كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الثاني:
الفصل الثالث
عن محبة القريب
مريم
يا بني أحب الفقراء وإستفد من كل واسطة لديك لتخفف عنهم الآمهم. وبذلك تظهر ذاتك إبناً لائقاً بالله الذي أظهر ذاته في كتبه المقدسة مدعياً عن الفقير، ولم يكتف في أن يعطي لنا مشورة عمل الصدقة بل فرضها فرضاً على المتمكن.
العبد
إن مثالك أيتها البتول القديسة يتقدم هنا أيضاً لسند تعليمك. إن أحد عبيدك العظام يؤكد لنا بأن الهدايا التي قدمها الملوك المجوس الساجدون للمخلص المولود جعلتها أنتِ نصيب الفقراء. لعمري! لقد كان من الحق الطبيعي لكِ أن تستخدمي تلك الهدايا لتتخلصي من مأزق الفقر الذي وجدت فيه في بيت لحم. إلا أن هذه حالة العوز كانت عزيزة على قلبك لما كانت تولده من تشابه عظيم بينك وبين يسوع إبنكِ الإلهي. إنك فضلت هذه الحالة على كل راحة كان في وسعك أن تناليها. لقد آثرتِ المكوث في حالة العوز والظلمة التي وضعتك فيها السماء بالرغم من كونك من سلالة داؤد. مثال عجيب للتجرد والمحبة معاً، لأنكِ إستخدمتِ في سبيل التخفيف عن الفقراء ما كان في وسعك أن تستخدميه لأجل التخفيف عن فاقتكِ.
مريم
يابني: إن خير عمل يستخدم فيه الإنسان خيراته هومساعدة القريب. إعلم إن العناية الإلهية عندما وفرت لك الخيرات أقامتك وكيلاً عنها لدى الفقراء الذين هم محرومون من هذه الخيرات. لاتكن قط مثل اولئك الأغنياء البخلاء الذين يسدون أحشائهم عن حاجات إخوتهم، والذين يؤثرون رؤية الفقراء يموتون جوعاً على أن يضحوا شيئاً في سبيلهم، لا دأب لهم سوى الإختزان لهذه الحياة. إنه سيأتي يوم عبورهم من هذه لدنيا الى الأبدية فيفيقون كمن سباة ليجدوا أيديهم فارغة. تشبه بالأحرى بالأغنياء المحبين الشفوقين الذين يعتبرون ذاتهم آباء للفقراء والمعوزين ولا يخشون الإفتقار عندما يكثرون من التصدق. ما أعظم البركات التي يحصل عليها أمثال هؤلاء! وسينالون أعظم منها في الملكوت السماوي. وغالباً يمنحهم الرب، حتى على هذه الأرض، فائض ما يلقونه بين أحضان المحتاج، وماينتظرهم في الأبدية سيطابق وعوده تعالى الواسعة. حتى لو أغلقوا أبواب المراحم الإلهية بخطاياهم فالصدقة ستفيدهم، إذ بواسطتها يمكنهم أن يفتقدوا آثامهم. تمسك بإزدآء المساعدة للبائسين، ولا تعر إذناً صاغية لصوت الجشع الذي لا يشبع قط. لك أن تكون مقتراً، ولكن لا تكن قاسياً ولا شحيحاً. طوبى لذلك التقتير الذي لا يهدف إلا الى مساعدة القريب. لا تعف ذاتك من عمل الصدقة مالم تكن أنت بذاتك فقيراً. كن رحيماً على قدر طاقتك. إن كان لك كثير فإبذل كثيراً، وإذا كان لك قليل فإجتهد أن تبذل القليل عن نفس طيبة.
يا بني: كم هي عظيمة الثقة التي سيحصل عليها أمام منبر إله المراحم أولئك الذين يكونون قد مارسوا أعمال الرحمة!
No Result
View All Result
Discussion about this post