كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الأول:
الفصل الثاني والعشرون
عن عظائم الله
إصغي يا نفس، إصغي إلى مريم حين تنشد عظائم الله بإندفاع مقدس، ولتفض في نفسنا العواطف التي كانت تغمرها، ولنقرن نشيدنا بنشيدها. لنعظم معها الرب، هذا الإله القادر على كل شيئ. الذي يصنع أعظم العجائب حين يشاء، والذي يستحق إسمه كل مديح على الأرض. لنعظم هذا الإله الذي يستخدم قدرته لقلب تصاميم المتكبرين، ويحط اعزآء هذا العالم عن كراسيهم ليرفع المتواضعين ويفقر الأغنياء ليشبع الجياع من الخيرات. ولمن يليق التمجيد ولتعظيم إلا لك يا إلهي؟! إن عظمة العالم محدودة، مكتسبة وزائلة، ترتكز على إعتباراتنا، وغالباً هي وهمية ومغلوطة.
أما عظمتك يارب فليس لها إستقصاء ولا تعرف حدوداً، ولم تكتسبها من أحد لأنها منك، وكل عظمة غيرها مرغمة على أن تؤدي لها التبجيل. تنتهي عظمة الملوك بإنتهاء حياتهم، والنسيان الأبدي يتبع حالاً الضجة التي يحدثها سقوطهم. أما أنت يارب فتدوم الى الأبد، لا تحصر لا بحدود الكون ولابحدود الزمان. مالذي تقدر خلائقك أن تفاخر به؟ منك سلطانها وغناؤها. بدونك لا تستطيع شيئاً، وأما أنت فقادر على كل شيئ بدونها. لا يوجد غيرك من هوعظيم بذاته، ولست محتاجاً إلى سلطة خارجة عنك لتنفيذ رغباتك. الإرادة والعمل شيئ واحد فيك. إنك من دون أن تخرج عن ذاتك تجد في ذاتك بنوع غير محدود وكامل الكمالات التي تقدر أن تحصل عليها الكائنات المنظورة وغير المنظورة.
أنت وحدك فقد تملك جوهرياً وكشيئ خاص بك كل الكمالات الممكنة لأنك وحدك تملك ملئ الكيان. إن عظماء العالم لا يستحقون إحترامنا إلا بما أنهم صورة لعظمتك ولأنك خولتهم شيئاً من سلطانك. ماهم لعمري إزاءك؟ رماد وتراب كسائر البشر. فلتنكسف إذاً مضمحلة أمامك كل عظمة دنيوية. لا عظمة حقيقية إلا تلك التي لا تقبل زيادة أونقصان. أيها الرب إله القوات من مثلك؟ أنت وحدك تستحق سجود الأرض والسماء لأنك وحدك الإله العظيم، الدائم العظمة، العظيم في كل شيئ وفي كل مكان. إنك عظيم في كل أعمالك، في أصغرها كما في أعظمها في وردة الحقل كما في نجوم الفلك، عظيم في الحكمة والمقدرة والصلاح. آهاً! من يقدر أيها الإله العظيم أن يتكلم عن عظمتك بنوع لائق بك. أقر بعدم مقدرتي على ذلك وإقراري هذا ممجد لك لإن الإعتراف بسمو عظمتك غير المتناهية على كل مدح أو تعبير هو إكرام تستحقه عظمتك هذه غير المتناهية.
No Result
View All Result
Discussion about this post