كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الأول:
الفصل السابع عشر
عن إهتمام النفس في أن تقتبل يسوع بواسطة التناول
مريم
يابني: إن السر الذي جعلته الآن موضوع تأملك في وسعه أيضاً أن يقدم لك بعض الأفكار التي لم تخطر على بالك
العبد
تنازلي إذا ً وعلميني أنتِ يا ملكة السماء. تكلمي فإن عبدك يسمع.
مريم
قبل أن أقتبل زيارة الملاك كنت قد إستحلفت السماء مراراً على مثال ابرار الشعب الإسرائيلي، كي تتحول الى ندى طيب ينزل البرارة بالذات على الأرض. إلا إنني لم أكن أجسر قط أن أفكر بأنني سأكون يوماً تلك البتول التي ستعطي هذا البار المخلص للعالم. آهاً يا بني! لوعلمت العواطف التقوية التي غمرتني حين علمت بأنني قد انتخبت لأكون اُماً لله! أنني لم أر بداً من أن أواضع نفسي إزآء هذا النصيب السامي. كم إرتقش فؤادي حيت تأملت بأنني أقتنيت إلهي في وسط أحشائي! وعين الإله الذي تنازل فأتحد معي إتحاداً قوياً بواسطة التجسد يرغب في أن يتحد معك أنت ايضاً يا بني بواسطة التناول. مع ذلك فقلما إهتممت بإمر إقتباله!
لا تصغِ إلى التحججات التي تقدمها لك تعاستك والتواضع الكاذب لإبعادك عن المائدة المقدسة. إنك تتحجج بالخوف والإحترام، إلا إن الخوف والإحترام يخضعان للمحبة ويجب أن يستخدما فقط لجعل المحبة أكثر إنتباهاً. فإبتعادك عن التناول بإسم الإحترام الظاهري معناه إنك تريد أن تخيب يسوع في شوقه إلى أن يسكن معك، ذاك الشوق الذي أعرب لك عنه بقوله: إن تنعمي مع بني البشر. تدعي بأن كثرة نقائصك هي بدرجة لا تسمح لك بالتقرب المتواتر من قدس الأقداس. ولكن إعلم يا بني بأنه إذا قامت النفس بما في وسعها لإصلاح ذاتها فيسوع يبادر إليها دائماً بفرح مهما كانت هذه النفس ضعيفة. تقول بأنك تبتعد عن التناول بسبب عدم أهليتك لذلك. والأولى بك أن تقول، إنني سأسعى طاقتي في أن أكون أهلاً للتناول كي أشترك بالنعم التي يمنحها يسوع للأنفس التقية التي تتحد به بواسطة التناول. إنت إذاً لا تجعل تناولاتك نادرة إلا لأنك تخشى الضنك المرافق لقهر الذات الذي يتطلبه التناول، تخشى حياة السهر المتواصل على ذاتك لتتمكن من التناول المتواتر. إن كنت تشكوضعفاً في نفسك وإنحرافاً في أميالك عليك أن تستفيد من هذا الدواء الناجح الذي يقدمه لك هذا خبز الحياة.إن يسوع يدعو في إنجيله الضعفاء والمرضى والفقراء والعميان الى وليمته الإلهية. إنه يعرف تعاستك، ولهذا فهو يقدم لك في سره طعاماً خصيصاً للتخفيف عنك ولتقويتك. ليتك تكون حاصلاً على قداسة كاملة لتتناول! إلا إن يسوع لا يفرض ذلك، إذ لوكان ذلك ضرورياً لندر جداً المتناولون بالرغم من دعوات يسوع المتكررة.
إن الإدعاء بضرورة القداسة الكاملة للتناول يعني إعتبار هذه القداسة شرطاً للتناول في الوقت الذي هي ثمرته. ليكن لك الإقرار الصادق بعدم أهليتك ونقاوة قلب عظيمة، أو أقله إقصد بحزم على أن تسعى مجتهداً في سبيل الحصول على ذلك، فيكون تناولك جيداً، متذكراً بأنه ما من تناول حسن إلا وهو مرفوق بمفعول في النفس، لوسعيت بسهرك وأمانتك في سبيل الوصول إلى الحالة التي تتمنى أن تكون فيك لتتناول متواتراً لتقدمت كثيراً في طريق الكمال. والنفس التي تئن بسبب طول غربتها، وتتأوه بسبب بعدها عن التمتع بيسوع في السماء تجعل كل تنعمها على هذه الأرض في أن تتناوله بقدر ما تجد إلى ذلك سبيلاً.
No Result
View All Result
Discussion about this post