في روح النهم
القديس يوحنا كاسيان
خطية النهم لا الأكل!
خلق الله الإنسان لكي يعمل في الجنة (تك15:2)، لا لينحني بكل كيانه الجسدي والنفسي تحت ثقل شهوة الأكل والشرب، فالطعام والشراب هما عطية وبركة من قبل الرب لكي يستطيع الإنسان أن يحيا ويعمل، متشبهًا بالله الذي يعمل دومًا بلا انقطاع (يو17:5).
القدرة على الأكل والشرب بركة من قبل الله الذي خلق النباتات بثمارها الشهية لكي يأكل الإنسان، لا ليُستعبد لشهوة الطعام.
شهوة الطعام المبالغ فيها أو خطية النهم، سواء بالرغبة في امتلاء البطن بلا شبع، أو الرغبة في الأكل في غير مواعيد الطعام، أو التلذذ بأنواعٍ معينة، تكشف عن فراغٍ داخليٍ.
فالنهم هو ترمومتر غالبًا ما يشير إلى مرض لحق بالنفس، أفقدها فرحها وسلامها وشبعها، فأفسحت المجال للجسد لعلّه بكثرة الطعام بغير ضابط يمكن أن ينشغل الإنسان. لهذا فعلاج النهم ليس هو مجرد الامتناع عن الأطعمة، وإنما إشباع الأعماق الداخلية بالخبز النازل من السماء.
لقد أوضح القديس يوحنا كاسيان المبادئ التالية:
1- الصوم الروحي الحقيقي هو بداية طريق جهادنا.
“هذه هي بداية صراعنا، أول اختبار لنا في الألعاب الأوليمبية (الروحية) أن نخمد شهوة الحلق والبطن بالاشتياق إلى الكمال”.
“لا يستطيع أحد أن يجاهد قانونيًا إلا إذا قهر جسده أولاً. ومن المؤكد أن من لا يجاهد قانونيًا لا يكون له نصيب في النضال، ولا أن يفوز بإكليل المجد ونعمة الغلبة”.
2- لا يخضع كل الرهبان لقانون صوم واحد، إنما حسب صحة الراهب وسنه ظروفه.
“يجب على كل شخص أن يفرض علي نفسه قانونًا غذائيًا حسب ما تتطلبه الحرب ضد جهاده الجسدي”.
3- ما يشغل ذهننا ليس مجرد الصوم عن الطعام، بل نقاوة القلب الداخلية، وإن كان الصوم عاملاً رئيسيًا في ذلك.
“ضبط النفس في الطعام لا يكفي وحده ما لم تتحد بقية الفضائل بالذهن”.
“من لا يستطيع ضبط شهوة بطنه لن يمكنه إطفاء نار الشهوات الجسدية. فعفة الإنسان الداخلي تُقتني بكمال هذه الفضيلة. ولا يمكن التأكد من التغلب علي الحروب القوية إذا انهزم الشخص في الحروب الصغيرة”.
“هكذا يحتقر الإنسان الأمور الزمنية بكونها وقتية حين يركز نظره علي الأمور الثابتة الأبدية، ويتأمل في قلبه في بركة الأمور الذاتية رغم أنه مازال في الجسد”.
4- ضرورة الالتزام بفترة انقطاع عن الطعام تمامًا.
“لابد من تنفيذ طقس قانون الاصوام القيم، ولكن إن لم يليه فترات انقطاع عن الطعام لن يصل الشخص إلى هدف الكمال”.
5- يمكن لضعيف البنية أن يبلغ إلى كمال الفضيلة على مستوى الشخص القوي البنية، مادام الإنسان يضبط شهوة النهم وفي نفس الوقت يعطي الجسد احتياجاته. بالقانون الأول لا يقوده إشباع الجسد إلى فخاخ الشهوات، وبالقانون الثاني لا يقوده حرمان الجسد من احتياجاته إلى إنهاك قوته وعجزه عن القيام بوجباته.
6- شهوة الجسد الناتجة عن الأصوام الطويلة والذي يليها ثورات الجسد تتسبب في الإرهاق لمدة من الزمن بدلاُ من أن ينتج عنها النقاوة والعفة.
7- يعتمد كمال الذهن كليًا علي ضبط شهوات المعدة، فالذي لا يضبط نفسه دائمًا بنظامٍ غذائيٍ معينٍ لا تدوم له النقاوة والعفة.
8- الصوم مهما بلغ من درجة النسك إن تلاه فترات من الاسترخاء والراحة يصير بلا فائدة، وبالتالي يقود إلى خطية النهم، فتناول الطعام اليومي بكمية معتدلة أفضل من أصوام نسكية كثيرة متقطعة، وقد عُرف أن الصوم الزائد عن حدوده يُفقد الذهن سلامه وأيضًا يُضعف من قوة الصلوات نتيجة لتعب الجسد.
