عن أماكن اللهو ومداومة التناول من الأسرار المقدسة
القديس ساويرس البطريرك الأنطاكي
يوسف حبيب، مليكة حبيب يوسف
1 |
عن الذين يذهبون للمسرح بعد الصلاة |
2 |
سباق الخيول |
3 |
الرفق بالحيوان |
4 |
عناية الله بالحيوانات | الضوضاء |
5 |
المسرحيات الهزلية والتمثيل الهابط |
6 |
المسارح الماجنة |
7 |
التوبة والخير والبُعد عن أفعال الرذيلة |
8 |
الابتعاد عن التناول بحجة الخطية |
9 |
الاشتراك في الذبيحة المُحيية |
1- عن الذين يذهبون للمسرح بعد الصلاة
إن رؤية المسرحيات الهزلية مضادة للناموس. يجب أن نتقى بأعمال التوبة الغضب القائم ونشترك في الأسرار المقدسة مرات كثيرة.
مرة أخرى أتقدم بينما تقصرني تمام المقدرة عن الكلام أو التعليم، وفيهما نفع جزيل. أراني في ظلمة أدركتها سحابة الهموم المادية التي تربط الكنيسة المقدسة غير المادية بطريقة غير لائقة. فبعض الأشخاص يحملونها أحمالاً غريبة لا علاقة لها بالخدمة الدينية. أفلا يضار رجال الدين بإثارة الأضطرابات الخارجية داخل الكنيسة؟ إني عن إضطرار أشعر أنى مدفوع عنوة بهذه الضرورة الحاضرة، فمثلى مثل إنسان يحترق فى النار. نعم أني مُجْبَر، ليس عن اختيار.
ما هو العجب إذا كنت وأنا أبرز من نفسي قروحاً عديدة لا تحصى، أتحمل هذا الآلم ولا أستطيع إلى السكوت سبيلا؟ أن أرميا النبي الذي تكرس من بطن أمه، يرى أن شعبه يستهزئون بأقواله بدلاً من أن يحزنوا، وما كانوا يشعرون أو يرتجفون خشية الغضب الذي كان يتهددهم. كاد النبي يركن إلى الصمت، لكنه اشتعل واحترق قلبه واضطر إلى الكلام.
لذلك كان يقول: «لأني كلما تكلمت صرخت. ناديت ظلم واغتصاب. لأن كلمة يا رب صارت لى للعار وللسخرة طول النهار. فقلت لا أذكره ولا انطق بعد بأسمه. فكان في قلبي كنار محرقة محصورة في عظامي فمللت من الأمساك ولم أستطيع» (إر 20: 8-9).
كفى بذلك مثالاً. أن عقدة لساني ليست محكمة، تأتي زوبعة الحوادث، ويسرد الإضطراب عند الذين يحاربون الكلمة المستقيمة. ولو إني أفكر مثل أرميا، فإنه بالنسبة لي أيضاً كانت كلمة الرب باباً للإهانة والإستهزاء، وروادني القول ضرورة، كما قال النبي: «لا أذكره ولا انطق بأسمه» (إر 20: 9). إني أصلي لكي يوضع على شفتاي باب فأضطر إلى الصمت الكامل، وإلا فإن الضحك والإستهزاء الظاهر على كلمات الرب لن يدعاني أعظ عن الصلوات في الكنيسة. والدموع، والأعتراف بالخطايا، والصوم، وبالإختصار وضع الأمور في نصابها وهو مترتب على التوبة، بسبب ما هذه تهددنا عن كتب وتراه فوق رؤوسنا، وأن سماعه مرعب.
2- سباق الخيول
أتذهبون إذاً، أو بالحرى كثيرون منكم، -لأنه لا يجب أن أتهمكم جميعكم ـ لمشاهدة سباق الخيل وإلى أماكن التهريج ومسارح الترف وتقولون بأنكم ما انقطعتم عن الصلوات وعن الإجتماعات في الكنيسة وأنتم تشتركون فى مشاهدة المسرحيات؟
ألا سمعت بولس الرسول الذى كتب إلى أهل كورنثوس: «لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس شياطين، لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب وفي مائدة شياطين» (1كو 10: 21) ألم يقل الحكيم حسناً جداً: «واحد يبني وواحد يهدم فماذا ينتفعان بذلك غير التعب. واحد يصلي وواحد يلعن فصوت أيهما يسمع السيد؟! مُنْ يغتسل من الميت ثم يمسه ماذا انتفع من غسله؟! هكذا الإنسان الصائم عن خطاياه ثم يعود يفعلها ترى من يسمع صلاته وماذا ينفعه صيامه؟!” (حكمة يشوع 31: 23-26).
