تأملات رتبة درب الصليب ٢٠٢٢
ننشر فيما يلي النص الكامل لتأملات رتبة درب الصليب التي سيترأسها قداسة البابا فرنسيس يوم الجمعة العظيمة ١٥ نيسان ٢٠٢٢ في الكولوسيوم في روما
صلاة الافتِتاح
أيها الرّبّ يسوع، في هذا اليوم الذي قدَّسْتَه بآلامك نرفع إليك أصواتنا، واثقين بأنَّك تُصغي إلينا. نحن نباركك، لأنّك أنت لنا ينبوع حياة، ولأنّك حملت عنا آلامنا، وبصليبك المقدس فديت العالم. نحن نؤمن أنّنا بجراحك شُفِينا، وأنّك لا تتركنا وحدنا عند ساعة التجربة، وأنّ إنجيلك هو الحكمة الحقيقية. نحن نعترف بجسدَك المُعذّب في العديد من إخوتنا وأخواتنا، وبالعنف الذي تعرّضتَ له في المُضطَهَدين، وبأنّك مَتروكٌ في العذابِ في الذين يُقتَلُون. أنت الذي أردت أن تعيش في عائلة، أنظر بعطفٍ إلى عائلاتنا: استجب صلواتها. أصغِ إلى شكواها، بارك مقاصدها، رافق مسيرتها، أُعضد شكوكها، عزِ عواطفها الجريحة، أفض فيها شجاعة الحبّ، وامنحها نعمة المغفرة، واجعلها مُنفتحة على احتياجات الآخرين. أيّها الرّبّ يسوع، أنت المصلوب القائم من بين الأموات، لا تسمَحْ لأحد بأن يَسلِبَنا الرجاء في بشريّة جديدة، وسموات جديدة وأرض جديدة، حيث ستَمسَح كلّ دمعة من عيوننا ولن يكون هناك ألم بَعد ولا حزن لأنّ الأشياء القديمة قد زالت وسنكون عائلة كبيرة في بيتك، بيت المحبّة والسّلام. آمين.
المرحلة الأولى: يسوع يُنازع في بستان الزيتون
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
ووصَلوا إِلى ضَيعَةٍ اسمُها جَتْسمَانِيَّة، فقالَ لِتَلاميذِه: أُقعُدوا هُنا بَينما أُصَلِّي. ثُمَّ مضى بِبُطُرسَ ويَعقوبَ ويوحَنَّا، وجعَلَ يَشعُرُ بالرَّهَبةِ والكآبة. فقالَ لهم: نَفْسي حَزينَةٌ حتَّى المَوت. أُمكُثوا هُنا واسهَروا. ثُمَّ أَبعَدَ قليلاً ووَقعَ إِلى الأَرضِ يُصَلِّي لِتَبتَعِدَ عنهُ السَّاعة، إِن أَمكَنَ الأَمْر، قال: أَبَّا، يا أَبَتِ، إِنَّكَ على كُلِّ شَيءٍ قَدير، فَاصرِفْ عنَّي هذِه الكَأس. ولكِن لا ما أَنا أَشاء، بل ما أنتَ تَشاء.
زوجَان من الأزواج الشابة
ها نحن، متزوجان منذ سنتين فقط. وزواجنا لم تمتحنه بعد عواصف كثيرة. جاءت الجائحة التي عقَّدت تقريبًا كلّ شيء، لكنّنا سعداء. يبدو أنّ أيامنا السعيدة طويلة، على الرّغم من المشاجرات اليوميّة. وعلى الرّغم من اختلافاتنا. ومع ذلك غالبًا ما نخاف. عندما نفكّر في الأزواج الأصدقاء الأكبر سنًا الذين لم ينجح زواجهم. وعندما نقرأ في الصحف أنّ حالات الانفصال تتزايد. وعندما يقولون لنا إنّنا سوف نترك بعضنا بالتأكيد لأنّ العالم يسير على هذا النحو. وإنّها مسألة إحصاء. وعندما نشعر بأننا وحيدين لأننا لا نفهم بعضنا البعض. وعندما نصل بصعوبة إلى نهاية الشهر. وعندما نجد أنفسنا، غرباء، تحت سقف واحد. وعندما نستيقظ ليلًا ونشعر في قلبنا بثقل وضيق “يُتمِنا” لأنّنا نسينا بأنّنا أبناء (لله). ولأنّنا نعتقد أنّ زواجنا وعائلتنا يعتمدان فقط علينا وعلى قوانا. لقد بدأنا ندرك أنّ الزواج ليس مجرد مغامرة رومانسيّة، بل هو أيضًا جتسمانيّة، إنّه أيضًا رهَبةِ وكآبة قبل أن يكسر كلٌّ منا جسده للآخر.
أيّها الرّبّ يسوع، أنت الذي عانيت من الرَّهَبةِ والكآبة/ امنحنا السّلام.
أنت الذي صلّيت عند ساعة التجربة/ امنحنا السّلام.
أنت الذي تدعونا إلى السهر والصّلاة معك/ امنحنا السّلام.
أبانا الّذي في السّموات….