في الفصل 23 يقول إن طبيعة النهم ثلاثية:
أولاً: يوجد من يعجّل بموعد الطعام قبل الوقت المناسب.
ثانيًا: من يُسر بامتلاء البطن والتهام كل أنواع الطعام.
ثالثًا: من يجد متعة في تناول أفضل أنواع الأطعمة وأفخر المآدب.
ومقابل هذا على الراهب أن يلاحظ ثلاثة أمور في طعامه:
أولاً: عليه أن ينتظر الوقت المناسب لكسر الصوم.
ثانيًا: ألا يُعطي مكانُا لتخمة البطن.
ثالثًا: عليه أن يرضى بأبسط أنواع الطعام، لأن تناول أي طعام غير المعتاد للجميع يحسبه تقليد الآباء على أنه دنس، مثل خطية البطالة، والافتخار أو التباهي.
القمص تادرس يعقوب ملطي
الفصل الأول
الانتقال من المبادئ الرهبانية إلى الجهاد ضد الأخطاء الرئيسية الثمانية
هذا هو الكتاب الخامس الذي بمعونة الرب القدير يظهر قريبًا، فبعد أن انتهينا من إعداد الكتب الأربعة الأولي الخاصة بالعادات الرهبانية نقدم الآن بنعمة الله المعطاة لنا بفضل صلواتكم من أجلنا مفهوم الجهاد ضد الخطايا الثمانية الرئيسية أي:
أولاً: النهم أو لذة الطعام.
ثانيًا: الزنى.
ثالثًا: حب التملّك وتعريفه الحقيقي هو محبة المال.
رابعًا: الغضب.
خامسًا: الاكتئاب.
سادسًا: الضجر، أي تواني القلب.
سابعًا: المجد الباطل.
ثامنًا: الكبرياء.
نحتاج في بدء هذا العمل إلى صلوات قداسة البابا (الأسقف) كاستور كي ما نستحق أولاً أن ندرس بدقة أصل كل خطية وطبيعتها، مهما كانت صغيرة أو خفية أو غامضة، ثم نشرح بوضوح كامل مسببات كل خطية، وأخيرًا نعرض سُبل الشفاء والخلاص منها.
الفصل الثاني
انتشار هذه الخطايا بين الكثيرين، لكنهم يتجاهلونها. والحاجة إلى معونة الرب لكي يكشفها لنا
يكتشف الجميع هذه الأهواء حينما تتحدث عنها تعاليم الآباء بوضوح. لكن قبل أن ندركها نسقط فيها، وهي كائنة في داخلنا، لكن لا يدرك أحد ذلك.
لنا ثقة أنه إلى حدٍ ما يمكننا شرحها حتى ينطبق علينا بفضل صلواتكم قول إشعياء النبي: “أنا أسير قدامك والهضاب أمهد، أكسر مصرعي النحاس ومغاليق الحديد أقصف، وأعطيك ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ” (إش2:45، 3).
وذلك كي ما تسير كلمة الرب أمامنا وتمهد أولاً أرضنا من كل الهضاب، أي من الأهواء الشريرة التي نشتاق إلى الانتصار عليها، والتي تدَّعي سيادتها وسلطانها الخفي في جسدنا المائت، فتستسلم بفضل البحث والشرح، وبالتالي تُكسر متاريس جهلنا، وتُقصف مغاليق شرورنا التي تحجبنا عن معرفة الحق، وتقودنا إلى كنوز المخابئ، وتكشف لنا وللذين نالوا الاستنارة حسب كلمة الرسول:
“سينير خفايا الظلام ويُظهر آراء القلوب” (1 كو5:4). بالتالي تُمحص عيون الذهن النقية التي تُعاني من ظلمة الشرور، فنتمكن من محاصرة الذهن وجذبه بالقوة نحو النور.
نتمكن أيضًا من شرح إمكانية السقوط فيها بالنسبة لكل من المتحررين منها والذين لا زالوا تحت قيودها. وكقول داود النبي (مز 137: 12) نجتاز في أتون الخطايا التي تلهب عقولنا كي ما نتمكن من اجتياز ينابيع الفضائل التي تطفئ نيرانها، ونتمتع بندى الشفاء الروحي فنصل إلى نقاوة القلب ثم كمال التعزيات.
الفصل الثالث
كيف يكون الجهاد الأول ضد روح النهم، أي لذة الطعام
أول صراع نجتاز فيه هو ضد النهم الذي عرَّفناه بلذة الطعام.
نتحدث أولاً عن نظام الصوم ونوعية الطعام، ويليق بنا قي هذا الشأن أن نرجع إلى تقليد الآباء المصريين وعاداتهم، هؤلاء المعروف عنهم تقدمهم في تهذيب النفس وضبطها وأسلوبهم الكامل في التمييز.