هذا حال الذين يتصرفون ضد الناموس وهم ممتلئون شراً. يتصرفون أنهم يشتركون فى المائدة المقدسة، وهم يأكلون ويشربون ويفعلون ما يحلو لهم. ويشهد الكتاب المقدس عن أمثال هؤلاء الناس قائلاً: «لأنهم يطعمون خبز الشر ويشربون خمر الظلم» أم 4: 71.
ربما يقول: وأي شر في النظر إلى سباق الخيل؟
إنه شر مستطير وإني آت بالرد صراحة. أولاً: أن كل عرض قصد به الولاء لآحد الالهة الذين يسمون بأسم كاذب، ويقام تكريماً له فلنبتونNeptune عرض الخيول، ومرقور Mercure عرض المصارعين الذين يحاربون وحدهم ، ولارتيميس Artémis عرض المصارعين الذين يحاربونالحيوانات، ولباكوس Bacchus الروايات المسرحية.
كيف يرتضى الله مسرة الشياطين؟ كيف تركض نحو هذه المناظر التي أنكرناها وفقاً للأحكام حينما انخرطنا فى خدمة المسيح؟
لنشترك في أعمال الطاعة له، ونكون مستعدين لنستحق العماد الإلهى الخلاصى. هذه المناظر هي في الواقع من أعمال الشيطان، وتكريم لأعياده التي جحدناها.
يوسف
3- الرفق بالحيوان
ثانياً: حتى إذا قلت: «إن المسرحيات ليس الغرض منها تكريم الشياطين، لكن لأجل سرورنا». فإننا نغضب الخالق إذا كنا نستعملالحيوانات غير العاقلة بطريقة مضادة لوصاياه. لقد خلق كل حيوان منها لكى يكمل احتياجاتنا في العالم، وليس لأجل نشوة زائدة وغير نافعة. فالحصان قد أعطى للناس حتى يستطيع من يمتطيه أن يتم تنقلاته بسرعة، فيخرجون ضد المحاربين الذين يأتون إليهم. أنه عون لهم يساعدهم فى الحرب ضد الآعداء. هذا أيضاً ما قاله ذلك الذي كان يكلم أيوب وسط الزوبعة والسحاب. «فأجاب الرب أيوب من العاصفة وقال..» (أى 38: 1) «هل أنت تعطي الفرس قوته وتكسو عنقه عرقاً. أتوثبه كجرادة. نفخ منخره مرعب. يبحث في الوادي وينفر ببأس. يخرج للقاء الأسلحة. يضحك على الخوف ولا يرتاع ولا يرجع عن السيف. عليه تصل السهام وسنان الرمح والمزارق. فى وثبه ورجزه يلتهم الأرض ولا يؤمن أنه صوت البوق. عند نفج البوق يقول هه ومن بعيد يستروح القتال صياح القواد والهتاف» (أى 93: 19-25).
ومكتوب أيضاً في الأمثال: «الفرس معد ليوم الحرب. أما النصرة فمن الرب» (أم 21: 31).
جعل هذا الحيوان من أجل خدمة حياة الإنسان وليس لكى تهلكه بأن تجعله يدور حول السيرك سبع مرات، وأنت تخرج العربة تلو العربة، ويسحق رجليه بسرعة العجلات؛ ولا لكي تتهلل وتصفق حينما يسقط سقطة بائسة مؤسفة. ليس هذا ما يأمرك به ويملك إياه الكتاب الإلهي، بل العكس. حينما يفعل هكذا، تنطق عليك الكلمات المكتوبة الدالة على القسوة والظلم القاتلة: «الصديق يراعي نفس بهيمته. أما مراحم الأشرار فقاسية» (أم 12: 10).
