69- الكنيسة الأوربية في القرن التاسع عشر
بزغ القرن التاسع عشر وسط أعاصير الثورة الفرنسية The French Revolution، وكان العالم في دورين من أدوار الانحلال الاجتماعي والفكري، فلقد شهد القرن الثاني عشر نهضة الاستنارة الذهنية التي أعطت الناس سعادة النفس وسمو الفكر، وذلك الإيمان الوطيد الذي كان ملاذًا وحمى وحطمت الشكوك الفلسفية تلك النظريات التقليدية الراسخة التي اعتزت بها الكنيسةوبزوال هذه النظريات الدينية التقليدية عن الكون الذي سيطرت عليه الحياة المعنوية الروحية في الفرد والمجتمع، زالت أيضًا الدعامات التقليدية التي قامت عليها الكنيسة والدولة وكان من أثار ذلك تلك الاستنارة العقلية المجردة ونشوب الثورة والاضطراب ومنذ بداية القرن التاسع عشر بدأت عدة تساؤلات:
– هل يمكن إعادة الدعائم التي تحطمت؟ والسابع عشر وأمسكت بيده في سبل الحياة الآمنة الهادئة.
– هل يعود المجتمع المحطم بنيانا راسخا وطيدًا من جديد؟
– هل يسترد العالم المسيحي إيمانه السليم الذي يعصمه من التردي في تيه الضلالات العقلية؟
هذه الأسئلة التي يجيب عنها تاريخ الكنيسة في القرن 19 كانت الثورة قد كلفت الكنيسة الفرنسية ممتلكاتها، لأن الدولة صادرتها وجعلتها ملكا لها كذلك تطورت الحوادث السياسية في ألمانيا وسادت في هذا الاتجاه نفسه وأعيد تنظيم الكنيسة بمقتضى معاهدات مع الكرسي البابوي، وعدلت حدود الإيبارشيات وفق الحدود الإقليمية على جانب هذا التطور التاريخي استيقظت روح رومانسية تغلب الخيال والعاطفة على العقل، وكانت بمثابة رد فعل للنظريات والآراء الفلسفية التي نادى بها القرن 18.
تعرضت المسيحية في أواخر عصر النهضة لموجه إلحادية نتيجة إهدار الإدارة الإكليريكية الكاثوليكية لكثير من القيم، ولكن ما لبث عصر عودة إلى الحين إلى المسيحية القديمة، وبعد فرض الحرية التي أعقبت الثورة الفرنسية، التمس الناس سلطة عليا ثابتة وطيدة الدعائم، من هنا نشطت الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية في بواكر القرن التاسع عشر مستهدفة حياة جديدة، وتكلفت الكنيسة الكاثوليكية لأول مرة إلى رومانسية القرون الوسطى، فقد كانت تلك القرون الوسطى عصورًا امتلأت بكل عجيب من خفايا الدين وأسراره. وازدهرت فيها السلطتان (الإمبراطورية والبابوية) ولم يتبق منه إلا البابوية.
No Result
View All Result
Discussion about this post