الفصل الرابع
شهادة القديس أنطونيوس بأنه يجب السعي وراء الفضيلة من الشخص الذي يقتنيها
من أقدم أقوال القديس أنطونيوس أنه حينما يحاول الراهب وضع خطة حياته الرهبانية للوصول إلى مستويات قريبة من الكمال، وقد تعلّم التمييز، ويستطيع أن يحكم علي نفسه، ويقترب من قمة الحياة النسكية، يلتزم ألا يسعى وراء كل أنواع الفضائل من شخصٍ واحدٍ مهما بلغ من كمال.
يوجد شخص يتحلى بالمعرفة، وآخر بضبط النفس، وآخر مكسو بنعمة البساطة. هذا يمتاز بالشهامة، وذاك بالشفقة، وآخر بالسهر، وآخر بالصمت، وآخر بحب العمل. بالتالي الراهب المشتاق إلى جمع العسل الروحي يسعى كالنحلة الحريصة دائمًا علي امتصاص رحيق كل فضيلة من الذي يمتلكها ويختزنها بحرصٍ شديدٍ في وعاء قلبه.
يجب على الراهب ألا يفحص ما ينقص الآخرين، بل إلى كل فضيلة يجدها فيهم ويجمعها، لأننا لو أردنا أن نقتني كل الفضائل من شخصٍ واحدٍ، ربما لا نجد الأمثلة المناسبة لنا للاقتداء بها.
إننا لا نري أن المسيح نفسه صنع بعد الكل في الكل (1 كو28:15) كما يقول بولس الرسول حتى نكتشف المسيح شيئًا فشيئًا في الكل، لأنه قيل عنه: “ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبرًا وقداسةً وفداء” (1 كو30:1).
بالتالي نجد فيه الحكمة، ومرة أخرى البر، وأخرى القداسة، ومرة أخرى الحنان، وأخرى الوداعة، وأخرى التواضع أو طول الأناة. فالمسيح (المُعلن في قديسيه) في وقتنا الحاضر مُقسَّم عضوًا بعضوٍ بين الآباء القديسين، لكن حينما تجد الجميع في وحدة الإيمان والفضيلة يكون “إنسانًا كاملاً” (أف13:4)، مكمِّلاً جسده الواحد بأوصال واختصاصات كل أعضائه. وسيأتي الوقت حينما يكون الله هو “الكل في الكل”، لأن الله الآن “في الكل” – كما سبق أن ذكرنا – بواسطة الفضائل، لكنه ليس الكل في الكل لأنهم ليسوا في ملء كمالهم.
بالرغم من أن ديانتنا لها هدف واحدة ونهاية واحدة، لكن توجد طرق متعددة للوصول إلى الله كما سنشرح بالتفصيل في مناظرات الآباء. لذلك لابد أن نسعى وراء مثال للتمييز وضبط النفس خاصة من هؤلاء الذين تنساب فضائلهم بوفرة بواسطة عمل الروح القدس،
لأنه لا يمكن لأي شخص واحد أن يحصل علي تلك الفضائل المقسمة بين كثيرين، لكن من أجل تلك الفضائل التي يمكننا اقتنائها نستطيع أن نتقدم للاقتداء بهؤلاء الذين اقتنوها.
الفصل الخامس
لا يلتزم الجميع بقانون صوم واحد
لا يمكن تحديد قانون موحد لأسلوب الصوم بسهولة، لأن قوة الجميع ليست واحدة، ولا هو كبقية الفضائل التي تُقتني بتقويم الذهن فقط، بالتالي لا تعتمد فقط علي استقامة الذهن بل ترتبط بإمكانيات الجسد.
لقد حصلنا علي هذا التفسير الخاص بالصوم كما استلمناه، فهناك اختلاف من جهة الوقت والأسلوب ونوعية الطعام تنناسب مع اختلاف حالة الجسد والسن والجنس، لكن يوجد قانون واحد هو ضبط النفس يُطبق علي الجميع، خاص بضبط الذهن وفضائل الروح.
من المستحيل أن يمتد صوم كل شخص لمدة أسبوع أو أن يقف عند وجبة خفيفة كل يومين أو ثلاثة أيام، لأن كثيرين من كبار السن أو الذين أعياهم المرض لا يمكنهم تحمل الصوم حتى غروب الشمس بدون تعب وألم. فطعام البقول المبللة بالماء لا توافق الجميع، ولا الطعام الخفيف من الخضار يناسب الكل،
وأيضًا لا توافق الوجبة الشحيحة من الخبز الجاف الجميع علي السواء. يوجد شخص لا يكفيه رطلين من الطعام، وآخر يعتبر الوجبة من رطلٍ واحدٍ أكثر مما يحتاجه. لكن يوجد أمر واحد مشترك وهو ألا يكثر الشخص فوق احتياجات طعامه إلى حد الشراهة، لأنه لا يهم نوعية الطعام بقدر أهمية الكمية التي تكسر شراهة الذهن، لكن حينما تفرط النفس والجسد في الطعام فإنهما يضرمان نيران الشهوة نحو الخطية.
