37- بعض المحاولات الإصلاحية والمصلحون:
1) برنارداف كليرفو (1090-1153)
ولد Bernard of Clairvaux من أب تمتع بروح الفروسية وأم تقية، فتميز بغيرته على الدين فدخل أحد الأديرة وهو في الثانية والعشرين من عمره، وأخذ معه إلى الدير أخوته وثلاثين آخرين، وقد أهلته صفاته على أقرانه في حياة الزهد الورع، فضلًا عن أنه اختار ديرًا يعيش فيه الرهبان عيشة التقشف الصارم فكانوا يكتفون بوجبة واحدة من الطعام كل يوم وفترة قصيرة للراحة والنوم، وكانوا يقضون بقية يومهم في العبادة والتأمل، وكان طعامهم خاليا من اللحوم والأسماك والبيض، ألا أن كل هذا النظام الصارم لم يشبع رغبة برنارد، فعرض على نفسه نظامًا خاصًا اشد قوة وصرامة فاعتلت صحته.
وبعد دخوله الدير بعامين وقع عليه الاختيار لكي يقوم هو على رأس مجموعة من الرهبان لتأسيس دير جديد في واد يقع في منطقة نائية في شرق فرنسا وهو الذي حمل اسم ” دير كليرفو ” الذي حاز شهره فائقة لأنه ضم أفاضل الرهبان. وقد تأثر كثيرون من الرهبان بشخصيه برنارد فدخلوا هذا الدير كي يكونوا على مقربه منه، وكان لحياته وعلاقاته الشخصية ومعاملاته وعظاته اليومية التي كان يلقيها في كنيسة الدير تأثير بالغ على الرهبان المحيطين به.
ولم يقف تأثير برنارد عند حدود دير كليرفو، ولكنه تخطي أسوار الدير حتى بلغ كل أوروبا ومع أن هذا الدير لم يكن يمتلك شيئًُا من الممتلكات أو الأموال إلا أنه حاز شهرة كبيرة. وكان السر في ذلك هو شخصية رئيسه برنارد نفسه، الذي تميز بحياته النقية وسيرته الطاهرة، فقصده الناس يلتمسون منه النصح والهداية، فقدم العون للجميع، واستوى لديه الغني والفقير، كما أنه لم يحابي الوجهاء أو يرهب السلطان، فأرسل الرسائل إلى الباباوات وملك فرنسا يلومهم فيها على عدم الاهتمام بواجباتهم والالتزام بمسئولياتهم في جرأة نادرة.
ولقوة تأثيره على الناس أوكل إليه البابا أمر الدعوة للحملة الصليبية الثانية فكان لخطبه تأثير بالغ في كل من ألمانيا وفرنسا، وكان الإمبراطور قد استقر رأيه على عدم الاشتراك في تلك الحملة، ولكنه ما أن سمع خطب برنارد حتى هب ووضع على صدره شارة الصليب الحمراء وانضم إلى صفوف المقاتلين.
No Result
View All Result
Discussion about this post