8- الوارِدون من أوروبا إلى الصحراء المصرية
لم يكن فضل مصر على الإمبراطورية الرومانية وعلى أوروبا قاصرًا على الإرساليات المصرية كما رأينا، وإنما جذبت الصحراء المصرية بريحها أنظار الكثير من الأوروبيين، فمنهم من عاش ومات فيها، ومنهم من جاء ليتزوَّد من علومها وروحانيتها ليعود محدثًا بكم فعل، وقد وفد هؤلاء كثيرون، ألا أننا سنقتصر على البعض منهم:
روفينوس:
روفينوس الذي وفد على مصر حوالي عام 371 وكان من مدينة اكويلا على شاطئ البحر الادرياتيكي بإيطاليا، وجاء إلى مصر بصحبة سيدة ثرية من إيطاليا لتعرف على (ميلاتيا)، فقصد الصحراء وقابل الكثير من قديسيها وكان أيام الإمبراطور فالنس المضطهد، فذاق معهم مرارة الاضطهاد.
ولما عاد القديس روفين بما كتبة عن هؤلاء الأباء المصريين أذاع ما سمعة ورآه عنهم وكيف كانوا يعيشون السماء على الأرض، ونشر سيرة كثير من القديسين المصريين وشرح نظام الرهبنة التوحيدية والديرية في الصعيد والفيوم ووادي النطرون.
ارسانيوس (معلم أولاد الملوك):
حيث عينة الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير (ثيؤددسيوس الكبير) معلما لولديه اركاديوس وهونوريوس، إلا أنه رحل إلى مصر نتيجة خدعة في البلاد وتخويفهم له من انتقام الأمير هونوريوس، فجاء الأنبا أرسانيوس إلى صحراء مصر وتتلمذ وهو المعلم على يد رهبانها، وعاش في برية الأنبا مكاريوس واتصف بالاتضاع والصمت مداوما على الحياة النسكية إلى أن تنيح في مصر.
بلاديوس:
وفد القديس بالليديوس Palladius of Galatia (القديس بلاديوس) على مصر في 388 في عهد ثيؤدوسيوس الكبير. كتب سير الآباء الرهبان في مصر في كل حجارة – أسماءهم – حياتهم – أحاديثهم – معجزاتهم.
تردد على مصر مرتين وكتب كتابه الذي ترجم تحت اسم (بستان الرهبان).
ايرونيموس:
دخلت قلبه الغيرة المقدسة من روفينوس الذي حظي بزيارة الصحراء المصرية المباركة ورهبانها. فعمل إيرونيموس على زيارتهم هو كذلك. وجمع الكثير من تواريخ كنيسة مصر وآبائها ونظم أديرتها بل ترجم إلى اللاتينية نظم وكتب القديس باخوم سنة 404 وبذلك وضع أمام كنيسة الغرب صورة منتظمة لهذا النوع من الحياة الدينية في مصر.
كاسيانوس:
جاء كاسيانوس في القرن الرابع من جنوب أوروبا إلى الصحاري المصرية مرتين حيث كتب وصفا كاملا لمصر: كنائسها وأديرتها ومبانيها وحياة رهبانها، وسيرهم وأحاديثهم ومعجزاتهم – وأقوالهم ودراساتهم.
وفي عودته للمرة الثانية مر على القسطنطينية حيث رسمه القديس يوحنا فم الذهب قسًا، ومن مصر ورهبانه أسس في جنوب فرنسا – كما قلنا – ديرين أحدهم باسم فكتور والأخر باسم ليران، وتعتبر كتاباته خير ما كتب في أدب الآباء.
No Result
View All Result
Discussion about this post