الفصل السادس
لا تسكر النفس بالخمر وحده
حينما تمتلئ المعدة بكل أنواع الطعام تتولد بذور الشهوة، ولا يستطيع الذهن عندما يتثاقل بالطعام أن يحافظ علي ضبط أفكاره. فالذهن لا يسكر فقط بالخمر، لكن أيضًا بكثرة أنواع الأطعمة التي تضعفه وتسلبه من كل قوته وإمكانياته في التأمل النقي الطاهر.
السبب الرئيسي لشهوة الجسد في سدوم ليس السكر بالخمر، لكن الشبع الزائد بالطعام. لنسمع صوت الرب في توبيخه لأورشليم: “هذا كان إثم أختك سدوم …الشبع من الخبز…” (حز49:16). بسبب الشبع من الطعام احترقوا بنار شهوة الجسد التي لم يمكنهم ضبطها، واحترقوا بسببها بدينونة الله لهم بنار وكبريت من السماء.
إن كان الإفراط في الطعام قادهم إلى هذا الحدّ من السقوط في الخطية بواسطة شهوة الطعام، فماذا يكون حال الذين لهم جسد قوي البنيان ويأكلون اللحم ويشربون الخمر بلا حساب، غير مكتفيين باحتياجات جسدهم، بل يتبعون ما تمليه عليهم شراهة شهوة ذهنهم؟!
الفصل السابع
لا يتعارض الضعف الجسدي مع نقاوة القلب
لا يعوق الضعف الجسدي نقاوة القلب إذا ما أعطينا الجسد احتياجه اللازم فقط، وليس ما يتلذذ به أو يشتهيه.
من الأسهل أن نجد أشخاصًا يمتنعون نهائيًا عن الأطعمة الشهية عن أن نجد من يستخدمون الطعام بنسبة معقولة لاحتياجات الجسد. يوجد من يحرمون أنفسهم من كل شيء من أجل حبهم لضبط النفس، بينما يحتفظ آخرون بسبب ضعف الجسد بالكمية المناسبة لاحتياجه.
فالضعف الجسدي مجده ضبط النفس، لأنه بالرغم من السماح بالأكل للجسد الضعيف، إلا أن الإنسان قد يمنع نفسه عن الوجبات الخفيفة بالرغم من احتياجه إليها. إنه يتناول الطعام اللازم بحسب ما يسمح له القانون الصارم للاعتدال لسد احتياجات الحياة، وليس حسب ما تشتهيه النفس وتطلبه.
يُؤخذ الطعام الشهي الذي يساعد علي صحة الجسد باعتدال حتى لا يؤثر علي نقاوة العفة. فالقوة المكتسبة من تناول الطعام تُستهلك في التعب مع الاحتراس، لذلك لا يوجد أي نوع من الحياة بدون فضيلة النسك، وبالتالي لا يُحرم أحد من إكليل الكمال.
الفصل الثامن
ارتباط تناول الطعام بضبط الشهوة
من أفضل أقوال الآباء وأكثرها حقيقة هو ارتباط الأسلوب الصحيح للصوم والنسك بالاعتدال والعفة الجسدية. هذا هو هدف كل الفضائل الأخرى علي السواء. فبالرغم من أننا لا نزال نشتهيها إلا أنه يجب علينا تدريب أنفسنا على ضبط الطعام الذي نتناوله لسد احتياجات الجسد حسب الضرورة. فالشخص الضعيف جسديًا يمكنه الوصول إلى كمال الفضيلة علي نفس مستوي الشخص القوي البنية والصحة،
وذلك بالاحتراس الدائم من الشهوات التي تنتج عن ضعف الجسد. يقول بولس الرسول: “ولا تصنعوا تدبيرًا للجسد لأجل الشهوات” (رو14:13). إنه لا يلغي الاهتمام به من كل النواحي، لكن يجب أن لا يكون التدبير حسب أهواء وشهوات الجسد.
إنه يمنع عن الجسد رغبته في الرفاهية، لكنه لا يحرمه من ضروريات الحياة. يلتزم بالأولى لئلا يقود إشباع الجسد إلى فخاخ الشهوات، كما يلتزم بالقانون الثاني لئلا يُصاب الجسد بسبب خطأنا، فيفشل في القيام بواجباته الروحية والتزاماته الضرورية.