أيّها الرّبّ يسوع، يا من قبلتَ مُصلِّيًا بين أشجار الزيتون المسالمة أن تتألّم من أجلنا حتى الموت، موت الصّليب،
أصغِ إلى صلواتنا من أجل الأزواج الشابة: ساعدهم لكي يواجهوا الصّعوبات، متحدين بك، وأعطنا جميعًا أن نبقى معك عند ساعة التجربة. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الثانية: يهوذا يخون يسوع وتلاميذه يتركونه
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ متى
وبَينَما هو يَتَكلَّم إِذا عِصابَةٌ يَتَقَدَّمُها المَدعُوُّ يَهوذا أَحَدُ الاِثَني عَشَر، فدَنا مِن يسوعَ لِيُقَبِّلَه. فقال لَه يسوع: “يا يَهوذا أَبِقُبلَةٍ تُسلِمُ ابنَ الإِنسان؟”، فلَمَّا رأَى الَّذينَ حَولَه ما أَوشَكَ أَن يَحدُثَ قالوا: “يا ربّ، أَنَضرِبُ بِالسَّيف؟” وضَرَبَ أَحَدُهم خادِمَ عَظيمِ الكَهَنَةِ فَقَطَعَ أُذُنَه اليُمْنى. فقالَ له يسوع: “إِغمِدْ سيفَك، فكُلُّ مَن يَأخُذُ بِالسَّيف بِالسَّيفِ يَهلِك”. فتَرَكه التَّلاميذُ كُلُّهم وهَربوا.
عائلة في خدمة الرسالة
أيّها الرّبّ، لقد انطلقنا للرسالة منذ عشر سنوات تقريبًا لأنّ سعادتنا لم تكن تكفينا. أردنا أن نبذل حياتنا لكي يختبر الآخرون أيضًا الفرح عينه. لقد أردنا أن نُظهر محبّة المسيح حتى للذين لا يعرفونه. في كلّ مكان. إنَّ حياتنا الجماعيّة ونشاطاتنا اليومية تساعداننا على تربية أبنائنا برؤية منفتحة على الحياة والعالم. لكن الأمر ليس سهلاً: فنحن لا نخفي القلق والخوف من عيش حياة عائلية محفوفة بالمخاطر، بعيدًا عن بلدنا. ويضاف إلى هذا كلِّه رعب الحرب المآساوية الحالية في هذه الأشهر الأخيرة. ليس من السهل أن نعيش من الإيمان والمحبّة فقط، لأنّنا غالبًا ما نفشل في أن نوكل أنفسنا بشكل كامل إلى العناية الإلهية. وأحيانًا، أمام الألم ومعاناة أمّ تموت أثناء الولادة، وتحت القصف، أو أمام عائلة دمّرتها الحرب أو المجاعة والانتهاكات، تأتينا التجربة لأن نردّ بالسيف، ونهرب، ونتخلّى عنك، ونترك كلّ شيء مُعتقدين أنَّ الأمر لا يستحق العناء… لكنا بهذه الطريقة سنخون إخوتنا الأشدَّ فقرًا، الذين هم جسدك في العالم والذين يذكروننا بأنّك أنت الحيّ.
أيّها الرّبّ يسوع، يا من خانك تلميذك بقبلة / امنحنا السّلام.
أنت الذي تخلّى عنك التلاميذ. / امنحنا السّلام.
أنت الذي اختبرت الوَحدة والإذلال / امنحنا السّلام.
أبانا الّذي في السّموات….
أيّها الرّبّ يسوع، يا من قبِلتَ بمحبّة قبلة يهوذا الخائنة، أصغِ إلى صلواتنا: أعط العائلات التي في الرسالة الشجاعة لكي تشهد لإنجيلك، وامنحنا جميعًا أن نردّ على الشّرّ بالخير، لكي نكون بناة سلام ومصالحة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الثالثة: مجلس الشيوخ يحكم على يسوع
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
وكانَ عُظَماءُ الكَهَنَةِ والمَجلِسُ كافَّةً يَطلُبونَ شَهادةً على يسوع لِلحُكْمِ علَيه بِالموت، فلَم يَجِدوا. فسأَلَه عظيمُ الكَهَنَةِ ثانيةً قالَ له: أَأَنتَ المسيحُ ابنُ المُبارَك؟ فقالَ يسوع: أَنا هو. فأَجمَعوا على الحُكمِ بِأَنَّه يَستَوجِبُ المَوت.
زوجان مُسنَّان، لا أبناء لهما
كنا مخطوبَين لبضعة أشهر، ثم فصلتنا الحياة مدة فترة طويلة، فعرفنا فتور القلب المعذَّب الذي يخفق من بعيد. وعندما التقينا من جديد، تزوجنا على الفور، وبسرعة من أنتظر كثيرًا وخاف كثيرًا. تركنا منازلنا الأصليّة لنبني بيتنا. وبدأنا مسيرتنا، كزوجَين، مليئَين بالمشاريع وكذلك بأوهام الشباب. ثم كشفت لنا الحياة بأنّنا ضعفاء، وفي الوقت نفسه جرَّدتنا من انتظاراتنا، وجعلتنا نسير في درب صعود شاقة، وجدنا أنفسنا في قمّتها وجهاً لوجه مع عدم إمكانيّة أن نصبح والدَين. واختبرنا مرارًا بألم أحكامًا عديدة علينا بسبب عقمنا. “لماذا ليس لديكما أبناء؟”، طُرِح علينا هذا السؤال ألف مرة، كتلميح إلى أنّ زواجنا وحبّنا ليسا كافيَين لنكون عائلة. كم واجهنا وتألمنا من النظرات التي تحكم علينا. لكنّنا واصلنا السير يوميًّا ممسكين، الواحد بيد الآخر، واعتنينا معًا بجماعة من الإخوة والأصدقاء، أصبحت مع الوقت، بين الوحدة والحنان، بيتنا وعائلتنا.
