كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الأول:
الفصل التاسع عشر
عن اليبوسات التي تشعر بها بعض النفوس أثناء قيامها بواجباتها التقوية ووقت التناول ذاته
العبد
أشكرك أيتها العذراء القديسة، ياعوني ومشورتي بعد يسوع. أشكرك على النصائح التي تنازلت فقدمتها لي. غير أن فكري أيتها البتول القديسة كثيراً مايكون يابساً وقلبي بارداً في وقت التناول، وهذا بالرغم من أن أضع نفسي في العواطف التي يجب أن يلهمها إياها إقتبالها جسد ودم الرب. ليتني أشاركك عواطف هذه المحبة الرقيقة والحلاوات الحسية التي لابد وإنها كانت نصيبك عندما حملتِ يسوع في أحشائكِ والتي تشعر بها النفوس التقية في وقت التناول.
مريم
يابني: عندما تكون في حالة اليبوسة وقت التناول واضع نفسك معترفاً بأنك تستحق هذه الحالة بسبب عدم أمانتك، وإحتمل ذلك بصبر تعويضاً عن هفواتك دون أن تفقد شجاعتك. إذا لك ما تستنتج منه بأن هذه الحالة هي قصاص لك فأصلح ذاتك، وإذا لم يكن ذلك سوى تجربة فأجعله مادة لزيادة إستحقاقك بواسطة الإستسلام لمشيئته تعالى. إن ثمرة التناول الحسن ليس من الضرورة أن تكون تذوق التناول بل هي الأمانة في الواجبات، إذ في وسع القلب أن يكون لله بصدق وبالكلية دون أن يتذوق ماهو الله. كثيرة هي النفوس التي تسير بحرارة في طريق الكمال وتشعر مع ذلك بيبيوسة في الصلاة، بل وحتى لما تقترب من المائدة المقدسة. إن الذوق الحسي ليس من ضروريات الفضيلة، بل ويخشى أحياناً ألا يكون سبباً لتعلق النفس به. إن الختن السماوي لا يجهل إحتياجات عرائسه، فيعطي للبعض الحلاوات والتسليات التي يرفضها على الآخر، وهذه لأسباب ليس من شأن هؤلاء الآخر أن يحاول إدراكها بل أن يسجدوا لها مستسلمين.
نعم ليس للنفس المهملة أن تتوقع سخاء من قبل يسوع، غير أنه من جهة أخرى لا يجب أن تتأثر النفس المتعبدة عندما تتاح لها الفرص كي تبين ليسوع بأنها تخدمه لذاته وليس طمعاً بعطاياه.
عندما لا تشعر بلذة في خدمة الرب لاتظن بأن الله قد رذلك، بل كمل حينئذ بأمانة لإرضائه ماكنت فاعله لو وجدت لذة في خدمته.يا بني: إذهب إلى ربك بالإيمان أكثر مما بالحواس، وإجتهد أن ترضيه في كل شيئ. وإذا ظفرت بهذا تكون قد وجدت السعادة التي تاق إليها ونالها القديسون. إن حالة اليبوسة ملائمة جداً لتقديسك إذا عرفت أن تستفيد منها بمطابقتك لأحكامه تعالى. وغايته عز وجل من وضعه إياك في هذه الحالة أن يجعلك لا تفكر قط بالتفتيش على ذاتك فيمنحك شرف وإستحقاق إرضائه فقط.
العبد
أيتها البتول القديسة إنني خاضع في هذا الأمر كما في الأمور الأخرى لإرادة المعلم الإلهي، وأقر بأنني غير أهل لأية تعزية. ليكن مباركاً، أراد أولم يرد أن يجعلني في عدد النفوس التي يمنحها هذه اللذات الحسية. إني لا أطلب من يسوع تسلية أخرى غير هذه وهي: أن أكون دائماً أميناً معه. وإني أعتبر ذاتي سعيداً جداً في أن أضحي رغبات قلبي بأجمعها لرغبات قلبه الإلهي، وأن أكمل واجبي دون أن أتوقع عزاء آخر غير العزاء الذي تشعر به النفس عندما تفكر بأنها تكمل الواجب لمحض إرضائه عز إسمه.
No Result
View All Result
Discussion about this post