الفصل التاسع
الاعتدال في التأديب وقانون الصوم
لا تُقتني فضيلة ضبط الشهوة بحسابات الوقت فقط (أي تحديد فترات الصوم الانقطاع) أو بنوعية الطعام، بل بالإضافة إلى ذلك تُقتني بحكم الضمير. يجب على كل شخص أن يفرض علي نفسه قانونًا غذائيًا حسب ما تتطلبه الحرب ضد جهاده الجسدي. لابد من تنفيذ طقس قانون الأصوام القيم، لكن إن لم تكن هناك فترات انقطاع عن الطعام لن يصل الشخص إلى هدف الكمال.
شهوة الجسد الناتجة عن الأصوام الطويلة والذي يليها ثورات الجسد تتسبب في الإرهاق لمدة من الزمن بدلاُ من أن ينتج عنها النقاوة والعفة.
يعتمد كمال الذهن كليًا علي ضبط شهوات المعدة، فمن لا يضبط نفسه دائمًا بنظامٍ غذائيٍ معينٍ لا تدوم له النقاوة والعفة. والصوم مهما بلغ من درجة النسك إن تلاه فترات من الاسترخاء والراحة يصير بلا فائدة، وبالتالي يقود إلى خطية النهم، فتناول الطعام اليومي بكمية معتدلة أفضل من أصوام نسكية كثيرة متقطعة، وقد عُرف أن الصوم الزائد عن حدوده يُفقد الذهن سلامه وأيضًا يضعف من قوة الصلوات نتيجة لتعب الجسد.
الفصل العاشر
لا يكفي ضبط شهوة الطعام في حفظ نقاوة الجسد والذهن
من أجل حفظ الجسد والذهن في حالة كاملة، لا يكفي ضبط النفس في الطعام وحده ما لم تتحد ببقية الفضائل بالذهن.
لابد من اقتناء الاتضاع من خلال الطاعة والعمل الشاق والجهد الجسدي.
ويجب ليس فقط عدم اقتناء المال بل واقتلاع جذور شهوة حب المال. لأن شهوة محبة المال تهاجم الكثيرين في صورة الشعور بالاحتياج أو الضرورة، لذلك يجب التمسك بعدم الرغبة في اقتنائه.
ولابد من السيطرة علي مشاعر الغضب والتغلب علي روح الاكتئاب واحتقار المجد الباطل وسحق الكبرياء تحت الأقدام وكبح الأفكار الشاردة المراوغة للذهن بالتأمل الدائم في الله. ويجب إعادة شرود أهواء القلب إلى التأمل في الله كلما حاول عدونا المراوغ أسر عقلنا بعيدًا عن هذا الهدف والتسلل إلى أعماق القلب الداخلية.
الفصل الحادي عشر
لا تنطفئ الشهوات الجسدية إلا باقتلاع جذور الخطية
من المستحيل إطفاء الشهوات الجسدية قبل اقتلاع جذور الشرور الأخرى الرئيسية، والتي سنتحدث عنها بمعونة الله في كتب أخري لاحقة. والآن سنعالج قضية النهم أي شهوة الطعام والتي هي أول حروبنا.
من لا يستطيع ضبط شهوة بطنه لن يمكنه إطفاء نار الشهوات الجسدية. فعفة الإنسان الداخلي تُقتني بكمال هذه الفضيلة. لا يمكن التأكد من النصرة في الحروب القوية إذا انهزم الشخص في الحروب الصغيرة. فطبيعة أو جوهر الفضيلة هو واحد بالرغم من أنها تبدو منقسمة إلى أنواع بأسماء مختلفة، فمادة الذهب مثلاً تتفرع إلى أنواع مختلفة من المجوهرات والحليّ حسب مهارة الصانع.
من يكسر فضيلة معينة أو حتى جزءً منها لن يمكنه اقتناء أية فضيلة أخري كاملة، فكيف نصدق أن إنسانًا أطفأ نار الشهوة التي لا تضرم بتحريض الجسد فقط بل والذهن أيضًا وهو لم يستطع التحكم في حدة الغضب النابع من أهواء القلب وحده؟
وكيف نصدق أن إنسانًا يستطيع ضبط شهوات الجسد والنفس دون أن ينتصر علي خطية الكبرياء؟ وكيف نؤمن بأن إنسانًا سقط تحت أقدام الشهوة المتأصلة في الجسد ولم يستطع التجرد من حب المال الذي هو خارج تكويننا؟ وكيف ينتصر الإنسان في الحرب ضد الجسد والنفس وهو لم يُشفَ بعد من مرض الاكتئاب؟
مهما تحصنت مدينة بأسوار عالية حصينة وبأبواب مغلقة قوية، ما المنفعة من ذلك لو استسلم باب واحد مهما كان صغيرًا في أهميته؟ إذ ما الفرق لو اخترق العدو الخطير طريقه من خلال الأسوار العالية أو البوابات الواسعة أو عن طريق ممرات جانبية ضيقة؟!