أيّها الرّبّ يسوع، يا من حُكِمَ عليك ظُلمًا / امنحنا السّلام.
أنت الذي تحمّلت الافتراءات والاتهامات / امنحنا السّلام.
أنت البريء الذي تعرَّض للإضطهاد / امنحنا السّلام.
أبانا الّذي في السّموات….
أيّها الرّبّ يسوع، يا من حُكِمَ عليك ظُلمًا، أصغِ إلى صلاتنا: امنح الأزواج الذين لا أبناء لهم أن يسيروا يدًا بيد، ويعيشوا ملء سرّ الحبّ الزوجي، وامنحنا جميعًا أن نعيش الشدائد بثبات ووداعة. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الرابعة: بطرس ينكر يسوع
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
وبَينما بُطرُسُ في الأَسفَل، في ساحةِ الدَّار، جاءَت جارِيَةٌ مِن جَواري عَظيمِ الكَهَنَة، فرأَت بُطرسَ يَستَدفِئ فتَفَرَّسَت فيه وقالت: أَنتَ أَيضًا كُنتَ مع النَّاصِريّ، مع يسوع. فأَنكَرَ قال: لا أَدري ولا أَفهَمُ ما تَقولين. فصاحَ الدِّيكُ عِندَئذٍ مَرَّةً ثانِية، فتَذَكَّرَ بُطرُسُ الكَلِمَةَ الَّتي قالَها يسوع: قبلَ أَن يَصيحَ الدِّيكُ مَرَّتَين، تُنكِرُني ثَلاثَ مَرَّات. فخَرَجَ على عَجَلٍ وأَخَذَ يَبكي.
عائلة كبيرة
عندما تزوجنا، ظننا أنّه لا يمكننا أن ننجب أبناء. ثم، في شهر العسل، وصل الابن الأوّل وغيّر حياتنا. كان لدينا مشاريع على المدى البعيد، أن نُحقق ذواتنا في العمل، أن نسافر، ونحاول أن نعيش على الأقل قليلاً كخُطّاب أبديّين… ولكن فيما كنا لا نزال نلمس مشدوهين لمس اليد جمال هذه الهدية، وصل الابن الثاني: كانت طفلة. وهكذا، إذ نفكّر اليوم بهذا الأمر، وصل الآخرون أيضًا، تقريبًا دون أن نشعر بذلك. وماذا عن احلامنا؟ صاغتها الأحداث. وماذا عن تحقيق ذواتنا في العمل؟ عدّلته وقائع الحياة المتتابعة. ثم جاء الخوف بأنه قد يأتي يوم ننكر فيه كلّ شيء، مثل بطرس؟ الحسرة وتجربة الندم أمام نفقة أخرى غير متوقعة؛ والقلق بشأن التوترات مع الأبناء المراهقين. لقد تقدّمت عائلتنا على الرغبات القديمة. لم يكن الأمر سهلاً بالتأكيد، لكنّه الأجمل على الإطلاق. وعلى الرّغم من الأفكار واكتظاظ أيامنا، التي يبدو أنها لم تعد تكفينا، لن نعود أبدًا إلى الوراء.
أيّها الرّبّ يسوع، يا من مسحت دموع بطرس / امنحنا السّلام.
أنت الذي تغفر لمن يعترف بأنّه خطئ / امنحنا السّلام.
أنت الذي تفهم شكوكنا / امنحنا السّلام.
أبانا الّذي في السّموات….
أيّها الرّبّ يسوع، يا من تفتح ذراعيك لمن يطلب المغفرة، أصغِ إلى صلاتنا: أعطِ العائلات الكبيرة، أن تتغلّب على جميع الصعوبات بفرح، وامنحنا جميعًا أن ننهض مجدّدًا على الدوام بعد السقوط. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الخامسة: بيلاطُس يحكم على يسوع
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
فتَكَلَّمَ بيلاطُسُ ثانِياً قالَ لَهم: فماذا أَفعَلُ بِالَّذي تَدعونَه مَلِكَ اليَهود؟ فعادوا لِلصِّياح: اِصلِبْهُ! فقالَ لَهم بيلاطُس: فما الَّذي فعَلَ مِنَ الشَّرّ؟ فازدادوا صِياحاً: اِصلِبْه! وأَرادَ بيلاطُسُ أَن يُرضِيَ الجَمْع فأَطلَقَ لَهم بَرأَبَّا، وبَعدَ ما جَلَدَ يسوع أَسلَمَه لِيُصلَب.
عائلة لديها أبناء ذوو احتياجات خاصة
لقد حُكم على ابننا حتى قبل مجيئه إلى العالم. لقد التقينا بأطباءَ اعتنوا بحياته قبل ولادته، وأطباء جعلونا نفهم بوضوح أنّه من الأفضل ألا يُبصر النور. وعندما اخترنا الحياة، أصبحنا نحن أيضًا موضوع حكم للآخرين، وكانوا يقولون لنا: “سيكون عبئًا عليكما وعلى المجتمع”. قالوا لنا: “اصلبه”. ولكنّه لم يفعل أيَّ شرٍّ. كم من مرّةٍ يكون حكم العالم متسرعًا وسطحيًا، ويؤلمنا، حتى ولو بنظرة واحدة. نحن نحمل عار اختلاف، غالبًا ما يُشفق عليه الآخرون ولكنّهم لا يقبلونه. إنَّ الإعاقة ليست موضوع افتخار ولا تصنيف، بل هي رداء النفس التي غالبًا ما تفضّل أن تصمت أمام الأحكام الظالمة، لا خجلًا، بل شفقة على من يحكم عليها. نحن لسنا مُستثنَيين من صليب الشك أو تجربة أن نسأل أنفسنا كيف كان يمكن أن تكون الحال لو سارت الأمور بشكل مختلف. لكن في الواقع، الإعاقة هي حالة حياة وليست صفة، والنفس، الشكر لله، لا تعرف الحواجز.
