كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الأول
وفيه يتأمل الإنسان بحياة وفضائل العذراء القديسة منذ الحبل بها بلا دنس حتى ولادة إبنها الإلهي في بيت لحم
الفصل الأول
في الإقتداء بفضائل العذراء الكلية القداسة
طوبى للذين يحفظون طرقي التي رسمتها لهم، طوبى للذي يصغي الى ما أقوله بواسطة أمثلة الفضائل التي قدمتها له
إن الكنيسة، بوضعها هذه الكلمات على فم مريم، تحرضنا على دراسة السيرة التي قضتها هذه ملكة القديسين على الأرض، وعلى الإقتداء بما نعجب منه فيها.
وبالحقيقة.. طوبى لمن يقتدي بمريم، إذ بإقتدائه بها يقتدي بيسوع الملك والمثال الأول لكل الفضائل.
إن حياة هذه البتول لدرس عام يتعلم منه الإنسان كيف يتصرف في السراء والضراء، في الصلاة والشغل، في الجاه والذل
إننا لن نبلغ قط الى الكمال الذي بلغته أعمالها، غير إن الأكمل بيننا من حاد عن هذا الكمال أقل من الآخرين. فيا أنتم الذين تدعون بالتعبد لمريم.. هل ترومون التشبه بمثلها السامي؟ عليكم أن تتبعوا قدر المستطاع قوة إيمانها وسرعة طاعتها وعمق تواضعها ودقة أمانتها ونقاوة غاياتها وسخاء محبتها.
من منكم لا يقدر بقوة العون الإلهي المستمد من العلى أن يضع مثالها نصب عينيه ليتبعه بممارسة ما إنطوى عليه من الفضائل المتنوعة؟
لوخلت محبتكم لمريم من هذا الإقتداء بمثلها لبقيت محبتكم ضعيفة، فلن يحق لكم حينئذ أن تنتظروا منها دلائل قوية عن حمايتها لكم.
نعم إنكم تتلون يومياً بعض الصلوات إكراماً لها، وتحملون شارات خارجية تنبئ عن تعبدكم لها، بل وقد تكونون في الواقع منتمين الى إحدى الأخويات أوالجمعيات المكرسة لعبادتها بنوع خاص. إن هذا كله يحملها على أن تستمد لكم نعمة الخلاص. إلا إذا لم تضيفوا إلى رغبة الإقتداء بفضائلها فتعبدكم هذا لن يخلصكم.
إن الفلسطينيين كانوا يملكون تحت حوزتهم تابوت عهد الرب، بل وقد زينوه بهداياهم، مع ذلك لم يجدوا فيه ينبوع بركات لهم لأنهم بقوا شديدي التأثر بتماثيلهم.
يا ملكة الفضائل.. أليس من العدل أن يقف محبوك منك موقفهم من أصدقائهم في هذا العالم؟ إنهم يسعون مجتهدين في أن يتشبهوا بطباعهم وأن يقتبسوا ميولهم، ولا يتولد بينهم إتحاد القلوب إلا متى حل هذا التشابه، إذ لا صداقة حيث لا تشابه.
وهل يمكن لقلبك المتواضع والنقي والخاضع لأوامره تعالى والراغب في كل ما له علاقة بمجده تعالى أن يتحد مع قلب شهواني متعجرف، خال من الخضوع لإرادة الله وعديم الغيرة على مجده؟
بك يليق بأولى حجة أن ترددي على مسامعنا ما قاله بولس الرسول.. إن كنتم تحبوني تشبهوا بي مثلما أنا متشبهة بالمسيح. إذا كنتم أولادي فإلبسوا روح أمكم. إن روح أولاد مريم يجب أن يكون مطابقاً لروح اُمهم، فيجب أن يكون روح محبة وسلام وأمانة، روح محبة الله ومخافته.
أيتها العذراء القديسة… إنني من الآن فصاعداً سأسعى بجعل جل تعبدي لك قائماً على الإقتداء بفضائلك. وهذا أعظم ما في وسعي أن أقدمه لكِ من إكرام وأبرز دليل في إمكاني إستخدامه لأعلن عن المحبة التي أكنها لك.
No Result
View All Result
Discussion about this post