أن قول بولس الرسول: «ألعل الله تهمه الثيران» (1كو 9: 9). له معنى آخر وفعلاً حينما كان يكلم أهل كورنثوس كان يقول أنه يلزم: «أن الدين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون» 1؛ و 9: 41، «من تجند قط بنفقة نفسه. ومن يغرس كرماً ومن ثمره لا يأكل. لعلى أتكلم بهذا كإنسان أم ليس الناموس أيضاً يقول هكذا. فإنه مكتوب في ناموس موسى لا تكمثوراً دارساً. ألعل الله تهمه الثيران» 1كو 9: 7-9.
هكذا إذاً تضمنته الوصية القانونية التي تأمر بألا نكم ثوراً دارِساً. وما جعل الله الناموس لمجرد العدل نحو الثيران. أي مكروه إذن وما يضيرنا لو نستبدل حلبة السباق بالخدمة الخاصة بها بعناية ولا نسرف فى الأهتمام بملء بطونها في غير مناسبة.
أنه بهذه الوصية يعملنا أنه من العدل أن الذين يعملون يتغذون من نتاج تعبهم. لذلك يضيف بعد ذلك: «أم يقول مطلقاً من أجلنا. أنه من أجلنا مكتوب لأنه ينبغي للحراث أن يحرث على رجاء وللدارس على الرجاء أن يكون شريكاً في رجائه» (1كو 9: 10).
4- عناية الله بالحيوانات | الضوضاء
من الواضح جداً أن الله يعتنى بكل شئ ويهتم بكل شئ ويحب كل شئ يقول داود النبى فى المزامير: «تفتح يدك فتشبع كل حى رضاً» (مز 145: 16). ويقول الحكيم أيضاً: «وترحم الكل لأنك قادر على الكل وتعرض عن خطايا الناس متوخياً التوبة» (حكمة 11: 24). وكتب أيضاً: «رحمة الإنسان على قريبه وأما رحمة الرب فهي على كل ذي جسد» (حكمة يشوع 18: 13).
ليس لأن بعض أنواع الحيوانات قد أعطيت للناس لكى يقتلوها ويأكلوها، لا يلزمنا أن نعاملها برفق فى حياتها، ونشفق عليها، ولا نجعل من تعب الجياد وإنهاكها وموتها تجارة باطلة، لأجل لذة أو لعبة شيطانية. وعلينا نحن الذين يجب علينا أن نقتدي بالله أن نكون رحماء. «فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم» لو 6: 36.
أن عرض الجياد عن طريق التفنن في المشاهدة الماكرة من الشيطانيمارس فيه هذا التنافس الذى يشبه السحر وضرب من ضروب القتل القاسية غير القانونية يقوم بها المحترفون اللذن يظهرون أنفسهم شجعاناً ضد الصغير الضعيف. هذه المناظر يمكن أن تغضب الله جداً . أنها تستحق رعوداً وبروقاً ملتهبة. حتى إذا كان اللعب لا تشوبه مثل هذه الأشياء، فإننا نحكم حسب ثماه. «لأن من الثمر تعرف الشجرة» مت 12: 23. هذا قرار المسيح الرب الصادق. ولكن ما هي ثمار معارك الجياد هذه؟ إنها خلافات وتجديف، معارك وإضطراب، ضجيج وهجمات بقذف الحجارة، حرب بين المواطنين، حريق وقتال.
ولطالما سقط الأبرياء من المشاهدين فى إحدى الخطايا. إما أن يصرخ، أو يتشاجر، أو يجدف، أو يترك نفسه يستبد به الغضب بما لحقه من الأهانة. فأي عقاب يكون لذلك؟ عندما يحيد الإنسان عن الله ويبتعد عنه، هل هناك من عقاب أشد؟
وأسمع بخصوص الضوضاء التى تعتبر أقل الأشياء الأخرى: «وقال الرب أن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جداً» تك 18: 21. هذا يكفى لكي يبين عاقبة الضوضاء يقول الرب أيضاً بواسطة النبي أشعياء: «أن كرم رب الجنود هو بيت إسرائيل وغرس لذته رجال يهوذا. فأنتظر حقاً فإذا سفك دم وعدلاً فإذا صراخ» أش 5: 7.