أيّها الرّبّ يسوع، يا من نظرت بمحبة إلى أعدائك / امنحنا السّلام.
أنت الذي لم تخف الذين يقتلون الجسد، ولكنّهم لا يقتلون الحياة / امنحنا السّلام.
أنت الذي تحكم بالمحبّة والرّحمة / امنحنا السّلام.
أبانا الّذي في السّموات….
أيّها الرّبّ يسوع، يا من حَكم عليك المنطق الدنيوي، أصغِ إلى صلاتنا من أجل العائلات التي لديها أبناء مُعذّبون وامنحها الراحة في التعب؛ وامنحنا جميعًا أن نختار الحياة ونحرسها ونحبّها دائمًا وفي جميع الأحوال. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة السادسة: يسوع يُجلد ويُكلَّل بإكليلٍ من شوك
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
بيلاطُسُ بَعدَ ما جَلَدَ يسوع أَسلَمَه لِيُصلَب. فساقَه الجُنودُ وأَلبَسوهُ أُرجُوانًا، وكَلَّلُوهُ بِإِكليلٍ ضَفَروهُ مِنَ الشَّوْك، وأَخذوا يُحَيُّونَه فيَقولون: السَّلامُ علَيكَ يا مَلِكَ اليَهود! ويَضرِبونَه بِقَصَبَةٍ على رَأسِه ويَبصُقونَ علَيه، ويَجْثونَ له ساجدين.
عائلة تدير مركزًا للعائلات
بيتنا كبير، ليس فقط من حيث المساحة، وإنما وبشكل خاص للغنى البشري الذي يقيم فيه. منذ بداية زواجنا، لم نكن أبدًا وحدنا نحن الاثنين. ودعوتنا لاستقبال الألم كانت ولا تزال سعيدة، بعد اثنتين وأربعين سنة من الزّواج، ومع ثلاثة أبناء بيولوجيّين، وتسعة أحفاد وخمسة أبناء بالتّبنّي غير مكتفين ذاتيًا ويعانون من صعوبات عقلية خطيرة. نحن لا نستحقّ هذه البركة العظيمة في حياتنا. إنَّ الذين يعتقدون أنّ ترك من يعاني وحيدًا هو عمل غير إنساني، يحرّك الرّوح القدس فيهم الإرادة من الداخل لكي يتصرّفوا ولا يبقوا غير مبالين وغرباء. إنَّ الألم قد غيّرنا. الألم يعيد إلى الجوهري، ويرتّب أولويّات الحياة ويُعيد إلى المرء بساطة الكرامة البشريّة. على درب الآلام في حياة العديد من الذين يُجلدون ويُصلبون، اكتشفنا بجانبهم، وتحت ثِقَلِ صليبهم، أنّ المَلِكَ الحقيقي هو الذي يبذل حياته ويعطي نفسه طعامًا للآخرين، روحًا وجسدًا.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من جُلدتَ في الجسد والرّوح / امنحنا السّلام.
أنت الذي عَرفتَ ألم الأبرياء / امنحنا السّلام.
أنت الذي تعرّضتَ للإهانة والشتم وكُلِّلتَ بإكليلٍ من شوك / امنحنا السّلام
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من تحمّلت الألم والمذلّة، أصغِ إلى صلاتنا: واعطِ عائلاتنا أن تتعلّم أن تستقبل الذين جُرِحوا، وامنحنا جميعًا أن نأخذ على عاتقنا آلام الآخرين ونعتني بها. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة السابعة: يسوع يحمل صليبه
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
وبَعدَ ما سَخِروا مِنهُ نَزَعوا عَنه الأُرجُوان، وأَلبَسوه ثيابَه وخَرَجوا به لِيَصلِبوه.
عائلة، فيها الوالدة مريضة
في صباح كغيره، أُغمي على زوجتي مرتَين. فأسرعنا إلى المستشفى واكتشفنا مرضًا كان يتغلغل سُمُّه إلى رأسها. أُجرِيت لها عمليّة جراحيّة، تلاها إعادة التّأهيل والعلاجات…، واليوم نعيش حياة يوميّة جديدة تمامًا بالنسبة لنا جميعًا. إنَّ الرّبّ يكلّمنا من خلال أحداث لا نفهمها على الدوام، ويقودنا بيدنا لكي نُنَمِّيَ أفضل ما فينا. لقد كان لزوجتي دور، ومقام، و”صفة”، ووجدت نفسها مختلفة تمامًا. عارية، عزلاء، ومصلوبة. وأنا معها. من خلال هذا المرض، وعلى هذا الصّليب، أصبحنا الركيزة التي يعرف أبناؤنا أنّهم يمكنهم الاتّكاء عليها. لم يكن الأمر كذلك في السابق. يمكنني أن أقول اليوم، إنّها بعينَيها النافذتَين وألمهما الشاحب، أمٌّ وزوجة بشكل كامل. بدون تكلُّف، في جوهر حياة أصعب وجديدة. أن نكون محبوسين ومسمّرين في فكرة متواصلة، تجبرني أنا بشكل خاص، الذي كنتُ شديدَ الفخر بنفسي، أن أكتشف، في العائلات الأخرى، العطيّة الرائعة التي هي عليه: من يحاول أن يضحكك، ومن يساعدك في المطبخ، ومن يرافق أبناءك إلى التّعليم المسيحي، ومن يصغي إليك، ومن يفهمك بنظرة واحدة، ومن يهتمّ بك باستمرار على الرّغم من ظروفه التي قد تكون أكثر تعقيدًا من ظروفك.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من لم تطلب مجد العالم / امنحنا السّلام.
