كتاب
الإقتداء بمريم
لمؤلف مجهول
الكتاب الثاني:
الفصل الحادي والثلاثون
عن أنه يجب أن نتحمل القريب بمحبة ووداعة
العبد
يابتولاً فاقت بوداعتها كل الخلائق! إنك بمعاملتك لناكري الجميل الذين كان يسوع ينورهم بتعليمه السماوي ويحسن إليهم بعجائبه الباهرة تعلمينني كيف أتحمل نقائص القريب. كان اليهود يباركون يسوع أحياناً ويمجدونه، ولكنه كم من مرة عانى منهم أقسى المعاكسات والمقاومات! لم يأل الحسد جهداً من إثارة أعداء يشنعون على تعليمه ويعتبرون عجائبه سحراً، ملوثين شخصيته ذاتها بأبشع الأقاويل. وكم من مرة كنت أنت بذاتك شاهدة عيان لكل هذه الاندفاعات الأثيمة! ألا إنك على مثال ابنك لم تحملي لأعدائه غير العواطف والأفكار السليمة. لقد شعرت دائماً بكراهية قوية نحوالخطيئة وبحب والدي نحوالخطأة! كنت شديدة التأثر لمنظر إهانة البشر لله، غير أنك لم تظهري أي تذمر ضد هؤلاء الجهلاء، لا بل إننا نعاينك تهتمين بشؤونهم لدى إبنك يسوع. لقد عاملتهم آنئذ مثلما لازلت تعاملينني أنا منذ سنين. إنني كنت ولا زلت أضعف عبيدك وأكثرهم نكراناً بالجميل وأما أنت فلا زلت تتحملينني بحنوك الوالدي وتتشفعين لديه تعالى لتنالي لي منه نعماً جديدة. يا أم إله السلام إستمدي لي النعمة كي لا أجرح أحداً بكلام قارص. ألا يا من إسمك وصورتك يلهمان حاسيات الوداعة إستمدي لي هذه نعمة الوداعة، نعمة روح المسالمة التي تؤهلني لذلك الاسم المجيد اسم، إبن الله
مريم
ثق يا بني بأنني متشفعة فيك. وعليك أنت أن تجعل أعمالك مطابقة للنعمة التي أنالها لك . اعلم يا بني بأن القريب هوغالباً ثقيل عليك بسبب طبعه المتقلب وأفكاره الغريبة وعوائده الشاذة. ولكن إذا كنت خاضعاً للنعمة فهي ستعلمك كيف تتغلب على نفورك فتنال الأجر العظيم. إن فرص الأتيان بأعمال فضيلة بطلية لا تتوفر يومياً لدى القديسين، ألا أنهم يقدرون أن يزينوا أكليلهم يومياً بتحملهم نقائص القريب بصبر. إن حياة المسيحي حياة تضحية، والقريب يقدم لنا بنقائصه فرص توفير هذه التضحيات، وحيث أننا جميعاً نزل كثيراً. فعلينا أن نستفيد من الفرص للتعويض عن خطايانا. ومن أقوى هذه الفرص أن نتحمل القريب بروح توبة وانسحاق. لكل إنسان زلاته، وأكمل الناس اقلهم نقصاً. إنك تجد نقائص عديدة في أخوتك كما وهم أيضاً يجدون فيك منها. ولا أظنك تدعي بعدم وجود زلات فيك، ومن أدعى بذلك فقد أقر بوجود أعظم الزلات فيه. فأحتمل إذاً أخوتك على ماهم عليه كما يتحملونك هم على ما أنت عليه!. استخدم في تحملك القريب عين الصبر الذي تستخدمه في تحمل نقائصك التي تتحقق وجودها فيك. لقد مر عليك زمان طويل وأنت تسعى في التخلص منها ولم تفلح إلا قليلاً، فكيف تطالب إذاً بأن تصلح الآخر حسب هواك؟ وليس في تشكياتك مما تقاسيه من بعض الأشخاص الذين لا يروقون لك ما يفيدهم للاصطلاح أوما يقدم لهم العلاج لذلك. فالعذاب الذي تكابده في تحملك القريب يجب أن يحملك على أن تستمد من يسوع مساعدته كي تستفيد من عذابك هذا بواسطة اختبار ذاتك وتثبيتها في الفضيلة.
No Result
View All Result
Discussion about this post