المفلوج يعلمنا عدم التذمر بين الغنى المادي والغنى الروحي
القديس يوحنا الذهبي الفم
ملاحظة: هذه الترجمة من أعمال الكنيسة القبطية
في حديثنا عن موضوع المفلوج الملقي علي سريره بجوار البركة. نكتشف كنزاً وفيراً وعظيماً. لا بالحفر في الارض بل بالتعمق في داخل القلب ، نجد كنزاً لا من الفضة أو الذهب أو الحجارة الكريمة ، بل من الاحتمال والحكمة والصبر والرجاء العظيم في الله. الأمور التي تفوق كل صنوف اللآلي ومصادر الغني.
فمادة الغني يمكن أن يسلبها اللصوص وتكون موضع حيل المحتالين الاشرار ودناءة الخدم. . بل وتسبب عواصف من المتاعب لا حصر لها. أما الغني الروحي فليس فيه مجال للتعرض لمثل هذه المساوئ ، بل يسمو علي كل فساد من هذا النوع ، ويضحك مستهزءاً باللصوص وسراق المنازل والقتلة والمحتلين الأشرار بالموت ذاته.
فالغني ( الروحي ) لا يعرض صاحبه للموت بل يعطيه صوناً منه ، فيرحل معه في رحلته إلى العالم الاخر. . . ويسير مدافعاً عجيباً عنه ، يحنن قلب القاضي عليه.
لاتتذمر
لنتأمل في إلهنا الرحوم. ونتطلع متفرسين في عبده المريض هذا الذي له ثمانية وثلاثون عاماً يناضل مع ضعف يستصعي شفاءه. . . ومع ذلك لم يتذمر قط ،ولا قوه بكلمة تجديف. لم يتهم خالقه بل في شجاعة ووداعة عظيمة جداً احتمل كارثته
قد نقول ومن أين يظهر ذلك لأن الكتاب المقدس لم يذكر لنا شيئاً بوضوح في حياته الأولى ، وكل ما قاله عنه أن له ثمانية وثلاثين عاماً في ضعفه ؟ أنه لم يذكر كلمة تأكد أنه لم يظهر تذمراً أو غضباً أو حده. ومع ذلك فمن يمعن النظر جيداً في الكتاب المقدس يجده قد أوضح هذا. .
عندما اقترب منه السيد المسيح الذي كان بالنسبة له غريب وينظر إليه كإنسان عادي ، تحدث معه بوداعة عظيمة ، منها تدرك مقدار حكمه السابقة ( قبل المرض ). لأنه عندما قال له يسوع ” أتريد أن تبرأ ” لم يجبه بهذه الايجابية الطبيعية ” ها أنت تراني هكذا ملقي منذ أمد طويل بمرض الفالج ، ومع هذا تسألني إن كنت أريد أن أبرأ ؟! هل أتيت لكي تزيد من كارثتي وتوبخني وتضحك على وتحتقرني هازءا بمصيبتي ؟
أنه لم يقل شيئاً من هذا ولا فكر بهذا ، بل بوداعة أجاب : نعم يا سيد
إن كان له هذه الوداعة وذلك النبل بعد ثمانية وثلاثين عاماً ينهار فيها نشاطه وقوته التي لقتدراته النبيلة ، فتأمل كم كانت وداعته وكم كان نيله قبل ان تحل به هذه الالام؟! لأنه بالتأكيد لا يكون رضي المرضي في بداية مرضهم مثله بعد ما يطول بهم المرض. . . بل يزيدادون شراسة.
ولكن ان كان لهذا المريض هذه الحكمة ويجيب بصبر عظيم هكذا بعد مرض طال سنوات هذا عددها ، فإنه بالتأكيد كان قبلاً يحتمل التجربة بشكر عظيم.
فالنقتقد بالصبر هذا العبد زاميلنا ، لأن الفالج الذي به يكفي لأنعاش روحنا. لأنه من يلاحظ عظم هذه الكارثة. . ويبقي في جسده منبطحاً على ظهره ؟ أما يحتمل بشجاعة كل ما يحيق به من شرور ولو كان أثقل بكثير مما نعرفه ؟
لقد صار هذا المفلوج لنا فيه نفع عظيم لا في صحة جسدة بل وفي مرضة. فشفاؤه يبعث في أرواح المستمعين أن تمجد الله ، أما مرضه وضعفه فيشجعانك على الاحتمال ، ويحثانك علي الإقتداء بغيرته ، إذ بالحري يكشفان لك عن حب الله
الله يحبك !
