كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الأول:
الفصل الحادي والعشرون
عن المحبة للقريب
العبد
يا بتولاً قديسة: غن خروجكِ من خلوتكِ في الناصرة وظهوركِ للناس لم يكن عديم الغاية، بل أن روح المحبة المضطرم في قلبكِ هوقد تطلب منكِ ذلك. سعداً للتلال التي كنت ِ تطئينها! يا جبال يهوذا إرتعشي فرحاً! يا أم المحبة! إنك ِ ما إن عرفتِ من الملاك الحالة التي كانت تنوجد فيها نسيبتك القديسة أليصابات حتى أسرعتِ لزيارتها. ذهبت، يقول الإنجيل، لأن الهامات الروح القدس تتطلب سرعة في التنفيذ. لم تتمكن من أن تصدك عن تنفيذ مقصدكِ هذا حتى ولا الجبال التي كان عليكِ أن تتسلقيها، حيث أن المحبة تبادر إلى تكميل الواجبات بشجاعة وسخاء. إنكِ ضحيتِ بحلاوة خلوتكِ لمدة، إذ إن للمحبة حقوقاً تسموعلى لذة العبادة. ومحبتكِ لم تكن محبة عابرة، لذا فقد مكثتِ نحو ثلاثة أشهر عند أليصابات لتبذلي نحوها عنايتكِ وخدماتكِ. وكم كانت موفقة مفاعيل القداسة التي نجمت من هذه زيارة المحبة: أليصابات إمتلأت من الروح القدس: يوحنا المعمدان تقدس وهو في بطن أمه، أليصابات وبعلها زكريا كانا يمارسان الفضائل وتعلما من مثلكِ ممارستها بنوع أكمل.
مريم
يابني: إذا تحب الله فلا بد وأن تحب قريبك الذي من اجله نزل إبن الله من السماء وصار إنساناً وضحى بحياته على الصليب. ولا تكتف بالعواطف بل لتكن محبتك فعالة وعملية، كم من حزين يحتاج إلى سماع كلماتك المعزية، وكم من بائس يفتقر إلى عنايتك للتخفيف عن حاله. لقد سمح الله بوجود عدد كبير من البؤساء على الأرض ليضحوا قديسين بواسطة صبرهم وبواسطة محبتك لهم. كن سريعاً في عمل الخير ما استطعت، حيث إن التأجيل يفقد دائماً أعمال الرحمة بعض أجرها. لتكن محبتك سخية، وأعطِ كل ما في وسعك أن تعطيه، وأعلم بأن التحفظ في الخدمات التي تقدم لقريبك معناه تنصل من واجبات المحبة. وعندما لا تتمكن بذاتك من تقديم الخدمة للقريب تشفع به لدى الغير أوأقله أطلب له الإسعاف من الله. تعود على أن ترى الله في شخص القريب ولن يكن حينئذ في إستطاعتك أن ترفض شيئاً على أي كان لأنك لا تقدر أن ترفض شيئاً على الله. وإذا لا تحسن إلى البشر إلا بمقدار إستحقاقهم ومزاياهم الصالحة فسيكون الإحسان قليلاً جداً. أحبب يا بني أعمال الرحمة التي لها قيمتها، وإرغب في ممارستها وإن كان ذلك على نفقة محبتك الذاتية أحياناً. إن الله يعلمك بمثله أن تصنع الخير مع كل البشر حتى مع أعظم ناكري الجميل.
أعطوا تعطوا يقول يسوع. أعطوا بعض الخيرات الدنيوية فيعطيكم الرب خيرات أبدية. أعطوا نصائحكم للقريب ليسترشد بها أثناء تردده، والرب الإله سيساعدكم بإلهاماته كي تجدوا مخرجاً من إرتباكاتكم. جودا على الحزانى بعبارات التسلية، وإله كل تسلية سيسندكم في وسط أحزانكم بواسطة نعمته.
No Result
View All Result
Discussion about this post