الفصل الثاني عشر
لابد من أن نعطي مثلاً من الحروب الجسدية في جهادنا الروحي
“إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيًا” (2تي5:2). الإنسان المشتاق إلى إطفاء الرغبات الجسدية للطبيعة لابد أن يسرع وينتصر علي الشرور الخارجية عن طبيعتنا.
وإذا أردنا اختبار قوة قول بولس الرسول لابد أولاً أن نتعلّم قوانين الجهاد في العالم وقواعده حتى نستطيع من خلال تلك القواعد التعرّف علي ما قاله الرسول بولس عن الفائز بإكليلٍ يفني (1 كو25:9)، فعلي المتسابق أن يعدَّ نفسه لإكليل المجد الزمني القابل للفناء.
لابد للمشتاق إلى الدخول إلي نهائيات السباق في دورة الألعاب الأوليمبية أولاً أن يقدم دليلاً علي إمكانياته كمتسابقٍ شاب قوي. لابد من اجتياز اختبار لكل المتسابقين لمعرفة مدي أهليتهم للمشاركة في السباق، وذلك من خلال حْكم رئيس الدورة والجماهير.
بعد اجتياز الاختبار الدقيق وإثبات أهليته وخلوه من أية إساءة لسمعته، يتأكدون من خلال القضاء أنه لم يسقط تحت نير العبودية لئلا يمنعه هذا السبب من مشاركة الآخرين في هذا السباق والتمرن عليه لعدم أهليته.
ثالثًا يعطي دليلاً كافيًا علي إمكانياته وبراعته، وذلك من خلال التسابق مع بقية الشباب الآخرين والمتنافسين الذين لديهم نفس مهارته وقوة الشباب. بعد الفحص الدقيق بواسطة رئيس الدورة ينتقل من منافسة الصبيان ويختلط بالرجال الناضجين الذين لهم خبرة،
ويثبت ليس فقط مساواته لهم في القوة بالتسابق معهم، بل أيضًا لابد من فوزه عدة مرات بالجائزة وإثبات تفوقه عليهم. أخيرًا يصل إلي أهم سباق في الألعاب الذي لا يُسمح بها إلا لمن سبق له الفوز والحصول علي جوائز عديدة ونصرات سابقة.
إذا فهمنا هنا المثل من جهة السباق الجسدي يلزمنا معرفة نظم الجهاد الروحي وأساليبه بواسطة المقارنة بالمثل.
الفصل الثالث عشر
لن يمكننا الدخول في محاربة إنساننا الداخلي ما لم نتحرر من خطية النهم
لابد أن نُعطي دليلاً علي تحررنا من عبوية الجسد، “لأن ما انغلب منه أحد فهو له مستعبد أيضًا” (2بط19:2).
بعد الفحص الدقيق من رئيس السباق واكتشافه أننا أنقياء من الشهوات المشينة، وبعد إصدار حكمه أننا متحررون من عبودية الجسد، ومؤهلون ومستحقون للسباق الأوليمبي ضد أهوائنا، وبالتالي نستطيع الدخول في المنافسة ضد المساوين لنا، أي شهوات الجسد وتحركات النفس واضطراباتها.
لأنه من المستحيل علي المعدة الممتلئة أن تسيطر على صراع الإنسان الداخلي، ومن لا يستطيع الانتصار في الصراعات الأقل فهو غير أهلٍ للدخول في الحروب القوية.
الفصل الرابع عشر
كيف نتغلب على شهوة النهم؟
أولاً علينا أن نطأ تحت أقدامنا شهوة النهم، ولكي نبلغ هذا علينا أن نحول فكرنا عنها بالصوم والسهر والقراءة، وأيضًا بوخزات الضمير المتلاحقة، تارة بتذكر الخطية التي خدعتنا وغلبتنا، فنتنهد علي هذه الخطية المروعة، وتارة أخرى بأن ننفث تنهداتنا الملتهبة اشتياقًا نحو الكمال والقداسة.
هكذا يتشبع الفكر تمامًا بمثل هذه الاهتمامات والتأملات ويتطلع إلى الطعام ليس كأنه مصدر متعة، فيصير ثقلاً عليه، بل بالحري يعتبره ضرورة للجسد، وليس شهوة للنفس.
خلال ضبط الفكر هذا والندم المستمر علي الخطية نصير محفوظين، فنغلب شهوات الجسد (التي تتقد وتُثار بالطعام) وتحريضها الخطير، فننجح في إخماد لهيبها بدموع التوبة الغزيرة من أعماق قلوبنا. هذه الشهوات التي يوقدها الملك البابلي، الذي يمدنا دائمًا بأسباب الخطية والشرور التي تلهبها بأكثر ضراوة من اللهيب بالنفط والزفت حتى تخمد شهواتنا الجسدية وتموت تمامًا خلال نعم الله التي تقطر كالندي داخل قلوبنا بروحه القدوس.