شفاء هذا الرجل من مثل هذا المرض بعد ما طال به المرض ، إنما هو احدي علامات العناية ( الإلهيه ) العظيمة لأجل نفعه :
فكما يلقي ممحص الذهب بقطعة الذهب في الفرن لتحتمل النار الى حين حتي يراها قد تنقت. هكذا يسمح الله بامتحان البشر بالضيقات حتي تتنقي وتحصل على نفع عظيم من عملية الغربلة. وهذا من أعظم المنافع التي ننالها. فليتنا لا نضطرب ولا نيأس عندما تحل بنا التجارب لأنه كما آن ممحص الذهب يعلم الزمن الذي ينبغي أن يترك فيه الذهب في الفرن فيخرجه في الوقت المعين ولا يتركه بعد في النار حتي لا يفسد ولا يحترق هكذا كم بالأكثر يعلم الله ذلك ، عندما يرانا قد تنقينا بالأكثر ، يعنقنا من تجاربنا حتي لا ننطرح ونطرد بسبب تزايد شرورنا.
فعندما يحل بنا أمر ما لم نكن نتوقعه، لانتذمر ولاتخور قلوبنا ،بل نتحمل الله الذي يعرف هذه الأمور بدقه، حتى يمتحن قلوبنا بالنار كيفما يسر، إذ يفعل هذا بهدف نافع وبقصد فائدة المجربين لذلك يوصينا الحكيم قائلاً بأن نخضع الله في كل الأمور، لأنه يعرف تماماً متى يخرجنا من فرن الشر. حكمة يشوع 1:1 ،2
الله طبيب نفسك !
لنخضع له علي الدوام، ونشكره باستمرار،محتملين كل شيء برضي، سواء عندما يمنحنا بركات أو يقدم لنا تأديبات. لأن هذه الأخيرة هي نوع من أنواع البركات.
فالطبيب ليس فقط عندما يسمح لنا بالاستحمام ( في الحمامات ) أو الذهاب الي الحدائق المبهجة بل وايضاً عندما يستخدم المبعض والسكين ، هو طبيب !
والأب ليس فقط عندما يلاطف إبنه، بل وعندما يؤدبه ويعاقبه. . هو أب!
وإذ نعلم أن الله أكثر حنواً من كل الأطباء ،فليس لنا أن نستقصي عن معاملته ،ولاأن نطلب منه حساباً عنها،بل ما يحسن في عينيه يفعله ، فلا نميز إن كان يعتقنا من التجربة أو يؤدبنا لأنه بكلا الطريقين يود ردنا إلى الصحة ، ويجعلنا شركاء معه، وهو يعلم احتياجاتنا المختلفة، وما يناسب كل واحد منا وكيف، وبأي طريقة يلزمنا أن نخلص، وخلال هذا الطريق يقودنا.
لنتبعه حيثما يأمرنا، ولانفكر كثيراً إن كان يأمرنا أن نسلك طريقاً سهلاً وممهداً، أو طريقاً صعباً وعراً كما في حالة المفلوج.
الله يعين أثناء التجربة
عندما كانت نفس المفلوج تعاني لفترة طويلة من الأتعاب ، فأن أحد منافعها الحقيقية هو تسليمها للتجربة المتقدة المحزنة كأحد أنواع الأفران، وأما النفع الأخر الذي لايقل عن هذا فهو أن ” الله كان حاضراً مع المفلوج في وسط بلاياه مقدماً له عزاء عظيماً “
الله هو الذي قواه وسنده وأمسك بيده لايسقط فإننا إن كنا حكماء بلا حدود ، حتى وإن كنا قادرين وأقوياء أكثر من كل البشر ، لكن في غياب النعمة الإلهية لانقدر أن نقف حتى أمام التجارب العادية جداً.
ولماذا أتكلم بخصوص من كلا شيء ( في مستواهم الروحي )مثلنا ،لأنه حتي بولس أو بطرس أو يعقوب أو يوحنا ،لو نزعت العناية الإلهية عن أحدهم لسقط للحال في العار وطرح مستلقياً أرضاً.
أمثلة :عن هؤلاء أقرأ لك كلمات المسيح نفسه. إذًا يقول لبطرس: “هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفني إيمانك “لو31:22 ،32
ماذا يعني بقوله ” يغربلكم”؟ أي يدور بكم ويثنيكم ويثيركم ويحطمكم ويقلقكم، الأمور التي تحدث أثناء الغريلة.
