كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الأول:
الفصل الثامن العشر
عن العواطف التي يجب أن تملأ النفس التي تملك يسوع بواسطة التناول
مريم
يابني: عندما تكون قد حصلت على يسوع بالتناول، ولما يكون يسوع مستريحاً في قلبك، إقتدِ بعواطفي التي كانت تفعمني عندما كان في أحشائي.
العبد
يامريم: ما من فكر بشري يستطيع أن يتصور عواطف وإبتهاج في نفسك في تلك الساعة، ولا للسان أن يعبر عنها كما يجب، لا أحد يعرف ذلك سواه تعالى. إن الإيمان والتواضع والغيرة ومعرفة الجميل والمحبة وسائر الفضائل كانت تتقاسم برهات التسعة الأشهر التي قضاها كلمة الله في أحشائكِ النقية.
مريم
يا بني: لوعرفت جيداً قيمة النعمة التي يجود بها عليك يسوع عندما يعطيك ذاته بواسطة التناول، ولو أدركت عظم عواطفه نحوك، لما أمكنك أن تقلل من عواطفك نحوه. الخالق يزور خليقته! ملك المجد يزور نفساً حزينة! القداسة بالذات يزور إنساناً خاطئاً! إتضع إذاً أمامه ورنم لجوده الذي يفوق تصوراتك بما لا حد له، إمقت نكرانك السابق بالجميل، وإستمد عونه للمستقبل، وعده أمانة أبدية! إستسلم لموجات الفرح النقي، وأطلب من الملائكة والقديسين كي يشكروا يسوع إذا أمكن شكراً متناسباً مع عطاياه العظيمة لك، وإشتق في أن يكون هذا الآله الحبيب الكلي الصلاح محبوباً وممجداً كما السماء كذلك على الأرض. إفتح قلبك لكل نيران حبه متمنياً أن تلتهمك. قدم له عواطف الأنفس القديسة التي تقتبله بمحبة وعبادة في هذا السر، وإصنع ذلك شكراً له على إنعاماته معك وتعويضاً عن ضعفك.
قدم له خاصة العواطف التي أنعم بها عليّ فملأ نفسي بها عندما أتحد به إتحاداً متيناً بواسطة التجسد. فكر بالفضائل والأمثلة التي يعطيك إياها في الأفخارستيا وخاصة بتواضعه، وإستمد منه نعمة الإقتداء به. إنك تجد ليس فقط لاهوته مختفياً في هذا السر بل وحتى ناسوته! لاشيئ من يسوع يظهر إلا مايظهر لعين الإيمان. إلتمس منه محبة الحياة الخفية المرذولة وتجنت الفخفخة والعظمة، وأن تعمل أعمالك كلها دون أن تهدف منها الى أن يراك الناس لتنال مديحهم. إن يسوع محتقر في هذا السر من قبل كثيرين، وقلوب عديدة لا تكترث به ولا تنتمي إليه إلا قليلاً بينما نراها تنتسب الى العالم كثيراً والى ذاتها أكثر! أطلب منه نعمة تحمل الإهانات والمعاكسات بصبر. هذا يا بني ما يجب أن يشغلك طيلة النهار الذي يعطى لك فيه أن تقتبل يسوع بالتناول.
No Result
View All Result
Discussion about this post