أنت الذي حملت أثقال البشر أجمعين / امنحنا السّلام.
أنت الذي عانقت خشبة الصّليب الثقيلة / امنحنا السّلام
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من حوّلت خشبة الموت، إلى ينبوع حياة لا ينضب، أصغِ إلى صلواتنا: أعطِ الأبناء أن يعتنوا بوالِدِيهم، ويحفظوهم بامتنان، وامنحنا جميعًا أن نتعلّم منك فرح الحبّ والعطاء بسخاء. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الثامنة: سمعان القيرواني يساعد يسوع في حمل الصليب
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا
وبَينما هم ذاهبونَ بِه، أَمسكوا سِمعان، وهو رَجُلٌ قِيرينيٌّ كانَ آتِيًا مِنَ الرِّيف، فجَعَلوا علَيهِ الصَّليبَ لِيَحمِلَه خَلْفَ يَسوع.
الأجداد
لقد تقاعدنا منذ سَنَتَين، وبينما كنا مُستغرقين في أحلام اليقظة حول كيف نُنفق طاقتنا التي استعدناها، بلغنا خبر فصل صهرنا من عمله. وخلال فترة الجائحة، شهدنا عاجزين على أزمة زواج ابنتنا الكبرى. وبدأ أحفادنا يغمرون بيتنا بالحيوية والفوضى، لا في أيام الأحد وحسب، ولاسيما كما لم يحدث منذ أن كان أبناؤنا الثّلاثة صغارًا. وضعنا في السيّارة مقعدًا مخصّصًا للأطفال واشترينا لوحة لنكتب عليها التزامات أحفادنا الخمسة لكي لا نخاطر بأن ننسى شيئًا منها. لم تعد عضلاتنا كما كانت في السابق، ولكنَّ الخبرة التي اكتسبناها جعلتنا أكثر طاعةً للحياة نسبة لما كنّا عليه عندما كانت لا تزال لدينا القوّة للرّكض. يقلقنا صليب فقر العائلات وغياب العمل. واليوم إذ أصبحنا نتوق بشكل طبيعي إلى التّعامل مع تعبنا وخوفنا من الموت الذي لا يمكن إنكاره، نحن نحمل صليبًا لم نكن نتوقّعه، وُضِع على أكتافنا رغمًا عنا. أصبحت خطواتنا بطيئة، وفي الليل، بعد أن كنا قد ابتسمنا، نجد أنفسنا نبكي شفقةً. أن نكون “أوكسجين” لعائلات أبنائنا هو عطيّة تُعيدنا إلى المشاعر التي شعرنا بها عندما كانوا صغارًا. لن نكُفَّ أبدًا عن كوننا أمًّا وأبًا.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من قاسمتَ ثقل الصّليب / امنحنا السّلام.
أنت الذي تُخضعنا لحُكمِ صليبك / امنحنا السّلام.
أنت الذي تطلب منا أن نتبعك ونحمل صليبنا / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من تدعونا لكي نحمل أثقال بعضنا البعض، أصغِ إلى صلاتنا: وامنح عائلاتنا أن تعرف كيف تتقاسم الأفراح والأتعاب، وامنحنا جميعًا أن ننمو في أخوّة فاعلة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة التاسعة: يسوع يلتقي نساء أورشليم
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا
وتَبِعَه جَمعٌ كثيرٌ مِنَ الشَّعب، ومِن نِساءٍ كُنَّ يَضرِبنَ الصُّدورَ ويَنُحنَ علَيه. فالتَفَتَ يَسوعُ إِليهِنَّ فقال: يا بَناتِ أُورَشَليمَ، لا تَبكِينَ عَليَّ، بلِ ابكِينَ على أَنفُسِكُنَّ وعلى أَولادِكُنَّ.
عائلة بالتبنّي
نحن الآن أربعة أفراد. لمدة سنوات طويلة، كنّا اثنين وواجهنا صليب الوِحدةـ وصعوبة أبُوّة مختلفة عما كنا نتخيلها دائمًا. التّبني هو قصّة حياة مطبوعة بالترك ويشفيها الاستقبال. لكنَّ التركَ هو جُرحٌ ينزف على الدوام. والتّبني هو صليب يحمله الأهل والأبناء معًا على أكتافهم، ويتحمّلونه، ويحاولون أن يخفّفوا من ألمه ويحبّوه أيضًا، لكونه جزء من قصّة الأبناء. من المؤلم أن نرى ابنًا يتألّم بسبب ماضيه. ومن المؤلّم أن نحاول أن نحبّه من دون أن نتمكّن من أن نحتكَّ ولو قليلاً بألمه. لقد تبنّينا بعضنا البعض. ولا يمر يوم نستيقظ فيه، دون أن نُفكِّر أنّ الأمر كان يستحقّ العناء، وأنَّ كلّ هذا الجهد لم يذهب سُدًى، وأنّ هذا الصّليب، حتّى لو كان أليمًا، يحمل في طياته سرّ سعادة.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من جمعتَ نظر نساء أورشليم / امنحنا السّلام.