يقول : لكنني أصده ،عارفاً بعجزك عن احتمال التجربة ،لأن قوله ” لكي لا يفني إيمانك ” ينطق بها ذاك الذي يعني أنه لو سمح بها لهلك إيمانه.
فإن كان بطرس، الذي كان هكذا غيوراً في حبه للرب، مقدماًً حياته عنه مرات كثيرة، نائلاً رتبة الرسولية ،ودعاه سيدة ” مطوباً” ، ولقبه ” بطرس ” لحفظه ايماناً ثابتاً قوياً وتمسكه به ، بطرس هذا كان يمكن أن يهلك وتنزع عنه وظيفته لو سمح المسيح للشيطان أن يجربه بالقدر الذي كان الشيطان يريده فمن يقدر أن يثبت بدون معونة المسيح؟
لذلك يقول بولس ايضاً ” ولكن الله أمين الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة أيضاً المنفذ فقط أنه لا يسمح بالتجربة فوق طاقتنا ، بل وحتى لتلك التي هي قدر طاقتنا فانه يحملنا معنا ويسندنا ، فقط إن كان من جانبنا نعمل قدر استطاعتنا، مظهرين الغيرة والرجاء في الله والشكر والاحتمال والصبر.
فليس فقط في التجارب التي هي فوق استطاعتنا ،بل وتلك التي هي في قدرتنا. نحتاج الي العون الإلهي، إن كنا ثابتين بشجاعة، فقد قيل في موضع اخر أنه كلما كثرت ألام المسيح فينا،حتي نعزي الذين هم في أي ضيقة بالتعزية التي فينا من الله ( كو5:1 ،4 )
هكذا إذاً الذي عزي المفلوج ،هو نفسه الذي سمح له بالتجربة أن تحدق به.
يسوع يهتم بنا !!
انظر بعد شفائه، أي حنو قدمه المسيح له. لأنه لم يتركه أو يتخلى عنه بعد الشفاء، بل إذ وجده في الهيكل قال له “ها أنت قد برئت فلا تخطيء أيضاً لئلا يكون لك أشر ” يو14:5.
فلو أن يسوع كان قد سمح له بالتأديب لأنه يكرهه ما كان قد أبرأه ،ولما كان قد دبرله سلامه المقبل قائلاً له : ” لئلا يكون لك أشر ” إنما نطق بهذا ذاك الذي يرغب أن يصد عنه شروراً مقبلة تلحق به. لقد وضع حداً للمرض. لكنه لم يضع حداً للصراع ( للجهاد)
نزع الضعف لكنه لم ينزع الخوف من الضعف. حتى تبقي الفائدة التي قدمها له ثابتة. هذا هو عمل الطبيب طيب القلب ليس فقط ينزع الآلام الحالية بل ويحتاط للمستقبل بالوقاية. هذا هو ما صنعه السيد المسيح مشدداً روح المفلوج بتذكيره الأحداث الماضية،لأنه بنظره أن الأشياء التي تضايقنا قد انتهت، وإن ذكراها ينتهي ،يود أن يذكرنا بها دائماً قائلاً ” فلا تخطيء ايضاً لئلا يكون لك أشر “
الله يستر علينا !!
علاوة علي هذا ،فانه يمكننا أن نفطن إلى بعد تفكيره، لا في هذا الأمر فحسب بل وفي كون يسوع يظهر كمنتهر. لأنه لم يشهر بخطاياه علناً ومع ذلك فقد أخبره أن ما عاناه كان بسبب خطاياه. أما ما هي خطاياه فلم يكشفها يسوع ، ولاقال له ” أنت مخطيء” أو ” أنت عاصي ” بل أشار إلى حقيقة كخاطيء بتعبير واحد بسيط “لاتخطيء ايضاً “
وبقوله هذا مذكراً إياه بخطاياه السابقة ، ينبهه بالأكثر أن يحتاط في المستقبل. وفي نفس الوقت أعلن لنا جميعاً صبره وشجاعته وحكمته. . . دون أن يكشف خطاياه عناً.
فكما نرغب نحن في ستر خطايانا ، كذلك يريد الله أن يستر علينا أكثر مما نريد نحن لهذا شفى المفلوج علناً في حضرة الجميع لكنه قدم له النصيحة خفيه. فانه لن يفضح خطايانا علناً، اللهم إلا إذا رأي الانسان مستهترأ لا يشعر بخطاياه.
