرة، أما أننت يا رب فأجعل صوت الطاهرات حلوًا!…
يوم هيرودس كان يشبهه، وأنت يا رب يومك يشبهك!
يوم ذاك المضطرب كان مضطربًا بالخطيئة، ويومك أنت أيها الهادئ كان هادئًا!
في عيد الطاغية قتل المبشر (يوحنا)، وفي عيدك بُشر الكل بمجدك!
ذاك الغبي أخفى في عيده النور حتى تسود الظلمة على الزواني، أما في عيد القدوس فأشرقت الأضواء (السرج) لكي تهرب الظلمة مع خباياها!
يوم ذلك الثعلب نجس مثله، وأما عيد الحمل الحقيقي فمٌقدس!
يوم العاصي مضى مثله، وأما يومك فباقٍ إلى الأبد مثلك!
يوم ذلك الطاغية هائج مثله، إذ أخمد صوت البار (يوحنا) بقيوده، أما عيدك أيها الواحد الوديع فهادئ مثلك، لأن شمسك قد أشرقت على مضطهديك!
كان الطاغية يدرك أنه ليس بملكٍ، لذلك ترك المكان لملك الملوك!
لا يكفيني اليوم كله يا رب للمقارنة بين مجدك وعاره، لكن لينزع عني خطاياي إذ قارنت يوم ذاك الشرير بيومك الذي لا يمكن أن يُقارن، ولا لأيامٍ شبه معه.
فيوم الإنسان هو من الأرض، ويوم الله من الله.
يومك أيها الرب أعظم من كل أيام الأنبياء (مت 30:8)، لكنني قارنته بيوم ذاك الشرير!
أنت تعلم أيها الرب العالم بكل شيء، كيف أقدم المقارنة التي نطق بها لساني!
بين مائدة الرب ومائدة هيرودس
– ليت يومك يحقق طلبتنا من جهة الحياة، فإن يوم هيرودس حقق طلبة (ابنة هيروديا) من جهة الموت (قتل يوحنا)!
لقد أقسم الملك المحتاج في عيده أن يعطي نصف مملكته مكافأة عن الرقص، فليغننا عيدك، إذ برحمة تكسر كسرة خبز من دقيق طاهر!
من الأرض الجافة تدفق “الينبوع” الذي يروي عطش الأمم!
ومن رحم البتول، كما من صخرة قوية، خرجت البذرة كثيرة الثمر!
مخازن لا حصر لها ملأها يوسف (تك 9:41)، لكنها فرغت وانتهت في سنوات الجوع، أما “الحزمة” (يسوع) الواحد الحقيقي، فأعطى خبزًا سماويًا لا ينفذ!
الخبز الذي كسره “البكر” في البرية (يو 6) نفد وانتهى رغم كونه خبزًا جيدًا جدًا، لكنه عاد فكسر “الخبز الجديد” الذي لن تفنيه كل الأجيال والعصور!
الخبزات السبع التي كسرها نفدت (مت 36:15)، والخبزات الخمس أيضًا التي باركها انتهت، أما “الخبز” الذي كسره، فقد أشبع احتياجات العالم، لأنه بقدر ما يكسر يبقى كما هو متزايدًا!
بخمر كثير ملأ الأجران، لكنهم شربوه فنفذ رغم قوته، أما “الكأس” التي أعطانا، فإنها رغم صغرها لكنها عظيمة في قوتها، لا تنفد قط!…
القمح الذي بذر، في اليوم الثالث قام، وملأ “مخازن الحياة”.
الخبز الروحي، يشبه واهبه، ينعش الروحيين روحيًا، أما الذي يتقبله جسديًا فبتهوره يأخذه بغير نفع!
خبز النعمة يتقبله الروحي بتمييز لأنه “دواء الحياة”…
إن كان من يأكل ذبائح باسم الشياطين يصير شيطانيًا بدون تكذيب، فإن من يأكل الخبز السماوي يصير سماويًا بدون شك!
الخمر تعلمنا، أنها تجعل المشهورين مثلها، فهي تمقت بشدة من يشغف بها، إذ تربكه وتجعله مخبولاً وموضوع سخرية!…
بالصليب انهزم الشيطان!