أنت الذي جفّفت الدّموع وعزّيت القلوب / امنحنا السّلام.
أنت الذي سرت بشجاعة في درب الصّليب / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من ذهبت للقاء الصّليب بعينين مفتوحتين وقلبٍ مُستعدّ، أصغِ إلى صلواتنا: وامنح الوالدين وأبناءهم بالتبنّي أن ينموا معًا كعائلات مضيافة، وامنحنا جميعًا أن نتعاون لكي نعطي الفرح للقريب. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة العاشرة: يسوع يُسمَّر على الصّليب
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا
ولمَّا وَصَلوا إِلى المَكانِ المَعروفِ بالجُمجُمة، صَلَبوهُ فيهِ والمُجرِمَيْن، أَحَدُهما عنِ اليَمينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمال. فقالَ يسوع: يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون. ثُمَّ اقتَسموا ثِيابَه مُقتَرِعينَ علَيها. ووقَفَ الشَّعْبُ هُناكَ يَنظُر، والرُّؤَساءُ يَهزَأُونَ فيقولون: خَلَّصَ غَيرَهُ فَلْيُخَلِّصْ نَفْسَه، إِن كانَ مَسيحَ اللهِ المُختار! وسَخِرَ مِنه الجُنودُ أَيضًا، فدَنَوا وقرَّبوا إِلَيه خَلًّا وقالوا: إِن كُنتَ مَلِكَ اليَهود فخَلِّصْ نَفْسَكَ! وكانَ أَيضًا فَوقَه كِتابَةٌ خُطَّ فيها: هذا مَلِكُ اليَهود.
أرملة
نحن عائلة مكوَّنة من أُمّ وابنين. ومنذ أكثر من سبع سنوات، نحن مثل كرسيّ بثلاثة أرجل بدلاً من أربعة: جميل جدًّا وذو قيمة، حتّى ولو غير ثابت بعض الشّيء. تحت الصّليب تجد كلّ عائلة حتّى تلك غير المتوازنة، والأكثر ألمًا، والأغرب، والأكثر عجزًا، معناها العميق. وكذلك عائلتنا. لقد اختبرنا، بالدموع والألم، أنّ يسوع، بمعانقته للأخشاب التي سُمِّر عليها، كان ينظر إلينا ولم يتركنا أبدًا وحدنا. فهو لا يوكلنا فقط إلى محبّة الخالق العامّة لمخلوقاته، بل يسلِّمنا إلى صديق، وإلى أمّ، وإلى ابن، وإلى أخ. إلى كنيسة على الرغم من جميع عيوبها، تمُدُّ يدها للآخر، وتعضد في بعض الأحيان مهما قد يبدو الأمر مستحيلًا، عبئنا لكي تسمح لنا من وقت إلى آخر بأن نلتقط أنفاسنا. إنَّ الحبّ يتضاعف لأنّه مجانيّ، حتّى عندما أتعرّض لتجربة أن أفهم لماذا وإذ “خَلَّصَ غَيرَهُ… وهو مَسيحَ اللهِ المُختار”، لم يتمكّن من أن يخلّص زوجي أيضًا. لكنَّ جرحه على الصّليب هو إرث، ورباط، وعلاقة معًا. ويصبح الحب حقيقة، لأنّنا في غورنا وفي مصاعبنا، لسنا أبدًا وحدنا.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من مددت ذراعيك على الصّليب / امنحنا السّلام.
أنت الذي لم تخلّص نفسك لكي تخلّصنا / امنحنا السّلام.
أنت الذي غفرت لقاتليك / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من بذراعيك المفتوحتين على الصّليب تضُمُّ إليك كلّ من كان وحيدًا ومتروكًا، أصغِ إلى صلاتنا: وامنح العائلات التي تعاني بسبب فقدان أحد الوالدَين أن تشعر بحضورك في ألمها، وامنحنا جميعًا أن نعرف أن نبكي مع الباكين. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الحادية عشرة: يسوع يَعِدُ الّلصّ بالملكوت
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ لوقا
ولمَّا وَصَلوا إِلى المَكانِ المَعروفِ بالجُمجُمة، صَلَبوهُ فيهِ والمُجرِمَيْن، أَحَدُهما عنِ اليَمينِ والآخَرُ عَنِ الشِّمال. ثُمَّ قال أَحَدُ المُجرِمَينِ: أُذكُرْني يا يسوع إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ. فقالَ لَه: الحَقَّ أَقولُ لَكَ: ستَكونُ اليَومَ مَعي في الفِردَوس.