يوبخ لكنه يحب !!
عندما يقول ” لأني جعت فلم تطعموني، عطشت فلم تسقوني” مت42:25 ،ينطق بهذا في الوقت الحاضر حتي لا نسمعها في العالم الأتي.
انه يهددنا ،انه يفضحنا في هذا العالم حتي لا يفضحنا في العالم الأخر. وعندما هدد أهل نينوي بهلاك مدينتهم ( يونان 2:1) هدد لهذا السبب ،أي لكي لا يهلكها.
فلو أنه يود التشهير بخطايانا ما كان يهددنا بالتشهير ،إنما ينطق بذلك لكي يرتقي بنا، حتى يخفينا من الفضيحة وإن لم نرتدع يستخدم التخويف بالعقاب، بهذا نتنقي من خطايانا.
هذا أيضاً ما يحدث في حالة العماد، فإن يسوع يقود الإنسان إلى بركة الماء من غير أن يفضح خطايا أي إنسان منا لكنه يقدم النعمة علناً ويظهرها للجميع. .
هذا أيضاً ماقدحدث في حالة هذا المفلوج، فإن يسوع وبخه في غير حضرة شهود ، بل بالحري إن كلماته لم تكن توبيخاً بل أيضاً تبريراً. يسوع بررنفسه. . مؤكداً له أنه حمله هذا الحزن لمدة طويلة ليس بلا سبب أو بلا هدف. فإذ ذكره بخطاياه، أعلن له سبب ضعفه، إذ نقرأ “بعد ذلك وجده يسوع في الهيل وقال له. . فلا تخطيء أيضاً لئلا يكون لك أشر”.
حكمة يسوع في المعجزتين
والآن بعدما استخلصنا نفعاً عظيماً من جهة المفلوج السابق فلنحول أنظارنا تجاه المفلوج الذي قدمه لنا الإنجيلي متى ( الذي دلوه أربعة من السقف ) لأنه عندما يجد إنسان قطعة ذهبية ينقب في نفس المكان أكثر. .
بقي لنا أن نعود إلى بداية القصة وننظر كيف شفي المسيح الواحد ولأخر، فاختلفت الطريقة في حالة عنها في الأخرى.
لماذا شفي واحد يوم السبت والأخر في غير السبت.
لماذا جاء إلى أحدهما بنفسه، بينما انتظر الآخر يحضره أصدقاؤه.
لماذا شفي جسد أحدهما أولاً ، بينما شفي روح الثاني اولاً !! فيسوع لم يصنع شيئاً اعتباطاً بغير معنى. . بل لنصغي إليه ونلاحظه وهو يهب الشفاء. .
أولاً :الإيمان والشفاء
تقديم
يسوع في شفائه للمفلوج أبرز لنا عدم تذمره، وفي نفس الوقت علمنا أنه ساتر الخطايا، يظهر ما للمفلوج من حسنات بينما ينتهره خفية.
والدرس الثالث الذي يقدمه لنا، أنه رغم عدم إيمانه لكنه لم يحرمه من الشفاء. فالله الخالق يحب الكل ويعطي البركات الجسدية بلا حساب حتي للذين يسيئون اليه ” فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين “مت54:5
لكنه في الشفاء الروحي لا يهبه إلا للمؤمنين به كفادي ومخلص لنفوسهم.
شفاء رغم عدم الايمان !!
دعنا نتأمل السيد المسيح وهو يشفي المفلوج ” فدخل السفينة واجتاز إلى مدينته وإذا مفلوج يقدمونه إليه مطروحاً على فراش فلما رأى يسوع ايمانهم قال للمفلوج ثق يابني مغفورة لك خطاياك ” مت 1:9 ،2.
إنه كان أقل إيماناً من قائد المئة، لكنه أكثر إيمانا من المفلوج الملقي بجوار البركة لأن قائد المئة لم يدعو الطبيب لزيارته ولا جاء بالمريض إليه بل تلامس معه كإله قائلاً ” قل كلمة فيبرأ غلامي ” لو 7:7.
هؤلاء الرجال ( حاملوا المفلوج ) لم يدعوا الطبيب ( لزيارة المريض ) في البيت وكانوا أبعد ما يكون عن أن يتساووا مع قائد المئة إذ احضروا المريض إلى الطبيب ولم يقولوا ” قل كلمة فقط “.