– بسيف المخادع كسا “البكر” نفسه (أي بأطفال بيت لحم المذبوحين)،
وعندما قُتل (بالصليب) عاد فقام مرة أخرى!
بالشجرة التي قتلنا بها (الشيطان)، أنقذنا بها الرب!
بالخمر الذي به صرنا مخبولين، صرنا به (في التناول) طاهرين!
لقد تدفق من الجنب (الإلهي) قوة سرية، حطمت الشيطان مثل داجون (1 صم 1:5-5)، لأن في هذا التابوت يختبئ كتابًا يصرخ عنا “المنتصر” (السيد المسيح)!
لقد كان في أمر سقوط داجون في بيته، في داخل حصنه (أمام التابوت)، يكمن سرًا انكشف الآن!
لقد تحقق ما قد حدث في الرمز، إذ سقط الشرير في الموضع الذي وُثق فيه!
مبارك هو ذاك الذي جاء،
وفيه تحققت أسرار الذين عن يمين، والذين عن يسار (مت23:25).
تحقق السٌر الذي يخص “الحمل”، وتحقق ما كان رمزه – داجون!
مبارك هو ذاك الذي كحملٍ حقيقيٍ خلصنا، وأهلك مُهلكنا كما حدث مع داجون!
الذئب القديم (الشيطان) رأى الحمل الرضيع (يسوع) فارتعب منه، بالرغم من إخفائه لنفسه.
فكما أن الذئب حمل ثوب الحملان، هكذا صار “الراعي” للكل حملاً وسط القطيع، حتى متى تجاسر الذئب النهم على “الوديع” يرد هذا القدير ذاك المفترس!
لنقبل يسوع في نفوسنا!
– سكن الواحد القدوس جسديًا في الرحم، ويسكن روحيًا في الذهن…
أدركته مريم فتركت أمر خطبتها، وهو يسكن في عذارى (روحيًا) عفيفات إن أدركن إياه.
لا يدرك الأصم الرعد القاصف، ولا يدرك الإنسان العنيد الوصاياّ
يكون الأصم شاردًا أثناء قصف الرعد، ويكون الإنسان العنيد شاردًا عند سماعه التعاليم.
فلو أمكن للرعد المرعب أن يخيف الأصم، لأمكن للغضب (الإلهي) المرعب أن يثير الشرير!
لكن الأصم لا يُلام إذ لا يسمع، أما العنيد فيطأ الوصايا بأقدامه في عناد!
من حين إلى حين يأتي رعد، أما صوت الشريعة فيرعد على الدوام!
ليتنا لا نسد آذننا مادامتا مفتوحتين، لأن فتحها وعدم وجود ما يغلقهما سيديننا؛
فباب الأذن مفتوح حسب الطبيعة، ولعل هذا يوبخنا لعنادنا ضد إرادتنا!
أما الحنجرة والفم فبابهما يمكن لنا أن نغلقهما ونفتحهما حسب إرادتنا!
لننظر ماذا وهبنا ذاك الصالح، ولننصت إلى “الصوت القدير” ولا نغلق أبواب آذننا!
المجد لذاك الصوت (الكلمة) الذي صار جسدًا…
أيتها الآذان أنصتي إليه!
أيتها العيون تأمليه!
أيتها الأيدي المسيه!
أيتها الأفواه تذوقيه!
مجديه أيتها الأعضاء والحواس، لأنه جاء وأحيا الجسد كله.
الطفل الإله
– حملت مريم الطفل الصامت الذي فيه تختفي كل الألسن!
حمل يوسف من فيه تختفي الطبيعة وهي أقدم من الزمن!
صار العالي طفلاً، وفيه يختفي كنز الحكمة الذي يغني الكل!
مع أنه “العالي جدًا” إلا أنه رضع اللبن من مريم، هذا الذي كل الخليقة ترضع من صلاحه!…
عندما كان يرضع اللبن من أمه، كان يُرضع الكل بالحياة!
بينما كان يرتمي على صدر أمه، كانت الخليقة كلها ترتمي في أحضانه.