أن الصراخ موضوع الأتهام. وهل يستحق التشاجر المديح؟ ليس هذا أبداً.أنظر كيف يضعها الله، بواسطة حزقيال النبى، موضوع اللوم الكبير حينما يقول: «لكن بيت إسرائيل لا يشاء أن يسمع لك. لأنهم لا يشاؤون أن يسمعوا لي. لأن كل بيت إسرائيل صلاب الجباة وقساة القلوب» حز 3: 7.
ربما تقاتل لماذا تحب المشاجرة من العصيان وقساوة القلب. أن بولس الرسول يضع كل هذه الرذائل معاً كأنها من طبيعتها أن تحزن وتغضب الروح القدس. وهو يكتب فعلاً: «ولا تحزنوا روح الله القدوس الذى به ختمتم ليوم الفداء. ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث» أف 4: 30-31.
لماذا إذاً نذهب إلى عرض سباق الخيول؟ إننا نفعل ذلك لكي تحملنا كل هذه الرذائل أشبه شئ بتيار فاسد وسط بحيرة، ولا نذهب لكى تصلي لله في هدوء أن يغفر لنا خطايانا. ننشغل بأمور العالم ونحرف ضد إرادتنا إلى الضوضاء أو إلى كلمة التجديف أو إلى الغضب.
5- المسرحيات الهزلية والتمثيل الهابط
لكن إذا سمحتم، لنفحص المسارح والأماكن المخصصة للعرض، وسترى أنها ضارة ومفسدة، وليست كما يحسبونها موضوع لهو ومرح. إنى أترك جانباً الفرقة الموسيقية، والرقص الجماعى الصاخب الذى يسئ إلى رجولة الرجال، وتلك الأغاني التي تعلم الميوعة، وتحل قوة الروح، وتزرع فيها سعير الأهواء، فتطوقها حتى تنوء تحت عبء المجرن والملذات. وماذا تقول عن المشاهدين للتمثيل الهزلي ومنهم المستهزئون؟ يثيرون سخط الله وغضبه، نضحك لدى رؤيتنا رجلاً يصفع آخر قد خلقه الله، ونفخ فى وجهه نفخة الحياة، وقد شرفه كلمة المتأنس لأجلنا أيضاً، حينما قام من الأموات ونفخ فى وجه تلاميذه قائلاً: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ» (إنجيل يوحنا 20: 22)؛ وأن من كان موضع تكريم كثير يضرب ويهان ويزدرى به.
نعتقد أن ذلك يثير شيئاً كثيراً من الرهبة والرعب حتى عند القوات السمائية. ثم قل لي، اتضحك على الأشياء التي يجب أن تبكي منها وتنتحب عليها؟
أين الأتحاد المكرم، أيصبح موضع مزاح؟ أين المجتمع العفيف؟ أنه مثل الزاني تسحقه السخرية (والشفقة). فهل تكون أعضاء الجسد وإنجاب الأطفال وبقاء جنسنا موضع استهزاء بطريقة مشينة كريهة؟ فأين السر الملئ بالحياة والطهارة؟
أحترم شكلك الذي خلقه الله أيها الإنسان، أحترم شكلك الذى خلقه الله الأحترام كله. احترم الخليقة الثانية الإلهية التي من أجلها شاركك كلمة الله بأتخاذه جسداً من العذراء. لماذا تضحك من ذاتك، مثل أولئك المجانين الذين يمزقون أجسادهم ويأكلون لحمهم بدون شعور؟
لماذا إذاً تنوح لدى سماع أخبار الجرائم وتود لو هلك المخطئ جزاءاً وفاقاً لما أرتكبه من زور، وتحزن وأنت ترى مطلع الشمس. إني أخالك تظن أن كل شئ قد أنقلب رأساً على عقب …
أنك تكتب ضد الزاني حكماً بالسجن وتقرر أن الموت عقاب خفيف له … لكن حينما تشاهد المسرحيات الفاسدة في مسارح اللهو الممقوت، فإنك تنفجر ضاحكاً، وتظهر شعورك لاهياً وتزعم أن العرض باعث للسرور والمرح.
Discussion about this post