10- التبشير في إنجلترا
باتريك (432: 461):
ولد باترك (بترك) Patrick عام 389 من أب فلاح يعمل في أرضه في وادي نهر سيفرن في إنجلترا، وكانت كما قلنا أن جيوش الدولة الرومانية تخشى تلك المناطق بسبب القراصنة، وفعلًا حدث أن هاجم هؤلاء القراصنة بلدة باتريك وحملوه عبدًا باعوه في ايرلندا، ولم يحمل معه شيئًُا إلا حديث أبيه كالبرنيوس عن الله وعظمته وجلاله، فكان يصلي إلى هذا الإله وهو يرعى الخنازير لسيده الذي اشتراه وكان وثنيًا، فكان كثير الاختلاء في الغابات والصلاة ليلًا في ضوء القمر، ولذا كان يضربه سيده أما هو فكانت كلماته ” شكرًا لله” وبعد غربة ست سنوات استطاع أن يهرب في سفينة ليلًا تحمل كلاب صيد لبيعها في إنجلترا، قذفته على الشاطئ دون أن يعرف أين هو، ولكن بعد شهور من التيه وصل إلى أبيه وبعد فترة أحس أنه يحب المسيح ويريد أن يبشر في الإيرلندين بهذا الحبيب، فذهب إلى بلاد الغال حيث تعلم الكثير عن المسيح حيث كانت هناك الأديرة ومدارس الدين وذلك ليعد نفسه مرسلًا إلى إيرلندا فوصلها عام 432، وكان قد وصلها من قبلها بزمن بعض رهبان القديس اثناسيوس، فبني لهم كنائس من الخشب ودعاهم إلى المسيح فتجمع كثير من الشبان الذين ترهبوا وعلمهم الحرف كي يعيشوا منها، ولكن ملك الجزيرة أعدَّ له كمينًا هو وأتباعه، ولكن الرب نجّاه منه وأسس هناك أسقفية.
أغسطينوس:
أرسل البابا اغريغوريوس الأول إلى إنجلترا بعثة قوامها أربعون راهبًا برئاسة أغسطينوس الذي كان رئيسًا لأحد الأديرة الرومانية، وكان أغسطينوس أول مَنْ شغل منصب رئيس أساقفة إنجلترا، وقد اتخذ كنتربري مقرًا له.
وكانت سفريته إلى إنجلترا مودعًا البابا في عام 596، وقد سمعوا وهم في طريقهم إلى إنجلترا الكثير عن وحشية الإنجليز وتخلفهم، مما جعله هو ومن معه يترددون كثيرًا في رحلتهم، أرسلوا إلى البابا يستأذنون في العودة، ولكنه رد عليهم “خير لكم لو لم تبدءوا المهمة، من أن تبدءوها ثم تعودوا خاسرون، وعهدي بكم أقوياء لا تؤثر فيكم متاعب الرحلة، ولو قول أهل السوء وتثبيط عزائمكم، فسيروا على بركة الله إلى المهمة التي تعهدتم بها، والله حارسكم وراعيكم يا أولادي الأحباء “
عادت لأوغسطينوس شجاعته هو وأصحابه، ومرّوا بفرنسا حيث أخذ معه بعض التراجمة الذين يتكلمون الإنجليزية.
وصلوا إلى كنت عام 597، أي بعد سنة من السفر على الشاطئ الجنوبي الشرقي لإنجلترا، وكان ملك كنت يدعي (أيثر لبرت) فلما علم بمجيئهم من روما لا يريدون حربًا. وإنما كنيسة يصلون فيها، لم يضطرب لاسيما وان زوجته الملكة (برثا) كانت مسيحية سرًا من أصل غالي وكانت تذهب أحيانا إلى كنيسة سان مارتن بكانتربري.
فرحت الملكة بنبأ وصول هؤلاء إلا أن زوجها الوثني طلبهم ليعرف هدفهم، فوقفوا بين يديه حاملين الصليب وهم يتزعمون ويصلون، وفهم منهم أنهم يصلون من أجله، وأنهم أتوا ليعلموه الدين الجديد وحسب، فسمح لهم بالتبشير، وأعطاهم منازل للإقامة وكثيرون ممن سمعوا تعاليم اغسطينوس آمنوا وتعمدوا حتى أمن الملك نفسه، وسمح ببناء كنائس أخرى.
وهكذا دخلت المسيحية إنجلترا.
No Result
View All Result
Discussion about this post