كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الثاني:
الفصل الثالث عشر
عن الحرارة في خدمة الرب
العبد
أيتها البتول القديسة: إنني أجد أمثلة عظيمة للتعبد الحار في كل الظروف التي أعرفها عن حياتك. فبدافع هذه حرارة العبادة كنت تذهبين سنوياً الى أورشليم للإحتفال بعيد الفصح مع أن هذا واجب الإحتفال بعيد الفصح لم يكن يشمل إلا يوسف خطيبك، فقد أبيت إلا أن ترافقيه. إن محبتك لله كانت سخية جداً الى درجة إنك لم تقتصري على أن تقدمي له تعالى ماهوالزامي فقط ولا يمكن الإستغناء عنه. آهاً من نفسي الناكرة الجميل! لقد تصرفت حتى الآن مع الله تصرفاً منافياً تماماً لتصرفك هذا. بالغرم من
إنعاماته علي لم اقدم له حتى الآن إلا قلباً ضيقاً، ووجب أن يستخدم سلطانه كسيد ويصدر الي الأوامر الصريحة حتى أطيعه وأقدم له الإكرام الواجب.
مريم
يابني: أن القلب الذي يحب الله لايهمل شيئاً من الأشياء التي ترضيه. إنك لاتكون قد أدركت جيداً مايستحقه منك هذا السيد المطلق إذا راعيت التحفظات في خدمته. يكفيك أن تتأمل في ما يفعله أتباع العالم للعالم حتى تتعلم منهم مايجب أن تعمله لله. فكر مثلاً في سعيهم الحثيث، تجدهم لايذخرون تعباً أو شدة في سبيل خدمة العالم ويتفانون في سبيل إرضائه بآلاف أنواع الخضوع. وأما في مسألة إرضاء الله فهو في نظرك إكراه قاس أن تظهر حبك مراراً لهذا السيد الأسمى، والذي يحرضك على هذا الالتفات نحوه تعالى تعتبره مطالباً أياك بتكلفة شاقة. ألا يخزيك أن تدعى للتشبه بأهل العالم والإستفادة من مدرستهم لتعرف كيف يجب أن تخدم الرب؟ يابني: لا تسمح لأهل العالم أن يتفوقوا عليك بسخائهم، ولاتقبل أن يتباهى العالم بأنه مخدوم من قبل أعوانه بغيرة عظيمة تفوق الغيرة التي يخدم بها إله المسيحيين من قبل أولئك الذين يدعون بالإنتماء إليه.
لاتكن من الآن فصاعداً من عداد أولئك الذين يعتقدون بأن تعبدهم قد بلغ أوجه حين يكونون قد إقتصروا على تكميل ما تأمرهم به الشريعة تحت طائلة العقاب. ألا تدل حالة هؤلاء على أنهم مستعدون لأن يضحوا بنعمة الرب لو أعطي لهم أن يفقدوها بلا عقاب؟ أن اقل ما يمكن أن يقال عنهم أنهم يخافون الله أكثر مما يحبونه. خف يابني من هذا الإله الرهيب في إنزال قصاصاته، ولكن خف أكثر من أنك لم تحبه جيداً هو الإله الكلي الصلاح والمحبة. هل يمكن لصديق لاتجامله ألا بقدر ماتفرضه عليك واجبات الصداقة فرضاً أن يعتبرك صديقاً قوياً ومضطرماً بمحبته؟ السخاء من ميزات المحبة الحقيقية، لذلك فالمحبة لاتقتصر على مايجب عمله بل تستخدم كل الفرص لإرضاء الحبيب. ليتك تكون حاراً في محبته حتى يبدو لك ماتفعله لله أقل بكثير مما تتمنى أن تفعله له. أحب قوياً وستلين هذه المحبة الصعوبات التي تعترضك أن الرب يفيض في النفس الحارة مسحة من الارتياح يجعلها تتذوق الملذات في كل ما يكلفها القيام به.
العبد
أيتها الأم الحنونة: نالي لولدك هذه الحرارة التي تتكلمين عنها والتي أعطيتني عنها أمثلة عظيمة، إنني أقر مختزياً بأن أدنى صعوبة توقفني عن متابعة سيري وبأنني أستسلم لأول تجربة ضجر أو سأم تعترضني. الحياء البشري يصدني غالباً ويمنعني من تنفيذ ما تلهمني إياه النعمة. إنك تلاحظين جيداً مدى حاجتي إلى التشجيع. ليت إرشاداتكِ تضرم في قلبي هذه المحبة الحارة اللائقة بخدمة إله المحبة.
No Result
View All Result
Discussion about this post