كرضيعٍ كان صامتًا، لكن كانت الخليقة كلها تنفذ أوامره!
في السنوات الثلاثين (ثلاثة وثلاثين) التي قضاها بالجسد على الأرض، كان يدبر كل الخليقة، فكان يتقبل كل تسابيح السمائيين والسفليين!
هو بكليته في الأعماق، وهو بكليته في الأعالي!
هو بكامله مع كل الأشياء، وهو بكامله مع كل منها على حدة!…
بينما الحمل بالابن يتم في الأحشاء، كان يكَّون الأجناء في الرحم!
مع أن جسده كان ضعيفًا في الأحشاء، إلا أن قوته لم تكن ضعيفة!
وهكذا أيضًا كان جسده ضعيفًا على الصليب، بينما لم تكن قوته ضعيفة على الصليب، إذ كان يحيي الموتى…
أنظر كيف يحرك الخليقة كلها بقدرته وهو على الصليب:
لأن به أظلمت الشمس، وتزلزلت الأرض، وتفتحت القبور، وخرج الأموات!
أنظر كيف وهو بكليته على الصليب كان بكليته في كل مكان!
هكذا وهو بكليته في الأحشاء، هو بكليته في كل مكان!
وهو يُصلب كان يفتح القبور، وهو في الأحشاء كان يكَّون الأجناء!
تعالوا أيها الأخوة اسمعوا بخصوص ابن الواحد السري، الذي ظهر في الجسد، بينما قوته كانت مخفاة!
لأن سلطان الابن مطلق. الرحم لا يحده، والجسد لا يقف قدامه…
أحضر له المجوس مرًا (ولبانًا) وذهبًا، بينما تختفي فيه كل كنوز الغنى.
المر واللبان (والذهب) الذي خلقه وأوجده، أحضره له المجوس، فمما له أحضروه له!
بقوة منه استطاعت مريم أن تحمله في حضنها، هذا الذي يحمل كل الأشياء!…
أرضعته لبنًا هو هيأه فيها، وطعامًا هو صنعه.
كإله أعطى مريم لبنًا، ثم عاد فرضعه منها كابن الإنسان!
يداها كانت تعريانه، إذ أخلى هو نفسه…
ذراعاها احتضنتاه، من حيث كونه قد صار صغيرًا!
قوته عظيمة، من يقدر أن يحدها؟ لكنه أخفى قياسها تحت “الثوب”.
فقد كانت أمه تغزل له وتُلبسه، إذ أخلى نفسه من ثوب المجد…
البحر سكن وهدأ عندما حمله، فكيف استطاع حضن يوسف أن يحمله؟!
أحشاء الجحيم أدركته، فانفجرت أبوابه، فكيف احتوته أحشاء مريم؟!
الحجر الذي على القبر تدحرج بقوة، فكيف اشتملته ذراعا مريم؟!
لقد تنازلت لترفع الكل إلى الحياة…
من يقدر أن يتكلم عن ابن الواحد السري، الذي جاء لابسًا الجسد من الرحم؟
جاء ورضع اللبن كطفلٍ، وبين الأطفال ابن الله كان يزحف.
رأوه كطفلٍ صغيرٍ في الطريق، بينما يسكن فيه حب الجميع!
كان الأطفال المرئيون يحيطون به في الطريق، وكان الملائكة غير المرئيين يحيطون به في خوف!
كان بشوشًا مع الصغار كطفلٍ، مخوفًا لدى الملائكة كآمرٍ!
كان مخوفًا لدى يوحنا أن ينحني ليحل سيور حذائه، وكان (الرب) رقيقًا مع الخطاة الذين قبَّلوا قدميه!
الملائكة كملائكة رأوه، وكل إنسان حسب قياس معرفته أدركه…
لكن هو والآب لهما المقياس الكامل للمعرفة، فالآب وحده هو الذي يعرفه كما هو!…
لأن كل الخليقة علوية أو سفلية تنال قياسها في المعرفة (وإن أدركته كإله لكن لا تدركه كما هو… )
أما رب الكل فهو الذي يهب كل شئ لنا…
Discussion about this post