عائلة لها أبناء مكرّسين
الآن فقط نبتسم إذ نتذكّر كلّ الانتظارت التي كنا قد وضعناها في ابننا. لقد ربّيناه لكي يكون سعيدًا، ويحقّق ذاته. ولكي يتبع خطى جدّه. نعم، ربّما كنّا نريد له حياة مختلفة. عائلة، وعمل، وأبناء، وأحفاد. باختصار، حياة “طبيعيّة”. كنا قد عشنا حياته بدلاً عنه. ولكنك أتيت وقلبت كلّ شيء رأسًا على عقب. دمّرتَ أحلامنا، من أجل شيء أكبر. عملت لكي لا تتبع حياته منطق: “لقد فعلنا هكذا على الدوام”، ودعوته إليك. ولكن كيف؟ ولماذا هو بالتّحديد؟ لماذا ابننا بالتّحديد؟ لم نتقبّل الأمر في البداية. وعارضناه. وتخلّينا عنه. واعتقدنا أنّ برودتنا معه ستجعله يعدِل عن رأيه. حاولنا أن نُدخل في رأسه الشكَّ في أنّه يُخطئ في ما يفعله. كنا مثل مُجرِمَين. لكنّنا فهمنا أنّه لا يمكننا محاربتك. نحن إناء صغير وأنت البحر. نحن شرارة وأنت النّار. ولذلك، مثل لصّ اليمين، نسألك نحن أيضًا أن تذكرنا مَتَى جئت في ملكوتك.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من متَّ مثل مجرم / امنحنا السّلام.
أنت الذي حوّلت الصّليب إلى عرش ملكيّ / امنحنا السّلام.
أنت الذي فتحت أبواب الفردوس الذي فقدناه / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من كشفت لنا أسرار ملكوتك، حيث الأكبر هو الذي يخدم، أصغِ إلى صلاتنا: أرشد الوالدِين لكي يخدموا دعوة أبنائهم، وامنحنا جميعًا أن نكون تلاميذك الأمناء. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الثانية عشرة: يسوع يعطي أمّه للتّلميذ الحبيب
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ يوحنّا
هُناكَ عِندَ صَليبِ يسوع، وقَفَت أُمُّه، وأُختُ أُمِّه مَريَمُ امرأَةُ قَلُوبا، ومَريَمُ المِجدَلِيَّة. فرأَى يسوعُ أُمَّه وإِلى جانِبِها التِّلميذُ الحَبيبُ إِلَيه. فقالَ لأُمِّه: أَيَّتها المَرأَة، هذا ابنُكِ. ثُمَّ قالَ لِلتِّلميذ: هذه أُمُّكَ. ومُنذُ تِلكَ السَّاعَةِ استَقبَلَها التِّلميذُ في بَيتِه.
عائلة فقدت أبناءها
كنّا خمسة أفراد في البيت: أنا وزوجي وأبناؤنا الثّلاثة. منذ خمس سنوات، تعقّدت حياتنا. تشخيص يصعب قبوله، ومرض سرطانيّ مكتوب في كلّ لحظة على وجه ابنتنا الصّغرى. مرض على الرّغم من أنّه لم يُطفئ ابتسامتها أبدًا، إلا أنّه جعل صرير الظلم الذي كنا نعيشه أكثر إيلامًا. وعلى الرّغم من “سّخرية” الألم، بعد ستِّ سنوات فقط من الزّواج، تركنا زوجي بسبب موت مفاجئ، ووضعنا على طريق وِحدة مؤلمة، رافقنا خلالها بعد سنتين الصغيرة من البيت إلى مثواها الأخير. خمس سنوات مرّت على بداية هذه المغامرة التي لم نفهمها أبدًا بشكل عقلاني، ولكن اليقين هو بأنَّ الرب كان في هذا الصّليب الكبير وهو لا يزال فيه اليوم أيضًا. “إنَّ الله لا يدعو من هو قادر، بل يجعل الذي يدعوه قادرًا”: هذا ما قالته لنا راهبة ذات يوم، وهذه الكلمات قد غيّرت لنا منظورنا للحياة خلال السّنوات الأخيرة. إنَّ الكذبة الأكبر التي حاربنا ضدّها كانت فكرة بأنّنا لم نَعُدْ عائلة. لا أعرف طريقة أخرى لكي أُجيب بها على قلبي وألمي الجسدي، سوى أن أوكل نفسي إلى الرّبّ الذي يعيش معي في هذه المرحلة من مسيرتي الأرضيّة. في جلسات العلاج الكيميائي لابنتي، كثيرًا ما شعرت كحال مريم عند أقدام الصّليب، وهذه الخبرة هي التي تجعلني اليوم أشعر – حتّى ولو قليلاً – أنّني أمُّ ربِّي.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من عرفت لوعة المشاعر / امنحنا السّلام.
أنت الذي لم تترك الكلمة الأخيرة للموت / امنحنا السّلام.
أنت الذي أعطيتنا أمّك كوصية لنا / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من أردت قبل أن تموت أن تُسلِّمنا أمّك وتوكلنا إلى عنايتها، أصغِ إلى صلواتنا: وامنح العائلات التي طُبعت بموت أحد أبنائها، أن تحفظ النّعمة التي نالتها بعطيّة حياتها؛ وامنحنا جميعًا، في عزاء الروح القدس أن نقبل مشيئتك الأخيرة، أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الثالثة عشر: يسوع يموت على الصّليب
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ مرقس
وفي السَّاعَةِ الثَّالِثَة صَرَخَ يسوعُ صَرخَةً شديدة، قال: أَلُوي أَلُوي، لَمَّا شَبَقْتاني؟، أَي: إِلهي إِلهي، لِمَاذا تَركتَني؟ فأَسرَعَ بَعضُهم إِلى إِسفَنجَةٍ وبلَّلَها بِالخَلّ وجَعَلَها على طَرَفِ قَصَبَة وسَقاه، وهو يقول: دَعُونا نَنْظُر هل يَأتي إِيلِيَّا فيُنزِلَه. وصَرخَ يسوعُ صَرخَةً شَديدة ولفَظَ الرُّوح.