هذه هي بداية صراعنا، أول اختبار لنا في الألعاب الأوليمبية (الروحية) أن نخمد شهوة الحلق والبطن بالاشتياق إلي الكمال. ذلك ليس بأن نطأ تحت أقدامنا كل شهوة غير ضرورية للطعام بالتأمل في الفضائل فحسب، بل ونتناول ما هو ضروري منها من أجل الطبيعة بهناءة قلب، وكأنها ليست ضد نقاوتنا. أخيرًا نستمر في مسيرة حياتنا بحيث لا نشعر في وقت ما أننا قد سُحبنا من دراستنا الروحية إلا بالقدر الضروري لإيفاء احتياجات ضعفنا الجسدي.
وحين نتعرض لهذه الضرورة – ألا وهي إيفاء احتياجات الحياة وليس الشهوات – علينا أن نسرع بالانسحاب من هذا الاهتمام بأسرع ما يمكن، كأنها قد عاقتنا عن دراستنا الروحية الصحيحة لنا. فلا يمكننا ازدراء البهجة بالطعام المقدم لنا إلا عندما يكون الفكر مُركزًا على التأمل في الأمور المقدسة، ومنحصرًا في حب الفضيلة والسرور بالأمور السماوية. هكذا يحتقر الإنسان الأمور الزمنية بكونها وقتية حين يركز نظره على الأمور الثابتة الأبدية، ويتأمل في قلبه في بركة الأمور الذاتية رغم أنه مازال في الجسد.
الفصل الخامس عشر
كيف يكون الراهب دائم الحرص على حفظ نقاوة قلبه؟
هكذا يكون الحال مثل شخصٍ يسعى نحو هدف ثمين لينال جائزة عظيمة. هذا الهدف موضوع علي مكان مرتفع وعليه أن يحققه بسهم ضئيل. يصوب السهم بدقة شديدة علي الهدف، واضعًا في اعتباره أن حصوله علي جائزةٍ عظيمةٍ ومجدٍ يعتمد علي إصابته للهدف. لذلك لا يعير اهتمامًا لأية اعتبارات أخري موجهًا بصره إلي حيث موضع الجائزة، متيقنًا أنه سيفقد مكافأة مهارته وجائزة بسالته إذا خاب بصره ولو قليلاً عن إصابة الهدف بدقة.
الفصل السادس عشر
لا يجوز للراهب أن يتقدم لأية صراعات روحية ما لم يغلب أولاً في الحروب الجسدية
(علي نمط الألعاب الأوليمبية)
هكذا إذا ما تغلبنا علي شهوة البطن والحلق بأخذ هذه الأمور في اعتبارنا، وأُعلن كما هو الحال في المسابقات الأوليمبية بأننا لسنا عبيدًا للجسد وليس لنا سمة الخطية المشينة، حينئذ نُحسب أهلاً للتقدم لصراعات علي مستوي أعلي، تاركين وراء ظهورنا مثل هذا النوع من الدروس الأولية. ونُحسب قادرين علي الدخول في قائمة المناضلين ضد قوات الشر الروحية التي لا يُحسب مستحقًا للخوض ضدها في صراع إلا من يسمح لهم من الباسلين المنتصرين.
لأن هذا هو أقوي أساس صلب لخوض جميع الصراعات إن جاز القول، بمعني أن أول ما في الأمر لابد من قتل دوافع الشهوات الجسدية. ذلك أنه لا يستطيع أحد أن يجاهد قانونيًا إلا إذا قهر جسده أولاً. ومن المؤكد أن من لا يجاهد قانونيًا لا يكون له نصيب في النضال، ولا أن يفوز بإكليل المجد ونعمة الغلبة.
إن غلبتنا الشهوات الجسدية وصرنا عبيدًا لها في هذه المعركة لا نكون حاملين لعلامة الحرية، ولا لعلامة القوة، ونُستبعد من النضال ضد القوات الروحية كغير أهلٍ وكعبيدٍ بكل ما يسببه ذلك من ارتباك. لأن “كل من يفعل الخطية هو عبد للخطية” (يو 34:8).
هكذا يصفنا الرسول بمثل هذه التسمية “زناة”. “لم تصبكم تجربة إلا بشرية”. (1كو13:10). لأننا إن لم نهدف لإدراك قوة الفكر لن نكون أهلاً للدخول في صراع أشد ضد الشر علي مستوي أعلى، إن كنا لم ننجح في إخضاع جسدنا الضعيف الذي يقاوم الروح.
يوجد من لم يتفهم شهادة الرسول هذه، فبدلاً من الصيغة الشرطية توضع الصيغة الدلالية: بمعني “لا تدع التجربة تغلبك إلا التجربة الجسدية”. ولكن من الواضح أن الرسول قالها بمعني التوبيخ أو إعلان حقيقة الأمر ولم تأتِ بمعني التمني.