غير أن هؤلاء كانوا أكثر إيماناً من المريض الملقي عند البركة لأن هذا قال ” يا سيد ليس إنسان يلقيني في البركة متى تحرك الماء “يو6:5. أما هؤلاء الرجال فعرفوا السيد المسيح أنه ليس بمحتاج إلى ماء أو بركة أو شيء من هذا القبيل.
وقد شفي يسوع غلام قائد المئة من مرضه، وكذلك الإثنين الأخرين،ولم يقل لأحدهما “لأنك قدمت درجة قليلة من الإيمان يكون شفاؤك قليلاً ” إنما صرف الرجل الذي أعلن إيماناً عظيماً بمديح وكرامة. . أما الذي أظهر إيماناً أقل فلم يمدحه لم يحرمه من الشفاء. لا بل حتى لم يظهر إيماناً بالمرة شفاه !!
وكما أن الاطباء عندما يعالجون نفس المرض ،يأخذون من شخص مئة قطعة من الذهب ،ومن آخرين نصف المبلغ، وآخرين لا يأخذون منهم شيئاً بالمرة. هكذا أيضاً المسيح أخذ من قائد المئة إيماناً عظيماً لاينطق به ( لو9:7) والثاني إيمان أقل والثالث لم يأخذ منه حتى الإيمان العادي. . لكنه شفي الجميع
لماذا وهب الشفاء لمن يقدم إيماناً بالمرة ؟ لأن فشله في إظهار الإيمان ،لم يكن عن كسل أو عدم إحساس في الروح، إنما عن جهله بالمسيح وعدم سماعه قط عن أي معجزة صنعها ، لاكبيرة ولاصغيرة.
لهذا السبب نال هذا الرجل ترفقاً. وقد أشار الإنجيلي عن ذلك بطريقة غامضة بقوله “فلم يكن يعلم من هو” يو 13:5. إنما عرفه فقط. . عندما أضاء عليه في المرة الثانية.
ثانياً: يسوع يريد إيمانك أنت
يقول البعض بأن هذا الرجل قد شفي لمجرد إيمان الحاملين له ولكن هذه ليس الحقيقة لأن القول ” فلما رأى يسوع ايمانهم ” مت 2:9 لا يشير إلى إيمانهم وحده بل وإيمان الذين كانوا يحملونه لماذا ؟
تقول :ألم يشفي أحد لأجل ايمان أخر ؟
في رأيي ما أظن هذا إلا في حالة عدم نضج السن ( القاصر ) أو الضعف الشديد لدرجة عدم القدرة على الايمان.
تقول كيف هذا فإنه في حالة المرأة الكنعانية، الأم أمنت والبنة شفيت، وفي حالة غلام قائد المئة أمن القائد أن يسوع قادر أن يقيم الغلام من فراش المرض وقد تم ذلك. . ذلك لأن المريضين في الحالتين كانا عاجزين عن أن يؤمنا.
أما في الحالة التي أمامنا فلا نقدر أن نقول هذا ،لأن المفلوج أمن. كيف يظهر هذا ؟من طريقة إقترابه للسيد المسيح فلا تصغي بلا اهتمام إلى العبارة القائلة انهم دلوه من السقف بل تأمل كيف أن مريضاً يمكن أن يكون له الثبات على مكابدة إنزاله مدلياً من السقف.
أنت تعلم أن المرضي قلوبهم واهية حتى أنهم غلباً ما يرفضون المعاملة التي يلاقونها وهم على أسرة مرضهم غير راغبين في إحتمال ألام العلاج مفضلين احتمال آلام المرض عنها. أما هذا الرجل فكان له من العزم أن يخرج من المنزل ويحمل وسط السوق ويصير منظراً وسط الجماهير. مع أن عادة المرضي أنهم يفضلون الموت عن أن تنفضح مصائبهم الخاصة.
هذا المريض لم يفعل هذا فحسب، بل وعندما رأي أن مكان الاجتماع مزدحم والمقربين متكتلين ،وميناء الأمان معاق، خضع للتدلية من السقف.
لم يقل لأصدقائه: مامعنى هذا؟ لماذا هذا الإزعاج؟ لماذا هذا التعجل؟ لننتظر حتى يفرغ البيت وينفض الإجتماع وتنصرف الجموع. فنقترب إليه على إنفراد متداولين في هذه الأمور. لماذا تعرضون مصائبي وسط كل المشاهدين وتدلونني من قمة السقف سالكين طريقاً شاذاً؟
No Result
View All Result
Discussion about this post