إزاء الموت، يكون الصمت أكثر بلاغة من الكلمات. لنقف بصمتٍ مُصلّي وليُصلّي كلُّ فرد منا في قلبه من أجل السلام في العالم
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من أحبّبتنا حتّى النهاية / امنحنا السّلام.
أنت الذي بموتك قهرت الموت / امنحنا السّلام.
أنت الذي منحتنا الحياة عندما لفظت النّفس الأخير / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من جعلت المصالحة بين الجميع، تدفّق مِن جنبك المطعون، أصغِ إلى أصواتنا المتواضعة:
وامنح العائلات التي دمّرتها الدّموع والدّماء أن تؤمن بقوّة المغفرة، وامنحنا نحن أن نبني السّلام والوفاق. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
المرحلة الرابعة عشر: يسوع يُوضع في القبر
نسجد لك أيّها المسيح ونباركك لأنّك بصليبك المقدس خلّصت العالم.
مِنْ إنْجِيلِ رَبِّنا يسوعَ المسيحِ للقدّيسِ متّى
فأَخذَ يوسُفُ الجُثْمانَ ولَفَّه في كَتَّانٍ خالِص، ووضَعَه في قَبرٍ لَه جديد كانَ قد حفَرَه في الصَّخْر، ثُمَّ دَحرَجَ حَجَرًا كبيرًا على بابِ القبرِ وانصَرَف. وكانت هُناكَ مَريمُ المِجدَلِيَّة ومَريمُ الأُخرى جالِسَتَينِ تُجاهَ القَبر.
عائلة من المهاجرين
نحن هنا الآن. لقد مُتْنا عن ماضينا. كنّا نودّ أن نعيش في أرضنا، لكنّ الحرب منعتنا. من الصّعب على عائلة ما أن تختار بين أحلامها وحرّيّتها. بين رغباتها وبقائها على قيد الحياة. نحن هنا بعد رحلات رأينا فيها نساءً وأطفالًا، وأصدقاءً وإخوةً وأخواتٍ يموتون. نحن هنا، ناجون. ولكن يُنظر إلينا كعبء. نحن الذين كنا مُهمِّين في بيتنا، قد أصبحنا أرقامًا وفئات وتسهيلات. مع ذلك، نحن أكثر بكثير من مجرّد مهاجرين. نحن بشر. جئنا إلى هنا من أجل أبنائنا. ونموت يوميًّا من أجلهم، لكي يتمكّنوا من أن يعيشوا هنا حياة طبيعيّة، بدون قنابل، وبدون دماء، وبدون اضطهاد. نحن كاثوليك، لكن هذا الأمر أيضًا يبدو أحيانًا ثانويًّا إزاء كوننا مهاجرين. إذا لم نستسلم، فذلك لأنّنا نعلَم أنّ الحجر الكبير على باب القبر سوف يُدحرج يومًا ما.
أيّها الرّبّ يَسُوع، يا من أنزلَتْك أيادٍ صديقة عن خشبة الصّليب / امنحنا السّلام.
أنت الذي دُفِنتَ في قبر يوسف الرامي الجديد / امنحنا السّلام.
أنت الذي لم تعرف فساد القبر / امنحنا السّلام.
أبانا الذي في السّموات…
أيّها الرّبّ يسوع، يا من نزلت إلى الجحيم لكي تحرّر آدم وحوّاء وأبناءهما من السجن القديم، أصغِ إلى صلواتنا من أجل عائلات المهاجرين وانتشلها من العزلة القاتلة، وامنحنا جميعًا أن نراك في كلّ إنسان، كأخ وأختٍ محبوبين لنا. أنت الذي تحيا وتملك إلى دهر الدُّهور.
صلاة ختاميّة
أيّها الآب الرّحيم، يا من تُطلِع شمسَك على الأخيار والأشرار، لا تتخلَّ عن عمل يديك، الذي من أجله لم تتردّد في أن تسلّم ابنك الوحيد، الذي ولد من العذراء وصُلب على عهد بيلاطس البُنطي، ومات ودُفَن في قلب الارض، ثم قام من بين الأموات في اليوم الثّالث، وظهر لمريم المجدليّة، ولبطرس، وسائر الرّسل التّلاميذ،
وهو حيٌّ أبدًا في الكنيسة المقدّسة، جسدِه الحيّ في العالم. أبقِ سراج الانجيل، مُضيئًا في عائلاتنا لكي ينير أفراحنا وأحزاننا، وتعبنا ورجائنا: فيظهر في كلّ بيت وجه الكنيسة، التي شريعتها الأسمى هي المحبّة.
ساعدنا، بحلول روحك القدوس، لكي نخلع الإنسان القديم، الذي أفسدته الأهواء الخدّاعة، وألبسنا الإنسان الجديد، الذي خلقْتَه في البرّ والقدّاسة. أمسكنا بيدنا، كما يفعل الأب، لكي لا نبتعد عنك، وحوّل قلوبنا المتمرّدة إلى قلبك، لكي نتعلّم أن نتبع مشاريع السّلام. اجعل المتخاصمين يتصافحون، لكي يفرحوا بالمغفرة المتبادلة، وانزع السّلاح من يد الأخ المرفوعة على أخيه، لكي يزهر الوفاق حيث الكراهية. ولا تدعنا نتصرّف مثل أعداء صليب المسيح، لكي نشارك في مجد قيامته. هو الحي والمالك معك، في وحدة الرّوح القدس، إلى دهر الدُّهور. آمين.
Discussion about this post