الفصل السابع عشر
يجب أن يُقام أساس المعركة الروحية على الصراع ضد النهم
هل تود أن تسمع ما يقوله مناضل حقيقي للمسيح يجاهد حسب قواعد المعركة وقوانينها؟ “إذًا أنا أركض هكذا، كأنه ليس عن غير يقين. هكذا أضارب كأني لا أضرب الهواء، بل أقمع جسدي واستعبده حتى بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضًا” (1كو26:9، 27).
أترى كيف جعل الجزء الأساسي من النضال معتمدًا عليه، أي على جسده، كما علي أكثر الأسس تأكيدًا، وجعل نتيجة المعركة مترتبة على طهارة الجسد وقمع جسده.
“إذًا أنا أركض هكذا كـمن ليس عن غير يقين”. إنه لا يركض عن غير يقين، لأنه فيما هو متطلع إلى أورشليم السمائية يجد علامة موضوعة أمامه يركض إليها قلبه بلا انحراف.
إنه لا يركض عن غير يقين، لأنه “ينسى ما هو وراء ويمتد إلى ما هو قدام، ساعيًا نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع” (في13:3،14). وقد أعلن بثقة، مثبتًا نظره نحو الغرض، ومسرعًا لإدراكه بكل سرعة، قائلاً: “قد جاهدت الجهاد الحسن، أكملت السعي، حفظت الإيمان” (2تي7:4).
ولأنه يعلم أنه سعى نحو رائحة دهن المسيح باستقامة قلب ولم يكل، وانتصر في المعركة الروحية بطهارة الجسد، ختم حديثه بجسارة قائلاً: “وأخيرًا قد وُضع لي إكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الديان العادل”. ولكي يفتح أمامنا باب الرجاء أيضًا لاقتناء مثل هذه المكافأة إذا ما رغبنا أن نحاكيه في مسيرة جهاده أضاف: “وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا” (2تي8:4)، معلنًا أننا سنكون شركاءه في الإكليل يوم الدينونة إذا كنا نحب ظهوره أيضًا.
ليس أنه يظهر لنا بغير إرادتنا، بل يظهر لنا يوميًا في النفوس المقدسة، إن كنا ننال النصرة في المعركة بطهارة الجسد. عن هذا الظهور يقول السيد في الإنجيل: “ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلاً” (يو23:14). وأيضًا: “هأنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي” (رؤ20:3).
الفصل الثامن عشر
كم كان عدد المعارك والانتصارات التي اجتازها الرسول لكي يستحق أن يرتفع لنوال إكليل المعركة العظمى
لا يعني الرسول أنه انتهى توًا من الصراع في السباق حين قال: “إذا أنا أركض هكذا كأنه ليس عن غير يقين”. هذه العبارة تخص بالأكثر تفكيره وحرارة روحه اللذين بهما تبع المسيح بكل حماس، فصار يجري مع العروس، قائلاً: “لرائحة أدهانك الطيبة… اجذبني وراءك فنجري” (نش3:1،4). وأيضًا “تشتاق بل تتوق نفسي إليك” (مز9:62).
لكنه أيضًا يشهد أنه قد انتصر في نوع آخر من المعارك قائلاً: “هكذا أُضارب كأني لا أضرب الهواء، بل أُقمع جسدي واستعبده”. هذا يخص آلام التقشف والصوم الجسدي وآلام الجسد، إذ يعني بذلك أنه عامل جسده بحزم وليس برخاوة. لقد كبح شهواته الجسدية وغلب في معركة النصرة بإماتة جسده. لأنه حين يتطهر بكبح شهواته ويتهذب بالصوم يضمن لروحه الغالبة الإكليل الذي لا يفنى والمكافأة التي لا تفسد.
تأمل الأسلوب الأرثوذكسي في المعركة وقدر إنجازات المعارك الروحية، كيف أن المناضل المسيحي وقد انتصر على جسده الثائر ووضعه تحت وطأة قدميه يُحمل إلى الأمام كمنتصر في الأعالي. ولذلك فإنه لا يركض كأنه عن غير يقين، لأنه يثق بدخوله توًا إلى المدينة المقدسة، أورشليم السمائية.
هكذا يحارب بالأصوام وإذلال الجسد ليس كمن “يضارب الهواء”، أي يضرب في الفضاء بلكمات كبح الشهوات التي بها لا يضرب الهواء، بل يضرب الأرواح التي تسكن هناك بطهارة جسده. لأن الذي يقول “ليس كمن يُضارب الهواء” يعني أنه “لا يضرب الهواء والفضاء”، بل يضرب كائنات معينة في الهواء.
تعريب الدكتورة نورا العجمي ونانسي مجدى جرجس بكنيسة الشهيد مار جرجس باسبورتنج
No Result
View All Result
Discussion about this post