46- الألبيون والحرب ضدهم
بعد إحراق بطرس دي برويز Peter of Bruys وإلقاء القبض على هنري دي لوزان Henry of Lausanne أصبح أتباعهما ابتداء من منتصف القرن الثاني عشر يعرفون باسم الألبيين نسبة إلى مدينة في لايخدك اسمها (ألبي) تقع على بعد 41 ميلًا من تولوز جنوبًا.
ويحتمل أن يكون أعضاء هذه الجماعات قد جاؤوا من الشرق وكانوا جماعات متفرقة جمع بينهما موقفهم الناقد لسلبيات رجال الإكليروس الكاثوليكي وكانت أعدادهم تتزايد بشكل مستمر، وعقائدهم كانت تشابه عقائد الدوسيتين الذين كانوا يمنعون الزواج، ولا يعترفون بالعهد الجديد.
وفي عام 1139 حكم مجمع لاتيران الثاني بأنهم هراطقة، كما حكم عليهم بذلك أيضًا مجمع لاتيران الثالث Third Council of the Lateran عام 1179 وبعض المجامع الإقليمية الأخرى وحتى هذا الوقت كانت الكنيسة في مقاومتها لهذه الهرطقات تكتفي بإرسال واعظ يقدم للناس تعاليم الكنيسة، لكن البابا انوسنت الثالث أراد أن يلجأ إلى القوة لمقاومة هذه الجماعات فأرسل مندوبًا عنه على رأس قوة مسلحه وفوضه في القضاء على هذه الحركة بكل الوسائل، وقد مثل رسل البابا بأتباع هذه الجماعة أبشع تمثيل! لكن يدًا خفية امتدت إلى مندوب البابا وقتلته فتوقفت الحملة إلى حين.
بعد ذلك أرسل البابا مندوبا أخر هو (ارنولد) رئيس دير كليرفو لإنهاء المهمة التي بدأها (بطرس دي كاسينو) كما عين سيمون دي مونتيفور) قائدًا للقوات العسكرية وصدرت لهم الأوامر بألا يرحموا أحد.
ولاذ الألبيون بالكونت (ريمون السادس) كونت تولوز فبسط عليهم حمايته رغم أنه لم يكن من شيعتهم، لكن بعد ذلك وتحت تأثير رجال الدين اعترف بأنه كان مخطئًا في هذه الحماية وأرغم على حمل السلاح ضدهم، وإذ وصلت الحملة العسكرية إلة مدينة بزييه، سأل رئيس الحملة مندوب البابا ماذا يفعل بسكان المدينة، فأجاب إبادتهم جميعًا، وقد سقطت في يد الحملة مدن وقري كثيرة كانت معاقل للألبين، وهنا ظهرت فكرة محاكم التفتيش التي تحدثنا عنها، فعقد مجمع في تولوز عام 1229 وقرر هذا المجمع إنشاء محاكم التفتيش وفي عام 1232 أصدر البابا جريجوري التاسع قرارًا بتجديد اختصاصات هذه المحاكم
الحرب ضد الألبيين:
اتسمت حرب الإكليروس ضدهم بالعنف الشديد والوحشية منقطعة النظير، ولذا كيف أن البابا وكيل المسيح المحب يأمر بهذا. لدرجة، الباقي من الشعب هرب إلى الجبال وإلى البلاد المجاورة دون معونة أو زاد والمحاربون خلفهم يعملون السلب والنهب وعندما وقعت في أيديهم معاقل الالبين لم يرحموا امرأة ولا طفلًا ولا شيخًا وإنما اعملوا فيهم الإحراق والقتل والتنكيل، فدمروا المدن واحرقوا البيوت ومن المؤسف كان كل ذلك باسم الدين!!!
وفي جنوب إيطاليا، قامت حركة مشابهة لحركة الالبيين أسسها كاهن من لمبارديا اسمه (ارنولد) وصل إلى الاقتناع بأن الكهنة يجب أن يعودوا إلى نمط الحياة التي كانت سائدة في الكنيسة الأولى ليس من ناحية السلوك فقط بل من جهة موقفهم من الممتلكات. وطبق على نفسه هذه التعاليم فارتدي زي الرهبان وعاش زاهدًا لا يملك من حطام الدنيا شيئًُا فوجدت تعاليمه صدى في نفوس الناس، واشتد سخطهم على ما وصل إليه رجال الدين الكاثوليك، فجعل البابا انوسنت الثاني باتخاذ موقف منه، ففي عام 1139 أصدر مجمع لاتيران الثاني قرارا ضد أرنولد الذي هرب إلى فرنسا من إيطاليا ومنها إلى جبال الألب حيث وجد جماعات من الالبيين وأصبح واحدًا من قادتهم.
وقد كتب برنارد رئيس دير كليرفو للبابا يطلب أن يضمن سلامه أرنولد هذا وأن يكتفي بإحراق كتبه بعد ذلك، بقي ارنولد في سويسرا خمس سنوات عاد بعدها إلى روما وهناك ثارت مشاعر الشعب الذي كفر البابا والإمبراطور وما كان بينهما من صراعات إلا أن البابا والإمبراطور تواجد ضد الشعب وقمعوا حركاته بالعنف!!
وتم تسليم ارنولد للسلطات المدنية فأعدم شنقًا في روما، وبعد إعدامه قاموا بإحراق جسده، واعتبره آهل روما من الشهداء والقديسين.
No Result
View All Result
Discussion about this post